المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القول على الله بغير علم



abouelmodafar
04-06-2006, 12:48 PM
بعد القرون المفضلة المتميزة بالاتباع والفقه في الدين، انحدرت الأمة في قرون التخلف إلى حضيض التقليد الجاهل والتعصب المذهبي، وانحرفت فئة من جهلة العباد إلى التأسي بعبَّاد اليهود والنصارى، وانحرفت فئة من المفكرين المناهضين للتقليد إلى إخضاع النصوص الشرعية لشطحات الفكر الوثني، تصديقاً لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع»، قالوا: اليهود والنصارى؟.. وفي رواية: فارس والروم؟ قال: « فمن الناس إلا أولئك » [متفق عليه].

ولم يستثن الانحراف الفكري الفقه في كتاب الله و وحيه: إلى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فجاء من كبار مفكري الصوفية من يؤول الآية المحكمة: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}، بما يناقضها: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ}، أي: ستروا محبتهم لله عن غيرهم {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} يا محمد {أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} بك لأنهم لا يأخذون إلا عني، {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ} فليس فيها إلا محبتي، {وَعَلَى سَمْعِهِمْ} فلا يسمعون إلا مني، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 6ـ7] فلا يرون إلا إياي [الفتوحات المكية لابن عربي ج1، ص115].

وبمثل هذا التحريف عن مواضع الكلم أُوِّل قول الله عن قوم هود: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} ظنوا بالله خيراً وهو عند ظن عبده به؛ فأخبرهم بما هو أتم وأعلى ـ في القرب ـ من المطر، {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ}؛ فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة، {فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24]، أي: أمر يستعذبونه إذا ذاقوه [الفصوص والحكم لابن عربي، ص109].

وحين لا يبلغ الانحراف هذا المبلغ، تُدنَّس التفاسير ـ بعد عصر الصفوة ـ بالقصص الإسرائيلية، والروايات المكذوبة والسفسطة العقلية، من ذلك ما روي بغير سند صحيح عن فتنة داوود عليه السلام، وقصة الغرانيق، وما أول به محكم قول الله تعالى: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة:120].. قال السيوطي رحمه الله في تفسير الجلالين: (واختص العقل ذاته، فليس عليها بقادر).

وفي هذا العصر الذي رغب فيه العرب عن لغة الكتاب والسنة، واحتضنوا لغة الجريدة والإذاعة، استُبيح حمى التفسير فلم يتورع عن المثقف الجاهل بشرع الله؛ استباحة الخطيب والواعظ والكاتب والطبيب والمهندس، وكل من هب ودب وهان عليه القول على الله بغير علم.

وصار من مسلّمات مفسري العصر، والمخدوعون بزيهم وألقابهم (مثلاً):

1ـ أن الله لا يؤمن من غضبه وعقابه إلا المصحلين، أما الصالحون فلا أمان لهم استدلالاً بقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]، فإنه لم يقل الصالحون.

وغاب عن إدراكهم أن كلمتي: (الصالحين) و (المصلحين) وردتا في كتاب الله بمعنى واحد؛ قال الله تعالى في غير الأنبياء من بني إسرائيل: {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170]، وقال تعالى في عدد من الأنبياء: {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ} [الأنبياء: 86]، وقال تعالى في الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر: {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران:114]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105].

وورد وصف المصلحين بالصالحين ـ والعكس ـ في آيات كثيرة، ولكن التدبر قليل؛ إذ شُغل مكانه بالتنطع والتشدق والفيهقة، وبالحفظ والتجويد الذي لا يتجاوز الحناجر، نسأل الله المغفرة والهداية للجميع.

2ـ أن الله لا يضيف إلى نفسه من العباد إلا الصالحين، استدلالاً بقوله الله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر:42]، وقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46].

ولم تتسع عقولهم لحقيقة أن الكل عباد الله صالحهم وطالحهم؛ قال الله تعالى: {أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} [الفرقان:17]، وقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]، وورد المعنى بلفظ (عبادك) و(عباده) و(عبادي) في آيات وأحاديث كثيرة.

