المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللعب في الدماغ .. أحدث صيحات التسويق



إبراهيم المحيا
21-12-2005, 09:28 PM
"اللعب في الدماغ" اسم لمسرحية مصرية حاول مخرجها مناقشة فكرة الديكتاتورية والدعوة للتخلص من المستبدين، لكن لا أظن أنه تخيل عندما أطلق هذا الاسم أن يصل الأمر مع التقدم المذهل والسريع للتكنولوجيا إلى حد اللعب فعليا بالأدمغة! http://www.islamonline.net/Arabic/Science/2005/02/images/pic05.JPG

فمن الممكن الآن أن يعرف العلماء بماذا نفكر وبماذا نشعر، بل والأدهى أنهم يحاولون جديا التوصل لمعرفة ماذا ننوي أن نفعل ومن منا يمكن أن يصبح مجرما أو "إرهابيا" أو مرتشيا، وهذا ليس جزءا من الفيلم الهوليودي الشهير "تقارير الأقليات" الذي تنبأ بحدوث هذا فعلا، لكنها الأبحاث المهتمة بسبر أغوار المخ البشري والتي تتم الآن على قدم وساق في العديد من المراكز البحثية.

وتقوم الفكرة الرئيسية لمثل تلك الأبحاث على عرض بعض الصور أو الأفلام أمام شخص ما في نفس الوقت الذي يتم فيه مراقبة وتصوير ردود فعل المخ لهذه الصور عن طريق أجهزة طبية مثل أجهزة الرنين المغناطيسي الوظيفي FMRI التي منها يتم تحليل ردود الأفعال تلك ليبنى عليها تحليل مفصل للشخصية.

وقد ظهر نتاجا لهذه الأبحاث أسلوب جديد للتسويق يدعى Neuromarketing أو التسويق العصبي، وهو الناتج التجاري لفرع البحث الطبي الجديد المزدهر المعروف باسم Cognitive Neuroscience أو علم الأعصاب المعرفي والذي ظهر في أواخر التسعينيات وولد بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة، حيث كان البروفيسور جري زالتمان ومساعدوه يقومون بمسح وتصوير عقول بعض الأشخاص من أجل الشركات الكبرى. أما الآن فتقود هذه الأبحاث جامعة أيموري بالولايات المتحدة بالتعاون مع شركة برايت هاوس.

تتم عمليات تحليل الشخصيات باستخدام حقول مغناطيسية شديدة القوة، تقوم عبرها أجهزة الرنين المغناطيسي بتتبع الهيموجلوبين الغني بالأكسجين والهيموجلوبين الخالي من الأكسجين في المخ؛ مما يعطي الباحثين صورة تفصيلية لحظية عن اتجاه وأماكن سريان الدم وأماكن الخلايا العصبية التي تنشط خلال تلك العملية.

وخلال دراسة قام بها ريد مونتاجيو إخصائي الأعصاب بكلية بيلور للطب تمت على 67 شخصا ونشرت نتائجها في 14 أكتوبر 2004 بجريدة "جورنال نيرون"، رُصِد نشاط زائد في الـ Medial prefrontal cortex أو القشرة الوسطية لمقدمة الفص الجبهي للمخ عند رؤية الصور التي أعجبتهم، وهذه هي المنطقة المرتبطة بما نفضل بل وإحساسنا بأنفسنا؛ مما يدل على أنه ربما يكون ولاؤنا للسلع بسبب ذوق السلعة أو شكلها، حيث قام خلال التجربة بتطبيق تكنولوجيا الرنين المغناطيسي على منتجي البيبسي والكوكاكولا.

ومن خلال مراقبته لنشاط المخ مع كل منتج وجد أنه يزداد نشاط المخ في الجزء الذي يقوم بعمليات الإحساس بالطعم في حالة رؤية البيبسي، ولكنه مع منتج الكوكاكولا ازداد نشاط المخ في المستوى في القشرة الوسطية لمقدمة الفص الجبهي، وتعليقا على ذلك يقول مونتاجيو: إنه غالبا ما تفوز بيبسى في اختبارات الطعم ولكن كوكاكولا تحقق مبيعات أكثر لأن العقل الباطن للمستهلك يكون متأثر بصورة كوكاكولا المليئة بالحياة، ولكن لم يهتم أحد بقياس تلك العلاقة العصبية.

التسويق العصبي.. نعم أم لا

ويرى جراي راسكين المدير التنفيذي لمؤسسة كومرشيال ألرت -وهي مؤسسة تحارب تحويل المجتمع الأمريكي إلى مجتمع تجارى استهلاكي، وتشن حملة ضد التسويق العصبي تحديدا، حتى إنهم بعثوا بخطاب إلى المركز الأمريكي للحماية من التجارب التي تجرى على الإنسان، يطالبون فيه بالتحقيق في آليات البحث بجامعة أيموري، وهل تخالف المعايير الفيدرالية للأبحاث على الإنسان، وذلك في أوائل ديسمبر 2003- أنه من الخطأ استعمال تكنولوجيات الرنين المغناطيسي في التسويق وليس للعلاج، خاصة أن أي زيادة ولو طفيفة في فاعلية الإعلان على البشر من الممكن أن تسبب أمراضا كثيرة بل قد تؤدي إلى الموت وزيادة معاناة البشرية، حيث ستكون وسيلة سهلة لدفع الناس لشراء منتجات غير صحية قد تنتج عنها زيادة كبيرة بالوزن، أو زيادة شرب الخمور، وأنه لا يريد أن يكون الأطفال فريسة سهلة للإعلانات.

