همسة
23-12-2004, 10:32 PM
هذه ( السواليف ) مجرد جلسات و حكايا من باطن ذاكرة ( أبو سيف ) ، وجدت طريقها في أحاديث حول مائدة الطعام او جلسات السهر ، او حتى في المناسبات العابرة. حاولت حفظها جميعا في ذاكرتي جزافا ، فعلى القدر الذي كنت فيه حريصة أن اسمع أكبر قدر من حكاياته في الوقت القصير الذي جالسته فيه، و على القدر الذي جهدت فيه بلملمت الأحداث، لم يسعفني تذكّري إلا بهذه القصاصات.هي مجرد اوراق مبعثرة ، و ليست توثيقا، فأعذروا لي تقصيري...
قـــــبـل الـــــبـدء (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15655)
أيــام الـدراســـة (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15699)
مــنـع الـتـــجـوّل (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15812)
إغتصاب الأرض (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15999)
-----------------------------------------------------
أظنه كان اليوم السابع من أيام ( معركة الأحشاء الخاوية ) و الإضراب عن الطعام التي شنّها الأسرى الفلسطينيون إحتجاجا على أوضاع سجنهم. كانت قناة الجزيرة تبث برنامجا خاصا للتضامن مع الأسرى يقدّمه غسّان بن جدّو..
(1)
قلت معلّقة : يعني هلأ إسرائيل من حسانتها بدها تسأل فيهم عاشوا و لا ماتوا .. ما حياتهم عندها ارخص من قشرة بصلة ..
نظر إلي ابو سيف مستغربا كلامي بشدة ، وقال : الصليب الأحمر الدولي بيسأل .. مش من صالح اي دولة تزيد حالات الوفاة بسجونها ، هاد الحكي بهدد سمعة إسرائيل دوليا .. غير هيك ، مجرّد كلمة إضراب بيفتح باب على إرائيلو بحرّك الصليب الأحمر و جمعيات حقوق الإنسان، حتى لو ما جاب هالحكي نتيجة كبيرة بس إلا ما يغير إشي ..
(2)
كان تقريرا عن أم اسير استشهدت إثر تضامنها مع الأسرى و امتناعها عن الطعام ..
سألته : هلأ هدول ما بياكلوا أبدا ، طب بالله كيف الناس اللي اضربت براة السجن ماتوا على طول و صار عددهم أكتر من اللي ماتوا جواة السجن ...
أجاب :انتي مين بتفكري جالس بالسجن ، ناس عاديّن .. عالبركة؟؟ اللي مساعد الأسرى ان فيهم أطباء و صيادلة و كلهم إلا ما ندر خريجين جامعات ..
لمّا بيعملوا إضراب عن الطعام ما بياكلوا ، بس بعيشوا على المي و الملح عشان امعاءهم ما تعفّن و ضغطهم و أعصابهم يضلّوا بصحّة منيحة ، و اللي فيه تعب او مرض معين بيستوجب إنو ياكل ما بيضرب .. يعني مو متل هالست الكبيرة بالعمر يعني إن شاء الله هيه شهيدة ، بس تلاقيها تعبانه و صحتها مش منيحة و حرمت حالها الأكل من رابع يوم ماتت ! الموت مش هدف!
سألت : هل يستوجب و ضع الأسرى ان يضربوا عن الطعام فعلا .. لا أقصد ان أقلل من شأن الجهاد ، لكن الغاية التي تدفع اسير ضحّى بنفسه في سبيل وطنه أكبر من ظروف السجن ، يعني اللي حط حياته على كفّه بدوّ يسأل بظروف إعتقاله!!؟؟
انتي ما بتعرفي شو يعني اسر عند اليهود .. بس إسألي مجرّب (!!) الأسر شيء و المقاومة و الإستشهاد شئ ثاني.. و لو ما |إن الأسرى ناس عندهم فكر و منطق و علم ما كان بيمشي حالهم..
على أبسط مثال و بغض النظر عن الأمور الأخرى .. غرفة السجن مساحتها 4 × 5 أمتار ، يتواجد فيها 40 اسير محرومين من الإستحمام و اساسيات النظافة ، لربما يستحمّون مرة كل ثلاث اشهر .. ماذا تتوقعين من الأراض الجلدية المنتشرة بينهم و هي بطبيعة الحال أمراض معدية!
