عابده لله
03-07-2006, 11:48 PM
http://hawaaworld.net/files/23106/26.gif
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساؤكم طيب بطيب ارواحكــم ..
:)
تعترينا الآلام والهموم ولا شيء يبقى غير ذكــر الله والرجوع اليه ..
ولكـــن تبقــى النفس ضعيــفة وتتأثر من أقــل ما يكــون ..
وهنــا لا بـد أن تبــداً النفس بـ الرجــوع اكثر الى الله والعمل
على ذلك وعــدم اليأس والقنــوط من رحــمة الله ..
وهنــاك طبــعاً موازين وشروط لا بد من الشروع فيهــا وأهمها :
الإرادة ...
وتبدأ بالهم وتنتهي بالهمة....
إنسان عالي الهمة يصل إلى نهاية ما يريد وإذا أراد شيئاً أمكنه فعله ..
فالهمة منتهى الإرادة والإنسان لا يصل إلى درجة عالية من الإيمان
إلا إذا كان عالي الهمة...
وعنــدي سؤال مهــم :
هل تــوجد أيضاً همة عند الكافر يكون فيها مخلصاً في كفره..( ! )
يقال: أن المخلص في كفره ينتصر على المزيف إيمانه ..
ودعــوني أذكــر لكم قصـة قصيــرة نستشف منها ذلك ..
يذكر أن إيزابيل بنت خوان ملك قنستالة نذرت ألا تخلع قميصــها
الداخلي حتى تتحرر قنستالة وتعود (غرناطة) من أيدي المسلمين
فظلت كذلك 30 عــاماً ويسمى قميصهــا (قميص إيزابيل العتيق )...
فـ هذه طبعـاً همة عالية في العداء للمسلمين...
ولنرى الهمة العالية كيف كانت بأن ترهن مجوهراتها لتمويل الجنود
وهي التي مولت رحلة كريستوف كولومبوس لاستكشاف أمريكا...
:)
لـ نرى ماذا يقول محمد إقبال :
( المؤمن الضعيف يتعلل بالقضاء والقدر والمؤمن القوي هو قضاء الله
وقدره في الأرض )
فـ الهجرة همة في أعلى مراتبها حيث نجد في كل عنصر من
عناصـر الهجرة وأشخاصها أكبر همة...
ناهيكــم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ نجده وهو مطارد
مخرج يَعد "سراقة" بـ سواري كسرى...
وهـذا بلال جـاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال :
لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ( يقصد حسن الذكر ) فسأله النبي
صلى الله عليه وسلم : فماذا تقول: لم يقل له : الناس
مقامات والجنة درجات قال أقول:
اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فحولهما ندندن...
وقــد كان ابن القيم يقول :
اخلصي تتخلصي...
تخلّص في طعامك وشرابك وعملك وعبادتك يُخلصك من الذنوب
إن الله يدافع عن الذين آمنوا وأول ما يدفع عنهم :
الذنوب والمعاصي لأنهم لا يغفلون عن ذكر الله...
فإذا أردت أن تعرف مقامك عند الله تعرَف إلى مقام الله عندك فإذا
كان الله سبحانه ودينه يساوي كل شيء عنــدك فأنت كل شيء
عند الله سبـحانه وتعالــى...
ولنعــيَ بأن رب الأسباب معنــا في كل حيــن ولا نضعــف فإن ضعُــفَ
اليقين فـ لنسأل الله العــون فاليقيــن يضعف ولكن صاحــب الهمــة
العاليــة مرتبط بالله فــ يقوى...
قال ابن رجب :
" هِمَمُ العارفين المحبين متعلقة من الآخرة برؤية الله والنظر إلى
وجهه في دار كرامته والقرب منه "
ولنأخذ مثلاً ً يبين لنا الهمة العالية في البحث عن الحق..
