المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اخسئوا فيها ولاتكلمون



رحال
04-07-2005, 02:31 AM
خطب الحجاج بن يوسف الثقفي يوما فى الناس و صلى بهم الجمعة ثم مشى بجانب سجنه فبكى السجناء، و رفعوا أصواتهم بالبكاء، عله أن يسمعهم فيرحمهم، فسمعهم ثم قال لهم

" اخسئوا فيها و لا تكلمون"

أمر الحجاج حراسه باحضار الإمام سعيد بن جبير، فلبس سعيد بن جبير اكفانه و تطيب وذهب معهم الى الحجاج،و قال اللهم يا ذا الركن الذى لا يضام و العزة التى لا ترام، اكفنى شره و كان فى الطريق يقول لا حول و لا قوة الا بالله، خسر المبطلون و دخل سعيد على الحجاج، وقال سعيد

السلام على من اتبع الهدى، و هى تحية موسى لفرعون

قال الحجاج : ما اسمك قال

سعيد: اسمى سعيد بن جبير

قال الحجاج: بل أنت شقى بن كسير

قال سعيد: أمى اعلم اذ سمتنى

قال الحجاج: شقيت أنت و شقيت أمك

قال سعيد: الغيب يعلمه الله

قال الحجاج: ما رأيك فى محمد صلى الله عليه و سلم

قال سعيد: نبى الهدى و امام الرحمة

قال الحجاج: ما رايك فى علىّ

قال سعيد: ذهب الى الله امام هدى

قال الحجاج: ما رأيك فىّ

قال سعيد: ظالم تلقى الله بدماء المسلمين

قال الحجاج: علىّ بالذهب و الفضة، فأتوا بكيسين من الذهب و الفضة و أفرغوهما بين يدى سعيد بن جبير

قال سعيد: ما هذا يا حجاج؟ ان كنت جمعته لتتقى به من غضب الله، فنعما صنعت، و ان كنت جمعته من أموال الفقراء كبرا و عتوا فوالذى نفسى بيده، الفزعة يوم العرض الأكبر تذهل كل مرضعة عما ارضعت

قال الحجاج: علىّ بالعود و الجارية فطرقت الجارية على العود و أخذت تغنى، فسالت دموع سعيد على لحيته و انتحب

قال الحجاج: ما لك، أطربت؟

قال سعيد: لا و لكنى رأيت هذه الجارية سخّرت فى غير ما خلقت له، و عود قطع و جعل فى المعصية

قال الحجاج: لماذا لا تضحك كما نضحك

قال سعيد: كلما تذكرت يوم يبعثر ما فى القبور، و يحصل ما فى الصدور ذهب الضحك

قال الحجاج: لماذا نضحك نحن اذن

قال سعيد: اختلفت القلوب و ما استوت

قال الحجاج: لأبدلنك من الدنيا نارا تلظى

قال سعيد: لو كان ذلك اليك لعبدتك من دون الله

قال الحجاج: لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من الناس، فاختر لنفسك

قال سعيد: بل اختر لنفسك أنت،فوالله لا تقتلنى قتلة، الا قتلك الله بمثلها يوم القيامة

قال الحجاج: اقتلوه

قال سعيد: وجهت وجهى للذى فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما و ما انا من المشركين

قال الحجاج: وجهوه الى غير القبلة

قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله

قال الحجاج: اطرحوه ارضا

قال سعيد و هو يبتسم: منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة اخرى

قال الحجاج: أتضحك

قال سعيد: أضحك من حلم الله عليك و جرأتك على الله

قال الحجاج: اذبحوه

قال سعيد: اللهم لا تسلط هذا المجرم على أحد بعدى

و قتل سعيد بن جبير و استجاب الله دعاءه، فثارت ثائرة بثرة ( هى الخراج الصغير) فى جسم الحجاج فأخذ يخور كما يخور الثور الهائج شهرا كاملا

لا يذوق طعاما و لا شرابا و لا يهنأ بنوم و كان يقول و الله ما نمت ليلة الا و رأيتنى اسبح فى أنهار الدم، و أخذ يقول

مالى و سعيد، مالى و سعيد

و يقول هذا الظالم عن نفسه قبل ان يموت، رأيت فى المنام كأن القيامة قامت، و كأن الله برز على عرشه للحساب فقتلنى بكل مسلم قتلته مره، الا سعيد بن جبير قتلنى به على الصراط سبعين مره

و " ان ما توعدون لأت و ما أنتم بمعجزين"

أحمد السعيد
05-07-2005, 06:22 AM
*
*

أستاذي الفاضل رحال

بلغني أن أحد السلف الصالح رحمهم الله تعالى قال : لو جاءت كلّ أمةٍ بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم

ولكنّه قد وردني أيضاً أن الحسن البصريّ رحمه الله تعالى كان يسبّ الحجاج بعد موته ويتنقّصه أو كما ورد عنه قال : ثمّ أُريته في المنام فقلت : الحجاج ؟ قال : نعم قلتُ : ما فعل الله بك ؟ قال : قتلني بكلّ مؤمنٍ قتلتُه قتلةً ثُمَّ عُزِلْتُ مع الموحّدين ، قال الحسن البضريّ رحمه الله تعالى فأمْسَكْتُ بعد ذلك عن شتمه .

وبلغني أنّ أبو حنيفة النعمان كما أذكر سمع احدهم يشتم الحجاج بن يوسف فقال له : يابن اخي دع عنك الحجاج فلترينّ يوم القيامة أصغر ذنبٍ من ذنوبك أشدّ من ذنوب الحجاج

شكر الله لكَ هذا النقل أستاذنا الفاضل رحال


احمد

رحال
05-07-2005, 07:27 AM
أستاذي الموقر أحمد السعيد

شكرا لإضافتك العذبة والمفيدة

نحن هنا في المنتدى عندما نورد مثل تلك الأحداث المؤرخة نسعى إلى الافادة من مضمونها وننهل ونتعلم منها الشيء الكثير
ونسأل الله تعالى ألا يحملنا أوزارا إلى أوزارنا عندما نتطرق إلى سيرة الحجاج أو غيره , لأنه تعالى هو الذي ( يفصل بين عباده )

سبحانك اللهم نستغفرك ونتوب إليك .

lolo_429
06-07-2005, 02:33 PM
اشكرك اخي على المعلومة

Nooosa
11-07-2005, 11:05 PM
أساتذتي الأفاضل / رحال & أحمد السعيد
جزاكما المولى الفردوس الأعلى .. اللهم آمين
.
.

للرفع ..
يستحق القراءة و النقل والرواية:)

عابده لله
12-07-2005, 01:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



مساك الله بالخيرات أخي رحال ..


وبارك الله فيك أخي الرائع.. وأخي الفاضل والمقدام السعيد..عل ما قدمتماه ..



الحقيقة ان الحديث عن الحجاج يطول ..:)


كان لـ الحجاج بن يوسف الثقفي مكانة متميزة بين أعلام الإسلام.. ويندر أن تقرأ كتابًا في التاريخ أو الأدب ليس
فيه ذكر للحجاج الذي خرج من سواد الناس إلى الصدارة بين الرجال وصانعي
التاريخ بملكاته الفردية ومواهبه الفذة في القيادة والإدارة...


وعلى قدر شهرة الحجاج كانت شهرة ما نُسب إليه من مظالم..
حتى عده كثير من المؤرخين صورة مجسمة للظلم.. ومثالا بالغا للطغيان...

وأصبح ذكر اسمه يستدعي في الحال معاني الظلم والاستبداد وضاعت أعمال الحجاج الجليلة
بين ركام الروايات التي تروي مفاسده وتعطشه للدماء.. وإسرافه في انتهاكها..

وأضافت بعض الأدبيات التاريخية إلى حياته ما لم يحدث حتى صار شخصية أسطورية بعيدة كل
البعد عن الحقيقة والواقع.. وقليل من المؤرخين من أنصف الحجاج ..ورد له ما يستحق من تقدير...


وإذا كان الجانب المظلم قد طغى على صورة الحجاج فـ هنا سنحاول إبراز الجانب الآخر المشرق في
حياته والمؤثر في تاريخ المسلمين حتى تستبين شخصية الحجاج بحلوها ومرها وخيرها وشرها...



مولده ونشأته

في الطائف كان مولد الحجاج بن يوسف الثقفي في سنة (41 هـ = 661م) ونشأ بين أسرة كريمة من بيوت ثقيف ..
وكان أبوه رجلا تقيًّا على جانب من العلم والفضل وقضى معظم حياته في الطائف يعلم أبناءها القرآن الكريم دون أن يتخذ
ذلك حرفة أو يأخذ عليه أجرا....

حفظ الحجاج القرآن على يد أبيه ثم تردد على حلقات أئمة العلم من الصحابة والتابعين
مثل: عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، ثم اشتغل وهو في بداية
حياته بتعليم الصبيان شأنه في ذلك شأن أبيه...

وكان لـ نشأة الحجاج في الطائف أثر بالغ في فصاحته.. حيث كان على اتصال بقبيلة هذيل أفصح العرب..
فشب خطيبا حتى قال عنه أبو عمرو بن العلاء:


"ما رأيت أفصح من الحسن البصري ومن الحجاج"


وتشهد خطبه بمقدرة فائقة في البلاغة والبيان...




الى هنا وبقي الكثير والكثير عن الحجاج رحمه الله .. وكم اعجبني ما أورده أخي الفاضل
السعيد عن ذكره للحجاج ..

ويكفي ان اقول ان لي الشرف بان يكون الحجاج الثقفي جدي ...


:)


ألف ألف شكر اخي رحال ..

.
.

عابده