المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : -- وداعــاً أحبائي--



جمال الروح
07-06-2006, 05:14 PM
...
.....
.......

أصواتٌ طفوليةٌ تنبعث من الداخل,, أخطو بضع خطوات مترددة,, أنظر إلى تلك المدرسة ,, أتفحص كل ركنٍِ فيها,, أنظر إلى الطالبات وهنَّ يجرين أمامي ويلقين علي نظرة فضولية ..

تعود بي الذاكرة إلى الوراء سنينا عديدة.. كنت هنا طالبة مثلهن.. تملؤني الحيوية و أحمل روح الطفولة المنطلقة..

كنت هنا,, وكانت لي مدرسات أحببتهن لأنهن علمنني أولى أبجديات الحياة ,, ولأنهن ودون أن أدري شكلن شخصيتي التي كبرت ونمت مع الأيام لتشق طريقها بنفسها فيما بعد نحو المستقبل..

واليوم آتي إلى مدرستي,, شابة في مقتبل عمرها ,, على عتبات التخرج,, تبدأ رحلة النهاية ,, وفي دواخلها أسئلة شتى ,, خواطر قلقة,, ما كنتُ يوما أظن أو أصدق أنه سيأتي يومٌ تتبدل فيه الأدوار ,, فأصبح أنا المعلمة !
كان لابد لي أن أخوض غمار هذه التجربة,, فهي على أي حال خطوة إجبارية لي قبل التخرج..

ورغم انطباعي السلبي عن مدى نجاحي في هذه التجربة,, والمخاوف التي كانت تسيطر علي,, إلا أني حاولت طرد تلك الأفكار لكي أبدأ بداية صحيحة ..
أكملتُ السير حتى توقفت أمام قسم " معلمات اللغة الإنجليزية",, دخلت وألقيتُ السلام ,, ثم سألت عمن منهن تكون المدرسة الأولى - والتي ستشرف علي طيلة فترة تدريبي - فأخبرنني أنها لم تأتِ بعد ,, فجلست على مقعد دُعيت للجلوس عليه ,, وبعد قليل أتت فتاة أخرى ,, عرفت أنها من كليتي بحكم كوننا في نفس التخصص ..
جلسنا سوية بصمت ننتظر قدوم المدرسة الأولى,, ولا أدري لم أحسست بتلك الدقائق وكأنها ساعات طويلة ,, فمخاوفي لا تلبث أن تطفو على السطح لتزيد توتري..

لم يطل انتظارنا كثيرا,, فقد دخلت إحدى المدرسات فعلمنا أنها هي من ننتظر,, ألقت علينا التحية ,, وجلست تحدثنا قليلا ,, ثم عدنا لصمتنا ,, فلم يكن هناك ما يقال,, كان يجب علينا أن ننتظر قدوم المشرفة ! وهي من ستشرف علينا أيضا.. كنت اشعر أني مقدمة على اختبار بالغ الصعوبة,, كنت اكره دوما أن أكون تحت المراقبة في أي شيء أقوم به,,
وها أنا اليوم مجبرة على استقبال مراقبتين في صف سأكون فيه معلمة والى فترة ستستمر لثلاثة أشهر!


************

كانت بدايتي يوم السبت,, الحصة الأولى ,, كم هذا مقلق .. استيقظت باكرا - وهذا ما أكره- فهكذا سيكون دوامي من اليوم فصاعدا..
نظرت الى الطالبات,, ألقيت عليهن السلام ,, وبدأت حصتي بثقة لم أكن لأتوقعها ! .. تابعت تدريسي لهن حتى انتهيت ..
خرجت من الفصل وأنا أدري أن هناك ما ينتظرني .. إنهما لا شك بانتظاري لإلقاء ملاحظاتهن وتعليقاتهن حول حصتي ..
وطبعا بدأنَ بلا مقدمات يسردن علي ملاحظاتهن الكثيرة ,, وهنا شعرتُ بالضيق واليأس,, فيبدو أني تباهيت كثيرا بنفسي وظننتُ أني أبليتُ بلاءا حسنا! .. كان الأمر أصعب بكثير مما توقعت …

أثبتت لي الأيام أن التدريس مهنة صعبة,, لكنها مع ذلك ممتعة ,, منحتني شعورا مختلفا .. شيءٌ ما كان يشدني نحوها.. ربما روح الطفولة المتدفقة في عيون طالباتي,, شغبهن الظريف ,, حماستهن البالغة!
شعرتُ بأني أنطلق من قوقعة صغيرة إلى بحر مليء بالمفاجآت,, والتحديات ..

نعم,, علمنني طالباتي أن أتحدى كل شيء ,, تعليقات المشرفتين علي,, شعوري بالضعف ,, خوفي من الفشل ,, شغبهن اللامنتهي … علمنني أن في هذه الحياة ما هو أسمى من العيش للذات ومع الذات !
علمنني أن أمنح ما أملك,, وأملك ما لم أكن أظن أني سأملكه.. "محبتهن لي ونجاحي كمعلمة"..

