المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مولد النبي ... هل نحتفل ...؟؟؟



الفجر الصادق
16-05-2002, 07:52 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يقول السائل:

ما حكم المولد النبوي؟

وما حكم الذي يحضره؟

وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟


الجواب:

المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به؛

لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من أهل العلم أن الاحتفالات بالموالد بدعة لا شك في ذلك،

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الناس وأعلمهم بشرع الله، والمبلغ عن الله لم يحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، لا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم،

فلو كان حقا وخيرا وسنة لبادروا إليه ولما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولعلمه أمته أو فعله بنفسه ولفعله أصحابه، وخلفاؤه رضي الله عنهم، فلما تركوا ذلك علمنا يقينا أنه ليس من الشرع، وهكذا القرون المفضلة لم تفعل ذلك،

فاتضح بذلك أنه بدعة،

وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وقال عليه الصلاة والسلام: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد في أحاديث أخرى تدل على ذلك.


وبهذا يعلم أن الاحتفالات بالمولد النبوي في ربيع الأول أو في غيره، وكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى كالبدوي والحسين وغير ذلك؛ كلها من البدع المنكرة، التي يجب على أهل الإسلام تركها،

وقد عوضهم الله بعيدين عظيمين: عيد الفطر وعيد الأضحى ففيهما الكفاية عن إحداث أعياد واحتفالات منكرة مبتدعة.





وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم يكون بالموالد وإقامتها، وإنما حبه صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه والتمسك بشريعته، والذبِّ عنها، والدعوة إليها، والاستقامة عليها، هذا هو الحب الصادق كما قال الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31]، فحب الله ورسوله ليس بالموالد ولا بالبدع.



ولكن حب الله ورسوله يكون بطاعة الله ورسوله وبالاستقامة على شريعة الله، وبالجهاد في سبيل الله، وبالدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمها والذب عنها، والإنكار على من خالفها،

هكذا يكون حب الله سبحانه وحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويكون بالتأسي به؛ بأقواله وأعماله، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى ذلك،

هذا هو الحب الصادق الذي يدل عليه العمل الشرعي، والعمل الموافق لشرعه.





وأما كونه يعذب أو لا يعذب هذا شيء آخر، هذا إلى الله جل وعلا، فالبدع والمعاصي من أسباب العذاب، لكن قد يعذب الإنسان بسبب معصيته وقد يعفو الله عنه؛ إما لجهله، وإما لأنه قلد من فعل ذلك ظنا منه أنه مصيب، أو لأعمال صالحة قدمها صارت سببا لعفو الله أو لشفاعة الشفعاء من الأنبياء والمؤمنين أو الأفراط.


فالحاصل أن المعاصي والبدع من أسباب العذاب، وصاحبها تحت مشيئة الله جل وعلا إذا لم تكن بدعته مكفرة، أما إذا كانت بدعته مكفرة من الشرك الأكبر فصاحبها مخلد في النار -والعياذ بالله-، لكن هذه البدعة إذا لم يكن فيها شرك أكبر وإنما هي صلوات مبتدعة، واحتفالات مبتدعة، ليس فيها شرك، فهذه تحت مشيئة الله كالمعاصي، لقول الله سبحانه في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ


وأما الأشخاص الذين يجعلون لأنفسهم عيدا لميلادهم فعملهم منكر وبدعة كما تقدم، وهكذا إحداث أعياد لأمهاتهم أو لآبائهم أو مشايخهم كله بدعة يجب تركه والحذر منه.


وأما ما أحدثه الفاطميون المعروفون، فإن ذلك كان في مصر والمغرب في القرن الرابع والخامس، وقد أحدثوا موالد للرسول صلى الله عليه وسلم، وللحسن والحسين، وللسيدة فاطمة، ولحاكمهم، ثم وقع بعد ذلك الاحتفال بالموالد بعدهم من الشيعة وغيرهم، وهي بدعة بلا شك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد، وأصحابه أفضل الناس بعد الأنبياء، وقد بلغ البلاغ المبين، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولا أرشد إلى ذلك، ولا احتفل به أصحابه أفضل الناس، وأحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة الثلاثة.


فعلم أنه بدعة، ووسيلة إلى الشرك والغلو في الأنبياء وفي الصالحين، فإنهم قد يعظمونهم بالغلو والمدائح التي فيها الشرك بالله، الشرك الأكبر، كوصفهم لهم بأنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يدعون من دون الله، أو يستغاث بهم، وما أشبه ذلك، فيقعون في هذا الاحتفال في أنواع من الشرك وهم لا يشعرون، أو قد يشعرون.


فالواجب ترك ذلك، وليس الاحتفال بالمولد دليلا على حب المحتفلين بالنبي صلى الله عليه وسلم وعلى اتباعهم له، وإنما الدليل والبرهان على ذلك هو اتباعهم لما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو الدليل على حب الله ورسوله الحب الصادق، كما قال عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31].

فمن كان يحب الله ورسوله فعليه باتباع الحق، بأداء أوامر الله، وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، والمسارعة إلى مراضي الله، والحذر من كل ما يغضب الله عز وجل، هذا هو الدليل، وهذا هو البرهان، وهذا هو ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان.


أما الاحتفال بالموالد للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو للبدوي، أو لفلان وفلان، فكله بدعة وكله منكر يجب تركه، لأن الخير في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع أصحابه والسلف الصالح، والشر في الابتداع والاختراع ومخالفة ما عليه السلف الصالح، هذا هو الذي يجب وهذا هو الذي نفتي به، وهذا هو الحق الذي عليه سلف الأمة ولا عبرة لمن خالف ذلك وتأول ذلك، فإنما هدم الدين في كثير من البلدان، والتبس أمره على الناس بسبب التأويل والتساهل، وإظهار البدع، وإماتة السنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله - والله المستعان.





الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله












إذن



هل نحتفل ؟

الفجر الصادق
16-05-2002, 08:23 PM
رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "


الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله











الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .



أما بعد :


فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، والقيام له في أثناء ذلك ، وإلقاء السلام عليه ، وغير ذلك مما يفعل في الموالد .


والجواب أن يقال :

لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا غيره ؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .


وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، أي : مردود عليه ، وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " .
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها .


وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7 ) ، وقال عز وجل : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( سورة النور : 63 ) ، وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ( سورة الأحزاب : 21 ) ، وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) ( سورة التوبة : 100 ) ، وقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ( سورة المائدة : 3 ) .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .


وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به ، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين : أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم في صحيحه .


ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، وأكملهم بلاغاً ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، أو فعله في حياته ، أو فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء ، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته ، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد جاء في معناهما أحاديث أُُخر ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة .


وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها .

وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال آلات الملاهي ، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر ، وظنوا أنها من البدع الحسنة .


والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .


كما قال الله عز وجل : ( يآأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 ) ، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى : 10 ) .


وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه ، فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا وأمرنا باتباع الرسول فيه ، وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها أنه فعله ، ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين ، بل هو من البدع المحدثة ، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم .


وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام ، بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال تعالى عن اليهود والنصارى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( سورة البقرة : 111 ) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سورة الأنعام : 116 ) .


ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور ، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء .


وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله عنه .


ومن العجائب والغرائب : أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ، ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين .


ومن ذلك : أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة ، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون ( 15 ـ 16 ) : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة ، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام .

فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور ، والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .

أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات ، ومن الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يآ أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( سورة الأحزاب : 56 ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ، وهي مشروعة في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة ، منها بعد الأذان ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة .


والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .

الفجر الصادق
19-05-2002, 12:27 AM
حكم الاحتفال بذكر المولد النبوي


--------------------------------------------------------------------------------



الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين, وبعد :



فلا يخفى ما ورد في الكتاب والسنة من الأمر باتباع شرع الله ورسوله, والنهي عن الابتداع في الدين , قال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) آل عمران/31 , وقال تعالى : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ) الأعراف/3, وقال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) الأنعام/ 153, وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد , وشر الأمور محدثاتها ) . وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). رواه البخاري رقم 2697, ومسلم رقم 1718. وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .



وإن من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولود النبوي في شهر ربيع الأول ,


وهم في هذا الاحتفال على أنواع :

فمنهم من يجعله مجرد اجتماع تُقرأ فيه قصة المولد , أو تقدم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة .

ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك , ويقدمه لمن حضر.

ومنهم من يقيمه في المساجد , ومنهم من يقيمه في البيوت .

ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر , فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء , أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك.

وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة أحدثها الشيعة الفاطميون بعد القرون الثلاثة المفضلة لإفساد دين المسلمين . وأول من أظهره بعدهم الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري , كما ذكره المؤرخون كابن خلكان وغيرهما.



وقال أبو شامة : وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين , وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره.


قال الحافظ ابن كثير في (البدية والنهاية : 13/137) في ترجمة أبي سعيد كزكبوري : (وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاٌ هائلاً .. إلى أن قال : قال البسط : حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي , وعشرة آلاف دجاجة , ومائة ألف زبدية , وثلاثين صحن حلوى .. إلى أن قال : ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقض بنفسه معهم.

وقال ابن خلكان في (وفيات الأعيان : 3/274) : فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة , وقعد في كل قبة جوق من الأغاني وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي , ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقاً .

وتبطل معايش الناس في تلك المدة ، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم ... " إلى أن قال : ( فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن الوصف ، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي ، حتى يأتي بها إلى الميدان ... " إلى أن قال : " فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة ".

فهذا مبدأ حدوث الاحتفال وإحيائه بمناسبة ذكرى المولد ، حدث متأخراً ومقترنأً باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان .




والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع ، وألا يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه .





حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي :

الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ممنوع ومردود من عدة وجوه :



أولاً : أنه لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه . وما كان كذلك فهو من البدع الممنوعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي برقم 2676 .



والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون بعد القرون المفضلة لإفساد دين المسلمين . ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به ، ولم يفعله خلفاؤه من بعده ، فقد تضمن فعله اتهام الرسول بأنه لم يبين للناس دينهم ، وتكذيب قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) المائدة/3 لأنه جاء بزيادة يزعم أنها من الدين ولم يأت بها الرسول صلى الله عليه وسلم .



ثانياً : في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى ، لأنهم يحتفلون بذكرى مولد المسيح عليه السلام والتشبه بهم محرم أشد التحريم ، ففي الحديث النهي عن التشبه بالكفار ، والأمر بمخالفتهم ، ففد قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) أخرجه أحمد 2/50 ، وأبو داود 4/314 ، وقال : ( خالفوا المشركين ) أخرجه مسلم 1/222 رقم 259 ، ولا سيما فيما هو من شعائر دينهم .




ثالثاً : أن الاحتفال بذكرى مولد الرسول مع كونه بدعة وتشبهاُ بالنصارى وكل منهما محرم فهو كذلك وسيلة إلى الغلو والمبالغة في تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستعانة به من دون الله ، كما هو الواقع الآن من كثير ممن يحييون بدعة المولد ، من دعاء الرسول من دون الله ، وطلب المدد منه ، وإنشاد القصائد الشركية في مدحه كقصيدة البردة وغيرها ، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله ) أخرجه البخاري 4/142 رقم 3445 ، الفتح 6/551 ، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله ، وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله : ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) النساء/171

ونهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن الغلو خشية أن يصيبنا ما أصابهم ، فقال : ( إياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) أخرجه النسائي 5/268 ، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم 2863 .



رابعاً : إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن ، ولهذا تجد المبتدعة ينشطون في إحياء البدع ويكسلون عن السنن ويبغضونها ويعادون أهلها ، حتى صار دينهم كله ذكريات بدعية وموالد ، وانقسموا إلى فرق كل فرقة تحيي ذكرى موالد أئمتها ، كمولد البدوي وابن عربي والدسوقي والشاذلي ، وهكذا لا يفرغون من مولد إلا يشتغلون بآخر ، ونتج عن ذلك الغلو بهؤلاء الموتى وبغيرهم ودعائهم من دون الله ، واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون حتى انسلخوا من دين الله وعادوا إلى دين أهل الجاهلية الذين قال الله فيهم : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) يونس/18 ، وقال تعالى : ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) الزمر/3




مناقشة شبه مقيمي المولد :

هذا ، وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيوت العنكبوت ، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي :



1- دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم :

والجواب عن ذلك أن نقول : إنما تعظيمه صلى الله عليه وسلم بطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه ومحبته صلى الله عليه وسلم ، وليس تعظيمه بالبدع والخرافات والمعاصي ، والاحتفال بذكرى المولد من هذا القبيل المذموم لأنه معصية ، وأشد الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابة رضي الله عنهم ، كما قال عروة بن مسعود لقريش : ( أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداًُ صلى الله عليه وسلم ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوءه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدّون النظر إليه تعظيماً له ) البخاري 3/178 رقم 2731 ، 2732 ، الفتح : 5/388 ، ومع هذا التعظيم ما جعلوا يوم مولده عيداً واحتفالاً ، ولو كان ذلك مشروعاً ما تركوه .




2- الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان :

والجواب عن ذلك أن نقول : الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن البدع عموماً ، وهذا منها ، وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة وإن كثروا : ( ولا تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) الأنعام/116 ، مع أنه لا يزال بحمد الله في كل عصر من ينكر هذه البدعة ويبين بطلانها ، فلا حجة بعمل من استمر على إحيائها بعد ما تبين له الحق .

فممن أنكر الاحتفال بهذه المناسبة شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ، والإمام الشاطبي في " الاعتصام " ، وابن الحاج في " المدخل " ، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي ألّف في إنكاره كتاباً مستقلاً ، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان " ، والسيد محمد رشيد رضا ألف فيه رسالة مستقلة ، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وغير هؤلاء ممن لا يزالون يكتبون في إنكار هذه البدعة كل سنة في صفحات الجرائد والمجلات ، في الوقت الذي تقام فيه هذه البدعة .




3- يقولون : إن في إقامة المولد إحياءً لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم .

والجواب عن ذلك أن نقول : إن ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم تتجدد مع المسلم ، ويرتبط بها المسلم لكما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم في الآذان والإقامة والخطب ، وكلما ردد المسلم الشهاتين بعد الوضوء وفي الصلوات ، وكلما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في صلواته وعند ذكره ، وكلما عمل المسلم عملاً صالحاً واجباً أو مستحباً مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه بذلك يتذكره ويصل إليه في الأجر مثل أجر العامل .. وهكذا المسلم دائماً يحيي ذكرى الرسول ويرتبط به في الليل والنهار طوال عمره بما شرعه الله ، لا في يوم المولد فقط وبما هو بدعة ومخالفة لسنته ، فإن ذلك يبعد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبرأ منه .




والرسول صلى الله عليه وسلم غني عن هذا الاحتفال البدعي بما شرعه الله له من تعظيمه وتوقيره كما في قوله تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) الشرح/4 ، فلا يذكر الله عز وجل في أذان ولا إقامة ولا خطبة وإلا يذكر بعده الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى بذلك تعظيماً ومحبة وتجديداُ لذكراه وحثاً على اتباعه .

والله سبحانه وتعالى لم ينوه في القرآن بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما نوه ببعثته ، فقال : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ) آل عمران/124 ، وقال : ( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ) الجمعة/2




4- وقد يقولون : الاحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه ملك عادل عالم ، قصد به التقرب إلى الله !

والجواب عن ذلك أن نقول : البدعة لا تُقبل من أي أحد كان ، وحُسن القصد لا يُسوغ العمل السيئ ، وموته عالماً وعادلاً لا يقتضي عصمته .




5- قولهم : إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم !

ويجاب عن ذلك بأن يقال : ليس في البدع شيء حسن ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري 3/167 رقم 2697 ، الفتح 5/355 ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( فإن كل بدعة ضلالة ) أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي رقم 2676 ، فحكم على البدع كلها بأنها ضلالة ، وهذا يقول : ليس كل بدعة ضلالة ، بل هناك بدعة حسنة .

قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين : ( فقوله صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " من جوامع الكلم ، لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل عظيم من أصول الدين ، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه البخاري 3/167 رقم 2697 ، الفتح 5/355 ، فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة ) انتهي جامع العلوم والحكم ، ص 233

وليس لهولاء حجة على أن هناك بدعة حسنة إلا قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح : ( نعمت البدعة هذه ) صحيح البخاري 2/252 رقم 2010 معلقاً ، الفتح 4/294

وقالوا أيضاً : أنها أُحدثت أشياء لم يستنكرها السلف ، مثل : جمع القرآن في كتاب واحد ، وكتابة الحديث وتدوينه .

والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع فليست محدثة .

وقول عمر : ( نعمت البدعة ) يريد : البدعة اللغوية لا الشرعية ، فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه ، إذا قيل : إنه بدعة ، فهو بدعة لغة لا شرعاُ ، لأن البدعة شرعاً ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه .

وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن لكن كان مكتوباً متفرقاُ ، فجمعه الصحابة في كتاب واحد حفظأً له .

والتروايح قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تُفرض عليهم ، واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعاً متفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ، إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلق إمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس هذا بدعة في الدين .

وكتابة الحديث أيضاً لها أصل في الشرع ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة بعض الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك ، وكان المحذور من كتابته بصفة عامة في عهده صلى الله عليه وسلم خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه ، فلما توفي صلى الله عليه وسلم انتفى هذا المحذور ، لأن القرآن قد تكامل وضبط قبل وفاته صلى الله عليه وسلم ، فدوّن المسلموت السنة بعد ذلك حفظاً لها من الضياع ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين .

ويقال أيضاً : لماذا تأخر القيام بهذا الشكر على زعمكم فلم يقم يه أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، وهم أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر ، فهل كان من أحدث بدعة المولد أهدى منهم وأعظم شكراُ لله عز وجل ؟ حاشا وكلا .




6- قد يقولون : إن الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ينبئ عن محبته فهو مظهر من مظاهرها ، وإظهار محبته صلى الله عليه وسلم مشروع !

والجواب أن نقول : لا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه - ولكن ليس معنى ذلك أن تبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا ، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه ، فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته ، كما قيل :

لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحبّ لمن يحب مطيع

فمحبته صلى الله عليه وسلم تقتضي إحياء سنته ، والعض عليها بالنواجذ ، ومجانبة ما خالفها من الأقوال والأفعال ، ولا شك أن كل ما خالف سنته فهو بدعة مذمومة ومعصية ظاهرة ، ومن ذلك الاحتفال بذكرى مولده وغيره من البدع ، وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين ، فإن الدين مبني على أصلين : الإخلاص والمتابعة ، قال تعالى : ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) البقرة / 112 ، فإسلام الوجه لله الإخلاص لله ، والإحسان هو التابعة للرسول وإصابة السنة .




7- ومن شبههم : أنهم يقولون : إن في إحياء ذكرى المولد وقراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المناسبة حثاً على الاقتداء والتأسي به !

فنقول لهم : إن قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به مطلوبان من المسلم دائماً طوال السنة وطوال الحياة ، أما تخصيص يوم معين لذلك بدون دليل على التخصيص فإنه يكون بدعة " وكل بدعة ضلالة " أخرجه أحمد 4/164 ، والترمذي 2676 ، والبدعة لا تثمر إلا شراً وبعداً عن النبي صلى الله عليه وسلم .




وخلاصة القول : أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي بأنواعه واختلاف أشكاله بدعة منكرة يجب على المسلين منعها ومنع غيرها من البدع ، والاشتغال بإحياء السنن والتمسك بها ، ويُغتر بمن يروّج هذه البدعة ويدافع عنها ، فإن هذا الصنف يكون اهتمامهم بإحياء البدع أكثر من اهتمامهم بإحياء السنن ، بل ربما لا يهتمون بالسنن أصلاً ، ومن كان هذا شأنه فلا يجوز تقليده والاقتداء به ، وإن كان هذا الصنف هم أكثر الناس ، وإنما يقتدي بمن سار على نهج السنة من السلف الصالح وأتباعهم وإن كانوا قليلاً ، فالحق لا يُعرف بالرجال ، وإنما يُعرف الرجال بالحق .

قال صلى الله عليه وسلم : ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعيلكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي رقم 2676 ، فبين لنا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف بمن نقتدي عند الاختلاف ، كما بين أن كل ما خالف السنة من الأقوال والأفعال فهو بدعة ، وكل بدعة ضلالة .

وإذا عرضنا الاحتفال بالمولد النبوي لم نجد له أصلاً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا في سنة خلفائه الراشدين ، إذن فهو من محدثات الأمور ومن البدع المضلة ، وهذا الأصل الذي تضمّنه هذا الحديث وقد دل عليه قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاًُ ) النساء /59

والرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه الكريم ، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرجوع إلى سنته بعد وفاته ، فالكتاب والسنة هما المرجع عند التنازل ، فأين في الكتاب والسنة ما يدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ؟ فالواجب على من يغعل ذلك أو يستحسنه أن يتوب إلى الله تعالى منه ومن غيره من البدع ، فهذا هو شأن المؤمن الذي ينشد الحق ، وأما من عاند وكابر بعد قيام الحجة فإنما حسابه عند ربه .

هذا ونسأل الله أن يرزقنا التمسك بكتابه وسنة رسوله إلى يوم نلقاه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .



كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم بين الإجلال والإخلال ص 139

الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية .

محمد المحيا
20-05-2002, 08:03 PM
الأخت الكريمة الفجر الصادق..

مع احترامي لآراء بعض المشايخ في هذه المسألة إلا أنها لا تمثل سوى اجتهاداتهم الشخصية ولا يمكن اعتبارها "حكم الإسلام" لأن هناك الكثير من العلماء أيضاً يختلفون في "اجتهاداتهم" عما أوردتيه من آراء.

أرجو ألا يفهم من كلامي أنني أؤيد الاحتفال بالمولد النبوي .. فأنا لم أشارك فيه أبداً .. لكن التركيز على رأي واحد وتجاهل الآراء الشرعية المخالفة يعتبر نوعاً من أنواع الكتمان التي تؤدي إلى تلقين القارئ صورة مختلفة عن الواقع.

وهذا الكلام ينطبق على كثير من المسائل الخلافية في العصر الحاضر حيث يحاول أنصار كل مذهب فرض اتباع مذهبهم على الآخرين وتجاهل الآراء الأخرى التي تختلف معهم رغم استناد الجميع إلى أدلة شرعية مقنعة.

وحبذا لو تذكري لنا بعض الآراء التي تختلف عن الآراء السابقة حتى يكون القراء على اطلاع شامل بجوانب المسألة.

وجزاك الله خيراً

محمد

الفجر الصادق
21-05-2002, 02:13 AM
الاخ الكريم المحيا


جزاكم الله خيرا على تساؤلاتكم


وعلى اهتمامكم بموضوع ظاهره الخير ولكن ..؟؟؟



وجدت موقعا رائعا بحق


تطرق إلى هذه المناسبة من شتى النقاط


أرجو أن تجدوا فيه ما تتمنون


~~ المولد النبوي ~~ (http://www.saaid.net/mktarat/Maoled/index.htm)



بارك الله فيكم

محمد المحيا
21-05-2002, 10:47 AM
الأخت الكريمة الفجر الصادق

أشكرك على الموقع .. ولكن - مع الأسف - لم أجد فيه ما كنت أتمناه.

كل ما في الموقع هو امتداد لنفس الآراء المذكورة أعلاه.. ورغم أن بعض الفتاوى ترد على من أجاز الاحتفال بالمولد .. إلا أن الموقع لم يذكر رأياً واحداً من تلك الآراء المخالفة!

فهل من المنطق أن أقرأ رداً على فتوى دون أن أقرأ القتوى الأصلية كاملة؟!

شيء آخر لفت انتباهي وهو اعتراض الشيخ صالح الفوزان على كتاب "علموا أولادكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم" الذي ألفه الدكتور محمد عبده يماني.. حيث وصل به الأمر إلى الاعتراض على اسم الكتاب!

حيث يقول الشيخ الفوزان:
(قوله في العنوان: " علموا أولادكم حب رسول الله ".
هل المحبة تُـعَـلَّم تعليماً ، أو هي عمل قلبي يُـقوَّى ويُـنَـمَّى ؟ !
كان الأولى بالدكتور أن يقول: بينوا لأولادكم وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونموها في قلوبهم ؛ ببيان صفاته وخصائصه ، وما جاء على يديه من هداية الأمة ، وإخراجها من الظلمات إلى النور ، وإنقاذها من الخرافات والبدع والشركيات إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصحيحة). انتهى كلام الفوزان.

بالله ما الفرق بين "علموا" و "بينوا"؟!!
أليس التعليم يشمل القول والعمل؟!!
أم أنه اعتراض لمجرد الاعتراض فقط؟!!

كما قال الشيخ الفوزان:
(لماذا اقتصر معاليه على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يذكر محبة الله تعالى التي هي الأصل الذي تتبعه محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ! لماذا يذكر الفرع ويترك الأصل ؟ ! ألم تكن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تأتي بعد محبة الله تعالى في الكتاب والسنة؟). انتهى كلام الفوزان.

أيضاً شمل الاعتراض موضوع الكتاب .. وما الخطأ في أن يخصص شخص كتاباً عن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل يعتبر ذلك تجاهلاً لمحبة الله تعالى؟!!

