المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( حدود المتـــــــــــــــــاهات ))



محمد الدسوقي
30-06-2006, 04:11 AM
حدود المتاهات

- قصه قصيره -

في غمامه الرؤيه التي احاطت بعقله بدأ يستفيق في صعوبه من دوامه النوم القاتمه... وفي لهفه من لبث الف عام في معزل عن الحياه جاهد ليستفيق..وبحث بعينيه في ارجاء حجرته كأنما يبحث بين ركام الاشياء عن حبيب مفقود...تناسى البرد الذي يعبث بجسده في اقتدار عبث القوه بالضعف..وتناسى معه الهاله الضبابيه التي خلفها بقايا الفحم الخامد التي تراكمت في قصعته القديمه الملقاه في اهمال في طرف الحجره..كأنما تعلن في خنوع ضعفها امام برد الليله السابقه...في تكاسل نهض من تحت غطاءه المهترئ ودفع اطرافه علها تمتص الدفء من جو الحجره البارد..استدار بكيانه الي ركن الحجره حيث الرف الوحيد الذي تراصت عليه كومه هائله من الاوراق..احاطها بنظره في رعايه قبل ان ينقل بصره نحو وريقات قليله تراصت فوق سطح منضده لا تقل قدما ورثاثه عن معالم الحجره.. اقترب منها.. تناول اعلاها..ثم تابع الكلمات التي خطها عليها باحساس من يفتخر بانها كلماته.. اعاد قراءتها مرة..ومره.. ثم تمتم في ثقه : ( هكذا تكون النهايه ) ..اذداد احساسه بالفخر وهو يقراها مرة اخري كانما هي المرة الاولي التي تطالعها عيناه..

شرد بعقله.. ثم اعاد الورقه الي مكانها.. واستدار باحثا في غرفته عن طعام..

................. .................. ..................




في صعوبه وضع غلايه الماء فوق موقد الكيروسين.. ثم انتابه احساسه الدائم بالوحده.. ذلك الاحساس الذي انتابه منذ ان وضع قدميه في هذه المدينه الكبيره...يوم ان هجر بلدته الصغيره باحثا عن متنفس لموهبته في مكان جديد..يومها حذره الجميع بان المدينه كبيره.. شاسعه..لكنها تضيق دوما بالاغراب..وان الغريب دوما اعمى ولو بصير..لكنه قرر ان يستبصر فيها بضوء موهبته..وان يجعل دافعه امله الدائم في ان يكون اديبا..تعالت في وجهه الاصوات بان الزمان قد تغير.. وان صوت الادب قد خفت بين كل الاصوات العاليه.. واشرعته قد غرقت بين امواج الصخب.. لكنه قرر ان يعاند.. وان يخوض التجربه الي نهايتها.. فلموهبته عليه حق.. ايما حق.. فكان اذا ما تعالى صوت يدفعه للتخاذل جابهه من داخله الف صوت يحثه على المضي قدما في طريقه..فلم يستدر الي الوراء .. ولم ينصع الي هتافات التخاذل والتراجع..فهذا حال كل اديب في بدايته.. كذلك كان يري..

............... .................. ..................




صوت غيلان الماء فوق الموقد اعاده الي الواقع مره ثانيه..سكب الماء سريعا فوق حبات الشاي القليله التي وجدها بصعوبه في العلبه شبه الفارغه.. ومن علبه التبغ الخاصه به اخرج سيجارا دسه بين شفتيه.. ثم مال بجسه ليشعله من اللهب المتصاعد من الموقد.. ثم حمل اناء الشاي بين يديه مستمدا منه قليلا من دفء..ثم استدار يطالع جنبات الحجره مره اخري.. وتذكر بداية سكنه فيها..

................. .................. ................