*************


يتبـــــــــع...



تحية لقلوبكم..


أختكم

جمال الروح
|545|

أحمد مدني
07-06-2006, 05:31 PM
أختي جمال الروح

ما أجمل أن يوضع الإنسان في مثل هذا الموضع

ينشأ الأجيال.. و يبني الإنسان على العلم و الإيمان

و بذلك يحصد المجتمع بأكمله نتاجاً عظيماً و خيراً كبيراً

.

سلمت يمناك على ما خطته من إبداع

و أسأل الله لك التوفيق دائماً

.

بانتظار التتمة

ألنشمي
07-06-2006, 08:42 PM
000

00

0

000الحياة العملية00 واولها خطوة 000 لنخطو خطوات لتربية الجيل القادم000



،

000الجيل الواعد 000كما كانوا 000الذين من قبلنا000يأملون منا0000

،

00هكذا 00 000 نجد احيانا 000 صراع من اجل اثبات الوجود 000 انه الطموح 000الامل 00لنجعل منه نبراسا ينير لنا عالمنا العملي 000ليبتدي التفوق والابداع



،



000التحدي 000 عنوان 000المجد000والامل المشرق 000 ليخرج جيلا 000 يحس بالمشاركة كعضو بالمجتمع 000عضو 000 ناجح وفعال00









000

00

0

سلمت يداك اوخيه جمال الروح

0

0

0

وفقك الله

0

0

0

تحياتي

Areej
08-06-2006, 03:53 PM
ما أجمل الحنين .. !

غريبةٌ هي اللحظات التي يعيدنا فيها القدر إلى مرافئنا الأولى ..

لنستعيد كل التفاصيل التي غطاها الغبار لسنين طويلة ..

رائعٌ هو شعور النجاح بعد خوف!!

راائعٌ هو الحب حين يحيط بنا من عيون أطفال بريئة ..

غاليتي

كل اللحظات التي نعيشها بأيامنا ..كل الاعمال التي ننجزها بشكل روتيني.. لا ندرك معناها .. و لا نتفكر بها .. إلا بعد انقضائها !!

وداعاً أحبائي.. جاءت من جوف محرَقْ.. و بدمعةٍ صامتة .. أعلم تماما ماذا تفعل بالفؤاد!!

أجدتِ وصف هذه اللحظات بصدق كلماتك..

لك حبي

أعبق التحايا

أريــــج

جمال الروح
08-06-2006, 07:17 PM
مساء الانوار..


اخي أحمد,, الاخ الكريم النشمي..


كلماتكم تشعرني بقيمة هذه المسئولية الكبيرة التي وضعت على عاتقي.. وفعلا ,, هي أشرف المهن لانها مسئولة عن تربية الاجيال التي ستكون لبنة في بناء المجتمع..

وربما زاد شعوري بذلك بعد خوضي لهذه التجربة بنفسي :drr05_35:


أشكركم جزيل الشكر..

تحية وتقدير

جمال الروح
08-06-2006, 07:25 PM
"ما أجمل الحنين .. !

غريبةٌ هي اللحظات التي يعيدنا فيها القدر إلى مرافئنا الأولى ..

لنستعيد كل التفاصيل التي غطاها الغبار لسنين طويلة ..

رائعٌ هو شعور النجاح بعد خوف!!

راائعٌ هو الحب حين يحيط بنا من عيون أطفال بريئة .."


غاليتي أريج..

كلماتك دوماً تلامس شغاف القلب ..وتختصر احاسيسا شتى تجول في ذلك الخاطر ..

كل الشكر لروحك القريبة |467|


حبي وتقديري

.. أختك..

جمال الروح
08-06-2006, 07:34 PM
..التتمــــــــــة..


الأيام لا تتمهل حين نملؤها بالعمل والبذل,, فهي تمر سراعا ونحن في غمرتها نحاول أن نصل إلى هدفنا بكل الطرق الممكنة ..

وها هو اليوم الأخير! .. استيقظ صباحاً,, وبي شيء من ضيق خفي ,, تجاهلته ومضيت إلى مدرستي - أقصد إلى مقر عملي ,, وبدأت حصتي الأولى ,, ولم يكن هناك ما أقدمه لهن ,, فقد أنهين آخر دروسهن في الكتاب .. وقد قررت أن أجعله يوما مفتوحا,, لأودعهن وأجلس معهن جلسة ودية فلا أغضب منهن لأن الصف غير مرتب ,, أو لأنهن غير منتظمات ومزعجات ,, ووو ….

وحينما أخبرتهن برحيلي,, فاجأنني بردة فعلهن .. فقد صرخن بصوت واحد ورددن: " مس جنان",, وركضن نحو الباب ليمنعنني من الخروج!