حقيقة إن بعض الاعتراضات على ما يقوم به الناس في مناسبة المولد النبوي تشطح كثيراً عن الاختلاف المشروع بل إن البعض قد يخيل إليه أن مجرد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت قد يكون بدعة محرمة.. وكأن المشايخ يدعون الناس إلى نسيان النبي صلى الله عليه وسلم اجتناباً للشبهات!

أشكرك مرة أخرى

محمد

(أبو أسامة)
23-05-2002, 04:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الأخ محمد المحيا حفظه الله

أخي الحبيب قد لاتعرفني ولكني متابع لما تكتب عبر القوائم البريدية وآخر ما استفدت منك هو شرحك المصور لبرنامج web2pop

وعرفانا بالجميل أسوق لك هنا بعض الأفكار بخصوص المولد النبوي والتي بحثت عنها ولم تجدها أرجو من الله عزوجل أن يكون بها الجواب الكافي
وأرجو ممن يحب أن يرد أو يعلق أن يكون ذلك بداعي البحث عن الحقيقة لابداعي العصبية والتشنج

****************************** *****

المولد في الإسلام بين البدعة والإيمان

الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على نبيه ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هناك عيدين في الإسلام: عيد الأضحى وعيد الفطر، أما الاحتفالات الأخرى كالاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم فهي ليست إلزامية ولا ممنوعة. ومع ذلك وصلنا إلى وقت بتنا نسمع فيه الكثير من الانتقادات لهذا الاحتفال. ولم أشأ أن أتطرق إلى هذا الموضوع من قبل بسبب وجود قضايا أهم تشغل بال المسلمين في وقتنا الحاضر. فنحن نعيش في زمن يهدم فيه أعداء الإسلام أمة النبي صلى الله عليه وسلم من الداخل والخارج بلا رحمة، فيما يوجد القليل فقط من المؤمنين القادرين على مواجهتهم. وقد وصلنا إلى زمن جاهلية جديدة أضحت فيه الحقيقة سلعة، وبات الكذب هو الأصل.


نعيش اليوم في عصر يذبح فيه المسلمون في كل مكان. وقلوب المؤمنين تناجي الله عز وجل طالبة العون ليرسل إليهم من هو مؤيد بنصره وملائكته ليخلصهم من هاوية الجهل والقهر التي وقعوا فيها. وحيثما نظرنا نرى المسلمين يعذبون، ويقتلون ويؤذون لا لشيء إلا لقولهم «ربنا الله». وما يحدث في البوسنة وأذربيجان وكشمير وتايلندا وطاجكستان والجزائر، كما في كثير من أنحاء المعمورة لشواهد مرعبة على الطرق التي يعامل بها الإسلام والمسلمون، وبين الآلاف المؤلفة من العلماء ليس هناك سوى قلة منهم على استعداد لأن تدب الصوت وتطالب بالتغيير والعودة للشريعة وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .


هذه هي حالنا، وفي هذا الوضع كنت متردداً لأن أبحث في أي موضوع قد يساء فهمه مما قد يثير فتنة بين المسلمين. فالله سبحانه وتعالى قد أمر في كتابه العزيز: )واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا( (آل عمران: 103).


ومع ذلك نرى، وأكثر من أي مرة سابقة، أن ما يؤلم المسلمين ليس جميعه من تدبير أعدائهم. فمن بين أظهرنا تهاجم الأمة وتصاب إصابات بالغة من أناس معروفين لا نحب أن نسميهم. هم لا يحبذون مقارعة أعداء الدين لكنهم يجدون ضرورة في محاربة المسلمين والجماعات المؤمنة في العالم الإسلامي. لذلك وجدت لزاماً علي أن أعد العدة لكي أرد عن المؤمنين كيد هؤلاء المسلمين الذين لا هم لهم سوى إيجاد العيوب في إيمان المسلمين الآخرين بينما أعداء الأمة يمزقونها شر ممزق. وهم يجهدون في إيجاد أي نقطة يعتبرها أئمتهم موضع شك كعذر للازدراء والحط من إيمان المسلمين فيكيلوا إليهم نعوتاً من أمثال: مشركين، كافرين، مبتدعين. ولا يجدون أسهل من أن يبدلوا ما اتفق عليه أئمة المسلمين على مدى أربعة عشر قرناً ويسمونه: بدعاً، شركاً أو كفراً.


لذا، ومن أجل حماية المسلمين والمؤمنين من هكذا اتهامات خاطئة وغير مقبولة، خاصة في أميركا وكندا، حيث هناك ندرة في العلماء القادرين على الرد على هؤلاء الجهلة، وجدت لزاماً عليّ أن أعد هذا الرد. وإن شاء الله فإني سأسرد الحقائق والبراهين على جواز الاحتفال بالمولد النبوي من القرآن والسنة واجتهاد أئمة المسلمين بنية الرد على انتقاد وتشكيك بعض العلماء الجهلة الذين يدّعون الإلمام بكل أمور الدين وكذلك من أجل مشاركة الآخرين بالفهم الذي أنعم الله به على علماء الإسلام الحقيقيين. وقبل أن نخوض في الشرح أود أن أطرح ثلاثة أمور:



1 – إن الاحتفال بذكرى مولد النبيr جائز، وأن الاجتماع للاستماع إلى السيرة والمدائح النبوية جائز، وإطعام الطعام وإدخال البهجة إلى قلوب الأمة في تلك المناسبة جائز.


2 - إن الاحتفال بالمولد النبوي يجب ألا يكون فقط يوم الثاني عشر من ربيع الأول بل يجب أن يقام في كل يوم من كل شهر وفي كل مسجد، لكي يشعر الناس بنور الإسلام ونور الشريعة تدخل في قلوبهم.


3 – ونقول بأن هذه التجمعات في المولد مفيدة ومنشطة لجهة دعوة الناس للإسلام وتعليم الأطفال أمور الدين، كما أن فيها فرصة ذهبية لا تعوض لكل الأئمة والدعاة لكي يرشدوا ويذكَروا الآمة المحمدية بأخلاقه وطريقة عبادته ومعاملته للناس. وهذه إحدى السبل لجعل الأطفال يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرونه. عن طريق الحلوى والعصير والهدايا لإدخال البهجة إلى قلوبهم.



معنى الاحتفال بالمولد
إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو الاحتفال بالإسلام عينه، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو رمز الإسلام.


يقول الإمام متولي الشعراوي في كتابه "مائدة الفكر الإسلامي" ص 295، إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده.



الأدلة على أن الاحتفال بالمولد النبوي جائز
أثر الاحتفال بالمولد على الكفار
إن الابتهاج والاحتفال بيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم يعود بفائدة، بفضل الله ورحمته، حتى على الكافرين. وقد جاء في صحيح البخاري الذي ذكر في حديثه بأنه في كل يوم اثنين يطلق سراح أبي لهب من عذاب القبر لأنه أعتنق جاريته ثويبة عندما بشرته بخبر مولد النبي صلى الله عليه وسلم ه.

قال ابن كثير وهو من أئمة السلف في كتاب "البداية والنهاية" إن أول من أرضعته صلى الله عليه وسلم هي ثويبة مولاة أبي لهب وكان قد أعتقها حين بشرته بولادة النبي صلى الله عليه وسلم . ولهذا لما رآه أخوه العباس بعد موته في المنام بعدما رآه بشر خيبة، سأله: ما لقيت ؟ قال: لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي لثويبة (وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع). وأصل الحديث في الصحيحين. وقد ذكر السهيلي وغيره أنه قال لأخيه العباس في هذا المنام: وإنه ليخفف عني في كل يوم اثنين.



وهذا الحديث مذكور في صحيح البخاري في «كتاب النكاح». وقد ذكره ابن كثير في كتبه «سيرة النبي» الجزء الأول ص 124، وفي كتاب «مولد النبي» ص 21، وفي كتاب «البداية والنهاية» ص 272 – 273


كما أن الحافظ شمس الدين بن نصر الدين الدمشقي كتب الأبيات التالية في كتابه «مورد الصادي في مولد الهادي».



بتبّت يداه في الجحيم مخلّدا إذا كان هذا كافراً جاء ذمه

يخفف عنه للسرور بأحمدا أتى أنه في يوم الاثنين دائماً

بأحمد مسروراً ومات موحّدا فما الظن بالعبد الذي كان عمره



تبيان النبيr على أن ولادته جاءت يوم الاثنين
وقد روي في صحيح مسلم في «كتاب الصيام» عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين، فقال: هذا يوم ولدت فيه وأنزل عليّ فيه رواه مسلم.


ونورد أيضاً من أقوال الشيخ متولي الشعراوي: إن أشياء عجيبة حدثت يوم مولده كما ورد في الحديث والتاريخ، ولم تكن ليلة مولده كأية ليلة من ولادات بني البشر. وقد وردت هذه الأحداث والأحاديث العائدة لها كاهتزاز عرش كسرى، وانطفاء النار بفارس بعد أن دامت ألف عام، وغيرها في كتاب ابن كثير «البداية والنهاية» الجزء الثاني ص 265-268.


ونورد لكم من كتاب ابن الحاج «كتاب المدخل» الجزء الأول ص 261: «يجب علينا في كل يوم اثنين من ربيع الأول أن نكثر من العبادات لنحمد الله على ما أتانا من فضله بأن بعث فينا نبيه الحبيب صلى الله عليه وسلم ليهدينا للإسلام والسلام… فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صوم يوم الاثنين أجاب: هذا يوم ولدت فيه. لذا، فهذا اليوم يشرف ذاك الشهر لأنه يوم النبي صلى الله عليه وسلم ... وقد قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.وقال: آدم ومن جاء بعده تحت لوائي يوم القيامة. رواها الشيخان بخاري ومسلم. وقد أورد في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولدت يوم ذاك الاثنين وفي مثله نزل عليّ أول الوحي. وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم اهتماماً ليوم مولده وحمد الله على نعمة خلقه بأن صام في هذا اليوم كما هو وارد في حديث أبي قتادة. ونفيد من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعبر عن فرحه بهذا اليوم بالصوم، وهو نوع من العبادات. وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم أبدى اهتماماً بهذا اليوم بصومه عرفنا أن العبادة في مختلف أشكالها جائزة لبيان مكانة هذا اليوم. وحتى لو تغير الشكل فالمحتوى قائم لذا فالصوم أو إطعام المساكين، أو الاجتماع لمدح النبي صلى الله عليه وسلم أو تبيان مناقبه وخلقه الحسن كلها طرق لتبيان أهمية ذاك اليوم.


وقد جاء الأمر الإلهي بالابتهاج بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى في كتابه العزيز: )قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا( (يونس: 58).


وقد جاء هذا الأمر لأن الفرح يجعل القلب شاكراً لرحمة الله. وأية رحمة إلهية أعظم من النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال الله تعالى فيه: )وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين( (الأنبياء: 17).


ولأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رحمة للعالمين كان لزاماً ليس على المسلمين فقط، بل على كافة البشر أن يفرحوا به. ولكن مع الأسف نجد أن بعض المسلمين هم في طليعة العاصين لأمر الله بالابتهاج بنبيه.



احتفال النبي صلى الله عليه وسلم بالمناسبات التاريخية الكبرى
كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم الربط بين المناسبات الدينية والأحداث التاريخية، وكلما مرت مناسبة هامة نبَه أصحابه للاحتفال بذلك اليوم والتأكيد على أهميته حتى لو كان الحدث قد تم في زمن سحيق. وهذا البدء يؤكده الحديث التالي من صحيح البخاري في كتاب الصوم باب 69 وكتاب الأنبياء باب 24 وابن ماجد ومالك في الموطأ والإمام أحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم إلى المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه قوم فرعون، ونجى موسى، فنحن نصومه شكراً لله تعالى فقال: نحن أولى بصوم موسى منكم.



قال تعالى: صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم
إن في إقامة ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم ما يحث على الثناء والصلاة عليه وهو واجب أمرنا الله تعالى بالقيام به:


)إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما( (الأحزاب:56)


فمجرد الاجتماع وذكر النبي صلى الله عليه وسلم يجعلنا نثني ونصلي عليه، فمن له ان يمنع الالتزام بواجب أمرنا الله به في كتابه العزيز. ولعمري ففي إنفاذ أمر من أمور الله نكتسب نوراً يملأ قلوبنا بفيض لا حد له. والجدير بالذكر أن هذا الأمر أتى بالجمع: إن الله وملائكته يصلون على النبي، كأنهم في اجتماع منعقد، فمن الخطأ الجسيم والحال هذه أن يقال بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون على انفراد.



