المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حـــول الـــتـــربـــيـــة الـــجـــمـــالـــيـــة



رفقي محمد
18-07-2005, 05:20 AM
:264: بطاقة تعريف ( الفن )

الفن موضوعية ، الفن ديناميكية ، حركة و مرونة ، الفن يعلم الإبداع والمنهجية والمنطق.الفن يثير الحياة ،

الفن نبضها ، شريانها. الفن أس الابتكار، روعة وأية روعة ، هو ظل جميل وطيف أخاذ. الفن يجذبنا إلى دنيا الجمال . فكونوا هواة للفن .

ومظاهر الفن تتجلى في أبسط الأمور . فالفن يضفي جمالية على أبسط شيء , فمثلا : في الحلاقة أو النجارة أو أي حرفة أو صناعة تقليدية ، تجد الصانع الفنان ذو الذوق الرفيع والنظر الثاقب يتفنن بخلق شيء جديد يضفي جمالية على الصنعة ويزيدها جاذبية و جمالا \ والأمثلة متعددة ) .

وكذلك في النحت أو الفن التشكيلي أو الخط أو صياغة المعادن...

غير أن هذه الإمكانية والمهارة لا تأتى من فراغ بل من موهبة يكتشفها أصحابها أو الساهرون على تكوينهم ورعايتهم إما في المدارس أو في مراكز التكوين أو مؤسسات فنية أخرى ... ويمكن اعتبار الفن من وجهة نظر أخرى مثل المسبح الذي يتعلم فيه الأطفال السباحة ، بحيث يرمى الأطفال ليسبحوا باستمرار حتى يصبحوا قادرين على السباحة بتلقائية... ويمكن اعتباره أكثر من ذلك في بعض الحالات : على مستوى التربية: فهو أنجع الوسائل لتصفية النفس وتربية الذوق و الدقة وروح الملاحظة الثاقبة التي هي أساس تكوين العقل واكتساب القدرة على الخلق والإبداع. إذن يمكن على المستوى التربوي وفي حالة يكثر فيها عدد الأطفال الذين يجب تربيتهم بكيفية مثلى أوفي غياب المؤسسة التربوية، اعتبار الفن والتربية الجمالية كمصفاة \ أو غربال \ للحصول على أثمن المعادن وأما الشيء الذي سيحصل عليه بفضل هذه المصفاة \ الفن\ هو أناس ذوو الذوق الرفيع يتمتعون بدقة الملاحظة والقدرة على الخلق والإبداع ، وسوف يساعدهم ذلك في حياتهم بحيث سيكونون أفرادا صالحين مصلحين مسالمين ... وعلى طريق سليم ، طريق الحق والتمييز بين الخير والشر ، بين الحق والباطل الظلم و بالتالي ستجعلهم هذه المؤهلات أناسا ينفذ الإيمان إلى قلوبهم بكل سهولة وبكيفية كلها قناعة واطمئنان .

ولا يمكن أن يتحقق أي هدف من العملية التعليمية إلا إذا كان جوهر هذا التعليم هو العمل على اكتساب

روح الإبداع والخلق \الإبداعية \ للوصول وذلك عن طريق الملاحظة والنقد والتحليل والتفكيك والتركيب والتخيل والمغامرة الفكرية والإبداعية . فمن تم يصبح الطالب إنسانا قادرا على الدراسة والتحليل والعطاء والبناء والتصحيح والتجديد والتغيير بمسؤولية.



الإبداع دليل على عظمة الله فقرة من محاضرة حول " تأملات في الإبداع".

الإبداع الفني أو الاختراع التكنولوجي أو الاكتشافات العلمية – وبالأخص دراسة الأكوان في علم الفلك طريق إلى معرفة الله الخالق المبدي المعيد بديع السماوات والأرض ... ودليل على أن الإنسان خليفة الله في الأرض ... كذلك إقامة العدل بين الناس و إقرار الحق والعمل بالشرع الذي أنزله الله ... كل ذلك دليل على هذا الاستخلاف .