3ـ أن الله قدم السمع على البصر بياناً لأهمية الأول في مثل قوله تعالى: {أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ} [يونس: 31]، و قال الله تعالى: {ِفَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيرا} [الإنسان:2]، فلم يردعهم مثل قول الله تعالى: {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: 179]، وقوله تعالى: {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} [الكهف: 26]، عن القول عليه بغير علم.

4ـ أن الله قدم البشارة على الإنذار في وصف الرسل، دليلاً على فضل الأولى ـ على الثاني ـ في منهاج الدعوة، مستدلين بقوله الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِين} [الأنعام: 48]، وقوله تعالى: {بشيراً ونذيراً} [البقرة: 119].

وضاقت أفهامهم عن استحضار قول الله تعالى: {إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [هود: 2]، وقوله تعالى: {إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر: 23]، وقوله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [يس: 11]، والآيات مثلها كثيرة.

والسبب الأول في نقص المدارك أن العلم بشرع الله فقد الشمول والإحاطة والتدبر ـ الذي كان سمة للأئمة الأول ومن سار على نهجهم ـ ومُليء فراغه بالألقاب الدراسية المغربة والزي المبتدع، (ومسخت الجوامع) فتحولت جامعات لإعداد الموظفين.

ولأن المطابع ودور النشر والمكتبات التجارية تقول دائماً: هل من مزيد؟ فإن أدعياء العلم الشرعي مستعدون لاغتنام فرص الكسب من الغنائم الباردة: مزيج من النقل الحرفي والفكر الضحل، ثم يتوج الناتج بحفظ حقوق الطبع والتأليف، وحظر النقل والاقتباس، خلافاً للمثل المصري: (السارق من السارق كالوارث من أبيه)

ولأن شباب ما يسمى بـ (الصحوة الإسلامية) ـ بقوة حماسه وضعف بصيرته وقلة تثبته ـ مندفع لتشجيع واستهلاك كل ما يوصف بالإسلامي والإسلامية من كتاب وشريط وخدمة تجارية؛ فإن الوراقين والكتَّاب والحركيين والحزبيين (الإسلاميين) مستعدون لاستغلال فراغه وعطشه وجدته بكتب التفسير والسير، والخطب والدروس الفكرية، و(تجييرها) للمصلحة الفردية أو الحزبية.

والحصيلة النهائية: مساوئ كثيرة وخطيرة، أكبرها: القول على الله بغير علم في الحاضر، والمرونة على ذلك في المستقبل، إن لم يتدارك ولاة الأمر من المسلمين ـ علماء وأمراء ـ هذا الأمر، ويردوه إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه، وفقه صحابته و الهدى في القرون المفضلة.

وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم.

abouelmodafar
04-06-2006, 12:50 PM
حقيقة العبودية وحقيقة المحبة الشرعية: الالتزام بما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا} [الأحزاب: 21]، ولا سبيل للمسلم إلى تحقيق حبه لله، وتحصيل حب الله ومغفرته له إلا اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31].

ومن خالف منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي اختاره الله ورضيه له ولأمته إلى يوم القيامة ـ كما فقهه وعمل به المؤمنون في القرون المفضلة ـ فلن يقبل الله منه، مهما بذل من جهد وما ادعى من حب لله ولرسوله ولدينه، بل ومهما بلغت رغبته في الخير والهدى من مبلغ؛ قال الله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 115]، وقال الله تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُون} [الأعراف: 30].

وقد غلت أمم غابرة وحاضرة في إظهار محبة الدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من يُعتقد فيهم الصلاح، وتجاوزت حدود شرع الله لعباده؛ فاستحقت غضب الله ولعنته وعقابه، قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 30ـ31].

وقبل اليهود والنصارى غلا البوذيون في (بوذا)، وغلا الهندوس من قبلهم في(براهما) فعبدوهما، بل زاد النصارى غلواً في عيسى فجعلوه تجسيداً لذات الإله وثالث ثلاثة، وبالتالي قالوا عن مريم عليها السلام: والدة الله، وعن الله {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} [الإسراء:43]؛ فقالوا: الأب.

