المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مــا وراء العقــل ................ (( 1- الحتمية ...... و الاحتماليـة .. !! ))



سلطوية قلم
10-11-2005, 04:03 PM
مـــا وراء العقــل .....


1- الحتمية ....... و الاحتماليــة






الشيء الذي يحدث باسلوب و في توقيت معين لا بد له أن يحدث بذلك الاسلوب و بذلك التوقيت .. كل مخلوقات الله ليست لها القدرة على التدخل في حتمية هذا الحدوث .. فالاحتمالية مجال كاذب و لا وجود له في أرشيف أفعال البشرية منذ الأزل ..




الإرادة البشرية ... قناع يبرر الحتمية ... و انعدامها لا يعني انعدام الحتمية ... فحتى هذا الانعدام محتوم الحدوث تماما كما كان وجودها محتوم لذا بعض الآخرين .. إن ما يحاول الإنسان الوصول إليه هو شرعية الحياة لكائن الاحتمالية الوهمي ... و الإرادة البشرية كانت أبسط الطرق التي سلكها رغبة في إيجاد شيء من فراغ ... كل هذه كانت ألاعيب مفبكرة ليقتنع العقل البشري بأن الاحتمال وارد بجانب هيمنة الحتمية على كل الوجوديات ...




إذاً .. ما هي الإرادة ... ومن أين استنتج الإنسان وجودها ... و إن كانت موجودة ... فما حتمية وجودها باعتبار أن كل وجود حتمي ... ؟!




ربما كانت مجرد مقياس لمدى إنسجام النفس مع الحتمية الوجودية ... و انسياقها مسبقاً مع التيار التي ستقود إليه هذه الحتمية لاحقاً .. كل القياسات الكونية ليس لها وجود ملموس أو متفرد بلا مــُقاس بهذه القياسات .... فهل سبق أن رأى أحدكم سنتيمتراً أو درجة مئوية .. ؟!!!




هذا يعني أن الإرادة باطنة للبشر ... والحاجة اليقينية هي ما يصنعها و يغلفها هي بنا ... لكنها _ في كونها متحكماً داخلياً _ تخلق اضطراب في هيئة حتمية الأمور المـُـتناولة .. ليبرز التبرير بأن قوتها هي ما صنعت حتمية الحدث ... في حين أن حتمية الحدث أوجدت نفسها بلا أي تدخل من هذه الإرادة الزائفة ... !!




فما العائد علينا من استمداد طاقاتنا من إرادة مشكوك في مدى صلاحياتها ... ؟!




..




(( الوجود ... خارطة لم تتغير منذ البدء ... وكل التضاريس التي وُجدت لاحقاً بكل حتميتها لم تغير من قراءة الخريطة شيئاً .... بل غيرت في القارئ ... القارئ وحده ... !! ))

Veteran
10-11-2005, 05:04 PM
السلام عليك أخي الكريم سلطوية قلم..


لا شك أن هناك في هذا الكون أمورا حتمية الحدوث ليس لكل مخلوقات الله القدرة على التدخل في حتمية حدوثها, مثل طلوع الشمس من المشرق, فهذا الأمر "يحدث بأسلوب وفي توقيت معين,لا بد له أن يحدث بذلك الأسلوب وبذلك التوقيت".


ولكن حتمية الحدوث هذه لا تنفي وجود الإرادة البشرية وحقيقتها وتأثيرها, قال تعالى:"لمن شاء منكم أن يستقيم", فأثبت أن للعبد مشيئة من خلالها يستطيع أن يختار طريق الاستقامة. أما تكملة الآية:"وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين", فلا يعارض وجود هذه المشيئة/الإرادة للعبد, بل يبين أنه لن يحدث في هذا الكون إلا ما يشاؤه الله, وليس فيه أن ما يحدث من الإنسان من أفعال لم يكن لإراداته دخل فيه.


نعم, كل ما يحدث في هذا الكون مكتوب في اللوح المحفوظ, ولن يحدث في هذا الكون شيء خارج عما هو مكتوب في اللوح المحفوظ قيد أنملة. ومن هذه الجهة يصح أن يقال: أن كل ما يحدث هو حتمي الحدوث. ولكن الذي كتب في اللوح المحفوظ بالنسبة لأفعال العباد إنما هو بيان لما سيفعلونه بناء على إرادتهم ومشيئتهم لا أكثر, وليس معناه أنهم قد أجبروا عليه, أو أنه كان حتمي الحدوث بالنسبة لهم؛ بمعنى: انتفاء وجود الإرادة حال فعلهم.


ومن أظهر أدلة وجود هذه الإرادة للعبد هو نظام الثواب والعقاب في الإسلام؛ فمن المعلوم أن من أسماء الله العدل, ومن صفاته سبحانه العدل المطلق, ومن الظلم المطلق – الذي ينزه الله عنه- أن يثاب الإنسان أو يعاقب بناء على فعل منه لم يكن له إرادة فيه, أوكان حتمي الحدوث بالنسبة له, وأقصد بالحتمية هنا: الإجبار, وانتفاء وجود الإرادة حال الفعل.


على كل حال, تعليقي هذا إنما هو بناء على ما فهمته من موضوعك, وقد يكون فهمي خطأ, مما يجعل التعليق لا علاقة له بما قصدتَه؛ فالرجاء التوضيح.

شكرا, والسلام عليك.

سلطوية قلم
10-11-2005, 11:47 PM
أخي الكريم ........


لستُ أتحدث هنا عن قوانين تحكم الجوامد ... كالشمس و شروقها من الشرق ... فالثوابت الكونية لا إرادة دايتة تحكمها ........ بل هي كاملة التسيير وفاقدة لكل التحكم ....

هنا اتحدث عن الإرادة ..... عند الكائن الدي يمتلك كل متطلبات التحكم ... ولكنه مقيد بحتميته التي سبقت وجوده ... فبات كل ما يصدر عنه ليس سوى تأكيد للحتمية ... ولم تشكل تلك الإرادة سوى قناعة داخلية قادته لمطاف محتوم عليه أن يـُـقاد إليه ... !!

تلك الإرادة .... ما يحررها من ما يكبلها ..... و أقصد بما يكبلها ... هو المصداقية المطعون فيها بوجود خيط سير مسبق بين عشرات المسالك التي وجدت فرضاً ليكون اختيار المرء هو مقياس قدرته على الاختيار ... ولكن إن كان الخيار وُجد قبل المخير ... فما مدى منطقية المقياس .... ؟!

..

أخي الكريم ... يسعدني وجودك ...

بانتظار زيارات ... و أفكار أخرى ...


تحياتي .


.
.
.
.
.


(( تم استعمال حرف الدال في هدا الرد عوضاً عن شقيقه الدي لا يعمل في لوحة المفاتيح التي أمامي .... !! ))

Veteran
11-11-2005, 12:40 AM
السلام عليك أخي الكريم سلطوية قلم..


"هنا اتحدث عن الإرادة ..... عندالكائن الدي يمتلك كل متطلبات التحكم ... ولكنه مقيد بحتميته التي سبقت وجوده ...فبات كل ما يصدر عنه ليس سوى تأكيد للحتمية ... ولم تشكل تلك الإرادة سوى قناعةداخلية قادته لمطاف محتوم عليه أن يـُـقاد إليه ... !!"


سبق أن ذكرتُ أن هذه الحتمية التي سبقت وجوده هي صحيحة من جهة أنه لن يكون إلا ما كتب مسبقا وعلمه الله سبحانه, وهنا يصح قولك:" ...فبات كل ما يصدر عنه ليس سوى تأكيد للحتمية", ولكن ليس في هذه الكتابة (الحتمية) تقييد أو تكبيل لإرادته, بل هي – أعني: الكتابة- تدوين لخياراته التي علم الله أنه سيختارها بناء على الإرادة التي أعطاه إياها, وسيحاسبه عليها. فهو لا يقاد لمطاف محتوم عليه أن يقاد إليه لفقده للإرادة, بل لأن هذا ما كتب بناء على علم الله المسبق بالمطاف المحتوم الذي سيقوده الإنسان بنفسه, بناء على خياراته المبنية على إرادة حرة منه.


"ولكن إن كان الخيار وُجد قبل المخير ... فما مدى منطقية المقياس .... ؟!"


هنا الإشكالية أخي الكريم, الخيار لم يوجد قبل المخير, وإنما كان معلوما لله فقط, وفرق بين الأمرين؛ فلا تأثير لهذا العلم على حرية الخيار المبني أصلا على حرية الإرادة الممنوحة.


أتمنى أن تكون فكرتي وصلت, وفي تعليقي الأول مزيد تقرير لهذه النقطة.


شكرا لمتابعتك أخي الكريم, وسعيد بالحوار معك.

والسلام عليك.

EDrara
11-11-2005, 06:48 AM
اخوايا سلطوية وفيترن

والله كلام كبير جداً للإسف لن يجد التفاعل معه كما ينبغي وتفهمون ما أقصد

أخي فيترن
كلامك واضح وهدف صحيح 100%

أخي سلطوية
أولاً هل أنت مقتنع بما تقول وما هي درجة هذا الاقتناع؟
ثانياً مجمل حديثك عن هل الحتمية التي كتبت منذ الأزل هي إجبار وليس الارادة المطلقة للبشر
وكما أورد لك الأخ فيترن بأن المشيئة لله حُددت منذ الأزل وليس معنى ذلك أنه إجبار بل هي من علم الله المستقبلي لما سيكون
ثالثاً لو كان ما تقول هو حتمية ليس لنا فيها إرادة فأسمع هذا الحديث القدسي وأحكم أنت بنفسك:
عن عبدالرحمن بن قتادة السلمي أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله عز وجل خلق آدم ، ثم أخذ الخلق من ظهره ، وقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي. قال: فقال قائل: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر
أخرجه أحمد بإسناد جيد وبنحوه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وإبن حبان في صحيحه
وتعلم جيداً أن الله جل وعلا قد أعلم رسوله الكريم ما هو كائن يوم القيامة وكيفية الحساب وكيفية العقاب وآراه في رحلة الإسراء والمعراج أصناف العقوبات على العباد ولكنه لم يقول له من في النار ومن في الجنة من كل البشر ولكن من اصحابه فقط وبعض من شاء جل وعلا

