المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحلام فوق فنجان قهوة



رشا محمود
06-02-2006, 11:16 AM
صباح ملبد بالغيوم .. أبت الشمس أن تظهر .. لسعات البرد كضربات سياط قاسية .. ضمت ياقتى معطفها حول رقبتها وهى ترتجف فوق مقعدها خارج الكافيتريا .. فيما احتمى باقى رواد الكافيتريا داخلها .. خلف جدرانها الزجاجية .. وبدوا مستمتعين تماما بدفء المكان .. حسدتهم نظراتها وتمنت لو أنها تجلس بالداخل لتنعم هى الأخرى بالدفء ولكن ... قاطع أفكارها صوت النادل وهو يسألها عن طلبها .. إبتعدت بعينيها عن نظرته المتسائلة عن سبب جلوسها خارجا فى مثل هذا البرد .. تمتمت بصوت خفيض .. فنجان من القهوة من فضلك .. إبتعد ت خطواته عنها .. دقت أصابعها سطح طاولتها بتوتر .. نظرت لساعة يدها .. تلفتت حولها .. ثم انتبهت فجأة لتصرفاتها المثيرة للإنتباه .. دفنت وجهها فى راحتيها ومرت بهما على خصلات شعرها .. حاولت أن تستعيد هدوء نفسها .. رفعت وجهها عندما وصلتها رائحة القهوة الساخنة .. نظرت بشرود لأبخرة الدخان المتصاعد من فنجان القهوة .. أمسكت بالملعقة وراحت تقلب القهوة وتنقش حروف اسمها على سطحها .. تلهو كطفلة صغيرة .. وفجأة .. تجمدت يدها .. وتسارعت دقات قلبها .. وتوقف الزمن بها للحظات .. عندما وقعت عيناها عليه .. جذب مقعده بهدوء وجلس غير مباليا لصفعات البرد .. ولا لوجودها .. أمسك بجريدته .. الوحيدة التى تستولى على إهتمامه فى هذه الساعة .. حتى إنها تشعر بالغيرة من هذه الجريدة التى لا تفارقها عينيه حتى وهو يرتشف قدح القهوة .. لو أن عينيه تجاوزت الصفحات قليلا .. ومرت عليها .. تنهدت فى نفسها .. وعادت لترسم أحلامها فوق فنجان قهوتها .. ربما يجىء اليوم الذى يشعر فيه بوجودها .. إبتسمت للفكرة .. ونقشت قلبا فوق فنجان القهوة سرعان ما تلاشى بين قطراته .. لاحت منها إلتفاته نحوه .. إصطدمت نظرتها بعينيه للمرة الأولى .. يا إلهى .. إنه ينظر إليها .. لم تصدق عينيها ولم تجرؤ على فركهما لتتأكد .. فلم تكن لتغمض عينيها وتسقط نظرته الأولى من بين أهدابها .. إزداد خفقان قلبها وهو يحدق فيها بعينيه للحظات قبل أن تشرق شمس صغيرة على شفتيه أنارت المكان حولها .. قام من مقعده .. وتوجه نحوها مباشرة .. تقطعت أنفاسها .. وإرتبكت إبتسامة فوق شفتيها .. حاولت أن تعتدل فى مقعدها .. مرت يدها على خصلات شعرها فى توتر .. أغمضت عينيها حينما وصلتها رائحة عطره الراقى .. وكأن آلاف من الزهور تفتحت فجأة ونثرت عبيرها حولها .. لفها إحساس رائع وإتسعت إبتسامتها وتأهبت للحظة اللقاء الأولى و .....

برودة خفيفة لفحت وجهها حينما عبر جسده بجوارها .. إلتفتت تنظر لخطواته التى تجاوزتها وأسرعت نحو طفلة صغيرة جميلة .. إحتضنها بحب ودار بها وهو يحملها بين ذراعيه .. والصغيرة تبادله ضحكات صافية وتتطاير ضفائها الذهبية حول وجهها الصبوح .. وتوجه بها إلى إمرأة فاتنة تراقبهما بإبتسامة وقورة .. لفها بذراعه بينما حملت ذراعه الأخرى الصغيرة .. متوجها نحو سيارة متوقفة على جانب الطريق ..

إنتفض جسدها فى عنف وأدارت رأسها بحدة .. أغمضت عينيها للحظات .. حاولت أن تستوعب الموقف .. مستحيل .. لقد كانت طوال الوقت مغرمة برجل متزوج .. ووالد لطفلة أيضا .. ولكن كيف؟ .. إنها .. إنها لم تلحظ مطلقا أى قيود فضية حول أصابعه .. كيف خدعها طوال الوقت وكيف خدعت هى نفسها ؟ .. كيف نسجت أحلامها الساذجة حول رجل ليس لها .. ولن يكون .. لقد ذابت كل آمالها كما يذوب نقشها على وجه القهوة .. تداخلت الأفكار فى رأسها وتسارعت فى جنون .. فتحت عينيها .. تجمدت نظرتها على جريدته الملقاة على طاولته بإهمال .. تبدو مثلها تماما .. مازال الدخان يتصاعد من قهوته .. مدت يدها بآلية إلى فنجان القهوة . إرتشفت بعض قطراتها .. إمتعضت بشدة لمرارتها .. دفعت بفنجانها بعيدا .. إنها تكره القهوة .. لم تطلبها إلا لكونه يتناولها يوميا .. أرادت أن تشاركه عاداته .. يالسخافتها .. عادت لتصارع أفكارها من جديد ..

