المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : __ (( جحا 2006 م )) __ أجزاء متسلسلة



zadi
28-01-2006, 12:31 PM
______________________________ _



كنت في غاية الشوق للقائه ,,, فأنا أرتب لهذا الموعد منذ زمن ,,,
إنتظرته في موعد ضربه لي قبل شهر وحدد بتمكن عالي ساعة وصوله , ولم يخب ظني ,,, فهاهو يتململ على متن ( بغلته ) وعمامته تتهادى فوق رأسه يمنة ويسارا ,,,
لم استطع الإنتظار , ( قمزت ) سيارتي بنمرة ( ثقيلة ) وفي لحظات كنت أقف أمام راحلته والغبار يلفه بينما كان زجاج سيارتي يحول بيني وبين نوبة سعال رأيتها تطبق على ضيفي ,,,
نزلت من السيارة في إهتمام وأخذت يده بيدي ويدي الأخرى على كتفه وعبارات الأسف الإعتذار تتلاحق من فمي وهو لايكف عن السعال المتواصل ,,,
جحا : أهكذا تكرمون ضيفكم أيها المستقبليون ؟؟؟
أنا : أكرر شديد أسفي وإعتذاري عما لحق بك ولكن أعذرني فلا يوجد لدينا اليوم من يتنقل براحلة كما التي ( تقصف ) ظهرها أنت , وولذا لانهتم بشأن إثارة الغبار أو حتى ( رش ) ماء المطر على من يمشون على الرصيف .
عموماً سيدي الكريم , حللت أهلاً ونزلت سهلاً وهذه البلدة كلها دارك ونحن أناسك .

ذلك الضيف لم يكن سوى ( جحا ) ,,, اسطورة القرون الوسطى الهجرية , شاهد عصر هارون الرشيد , عصر الخلافة القوية والأمبراطورية التي لايغيب عنها ( السحاب ) ,,,
عند بحثي في أرشيف مكتبة ( عباسية ) قديمة وجدت كتباً مخطوطاً بيده يشرح كيفية الإتصال به وتقديم دعوة له لزيارة أي بشر كان في أي زمان ,,, وسمى ذلك الكتاب ( نوادر جحا) والبعض قرأه من قبيل النوادر التي تستنزف فراغ الوقت للبعض ,,, بينما أخذت الموضوع بجدية ,,, وهاهو الضيف بكل زخم التاريخ وشواهده يقف بين يدي يعتمر قبعته الشهيرة ذات ريشة النعام وقميصاً أحمراً فضفاضاً وسروالاً أزرقاً وحذاءاً ( طنبورياً ) كان يعتبر في عصره ماركة ( كتربلر ) تزلزل الطرقات وتهد ( حيل ) الصخور .

قدمت له قنينة ماء تأملها قليلاً ثم نظر إلي فأومأت له برأسي أن إشرب ولاتتعجب فشربها عن آخرها وأعقبها بحمد الله وشكره .

أنا : هيا ياسيد جحا , فلتركب معي سيارتي لننطلق بها .
جحا : ماذا تقول ؟ سيارتك ؟؟؟ ماذا تعني , وهل تريدني أن أركب هذه الراحلة وتقول بأنها تنطلق ؟؟؟
أنا : نعم , ستركب معي , آأأأأأأه , نسيت أنك قادم من عصر قديم , سيدي , هذه راحلتي في زمننا هذا تسمى السيارة , وهي تؤدي نفس الغرض الذي تؤديه بغلتك هذه ولكن بشكل أسرع ومرفه وآمن , ولاتحتاج إلى أن نملأها بقليل من سائل يدعى بنزين .
جحا : ومن أي الأمصار أتيت بها ؟
أنا : من مصر يدعى ( أمريكا ) .
جحا : ومن هو الخليفة الذي يحكم هذا المصر ؟
أنا : إنه رجل رومي يدعى ( حورج بوش ) .
جحا : آآآه , وهل لازال يوجد قوم روميون ؟
أنا : نعم ياسيد جحا . مثلما لازال قوم يُدعون بالعرب موجودون .
جحا : وإن أفترضنا بأنني وافقتك على المرافقة , اين ستضع راحلتي في بطن راحلتك الصغيرة هذه ؟
أنا : ياسيدي سنتركها هنا ترعى إلى أن نعود وتأخذها مرة أخرى .
جحا : وهل تضمن لي أن أجدها مرة أخرى ؟ أنت تأخذني على قدر عقلي أم ماذا ؟
أنا : ياسيدي نحن تحت ظل حكم خليفة عادل أشاع الأم والسلام والطمأنينة بين الناس ويدعى الملك عبد الله , فأتركها في حرز الله وتوكل ولاتخف .
جحا : إن كان الأمر كما تقول فلا بأس في ذلك , فقد سمعت من أحدى ( بصارات ) بغداد الرشيد بأنه وقبل آخر الزمان سيكون هناك خليفة يشيع الأمن والعدل في الجزيرة وسيكون الإسلام وأهله هو همه الأكبر وسيرتع الناس في خير كبير وإن إسم ذلك الخليفة مستمد من عزة الله , فهل هذا صحيح ؟
أنا : نعم ياسيدي صحيح , وإسم ذلك ( الخليفة 9 هو عبد العزيز إبن عبد الرحمن وهو في ذمة الله الآن وخلفائه أبناؤه لايزالون على سيرته ونهجه يسيرون .