من ذلك نعرف أن الله كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة
ومنه نعرف أن هناك حتمية هي الجنة والنار ومن يرغب في الأولى فله بالعمل في الدنيا بعملها والعكس صحيح
ولكن لو عمل الانسان بعمل الجنة ومات ميتة يدخل بها النار فهل الله يكون ظالماً
حاشا وكلا للعدل القيوم أن يكون كذلك ولكن كيف نفسر ذلك؟
إقرأ هذا الحديث:
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة: لو ان لك ما في الأرض من شئ أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم، أن لا تشرك بي شيئاً ، فأبيت إلا أن تشرك بي.
أخرجه البخاري وأحمد
ويقول تعالى في كتابه الكريم: لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ 18 سورة الرعد
وهنا من علم الله وليس من الحتميات فأسمع ما يقول تعالى:
بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ 28 سورة الأنعام
فهل أدركت الآن؟

آمل ذلك
موضوع 10 نجوم

Nooosa
11-11-2005, 11:46 PM
الإرادة البشرية ... قناع يبرر الحتمية ... ( http://www.dorarr.ws/forum/images/icons/icon14.gif )

و انعدامها لا يعني انعدام الحتمية ...( http://www.dorarr.ws/forum/images/icons/icon14.gif )
فحتى هذا الانعدام محتوم الحدوث تماما كما كان وجودها محتوم لدى بعض الآخرين ..

** أنت تُريد وأنا أريد .. والله يفعل ما يُريد **
** أنا لي مشيئة .. لكنها تابعة لمشيئة الله تعالى **
** أنا مهما أردت لن يكون .. حتى أفعل !!**
.
.

زائفة / مشكوك في مدى صلاحيتها !!!

لا أظن !
لأنها طاقة ( داخلية / خارجية / كونية )..
وهي التي نصنع بها حياتنا ( مقترنةً بالعمل )
** إرادة قوية ( صحيحة ) = نهضة قوية ( صناعة حياة صالحة )
** إرادة ضعيفة / لا إرادة = لا حياة
** إرادة قوية ( اعتقادات خاطئة ) = نهضة قوية ( صناعة حياة فاسدة / خاطئة )
.
.
هنا اتحدث عن الإرادة ..... عند الكائن الدي يمتلك كل متطلبات التحكم ... ولكنه مقيد بحتميته التي سبقت وجوده ... فبات كل ما يصدر عنه ليس سوى تأكيد للحتمية ... ولم تشكل تلك الإرادة سوى قناعة داخلية قادته لمطاف محتوم عليه أن يـُـقاد إليه ... !!

..( وهَديناه النجدين )..!!
.
.

سأتابع ( متشوقة ) واعذروا لي ( قصر ) فهمي
أو التوضيح !
.

أستاذي الفاضل ..
أضأت الإستراحة بحضورك
.. وأضأت أفكارنـا:)

سلطوية قلم
12-11-2005, 09:15 PM
الفاضلان ... EDrara ..... Veteran ...


لم أكتب ما كتبت مشككاً في صحة ما ورد بالكتب السماوية ..... العقل البشري مهما ارتقى لدرجات الفكر فلن يصل لدرجة تسمح له أن يطعن في كمال محتويات تلك الكتب المقدسة ...


ولكن ما كتب هنا ... كتب ليتم النقاش حوله بعيداً عن الفكر السماوي ... النقاش من منظور الفكر البشري ... بعيداً عن الكمال الذي نزل مع الرسالات السماوية ... الفكر البشري يبقى ناقصاً مهما كان يسعى للكمال .... هنا , حاولت أن أرصد بعض الحلقات المفقودة في الذات .... وتتبعها لأرى إلى أين يمكن أن تقود ... ولكن يبدو لي أن ما طرحت لم يكن بالوضوح الكافي ليصل إليكم كما أردته أن يصل ... و الذنب ليس ذنبكم فالابهام كنت أنا مصدره ...

عموماً ... أتمنى أن يكون هذا الرد قد بين ولو قليلاً غايتي من هذا المقال ... ومدى قناعتي بم كتبت ( وهذا كان سؤال الفاضل EDrara ) ..

أشكر لكما عقلانيتكما ... ورقي حواركم و نقاشكم ..

ولازلت انتظر زيارات أخرى .... من منظور آخر ... !!


تحياتي

سلطوية قلم
12-11-2005, 09:19 PM
الكريمة ...... Nooosa ...



أسعدني جداً وجودك هنا ...

وحتى تفكيرك بصوت منخفض قليلا ... كان شيقاً ... !!

..

شكراً لمتابعتك ..

بانتظارك دوماً ....



تحياتي

النسر الابيض
12-11-2005, 11:06 PM
هنا اتحدث عن الإرادة ..... عند الكائن الدي يمتلك كل متطلبات التحكم ... ولكنه مقيد بحتميته التي سبقت وجوده ... فبات كل ما يصدر عنه ليس سوى تأكيد للحتمية ... ولم تشكل تلك الإرادة سوى قناعة داخلية قادته لمطاف محتوم عليه أن يـُـقاد إليه ... !!