فجأة .. غمرتها نفس الرائحة الراقية .. وقبل أن تلتفت .. تجاوزها ثانية بلا إهتمام .. واتجه نحو مقعده .. نظرت إليه بذهول وهو يرفع يده ملوحا فى الهواء .. إلتفتت ثانية خلفها .. نظرت للمرأة الفاتنة وهى تجلس بجوار رجل آخر .. تشبهه الصغيرة إلى حد كبير .. والتى راحت تطلق قبلات فى الهواء وتلوح بيديها الصغيرتين فى مرح طفولى .. تابعتهم بعينيها حتى غابت السيارة عن نظرها ..

عادت لتنظر إليه بخجل .. وتعتذر له بعينيها عن ظنونها .. وهو يرشف قهوته فى صمت قاسى وعيناه لا تفارق الجريدة .. جذبت فنجان قهوتها برقة .. وربتت عليه بحنان كأنها تعتذر له أيضا .. رشفت القليل منه .. ولكنها بدت هذه المرة كحبات من عسل مصفى .. إبتسمت لكون إحساسها يغير الأشياء من حولها لهذه الدرجة .. ربما يجىء اليوم الذى يشعر فيه بوجودها .. وعادت تنقش أحلامها فوق وجه القهوة وتقلبها وتنتظر .. وتنتظر .. وتنتظر ...

اشرف الخريبى
07-02-2006, 06:20 PM
اهلا بوجودكايتها العزيزة لى عودة مع نصك ثانية

نتمنى تواجدك باستمرار


تحياتى

اشرف

رشا محمود
08-02-2006, 10:40 AM
أنتظر هذه العودة ..


شكرا لك ...

محمد عطيف
12-02-2006, 11:29 PM
أهلاً :
نص جميل :
- لغة قوية .
- وصف دقيق .
- حبكة متهادية .
- وصول هادئ لطيف للفكرة .

سأنتظر معك وصول الأستاذ .

رشا محمود
13-02-2006, 10:04 AM
أخى / محمد عطيف




أشكر لك تعليقك وتحليلك الدقيق ..

أرجو أن تحظى كتاباتى إعجابك دوما ..

دمت بخير ...

ابوفهد
18-02-2006, 10:39 AM
الأخت العزيزة رشا
يسعد الله أيامك بالخيرات

قصة رائعة استمتعت بقراءتها وإن كنت أعتقد أنها جزء من قصة طويلة فحقيقة لا أعلم إن كان اعتقادي صحيح أم أنه بسبب جهلي في أسلوب القصة وشروطها .

فلا أعلم هل هي تعرفه من فترة طويلة وبينهما لقاءات هجرها بعدها أم أنها أعجبت به فقط في تلك الجلسة الغريبة ؟!

ثم من تكون تلك الطفلة وأمها بالنسبة له ؟!

أسئلة حائرة هل أتشرف بالحصول لها على إجابة كريمة منك ؟

دمتِ بخير

رشا محمود
18-02-2006, 11:15 AM
أخى / أبو فهد



لى كل الشرف للرد على أسئلتك ..

أولا قصتى هذه مجرد حالة تحكى عن موقف واحد .. وهو أن بطلتنا تقع فى الحب من طرف واحد ..

ذلك الذى يجعلك تدور فى فلك إنسان لا يشعر حتى بوجودك ..

ولأن هذا الإحساس شديد القسوة على النفس .. فقد دفعنى للكتابة عنه ..

فصاحبتنا هنا تحب رجلا لا تعلم عنه شيئا ولا يشعر هو بوجودها ..

وتجلس فى نفس المكان يوميا .. وتنتظر أن يشعر بوجودها يوما ما ..

لذا تبادر لإعتقاد أنه متزوج وأب لطفلة بمجرد رؤيته معهما ..

إنهما فى قصتى تمثلان شقيقته وإبنتها والرجل فى السيارة هو زوج الشقيقة ..

هذا ما طرأ على خاطرى حين كتابتها .. وإن كنت أظن أنه من السهل الوصول لمعرفته من قبل القارىء ..

أرجو أن تكون إجاباتى قد أفادتك .. وسعيدة جدا بمتابعتك لكتاباتى ..

لا أملك من كلمات الشكر ما يوفيك حقك .. لقد صعدت بى لأتنفس هواء الثقة من جديد .. بارك الله فيك ..

ابوفهد
21-04-2006, 05:05 PM
اهلا بوجودك ايتها العزيزة لى عودة مع نصك ثانية

نتمنى تواجدك باستمرار


تحياتى

اشرف


الغالي أشرف

لم نزل بإنتظار عودتكم كما وعدتم

الوعد دين فهل وفيت بالدين يا كاتبنا الكبير ؟ :)

دمتم بخير