وعلى الجهة الأخرى يقول جاستين ميو مدير الأبحاث بأحد أقسام مؤسسة برايت هاوس: إن التسويق العصبي يساعد على تلبية الحاجات الحقيقية للمستهلك، وإنه أفضل من أساليب التسويق المعتادة؛ حيث إن الكثير مما يحفز سلوكنا يحدث تحت مستوى الإدراك. ويضيف أنهم يعطون المنتجين البصيرة لمعرفة كيفية تطوير علاقة منتجاتهم بمشتريها، فالعقل ليس بهذه البساطة، والتسويق العصبي لن يغير الوضع لتجد المستهلكين يركضون مثل الإنسان الآلي لشراء المنتجات المعلن عنها بغض النظر عما يشعرون ويعتقدون.

ومن مؤيدي هذا الفكر كاولين كميرير أستاذ اقتصاد الأعمال في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. حيث يؤكد أنه حتى بعد استخدام التسويق العصبي سوف يظل فهم سلوك المستهلك صعب التنبؤ به، فهو كالطفل المدلل الذي يصعب إرضاءه. ويعرف التسويق العصبي بأنه نوع من اختبار المستهلكين فبدلا من مجرد سؤال الأشخاص عما يريدون فهو يذهب مباشرة إلى العملية المخية لفهم رغباتهم.

وتعليقا على الجانب الأخلاقي للتسويق العصبي يقول جوناثان مورينو رئيس الجمعية الأمريكية للأخلاقيات الطبية والإنسانية : إن هذا نوع من تشويه علاقة السوق، فمن المفترض أن تكون هناك مستويات ومجالات للمداولة بين البائع والمشتري ولكن مع أسلوب التسويق العصبي لا يدع فرصة للمستهلك لخلق حاجز معلوماتي بينه وبين التجار.

أما ريتشارد جليه بوار المستشار القانوني لمراكز أخلاقيات الحرية المعرفية بدافيس، كاليفورنيا فيقول: "إن التسويقيين حاولوا إثارة العقل الباطن بمنتجاتهم طوال هذا العقد، أما التسويق العصبي فيبدو أنه اقترب جدا من استخدام التكنولوجيا لقهر المستهلكين".

عمليات تجميل .. للمخ

لكن مارثا فرح مديرة مركز العلوم العصبية بجامعة بنسلفانيا تؤكد أنهم لو استطاعوا أن يغوصوا عميقا في العقل البشري فسوف يمكنهم الحكم على الأشخاص الذين من الممكن أن تكون لديهم ميول إرهابية أو شاذة، ليس من خلال أفعالهم فقط ولكن أيضا من خلال أفكارهم وتوقعاتهم، لكن العائق الأساسي الذي يقف أمام علماء الأعصاب أنه لا أحد يعرف حتى الآن بدقة كيف يعمل المخ، فوسائل التشخيص الجديدة ساعدتهم على معرفة أي جزء من المخ يستجيب لمختلف المحفزات، لكن ما زال السبب وكيفية حدوث هذا التحفيز غامضة.

وتضيف مارثا أن تغير وظائف المخ في الإنسان الطبيعي بهدف تحسين وظائفه النفسية شيء مجد بشكل كبير لذا يمارس على نطاق واسع من خلال الأطباء النفسيين، والآن هناك فكر متنام يشجع فكرة القيام بعمليات للمخ مماثلة لعمليات التجميل التي تجرى للأنف، إلا أننا نعرف عن أنوفنا أكثر مما نعرفه عن عقولنا بكثير، وتلك التحسينات العقلية تتخللها تدخلات في نظام معقد غير مفهوم مما يجعل هناك احتمالا كبيرا لحدوث مشاكل غير متوقعة، وبدلا من جعل عقولنا أكثر ذكاء سندمرها تماما.

ولكن ما يقلق هو أن يغوص العلماء داخل عقولنا بغير أن نعلم ما الذي يبحثون عنه، فمن الممكن أن يكون السبب الظاهري هو معرفة ردود أفعالنا تجاه أشياء معينة، في حين أن ردود الأفعال تلك تعكس جوانب أخرى من شخصية من يقوم عليه البحث بشكل كبير، فإلى أين يأخذنا التطور المذهل في هذا المجال؟ وهل سيؤدي إلى أن تسيطر على عقولنا الشركات الكبرى وتسوقنا لشراء منتجاتها على غير إرادتنا؟ هل ستباع عقولنا لمن يملك فكرا معينا ويستطيع دفع الثمن؟ هل سيبدأ عصر يدان فيه الناس لا على جرائمهم بل على استعدادهم للقيام بالجرائم؟.. ستبدي لنا الأيام ما نجهله.


منقوووول

النسر الابيض
22-12-2005, 05:20 PM
مشكور اخي الوطواط معلومات مفيدة







تحياتي

إبراهيم المحيا
22-12-2005, 10:26 PM
شكرا اخي النسر على مرورك

غرشوبة بوظبي
14-01-2006, 04:17 PM
تسلم اخوي الوطواط على المعلومات ...

عسا ربي مايحرمني من قراءة مواضيعك...

إبراهيم المحيا
14-01-2006, 04:31 PM
مشكورة اختي غرشوبة
على مرورك

الله لايحرمني من قرائتك لمواضيعي

تحياتي


|85|