في البدايه وجد فيها مكانا غير مناسب لاقامته.. خاصه حينما وجدها تقبع وحيده فوق سطح بنايه قديمه.. ومع مرور الوقت.. وكعاده الانسان الابديه في اعتياد الأشياء ألفها.. ووجد فيما بعد الفه غريبه تربطه بالاثاث الرث..! حتي زجاج النافذه المهشم وجد فيه مسلاه عجيبه لنفسه وهو يتابع العربات والاعلانات المضيئه وحيدا في ليالي الصيف الحاره.. حيث تعبث بوجهه نسمات الهواء.. وتجنح بخياله..فتولد في عقله افكارا صغيره لا تلبث ان تتحول الي امال عظام .. يري فيها اسمه متصدرا اعدادا كبيره من الكتب الادبيه.. كما يتخيل صورته وقد وخط الشيب فوديه وقد تصدرت الصفحات الادبيه في معظم الجرائد اليوميه.....حتي حينما جاء الشتاء.. وتبدل به الحال.. ووارى شقوق الزجاج بصفحات من جرائد.. اعتاد ان يرى عليها صوره للاعبي كره قدم عجز دوما في حفظ اسميهما المكتوبين باسفل الصوره..حتي فراشه اعتاده..ذلك الفراش الذي يذكر انه كان جديدا ذات يوم حينما سكن الحجره ثم لم يملك الا ان ابتسم في وداعه وهو يتابع الغطاء الذي استحال الي خيوط شبه مهترءه تربطها ببعضها ثمه علاقه قديمه.. ماعاد معها يقوى علي دفع برد.. ولا يعينه علي برد الشتاء الا قصعته القديمه التي يشعل فيها الفحم لتمد الحجرة بالدفء فتهبه بدورها الي جسده الهزيل....




رشف من كوب الشاي رشفات ... قبل ان تقع عيناه علي كومه الاوراق في ركن الحجره.. فهبت احلامه من عقله مرة اخرى وتذكر امنياته التي بات انفلاتها من بين يديه وشيكا..




................ ................. ...................




ففي بدايه استقراره في المدينه حمل بعض اعماله ودار بها علي دور النشر.. فكان كلما قرا عمل لاديب شاب يبحث بعينيه عن اسم دار النشر علي الكتاب.. ثم لا يلبث ان يهرع اليها عله يجد في احداها متنفثا تخرج منه كلماته الي النور..

في بدايه الامر صدمته الأراء..لكنه كان يعلم انه موهوب.. حتما هو موهوب.. وهذا ليس رايه فحسب.. فالجميع من قبل قد شهد بموهبته.. وهو ايضا يعلم في قراره نفسه انه موهوب.. ولكن ماحدث من اصحاب دور النشر اثار انتباهه ودهشته.. !!!

فكل منهم اثنى علي انتاجه وان كانت الكلمات نفسها قد تباينت من شخص لاخر...ولكنهم جميعا اجتمعوا علي شيئ واحد.. ان انتاجه وان كان يحوز الاعجاب ... الا انها نوعيه ماعادت مرغوبه من القراء.. فالقنوات الفضائيه بما فيها من مسلسلات ماعادت تترك للعقول مكانا لقراءه هذه النوعيه من الاعمال..!!!

ولا ينسي حينما تعاطف معه صاحب دار نشر عجوز.. يومها ربت بيده على كتفه في تعاطف حقيقي.. وتعجب له اشد العجب حينما اعطاه المظروف الذي يحمل انتاجه.. ثم سأله في لهجه عجيبه عما اذا كان بامكانه تاليف الشعر الغنائي.. لم يمنعه تعجبه الشديد من ان يجيبه بان له في هذا المجال محاولات قديمه لكنه يرى انها لا ترقى الي مستوى كتاباته الادبيه.. ولم يزل عجبه والرجل يستدرك بانه في امكانه ان يوفي له فرصه اللقاء بمطرب شاب لعرض كلماته .. وعليه محاوله اقناعه بموهبته.. يومها حمل اوراقه وغادر المكان دون ان يتفوه بلفظ واحد امام دهشه الرجل التي فاقت كل الحدود.. واعتقاده الجازم بان هذا الشاب حتما معتوه لا محاله حتي يضيع من يديه فرصه كهذه يتمناها كل الشعراء الشبان..!!!

في عصبيه نفث دخان سيجارته كانما يلقي عن كاهله ذكريات مؤرقه..وتذكر ايضا كيف كان يدفع عن نفسه هذه الاحباطات ويعاود الكرة من جديد بمجرد ان تداعب الذكريات احلامه وتعزف عنده علي وتر الامنيات.....

القى نظره طويله علي مخطوطات رواياته هائله العدد والتي تراصت على الرف في هدوء صامت كانما تشاركه احساسه بقله الحيله والاستسلام

للظروف....

نهض من مكانه ... اقترب منها ثم راح ينفض عنها تراب وهمي.. ويرتبها في عنايه وهو يطالع عناوينها التي خطها بيده.. ومع كل عنون راح يتذكر كيف كتب كل منها وكيف كان يجنح بخياله بعد كتايه كل منها فيتخيل ردود افعال القراء تجاه كل منها...

ابتسم في حنو وهو يضعها في مكانها.. كانما يشاركها وتشاركه الاشفاق كل منهما علي الأخر...!!!