إنه سلمـان الفارسي رضي الله عنه فقد كان أبوه من عبـاد النار
من المجوس وكان مع أبيه يحش النار فحصلت له حادثة حيث
أرسله أبوه في أمر فمر على ديرٍ للرهبان فتعرف على دين
النصرانية فأعجب بهم فأخبر أباه فسجنه وقيده بالسلاسل
فأرسل إلى أولئك النصارى يسألهم عن أصل هذا الدين قالوا :
هو بـالشام فأرسل إليهم يقول:
إذا كان هناك أناس يريدون السفر إلى الشام فأعلموني فلما
علم حلّ القيد وهرب وخرج إلى الشام وذهب إلى أسقف في
كنيسة يخدمه ويتعلم منه ويبحث عن الحق فإن عبادة النار
هذه لا تجدي ولا تنفع ولا تصلح ولما أوشك الرجل على الموت
عَلِم سلمان أنه كان رجل سوء وأنه كان يأخذ من صدقات
الناس ويخزنها فدل الناس عليه فرجموه وصلبوه ولم يدفنوه
وجعلوا واحداً بدلاً منه وكان رجلاً صالحاً على دين التوحيد يعني:
ملة عيسى عليه السلام فلازمه سلمان رضي الله عنه يخدم
ويتعلم منه فلما أوشك الرجل الصالح على الموت قال:
لمن توصي بي من بعدك فأوصاه إلى رجل بـالموصل فذهب
إليه يتعلم منه فلما نزل به الموت أوصاه إلى رجل بـنصيبين
فلما حضرته الوفاة أوصاه برجل بـعمورية و سلمان ينتقل ويسافر
من بلد إلى بلد فلما نزل الموت بصاحب عمورية سأله سلمان
فقال: تدلني على من ( ؟ ) قال:
أي بني والله ما أعلم أنه بقي أحد على مثل ما كنا عليه ولكن
قد أظلك زمان يبعث فيه نبي من الحرم مهاجره بين حرتين إلى
أرض سبخة ذات نخل وإن فيه علامات لا تخفى :
بين كتفيه خاتم النبوة يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة..
فلما واراه ودفنه أعطى كل ما يملك إلى رجال من تجار من العرب
ليحملوه إلى أرض العرب لكنهم ظلموه وباعوه عبداً لرجلٍ من وادي
القرى فباعه على رجل من بني قريظة فجيء به إلى المدينة
وهو عبد فأقام في الرق...
وبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم في مكة و سلمان لا يدري
عنه شيئاً يعمل في النخل حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم
المدينة فجاء ابن عم اليهودي يخبره بقدوم النبي صلى الله عليه
وسلم و سلمان فوق النخلة فلما سمع الخبر قال :
فأخذتني العرواء يعني: الرعدة
حتى ظننت أني سأسقط على صاحبي ونزلت أقول:
ما هذا الخبر؟
فرفع مولاي يده فلكمني لكمة شديدة وقال:
مالك ولهذا ؟..
ولكن سلمان عند المساء أتى النبي صلى الله عليه وسلم
بطعام قال:
هو صدقة فلم يأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه
مرة أخرى بطعام قال: هو هدية فأكل منه النبي صلى الله عليه
وسلم و سلمان يقول:
هذه واحدة والثانية: فدار سلمان حول ظهر النبي صلى الله عليه
وسلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يتثبت من
شيء فأرخى له الرداء فقال سلمان :
فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي...
يعني: بعد هذه السنوات الطويلة جداً وصل سلمان إلى هدفه
وعرف الحــق ...
ترك أباه وأهله وفارق الأوطان وتغرب وأنفق كل ما عنده من
البقرات والمال لأجل أن يسافر إلى المكان الذي فيه ذلك النبي
صلى الله عليه وسلم وظُلِمَ وبِيْعَ عبداً فاشتغل في الرق سنوات
طويلة جداً حتى وصل إلى الحق وعرفه...
صدق من قال :
إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
و الهمة العالية يــا اخوتــي هي :
النيـة الصادقـة والإرادة القــوية الرفيعة والرغبة الأكيدة في التحلي
بالفضائل والتخلي من الرذائل...
ولنتذكــر قول شوقي
" الطير يطير بجناحيه والمرء يطير بهمته"
وهناك العديد من الأبيات التي تبين وتوضح علو الــهمة نذكر منها :
( نحن قوم لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أوالقبر )
( ومن تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محبب )
( ومن لا يتعلم صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر )
لهذا أمرنا الرسول صلوات الله وسلامه عليه بسؤال الله الفردوس
الأعلى دومــاً فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى )
فهاهــو صلى الله عليه وسلم يحيي بنا هممنا ..
وكيف لا والحيوانات أيضــاً أكرمكــم الله لديها همم عاليـة ..
فـ الصقر لا يأكل إلا الحي من الطيور ويأنف أكل الميت ..
والأسد لا يأكل الميت بل يأكل ما يصطاده بيده ...