والإبداع الفني والعلمي أقوى دليل على عظمة الله وعلى أن الله قادر أن يجعل في عبده شؤونا ( لله في خلقه شؤون ) . عندما نذكر الإبداع الفني ، يتبادر إلى الدهن جميع أنواع الفنون . لكن هنا أقصد الفنون التي يمكن فيها الإبداع الذي يظهر موهبة المبدع كالشعر والموسيقى والرسم والنحت أو بعض الحرف التقليدية--- هذه الفنون تبرز مدى قدرة الفنان على الإبداع بذوقه وروحه ووجدانه وفكره كذلك ؛ وإذا تأملنا مثلا في هذه الفنون نجد أنها في نفس الوقت ميادين لتربية الذوق والانفتاح وأنها مدارس يتكون فيها الإنسان ويكتسب من خلال الممارسة نوعا من الحس النقدي والتأملي للتعمق والتأمل و التمعن في الأشياء والأكوان والكلمات والألوان والأشكال ويكون بذلك يتقرب شيئا فشيئا من طريق الحق، طريق الصدق والإصلاح والتواضع ونكران الذات ونوع من الزهد ، يتفلسف باستمرار في أي شيء يصادفه أو أي حادث يعترضه أو يسمع عنه وتجده دائما يحاول الربط بين الأشياء والبحث عن علاقات بينها لا يراها إلا التقي الورع أو الفنان المبدع ... إذن هنا نلاحظ التقاء عالمين : عالم الفن والذوق والإبداع بعالم العبادة والتقوى ... ألا يمكن إذن القول بأن عالم الفن والإبداع يقرب من الله حقا ؟ فذلك يتجلى في كون الفنان يبحث باستمرار بخياله وموهبته التي وهبها الله إياه في جمالية الكون ، جمالية الأشياء والكلمات ( في الشعر والنثر وفي الحوار ) يتفلسف ليدقق في الأمور . ألا يعني هذا أنه يسير في طريق معرفة الخالق ؟ إن نظم قصيدة أو أبيات شعرية بجمالية وحكمة دليل على قدرة الإبداع والخلق الذين هما من صفات الخالق الأعظم . إذن إذا أراد الإنسان أن يؤدي رسالته كخليفة الله في أرضه ، فعليه أن يكون له حظ ولو قليل من التربية الجمالية التي تصقل الذوق وتنميه --- لأنه بدون ذوق لن يكون هناك تمييز ودقة الملاحظة وبدون هذه الملكات لن توجد لدى الإنسان قدرة على القيام بالمسؤوليات ولا روح الدقة والنقد و التأمل --- لأن هذه الملكات هي التي تجعل إيمانه قويا بحيث إنه يعي و يميز بين ما يجب فعله وما لا يجب فعله، وتحمل مسئوليته ويكون بالتالي في طريق الحق الذي يؤدي إلى الهدى و اليقين بأن الله جعل في الإنسان قدرة على الخلق والإبداع --- لكن بمستوى يليق به كإنسان في الدنيا ـــ ليصل بها إلى معرفة الخالق عن طريق التمعن والتأمل والإبداع ---. وأي آية من آيات الله الكونية الأخرى حتما سينتبه إليها بفضل اكتسابه لروح الملاحظة والتدقيق في كل شيء ،إذا ما سار في طريق العلم والمعرفة والبحث كما كان الأسلاف من العرب والمسلمين .

انظروا كيف تتلاقى هذه الخيوط لتجعل من الإنسان إنسانا ومؤمنا حقيقيا قوي الإيمان عارفا بالله معترفا بعظمته مطيعا لأوامره قريبا منه ويسير إليه وقد يصير من أكبر العلماء ولبحثين والمخترعين ونجد هذا النوع من التربية عند الغرب الذين يسبقوننا بكثير الآن لكونهم يهتمون بالتربية الجمالية بكل أنواعها من رسم وتشكيل وتصوير فوتوغرافي وتحليل للصورة وداسة الحركات الجسمية في الرياضة كتربية رياضية ولا كلعب ولهو فقط وعزف على الآلات الموسيقية ودراسة مبادئي الموسيقى ولو نظريا ... أيعقل أن نجد دكتورا متخصصا في الشعر العربي عندنا لا يعرف ولو نغمة موسيقية واحدة ولا حتى اسمها وهو يقوم بتدريس الشعر الذي أساسه هو النغمة والوزن ؟... لقد كان العلماء العرب والمسلمون وطيلة قرون يهتمون ويمارسون ويعلمون الفنون وعلى رأسها الموسيقى والتشكيل والشعر ولنتصور إنسانا جمع بين العلم والدين والإبداع ، فكيف يكون إيمانه وكيف تكون نظرته للحياة وللكون ؟ مخالفة بالطبع عن الذي لا يهتم إلا بجانب واحد ... أليس كذلك ؟ ويمكن القول هنا كذلك أن الناسك المتعبد الذي لا يعرف الكلمة ولا الفن قد يكون عديم الذوق وبالتالي فهو ناقص الدقة وناقص الاستيعاب ، إذن فهو قد لا يؤدي واجبه ( رسالته ) على الوجه الأكمل ( وما الفن إلا ميدان من ميادين العلم كذلك ) والله تبارك وتعالى أمر بالعلم وحث على طلبه ورسوله الأعظم سيدنا محمد( ص) كذلك... ( والآيات والأحاديث كثيرة في هذا الباب ) ...

إذن يمكن الاعتقاد بأن التأمل في الكلمة وفي الصورة وفي النغمة يؤدي إلى معرفة حقائق قد لا تعرف إلا عن هذه الطريق أو عن طريق التصوف والتقوى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) . إذن ويمكن القول أيضا بأن من كان بعيدا عن شرع الله وبدأ عن طريق الفن ( لكن الفن الراقي السليم من الخلاعة والميوعة والمجون) – سيصل حتما إلى طريق التقوى عن طريق التأمل واكتساب الذوق الذي سيميز به ويتأمل في كل شيء حتى يحس بأن تلك آيات الله في الكون وفي خلقه ( لله في خلقه شؤون ) ( وسنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق من ربهم... ، لذا يجب أن نرى في الفنون وسيلة لتوعية الناس وتربية الذوق لديهم و وعضهم عن طريق جميع أنواع هذه الفنون الجميلة بالكلمة بالشعر بالمسرح بالموسيقى الراقية المدروسة والغناء الجميل والتشكيل والصورة التي يسهل فهمها عند العامة ... إذن فهذه الفنون وسيلة من وسائل الإصلاح ( سلاح ) لكنها تبقى سلاحا ذا حدين يجب أن نوجه النشء منذ البداية وأن نلقنه هذه المبادئ السامية حتى لا يضيع في المتاهات واللهو ويضيع معه رفاقه والجيل الذي ينتمي إليه... فلننظر إلى التاريخ ..إلى ماضينا المجيد ...--- فلماذا بلغت تلك الحضارة ذروة المجد . والجواب بسيط : لأن الأجيال بنيت على الأسس التي ذكرناها: التقوى والتربية والعلوم والفنون ، بحيث تكون هذه الأشياء أركانا للثقافة والتراث ثم العمل و بفضل هذه الضوابط قامت تلك الحضارة العظيمة التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أو ينكر فضلها على الإنسانية...( سلوا التاريخ يخبركم عمن كان الكتاب والسنة نهجهم ) --- . فكم من وقت ومن مجهودات في ميادين الفن ذهبت سدا لأنها لم تكن موجهة التوجيه الصحيح – من الشعر الذي لا يخدم المصلحة القومية ولا يدعو إلى إصلاح ولا يحرك همما إلى الموسيقى والغناء التافه المائع إلى المسرح المهرج...إلى تقليد الأجنبي وتقديسه في أشياء لا فائدة منها إلا الهاوية والضلالة\

هذي ثـــقــافــة ســخـيـفـة وذي سـفـسـطـة مــلـحــدة لـــيــنــقــمــوا وذاك لـهو فـي صـيـاغــة فـــــــن والــفــنـــون عـــبـــث وأصــنـــم ...