بطبيعة الحال فتحت له باب ( الراحلة على حد قوله ـ السيارة ) لأنه وقف أمام مقدمة السيارة يريد أن يعتلي سقفها كمن يمتطي الحصان , وأدخلته إلى المقعد المجاور وأنا أحشر في ملابسه وقبعته التي إعتلت السقف من الداخل .
كانت عيناه جاحظتان تراقب حركاتي داخل السيارة وهو غير مصدق ويتمتم بآيات الرقية من السحر والجن وأنا أتبسم من داخلي حتى لاأجلب له الريبة أكثر .
وذلفنا إلى الطريق الذي أطلقت فيه العنان للسيارة لتمخر عبابه وبطرف عيني أراقب هذا ( الأنتيك ) القابع إلى جانبي وأنا غير مصدق للموقف ,,,
هل هذا هو جحا الذي أشعل الأساطير بحكاياه ونوادره ؟؟؟
هل هذا هو الرجل الذي أضفى تاريخاً يدون إلى جانب تاريخ الخلافة العباسية ؟؟؟
هل هذا هو الرجل الذي كان يجالس الخليفة العظيم هارون الرشيد ؟؟؟
هل هذا هو الرجل الذي شكل علامة بحث وإختلاف بين مؤيد لوجوده وبين معتقد بأنه أسطورة كما هو حال ( الغول والعنقاء ) ؟؟؟
وبينما كنت في خضم تساؤلاتي وأنا أتتبع حركته النصف دائرية على المقعد سمعته يتمتم بكلمات غير مفهومة ,,,
أنا : ماذا يعتريك سيدي الكريم ؟
جحا : ماشاء الله , هل قمتم بجعل الجبال والفيافي تتحرك وأنتم في مكانكم ؟
تبسمت من قوله .
أنا : لاياسيدي , بل إن ( راحلتنا ) هي التي تسير على الطريق بسرعة كبيرة فتتخيل بأن الجبال تسير ولكنها الراحلة ياسيد جحا .
جحا : آها . سبحان الله , كنت أرتحل نصف يوم لأرى طرف جبل من الناحية الأخرى وهو في مجمله لايزيد طوله عن فرسخ .
وما هذا الذي نمشي عليه وتسميه طريقاً ؟ الطرق عندنا ممهدة فقط وعلى جانبيها تقف البيوت والأسواق .
أنا : ليس هناك إختلاف كبير , كل مافي الأمر أن راحلتي وكذلك راحلات جميع الناس تحتاج إلى طريق ممهد ممدود بالـ ( قار ) .
جحا : خيراً إنشاء الله , والآن لم توضح لي إلى أين المسير ؟
أنا : أولاً ياسيدي أود أن أُشبع عيناي من رمز من رموز عصرنا الإسلامي الذهبي , وثانياً سآخذك في جولة على بعض مدننا الحديثة , وسنبدأ بمدينة كانت على أيامكم لاتعدوا عن كونها مرفأً صغيراً يستقبل بعض الحجيج وقليلاً من التجارة وهي مدينة ( جدة ) .
جحا : تقصد تلك ( الحامية ) البحرية القريبة من مكة شرفها الله , والتي تبعد عنها مسيرة يومين ؟
أنا : نعم , هي بعينها , ولكنها اليوم تكاد تلاصق مكة المكرمة عمراناً وطرقاً .
جحا : إذا , سر بنا على بركة الله ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر , سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )
وتمتم ببقية دعاء السفر ,,,
وإحترمته كثيراً على ذلك , ففي زمننا هذا نادراً مانتذكره عند ركوبنا للـ ( الراحلة ) .

____________________


وإلى الجز الثاني من هذه الصحبة , ألقاكم بخير . |237| |237| |237|

همس الشوق
28-01-2006, 12:54 PM
كاتب رائع ...

سحبتني معك من اول حرف لآخره..


أنتظر بشوق ... للبقيه ..