وهؤلاء طيور وحيوانات ولكن لديهم بل يملكون الهمة العالية
فما بالنا نحن بني البشر ليست لدينا همة عالية تسمو
بهم إلى النجاح ..؟
ومن مظاهر دنو الهمة قول أبي نواس:
إنما العيش سماع ومـدام ونـدام
فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام
مع أن الله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه
( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )
وكذلك قوله تعالى :
( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً و أنكم إلينا لا ترجعون )
فأي معنى لحياة لا يوجــد بها همـة وأي عظمة نتوقعــها ( ! )
فيا أحبتي في الله لـ يختلي كنا منا مع نفسه لبرهة من الوقت
فترةيسترجع بها حياته وفترة يحاسب بها نفسه ..
وفترة يرى هل حياته كانت مبنية على الهمة العالية أم العيش
حسبما تمليه الحياة والظروف التي نعتقد بأننا ليست لدينا
القدرة أو التحكم بها
( طبعاً بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى )
فالله سبحانه وتعالى كرمنا واصطفانا على بقية المخلوقات فلم لا
نستثمر هذه الكرامة بأن نسمو ونعلو بهممنا إلى أعلى المراتب
ولا يكون ذلك إلا بالتحلي بالأخلاق وطلب العلم فكما قال الشاعر :
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
فكم منا أحياء ولكنهم أموات!
نعم أحياء بالجسد ولكنهم أموات بالأفعال والأخلاق ..
أنت من لديه الإجابة وأتمنى أن تكون ممن لديهم همة عالية
والهمة لا تقف عند حد بل هي تسمو بصاحبها إلى أعلى المراتب
مثل همة عمر بن عبدالعزيز حينما قال:
( إن لي نفساً تواقة لم تزل تتوق إلى الإمارة فلما نلتها تاقت
للخلافة فلما نلتها تاقت إلى الجنة )
فيا رب أكرمنا بنفس تواقة تتوق للجنة وتربأ بنفسها عن
سفاسف الحياة...
ووالله لقــد ضاقت بنا سُبل الحيــاة وأغلقت أبوابهــا الإ بـــاب
الكريم الحنان المنــان فإنــه لا يُصــد أبــداً ...
اسأل الله لــي ولكــم علواً في الهــمم وتقربــاً لله في كــل حين
فما احوجنــا والله الى ذلك ..
.
.
أختــكم / عابده لله
الســابع من جمادي الآخـرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساؤكم طيب بطيب ارواحكــم ..
:)
تعترينا الآلام والهموم ولا شيء يبقى غير ذكــر الله والرجوع اليه ..
ولكـــن تبقــى النفس ضعيــفة وتتأثر من أقــل ما يكــون ..
وهنــا لا بـد أن تبــداً النفس بـ الرجــوع اكثر الى الله والعمل
على ذلك وعــدم اليأس والقنــوط من رحــمة الله ..
وهنــاك طبــعاً موازين وشروط لا بد من الشروع فيهــا وأهمها :
الإرادة ...
وتبدأ بالهم وتنتهي بالهمة....
إنسان عالي الهمة يصل إلى نهاية ما يريد وإذا أراد شيئاً أمكنه فعله ..
فالهمة منتهى الإرادة والإنسان لا يصل إلى درجة عالية من الإيمان
إلا إذا كان عالي الهمة...
وعنــدي سؤال مهــم :
هل تــوجد أيضاً همة عند الكافر يكون فيها مخلصاً في كفره..( ! )
يقال: أن المخلص في كفره ينتصر على المزيف إيمانه ..
ودعــوني أذكــر لكم قصـة قصيــرة نستشف منها ذلك ..
يذكر أن إيزابيل بنت خوان ملك قنستالة نذرت ألا تخلع قميصــها
الداخلي حتى تتحرر قنستالة وتعود (غرناطة) من أيدي المسلمين
فظلت كذلك 30 عــاماً ويسمى قميصهــا (قميص إيزابيل العتيق )...
فـ هذه طبعـاً همة عالية في العداء للمسلمين...
ولنرى الهمة العالية كيف كانت بأن ترهن مجوهراتها لتمويل الجنود
وهي التي مولت رحلة كريستوف كولومبوس لاستكشاف أمريكا...
:)
لـ نرى ماذا يقول محمد إقبال :
( المؤمن الضعيف يتعلل بالقضاء والقدر والمؤمن القوي هو قضاء الله
وقدره في الأرض )
فـ الهجرة همة في أعلى مراتبها حيث نجد في كل عنصر من
عناصـر الهجرة وأشخاصها أكبر همة...
