المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " ومن وجعٍ يُحلقون "



رغــد
27-11-2005, 04:42 AM
.
.

قرأتها .. وبقيت كالوشم في خدّ الذاكرة .
للكاتبة / " قصة منسية " .


( مازلتِ في أشهركِ الأولى من الحمل , سأدون لكِ بعض النصائح والمعلومات المهمّة كـِ تستطيعين التخلص من إرهاق "الوَحَم " وكـِ يخرج صغيركِ بإذن الله سليماً معافى .. و خذي حذرك أبتعدي عن كل مسببات الإزعاج والإرهاق , وحاولي أن تكوني بنفسية طيبة تساعدك على تخطي الألم ..)

مضت ستة أيام وليال وأنا أحاول كبت فرحتي المنتظرة , أربع سنين بعد الزواج و عمر العلاج و أخيراً أثمرت عن صغير مرتقب ,
سأفقأ بهذا الخبر عين الكره المطلّ من داخل أم زوجي وتعيبيها إيّاي كـ زوجة بور كما تصدح سرّاً وجهارا , المرأة التي لم تفتأ عن نزغ قلب زوجي عني !

يا ترى ألهذا ستبتهج يا محمد ؟ ..
حلمنا الذي خططنا سوياً لـِ جلبه لـِ دنيا من دوائر لا تنتهي , بدءاً من ولادتي القيصرية لـِ فشلك في دراستك ..لـِ أمك القاسية لـِ يتمي لـِ غربتي عن أهلي .. لــِ طفلٍ لم يكد يبين !

حينما تأتي سأنمق الأزهار جيداً .. سأشعلها كـ الأنوار .. تنحني بـِ رأسها كلّما تقترب , تنثر عبقك عليها وتتجلى في رقصة مع نسمات هواء التكييف ..

سأجهز مفرش طاولة جديد , باللون الذي تحبه وترضاه , سأرضخ رغم عنادي لـِ موسيقاك المفضلة .. سأتركها تتولى مهمة استقبالك , لحظتها سأكون مشغولة بارتداء فستانٍ ضيق يظهر الانتفاخ البسيط أسفل بطني .

في السابق لم تكن لـِ تظهر مدى تعلقك بـِ الأطفال , كنت تلقبهم دائماً بـِ "الشياطين " , لا يثيرك مبسمهم ولا تعلقهم بـِ طرف ثوبك أو حتى مناشدتهم إياك الكف عن شغبك معهم !
رسمتني دهشة وأنا أرى كيف تغير وضعك , بتّ لا تطيق أن تفارق طفلك الذي يقطنني !
تشاغبه حين يبدأ الرفس وتهدهد له بـِ صوتٍ عذب , أردت أن يدرك صوتك حنوناً ! ..
أن يقتفي أثر من خرج من صُلبه وأنت تمارس سطوة الأب عليه منذ لحظة تكون أطرافه .

رفضت الطبيبة في المستشفى التابع لـِ عمل زوجي أن تفصح عن جنس الجنين , وعندما علمت بأنه سيقف بـِ مرتبة البكر , ازداد رفضها وغضبي وغضب محمد ..
كان يخاطبها باندفاع قلّ ما يرتسم عَ محياه , بقيت صامتة أراقب تبادلهم الكلمات ..
صغيري .. حلق معي وأنظر كيف يثور أباك لأجلك , أتراه وسيماً كما أراه ؟ أتلمح الشامة التي تتوسط خده الأيسر ..
هل ستحمل نفس شامته أم ستتخلى عن إرثها ؟ أي منّا سيطبع وجهك ملامحه ؟ لون شعرك وعيناك وأطرافك, لون بشرتك وطولك ؟ ...
ستنطق ماما أولاً أم بابا .. يخبرنني الجارات أن الأطفال عادةً ينطقون الحاجة لـِ أبيهم قبل أن يتعلموا الفطام !.


يا لله ..
في داخلي تسكنني حياة كاملة وأجهل حتى فصيلة دمك !
أحبك يا صغيري قبل أن تتكون كـ نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم خلقك الربُّ عظاماً ثم كسا عظامك لحما ثم سواك خلقاً آخر , أربعين يوماً تكورت في أحشائي وحضر الملك ..كَتَبَ لك في لوحك المحفوظ من الأقدار أربعة رزقك وأجلك وسعيد أم شقي ..