وأنا أرقبهن بدهشة عقدت لساني فلم أدرِ ما أقول,, ولم يكن بوسعي إلا أن أعدهن بأن آتي غدا .. ولم أخلف بوعدي,, فأتيت وفي انتظاري مفاجآت كثيرة!

فقد أقمن حفلة صغيرة لي,, وكان يجب علي أن أقص الزينة المعلقة على امتداد باب الصف لافتتح البوفيه الذي أُقيم لي! ,, كانت الضحكة تغالبني وأخفيها حتى لا يشعرن بأني أقلل من شأن ما قمن به.. وكنت أقول في نفسي.. "ما أظرفكن" وسعادتي بهن كانت كبيرة.. وفي النهاية قدمن لي بعض الرسائل المزركشة بألوان الطفولة…

لم تنتهي المفاجآت هنا,, فقد ذهبت إلى الصف الثاني ,, وقد تجمعن حولي وهن يرجونني أن ألعب معهن .. فلم أود في هذا اليوم أن أرفض لهن طلبا.. كانت تلك اللحظات أروع مما اعتقدت.. وبصعوبة بالغة استطعت التملص منهن ومن رجائهن بأن أبقى ولا أغادر المدرسة,, فوعدتهن بأني سأزورهن دوما ..
وهكذا انتقلت إلى الصف الأخير.. ذلك الصف الذي يضم أكثر الطالبات شغبا وذكاءاً! ,, والأقرب إلى قلبي كذلك ! .. فلي معهن أيام لا تنسى..

أحطنَ بي من كل جانب,, وتحدثنا سوية ,, ثم بدأنَ يغنين وأنا أستمع لهن وأغني معهن بما تسعفني به الذاكرة من أغاني أفلام الكرتون ! وأنصتنا في النهاية لصوت إحداهن وكان صوتها رائعا عذبا كما هي,, كانت تغني للأم وأنا أنصت لها وأشعر كما لو أنني أم لهن جميعا! ..

وكعادتها اللحظات السعيدة لا تطول,, فقد دق الجرس معلنا نهاية الحصة ,, بل نهايتي هنا كمعلمة ..

أردتُ أن أمضي وأودعهن بسلام .. لكنهن أبين أن يودعنني وداعا عاديا,, فقد لحقن بي وترجينني أن أبقى معهن ,, ولما لم يجدوا جوابا شافيا لدي ,, رأيت أعينهن تلمع وقالت إحداهن : " سأبكي..." وما هي إلا دقائق حتى انهمرت دموعها,, ولحقت الأخريات بها ,, وهن يرددن : " لا تذهبي .. لا تذهبي أرجوك "

غالبتُ دموعا كانت على وشك الانهمار,, أخفيتها ,, واكتفيت بالنظر إليهن واحتضانهن جميعا فلم يبقَ شيء لأقوله لهن لأخفف به عن حزنهن ,, سوى أن أقضي دقائقي الأخيرة معهن ,, أحتضنهن وأرسم البسمة على شفاههن رغم انحباسها في شفتي!

************

*******

ألنشمي
09-06-2006, 07:32 PM
000

00

0

000ذلك قمة الاحساس بالمسئولية تجاه جيل المستقبل 000تتجلى في التبادل الوجداني بين المعلمه والطالبات000 مواقف يعجز 000 احيانا القلم عن وصفها 00 وتعجز الكلمات ان تخرج من الحناجر000تلتقي فيها العيون 000لتعبر عن مكنونها000 تدمع 000 وبعضها تنحصر داخل العيون 0000 ولكن حشرجة الكلمات 000وصعوبة اخراجها تجد العيون تتبادل الاحاسيس والمشاعر ببعض00

000الا ترين اوخيتي 000 وأن كنتي 00معلمة قاسية وشديدة 000أن هذه الاجساد تحمل بين جنباتها قلوب تنبض بحب المعلمة 000 فهي منهل العلم 000ومرشدتهن000والناصحه لهن000وهي التي تنير لهن درب حياتهن الدراسية 000

00كم هو صعب الوداع 00000الفراق 0000 ولو كان في محيط العمل 000 فنحن مجموعة احاسيس ومشاعر تتناقلها الاجساد000

0000

000

00

0

وفقك الله اوخيتي

0

0

0

0

تحياتي

جمال الروح
10-06-2006, 10:03 PM
أهلا بك مجددا أخي النشمي..



كما قلت اخي ان هذه الجساد الصغيرة تحمل بين جنباتها قلوبا تنبض ,, وهذا ما وعيته جيدا ورأيته في اعينهن ولذلك كنتُ اكره القسوة - ولست من يستعملها- على خلاف كثير من المدرسات اللاتي يعتقدن ان التدريس يحتاج لقسوة ليكون ناجحا,, لكن المدرس الناجح هو من يستطيع اكتساب احترام وحب التلاميذ وبذلك سيكسب احترامهم له في الدرجة الاولى..


شاكرة لك حضورك


تحية وتقدير