تلك الإرادة .... ما يحررها من ما يكبلها ..... و أقصد بما يكبلها ... هو المصداقية المطعون فيها بوجود خيط سير مسبق بين عشرات المسالك التي وجدت فرضاً ليكون اختيار المرء هو مقياس قدرته على الاختيار ... ولكن إن كان الخيار وُجد قبل المخير ... فما مدى منطقية المقياس .... ؟!

..



اخي سلطوية قلم



الكلام في هذا الموضوع



حيدخلنا في اشياء ماهي كويسة جدا



اذا كان النقاش



بعيد عن الفكرالسماوي





انتظر ردك



تحياتي

EDrara
12-11-2005, 11:23 PM
اصلحك الله أخي سلطوية القلم

وكيف تجرد العقل البشري من حتمية الفكر السماوي وهو أصلاً من مسبب وجود الفكر البشري المحدود؟

أخي الفكر البشري محدود وليس مفتوح وحتمية مقدار تفكره في هذا الكون لن يتعداه بل محجم بهذا الكون وما يتسع له
إليك هذا الحديث لتتبين أن الفكر البشري ما هو بمستطيع الخروج عن الفكر المحدود والحتمي:
عن أنس بن مالك عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قال: قال الله عز وجل : إن أمتك لايزالون يقولون : ما كذا؟ ما كذا؟ حتى يقولوا : هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟.
أخرجه مسلم وأحمد وأبوعوانة
ومن هذا الحديث الكريم نستدل على أن التفكير الفلسفي في الحتميات والاحتمالية يصل بنا إلى طريق مسدود
مثل ذلك البيضة والدجاجة وأيهم خلق أولاً (ولو أن لي رأي متواضع وبسيط في ذلك نستدل عليه من القرآن والسنة) فلو تتبعنا ما يقوله العلماء والمفكرين في ذلك لن نصل لنتيجة حاسمة والسب أنها فلسفة في الغيب اللامنظور والغير معلوم لدينا إلا ما جاءنا به من القرآن والسنة المطهرة
سأعود غداً إن أحياني الله

Veteran
13-11-2005, 01:54 AM
السلام عليك أخي الكريم سلطوية قلم..


"لم أكتب ما كتبت مشككاً في صحةما ورد بالكتب السماوية ....."


ولم أظن ذلك مطلقا.


"ولكن ما كتب هنا ... كتب ليتمالنقاش حوله بعيداً عن الفكر السماوي ... النقاش من منظور الفكر البشري ... بعيداًعن الكمال الذي نزل مع الرسالات السماوية ... الفكر البشري يبقى ناقصاً مهما كان يسعى للكمال .... هنا , حاولت أن أرصد بعضالحلقات المفقودة في الذات .... وتتبعها لأرى إلى أين يمكن أن تقود ..."


لو بقينا مع الفكر البشري وتجاهلنا "السماوي" فلن نتمكن من الوصول إلى أجوبة مقنعة حول المسألة التي طرحتها؛ وذلك أن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان وخلق معه عقله, جعل لهذا العقل مساحة واسعة للتدبر والتأمل في هذا الكون, وجعل له مقدرة كبيرة على طرح الأسئلة, ولكن بعض هذه الأسئلة تبقى مستعصية على هذا العقل لكي يدرك لها إجابات شافية, مما قد يدخله في دوامة من الشقاء النفسي لعدم مقدرته على فك رموز "بعض الحلقات المفقودة في الذات". وهنا اقتضت رحمة الله وحكمته أن يبعث الرسل – عليهم الصلاة والسلام – وينزل الكتب, وأن يكون فيها جوابا على تلك الأسئلة التي حيرت العقل البشري, وإراحة للإنسان من كد عقله المحدود في محاولة البحث عن إجابات يعلم الله أنه لن يصل إليها بنفسه.


أخي الكريم, ما دمنا متفقين على كمال الرسالات السماوية, ومتفقين أيضا على نقص العقل البشري, ومسألة "الإرادة البشرية" قد تكلم عنها القرآن؛ فلماذا لا نختصر الطريق ونأخذ الإجابة من "الكامل", وقد كفانا الإجابة عنها, ونجعل مهمة "الناقص" هي فهم ذلك "الكامل" والاسترشاد به في مثل هذه الأمور؟ هل سيصل "الناقص" إلى إجابة أصوب أو أكثر إقناعا؟ فإن كان الجواب بالنفي, فشغل العقل بالإجابة عن أمور قد أجيب عنها سلفا بالجواب الذي نجزم أنه الصواب لا أراه مبررا في نظري.


على أن كل ما سبق إنما هو على افتراض أن كلامك ليس فيه أي إشارة ل"الفكر السماوي", مع أني أرى سؤالك:"ولكن إن كان الخيار وُجد قبل المخير ... فما مدى منطقية المقياس ....؟!" صادرا عن فهم لم أره موفقا ل"الفكر السماوي", مما اقتضى توضيح حقيقة "الفكر السماوي" حول هذه القضية, وبذلك يكون تفضيلي جعل النقاش من منظور "الفكر السماوي" خيارا أكثر منطقية – في نظري- من جعله من منظور الفكر البشري.