وانقضى من العهد ستة أشهر وتبقى أمامنا ثلاثة أشهر ..
أغبطني كثيراً وأنت تتنفس هوائي , وتقتات من دمي ..
صغيري , فرصتي في تملكك قليلة مقارنة بما أرتجيه لك من عمرٍ مديد , خلال التسعة أشهر ستكون لـِ وحدي , ترافقني أكثر من ظلّي , تسكنني حيثُ أريد , لا تتأفف من سهري أو كثرة نومي , لا ترفض أي نوع من طعام , و سأجعلك تشتم العطر الذي يسحرني ...


بالأمس أحضر أباك لك مرقدك الجديد , وبدأت معه في خِناق طويل وأكاد أراك مندهشاً من أول لحظة تصادم تحضر نهضتها , أباك يريدك أن تسكن وحدك في غرفة مجاورة وأنا أرفض أن تفارق مدّ بصري !
توصلنا لـِ حل مشترك , سـ نؤجل ساعة انتقالك حتى بلوغك الثالثة !.


ابتعت لك دمية كبيرة وقصص كثيرة ,
لـِ أكن أنانية في تفكيري معك و أحلم .. أريدك أن تصبح طياراً ..!
وأناديك بزهو ..يا كابتن !
أريد أن أصعد طائرتك وأنا في رحلة علاج .. ذهاب وتقود طائرة العودة لـِ نعشي
أن يكون أول من يشرح لـِ كيف تعمل الطائرات ويأخذني لـِ كابينة القيادة , أنت ! ...
أعلمتَ يا صغيري ,
بأن الأمر يختلف تماماً وأنت تتكور في حضن الدنيا الأم ؟ .


استيقظ بجسد متهالك يصرخ ألماً وأنا مستلقية على ظهري الموجوع , و في ثانية ألغيت فكرة أن أغير من وضعية استلقائي , هكذا سيرتاح صغيري أكثر ...
لم أدرك بعد بأن جسدي فارغ !
لم يعد ثقيلاً كـ السابق ,
عين محمد المحاطة بهالة من الحزن والدموع المكبوتة تنبئني بـِ هذا ..
أنفاس الممرضات في أرجاء المكان ..
بوجل مددت يداي أتحسس أسفل بطني لأجده قد عاد لـِ ملته الأولى !
لا أقوى على الأسئلة أو الاستنكار .. أو حتى البكاء ,
يفيض رحمي بـِ روح صغيري لـِ السماء !

http://imagedata.zefaimages.com/preview/zefa-10111000698.jpg

إشراقة أمل
27-11-2005, 05:23 AM
وتشرق أمـيرة الـحرف من جديد

حفظتها في مكان آمـن..
لأقرأها في جو بعيد عن أجواء الامتحانات..
http://smilies.sofrayt.com/^/aiw/smile.gif
دمتِ بكل خير وطاعة

رحاب
27-11-2005, 12:10 PM
قرأتها هناك وبكيت كثيرا في ذلك اليوم ....
تحسست بطني حين وصلت للمقطع الأخير وشاركت الأم عزائها في وليدها
تصدقين:
تذكرت أنسانة عزيزة علي 10 سنوات تنتظر الحلم وحين قارب على الأكتمال لم تجد سوى الفراغ مرة أخرى يملئ رحمها!
صبر الله قلوبهم وعوضهم خير

لا أعلم هل يليق أن أكتب عن حزن غيري أنه جميل جدا وأن الحزن يصنع حروف تلتصق بالذاكرة ويصعب نسيانها ويصيبنا بقشعريرة تمنحنا حزن آخر نحن لسنا بحاجة له!
لكن جميل جدا هو حرف قصة منسية

والأجمل هو أختيارك يارغدي...
صدقاً...
أشتقت لكل ماتضعيه لنا من جمال...
لاتغيبي ياعسل(هذا أمر مو رجاء:129: )

دمتِ أختي الحبيبة|238|

رغــد
29-11-2005, 09:20 AM
وتشرق أمـيرة الـحرف من جديد

حفظتها في مكان آمـن..
لأقرأها في جو بعيد عن أجواء الامتحانات..
http://smilies.sofrayt.com/^/aiw/smile.gif
دمتِ بكل خير وطاعة

.
.

مرحبا إشراقتي ... :267:
لاتنسي قراءتها .. القصة أكثر من رائعة ..
وقلم الكاتبةجميل دائماً :)
الله يوفقك باختباراتك..
شدي حيلك .

.
.

دمتِ قريبة.. وحبيبة. :230: