Petals
23-03-2006, 01:55 AM
~*¤ô§ô¤*~طبعا الإهداء للجميلات رغد وأريج وجمال الروح ;)~*¤ô§ô¤*~
أنتِ التي لم تَصِلِي
راينر ماريا ريلكه*
أنتِ، يا محبوبتي، التي تُهْتِ
قبل أن تذهبي، التي لم تَصِلِي قط
إلى ذراعيَّ –
لا أعلم أية موسيقى تُسْعِدكِ.
لقد عدلتُ عن محاولة التعرُّف إليك
كلما عَلَتْ موجةُ لحظة جديدة آتية.
كلُّ الصور الشاسعة فيَّ –
المشاهد البعيدة المحسوسة في عمق،
المدن والأبراج والجسور
والمنعطفات غير المتوقعة في الدرب،
وحيوية الأراضي التي كانت يومًا
تنبض بحياة الآلهة –
هذا كلُّه ينهض معكِ ليعثر على معناه فيَّ،
أنت التي تتملَّصين منِّي إلى الأبد.
أنتِ، يا محبوبتي،
كل الجنائن التي نظرتُ إليها يومًا في توق.
عبر نافذة مفتوحة في بيت ريفي
رأيتكِ –
كنت تهمِّين بالخروج، حالمةً، لملاقاتي.
في شوارع وجدتُها مصادفةً
حدستُ بكِ –
كنتِ قد عبرتِها للتوِّ واختفيتِ.
وأحيانًا، في متجر صغير، كانت المرايا
لا تزال دائخةً من حضورك، حين عكستْ لي،
مذعورةً، صورتي التي فاجأتْها.
مَن يعرف؟
ربما العصفور نفسه أرسل صداه عبرنا نحن الاثنين
أمس، إذ كنَّا مفترقين عند المساء...
* راينر ماريا ريلكه
http://www.dorarr.ws/forum/uploaded/Rilke1.jpg
يسمُّونه الشاعر الذي قتلتْه وردة! من أصدقائه الكثيرين: الله والربيع والطفولة والريح. ولد هذا الشفاف النمساوي في براغ في العام 1875 لعائلة مفكَّكة. كان طفلاً منعزلاً وصموتًا. مواجهتُه مع العالم الواقعي جاءت سلسلةً من المخاوف والأوجاع والخيبات. أحبَّ الوحدة لأنها صعبة، ولأن الصعوبة جميلة، قال، فلم يسرف في الانغماس في الأوساط الأدبية والاجتماعية، وظل مسكونًا بهاجس الموت طوال حياته. كأن ولادتَه كانت بداية موته!
عندما تعرَّف ريلكه إلى قَدَرِه لو أندرياس سالومي، التي كانت حبيبة نيتشه لخمسة عشر عامًا خَلَتْ، كان هو في الثانية والعشرين من العمر وهي في السادسة والثلاثين. أُغرِمَ بها حتى الاحتراق، على الرغم من فارق السنِّ بينهما، وصارت له العشيقة–الأم التي حُرِمَ منها في صغره. على الرغم من ذلك، كانت علاقتُه معها قصيرة الأمد، ومثلها كلُّ قصصه العاطفية، بما فيها زواجُه من النحاتة كلارا وستهوف. اكتشافُه باريس في العام 1902 شكَّل منعطفًا حاسمًا، في حياته وكتابته على حدٍّ سواء، وهي المدينة التي شُغِفَ بها إلى أقصى حدود الشغف.
رجل مفرط في الحساسية، بلا بوصلة، ممحو، يضحك كطفل، وكطفل يبكي. يداه مرهفتان ناعمتان كيدي عازف بيانو، وجسده سفينة تغرق. كانت كتابة الشعر في نظره إليه فعلاً دينيًّا، داخليًّا وسِرَّانيًّا وتأمليًّا، كأنها صلاة موجهة إلى اللامرئي.
انتقل من الرومانسية الرقيقة إلى الشعر الميتافيزيقي، وبينهما تعلَّم كيف ينظر إلى الواقع في عينيه. كتب في حياته ما يزيد على عشرة آلاف رسالة، من أهمها رسائل إلى شاعر شاب. سافر كثيرًا وترجم عددًا من الكتَّاب الفرنسيين إلى الألمانية، بينهم بول فاليري وأندريه جيد. عندما انتحرتْ صديقتُه الشاعرة الروسية مارينا تسفيتايفا، كَتَبَ لها قصيدة يقول فيها: "نحن الأمواج، مارينا، والبحر! نحن الأعماق العائدة إلى السماء!"
في أحد أصباح تشرين الأول من العام 1926، خرج ريلكه إلى حديقة مقرِّه السويسري لكي يقطف، كعادته، بعض ورودها. لم يكترث عندما جَرَحَتْ يدَه إحدى الأشواك، ولم يَخَفْ حين ظهرت لديه في المرحلة نفسها بوادر اللوكيميا. استسلم بعد أقل من شهرين، وعاد العابرُ كالشهاب إلى سمائه
المصدر ونصــــوص أخرى للشــاعر (http://www.maaber.org/issue_june05/literature1.htm)
ولقاؤنا القادم - يا رب بعافية ;) - مع شاعرة المتناقضات فيسوافا :221:
دمتم
أنتِ التي لم تَصِلِي
راينر ماريا ريلكه*
أنتِ، يا محبوبتي، التي تُهْتِ
قبل أن تذهبي، التي لم تَصِلِي قط
إلى ذراعيَّ –
لا أعلم أية موسيقى تُسْعِدكِ.