التكليف بالازدياد في حب النبي صلى الله عليه وسلم وتشريفه
يطلب الله من النبي صلى الله عليه وسلم بأن يذكّر أمته بأن على من يدعي حب الله عليه أن يحب نبيه أيضاً:


)قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله( 0(آل عمران: 31).

فالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف يعد من الالتزام بالتكليف بحب النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته والإقتداء بسنته والفخر به لأن الله سبحانه وتعالى يفخر به في كتابه العزيز:


)وإنك لعلى خلق عظيم( (القلم: 4).

فحب النبي صلى الله عليه وسلم هو ما يميز المؤمنين في كمال إيمانهم. ففي حديث صحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:


لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين رواه البخاري ومسلم فكمال الإيمان يعتمد على حب النبي صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى وملائكته دائمون في تشريفه كما جاء في الآية السابقة: إن الله وملائكته يصلون على النبي. فالأمر الإلهي الذي جاء بعد هذه الآية: )يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه( صحيح وواضح بأن صفة الإيمان تعتمد وتتجلى بالصلاة على النبي. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.



ضرورة معرفة السيرة النبوية والإقتداء بها
ومن البديهي أن تكون لنا دراية عن نبينا صلى الله عليه وسلم عن حياته، معجزاته، مولده، أخلاقه، إيمانه، آياته، خلواته وعبادته، وبعد أوليست هذه المعرفة واجبة على كل مسلم؟ فما الذي هو أفضل من الاحتفال وتذكر مولده الذي يمثل أساس حياته كمقدمة لنكتسب المعرفة عن حياته؟ فبتذكرنا لمولده نبدأ بتذكر كل شيء عنه، وبذلك يرضى الله عنا لأننا حينئذ نصبح قادرين على أن نعرف سيرة النبي صلى الله عليه وسلم على وجه أفضل، ونصبح أكثر استعداداً لكي نجعله مثالاً لنا نصلح به عثراتنا ونقتدي به. ولهذا كان الاحتفال بالمولد فضلاً عظيماً أرسل ألينا.



قبول النبي صلى الله عليه وسلم للقصائد المنظومة في مدحه
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان من المعروف أن الشعراء يأتون بقصائد كثيرة يمدحونه فيها ويذكرون فيها غزواته ومعاركه وصحابته. والبرهان على ذلك واضح من الأشعار الكثيرة الواردة في سيرة ابن هشام، وأعمال الواقدي وغيرهما، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم راضياً عن الشعر الحسن وجاء في « الأدب المفرد» للبخاري قوله: «في الشعر حكمة». كما أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم قد نظم شعراً مدح فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومن هذه الأبيات المذكورة في «حسن المقصد» للسيوطي (صفحة 5) وكتاب المولد لابن كثير (صفحة 30):



أرض وضاءت بنورك الأفق
النور وسبل الرشاد نخترق
وأنت لما ولدت أشرقت ال
فنحن في ذلك الضياء وفي



قال ابن كثير في كتاب المولد: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا إذا اشتدت الحرب اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان يوم حنين حين انهزم أصحابه عنه وولوا مدبرين. ولم يبق إلا في نحو من مئة من أصحابه، وحده في مواجهة عدة من الألوف، في العدة الباهرة من الرماح والسيوف، وهو مع ذلك على بغلته يهمزها إلى وجوه أعدائه وينوه باسمه ويقول:



أنا ابن عبد المطلب
أنا النبي لا كذب


وقد رضي النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين مدحوه لأن في ذلك امتثالاً لأمر الله وقد أعطاهم مما أعطاه الله. فلو عملنا شيئاً للتقرب من النبي فإنما نكون نعمل للتقرب من الله عز وجل كما أن التقرب من النبي صلى الله عليه وسلم يعود علينا بمرضاة الله تعالى.



غناء وإنشاد الشعر
وقال ابن القيم في كتاب مدارج السالكين أن النبي r أقر عائشة على غناء القينين يوم العيد. وقال لأبي بكر "دعهما. فإن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا أهل الإسلام". وبأنه صلى الله عليه وسلم أذن بالغناء في العرس وسماه لهواً. وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحداء (أي الشعر). وأذن فيه. وكان يسمع أنساً والصحابة، وهم يرتجزون بين يديه في حفر الخندق:



على الجهاد ما بقينا أبدا
نحن الذين بايعوا محمداً



ودعا لحسان أن يؤيده الله بروح القدس ما دام ينافح عنه وكان يعجبه شعره وقال له اهجهم وروح القدس معك. وأنشدته عائشة قول أبي بكر الهذلي:



وفساد مرضعة وداء مغيل

برقت كبرق العارض المتهلل
ومبرئ من كل غبّر حيضة

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه


وقال عائشة «أنت أحق بهذا البيت يا رسول الله» فسر بقولها.

وقد ذكر ابن القيم أيضاً قصيدة عبد الله بن رواحة المطولة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة، وبأنه دعا له. كما أنه صلى الله عليه وسلم خلع بردته على كعب بن زهير بعد أن ألقى قصيدته الشهيرة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وطلب النبي صلى الله عليه وسلم من أسود بن سارح بأن يصنع قصائد يثني فيها على الله عز وجل، كما أنه صلى الله عليه وسلم طلب من أحدهم أن ينشد معلقة « أمية بن أبي السلط ».



ترتيل وتلاوة القرآن
يقول ابن القيم في كتابه (ص. 488): أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يرتل القرآن. وفي ذات يوم كان أبو موسى الأشعري يرتل القرآن على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغ أثنى عليه لترتيله وقال له: إنك لذو صوت حسن، والله لقد أعطيت مزماراً من مزامير داوود. فقال أبو موسى: يا رسول الله لو كنت أعلم بأنك تسمعني لرتلت بصوت لم تسمع مثله قط. وتابع ابن القيم يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « زينوا القرآن بأصواتكم» و«من لم يرتل القرآن فليس منا ».


ويعلق ابن القيم في الصفحة 490 قائلاً: «الطرب جائز طالما أنه موافق للشرع» وهو كالاستمتاع بمنظر جميل للجبال أو الطبيعة، أو برائحة زكية، أو مأكل طيب، ولو كان الاستماع للصوت الحسن حراماً لكان الاستمتاع بكل هذه الأشياء حراماً أيضاً.


ويختتم ابن القيم بقوله (صفحة 498): والاستماع إلى صوت حسن في احتفالات المولد النبوي أو أية مناسبة دينية أخرى في تاريخنا لهو مما يدخل الطمأنينة إلى القلوب ويعطي السامع نوراً من النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبه ويسقيه مزيداً من العين المحمدية.


تحديد النبي صلى الله عليه وسلم لأيام وأماكن ولادة الأنبياء
لقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه أيام وأماكن ولادة الأنبياء السابقين. فمن حديثه عن مكانة يوم الجمعة أنه قال: في هذا اليوم خلق الله آدم، وفيه أن أهمية يوم الجمعة تعود لكون آدم ولد فيه وهو نبي وأب لجميع الناس فكيف باليوم الذي خلق فيه أعظم الأنبياء وخير البشر. عن العرباض بن ساريه السلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني عند الله لخاتم النبيين وآدم مجندل في طينته رواه ابن كثير في كتاب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه أحمد في مسنده والبيهقي في دلائل النبوة.


عن شداد بن عويس أمر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة ركعتين ببيت لحم ثم قال له: أتدري أين صليت؟ قال: لا، قال: صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى رواه البزار وأبو يعلي والطبراني. وكذلك الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد، ورجاله رجال الصحيح ج1 ص47 وقد نقل هذه الرواية الحافظ بن حجر في الفتح ج7 ص199.



إجماع العلماء على جواز المولد
إن إقامة ذكرى المولد النبوي لعمل تقبّله علماء المسلمين في جميع أنحاء العالم. وهذا يعني أن الله عز وجل يقبله بحسب ما جاء في الحديث عن ابن مسعود بأن ما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح، أخرجه أحمد في المسند.



تاريخ الاحتفال بالمولد
المولد في مكة بحسب المؤرخين المسلمين وتكريم موضع ولادة النبي صلى الله عليه وسلم مكة، أم القرى، زادها الله رفعة وشرفاً، هي رائدة المدن الإسلامية في الاحتفال بالمولد وغيره. وقد ذكر الأزرقي وهو من مؤرخي القرن الثالث الهجري في كتابه أخبار مكة (ص. 160 الجزء الثاني) أنه من بين الأماكن التي تستحب الصلاة فيها المنزل الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أيضاً بأن المنزل قد تم تحويله سابقاً إلى مسجد على يد أم الخليفتين موسى الهادي وهارون الرشيد.


كما ذكر النقاش وهو من علماء القرآن (ص. 266 – 351) بأن موضع ولادة النبي صلى الله عليه وسلم هو مكان يستجاب فيه الدعاء عند الظهر من كل يوم اثنين. ذكره الفاسي في كتاب شفاء الغرام (ص. 199 الجزء الأول)، وغيره‎.



أول ذكر لاحتفال عام بالمولد
إن أقدم المصادر التي ذكر فيها إقامة احتفال عام لذكرى المولد هي كتاب رحال (ص. 114 115) لابن جبير (ولد عام 540 وتوفي عام 614 هجرية):


يفتح هذا المكان المبارك أي منزل النبي صلى الله عليه وسلم ويدخله جميع الرجال للتبرّك به في كل يوم اثنين من شهر ربيع الأول ففي هذا اليوم وذاك الشهر ولد النبي صلى الله عليه وسلم .


وذكر أبو العباس العظافي وابنه أبو القاسم العظافي وهما من مؤرخي القرن السابع عشر في كتاب الدر المنظم والذي لم ير سبيله إلى النشر:


كان الحجاج الأتقياء والمسافرون البارزون يشهدون أنه في يوم المولد في مكة لا يتم بيع ولا شراء كما تنعدم النشاطات ما خلا وفادة الناس إلى هذا الموضع الشريف. وفي هذا اليوم أيضاً تفتح الكعبة وتزار.


ويروي ابن بطوطة المؤرخ الشهير من القرن الهجري الثامن في رحلته (الجزء الأول ص. 309 – 347) : أنه بعد كل صلاة جمعة وفي يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم يفتح باب الكعبة بواسطة كبير بني شيبة، وهم حجّاب الكعبة، وأنه في يوم المولد يوزع القاضي الشافعي وهو قاضي مكة الأكبر نجم الدين محمد ابن الإمام محيي الدين الطبري الطعام على الأشراف وسائر الناس في مكة.


ثلاث روايات للاحتفال بالمولد من القرن العاشر
الوصف التالي يطابق رواية ثلاث شهود أعيان لمرجعيات من القرن العاشر الهجري: وهم المؤرخ ابن زهيرة في كتابه الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها (ص. 326)، الحافظ ابن حجر الهيثمي من كتاب لم ينشر له بعنوان كتاب المولد الشريف المعظم، والمؤرخ النهروالي من كتابه الإعلام بأعلام بيت الله الحرام ص. 205:


في اليوم الثاني عشر لربيع الأول من كل عام وبعد صلاة المغرب يخرج قضاة المذاهب الأربعة في مكة مع أعداد غفيرة من الناس بما فيهم الفقهاء والفضلاء والشيوخ ومدرسي الزوايا وتلاميذهم وكذلك الرؤساء والمتعممين من المسجد ويقومون جميعاً بزيارة لموضع ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وهم يذكرون ويهللون. أما البيوت التي تقع في طريقهم فتضاء جميعها بالمشاعل والشموع الكبيرة وتتواجد خارجها وحولها جموح غفيرة من الناس حيث يلبس الجميع ثياباً خاصة ويأخذون أولادهم معهم. وعندما يصلون إلى موضع الولادة تلقى خطبة خاصة لذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم ثم يتم الدعاء للسلطان ولأمير مكة وللقاضي الشافعي ثم يصلي الجميع بخشوع. ثم قبيل صلاة العشاء يعود الجميع إلى المسجد الكبير وهو يعج بالناس فيجلسون في صفوف متراصة عند أعتاب مقام إبراهيم. وفي المسجد يبدأ الخطيب بالحمد والتهليل ثم الدعاء مرة أخرى للسلطان وللأمير وللقاضي الشافعي. بعد ذلك يؤذن لصلاة العشاء ويتفرق الجمع بعد الصلاة. وجاء وصف مطابق لهذا في كتاب تاريخ الخميس للديار بكري المتوفى عام 960 للهجرة.