فأسمح لي بأن تكون لي

زاويتي هنا للمتابعه عن قرب


شكراً لك هذه المتعه ..


" فكره :256: ليه ماتخليها باص وتاخذنا معاك " :268:


رحله سعيده :129:


الهمس |548|

zadi
29-01-2006, 01:56 PM
__________________

الجزء الثاني

جحا داخل المدينة

سرنا على بركة الله , كانت مشاعري لاتوصف فرحةً بهذا الضيف , وكي أستغرق الوقت ولايشعر ضيفي بالملل ( رغم أنه يشبه طرزان عندما دخل المدينة أول مرة ) فتحت معه باب الكلام .
أنا : سيدي جحا , أُشتهرت بنوادرك الفكاهية ومقالبك المرحة وكنت حديث المجالس في عهدك , فهل لك أن تتحفني بإحدى نوادرك التي مرت بك ؟
جحا : يا أيها الأخ المستقبلي , مواقفي لم تكن مرتبة , ولم أقصد بها التفكه , بل أتت تلقائية مع من حولي , فأنا رجل من الله علي بمحبة الناس ولم يكن هذا سوى لأنني طيب القلب وأتعامل معهم بشفافية وصدق , أتذكر مرة عصفت بي أمور الحياة وأضطررت إلى السلف ولم أستطع الوفاء , فحملني الدائنون إلى صاحب الشرطة واشتكوا لديه من تأخري وعدم وفائي بالدين , فما كان منه إلا أن أمر بي أن أدور نواحي البلدة على ظهر حمار ومعي مناد يحذر الناس من تديني النقود , وفي آخر المطاف بعد إنقضاء النهار طالبني صاحب الحمار بأجرته عن الحمار وعن إرتحاله معي ومناداته طيلة اليوم , فقلت له ( يا أحمق وماذا كنا فيه من أمر طيلة هذا اليوم ) ؟؟؟
ونظر لي ليرى رد الفعل على هذه التي يعتبرها ( فكاهة ) ,,,
جحا : أرى أنها لم تعجبك بدليل أنك تتبسم مجاملةً فقط ؟؟؟
أنا : إنها ليست قديمة فحسب ياسيد جحا , ولكنها وبحسب منطوقنا في هذه الأيام ( مغبرة ) !!!
جحا : أتصدق لو قلت لك بأن أمير المؤمنين مولاي الخليفة الرشيد قد ضحك عليها حتى جثا على ركبتيه وأمر لي بسداد كافة ديني بل وأكرمني بنصف ألف ألف دينار !!!
أنا : وهل كنتم تفتقدون إلى الفكاهة إلى هذا الحد ؟ بمعنى أولم يكن غيرك صاحب فكاهة وخفة ظل ؟
جحا : لا , بل كان يوجد الكثير من أصحاب الفكاهة , خذ عندك مثلاً الطنبوري , وأشعب الفضولي , وأبا نواس الشقي , وهذا الأخير له من المواقف التي قد تعرفونها وليس لها المجال الآن للذكر . ولكنني كنت الأبرز بما منحني هو الله من فضل .
أنا : ياسيدي , نوادرك هذه ماعادت اليوم ( تُصرف ) بريال واحد , بل عندنا من النوادر والتفكه الذي أصبح شغلنا الشاغل , على العموم هاقد دخلنا إلى مدينة جدة التي أنتمي إليها ولك أن تجول بنظرك في شوارعها ومبانيها وأناسها .
جحا : حقاً , لقد أصبحت مدينة جميلة وحاضرة بهية , ولكن قل لي من هو ( واليها ) ؟ وأين يقع ديوانه ؟
أنا : إنه أمير , فقد إنقرضت كنية ( الوالي ) التي كانت على عهدكم , وهذا الأمير هو أخ الملك وإبن عبد العزيز الذي جئنا على ذكره قبلاً . وديوانه يسمى ( الأمارة ) وهو المكان الذي يجتمع فيه مع الناس يرى شؤونهم ويرعى مصالحهم ويقضي حاجاتهم .

