رغــد
14-05-2006, 08:47 PM
..
أحبه .. ولا أمارس أي ضغوط عليه لأشعرهُ برغبتي في غارات أطفالٍ يتكاثرون حولي وأخيطهم في صدري .
لاأذكرُ أني افتعلتُ دور الأمهات مرة أمامه .
لأجله فقط كنتُ أتجاهل أن نقف سوياً أمام متجر يضم ألعاب الصغار وثيابهم , لالشيء سوى لأنني أدرك في أعماقي أن من أولويات علاج المرضى عموماً هي الراحة النفسيه التي تُنسي المريض ألمه .
تفانيتُ في هذا .. فلم أعد أفكر كما كنتُ في طفلة تزمّ شفتيها وتنتفض ..
لتطلق " ماما " بلا ترتيب . ولابطفل يستسلم للنعاس في أحضاني وخصلة من شعري في قبضة يده الصغيرة .
تحمّلتُ بقاءنا على مركبة ضيقة لاتتسع لغيري أنا وهوَ , ولا تحملُ معنا أطفالاً يصرخون ويلعبون فأسند صغيرهم بذراعي وأعود ببصري للخلف فأتمكن من فضّ النزاع بين ولدي الكبير وابنتي الصغيرة وأهدهد الرضيع مجدداً على صدري ثم أنهي المعركة القائمة في المقاعد الخلفيه بالكثير من الحلوى التي أقذفها في فمهم واحداً تلو الآخر .
لأني أحب أحمد , كان من اليسير عليّ أن لا أشعرهُ بامتعاضي وألمي حين أقرأ في كل مرة تقرير الطبيب الذي يقضي بأنه لازال غير قادر على الإنجاب .. لا أعمدُ إلى تذكيره بأحلامي حتى لايلازمه الشعور بالقلق .. وبأنه غير قادر على إسعادي سعادة كاملة .
..
يكفي أن أبقى معك وأشاركك طعامك وسيارتك وسريرك والكثير من أشياءك الخاصة لأكون سعيدة . كنت أردد على مسمعه هذا كثيراً . فننسى كل شيء حينها ويتبدد شعوري الخفي بالتعاسة .
ألقيتُ بأوراق التحاليل السلبية و التي تصيبني في مقتل كل مرة على الطاولة , متصنعة لامبالاةٍ عالية الدقة . في حين أن قلبي وكل مفاصلي كانت تتهيأ للبكاء .
حين يتقدم بي العمر وأجمل أحلامي لايتحقق , وحين يكون الوجع أكثر من المعتاد .. نصاب بذبحة من الصعب علاجها .. وأنا تيقنتُ أني قد أصبتُ بها .
..
فيما بعد .. علّمني أحمد أن لا أُقدّم حضني لأحد .
وأن لاتعنيني حاجيات الأطفال ولاأشياءهم الصغيرة . علّمني أن ابدي انزعاجي من صراخهم وضجيجهم في كل الأمكنة .. وأن أتذمّر من ابناء اخوتي إذا ماشاهدتهم يديرون بيت أمي بفوضى شقيه .. أن أشدّ آذانهم وأصرخ في وجوههم حتى باتوا يخافون الاقتراب مني ويكرهون حضوري .
..
في آخر الجفاف .. نحن نفتقد كل الأشياء الجميلة دون أن نشعر فنستيقظ وقد كسدت ملامحنا وباتت ابتسامتنا مشلولة مُرهِقة ككل الأعمال الشاقة .
..
سرت رعدة خفيّة في جدار بطني .. كنت أشعر أنه كالأرض البور .. سيبقى لاصقاً بظهري لن يرتفع ولن ينخفض مدى الحياة .
الآن شعرتُ مجدداً بأن كل مافيّ قد بلغتهُ خدمة الرّي . غير أنني كنت قد فقدت المقدرة على تخمين الأشياء .. واستعنتُ بالطبيبة لمعرفة ماذا يجري في أحشائي .
