محسن يونس
19-06-2006, 08:08 PM
إلى رغد
( الإهداء لها من أهل جزيرة ديامو )
..................
( 1 ) اللســان
كانت المرأة فى جماعة النسوة ، تستظل بظل الثلاث شجرات النبق ، رأت كيف تسربن واحدة بعد واحدة ، وتركنها وحيدة يغلى دمها فى عروقها ، هل كن بتأن يحفرن لها حفرة ، وهى سارت نحوها عمياء زلت قدمها ؟ تركنها تتكلم ، أعطين لها الآذان ، كن يشجعنها على المضي ، لتأتى بخيالها، قبل أن يختفي فى بئر اسمه النسيان ، صاحت : تذكرت .. تذكرت.. أغمضت عينيها ، لتحصل على ماضي منامها ..
قلن لها : " كل هذا ؟ "
قالت : " وأكثر .. ألا تصدقن ؟! "
قلن : " نصدقك .. هل أخفيت شيئا ؟ "
قالت : " هذا كل منامي ، وأصبح الصباح ، وأنا الآن أمامكن .. "
كانت العلاية إلى يمينها ، والبحر المحيط بجزيرة ديامو يطل عليها من كل الجهات ، ولا شىء إلا هى مع ارتعاشات جسدها ، وجلباب مهلهل ،تمزق قماشه ، وكدمة تحت عينها ، وجرح من فعل ظفر، يمر على صدغها ، وينتهى خطه إلى رقبتها ، بصوتها المبحوح ناحت : " يا ليتني أغلقت فمي "
أخذت الرياح نواحها ، لم تسمع سوى نفسها ، وهى ترى فضيحتها هناك ، فالنسوة اللاتي كن معها ذهبن إلى أزقة الجزيرة أمام بيوتهن، أو متعلقات فى نوافذهن ، كان منامها قد سلب من قفصه الذهبي طائرا الآن فى سماء جزيرتنا ديامو معلنا عن نفسه للجميع ، دون أن يحمر لأي امرأة منهن وجه .
( 2 ) الدميـة
استيقظت العروس قبل عريسها ، جلست على الفراش تتأمل وجهه ، كانت سعيدة ابتسمت لنفسها، حين تذكرت كان هذا الوجه ليلة أمس كوجه قاتل ميت القلب ، وهو يغزو مكامن عذريتها، حينما تحرك فتح عينيه فوجدها تنظر إليه، بادلها الابتسام ، وحدث نفسه حينما توالت ليلة أمس متداعية فى ذهنه : هذا وجه كان ليلة أمس مائة وجه ، وهى تتقبل غزواته ..
قالت له : " جاءنى منام بعد أن نمت .. رأيت أننى حبلت بعشرة بطون كلهم ذكور .. "
قال لها : " لماذا لا يكونوا خمسة عشر بطنا ؟! "
تمايلت بغنج وهى تقول : " أنا الأرض وأنت الذى يحرث ويبذر "
كانت هذه الجملة سببا فى طلاقها ..
ظلت على حقيقتها فى زيجات خمس متعاقبة لزيجتها الأولى ، فى كل مرة كان مصيرها أن تغادر بيت الرجل إلى بيت أهلها ، مجللة بفضيحة الصدق . حدجتها أمها بنظرة فيها نار تستعر : " كان عليك خياطة فمك ، فلا تنطقى .. "
قالت : " الرجال يحبون الكلام .. "
صاحت أمها : " اخرسى .. الرجال يتركونك ألا تعلمى ؟! "
عاشت خمسا وسبعين سنة كان الرجال بالنسبة لها دمية صنعتها من قماش ، ظللنا نسمعها تتحدث بلا انقطاع طوال يوم كامل ، وكانت الأمطار تنهمر ، والرياح تعصف ، اقتحمنا بيتها وجدناها ، تلوح بعصا خيرزان ، أمام الدمية ، ثم تضربها ، كانت تصيح : " يا أعمى البصر والبصيرة جربنى ولن أتكلم .. "
( الإهداء لها من أهل جزيرة ديامو )
..................