(3)
السجن مجتمع قائم بذاته ، قوي و على مستوى عال من التنظيم ، و لكل فرد فيه مهمة ، و هذا الحكي كاسر ظهر اسرائيل ..
برغم ان التوجّهات الحزبية من فتح و حماس و الجهاد و الجبهة الشعبية ..كلها موجودة داخل الأسر، إلا أنها جميعا متفهمة لدورها .. تؤديه بعيدا عن النزاعات السلطوية..
وكل الأسرى بإختلاف إنتماءاتهم لهم برنامج يومي موحّد ، فالأسير منذ دخوله السجن _ طبعا رح تكون حالته و نفسيته زي الزفت _ يبدأ دور الأسرى السابقين باستقباله و رفع معنوياته و إشعاره بمدى اهميته، ثم يبدأ كل طيف سياسي بتعريف الأسير عليه و على أفكاره و أفراده..
(4)
تقام داخل السجن محاضرات يومية عن القضيّة الفلسطينية و التطوّرات التي مرّت بها مفصلة و جلسات تحليل سياسي و سير المجاهدين الفلسطينين البارزين بغض النظر عن إنتمائهم الحزبي ، إضافة للمحاضرات الدينية للمسلمين و أخرى المسيحيّن ،. و على جميع الأسرى بلا إستثناء حضور هذه المحاضرات و متابعتها و لا يعذر أحد
إضافة إلى ان الطلاب عليهم متابعة دراستهم داخل السجن ، فالجهل ممنوع! ينظّمون في محاضرات تبعا لتخصصاتهم يتولى شأنها أساتذة الجامعات ممن هم داخل الأسر و يعاونهم من به الكفاءة من الأسرى و في نهاية المطاف يحوزون على شهادات صادرة من قيادة الأسرى..
(5)
هذا التنظيم ما تسعى اسرائيل الى تدميره عن طريق دس الخونة بين الأسرى ، بمعنى ان دخل الى السجن احد المتعاونين معها ليظهر كأنه اسير مقاومة ، ليسعى بدوره الى اخذ المعلومات عن التنظيمات السياسية خارج جدران السجن و عن الأسماء التي تهدد امن اسرائيل بالخفاء و العقول المدبّرة غير المعلن عنها ، إضافة الى زرع الفتن بين الأسرى
غالبا ما يكشف هؤلاء من ايامهم الأولى، و يصبح من اللازم تنبيه باقي الأسرى في الغرف المجاورة الى وجود دخيل بينهم دون إشعار الخائن بإكتشاف امره و يطلب من جهات المقاومة خارج الأسر ان تتحقق من امر الخائن المدسوس ، و تماما كما تهرّب اقراص المخدّرات الى داخل الدول تهرّب المعلومات الى السجن ، عندها تتم محاكمة الخائن غالبا ما تكون ليلية .. فإذا ما كان الخائن قد شارك في عمليات كبيرة او تورط في قتل او اغتيال احد افراد المقاومة يتم شنقه . ثم يختار اسير ممن حكم عليه مؤبد او اعدام في اكثر من قضية ليظهر امام الجنود الإسرائيلين انه القاتل..
و في صباح اليوم التالي ، عندما يقوم الجنود بتفقّد الأسرى ، يجلس الأسير "القاتل" واضعا رأس المقتول امامه ، و يلقي رمد سيجارته في اذن المقتول ، بهذه الطريقة يعرف باقي الأسرى من الغرف المجاورة من هو " القاتل" ، لغاية شؤون التحقيق، و لتظهر العملية انها تصفية نزاع أمام الجنود...
في فترة الصباح التي يتفقد الجنود بها الأسرى ،إن لم تكن قد تمت محاكمة المدسوس ، و كان قد شعر بشئ يحاك ضدّه ، تكون هذه فرصته للنجاة بجلده.. ليخرج مع الجنود ...
(6)
أخبرني ذات مرّة ، أن خاله قد أسر في سجن صحراء النقب ، و ذات مرة قام الجنود بنقل الأسرى الى ساحة في الصحراء مسيّجة ، تركوهم فيها نهارا كاملا بلا غطاء يكفّ اذى الشمس او حتى ماء ..
أصطفّ الاسرى لصلاة الاستسقاء حينها و ما إن وقفوا حتى بدأت الطيور بتظليلهم ، و ما انهوا صلاتهم بدقائق حتى انعم الله عليهم بالمطر في قلب الصحراء..