الاحتفال بالمولد في البلاد الإسلامية المعاصرة
في كل دولة إسلامية معاصرة تجد الناس يحتفلون بذكرى المولد النبوي الشريف. وهذا ينطبق على مصر، سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين، العراق، الكويت، الإمارات، السعودية، (في أكثر البيوت وليس على الصعيد الرسمي)، السودان، اليمن، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا، جيبوتي، الصومال، تركيا، باكستان، الهند، سريلانكا، إيران، أفغانستان، أذربيجان، أوزباكستان، التركستان، البوسنة (يوغوسلافيا سابقاً)، إندونيسيا، ماليزيا، بروناي، سنغافورة، ومعظم الدول الإسلامية الأخرى. وفي أكثر الدول العربية يعتبر عطلة رسمية. فكل هذه الدول تحتفل بهذه المناسبة. فكيف يا أمة الإسلام تقوم فئة قليلة وتقول بأنه حرام مع أننا أوردنا رأي ابن القيم وسنقوم الآن بعرض رأي ابن تيمية وغيره.



الاحتفال بالمولد في مفهوم العلماء السلفيين والمدارس الأخرى
رأي ابن تيمية بالاحتفال بالمولد
هذا هو رأي الإمام ابن تيمية في المولد من مجمع فتاوى ابن تيمية الجزء 23 ص. 1634:



فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون لهم فيه أجر عظيم لحسن قصدهم وتعظيمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم



إجازة الإمام أحمد لتزيين المصحف
ونذكر هنا حادثة وقعت للإمام أحمد ابن حنبل شيخ مذهب ابن تيمية. فقد أخبره بعض الناس أن أميراً أنفق ألف دينار على تزيين مصحف فقال لا بأس فهذا خير مكان ينفق فيه الذهب.


ونسأل هل كان ابن تيمية يروّج بدعة عندما أذن بالاحتفال بالمولد ؟


فهو لم يكتف بإجازته بل ذكر أن للمحتفلين أجراً عظيماً. نسأل أيضاً هل كان الإمام أحمد يصطنع بدعة عندما أجاز بتزيين المصحف. الجواب على كلا السؤالين هو النفي المطلق.


رأي ابن تيمية في مجالس الذكر
وهذا هو رأي ابن تيمية في مجالس الذكر ويقع في الجزء 22 ص. 523، طبعة الملك خالد بن عبد العزيز لمجمع فتاوى ابن تيمية:


وسئل رحمه الله عن الفقراء يجتمعون في مسجد يذكرون ويقرأون شيئاً من القرآن ثم يدعون ويكشفون رؤوسهم ويبكون ويتضرعون وليس قصدهم من ذلك رياء ولا سمعة، بل يفعلونه على وجه التقرب لله تعالى فهل يجوز ذلك أم لا ؟


فأجاب: الحمد لله، الاجتماع على القراءة والدعاء حسن مستحب.


ثناء ابن كثير على ليلة المولد
ويذكر الإمام ابن حجر العسقلاني وهو محدث من أتباع ابن تيمية في كتاب الدرر الكامنة في عين الماء الثامنة. عن ابن كثير يقول وفي آخر أيامه دوّن كتاباً عنوانه مولد رسول الله r بلغت شهرته الآفاق. هذا الكتاب يجيز ويحض على الاحتفال بالمولد، وفي ص. 19 يقول: إن ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم كانت ليلة شريفة عظيمة مباركة سعيدة على المؤمنين، طاهرة، ظاهرة الأنوار جليلة المقدار.




آراء أخرى بالاحتفال بالمولد
وبحسب مفتي مكة أحمد زين المعروف بدهلان في كتابه السيرة النبوية والآثار المحمدية ص. 51: إن الاحتفال بالمولد وتذكر النبي صلى الله عليه وسلم مقبولان عند جميع علماء المسلمين وأكثر الاقتباسات التالية مأخوذة من هذا الكتاب.


قال الإمام السبكي: عندما نحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف يدخل الأنس قلوبنا ونشعر بشيء غير مألوف.


وقال الإمام الشوكاني في كتابه « البدر الطالع »: « إن الاحتفال بالمولد النبوي جائز ». ويذكر أن الملاّ علي القاري كان له الرأي نفسه في كتاب اسمه المورد الراوي في المولد النبوي، وقد وضعه خصيصاً ليؤيد الاحتفال بالمولد النبوي.


وقال الإمام أبو شامة، شيخ الإمام النووي: أفضل ذكرى في أيامنا هي ذكرى المولد النبوي. ففي هذا اليوم يكثر الناس من الصدقات ويزيدون في العبادات ويبدون كثيراً من المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم ويحمدون الله تعالى كثيراً بأن أرسل إليهم رسوله ليحفظهم على سنة وشريعة الإسلام.


وقال الإمام السخاوي: بدأ المولد بعد ثلاثة قرون من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم واحتفلت به جميع الأمم الإسلامية، كما تقبله جميع العلماء بعبادة الله وحده بالصدقات وتلاوة السيرة النبوية.


وقال الحافظ ابن حجر الهيثمي: كما أن اليهود تحتفل بيوم عاشوراء بالصوم حمداً لله كذلك علينا الاحتفال بيوم المولد.


وأورد الحديث المذكور آنفاً: عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة… فيستفاد منه (أي حديث صوم عاشوراء) فعل الشكر لله تعالى على ما منّ به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة. ويعاد هذا في نظير ذلك اليوم من كل سنة. والشكر لله تعالى يحصل بأنواع العبادات كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة وأي نعمة أعظم من نعمة ظهور هذا النبي الذي هو نبي الرحمة في ذلك اليوم.



فضل الموت يوم الاثنين كما أورده البخاري
قال الإمام القسطلاني: وقد خصّ البخاري في كتابه عن الجنائز باباً خاصاً عن فضل الموت يوم الاثنين وفيه:


عن عائشة قالت دخلت على أبي بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم ,قالت في ثلاث أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قالت يوم الاثنين، قال فأي يوم هذا؟ قالت يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل رواه البخاري في باب الجنائز باب موت يوم الاثنين.


ويتابع الإمام القسطلاني فيقول: فلماذا دعا أبو بكر لكي يكون موته يوم اثنين؟ أوليس لكونه يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولكي يجوز على بركة ذلك اليوم فهل اعترض أحد على رغبة أبي بكر؟ ولماذا نرى أناساً يعترضون على الاحتفال والاهتمام بيوم المولد بقصد التبرك.



إجازة النبي صلى الله عليه وسلم لضرب الدف عند حسن القصد
قال الشيخ ابن عباد في رسائله إن للمولد النبوي مستنداً، يمكن أن يستروح منه وهو أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند قفوله من بعض غزواته، فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب على رأسك بالدف فقال لها صلى الله عليه وسلم أوفي بنذرك. الحديث مشهور.


رواه أبو داود كتاب الإيمان باب 22، والترمذي في المناقب باب 17، والإمام أحمد ج 5 ص. 353 – 356.


وتابع ابن عباد يقول: وما لا شك فيه أن ضرب الدف نوع من اللهو، حتى ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بإيفاء نذرها فقد فعله لحسن قصدها في تكريمه بعودته سالماً وليس بغرض معصية أو إضاعة الوقت. ويستتبع ذلك أنه لو احتفل أحدهم بالمولد النبوي بطريقة سليمة ونية حسنة بقراءة السيرة والثناء عليه لكان ذلك جائزاً.



ليلة المولد أعظم من ليلة القدر
قال ابن مرزوق: «قال الشيخ محيي الدين النووي الشافعي، بأن ليلة القدر هي أفضل من ليلة المولد وذلك إقرار من الشيخ بوجود ما يسمى بليلة المولد، لكن في رأيي حتى مع كون الشيخ محيي الدين عالماً ومحدثاً عظيماً فإن ليلة المولد هي أفضل من ليلة القدر ولو لم يكن محمداً لما كان هناك إسلام، والقرآن. ففي تلك الليلة أرسل الله رسوله الحبيب الذي جاء بالإسلام والقرآن ولما عرفنا الإسلام حتى وإن كان محمداً لا يزال في نطاق العبودية والله هو الخالق».


ليلة الإسراء والمعراج أعظم من ليلة القدر
وقد أورد ابن القيم في كتابه البدائع الجزء الثالث ص. 162 ما يلي:


وسئل شيخ الإسلام عن ليلة القدر أيهما أفضل؟ فأجاب بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي وليلة القدر أفضل إلى الأمة الخ…


ونحن نتساءل: إذا كان ابن تيمية قد سلّم بأن ليلة الإسراء يمكن اعتبارها أفضل من ليلة القدر لماذا لا تقبلوا منا أن نعتبر ليلة المولد أفضل من ليلة الإسراء بما أن ليلة المولد هي التي ولد فيها من قام بالإسراء والمعراج؟ وهكذا نقول كما قال ابن مرزوق: «ليلة المولد هي أفضل من ليلة القدر».



الاحتفال بالمولد أمر مندوب
يقول الإمام السيوطي في كتابه حسن المقصد في عمل المولد ص. 54 – 62:


«أصل الاجتماع لصلاة التراويح سنة وقربى… وكذلك نقول: أصل الاجتماع لإظهار شعائر المولد مندوب وقربى… وهذا معنى نية المولد، فهي نية مستحسنة بلا شك، فتأمل.


ويتابع الإمام السيوطي ص. 64 – 65:


وظهر لي تخريجه على أصل آخر، وهو ما أخرجه البيهقي، عن أنس، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم عقّ عن نفسه بعد النبوة. مع أنه قد ورد أن عبد المطلب قد عقّ عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان إظهاراً للشكر على إيجاد الله تعالى إياه، رحمة للعالمين، وتشريفاً لأمته، كما كان يصلي على نفسه، لذلك فيستحب لنا أيضاً إظهار الشكر بمولده باجتماع الإخوان، وإطعام الطعام، ونحو ذلك من وجود القربات، وإظهار المسرات.


وهذا الحديث يؤكد الحديث السابق الذي يحدد فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يوم الاثنين هو يوم مولده ويوم نبوّته.


شفاعة النبي في مفهوم العلماء السلفيين والمدارس الأخرى
لقد أثنى الله سبحانه وتعالى على النبي صلى الله عليه وسلم أمام المؤمنين إذ قال:


)لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم( (التوبة: 128).


فالله تعالى أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة لأنه أثنى عليه وباركه وصلى عليه وشرفه كثيراً ولولا ذلك لما أعطاه الشفاعة.


والأحاديث التالية تبين أنه حتى آدم لم يعط الشفاعة وبأن يهود خيبر كانوا يستشفعون به في دعائهم. ونحن في ذلك نفعل ما أمرنا به: )يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه( و)إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله(.



أحاديث شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم
روى الشيخ أبو الفرج بن الجوزي بسنده المذكور في مجموعة الفتاوى للعلامة ابن تيمية، ج2 ص.150، عن ميسة رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله متى كنت نبياً؟ قال لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات، وخلق العرش، كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء، فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله تعالى، نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله أنه سيد ولدك فلما أغراهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه.


رأي ابن القيم في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم
قال العلامة ابن القيم في الجامع الفريد ص 493:


عن ابن عباس رضي الله عنهما كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هزمت يهود خيبر فعانت اليهود بهذا الدعاء فقالت: «اللهم نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم»، قال فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان. فلما بعث النبي r كفروا به. فأنزل الله عز وجل: )وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا( يعني بك يا محمد.


رأي ابن القيم في أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الوسيلة العظمى
وقد صرح ابن القيم الجوزية في كتابه زاد المعاد بقوله:


لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا ينال رضى الله البتة إلا على أيديهم.


فعلم أن الوسيلة التي تحصل بها السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة هي ذوات الأنبياء والرسل، وأيضاً أن الوسيلة تحصل بها الحوائج، وحصول الحاجة نعمة من الله، الوسيلة تحصل بها النعمة، ومن حصلت به النعمة فهو أيضاً نعمة، لأنه سبب النعمة. فإذا ثبت أن الوسيلة نعمة وإحسان من الله، فمن يكون أكمل نعمة فهو أكمل وسيلة، ولا شك أن ذوات الأنبياء والرسل من أعظم نعمه تعالى فجازت أن تكون وسيلة.


إذا تقرر هذا فاعلم أن النعمة الكبرى والإحسان الأكبر والمن الأعظم من الله عز وجل هو ذات محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه هو الرسول الأعظم ورحمة للعالمين وخاتم النبيين وشفيع المذنبين، إذ قال الله تعالى في إعلاء شأن محمد عليه أفضل السلام وأتم التسليم على العالمين: )لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم(. فثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الوسيلة العظمى وصاحب المرتبة العليا في الدنيا والآخرة، فلا يحصل الفلاح والسعادة لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا به وبواسطته.


موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من التوسل كما نشرتها جامعة محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية في أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ينسب كثير من الناس اليوم إلى محمد بن عبد الوهاب أموراً تناقض ما درّس في زمانه من تعاليم. وقد حصل هذا أيضاً في أثناء حياته كما تبين الرسائل التي كتبها إلى قادة المسلمين وعلمائهم في العراق والقصيم والتي يبين فيها أنه لم يكن في يوم من الأيام ضد التوسل ولا ضد الثناء على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولا ضد دلائل الخيرات ولا ضد ابن عربي وابن الفارض ولا ضد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بل إنه يقبل بجميع هذه الأمور ولم يقل قط بأنها شرك أو ضلال.