أثناء تجوالنا وتسكعنا على بعض الطرقات , ذلفنا إلى شارع يشتهر بتجمعات الشباب ( الكلاس ) فما إن رأوا ضيفي إلا وأصبح مثار تندرهم السريع بكلمات على وزن :
ـ ممكن صورة مع الأخ ؟
ـ للبيع ؟
ـ ياخي في مكان إسمه ( متحف ) مو بعيد عن هنا , أوصفلك الطريق ؟

وبطبيعة الحال , كان ضيفي غير ملم بهذه ( اللسعات ) بل كان يضحك في وجوههم وينظر إلى أشكالهم وألبستهم بشئ من الإنبهار والإستغراب .
جحا : ماشاء الله على هؤلاء ( الغلمان ) منظرهم جميل , ولكن لما لايلبسون سراويلهم كما تُلبس السراويل في عصرنا من فوق السرة حتى عقفة الكعب ؟؟؟

قلت في نفسي , إيه ياسيد جحا , أولم يلفت إنتباهك سوى السراويل ؟ والآن كيف لي أن أوضح لهذا القادم من عمق التاريخ بأن هذه السروايل تسمى ( لوو ويست ) وأن أصول لباسها هو أن يبقى وكأنه معلق بدبوس رفيع على ( الوركين ) ولا بأس في ظهور جزء يسير أو غير يسير منهما ؟؟؟

أنا : لاعليك منهم , سأذهب بك إلى مكان تلتقي فيه العوائل للترفيه عن أبنائها وتسمى في عصرنا ( الملاهي ) حيث يلعب الأطفال وبعض الكبار .

وذلفنا إلى مكان مشهور ومعروف , وعند دخولنا شعرت بتعرق شديد من نظرات البشر التي تنظر إلينا وتتهامس فيما بينها , ثم تُطلق الضحكات , وماهي إلا لحظات من الدخول حتى جاء طفل لم يتجاوز عامه الرابع مصطحباً معه أحد الأشخاص وبيده كاميرا للتصوير الفوري , وبصورة سريعة لم أره إلا يرمي نفسه في حضن جحا ويقول للمصور ( صور ) وذلك المصور يعد ( واحد إثنان ) ثلاثة ) وينطلق ( الفلاش ) الذي إنطلق معه جحا مرعوباً ليقطع خمسة أمتار في قفزة واحدة !!!
الولد : عمو , عمو ,,, ليه ( شردت ) أبغى أتصور معاك زي ما أتصورت مع ميكي والبطة السوداء .
والد الولد ( والكلام موجه لي ) : ياخي يوم تجيب واحد عشان تصوروا معاه ( البزورة ) جيبوا واحد عدل , هيا كدا الولد ( أنفجع ) وحتى حقتكم الدمية هذي شردت ,,, هات العشر ريال حقت الصورة الخربانة دي .
بطبيعة الحال كل ذلك حدث بصورة سريعة ألجمتني عن الكلام من حالة الذهول التي وقعت بها , وأسرعت إلى جحا لأخرج به من المكان حتى لاتسوء الحال أكثر ويحدث ملا يحمد عقباه , وكان علي أن أهدئ من روع جحا وأشرح له بأن هذا الأمر عادي ويحدث دائماً لمن يلبس مثل لباسه ليأخذ الأطفال معه الصور للذكرى .
قال لي ضيفي جحا , والله لقد أرعبني هذا الضوء الصاعق وحسبته من قبيل غضب الله الذي يرسل الصواعق , هل لي ببعض ماء لأشرب .
أنا : نعم ياسيدي سنذهب لنشرب ونأكل , وإنني أدعوك على وجبة غداء ستعجبك .
جحا : وماهي ؟
أنا : إنها دجاج البيك , دجاج محمر مقمر مطهو في غلايات بالزيت .
جحا : لا , أريد أن آكل الذي أعرف .
أنا : وماهو الذي تريده ؟
جحا : الثريد باللحم مع المرق .

قلت في نفسي , وأين أجد هذا الأكل الآن ؟؟؟
إذا , هو ( المندي ) ولاغير , فيه لحم وأرز ,,, وسيعجبه بكل تأكيد .
وإنطلقنا إلى مكان معروف بحسن صنع المندي وذلفنا في ركن خال ليأكل صديقي كيفما شاء ,,, ولا أريد أن أوصف لكم كيف كان يأكل لأبقيه سر من أسرار هذه الصحبة .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

وإلى الجزء الثالث |237| |237| |237| |237| |237| |237|

المرهفة
29-01-2006, 07:18 PM
أخي الكريم زادي؛

إطلالة مميزة كعادتك

جحا ونوادر جحا التي سُردت على مسامعنا منذ كنا صغاراً :)

شكراً لك لهذه الزاوية والتي انتظر بقيتها بشغف

دعواتي؛؛

الجرح الصامت
30-01-2006, 09:04 PM
زادي

طريقة عرضك للموضوع اكثر من رائعة ومشوقة

اتمنى ان لا تتأخر علينا بالبقية

BackShadow
31-01-2006, 12:44 AM
اهلين زادي قلب الاسد


ما ادري متخيل جحا اتحادي وجالس وسط الرابطة يصيح " ياكلك " :220:


من جد استمتعت بالقصة وبانتظار التكمله |467|



مع تحياتي