حاولت مرارا ان اجرّه الى الحديث عن غرف التحقيق و ما إذا كانوا يعذّبون ، لكنه لم يكن يجب إلا بـ " الله يفك اسر كل واحد عنهم و يعوضه بالخير و راحة البال "
-----------------------------------------------------
و أعتذر عن تأخري ..
قـــــبـل الـــــبـدء (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15655)
أيــام الـدراســـة (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15699)
مــنـع الـتـــجـوّل (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15812)
إغتصاب الأرض (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15999)
-----------------------------------------------------
أظنه كان اليوم السابع من أيام ( معركة الأحشاء الخاوية ) و الإضراب عن الطعام التي شنّها الأسرى الفلسطينيون إحتجاجا على أوضاع سجنهم. كانت قناة الجزيرة تبث برنامجا خاصا للتضامن مع الأسرى يقدّمه غسّان بن جدّو..
(1)
قلت معلّقة : يعني هلأ إسرائيل من حسانتها بدها تسأل فيهم عاشوا و لا ماتوا .. ما حياتهم عندها ارخص من قشرة بصلة ..
نظر إلي ابو سيف مستغربا كلامي بشدة ، وقال : الصليب الأحمر الدولي بيسأل .. مش من صالح اي دولة تزيد حالات الوفاة بسجونها ، هاد الحكي بهدد سمعة إسرائيل دوليا .. غير هيك ، مجرّد كلمة إضراب بيفتح باب على إرائيلو بحرّك الصليب الأحمر و جمعيات حقوق الإنسان، حتى لو ما جاب هالحكي نتيجة كبيرة بس إلا ما يغير إشي ..
(2)
كان تقريرا عن أم اسير استشهدت إثر تضامنها مع الأسرى و امتناعها عن الطعام ..
سألته : هلأ هدول ما بياكلوا أبدا ، طب بالله كيف الناس اللي اضربت براة السجن ماتوا على طول و صار عددهم أكتر من اللي ماتوا جواة السجن ...
أجاب :انتي مين بتفكري جالس بالسجن ، ناس عاديّن .. عالبركة؟؟ اللي مساعد الأسرى ان فيهم أطباء و صيادلة و كلهم إلا ما ندر خريجين جامعات ..
لمّا بيعملوا إضراب عن الطعام ما بياكلوا ، بس بعيشوا على المي و الملح عشان امعاءهم ما تعفّن و ضغطهم و أعصابهم يضلّوا بصحّة منيحة ، و اللي فيه تعب او مرض معين بيستوجب إنو ياكل ما بيضرب .. يعني مو متل هالست الكبيرة بالعمر يعني إن شاء الله هيه شهيدة ، بس تلاقيها تعبانه و صحتها مش منيحة و حرمت حالها الأكل من رابع يوم ماتت ! الموت مش هدف!
سألت : هل يستوجب و ضع الأسرى ان يضربوا عن الطعام فعلا .. لا أقصد ان أقلل من شأن الجهاد ، لكن الغاية التي تدفع اسير ضحّى بنفسه في سبيل وطنه أكبر من ظروف السجن ، يعني اللي حط حياته على كفّه بدوّ يسأل بظروف إعتقاله!!؟؟
انتي ما بتعرفي شو يعني اسر عند اليهود .. بس إسألي مجرّب (!!) الأسر شيء و المقاومة و الإستشهاد شئ ثاني.. و لو ما |إن الأسرى ناس عندهم فكر و منطق و علم ما كان بيمشي حالهم..
على أبسط مثال و بغض النظر عن الأمور الأخرى .. غرفة السجن مساحتها 4 × 5 أمتار ، يتواجد فيها 40 اسير محرومين من الإستحمام و اساسيات النظافة ، لربما يستحمّون مرة كل ثلاث اشهر .. ماذا تتوقعين من الأراض الجلدية المنتشرة بينهم و هي بطبيعة الحال أمراض معدية!
(3)
السجن مجتمع قائم بذاته ، قوي و على مستوى عال من التنظيم ، و لكل فرد فيه مهمة ، و هذا الحكي كاسر ظهر اسرائيل ..
برغم ان التوجّهات الحزبية من فتح و حماس و الجهاد و الجبهة الشعبية ..كلها موجودة داخل الأسر، إلا أنها جميعا متفهمة لدورها .. تؤديه بعيدا عن النزاعات السلطوية..