وقد وقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الميدان موقفاً عظيماً، قد يستنكره كثير ممن يدعي أنه منسوب إليه ومحسوب عليه، ثم يكيل الحكم بالتكفير جزافاً لكل من خالف طريقته ونبذ فكرته، وها هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب ينكر كل ما ينسب إليه من هذه التفاهات والسفاهات والافتراءات فيقول ضمن عقيدته في رسالته الموجهة لأهل القصيم قال:


ثم لا يخفى عليكم أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم قد وصلت إليكم وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم، والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي.


فمنها: قوله: أني مبطل كتب المذاهب الأربعة، وأني أقول: إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء وأني أدعي الاجتهاد، وأني خارج من التقليد، وأني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة، وأني أكفر من توسل بالصالحين، وأني أكفر البوصيري لقوله: يا أكرم الخلق وأني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب، وأني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما، وأني أكفر من حلف بغير الله، وأني أكفر ابن الفارض وابن عربي، وأني أحرق دلائل الخيرات، وروض الرياحين، وأسميه روض الشياطين.


جوابي عن هذه المسائل: أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، وقبله من بهت صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم، ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب، وقول الزور.


(أنظر مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، القسم الخامس: الرسائل الشخصية، طبعة 1980، ص11 – 12، ص61، ص 64، وهو في الدرر السنية الجزء الأول، ص 28).


الخاتمة:

ليس المولد عيداً
وسنفسر دقائق ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب في منشورات لاحقة. أما الآن فقد أوردنا والحمد لله أدلة كافية بما لا يدع مجالاً للشك بأن الاحتفال بالمولد وكل ما يعود بالثناء والاحترام على نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم كالصلوات وتلاوة السيرة والقصيدة والمدح، وأي صورة من الأذكار ليست فقط جائزة بحسب جميع المرجعيات الواردة، بل إنه وحسب جميع المصادر محمودة ومندوبة طالما لم نجعلها عيداً رسمياً لأنه وكما قلنا في البداية بأن هناك عيدان: عيد الأضحى، وعيد الفطر نقول بأن الاحتفال بمولد النبي r هو مناسبة تجلب الفرح والبركة وليست عيداً.



ليس لأحد الاعتراض على المولد
يا أهل الإسلام، يا أمة النبي صلى الله عليه وسلم ، احتفلوا بنبيكم بكل فخر وفرح ولا تتنازعوا في أمور تجلب الفتن والفوضى. لا تمنعوا أحداً من الاحتفال واتركوا الناس تفعل ما تمليه قلوبها ولنقف صفاً واحداً بالامتثال لأمر الله في كتابه العزيز (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ولنبتهل إلى الله تعالى طالبين العون على أعداء الإسلام، ذلك خير من الاختصام والمجادلة.

------------------------------------------------------------------------------------------------

(أبو أسامة)
23-05-2002, 04:22 PM
------------------------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم

دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية- دبي

إدارة الإفتاء والبحوث

هل نحتفل؟!!

نعم نحتفل في كل سنة

وفي كل شهر وفي كل أسبوع

وفي كل ساعة وفي كل لحظة

أخي الكريم:

بعد قرائتك للرسالة اهدها لغيرك للاستفادة منها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى, والصلاة والسلام على خير خلقه الذين اصطفى, وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجهم واقتفى.

يقول المولى عز وجل: (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا ))

ويقول المصطفى صلى الله عليه وعلىآله وسلم: (( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )).

أما بعد: فان الواجب على كل مسلم أن يبين الحقائق للناس حتى يسيروا على بصيرة وهدى, وليس على عمى وتضليل, فالحق أبلج كالشمس في رابعة النهار, وهذا أوان الشروع في الموضوع: فاننا نسمع ونرى في هذه الأيام تلك الوريقات والتي شحنت بالأكاذيب والأباطيل و التدليس على البسطاء وقليلي الفهم والعلم من عامة الناس, حول ما يختص بالمولد النبوي الشريف, فوجب على من لديه القدرة على التبيين أن يبين حتى لايدخل في الوعيد الوارد في طلبة العلم.

جهل وقلة علم!

يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) ويقول: (( اياكم ومحدثات الأمور, فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)).

قال (( المعارض )) ان لفظة (كل) الواردة في الحديث من ألفاظ العموم , تشمل جميع أنواع البدع بدون استثناء فهي ضلالة. وبقولهم وتجرئهم هذا هم يرمون علماء الأمة بالابتداع, وعلى رأسهم سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه, فان قلتم اننا لم نقصد صحابة رسول الله, قلنا لكم : بل قصدتم, وذلك بقولكم الآخذ بتلابيبكم ((جميع أنواع البدع دون أستثناء)), فان قلتم ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم اقره على ذلك نقول لكم سوف نأتيكم بأفعال اخرى فعلها الصحابة و التابعون بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم, فهل تتهمونهم بالبدعة و الضلال أم ماذا؟؟!فإليكم أفعالهم رضي الله عنهم:

جمع القرآن: حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (( قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن القرأن جمع في شئ)). نفول عمر هو الذي أشار على أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحف حيث كثر القتل بين الصحابة في واقعة اليمامة، فتوقف أبو بكر وقال : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى اله عليو وآله وسلم؟ قال عمر: هو والله خير( أنظر إلى قوله: هو والله خير)، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدره له، وبعث إلى زيد بن ثابت فكلفه بتتبع القرآن وجمعه، فال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما كلفني به من جمع القرآن ثم قال: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : هو خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري. والقصة مبسوطة في صحيح البخاري.

مقام إبراهيم عن البيت: أخرج البيهقي بسند قوي عن عائشة قالت: إن المقام كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي زمن أبي بكر ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ولم تنكر الصحابة فعل عمر، ولا من جاء بعدهم فصار إجماعا، وكذاك هو أول من عمل عليه المقصورة الموجودة الآن.

زيادة الاذان الأول يوم الجمعة: ففي صحيح البخاري عن السائب بن زيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم . فلما كان عثمان.. زاج الأذان الثالث. باعتبار إضافته إلى الأذان الاول و الإقامة، ويقال له أول باعتبار سبقه في الزمان على أذان الجمعة، ويقال له ثاني بإسقاط اعتبار الإقامة.

الصلاة على النبي: صلى الله عليه وآله وسلم التي أنشأها سيدنا علي ةضي الله عنه وكان نعلمها للناس. ذكرها سعيد بن منصور وابن جرير في تهذيب الآثار وابن أبي عاصم ويعقوب بي شيبة في أخبار علي، والطببراني و غيرهم عي سلامة الكندي.

مازاده ابن مسعود في التشهد: بعد(ورحمة الله وبركاته) كان يقول: السلام علينا من ربنا. رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد.

زيادة عبد الله بن عمر البسملة في أول التشهد: وكذلك ما زاده في التلبية بقوله: (( لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء اليك والعمل..)) وهو مبسوط في صحيح البخاري، ومسلم، الخ من زيادة الصحابة وعلماء وفضلاء الأمة.

فكل هؤلاء ابتدعوا أشياء رأوها حسنة لم تكن في عهد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهي في العبادات، فما قولكم فيهم؟ وهل هم من أهل الضلال والبدع المنكرة أم ماذا؟ (( نبئوني بعلم إن كنتم صادقين))

أما ادعاؤكم الباطل بأنه لا يوجد هناك في الدين شيئا يسمى بدعة حسنة فإليكم أقوال جهابذة علماء الأمة والذين يعول على كلامهم، فضلا عن حثالة ليس لها غرض إلا التفريق بين المسلمين وإشعال نار الفتن بينهم، في الوقت الذي نحن فيه بحاجة إلى جمع شتاتهم،

قال العلامة وحيد عصره وحجة وقته، وشارح صحيح مسلم الإمام الحافظ النووي رضي الله عنه في صحيح مسلم(6-21) ما نصه: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( كل بدعة )) هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع، وفال أهل اللغة: هي كل شئ عمل على غير مثال سابق، وهي منقسمة الى خمسة أقسام.

وقال كذلك في (تهذيب الأسماء واللغات) : البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم نكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي منقسمة الى حسنة وقبيحة. وقال أيضا: والمحدثات، بفتح الدال جمع محدثة، والمراد بها : ما أحدث وليس له أصل في الشرع.. ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة، فإن كل شئ أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما. أه

قال أمير المؤمنين في الحديث الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسفلاني شارح البخاري المجمع على جلالة قدره ما نصه: (( وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسن ومنها ما يكنون خلاف ذلك)) أه

وروى أبو نعيم عن إبراهيم الجنيد قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان: بدعة محمودة وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم.

وروى الإمام البيهقي في مناقب الشافعي رضي الله عنه، قال : المحدثات ضربان: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا. أه.

وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رضي الله عنه: في اخر كتابه (القواعد) ما نصه: ((البدعة منقسمة إلى واجبة، ومحرمة، ومندوبة ،ومكروهة ومباحة))، قال: (( و الطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فواجبة، وأن دخلت في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة)) أه فهؤلاء ممن ذكرنا قد قسموا البدعة إلى أقسامها المذكورة.

فانظر بالله عليك أخي المسلم: أين قولهم أن لفظة (كل) من ألفاظ العموم تشمل كل أنواع البدع دون هؤلاء الأئمة دون استثناء! . من قول هؤلاء الأئمة وعلى رأسهم الإمام الحافظ النووي حيث قال: إن لف (كل) هو عام مخصوص. وأين قولهم: إنه ليس ثم شئ في الدين يسمى بدعة حسنة وقول أئمة المسلمين كما رأيت وعلى رأسهم الإمام الجليل صاحب المذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه؟ بل وقد تقرر عند العوام فضلا عن العلماء. من قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح مسلم: (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ..)) الحديث. أنه يسن للمسلم أن يأتي بسنة حسنة وإن لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أجل زيادة الخير والأجر. ومعنى سن سنة: أي أنشأها باجتهاد واستنباط من قواعد الشرع أو عموم نصوصه. وما ذكرناه من أفعال الصحابة و التابعين هو أكبر دليل على ذلك.

نشأة الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم:

مهد المغرضون لنشر باطلهم ولو بالتدليس كعادتهم على عامة المسمين وقليلي الفهم منهم،حيث قالوا بالحرف الواحد: (( إن الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (11-172) إن الدولة الفاطمية. العبيدية المنتسبة إلى عبيد الله بن ميمون القداح اليهودي. والتي حكمت مصر من سنة (357-567هج) أحدثوا احتفالات بأيام كثيرة، ومنها الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أه

هذا ما نقلوه عن الحافظ ابن كثير.

وحسب المرجع الذي أشاروا إليه نقول لكم: كذبتم والله!! فإننا وجنا ما ادعيتموه على الحافظ وما نقلتموه عنه إنما هو غين الكذب والافتراء والتدليس والخيانة في النقول عن علماء الامة. وإن كنتم مصرين على ذلك فنقول لكم: أخرجوه لنا إن كنتم صادقين.

وأني أنتم من ادعائكم بأنكم ستناقشون هذه القضية بعدل وإنصاف وتجرد عن كل هوى بل إنه عين التعصب المخزي والهوى الممقوت. فكيف نأمن بعد ذلك يا أخي المسلم. لمثل هؤلاء في نقولهم عن علماء الأمة.

وإليك أخي المسلم الرأي الحقيقي للحافظ ابن كثير في عمل المولد ونشأته, والذي أخفاه من يدعي مناقشة الموضوع بعدل وأنصاف. قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) 13-136 طبعة دار المعارف, ما نصه:

( الملك المظفر أبو سعيد كوكبري, أحد الأجواد و السادات الكبراء والملوك الأمجاد, له لآثار حسنة ( أنظر إلى قوله آثار حسنة) وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا, وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا عاقلا عالما عادلا, رحمه الله وأحسن مثواه )) إلى أن قال: (( وكان يصرف في المولد ثلاثمائة ألف دينار )) أه.

فانظر رحمك الله الى هذا المدح والثناء عليه من ابن كثير إذ أنه وصفه بأنه عالم، عادل، شهم, شجاع, إلى قوله: رحمه الله وأحسن مثواه، ولم يقل: زنديق، فاجر فاسق، مرتكب للفواحش والموبقات كما هي دعوى المعارض فيمن يقول بعمل المولد الشريف!! وأحيل القارئ إلى نفس المرجع فهناك كلام أعظم مما ذكرت في حق الإمام الجليل لم أنقله خوف الإطالة.