على كل حال, كل تفاعل مع الموضوع من المنظور الذي رآه أنسب, ولا أرى في ذلك بأسا, بل فيه إثراء للموضوع, وتبادل للأفكار, وتوسيع للمدارك والرؤى, وأظن أن هذا هو المقصود من طرح مثل هذه المواضيع والمشاركة فيها.


"أشكر لكما عقلانيتكما ... ورقيحواركم و نقاشكم .."


ولك جزيل الشكر أخي الكريم؛ لنفس السبب.


والسلام عليك.

همس الشوق
13-11-2005, 02:28 AM
الغريب أن جميع الوقائع الحتميه ...

تعود لمجالها الرئيس وهو القرآن .. بشكل دقيق ..

فأنت .. تريد الحديث بعيداً عن الكونيات ..

والكونيات ماهي إلا مجال تفكير العقل البشري

الذي يحده شمالاً وجنوباً شرقاً وغربا...

عمقاً .. وسطحا ..


فلا مجال آخر للكوكب الفكري ..

ونحن أحد ذرات هذا الكون الفسيح ..


وتعود كل القوانين لقواعد محدده ..


بالتالي ... هي حلقه لايمكن فصل أجزاءاها

هكذا أراها ...


وأعذرني إن أخذتكم بعيداً .. عن الهدف

وأعتذر لأني أعلم ..

أني لم أكن هنا بحجمكم ...


.


.



المبدع سلطوية قلم ..

الأخ المفكر .. إدرارا ..

جوهرة الدرر المتزن .. فيترن

الحبيبه نوسا ...

أخي النسر الذهبي

http://www.ashog.com/images/F3.gif


شكراً لكم بحجم فكركم .. وبحجم إبداعكم


ابقوا درراً تتلألأ .. مشرقه .. تضيئ سماءنا


همس الشوق

سلطوية قلم
14-11-2005, 02:30 PM
السلام عليكم ..


الأعزاء .... Veteran ... EDrara ... Nooosa ... النسر الذهبي ... همس الشوق ... وكل المتابعين بصمت ... أو بلا صمت ....


أعود أنا بكامل اعتقادي وقناعتي واحساسي ... لاعترف أنه هنا في هذا الموضوع قد أسأت التوجيه الفكري لاعتقاداتي ... فخرجت مشوهة و غير ناضجة منطقياً ... بلا هدف مرئي سوى الخروج والتجربة ...

اعترف أيضاً أن نقاشكم كان إضاءة أنارت لي دربي ... وبينت لي بعض الظلمات التي قد اخترقت الرسالة التي أردت إيصالها لكم ... بدون مداخلاتكم ما كان لأن ينقشع الضباب الذي أخفى ما أراه الآن بوضوح شديد ...

هذا الموضوع عبارة عن حلقة في سلسلة لمواضيع مشابهة عزمت تقديمها .. بعض القراءات الفكرية التي تحمل وجهة نظر شخصية للغاية ... وجودكم هنا كان درساً تعلمت منه أن أفكر ملياً في كل حرف قبل ان اعطيه مصداقية الكتابة ...

أخيراً ... أود أن اتقدم بالشكر لكل من ساهم في اظهار ولو جزء من الحقيقة التي كنت بأشد الحاجة لأن أتوصل إليها ... ولا أتمنى سوى حضوركم الدائم للوصول لنتائج مماثلة لهذه التي أفخر بها الآن ...

شكراً ... ودمتم لي ...

.
.
.
.

(( اعترافات رجل كذبت عليه الخريطة ..... فضل طريقة بثقة عمياء مثله .... !! ))

همس الشوق
14-11-2005, 02:52 PM
وعليكم السلام ... سلطوية قلم

القلم المبدع ...


ما أطيب جوهرك وما أصدق قلمك !!!


فقمة الإبداع تواضعك وصدقك ...

دعني أرحل معك ... لمنعطف آخر ...

ما رأيك في الصراع مابين الرغبه والإراده !!!

الرغبه النفسيه وكل مايتعلق بالرغبات من مصطلحات ..

الهوى .. الطموح .. الهدف .. ومابينهم من متناثرات


الإراده وكل ماتحمله من صبغه عقلانيه متزنه

ترتبط برؤية مايفرضه المجتمع من حدود


كيف يرى سلطوية قلم هذا المزيج وذاك الصراع!!


أتمنى أن تكون فكرتي واضحه ...


دمت بود ... أيها الرجل المبدع

همس الشوق |548|

عابده لله
14-11-2005, 03:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أهلاً اخي فراس وحياك الله ..

هذا بالضبط ما راهنت نفسي عليه ..
وقد كسبت الرهان..

وهذا هو سلطوية قلم الرائع والذي لا يخيب لي ظن ابدا ..

