المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " نـــافذة "



" كائن مؤجل "
23-09-2005, 10:29 PM
http://mhuwaizi.jeeran.com/pic4_g.jpg







" لا ترمي شيئاً فقد تحتاجه يوماً "
.. هكذا كان قانون أبي مع الحياة ، في بيتنا ثلاثُ غرفٍ مبعثرة ، واحدة فوق السطح ، وأخرى مجلسٌ قديم و الأخيرة مطبخ أمي وزوجة أبي المشترك قبلَ أن تستأثر كل واحدةٍ منهما بمطبخها الخاصْ ، إتخذها أبي جميعاً مخزناً يكدس فيه الذي لا يحتاجه فقد يحتاجه ! ، يقدّر الأشياء أبي .. فلا شيء يُرمى ولا شيء يُشترى بلا هدفٍ واضح محدد ومُعلنْ أيضاً . تساءلتُ عن جدوى الإحتفاظ بالأشياء .. و وجدت أن كل ما تحتاجه لا تحتاج الإحتفاظ بهِ فلهذا خلقت الذاكرة وهذه مهمتها !
نافذة مهشمّة وعتيقة .. و جدتها اليوم مصادفة وأنا أقلب ذاكرة حاسوبي فقلتُ لأبي الذي يسكنني :

" شيء لا تحتاجه اتركه لهذه العيون الجائعة .. لعلها تجد حاجتها فيهِ! "

" كائن مؤجل "
23-09-2005, 10:30 PM
" نـــافذة! "

في العزيزية بندة كل شيء يتحذ شكلاً آخر للذّة ، كنتُ أرتب فوضوية أفكاري في الدور العلوي على فنجان من القهوّة المرّة في مقهى يكشفُ خيبات العُشّاقْ ويشهدْ كيف تموتُ الصرخاتْ ؛ في هذا الـ" كوفي " المرتفع تستطيع رؤية عورة الحياء ، تستطيع أيضاً_ بصحبة سيجارتك_ أن تدوّن كميّة القبل المهدرةْ و الشهوّة المكبوتة وبإمكانك التلصص على فاتنةٍ دونَ أن تشعرَ بكْ ..

لم أكن أراقبها عامداً_ غيرَ أن هيئتها المسرفة في النعيم أجبرتني على ذلك ، صادفتها نظرتي الأولى عند البائع تطلبُ سيجاراً كوبيّاً _أنا نفسي لا أستطيع تدخينه_ ، تبعتها بعدَ ذلك من بعيدْ .. حتى تفاجأتُ بأني والحظ هذه المرّة على وفاق ، إتخذتْ هي موضعاً ملائماً لمراقبتها في الأمكنة المخصصة للأكل أسفلْ ، وصعدتُ أنا فوق تصحبني نظراتي الخجولة!

وأنا أرصدُ إرتباك نظراتها من فوق أدركت بأنّ الدمعة مثل الضحكة تتأخر كثيراً عن العِبرة و المتعة! ؛ النادل هنا يعيشُ معضلة الحرمانْ _مثل أي ذكر في بلدي _ ، و الوقتُ هنا يأخذ إجازة فلا تشعرُ بهِ ولا يشعر بكْ ، كذلك نار الهم تغدو رماداً في داخلك ، و هذه الجميلة التي إعتقدتُ _ بسذاجة البدو_ أنها تدّخن السيجارْ تتأوه بصمتٍ تحتَ لدغات يدين جافتيّن بينما نظراتي حائرة بين وَحْوِحِتهاَ و تعاسة النادل .!

سألتهُ و أنا أشير بسبابتي للأسفل .. أيحدث كثيراً ؟

بإبتسامةٍ مكسورة هزّ رأسه ومضى يحقنني بمزيدٍ من المرارةْ.

***********

اليوم صباح الثلاثاء وأنا على موعدٍ مع عضو في هيئة السياحة ، كم أمقتُ هؤلاء اللذينَ يجبرونك على التعامل معهم وفق بروتوكولاتٍ معينة تفرضها مناصب خدّاعة ، أعلم يقيناً _أني لن أنجز تحقيقاً صحفياً وسط هذه العقول التي من المفترض أن تمدك بمادتكْ غيرَ أني إمتثلتْ للزمن و تواجدت في فندق " الهوليدي إن " الساعة التاسعة صباحاً .. ولم يأتِ ..