وانظر الى قول الإمام الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (22-336) عند ترجمة الملك المظفر ما نصه: كان متواضعا، خيرا سنيا، يحب الفقهاء والمحدثين)).

أقوال أئمة الهدى في الإحتفال بالمولد:

الإمام الحجة الحافظ السيوطي: عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه ((الحاوي للفتاوى))بابا أسماه (حسن المقصد في عمل المولد) ص189، قال في أوله: وقع السؤال عن عمل المولد النبوى في شهر ربيع الأول، ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أم مذموم؟ وهل يثاب فاعله أم لا؟

والحواب عندي ((أن أصل عمل المولد_ الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن، والأخبار الواردة في بداية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع له من الآيات، ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك_هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي صلى الله علنه وآله وسلم وإظهار الفرح بمولده الشريف.

وقال ابن تيمية: قال في كتابه ( إقتضاء الصراط المستقيم) طبعة دار الحديث-ص 266 السطر الخامس من الأسفل) ما نصه: ((وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له, و الله قد يثيبهم على هذا الاجتهاد..قال:

(( فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضى له، وعدم المانع منه)) اه. فهذا قول من ترك التعصب جانبا وتكلم بما يرضي الله و رسوله صلى الله غليه وسلم. أما نحن فلا نفعل المولد إلا كما قال شيخ الإسلام: ((محبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له)) والله قد يثيبنا على هذه المحبة و الاجتهاد ولله در القائل:

دع ما ادعته النصارى ..في نبيهم واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم

وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم

فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه .ناطق بفم

3.شيخ الإسلام وإمام الشراح الحافظ ابن حجر العسقلاني:

قال الحافظ السيوطي في نفس المرجع السابق ما نصه: ((وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد لدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي صلى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شئ من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة)) انتهى كلامه رحمه الله.

فهذه الاستنباطات هي التي قال عنها المعارض إنها استدلال باطل وقياس فاسد، وأنكرها، فليت شعري من الناكر ومن المنكور عليه!!

4.الإمام الحافظ محمد بن أبي بكر عبد الله القيسي الدمشقي:

حيث ألف كتبا في المولد الشريف وأسماها: (جامع الآثار في مولد النبي المختار) و (اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق)، وكذلك (مورد الصادي في مولد الهادي) صلوات الله وسلامه عليه.

الإمام الحافظ العراقي:

وقد سمى كتابه في المولد النبوي (المورد الهني في المواد السني).

الحافظ ملا علي قاري:

فقد ألف كتابا في المولد النبوي العطر أسماه: (( المورد الروي في المولد النبوي)).

الإمام العالم ابن دحية:

وسمى كتابه: (التنوير في مولد البشير والنذير) صلى الله عليه وسلم.

الإمام شمس الدين بن ناصر الدمشقي:

وهو صاحب كتاب (مورد الصادي في مولد الهادي) صلى الله عليه وسلم وهو القائل في أبي لهب:

إذا كان هذا كافر جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا

أتى أنه في يوم الاثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمدا

فما الظن بالعبد الذي طول عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا

الإمام الحافظ شمس الدين ابن الجزري:

إمام القراء وصاحب التصانيف التي منها: (النشر في القراءات العشر)، وسمى كتابه: ( عرف التعريف بالمولد الشريف).

الإمام الحافظ ابن الجوزي:

حيث قال في المواد الشريف: إنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.

الإمام أبو شامة (شيخ الحافظ النووي):

قال في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث_ص23) ما نصه: (( ومن احسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور, فإن ذلك مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين)) أه.

الأمام الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري):

حيث قال في كتابه: (المواهب اللدنية- 1-148-طبعة المكتب الإسلامي) ما نصه: ((فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء)) أه.

وكذلك ممن ألف وتكلم في المولد: الإمام الحافظ السخاوي، والإمام الحافظ وجيه الدين بن علي بن الديبع الشيباني الزبيدي.. وغيرهم الكثير ممن لا يتسع المجال لاستقصائهم.

فباله عليك أخي المسلم.. هل كل هذا الكم من علماء الأمة وفضلائها والذين يقولون بعمل المولد، وألفوا الكتب والمؤلفات في هذا الباب زنادقة أحفاد عبد الله بن سبأ اليهودي؟ وهل هؤلاء العلماء والذين ((يدين)) لهم العالم بأجمعه على ما صنفوه من الكتب النافعة في الحديث والفقه والشروحات وغيرها من العلوم هم من الفجار مرتكبي الفواحش والموبقات؟ وهل هم، كما يزعم المعارض، يشابهون النصارى في احتفالهم بميلاد عيسى عليه السلام؟ وهل هم يقولون بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ل يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به؟؟!

إننا نترك لك، أخي المسلم، الإجابة على هذه الأسئلة!!

إدعاء باطل:

قال المعارض: لو كان الإحتفال بالمولد من الدين لبينه الرسول سلى الله عليه وآله وسلم للأمة أو فعله في حياته أو فعله أصحابه رضي الله عنهم، ولا يقول قائل أن الرسول صلى الله عليه وآله نسلم لم يفعله تواضعا منه فإن هذا طعن فيه عليه الصلاة والسلام. انتهى كلام المعارض.

والجواب: إن كل ما لم يفعله الرسول صلى الله عليه وأله وسلم أو الصحابة من بعده لايعتبر تركهم له تحريما، والدليل على ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سن في الإسلام سنة حسنة .)) الحديث، وفيه أكبر دليل على الترغيب في إحداث كل ما له أصل من الشرع وإن لم يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم. قال الشافعي رضي الله عنه: كل ما له مستند من الشرع فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف, لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت, أو لما هو أفضل منه، أو لعله لم يبلغ جميعهم علم به. أه

فمن زعم تحريم شئ بدعوى أن النبي صلى الله عليه وآله نسلم لم يفعله فقد ادعى ما ليس له دليل، وكانت دعواه مردودة.

ونحن نقول لكم : بناء على القاعدة التي اصلتموها. وهي ان من أحدث ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو صحابته قد ابتدع في الدين. يفهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكمل الدين لهذه الأمة, ,أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به وليقول أو يعتقد ذلك إلا زنديق مارق عن دين الله.

ونقول ((من فمك ندينك))

فقد أحدثتم في أصل العبادات مسائل كثيرة لم يفعلها صلى الله عليه واله وسلم ولا الصحابة ولا التابعون ولا حتى تابعي التابعين

فعلى سبيل المثال لا الحصر:

جمع الناس على إمام واحد لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح في الحرمين الشريفين وغيرهما من المساجد.

قراءة دعاء ختم القران في صلاة التراويح وكذلك في صلاة التهجد.

تخصيص ليلة (27) لختم القرآن في الحرمين.

قول المنادي بعد صلاة التراويح: (صلاة القيام أثابكم الله).

قول: إن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد ألوهية، وتوحيد ربوبية، وتوحيد أسماء وصفات. فهل هذا حيث شريف، او قول أحد من الصحابة أو الأئمة الأربعة؟!!

إلى غير ذلك مما لا يتسع المحال لذكره من تخصيص هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجامعات إسلامية، وجمعيات لتحفيظ القران، ومكاتب دعوة وإرشاد، وأسابيع احتفال المشايخ .، ومع ذلك فنحن لا ننكر هذه الأشياء إلا أنها من البدع الحسنة التي ينكر هؤلاء القوم على من يفعل أمثالها ثم يفعلونها.

ففعلكم لهذه المبتدعات التشريعية التي لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيه تعارض واضح مع قاعدتكم التي تقول: أن العبادات توقيفية وإن كل ما لم يفعله الرسول صللا الله عليه وسم ور أصحابه فهو بدعة (سيئة) فلربما تكونوا ممن أذن لكم بالتشريع من دون الناس!! وجنت على نفسها براقش!!.

إدعى المعارض أن أكثر من يحيي هذه الموالد من الفسقة والفجار وهذا كلام ساقط إن دل فإنما يدل على معدن قائله، وهو غيض من فيض، وليس لنا من جواب عليه إلا قول المولى عز وجل: ((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين))

وهل كل من ذكرناهم من الأئمة الأعلام في نظر المعارض من الفسقة والفجار؟! .

لا أستبعد أن يقول بذلك!!! سبحانك هذا بهتان عظيم. نقول كما قال القائل:

وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود

إشكالات عند المعارض:

إستشكل المعارض، هداه الله، قعض الألفاظ وادعى أنها شركيات، ومنها قول العارف بالله الإمام البوصيري:

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم

ولا ندري كيف حصل لديه هذا الإشكال، وكيف لم يتمعن في .. قول الإمام البوصيري ((عند حلول الحادث العمم)) وبدورنا نحن نسأل القارئ ما هو الحادث العمم؟!

(العمم) أي الذي يعم الكون بأسره من أنس وجن بل وجميع الخلائق ، فلن يخطر ببال أي أنسان إلا أن يكون هذا الحادث هو يوم القيامة وبعد إيضاح هذا الإشكال لدى المعارض والقارئ يكون المراد من قول الإمام البوصيري ه: طلب الشفاعة منه صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة وذلك لأنه ليس لنا أحد نلوذ به ونتوسل به ونستشفع به إلى الله سوى خير البرية عليه الصلاة والسلام في ذلك المقام الذي يقول فيه الرسل والأنبياء: نفسي نفسي، ويقول هو عليه الصلاة والسلام: أنا لها أنا لها . وبهذا يظهر أن ما استشكله المعارض مردود عليه ودال على جهله وذلك بسبب عمى البصر والبصيرة نسأل الله العافية.

ومثال آخر لمثل هذا القول المشكل عند العامة من الناس، ما نقله الإمام الجليل الكمال من الهمام الحنفي. صاحب فتح القدير قي مناسك الفارسي، وشرح المختار من السادة الأحناف. لما زار الإمام أبو حنيفة المدينة وقف أما القبر الشريف وقال:

يا أكرم الثقلين ياكنز الورى جد لي بجودك وارضني برضاك

أنا طامع في الحود منك ولم يكن لأبي حنيفة في الأنام سواك

نوايا خبيثة:

يقول المعارض: إنه يحصل في المولد إختلاط الرجال بالنساء، واستعمال الاغاني والمعازف وشرب المسكرات وقد كذب والله، حضرنا مئات الموالد فلم نر اختلاطا ولم نسمع معازف، أما شرب المسكرات فنعم رأينا سكرا ولكن ليس كسكر أهل الدنيا، وجدنا سكر المحبة لرسول الله صلى اله عليه وآله وسلم، ذلك السكر الذي يغلب حتى على سكرات الموت، كما حصل لسيدنا بلال رضي الله عنه عندما حضرته المنية حين امتزجت حلاوة المحبة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم مع سكرات الموت حتى غلبت عليها سكرات المحبة, فكان يقول وهو في تلك السكرات:

غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه

جهل فاضح:

يقول المعارض: إن يوم ولادته سلى الله عليه وآله وسلم هو نفس يوم وفاته فالفرح فيه ليس بأولى من الحزن، ولو كان الدين بالرأي لكان اتخاذ هذا النوم مأتما ويوم حزن.

ونقول: ما شاء الله على هذه الفصاحة العرجاء والتي سيجيبكم عليها الغمام العلامة جلال الدين السيوطي كما في (الحاوي للفتاوى ص 193) طبعة دار الكتب العلمية) حيث قال ما نصه: (( إن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمة الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح (عقيقة) ور بغيره، بل نهى عن النياحة وإظهار الحزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن فيه بوفاته، وقد قال ابن رحب في كتابه (اللطائف) في ذم الرافضة حيث اتخذوا يوم عاشوراء مأتما لأحل مقال الحسين، ولم يأمر الله ور رسوله صلى الله عليه وسلم باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما فكيف ممن هو دونهم)),‎.

الخاتمة:

وفي الختام نختم قولنا هذا بحديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي أخرجه أبو يعلى عن حذيفة قال: (( قال رسول الله صلى الله عليه ولآله نسلم: مما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان رداءه الإسلام إنسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك. قال: قلت: يا نبي الله! أيهما أولى بالشرك المرمى أو الرامي؟؟ قال : بل الرامي)) قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد.

تم بحمد الله

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحته وسلم

_

bintalmadinah
23-05-2002, 11:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وصلني عبر الايميل



لما كانت الأمة الإسلامية حريصة على تنفيذ شرع الله متمشية في عباداتها ومعاملاتها وسياستها الداخلية والخارجية على ما كان عليه قائدها وهاديها محمد صلىالله عليه وسلم لما كانت الأمة الإسلامية على هذا الوصف كانت هي الأمة الظاهرة الظافرة المنصورة ولما حصل فيها ما حصل من الانحراف عن هذا السبيل تغير الوضع فجعل بأسهم بينهم وسلط عليهم الأعداء وكانوا غثاء كغثاء السيل فتداعت عليهم الأمم وفرقتهم الأهواء ولن يعود لهذه الأمة مجدها الثابت وعزها المستقر حتى تعود أفرادا وشعوبا إلى دينها الذي به عزتها وتطبق هذا الدين قولا وعملا وعقيدة وهدفا على ما جاء عن رسول الله صلىالله عليه وسلم وأصحابه الكرام.