دعونا من تلك الأفكار المغالطة : " الموسيقى والمسرح فنون والفنون ميادين حرة والمبدع يفعل ويعمل كما يهوى ... دعونا من تلك الأقوال " وللناس في ما يعشقون مذاهب " ... فهذه المبادئ والأقوال حق يراد به باطل ؛ كانت ستكون في محلها وتنطبق علينا لو نحن كنا قد بدأنا من البداية الصحيحة بداية موجهة سليمة.--- نعم كان سيكون لدينا عندئذ حرية في اختيار أنواع واتجاهات حرة لكن داخل المجال اللائق... أما نحن الآن في ما نحن عليه من سوء تربية وغياب وعي وانحراف عن الطريق القويم ، فإننا مطالبون بالإصلاح وبالتغيير على مستوى التربية والمنهج في كل ما له علاقة بالتربية والتعليم – والبدء من البداية لا من الوسط أو من النهاية ، لأنه لاشيء يبنى على الفراغ أو على الغش ( الأساس مغشوش ) ولأن البناية سوف تنهار عاجلا أم آجلا. ولا يدوم ويستمر إلا البناء على الأساس المتين وفق القاعدة والواقع والإمكانات. ولا ننسى أننا نتحدث هنا عن مشروع إنساني ( وعربي و مسلم )إذن يجب البناء انطلاقا من أرضية عربية لبناء هوية عربية لكي لا ينحرف الفنان في المستقبل كما وقع للعديد من الفنانين العرب.( ولا يعني هذا الشرط إقصاء الفنون العالمية الرائعة شريطة أن نأخذ منها ما يناسب هويتنا وتقاليدنا )--- وفي هذا الباب قلت " خذوا من غيركم ما قد ينفع وقدرا من التراث قوموا "--- )...

أما في ما يتعلق بعلاقة الفن بذكر الله ، يمكنني أن أقول :" كلما توقف الشاعر أو الرسام أو الموسيقي على كلمة أو صورة أو شكل أو نغمة أو منظر طبيعي جميل( وهو مومن ، من الصنف الذي اقترحنا ) كلما تجلت له عظمة الخالق الأعظم وسبح لله " سبحان الله " أمام الانبهار الذي سيصيبه حين يكتشف شيئا لم يكن يتوقعه إذن فهو بذكر الله في هذه الحال لا يبتعد عن الله وهو دائما في ذكر الله . وحتى إذا كان الفنان من دين آخر فإنه يذكر الله ( تسمعه يقول '''' الله ''' بلغته ) . ( فذكر الله فطرة على كل لسان). أما الذين لا يذكرون الله في مثل هذه الأحوال فأولائك يعتقدون انهم هم المبدعون بقدرتهم الشخصية و بفضل موهبتهم الخلاقة جاهلين أن ذلك من فضل الله الخالق سبحانه وتعالى الذي أودع تلك القوة الخلاقة في نفوسهم وروحهم التي هي تعترف بخالقها دون أن يشعروا بذلك... بالله عليكم ما ذا يقول الإنسان عندما يسمع موسيقى جميلة أو شعرا جميلا أو رأى منظرا جميلا ؟ |||ـــ'' الله '' .|||''.لماذا ؟ بالفطرة يحس أن ذلك شيء يوجب شكر الله ، وهذا ذكر الله كذلك...

سلطوية قلم
30-07-2005, 12:02 AM
نُقل حديثاً من الصالون الأدبي الفلسفي ..

يبدو أنه لم ينال حقه من القراءة و الدراسة هناك ..


أرجو أن يُكافئ المجهود الذي بدل في هذا الموضوع .. بما يستحق .. !!


..

أخي .. رفقي محمد ..

شكراً .. !!


تحياتي