وكل الأسرى بإختلاف إنتماءاتهم لهم برنامج يومي موحّد ، فالأسير منذ دخوله السجن _ طبعا رح تكون حالته و نفسيته زي الزفت _ يبدأ دور الأسرى السابقين باستقباله و رفع معنوياته و إشعاره بمدى اهميته، ثم يبدأ كل طيف سياسي بتعريف الأسير عليه و على أفكاره و أفراده..
(4)
تقام داخل السجن محاضرات يومية عن القضيّة الفلسطينية و التطوّرات التي مرّت بها مفصلة و جلسات تحليل سياسي و سير المجاهدين الفلسطينين البارزين بغض النظر عن إنتمائهم الحزبي ، إضافة للمحاضرات الدينية للمسلمين و أخرى المسيحيّن ،. و على جميع الأسرى بلا إستثناء حضور هذه المحاضرات و متابعتها و لا يعذر أحد
إضافة إلى ان الطلاب عليهم متابعة دراستهم داخل السجن ، فالجهل ممنوع! ينظّمون في محاضرات تبعا لتخصصاتهم يتولى شأنها أساتذة الجامعات ممن هم داخل الأسر و يعاونهم من به الكفاءة من الأسرى و في نهاية المطاف يحوزون على شهادات صادرة من قيادة الأسرى..
(5)
هذا التنظيم ما تسعى اسرائيل الى تدميره عن طريق دس الخونة بين الأسرى ، بمعنى ان دخل الى السجن احد المتعاونين معها ليظهر كأنه اسير مقاومة ، ليسعى بدوره الى اخذ المعلومات عن التنظيمات السياسية خارج جدران السجن و عن الأسماء التي تهدد امن اسرائيل بالخفاء و العقول المدبّرة غير المعلن عنها ، إضافة الى زرع الفتن بين الأسرى
غالبا ما يكشف هؤلاء من ايامهم الأولى، و يصبح من اللازم تنبيه باقي الأسرى في الغرف المجاورة الى وجود دخيل بينهم دون إشعار الخائن بإكتشاف امره و يطلب من جهات المقاومة خارج الأسر ان تتحقق من امر الخائن المدسوس ، و تماما كما تهرّب اقراص المخدّرات الى داخل الدول تهرّب المعلومات الى السجن ، عندها تتم محاكمة الخائن غالبا ما تكون ليلية .. فإذا ما كان الخائن قد شارك في عمليات كبيرة او تورط في قتل او اغتيال احد افراد المقاومة يتم شنقه . ثم يختار اسير ممن حكم عليه مؤبد او اعدام في اكثر من قضية ليظهر امام الجنود الإسرائيلين انه القاتل..
و في صباح اليوم التالي ، عندما يقوم الجنود بتفقّد الأسرى ، يجلس الأسير "القاتل" واضعا رأس المقتول امامه ، و يلقي رمد سيجارته في اذن المقتول ، بهذه الطريقة يعرف باقي الأسرى من الغرف المجاورة من هو " القاتل" ، لغاية شؤون التحقيق، و لتظهر العملية انها تصفية نزاع أمام الجنود...
في فترة الصباح التي يتفقد الجنود بها الأسرى ،إن لم تكن قد تمت محاكمة المدسوس ، و كان قد شعر بشئ يحاك ضدّه ، تكون هذه فرصته للنجاة بجلده.. ليخرج مع الجنود ...
(6)
أخبرني ذات مرّة ، أن خاله قد أسر في سجن صحراء النقب ، و ذات مرة قام الجنود بنقل الأسرى الى ساحة في الصحراء مسيّجة ، تركوهم فيها نهارا كاملا بلا غطاء يكفّ اذى الشمس او حتى ماء ..
أصطفّ الاسرى لصلاة الاستسقاء حينها و ما إن وقفوا حتى بدأت الطيور بتظليلهم ، و ما انهوا صلاتهم بدقائق حتى انعم الله عليهم بالمطر في قلب الصحراء..
حاولت مرارا ان اجرّه الى الحديث عن غرف التحقيق و ما إذا كانوا يعذّبون ، لكنه لم يكن يجب إلا بـ " الله يفك اسر كل واحد عنهم و يعوضه بالخير و راحة البال "
-----------------------------------------------------
و أعتذر عن تأخري ..