كنتُ مستعداً بقلمي_رخيص الثمن_ و مفكرتي العجوز وآلة التسجيل التي إشتريتها مؤخراً بمبلغٍ _كسرَ كاهل محفظتي_.. غيرَ أنه لم يأتِ !، فضلتُ شرب قهوتي بعد أن تأكدت تماماً بأن مافي محفظتي كفيل بسداد الفاتورة ، فهنا كل شيءٍ صعب الوصول إليه مثلَ هؤلاء النسوّة اللواتي يتضاحكن على مقربةٍ لا يفصلهن عني سوى نظراتي الباهتة و طاولة!

قاربت الساعة الثانية من الإنتظار على النفاذ ولم يأتِ .. قررتُ المضي بعد أن دونتُ في مفكرتي أسفلَ الثلاثاء – التاسعة صباحاً ، موعد هيئة السياحة :
" يحدثُ كثيراً أن تتناول روائح فاسدة كتلك التي تجوب الأسواق ، أو أن ترتشفَ ماضيكَ كل يومْ ، ويحدث كثيراً إصطدامك بسذاجتك ، و بإمتعاضك من لوحة مفاتيحكْ غير أنه لا يحدث أمرٌ يبعث الدهشة في داخلك كأن تغتال شهوتك حسناء .. في بلادي يحدثُ كثيراً أشياء لا معنى لها مثل عدم مجيء من تقضي ساعتين في إنتظاره أو التلصص على خلوة عاشقة غيرَ أنه نادراً ما تنفتح في وجهك نافذة للحياةْ كأن تقرر السفرَ إليكْ ! "

***********

لا أحتــاج للكثير كي أشعرَ بأنها في حاجتي ، مجرّد منام يرسم ملامح خيبتها التي تسربت مع نبرةِ صوتها يعودُ بي إلى حقيقةْ أني القّشة التي قصمت ظهر أوجاعها ، وبأني ما زلتُ –رغم ذلك- القشّة التي ستصلٌ بها إلى شاطيء الأمــان.

الطريقُ للعودةِ إليها يأخذُ وقتاً طويلاً يفوقُ طريقي نحوَ الأمل الكاذب ذلك الذي إعتقدتُ يوماً أني سأتوشح وسامه ، لكني عازمٌ هذه المرّة ألا أزيدَ من أوجاعها الحائرة ، وعلى رسم بسمة قد تكونُ الأخيرة قبل مماتها_كما هددتني بالإنتحار في المنام _ .وهذا السواد الذي تقضمه إطارات سيارتي المهترئة كفيلٌ بإيصالي لها ، الطرق السريعة ليست _كما نظن_ سريعة و مريحة ، هي في الحقيقة دهليزٌ من التفكير الذي لا ينتهيْ إلا بفاجعة صغيرة ، كأن تموتَ مثلا إثر شربك عصير للتو أطفأت فيه سجارتك الأخيرة .. وهي كذلك تفضي بكَ إلى مبتغاكْ حتى لو حقنتك بجرعةٍ زائدة من السأم على خلاف الطرق الأثرية التي تشق هدوء القرى و تجعل ذهنك قريباً من مقوّد سيارتكْ .. !

صباح يوم سفري ولأولِ مرّة منذ أدركني قطار الحياة زرتُ _في جرأة_ المقبرة ، وهناك أيقنتْ بأنه يجب عليّ العودة إليها .. تاركاً ورائي أوراقاً مبعثره
عناوينها
" كثيراً يحدث ".
7/2005

* الـمـنـتـظـر *
24-09-2005, 12:05 AM
" يحدثُ كثيراً أن تتناول روائح فاسدة كتلك التي تجوب الأسواق ، أو أن ترتشفَ ماضيكَ كل يومْ ، ويحدث كثيراً إصطدامك بسذاجتك ، و بإمتعاضك من لوحة مفاتيحكْ غير أنه لا يحدث أمرٌ يبعث الدهشة في داخلك كأن تغتال شهوتك حسناء .. في بلادي يحدثُ كثيراً أشياء لا معنى لها مثل عدم مجيء من تقضي ساعتين في إنتظاره أو التلصص على خلوة عاشقة غيرَ أنه نادراً ما تنفتح في وجهك نافذة للحياةْ كأن تقرر السفرَ إليكْ ! "



" كائن موجل "...
مرحباً بكَ وبقلمك " طاغي الجمال " :)
مجرد ترحيب .. ولي عوده ..