وكان أن أخبرتني بأن طفلاً هُنا . وأشارت بيدها لموضع الحياة .
تماديت في تحسس الموضع وكأني أحمله .. حتى جئتُ به إلى أحمد . بذلتُ جهداً بالغاً في حبس سعادتي كيما يُخرج من جعبته كل توقع ممكن ..
أمّا غير المتوقع أن يسألني بدهشة : لماذا ؟
لماذا الآن ؟
وأن يخبرني أنه قد كبر , وقد شاخت في مفاصله الأبوّة , فلم يعد ينتظر طفلاً في الوقت الضائع .وأنهُ لن يجعل من غيره أباً لابنه .
عليّ أن أجهضه .
..
وقفتُ ساكنهْ . وأصبحً حلمي مثيراً للشفقة , وكأنمَا هذه المفاجأة الجميلة قد أساءت التصرف معنَا . لم أترك لجنيني مُتسعاً كي يُهانَ أكثر .
لديّ أشياءً كثيره أفعلها لأجله .. أوَلها انفصالي عن والده .. أيضاً لأجله .
...
بدت لي الحياة جميلة جداً بهذا الدفء في داخلي . وحزينة جداً بفراق أحمد .
كنتُ أشعر أن العشب قد تكاثر بجسدي وأنني قد أصبحتُ نضرة جداً , وأن طفلي الآن يتمرغ تحت ظل قوس قزح . يلهو ويعدو في دمي , ومايلكمني به من رفسات كانت قوتي لكي أحيا كل يوم .
عاد أحمد .. حينما كنتُ أصارع الموت في المشفى , لأقذف بماء روحي خارج جسدي ..وقد كبر حتى ضاقتْ به أحشائي ..
كان يكفيني أن أرى أنماطاً من الحب في عينيه ويديه وشفتيه من خلف زجاج الحجرة .. لأخبرهُ أنني الآن " أحيا ". .
بدأت أحبه .. وانتهيت أحبه ..
وأحب أطفالي منه .
..
رغد
أحبه .. ولا أمارس أي ضغوط عليه لأشعرهُ برغبتي في غارات أطفالٍ يتكاثرون حولي وأخيطهم في صدري .
لاأذكرُ أني افتعلتُ دور الأمهات مرة أمامه .
لأجله فقط كنتُ أتجاهل أن نقف سوياً أمام متجر يضم ألعاب الصغار وثيابهم , لالشيء سوى لأنني أدرك في أعماقي أن من أولويات علاج المرضى عموماً هي الراحة النفسيه التي تُنسي المريض ألمه .
تفانيتُ في هذا .. فلم أعد أفكر كما كنتُ في طفلة تزمّ شفتيها وتنتفض ..
لتطلق " ماما " بلا ترتيب . ولابطفل يستسلم للنعاس في أحضاني وخصلة من شعري في قبضة يده الصغيرة .
تحمّلتُ بقاءنا على مركبة ضيقة لاتتسع لغيري أنا وهوَ , ولا تحملُ معنا أطفالاً يصرخون ويلعبون فأسند صغيرهم بذراعي وأعود ببصري للخلف فأتمكن من فضّ النزاع بين ولدي الكبير وابنتي الصغيرة وأهدهد الرضيع مجدداً على صدري ثم أنهي المعركة القائمة في المقاعد الخلفيه بالكثير من الحلوى التي أقذفها في فمهم واحداً تلو الآخر .
لأني أحب أحمد , كان من اليسير عليّ أن لا أشعرهُ بامتعاضي وألمي حين أقرأ في كل مرة تقرير الطبيب الذي يقضي بأنه لازال غير قادر على الإنجاب .. لا أعمدُ إلى تذكيره بأحلامي حتى لايلازمه الشعور بالقلق .. وبأنه غير قادر على إسعادي سعادة كاملة .
..
يكفي أن أبقى معك وأشاركك طعامك وسيارتك وسريرك والكثير من أشياءك الخاصة لأكون سعيدة . كنت أردد على مسمعه هذا كثيراً . فننسى كل شيء حينها ويتبدد شعوري الخفي بالتعاسة .
ألقيتُ بأوراق التحاليل السلبية و التي تصيبني في مقتل كل مرة على الطاولة , متصنعة لامبالاةٍ عالية الدقة . في حين أن قلبي وكل مفاصلي كانت تتهيأ للبكاء .
حين يتقدم بي العمر وأجمل أحلامي لايتحقق , وحين يكون الوجع أكثر من المعتاد .. نصاب بذبحة من الصعب علاجها .. وأنا تيقنتُ أني قد أصبتُ بها .
..
فيما بعد .. علّمني أحمد أن لا أُقدّم حضني لأحد .
وأن لاتعنيني حاجيات الأطفال ولاأشياءهم الصغيرة . علّمني أن ابدي انزعاجي من صراخهم وضجيجهم في كل الأمكنة .. وأن أتذمّر من ابناء اخوتي إذا ماشاهدتهم يديرون بيت أمي بفوضى شقيه .. أن أشدّ آذانهم وأصرخ في وجوههم حتى باتوا يخافون الاقتراب مني ويكرهون حضوري .
..
في آخر الجفاف .. نحن نفتقد كل الأشياء الجميلة دون أن نشعر فنستيقظ وقد كسدت ملامحنا وباتت ابتسامتنا مشلولة مُرهِقة ككل الأعمال الشاقة .
..
سرت رعدة خفيّة في جدار بطني .. كنت أشعر أنه كالأرض البور .. سيبقى لاصقاً بظهري لن يرتفع ولن ينخفض مدى الحياة .
الآن شعرتُ مجدداً بأن كل مافيّ قد بلغتهُ خدمة الرّي . غير أنني كنت قد فقدت المقدرة على تخمين الأشياء .. واستعنتُ بالطبيبة لمعرفة ماذا يجري في أحشائي .
وكان أن أخبرتني بأن طفلاً هُنا . وأشارت بيدها لموضع الحياة .
تماديت في تحسس الموضع وكأني أحمله .. حتى جئتُ به إلى أحمد . بذلتُ جهداً بالغاً في حبس سعادتي كيما يُخرج من جعبته كل توقع ممكن ..
أمّا غير المتوقع أن يسألني بدهشة : لماذا ؟
لماذا الآن ؟
وأن يخبرني أنه قد كبر , وقد شاخت في مفاصله الأبوّة , فلم يعد ينتظر طفلاً في الوقت الضائع .وأنهُ لن يجعل من غيره أباً لابنه .
عليّ أن أجهضه .
..
وقفتُ ساكنهْ . وأصبحً حلمي مثيراً للشفقة , وكأنمَا هذه المفاجأة الجميلة قد أساءت التصرف معنَا . لم أترك لجنيني مُتسعاً كي يُهانَ أكثر .
لديّ أشياءً كثيره أفعلها لأجله .. أوَلها انفصالي عن والده .. أيضاً لأجله .
...
بدت لي الحياة جميلة جداً بهذا الدفء في داخلي . وحزينة جداً بفراق أحمد .
كنتُ أشعر أن العشب قد تكاثر بجسدي وأنني قد أصبحتُ نضرة جداً , وأن طفلي الآن يتمرغ تحت ظل قوس قزح . يلهو ويعدو في دمي , ومايلكمني به من رفسات كانت قوتي لكي أحيا كل يوم .
عاد أحمد .. حينما كنتُ أصارع الموت في المشفى , لأقذف بماء روحي خارج جسدي ..وقد كبر حتى ضاقتْ به أحشائي ..
كان يكفيني أن أرى أنماطاً من الحب في عينيه ويديه وشفتيه من خلف زجاج الحجرة .. لأخبرهُ أنني الآن " أحيا ". .
بدأت أحبه .. وانتهيت أحبه ..
وأحب أطفالي منه .
..
رغد