لقد عدلتُ عن محاولة التعرُّف إليك
كلما عَلَتْ موجةُ لحظة جديدة آتية.
كلُّ الصور الشاسعة فيَّ –
المشاهد البعيدة المحسوسة في عمق،
المدن والأبراج والجسور
والمنعطفات غير المتوقعة في الدرب،
وحيوية الأراضي التي كانت يومًا
تنبض بحياة الآلهة –
هذا كلُّه ينهض معكِ ليعثر على معناه فيَّ،
أنت التي تتملَّصين منِّي إلى الأبد.
أنتِ، يا محبوبتي،
كل الجنائن التي نظرتُ إليها يومًا في توق.
عبر نافذة مفتوحة في بيت ريفي
رأيتكِ –
كنت تهمِّين بالخروج، حالمةً، لملاقاتي.
في شوارع وجدتُها مصادفةً
حدستُ بكِ –
كنتِ قد عبرتِها للتوِّ واختفيتِ.
وأحيانًا، في متجر صغير، كانت المرايا
لا تزال دائخةً من حضورك، حين عكستْ لي،
مذعورةً، صورتي التي فاجأتْها.
مَن يعرف؟
ربما العصفور نفسه أرسل صداه عبرنا نحن الاثنين
أمس، إذ كنَّا مفترقين عند المساء...
* راينر ماريا ريلكه
http://www.dorarr.ws/forum/uploaded/Rilke1.jpg
يسمُّونه الشاعر الذي قتلتْه وردة! من أصدقائه الكثيرين: الله والربيع والطفولة والريح. ولد هذا الشفاف النمساوي في براغ في العام 1875 لعائلة مفكَّكة. كان طفلاً منعزلاً وصموتًا. مواجهتُه مع العالم الواقعي جاءت سلسلةً من المخاوف والأوجاع والخيبات. أحبَّ الوحدة لأنها صعبة، ولأن الصعوبة جميلة، قال، فلم يسرف في الانغماس في الأوساط الأدبية والاجتماعية، وظل مسكونًا بهاجس الموت طوال حياته. كأن ولادتَه كانت بداية موته!
عندما تعرَّف ريلكه إلى قَدَرِه لو أندرياس سالومي، التي كانت حبيبة نيتشه لخمسة عشر عامًا خَلَتْ، كان هو في الثانية والعشرين من العمر وهي في السادسة والثلاثين. أُغرِمَ بها حتى الاحتراق، على الرغم من فارق السنِّ بينهما، وصارت له العشيقة–الأم التي حُرِمَ منها في صغره. على الرغم من ذلك، كانت علاقتُه معها قصيرة الأمد، ومثلها كلُّ قصصه العاطفية، بما فيها زواجُه من النحاتة كلارا وستهوف. اكتشافُه باريس في العام 1902 شكَّل منعطفًا حاسمًا، في حياته وكتابته على حدٍّ سواء، وهي المدينة التي شُغِفَ بها إلى أقصى حدود الشغف.
رجل مفرط في الحساسية، بلا بوصلة، ممحو، يضحك كطفل، وكطفل يبكي. يداه مرهفتان ناعمتان كيدي عازف بيانو، وجسده سفينة تغرق. كانت كتابة الشعر في نظره إليه فعلاً دينيًّا، داخليًّا وسِرَّانيًّا وتأمليًّا، كأنها صلاة موجهة إلى اللامرئي.
انتقل من الرومانسية الرقيقة إلى الشعر الميتافيزيقي، وبينهما تعلَّم كيف ينظر إلى الواقع في عينيه. كتب في حياته ما يزيد على عشرة آلاف رسالة، من أهمها رسائل إلى شاعر شاب. سافر كثيرًا وترجم عددًا من الكتَّاب الفرنسيين إلى الألمانية، بينهم بول فاليري وأندريه جيد. عندما انتحرتْ صديقتُه الشاعرة الروسية مارينا تسفيتايفا، كَتَبَ لها قصيدة يقول فيها: "نحن الأمواج، مارينا، والبحر! نحن الأعماق العائدة إلى السماء!"
في أحد أصباح تشرين الأول من العام 1926، خرج ريلكه إلى حديقة مقرِّه السويسري لكي يقطف، كعادته، بعض ورودها. لم يكترث عندما جَرَحَتْ يدَه إحدى الأشواك، ولم يَخَفْ حين ظهرت لديه في المرحلة نفسها بوادر اللوكيميا. استسلم بعد أقل من شهرين، وعاد العابرُ كالشهاب إلى سمائه
المصدر ونصــــوص أخرى للشــاعر (http://www.maaber.org/issue_june05/literature1.htm)
ولقاؤنا القادم - يا رب بعافية ;) - مع شاعرة المتناقضات فيسوافا :221:
دمتم