وكثيراً يحدث |467| ..!!



خالص الود.,,




ومضَه : **كثيراً يحدث أن ينتشلك قلم معين من صمتك لتقرأ بشراهة وتكتب بـ نهْمْ ...

رحاب
24-09-2005, 12:21 AM
راااائع جدا
هنا شئ جديد ....وفاخر!
لي عودة غدا للقراءة والتعليق مرة أخرى ان شاء الله
فقط احببت الترحيب بأخي الكريم(كائن مؤجل)
وفعلا أشعر أنني أمام قلم سأعتاد على تتبع خطوات حروفه
لي عودة غدا ان شاء الله
تصبحون على خير

Petals
24-09-2005, 12:31 AM
المعرف لابد وأن يُلاحظ....


فهد العتيق...(!)



أتفق مع المنتظر في الأحمــــر ..(!)

رحاب
24-09-2005, 09:00 AM
" لا ترمي شيئاً فقد تحتاجه يوماً "
أصبحت ذاكرتي وخزانتي متخمة بسبب هذه العبارة...!
أشياء كثيرة مكدسة في ذاكرتي ...خيبات مبعثرة واغنيات لم تكتمل وأصوات العابرين على ارصفة عمري!
أحيانا أود لو أملك حق التصرف بممتلكاتي اوحتى النسيان المهم أن أصبح اكثر تحررا من قيد الاحتفاظ بهم!
*
*
كل شئ هنا في متصفحك جميل اود الثرثرة اكثر لكن اخاف ان أخدش جمال وجودك
والأجمل أنه لو صدق احساس بيتالسو وطلعت فهد العتيق فهذا الأمر يستحق الاحتفال
أخي الفاضل مرحبا بك بيننا وسعيدة جدا لمصافحتي حروفك
دمت في حفظ الرحمن ورعايته

زاد الركب
24-09-2005, 06:54 PM
" نافـــذة "

وكذلك وجدتها أخي الكريم نافذة وبقوة .. !!

.
.

زاد

" كائن مؤجل "
25-09-2005, 06:02 PM
" كائن موجل "...
مرحباً بكَ وبقلمك " طاغي الجمال " :)
مجرد ترحيب .. ولي عوده ..




وكثيراً يحدث |467| ..!!



خالص الود.,,




ومضَه : **كثيراً يحدث أن ينتشلك قلم معين من صمتك لتقرأ بشراهة وتكتب بـ نهْمْ ...

يحدث كثيراً ان تفكر في عابرة طرقت باب قلبك .. غير انه لا يحدث ان تلتقي بها ضاحكة في الدرر ..

العفو .. قلمي ما زال ينهل .. لم ينضج بعدْ.


تحيّة ود،

" كائن مؤجل "
25-09-2005, 06:17 PM
المعرف لابد وأن يُلاحظ....


فهد العتيق...(!)



أتفق مع المنتظر في الأحمــــر ..(!)
شكراً لأحمر المنتظر الذي جعلكِ تكتبين اتفاقك معه .. غير ان فهد _سامحه الله_ قد سرق فكرتي! ، هو لم يكن يعلم اني مؤجل .



" كائن مؤجل" عنوان رواية للكاتب السعودي فهد العتيق .. هذا ايضاح للقرّاء الأعزّاء ..


مودتي،

رغــد
28-09-2005, 01:18 AM
.
.
مرحبا وأهلا وسهلا ..
الدرر تسعد بهكذا قلم .
لغتك ثرية تستحق الإشادة .. لقد أضفت شيئاً جميلا للمكان .
حقاً سعيدة بك .

.
.

رغد