:)


أخي الفاضل ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كُله ولا تكلني
الى نفسي طرفة عين ولا ادنى من ذلك )

فـ تمعن جيداً اخي هذا الحديث الشريف ...
وتفكَر به ملياً ...

ستجد أنك وقعت في خطئٍ كبير ...

فـ المفروض اننا خُلقنا لـ اجل المنهج الإسلامي ..
تأكيداً لقوله تعالى :

( وما خلقت الجن والإنس الإ ليعبدون )

فلا تفصل فكرك عن المنهج الإسلامي ولا يحق لك ذلك ...
فدائماً يا اخي الفاضل النفس البشرية قد تأتي بـ افكارٍ قد تؤدي
للكفر والعياذ بالله ..

فـ لربما كلمة لا يلقي لها العبد بالاً تهوي به في نار
جهنم سبعين خريفاً ..
عافانا واياك أخي الطيب منها ...

آميــــن

ومعنى ( وما خلقت الجن والإنس الإ ليعبدون ) :

أي أنك تتعبد الله في كل فعلٍ تفعله

ففي أكلك تعبده ...
وفي مشربك تعبده ...
وفي اتيانك لـ أهلك تعبده ...
وفي ذهابك لعملك تعبده..
ووووووووو الخ

ومعنى كلامي مبسط أن تأتي بالإحتمالية تأتيك الحتمية

والحتمية هي في قوله تعالى :

( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فـ سنيسره لليسرى )..

اذن نيسره لليسرى هذه هي الحتمية ..


و


( وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فـ سنيسره للعسرى )

فـ الإحتمالية هي إختيارك لاحدى الطريقين والتفكر في نتائجه ..

أي في إختيارك أنت

والحتمية في تيسيير الله لك...



أرجو ان لا يغضبك ما كتبته لك وصدقني انه نابع من صدقٍ
وقلبٍ اراد الخير لأخيه الطيب ..

واعذر جميع من رد عليك بالموضوع فهم من باب أن كل شيء
راجع لله ردوا عليك...




ولكن ما كتب هنا ... كتب ليتم النقاش حوله بعيداً عن الفكر السماوي ... النقاش من منظور الفكر البشري ... بعيداً عن الكمال الذي نزل مع الرسالات السماوية
خلاصة كلامي أن لا تفصل فكرك ابداً عن منهج الله ورسوله ...

وكما قلت لك ان الفكر البشري ناقص ونهايته تؤدي الى الضلال الهلاك..

( ولولا فضل الله عليكم ما زكى منكم من أحد)

والإنسان المتفكر أحوج ما يكون الى الله يهديه الى سواء السبيل ..

ولا تنسى أن اذكرك بـ ان تدعو بهذه الكلمات التي كان
يدعو بها رسولنا الحبيب صلوات الله عليه:


( اللهم اني أبرأ من حولي وقوتي والجأ الى حولك وقوتك )


ونهايةً لا يسعني سوى شكر الله ومن ثم شكرك فـ أنت بحق
أكثر من رائع وهذا ليس بـ مستغرب منك أو عليك..


:)

دمت بحفظ الله
وعينه ترعاك أخي الفاضل ..


.
.

عابده

EDrara
16-11-2005, 05:33 PM
بوركت وبارك الله فيك هذا ما ينبغى أن نكون عليه عند وقوعنا فيما نعتقد أننا أخطائنا فيه

زاد الركب
16-11-2005, 09:41 PM
طرح قيم وجميل أخي سلطوية ..

ولقد استمتعت بقراءة هذا الحوار الناضج ..
وأحببت أن أشارك فيه بشيء فلم أجد أنسب من هذا المقال بعنوان ( مسير أم مخير ) بقلم .. بسام جرار .. يقول فيه :


هي إشكال فلسفي، أمّا على المستوى الشعوري فالكل يدرك أنّه مخيّر، والنص الديني يُصرّح بذلك. ومن هنا سيبقى هذا السؤال مطروحاً في عالم الفلسفة فقط. أمّا واقع الناس فيحكمه الواقع الشعوري المنسجم مع النص الديني، المتمثل بالقرآن والسنّة.
عندما يعجز الإنسان عن تصور قضية ما، فإن العقل قادر على حل الإشكال، وتحصيل القناعات، على الرغم من تجلي عجزه عن التصور. أي أن بإمكاننا أن نتعقّل الأمور التي نعجز عن تصورها.
مثال: لدينا ورقة سمكها(0.1) مليمتر، قمنا بشقها نصفين فيكون سمك القسمين مجتمعين (0.2) مليمتر. ثم قمنا بشق ذلك قسمين أيضاً فكان سمك المجموع (0.4) مليمتر. وهكذا ... ونكرر ذلك (50) مرّة. وهنا نسأل: كم يبلغ سمك المجموع بعد التمزيق رقم (50) ؟
إذا قلنا إن سمك المجموع يساوي المسافة بين الأرض والقمر فإن الناس يعجزون عن تصور ذلك، فكيف بهم إذا قلنا لهم بل إن السمك الحقيقي هو المسافة بين الأرض والقمر مكررة (317) مرّة؟! نعم هذا فوق قدرة الإنسان على التصور. ويكمن الحل في التعقّل؛ فبإمكاننا أن نحسب ذلك رياضياً بسهولة فتتحصّل القناعة العقلية مع إقرارنا بالعجز عن تصوّر المسألة.
بإمكان الإنسان أن يتوقّع المستقبل على ضوء المقدمات التي تُرهص بهذا المستقبل، وكلما قويت هذه المقدّمات كان توقّع المستقبل أقرب إلى الصّدق. إذن بالإمكان أن نتوقع هطول المطر في جو عاصف، ويصعب ذلك في جو مشمس. وبإمكان الطبيب أن يتوقّع وفاة العجوز المريض، ويصعب ذلك في الشاب الصحيح ... وهكذا. وهذه المسألة مفهومة ولا تعتبر إشكالاً في العقل البشري. ولكن عندما تنعدم المقدّمات يصبح من المستحيل توقّع المستقبل بصورة جازمة. وإليك هذا المثال:
قال شخص: أتوقع في الغد، وفي تمام الساعة العاشرة صباحاً، أن يحدث صدام بين حافلتين، الأولى بيضاء قادمة من الشرق، والثانية سوداء، قادمة من الغرب، ويكون التصادم في الشارع الفلاني، وفي النقطة الفلانية. وينتج عن هذا التصادم جرح اثنين في الحافلة البيضاء، وقتل سائق الحافلة السوداء. إنّ مثل هذا التوقع هو من المستحيلات، لأنه لا توجد مقدمات، كما أن عناصر الحدث متعددة؛ فالحدث معقد، والمقدمات منعدمة. ولأن مثل هذه الأمور من المستحيلات في عالم البشر فقد صح في العقل أن يكون الإخبار الجازم بها من المعجزات الدّالة على صدق الأنبياء.
في الوقت الذي نحكم فيه باستحالة الإخبار بمثل هذا الحدث عن وعي في حالة اليقظة، نقبل أن يكون هذا الخبر نتيجة لرؤيا منامية، وهي ما نسميه (الرؤيا الصادقة)، لعلمنا أنّ هذا يحدث في الواقع الإنساني، بل هو متواتر في المجتمعات البشرية، ولا توجد أمة تجهل ذلك. ولقد شكلت الرؤيا الصادقة إحراجاً للملاحدة عبر العصور، لأننا نجد أن المستحيل في حالة الوعي يتحقق في المنام، ولا يجد العقل تفسيراً مادياً لهذه الظاهرة، فوجود صورة للحدث قبل حصوله بأيام يُثبت وجود العلم به قبل حصوله، على الرغم من انعدام المقدمات والدواعي. ولما لم يجد الملاحدة تفسيراً مادّياً لهذه الظاهرة المتواترة، ذهبوا إلى القول بأن ذلك يحدث على وجه الصدفة. وهذا باطل من وجوه:
أولاً: لو كان الأمر من قبيل الصدفة لما كان متواتراً في الأمم والشعوب، بل ستجده مجهولاً للكثيرين. وقد قمنا بدراسة إحصائية فوجدنا أن جميع المستطلعة آراؤهم من الناس تعلم بهذه الظاهرة بطريق أو أخرى.
ثانياً: هناك الكثير من الرؤى الصادقة تتعدد فيها عناصر الحدث بحيث يصعب، بل يستحيل أحياناً تصور حدوث ذلك على وجه الصُدفة.
ثالثاً: من الظواهر الموجودة في المجتمعات البشرية أن هناك أشخاصاً معينين تتكرر عندهم الرؤى الصادقة بشكل لافت، في حين نجد الكثيرين لا يرون شيئاً من ذلك على مدى العمر. وهذه الظاهرة تلغي احتمال حصول ذلك على وجه الصدفة.
لقد جاءت النبوّات، وكذلك الرؤى الصادقة، لتخبر الإنسان بوجود العلم بالحدث قبل حصوله. وخاصة في القضايا التي تنعدم مقدماتها. فالنُبُوّات رحمة، وكذلك الرؤى الصادقة، لأن الإخبار بالغيب المستقبلي يجعل الإنسان متعقّلاً لقضّيةٍ يستحيل تصورها، فمن يستطيع أن يتصور كيف يمكن معرفة الغيب قبل سنوات من وقوعه؟! وبمعنى آخر: كيف يمكن للإنسان أن يتصور وجود القضاء قبل وقوعه قدراً؟! والذي لا يستطيع أن يتصور ذلك لا بد أن ينكر، وهو معذور في إنكاره، لأنه لا يطيق ذلك، فجاءت النبوّات، وكانت الرؤى الصادقة، فأصبح الأمر في دائرة التعقل، ومن هنا لم يعد هناك عذر للإنكار.
بعد أن آمن الإنسان عن طريق النبوّات والرؤى الصادقة بوجود العلم بالواقع قبل حصوله واقعاً، أي بوجود القضاء قبل وقوعه قدراً، نشأت لديه مشكلة فلسفية، لا تزال تحيّر عقول البشر. ويمكن تلخيص هذه المشكلة في الآتي:
بما أن الله يعلم ما سأفعل،
وبما أنّ علم الله لا يخطئ،
إذن أنا لا بد أن أفعل،
إذن أنا مجبر
قلنا إن هذه المشكلة هي مشكلة فلسفية، والإنسان لا يشعر بها قبل أن تطرح على عقله، بل لم يكن ليطرحها قبل أن يؤمن بأن علم الله المطلق يحيط بكل شيء، حتى بالواقع قبل أن يكون واقعاً. وهي مشكلة تتناقض مع ما يشعر به من حريةٍ واختيار. ونحن نرى أنّ بإمكاننا أن نحل المشكلة بالتعقل، حتى وإن عجزنا عن التصور، ولكن كيف؟ نقول:
إذا كان (س+ص)= (س+ع) فإنَّ (ص) تساوي (ع). وهذا بَدَهي في العقل. وإذا استخدمنا هذا المنطق في عالم (اللانهائيات) فسوف نصل إلى نتائج تناقض بدهيات العقل، فصحيحٌ في المنطق الرياضي أن نقول:
(ما لا نهاية + 1000) = (ما لا نهاية – 1000)
وإذا كان هذا يصح في المنطق الرياضي، فهل يصح أن نقول: وعليه فإن (+1000) يساوي (-1000) ؟!
أين الخلل في هذا المنطق؟:
عندما كنا نتعامل مع عالم النهائيات أمكننا أن نقول بما أنّ (س= س) فإن (ص= ع). وبما أننا لا نعرف قيمة اللانهائي فلا يصح أن نقول : بما أنّ (ما لا نهاية) تساوي (ما لا نهاية) إذن (-1000 = +1000).
فلا مكان لمفهوم (التساوي) في عالم (اللانهائيات) فالتناقض الناتج بقولنا إن (-1000) = (+1000) نتيجة للمقدمة غير الصحيحة.
عندما يقرّب علماء الرياضيات فكرة اللانهائي يقولون: لكل عدد صحيح يوجد عدد أكبر منه... وهكذا . وهذا يكشف لنا بعض أسرار عبارة "الله أكبر"، ولا نقول: (الله كبير)، لأن قولنا الله كبير توهم التناهي، أما قولنا الله أكبر فتعني بالضرورة (اللانهائي)، فهو سبحانه وتعالى مطلق في ذاته، وصفاته، ومنها العلم. ومهما يخطر في بالك من كبير فالله أكبر. وفي الوقت الذي يحاول فيه الإنسان تصوّر الوجود اللانهائي يعجز ويضطرب في منطقه، ولا تعود المقدمات ذات صلة بالنتائج كما هو الحال في عالم النهائي.
صفة القدرة هي صفة مؤثرة في الأشياء، بل لا توجد صفة غيرها مؤثرة. فعندما نتحدث عن عالم التأثير نعبّر بالقدرة. أمّا صفة العلم، فهي صفة كاشفة غير مؤثرة في العالم الخارجي. وهذا أمر بدهي. وإذا عرفنا هذا أمكننا أن نوجد حلاً للمشكلة الفلسفية: (بما أنّ الله يعلم ما سأفعل، وبما أنّ علمه لا يخطئ، إذن أنا لا بد أن أفعل، إذن أنا مجبر) . كيف يمكننا أن نكشف الخطأ في هذا المنطق؟! وكيف يمكن أن نكشف عدم وجود علاقة بين المقدمات والنتيجة ؟! يمكننا أن نكتشف ذلك بسهولة إذا عوّضنا مكان كلمة (يعلم) و (علمه) كلمات: (يكشف) و(كشفه) فتصبح المقولة : (بما أنّ الله يكشف ما سأفعل، وبما أنّ كشفه لا يخطئ، إذن أنا لا بد أن أفعل، إذن أنا مجبر) بهذا التعويض يتم كشف زيف هذا المنطق؛ فالمقدمة تتحدث عن صفة العلم، والتي هي صفة كاشفة غير مؤثرة، والنتيجة تتحدث عن القدرة، والتي هي صفة مؤثرة، لأن الإجبار لا يكون إلا بالقدرة، فقولنا: (إذن أنا مجبر) يعني: (إذن أنا مؤثَّر عليّ) .
فأين القدرة في المقدمات؟! وكيف أنتج الكشف تأثيراً؟
إذن هو التناقض الناتج عن محاولة تصور اللانهائي، والناتج عن استخدام منطق عالم النهائي لفهم عالم اللانهائي. وبهذا نكتشف عجز العقل البشري عن التعامل مع عالم اللانهائيات، فلم تعد المقدمات المنطقية تقود إلى نتائج صحيحة. وبعد أن تكشّفت لنا حقيقة العقل البشري، ومحدوديته، كان لا بد من الاكتفاء بالنبوّات والرؤى الصادقة لإثبات واقعية عالم القضاء. فإذا كان الشعور بحرية الاختيار كافياً لاقناع الإنسان بأنّه مخيّر، فإنّ الإحاطة بعالم الغيب المستقبلي قبل حصوله يكفي لتحصيل القناعة بحقيقة هذا الوجود.



.
.

زاد