وقد حذّر الله أمة الإسلام في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من اتباع سبيل الكافرين والغلو في الدين، قال الله تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيل} [المائدة: 77]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده؛ فقولوا: عبد الله ورسوله » [رواه البخاري]، وقال صلى الله عليه وسلم: « لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه » [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: « إياكم والغلو فإنه أهلك من كان قبلكم» [رواه أحمد].

وصدق الله عز وجل، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم، لقد تبع أكثر خلف المسلمين ـ بعد القرون المفضلة ـ سنن من كان قبلهم من اليهود والنصارى والمشركين في أسوأ أقوالهم وأعمالهم، بقيادة الفاطميين أولاً، والعثمانيين أخيراً، وبتسويل التصوف ووسوسته أولاً وأخيراً.

ووجد أكثر من لم يمشِ في ركاب الضلال من المسلمين أن لا قِبل لهم بمقاومته؛ فقال لسان حالهم: لكم دينكم ولي دين.

وبما أنه لا يكون إسراف إلا ويكون معه حق مضيع؛ فقد صاحب الغلو في ادعاء المحبة تضييع لرجاء الله وخوفه، ولا يزال كثير من الدعاة والخطباء ـ فضلاً عن العوام ـ بعد اثني عشر قرناً ونصف قرن من موت (رابعة العدوية) يتبعون ما إليها من خرافة: (اللهم إن كنت أعبدك طمعاً في جنتك فاحرمني منها، وإن كنت أعبدك خوفاً من نارك فأدخلني فيها) وكل ما يميز (رابعة) في أخبار السير ـ لو جاز الاعتماد على التاريخ في أحكام الدين ـ أنها ثابتة عابدة، ولم يدَّع أحدٌ أنها من أولي الأمر والعلم الذين تؤخذ منهم الفتوى في الشريعة مما يحملون من نصوص الوحي والفقه في الدين.

ولا تصدق دعوى المحبة الشرعية دون موازنة بين الرجاء والخوف؛ قال الله تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} [الأعراف: 56]، و «الدعاء هو العبادة».

وقال الله تعالى عن أنبيائه وملائكته وصالحي عباده الذين يتقرب الناس بدعائهم منذ انحرف قوم نوح عليه السلام عن صراط الله المستقيم إلى قيام الساعة: {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [الإسراء: 57]، ولا يتم الإيمان دون الجمع بين المحبة والرجاء والخوف.

وقال المنتسبون للإسلام والسنة في دعائهم النبي صلى الله عليه وسلم ـ غلواً في حبه ومخالفة لهديه: ـ (يا أول خلق الله، ويا أول الأولين وآخر الآخرين).. أما هو فقد قال ـ من وحي الله له ـ: «أول ما خلق الله القلم» [رواه أبو داوود، والترمذي، والبيهقي].

واختار للصلاة عليه الصلاة النارية، وفيها وصفه بما لا يوصف به إلا الله: (الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتنال به الرغائب، وتقضى به الحوائج)، واختار صلى الله عليه وسلم لخير أمته ومن بعدهم ـ من وحي الله له ـ: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» [متفق عليه].

و قال شاعر المدائح المبتدعة مخالفاً أمر الله ورسوله:

وإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم

لو ناسبت قدره آياته عظماً أحيى اسمه حين يُدعى دار الرمم

وكذّبوا قول الله وقول رسوله أنه بشر وأنه خُلق من طين وصلب آدم، قال أبو الهدى الصيادي ـ الذي جعلته الخلافة العثمانية غير الراشدة وغير المهدية المرجع الديني الأول والأخير في عهد السلطان عبد الحميد ـ: (قبض العزيز جل جلاله من نور وجهه قبضة فخلق منها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم) [قلادة الجواهر].

وقال الرواس الحموي في كتاب (بوارق الحقائق) ص193:

وهو نور أزلي طرزه صار في وجه وجود الكون شامة

طُوي العالم في جبّته وعلى العرش علت منه العمامة

وقال عوامهم في الموالد ما يشبه الذم مما لا يليق بمقام النبوة: خده أحمر مورد، ريقه سكر مكرر، بطنه طي الحرير، حين يشتد الزفير.

وجاء المفكرون والكتّاب الموصوفون بالإسلاميين الذين استباحوا حمى العلوم الشرعية ـ وبخاصة التفسير والسيرة ـ وهم من غير أهلها؛ فقال بعضهم: (إن الله أعطى محمداً صفتين من صفاته {رؤوف رحيم}).

وما وعوا أنهم أخطأوا إن قصدوا الاشتراك في اللفظ؛ فقد قال الله عن الإنسان شاكراً أو كفوراً: {سميعاً بصيراً}، وارتكبوا شركاً لفظياً إن قصدوا الاشتراك في المعنى المطلق، فلا شريك لله في صفاته: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11].

وقال بعضهم: إن محمداً خير من موسى عليهما الصلاة والسلام، فقد قال الله عن موسى: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84]، وقال لمحمد: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، وأخطأوا لغة وشرعاً؛ فقد قال الله عمن هو دون محمد صلى الله عليه وسلم: {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [المائدة: 119]، وقال تعالى: {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 21].

وعصوا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته عن المفاضلة بينه وبين نبي معين: « لا تخيروني على موسى ـ فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش؛ فلا أدري كان فيمن صعق أم حوسب بصعقته الأولى ـ وفي رواية: أو كان فيمن استثنى الله ـ » [متفق عليه].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحذير من مثل ما اقترفه هؤلاء العصاة: « هلك المتنطعون » ثلاثاً. [رواه مسلم].

وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة: الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون» [رواه الترمذي].

والإسلام والمسلمون في غنى عن الشطحات الصوفية الضالة والمقابلات اللغوية والفكرية المتنطعة، بوحي الله في كتابه وسنة نبيه المعصومة، قال الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: « أنا سيد الناس يوم القيامة » [متفق عليه]، وفي رواية ابن حبان: « أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، بيدي لواء الحمد تحته آدم فمن دونه »، وقال صلى الله عليه وسلم: « أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأُحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة، وأعطيت الشفاعة » [متفق عليه].

ومن لم يكفه ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله فما استسلم لأمر الله وشرعه، ولا صدق في ادعائه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا وجد حلاوة الإيمان، ولن تجد له ولياً مرشداً « فمن رغب عن سنتي فليس مني » [متفق عليه].

وصلى الله على محمد وآل محمد.

منقول

أبو الخنساء
04-06-2006, 04:27 PM
جزاك الله خيرا اخي في الله


اسأل الله ان يبارك في جهودك ويكتب لك الاجر والمثوبة


نقل قيم مفيد يجدر بنا تأمله و الاستفادة منه

فكلنا بحاجة لمعرفة الحكم الشرعي في القول على الله بغير علم

ما اكثرهم في هذا الزمان من يدعي العلم والتعالم والفهم وهم اجهل الناس

تنبيه

آمل منك اخي عدم تكرار نشر الموضوع اكثر من مره

اشكر لك جهدك وحرصك على نشر الخير

ألنشمي
04-06-2006, 09:02 PM
000

00

0

00السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

0

0000يسعد مساؤك بالخير والبركة000

0



000اجدت اختيار الموضوع 000ونقله000

0

000في هذا الوقت نحتاج لمثل هذا الموضوع

0

0

جوزيت خيرا 000واثابك الله عليه0000





0

0

وفقك الله

0

0

تحياتي

عمر باعقيل
04-06-2006, 09:12 PM
اخي الفاضل

جزاك الله كل خير على هذا الموضوع القيم وجعله في موازين حسناتك

دمت وعين الرحمن ترعاك

ملاك20
08-06-2006, 04:19 PM
جزاك اللــة خـيـرا عـلى هــذا الـطــرح القيــم وبارك اللـة لك جهودك
ونفع بــهــا المسلميـن .