استدار مرة اخرى وهو يهز راسه وشعره بانكسار المقترب من النهايه..شعر ان معالم الحجره امامه تهتز وهو ينفث دخان سيجارته المنتهيه في حده.. قبل ان يقذف بقاياها في الحائط ثم يدهمها بنعله في خشونه...

فتح النافذه فاندفع في وجهه هواء الصباح البارد.. اغلق النافذه مره اخرى سريعا.. ثم تمتم كأنما تذكر ما لا ينسي...(( نتيجه المسابقه )).. !!!

التقط معطفه في سرعه من امره ثم قفز نحو الباب وراح يهبط درجات السلم في البنايه التي يسكن باعلاها..

لم يفطن الي سرعته وهو يهبط الدرجات هائله العدد .. قبل ان يصبح اخيرا فوق رصيف الشارع..ثم راح يلهث الي بائع الجرائد.. تناول جريدته .. وبينما يتصفحها راح يسترجع بذاكرته ما حدث...




................ ................. ................




وقتها .. كان اليأس قد استبد به كعاده الأمور..وذات صباح طالعه اعلان في جريده عن مسابقه ادبيه..وقتها قفز قلبه في سعاده.. وقد شعر انها ربما كانت الخطوه الاولي نحو الشهره ...

فحتما سيصبح اسمه محلا للاهتمام اذا ما قدر له الفوز بهذه المسابقه... وربما يشير الناس وقتها اليه بالبنان باعتباره اديب المستقبل... هاهو الحلو يقترب... فنتيجه المسابقه الان بين يديه..

لمحت عيناه اخيرا الصفحه الادبيه... وطالع فيها عباره تتصدرها في وضوح...- (( نتيجه المسابقه الادبيه الكبري )) -

حتما سيحتل اسمه المرتبه الأولي كما كان يتوقع..




................. .................. ..................




رعده كبيره سرت في جسده وهو لايري اسمه حيث كان يتوقع.. بل احتل اسم غيره المرتبه الاولى..

هبط بعينه وارتجافته تزداد وحاول ان يتغلب علي الغمامه التي سيطرت علي عينيه وهو يهبط الي زيل القائمه حيث انتهت الاسماء الفائزه حيث... لا يوجد اسمه..!!!

انتابته حاله من اليأس والاحباط لم يشعر بها من قبل.. حتي انه بدا يشعر بتخازل قدميه عن حمله.. فطوى الجريده في صمت ولم يلتفت اليها وهي تنزلق من يده.. وبقدر السرعه التي هبط بها البنايه كان البطء الذي بدأ به الصعود.. وبدون ان ينتبه لما حوله.. او بالوقت الذي مر عليه.. استفاق من حاله الوجوم التي سيطرت عليه مع احساسه بقطرات المطر التي انهالت علي راسه من السماء.. فلم يملك الا ان ضم ياقه معطفه. واندفع بخطا سريعه نحو الحجره دون ان يقاوم ارتجافه البرد التي سرت في جسده.. والغمامه التي احاطت بعقله وكيانه باثره في اصرار عجيب....




................ ................ ...................




في جانب الفراش ذوى نفسه.. وضم ياقه معطفه اكثر.. وجذب غطاءه المهترئ فوق جسده.. وعبثا راح ينفخ في يديه المضمومتين في محاوله يائسه لدفع بعض الدفء في اطرافه...

همد جسده فتره املا ان يسري الدفء المعاند في اوصاله.. ولكن انتفاضه جسده اعلنت عجز الجسد الناحل عن استمداد هذا الدفء من جو الحجره البارد...

استدار بعينه نحو موقد الكيروسين وفكر في اشعاله ليبعث الدفء في جو الحجره.. لكنه قرر ادخار الكيروسين بداخله.. فحتما سيكون في احتياج اليه...

ادار عينيه الي قصعته القديمه التي اعتاد اشعال الفحم فيها كانما يامل ان يبرز الفحم النافذ فيها من العدم...!!!

ضم ركبتيه الي صدره اكثر في محاوله يائسه اخري للتغلب علي البرد..

نهض من مكانه..

جال بعينه في الغرفه..

وفوق الرف وقعت عيناه علي كومه المخطوطات..

حملها بين يديه..

ثم وضعها بجانبه...

نظر اليها وقد استكانت في ضعف صامت..

احضر قصعته...

بدا في تكوير الاوراق...

القاها في القصعه...

اشعل عودا من ثقابه...

القاه عليها..

انتشرت النيران سريعا..