ناهيكــم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ نجده وهو مطارد
مخرج يَعد "سراقة" بـ سواري كسرى...
وهـذا بلال جـاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال :
لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ( يقصد حسن الذكر ) فسأله النبي
صلى الله عليه وسلم : فماذا تقول: لم يقل له : الناس
مقامات والجنة درجات قال أقول:
اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فحولهما ندندن...
وقــد كان ابن القيم يقول :
اخلصي تتخلصي...
تخلّص في طعامك وشرابك وعملك وعبادتك يُخلصك من الذنوب
إن الله يدافع عن الذين آمنوا وأول ما يدفع عنهم :
الذنوب والمعاصي لأنهم لا يغفلون عن ذكر الله...
فإذا أردت أن تعرف مقامك عند الله تعرَف إلى مقام الله عندك فإذا
كان الله سبحانه ودينه يساوي كل شيء عنــدك فأنت كل شيء
عند الله سبـحانه وتعالــى...
ولنعــيَ بأن رب الأسباب معنــا في كل حيــن ولا نضعــف فإن ضعُــفَ
اليقين فـ لنسأل الله العــون فاليقيــن يضعف ولكن صاحــب الهمــة
العاليــة مرتبط بالله فــ يقوى...
قال ابن رجب :
" هِمَمُ العارفين المحبين متعلقة من الآخرة برؤية الله والنظر إلى
وجهه في دار كرامته والقرب منه "
ولنأخذ مثلاً ً يبين لنا الهمة العالية في البحث عن الحق..
إنه سلمـان الفارسي رضي الله عنه فقد كان أبوه من عبـاد النار
من المجوس وكان مع أبيه يحش النار فحصلت له حادثة حيث
أرسله أبوه في أمر فمر على ديرٍ للرهبان فتعرف على دين
النصرانية فأعجب بهم فأخبر أباه فسجنه وقيده بالسلاسل
فأرسل إلى أولئك النصارى يسألهم عن أصل هذا الدين قالوا :
هو بـالشام فأرسل إليهم يقول:
إذا كان هناك أناس يريدون السفر إلى الشام فأعلموني فلما
علم حلّ القيد وهرب وخرج إلى الشام وذهب إلى أسقف في
كنيسة يخدمه ويتعلم منه ويبحث عن الحق فإن عبادة النار
هذه لا تجدي ولا تنفع ولا تصلح ولما أوشك الرجل على الموت
عَلِم سلمان أنه كان رجل سوء وأنه كان يأخذ من صدقات
الناس ويخزنها فدل الناس عليه فرجموه وصلبوه ولم يدفنوه
وجعلوا واحداً بدلاً منه وكان رجلاً صالحاً على دين التوحيد يعني:
ملة عيسى عليه السلام فلازمه سلمان رضي الله عنه يخدم
ويتعلم منه فلما أوشك الرجل الصالح على الموت قال:
لمن توصي بي من بعدك فأوصاه إلى رجل بـالموصل فذهب
إليه يتعلم منه فلما نزل به الموت أوصاه إلى رجل بـنصيبين
فلما حضرته الوفاة أوصاه برجل بـعمورية و سلمان ينتقل ويسافر
من بلد إلى بلد فلما نزل الموت بصاحب عمورية سأله سلمان
فقال: تدلني على من ( ؟ ) قال:
أي بني والله ما أعلم أنه بقي أحد على مثل ما كنا عليه ولكن
قد أظلك زمان يبعث فيه نبي من الحرم مهاجره بين حرتين إلى
أرض سبخة ذات نخل وإن فيه علامات لا تخفى :
بين كتفيه خاتم النبوة يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة..
فلما واراه ودفنه أعطى كل ما يملك إلى رجال من تجار من العرب
ليحملوه إلى أرض العرب لكنهم ظلموه وباعوه عبداً لرجلٍ من وادي
القرى فباعه على رجل من بني قريظة فجيء به إلى المدينة
وهو عبد فأقام في الرق...
وبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم في مكة و سلمان لا يدري
عنه شيئاً يعمل في النخل حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم
المدينة فجاء ابن عم اليهودي يخبره بقدوم النبي صلى الله عليه
وسلم و سلمان فوق النخلة فلما سمع الخبر قال :
فأخذتني العرواء يعني: الرعدة
حتى ظننت أني سأسقط على صاحبي ونزلت أقول:
ما هذا الخبر؟
فرفع مولاي يده فلكمني لكمة شديدة وقال:
مالك ولهذا ؟..
