المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفس كرحى لا تتوقف أبدا، فاحذروا أن تضعوا فيها رملا أو حمما!



abouelmodafar
12-06-2006, 05:39 PM
النفس كرحى لا تتوقف أبدا، فاحذروا أن تضعوا فيها رملا أو حمما!




إصلاح فكر الخلق وخواطرهم بإبعادهم عن مخالطة أهل الفكر المنحرف والفاسد

لقد حرّر علماؤنا في مصنفاتهم النافعة والماتعة أن أصل الخير والشرّ، ومبدأ كلّ علم نظريّ، وعمل اختياري؛ من قبل الأفكار والخواطر، فإنها توجب التصورات، والتصورات مبدأ الإرادة، والإرادة تقضي وقوع الفعل من حبٍّ أو بغضٍ.
وأنفع الفِكر ما كان في مصالح المعاد وفي طرق اجتلابها، وفي دفع مفاسد المعاد وفي طرق اجتنابها، فهذه أربعة أفكار نافعة إذا حققها العبد بصدق وإخلاص ولدت فيه أربعة أفكار أخرى؛ وهي: الفكر في مصالح الدنيا وطرق تحصيلها، والفكر في مفاسد الدّنيا وطرق الاحتراز منها، فعلى هذه الأفكار الثمانية دارت أفكار المصلحين، ودعاة البناء الحضاري، وعلماء إصلاح المجتمعات من عفن الأفكار الرديّة، التي هي نتاج الفكر القاصر والملوث، والمقفر من الوحي الرباني.
فالإنسان خير المخلوقات إذا أحاط خواطره بمراقبة وليها، وتقرب من بارئه والتزم أوامره ونواهيه، وشرّ المخلوقات إذا أرخى العنان لخواطره من غير حراسة ولا هدى ولا سلطان مبين، وآثار البعد عن خالقه ومولاه، وصار حبيس شيطانه وهواه، فإن كلّ ما ينتجه يكون وبالا عليه، وعبئا ثقيلا على أمته، وغمة كاتمة لأنفاسها؛ والله المستعان.
وقد خلق الله تعالى النفس شبيهة بالرّحى الدائرة التي لا تسكن، ولابد لها من شيء تطحنه، فإن وُضِع فيها حبّ؛ طحنته وأنتجت دقيقا نافعا للأمة، وإن وضع فيها تراب أو حصى؛ طحنته، وأنتجت غبارا وعثانا يعمي بصرها، فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحبّ الذي يوضع في الرّحى، ولا تبقى النفس أبدا معطلة، بل لابد لها من شيء يوضع فيها، فمن الناس من تطحن رحاه حبّا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وأمته ووطنه، ومادة هذه الرحى كتاب الله تعالى وتفسير السلف له، كتفسير ابن جرير الطبري، وتفسير ابن كثير وتفسير السمعاني والبغوي، وابن أبي زمنين المالكي، وسنة النبي كصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وموطأ الإمام مالك، والسنن الأربعة مسند الإمام أحمد، وباقي المعاجم، والمستدركات والأجزاء الحديثية، وكتب أئمة الإسلام كالشريعة للأجري، والإبانة لابن بطة، وذم الكلام للهروي، وأصول اعتقاد أهل السنة للاكائي، والسنة للخلال، وشرح السنة للبربهاري، وغيرها من مصنفات أئمة الإسلام المتينة والأمينة، وباقي العلوم الكونية النافعة من رياضيات وفيزياء وطبّ، فإذا تغذت الخواطر وطحنت النفس هذه المواد، ظهر ذلك على الجوارح والعمل، من توحيد خالص لله تعالى، وانقياد واضح لرسول لله×، وبناء متين للأمة، وطاعة بالمعروف لولاة أمور المسلمين، ووقاية محكمة من الفتن وعوامل هلاك الأمة، وإما إذا وضع في الرحى تبنا ورملا وحمما؛ فإن النتيجة معروفة للعيان، وهكذا إذا وضع في الرحى كتب أهل الفكر المنحرف، ومادة الفرق الضالة كالخوارج والمعتزلة والرافضة والمرجئة والفلاسفة الأشرار، وكتب السحر والشعوذة، والخلاعة والمجون، وما تسرب عنهم من شرّ فإن العاقبةَ: شركٌ بالله وضلالٌ، وخروجٌ على ولاة أمور المسلمين بالسيف والسنان، وفتن وقتل للأنفس، وتعطيل لأسماء الله وصفاته، وسبّ لصحابة رسول الله ×، وإخراج للأعمال من مسمى الإيمان، وتعطيل لباب الأمر المعروف والنهي عن المنكر، وإحياء للجريمة المنظمة، وتمكين للعصابة التي تروج المخدرات، وانتشار لبيوت الدعارة، فهذا هو عجين ما تطحنه النفس التي وضعت فيها مواد أهل الباطل.
فإياكم يا أبناء الأمة أن تمكنوا الشيطان وأعوانه من الإنس من بيت أفكاركم وإراداتكم، فإنهم يفسدونها عليكم فسادا يصعب تداركه، ويلقون إليكم أنواع الوساوس والهواجس والأفكار المضرة، ويحولون بينكم وبين الفكر فيما ينفعكم في دينكم ودنياكم.

منقول.