ابوالخير
16-06-2006, 11:52 AM
الحمد لله الذي جعل العلوم النافعة رافعة لأهلها إلى أعلى الدرجات ، كـما أن العلوم الضارة هابطة بهم إلى أسفل الدركات .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كامل الأسماء والصفات ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف المخلوقات . اللهم صل وسلم على محمد ، وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والكرامات .
أما بعد : أيها الناس ، اتقوا الله وتعلموا ما ينفعكم في الدنيا والدين ، قال تعالى: { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }، وقال: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } ، وقال: { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } ، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أسألك علما نافعا ، وأعوذ بك من علم لا ينفع ) . قسّم صلى الله عليه وسلم العلم إلى نوعين : نوع نافع لأهله في الدنيا والدين ، ونوع ضار لحامليه وهابط بهم أسفل سافلين . إنما تعرف العلوم والمعارف بآثارها ، وبما يترتب عليها من منافعها أو مضارها . للعلوم النافعة والضارة علامات سأبديها :
العلوم النافعـة تطهر القلوب وتزكيها ، وتكمل الأخلاق الفاضلة وتنميها ، تدعو أهلها إلى الإيمان والرغبة في الخيرات ، وتحذرهم من الشرور ومصارع الهلكات ، تدعو إلى الإخلاص وخفض الجناح للمؤمنين ، وتحمل على التواضع ومحبة الخير لكافة المسلمين .
أما العلوم الضارة : فإنها تدنس النفوس وتدسيها ، وتميت الأخلاق الفاضلة ولا تحييها . تحمل أهلها على الكبر والعجب والغرور ، وتوجب الأشر والبطر وأنواع الشرور . صاحبها معجب بنفسه ، وبعقله الناقص المهين . محتقر لأهل الفضل والخير من المؤمنين . مهدر لحق من له حق وفضل على غيره وعليه ، وربما احتقر من سفاهته وسقوط أخلاقه والديه . تعرف هذا النوع من الناس بسيماهم وأحوالهم ، وتستدل على سفاهتهم بما يبدو من أفعالهم وأقوالهم . إذا أبدى غيرهم رأيا سديدا قالوا : هذا عقل عتيق سقيم ، وقد أعجبوا بعقولهم الفاسدة الداعية لكل خلق ذميم . أما علموا أن العقول لا تزكو ولا تكمل إلا بالوحي والقرآن ، ولا تكون عقولا نافعة حتى تغتذي باليقين والإيمان ، قال تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى }، وقال : { لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } وهم أهل العقول الوافية والأخلاق الزاكية . محال أن توجد عقول تقارب عقل النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي تستمد منه العقول والآراء ، أو عقول أصحابه الكمل النجباء ، أو عقول السلف والأئمة الصالحين ، الذين أصلحوا بعقولهم ودينهم الدنيا والدين ، حسب العقول الكاملة أن تستمد من عقل النبي صلى الله عليه وسلم وآرائه ، وتستنير بنور هديه وتوجيهه وإرشاده .
كيف تستقيم العقول إذا أعرضت عن الرشد والهدى والنور ، وأقبلت على شهوات الغي والباطل والغرور؟ قال تعالى :
{ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .
"خطبة في الفرق بين العلم النافع والعلم الضار "
رقم الخطبة 18 من ( الخطب المنبرية على المناسبات )
من كتاب"الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات
"للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -.
الناشر : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تاريخ النشر : 1412هـ - 1991م
منقول
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كامل الأسماء والصفات ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف المخلوقات . اللهم صل وسلم على محمد ، وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والكرامات .
أما بعد : أيها الناس ، اتقوا الله وتعلموا ما ينفعكم في الدنيا والدين ، قال تعالى: { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }، وقال: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } ، وقال: { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } ، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أسألك علما نافعا ، وأعوذ بك من علم لا ينفع ) . قسّم صلى الله عليه وسلم العلم إلى نوعين : نوع نافع لأهله في الدنيا والدين ، ونوع ضار لحامليه وهابط بهم أسفل سافلين . إنما تعرف العلوم والمعارف بآثارها ، وبما يترتب عليها من منافعها أو مضارها . للعلوم النافعة والضارة علامات سأبديها :
العلوم النافعـة تطهر القلوب وتزكيها ، وتكمل الأخلاق الفاضلة وتنميها ، تدعو أهلها إلى الإيمان والرغبة في الخيرات ، وتحذرهم من الشرور ومصارع الهلكات ، تدعو إلى الإخلاص وخفض الجناح للمؤمنين ، وتحمل على التواضع ومحبة الخير لكافة المسلمين .
أما العلوم الضارة : فإنها تدنس النفوس وتدسيها ، وتميت الأخلاق الفاضلة ولا تحييها . تحمل أهلها على الكبر والعجب والغرور ، وتوجب الأشر والبطر وأنواع الشرور . صاحبها معجب بنفسه ، وبعقله الناقص المهين . محتقر لأهل الفضل والخير من المؤمنين . مهدر لحق من له حق وفضل على غيره وعليه ، وربما احتقر من سفاهته وسقوط أخلاقه والديه . تعرف هذا النوع من الناس بسيماهم وأحوالهم ، وتستدل على سفاهتهم بما يبدو من أفعالهم وأقوالهم . إذا أبدى غيرهم رأيا سديدا قالوا : هذا عقل عتيق سقيم ، وقد أعجبوا بعقولهم الفاسدة الداعية لكل خلق ذميم . أما علموا أن العقول لا تزكو ولا تكمل إلا بالوحي والقرآن ، ولا تكون عقولا نافعة حتى تغتذي باليقين والإيمان ، قال تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى }، وقال : { لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } وهم أهل العقول الوافية والأخلاق الزاكية . محال أن توجد عقول تقارب عقل النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي تستمد منه العقول والآراء ، أو عقول أصحابه الكمل النجباء ، أو عقول السلف والأئمة الصالحين ، الذين أصلحوا بعقولهم ودينهم الدنيا والدين ، حسب العقول الكاملة أن تستمد من عقل النبي صلى الله عليه وسلم وآرائه ، وتستنير بنور هديه وتوجيهه وإرشاده .
كيف تستقيم العقول إذا أعرضت عن الرشد والهدى والنور ، وأقبلت على شهوات الغي والباطل والغرور؟ قال تعالى :
{ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .
"خطبة في الفرق بين العلم النافع والعلم الضار "
رقم الخطبة 18 من ( الخطب المنبرية على المناسبات )
من كتاب"الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات
"للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -.
الناشر : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تاريخ النشر : 1412هـ - 1991م
منقول