ولكن سلمان عند المساء أتى النبي صلى الله عليه وسلم
بطعام قال:
هو صدقة فلم يأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه
مرة أخرى بطعام قال: هو هدية فأكل منه النبي صلى الله عليه
وسلم و سلمان يقول:
هذه واحدة والثانية: فدار سلمان حول ظهر النبي صلى الله عليه
وسلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يتثبت من
شيء فأرخى له الرداء فقال سلمان :
فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي...
يعني: بعد هذه السنوات الطويلة جداً وصل سلمان إلى هدفه
وعرف الحــق ...
ترك أباه وأهله وفارق الأوطان وتغرب وأنفق كل ما عنده من
البقرات والمال لأجل أن يسافر إلى المكان الذي فيه ذلك النبي
صلى الله عليه وسلم وظُلِمَ وبِيْعَ عبداً فاشتغل في الرق سنوات
طويلة جداً حتى وصل إلى الحق وعرفه...
صدق من قال :
إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
و الهمة العالية يــا اخوتــي هي :
النيـة الصادقـة والإرادة القــوية الرفيعة والرغبة الأكيدة في التحلي
بالفضائل والتخلي من الرذائل...
ولنتذكــر قول شوقي
" الطير يطير بجناحيه والمرء يطير بهمته"
وهناك العديد من الأبيات التي تبين وتوضح علو الــهمة نذكر منها :
( نحن قوم لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أوالقبر )
( ومن تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محبب )
( ومن لا يتعلم صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر )
لهذا أمرنا الرسول صلوات الله وسلامه عليه بسؤال الله الفردوس
الأعلى دومــاً فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى )
فهاهــو صلى الله عليه وسلم يحيي بنا هممنا ..
وكيف لا والحيوانات أيضــاً أكرمكــم الله لديها همم عاليـة ..
فـ الصقر لا يأكل إلا الحي من الطيور ويأنف أكل الميت ..
والأسد لا يأكل الميت بل يأكل ما يصطاده بيده ...
وهؤلاء طيور وحيوانات ولكن لديهم بل يملكون الهمة العالية
فما بالنا نحن بني البشر ليست لدينا همة عالية تسمو
بهم إلى النجاح ..؟
ومن مظاهر دنو الهمة قول أبي نواس:
إنما العيش سماع ومـدام ونـدام
فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام
مع أن الله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه
( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )
وكذلك قوله تعالى :
( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً و أنكم إلينا لا ترجعون )
فأي معنى لحياة لا يوجــد بها همـة وأي عظمة نتوقعــها ( ! )
فيا أحبتي في الله لـ يختلي كنا منا مع نفسه لبرهة من الوقت
فترةيسترجع بها حياته وفترة يحاسب بها نفسه ..
وفترة يرى هل حياته كانت مبنية على الهمة العالية أم العيش
حسبما تمليه الحياة والظروف التي نعتقد بأننا ليست لدينا
القدرة أو التحكم بها
( طبعاً بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى )
فالله سبحانه وتعالى كرمنا واصطفانا على بقية المخلوقات فلم لا
نستثمر هذه الكرامة بأن نسمو ونعلو بهممنا إلى أعلى المراتب
ولا يكون ذلك إلا بالتحلي بالأخلاق وطلب العلم فكما قال الشاعر :
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
فكم منا أحياء ولكنهم أموات!
نعم أحياء بالجسد ولكنهم أموات بالأفعال والأخلاق ..
أنت من لديه الإجابة وأتمنى أن تكون ممن لديهم همة عالية
والهمة لا تقف عند حد بل هي تسمو بصاحبها إلى أعلى المراتب
مثل همة عمر بن عبدالعزيز حينما قال:
( إن لي نفساً تواقة لم تزل تتوق إلى الإمارة فلما نلتها تاقت
للخلافة فلما نلتها تاقت إلى الجنة )
فيا رب أكرمنا بنفس تواقة تتوق للجنة وتربأ بنفسها عن
سفاسف الحياة...
ووالله لقــد ضاقت بنا سُبل الحيــاة وأغلقت أبوابهــا الإ بـــاب
الكريم الحنان المنــان فإنــه لا يُصــد أبــداً ...
اسأل الله لــي ولكــم علواً في الهــمم وتقربــاً لله في كــل حين
فما احوجنــا والله الى ذلك ..
.
.
أختــكم / عابده لله
الســابع من جمادي الآخـرة