جلس علي فراشه..

ضم ركبتيه الي صدره..

جذب طرف الغطاء فوقه في احكام..

مد يديه نحو اللهب المتراقص..

وفي عينيه التمع احساس بالدفء..

تمت بحمد الله..

محمد الدسوقي،،،

ألنشمي
30-06-2006, 01:02 PM
000

00

0

يقولون الكتابه لاتؤكل عيش000هم يقولون

000على مر الازمنه الغابرة والحاليه 000لم نرى في حياتنا كاتبا مليونيرا 000او شاعرا كذلك 000الا ما ندر!!!

000كنا نسمع ونحن صغار000 أن الاديب 000 والرسام 000وكل ذو فن ومنهم ايضا الشعراء000لايملكون قوت يومهم 000 هكذا هي حياة الفنانين00 والادباء والشعراء0000







0000

000قصة 00جميله لذلك الانسان الذي انتقل للمدينه 000ليأمل أن يجد له مكان بين الكتاب000واخيرا وجد له مكان في قصعة بالية 000 وحالة مزريه 000 وفقر وبؤس000 لايجد قوت يومه 000ولاسترا عن البرد 000

000هذه حالهم000 مساكين بعضهم لاتاتيه الشهرة والمجد الا بعد موته 000

ابدعت في سرد القصه 00

000

00

0

وفقك الله

000

00

0

تحياتي

جمال الروح
30-06-2006, 08:53 PM
تحيةٌ مسائية..

أخي الكريم محمد الدسوقي..

كنتَ مبدعا في وصف تفاصيل هذه القصة,, ما بين رجاء وخيبة امل..

الكتابة فن رائع,, لكن القليلين من يقدرونها حق قدرها..

ونحن في زمن لا يرحم .. بات كل شيء فيه صعب المنال,, لكن تبقى شعلة الامل تنير ظلمة الليالي والايام.. والارادة تقويها وتغذيها..

لربما تنفتح أمامنا السبل,, ونحقق احلامنا..

..........................


لا عدمنا هذا البوح المتألق..

تقبل فائف احترامي وتقديري..

أختك

رشا محمود
02-07-2006, 12:17 PM
ما أقسى هذا الألم

الذى يصرخ بصمت

دون أن يصل لأحد

ولا يتردد صداه سوى فى هذه النفس المعذبة

المقيدة بقيود العجز وقلة الحيلة

والتى إضطر صاحبها لحرق أحلامه ليبعث بعض الدفء فى أوصاله

قد لا نملك تحقيق كل أمنياتنا وأحلامنا وخاصة لو كنا فى بداية الطريق

ولكن يجب أن نقاوم ولا نستسلم للفشل والإحباط حتى لا يقضى على قدرتنا على الحلم ويجعلنا نحرقه بدلا من أن نسعى لتحقيقه

أخى الكريم شكرا على قصتك الواقعية والموجعة جدا

محمد الدسوقي
04-07-2006, 10:02 AM
000




00

0

يقولون الكتابه لاتؤكل عيش000هم يقولون

000على مر الازمنه الغابرة والحاليه 000لم نرى في حياتنا كاتبا مليونيرا 000او شاعرا كذلك 000الا ما ندر!!!

000كنا نسمع ونحن صغار000 أن الاديب 000 والرسام 000وكل ذو فن ومنهم ايضا الشعراء000لايملكون قوت يومهم 000 هكذا هي حياة الفنانين00 والادباء والشعراء0000







0000

000قصة 00جميله لذلك الانسان الذي انتقل للمدينه 000ليأمل أن يجد له مكان بين الكتاب000واخيرا وجد له مكان في قصعة بالية 000 وحالة مزريه 000 وفقر وبؤس000 لايجد قوت يومه 000ولاسترا عن البرد 000

000هذه حالهم000 مساكين بعضهم لاتاتيه الشهرة والمجد الا بعد موته 000

ابدعت في سرد القصه 00

000

00

0

وفقك الله

000

00

0



تحياتي





انه جرح الأدب دائم النزف..



دائما ما تنكأه الظروف..



فيدمي بعزاره..



كلنا حلمنا بذلك العالم الذي تنمو فيه الكلمات..



كلنا تطلعنا ونحن نخط احرفنا الأولي أن نجد لها متنفسا..



ولكن .. أكثرنا قتل حلمه في وسط الطريق..



والقليل جدا قرر أن يكون أكثر واقعية وأن يقتل حلمه بيديه



تحياتي لرايك الرائع



محمد الدسوقي،،،