( 1 ) اللســان
كانت المرأة فى جماعة النسوة ، تستظل بظل الثلاث شجرات النبق ، رأت كيف تسربن واحدة بعد واحدة ، وتركنها وحيدة يغلى دمها فى عروقها ، هل كن بتأن يحفرن لها حفرة ، وهى سارت نحوها عمياء زلت قدمها ؟ تركنها تتكلم ، أعطين لها الآذان ، كن يشجعنها على المضي ، لتأتى بخيالها، قبل أن يختفي فى بئر اسمه النسيان ، صاحت : تذكرت .. تذكرت.. أغمضت عينيها ، لتحصل على ماضي منامها ..
قلن لها : " كل هذا ؟ "
قالت : " وأكثر .. ألا تصدقن ؟! "
قلن : " نصدقك .. هل أخفيت شيئا ؟ "
قالت : " هذا كل منامي ، وأصبح الصباح ، وأنا الآن أمامكن .. "
كانت العلاية إلى يمينها ، والبحر المحيط بجزيرة ديامو يطل عليها من كل الجهات ، ولا شىء إلا هى مع ارتعاشات جسدها ، وجلباب مهلهل ،تمزق قماشه ، وكدمة تحت عينها ، وجرح من فعل ظفر، يمر على صدغها ، وينتهى خطه إلى رقبتها ، بصوتها المبحوح ناحت : " يا ليتني أغلقت فمي "
أخذت الرياح نواحها ، لم تسمع سوى نفسها ، وهى ترى فضيحتها هناك ، فالنسوة اللاتي كن معها ذهبن إلى أزقة الجزيرة أمام بيوتهن، أو متعلقات فى نوافذهن ، كان منامها قد سلب من قفصه الذهبي طائرا الآن فى سماء جزيرتنا ديامو معلنا عن نفسه للجميع ، دون أن يحمر لأي امرأة منهن وجه .
( 2 ) الدميـة
استيقظت العروس قبل عريسها ، جلست على الفراش تتأمل وجهه ، كانت سعيدة ابتسمت لنفسها، حين تذكرت كان هذا الوجه ليلة أمس كوجه قاتل ميت القلب ، وهو يغزو مكامن عذريتها، حينما تحرك فتح عينيه فوجدها تنظر إليه، بادلها الابتسام ، وحدث نفسه حينما توالت ليلة أمس متداعية فى ذهنه : هذا وجه كان ليلة أمس مائة وجه ، وهى تتقبل غزواته ..
قالت له : " جاءنى منام بعد أن نمت .. رأيت أننى حبلت بعشرة بطون كلهم ذكور .. "
قال لها : " لماذا لا يكونوا خمسة عشر بطنا ؟! "
تمايلت بغنج وهى تقول : " أنا الأرض وأنت الذى يحرث ويبذر "
كانت هذه الجملة سببا فى طلاقها ..
ظلت على حقيقتها فى زيجات خمس متعاقبة لزيجتها الأولى ، فى كل مرة كان مصيرها أن تغادر بيت الرجل إلى بيت أهلها ، مجللة بفضيحة الصدق . حدجتها أمها بنظرة فيها نار تستعر : " كان عليك خياطة فمك ، فلا تنطقى .. "
قالت : " الرجال يحبون الكلام .. "
صاحت أمها : " اخرسى .. الرجال يتركونك ألا تعلمى ؟! "
عاشت خمسا وسبعين سنة كان الرجال بالنسبة لها دمية صنعتها من قماش ، ظللنا نسمعها تتحدث بلا انقطاع طوال يوم كامل ، وكانت الأمطار تنهمر ، والرياح تعصف ، اقتحمنا بيتها وجدناها ، تلوح بعصا خيرزان ، أمام الدمية ، ثم تضربها ، كانت تصيح : " يا أعمى البصر والبصيرة جربنى ولن أتكلم .. "