وإن من تمام تطبيقه أن لا يشرع شيء من العبادات والمواسم الدينية إلا ما كان ثابتا عن رسول الله صلىالله عليه وسلم فإن الناس إنما أمروا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء فمن تعبد لله بما لم يشرعه الله فعمله مردود عليه لقول النبي صلىالله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). وهو في نظر الشارع بدعة وكل بدعة ضلالة.

وإن من جملة البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، يجتمعون في الليلة الثانية عشرة منه في المساجد أو البيوت فيصلون على النبي صلىالله عليه وسلم بصلوات مبتدعة ويقرؤون مدائح للنبي صلىالله عليه وسلم تخرج بهم إلى حد الغلو الذي نهى عنه النبي صلىالله عليه وسلم وربما صنعوا مع ذلك طعاما يسهرون عليه فأضاعوا المال والزمان وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله، ولا عمله الخلفاء الراشدون ولا الصحابة ولا المسلمون في القرون الثلاثة المفضلة، ولا التابعون بإحسان، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ولو كان خيرا ما حرمه الله تعالى سلف هذه الأمة وفيهم الخلفاء الراشدون والأئمة وما كان الله تعالى ليحرم سلف هذه الأمة ذلك الخير لو كان خيرا، ثم يأتي أناس من القرن الرابع الهجري فيحدثون تلك البدعة.

إذا نظرنا إلى هذه الاحتفالات بميزان الشرع الحنيف وجدنا أنها من البدع والضلالات التي لا يجوز للمسلم أن يشارك فيها للأسباب التالية:

1- أنه لم يفعله النبي صلىالله عليه وسلم في حياته قط ولا احتفل الصحابة رضي الله عنهم بمولده بعد وفاته صلىالله عليه وسلم.

وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف.

قال الله تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) [الملك]. قال الفضيل بن عياض (أحسن عملاً) أي أخلصه وأصوبه، إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، والصواب أن يكون على السنة، والخالص أن يكون لله، وقرأ: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) [الكهف].

وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلىالله عليه وسلم قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

وروى أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي صلىالله عليه وسلم قال: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة).

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.

وقال مالك رحمه الله: السنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

قال شاه الكرماني رحمه الله: من عمّر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بالمراقبة، وتنزه عن أكل الحرام لم تخطئ له فراسة. وكان شاه لا تخطئ له فراسة.

2- أنها ليس لها أساس من التاريخ لأن كتب السيرة حكت اختلاف المؤرخين في يوم مولده صلىالله عليه وسلم قيل هو يوم 2 أو 8 أو 10 أو 12 أو 17 أو 22 وليس لأحد هذه الآراء ما يرجحه على الآراء الأخرى بل الحساب الفلكي الذي يتعصب له هؤلاء المحتفلون بالمولد ويرون أنه قطعي في صيام رمضان، الحساب الفلكي يؤكد أن يوم الاثنين في شهر مولده عام الفيل يوافق 2 أو 9 أو 16 أو 23 , إلا أن بعض المعاصرين حقق أنه من اليوم التاسع. وقد ولد صلىالله عليه وسلم قطعاً يوم اثنين فلا يمكن أن يكون ولد يوم 12 (راجع الرحيق المختوم).

وهذا الاختلاف الكبير في تاريخ المولد دليل قطعي على أن النبي صلىالله عليه وسلم وأصحابه لم يعيروا هذه المناسبة أي اهتمام عندما تمر كل سنة.

3- النبي صلىالله عليه وسلم قد توفي في الثاني عشر من ربيع الأول 11هـ ، فهذا اليوم الذي يحتفلون فيه بالمولد هو نفس ذكرى وفاته صلىالله عليه وسلم وليس الفرح في هذه المناسبة بأولى من الحزن فيها.

4- أن الاحتفال بالموالد عادة نصرانية وقد قال صلىالله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم).

فالنصارى هم الذين يحتفلون بأعياد الميلاد، وانتقلت هذه العادة النصرانية إلى المسلمين عندما ضعف تمسكهم بدينهم وفشا فيهم التشبه بأعدائهم.

5- هذه الاحتفالات تشتمل على الكثير من المحظورات الشرعية، وعلى رأسها الشرك بالله تعالى حيث ينشدون قصيدة البردة للبوصيري والتي يقول فيها:

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم

فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللـوح والقلم

وغير ذلك من الأبيات الشركية التي فيها الاستغاثة بالنبي صلىالله عليه وسلم وادعاء أنه يعلم الغيب، مع أن الله تعالى قال له: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) [الأعراف:188].

وقال صلىالله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم، وإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) [صحيح البخاري ومسلم عن عمر].

بالإضافة إلى ما يكون في هذه الاحتفالات من الرقص والطبل والزمر وأنواع اللهو واختلاط النساء بالرجال، فشابهوا بذلك الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً.

6- كل بدعة تميت سنة: وبدعة الاحتفال بالمولد قد أماتت السنن ، لأن الذين يحتفلون بهذه الموالد يظنون بذلك أنهم قد أدوا واجبهم نحو رسول الله صلىالله عليه وسلم ، فتجدهم بعد ذلك يتركون الصلوات ويقعون في الفواحش والمنكرات ويتركون واجبهم الحقيقي تجاه رسول الله صلىالله عليه وسلم."

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى وإما محبة للنبي صلىالله عليه وسلم وتعظيما له، من اتخاذ مولد النبي صلىالله عليه وسلم عيدا مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع ولو كان خيرا محضا أو راجحا كان السلف أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة للنبي صلىالله عليه وسلم وتعظيما له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كانت محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهرا وباطنا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء على هذه البدع تجدهم فاترين في أمر الرسول صلىالله عليه وسلم مما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتّبعه ا.هـ كلامه رحمه الله تعالى.




((وصلني بالإيميل))

======================




قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:


فَلَوْ أَنَّ قُومَا اجْتَمَعُوا بَعْضَ اللَّيَالِي عَلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ عَادَةً رَاتِبَةً تُشْبِهُ السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ لَمْ يُكْرَهْ . لَكِنَّ اتِّخَاذَهُ عَادَةً دَائِرَةً بِدَوَرَانِ الْأَوْقَاتِ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الشَّرِيعَةِ وَتَشْبِيهِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ بِالْمَشْرُوعِ . وَلَوْ سَاغَ ذَلِكَ لَسَاغَ أَنْ يَعْمَلَ صَلَاةً أُخْرَى وَقْتَ الضُّحَى أَوْ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ تَرَاوِيحَ فِي شَعْبَانَ أَوْ أَذَانًا فِي الْعِيدَيْنِ أَوْ حَجًّا إلَى الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهَذَا تَغْيِيرٌ لِدِينِ اللَّهِ وَتَبْدِيلٌ لَهُ . وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ وَغَيْرِهَا . وَالْبِدَعُ الْمَكْرُوهَةُ مَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَبَّةً فِي الشَّرِيعَةِ وَهِيَ أَنْ يُشَرِّعَ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ فَمَنْ جَعَلَ شَيْئًا دِينًا وَقُرْبَةً بِلَا شَرْعٍ مِنْ اللَّهِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ : { كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ } فَالْبِدْعَةُ ضِدُّ الشِّرْعَةِ وَالشِّرْعَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ وَإِنْ لَمْ يُفْعَلْ عَلَى عَهْدِهِ كَالِاجْتِمَاعِ فِي التَّرَاوِيحِ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَجَمْعِ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ . وَقَتْلِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَمَا لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ . فَهُوَ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ : مِثْلَ تَخْصِيصِ مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ بِاجْتِمَاعِ عَلَى عِبَادَةٍ فِيهِ كَمَا خَصَّ الشَّارِعُ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ وَأَيَّامَ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ . وَكَمَا خَصَّ مَكَّةَ بِشَرَفِهَا وَالْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ وَسَائِرَ الْمَسَاجِدِ بِمَا شَرَعَهُ فِيهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَأَنْوَاعَ الْعِبَادَاتِ كُلٌّ بِحَسْبِهِ ; وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ يَظْهَرُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ مِنْ النُّصُوصِ والإجماعات فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْبِدْعَةِ ضِدُّ الشِّرْعَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الدِّينِ فَمَتَى ثَبَتَ بِنَصِّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي فِعْلٍ أَنَّهُ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ بِدْعَةً وَقَدْ قَرَّرْت ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي قَاعِدَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكِبَارِ ؟ . وَقَالَ رحمه الله " صَلَاةُ الرَّغَائِبِ " بِدْعَةٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ لَمْ يَسُنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ وَلَا اسْتَحَبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ : كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ والأوزاعي وَاللَّيْثِ وَغَيْرِهِمْ . وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِيهَا كَذِبٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ الَّتِي تُذْكَرُ أَوَّلَ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَفِي لَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ وَأَلْفِيَّةِ نِصْفِ شَعْبَانَ وَالصَّلَاةِ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ وَغَيْرِ هَذَا مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي الرَّقَائِقِ فَلَا نِزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ أَحَادِيثَهُ كُلَّهَا مَوْضُوعَةٌ وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامِ وَلَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامِ } . وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي تُذْكَرُ فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْعِيدَيْنِ كَذِبٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .


(مجموع الفتاوى\ الفقه\الصلاة\باب صلاة التطوع\ مسألة صلاة الرغـائــب)


===================



وَسُئِلَ عَمَّنْ يَعْمَلُ كُلَّ سَنَةٍ خَتْمَةً فِي لَيْلَةِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ ؟ أَمْ لَا ؟



فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ : جَمْعُ النَّاسِ لِلطَّعَامِ فِي الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ سُنَّةٌ وَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ وَإِعَانَةُ الْفُقَرَاءِ بِالْإِطْعَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ هُوَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ . فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " { مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ } وَإِعْطَاءُ فُقَرَاءِ الْقُرَّاءِ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى الْقُرْآنِ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَنْ أَعَانَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ شَرِيكَهُمْ فِي الْأَجْرِ . وَأَمَّا اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَبَعْضِ لَيَالِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الَّتِي يُقَالُ : إنَّهَا لَيْلَةُ الْمَوْلِدِ أَوْ بَعْضِ لَيَالِيِ رَجَبٍ أَوْ ثَامِنَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ أَوَّلِ جُمْعَةٍ مِنْ رَجَبٍ أَوْ ثَامِنِ شَوَّالٍ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْجُهَّالُ عِيدَ الْأَبْرَارِ فَإِنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَسْتَحِبَّهَا السَّلَفُ وَلَمْ يَفْعَلُوهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .



(مجموع الفتاوى\ الفقه\ كتاب الصيام\ مسألة حكم من يعمل كل سنة ختمة في ليلة مولد النبي)

(أبو أسامة)
23-05-2002, 11:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


البدعة في ميزان الشرع
*****************

الحمد لله وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

نورد هذا البحث لدحض من قال بحرمة :كل أنواع البدع لا يستثنون منها شيئاً


ليس كل ما لم يفعله السلف ولم يكن في الصدر الأول فهو بدعة منكرة سيئة يحرم فعلها ويجب الإنكار عليها بل يجب أن يعرض ما أحدث على أدلة الشرع فما اشتمل على مصلحة فهو واجب أو على محرم فهو محرم أو على مكروه فهو مكروه أو على مباح فهو مباح أو على مندوب فهو مندوب وللوسائل حكم المقاصد

وقد قسم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام :

أ – واجبة كالرد على أهل الزيغ ، وتعلم النحو

ب – مندوبة : كإحداث الربط والمدارس والأذان على المنائر وصنع إحسان لم يعهد في الصدر الأول

ج – مكروهة : كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف .

د – مباحة : كاستعمال المنخل والتوسع في المأكل والمشرب

هـ - محرمة : وهي ما أحدث لمخالفة السنة ولم تشمله أدلة الشرع العامة ولم يحتوِ على مصلحة شرعية .

فليست كل بدعة محرمة ولو كان كذلك لحرم جمع أبي بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن وكتبه في المصاحف خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم
ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة القيام مع قوله نعمت البدعة هذه
ولحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والطيارات
ولحرم الأذان على المنائر واتخاذ الربط والمدارس والمستشفيات والإسعاف ودار اليتامى والسجون

فمن أجل ما تقدم فإن العلماء رضي الله عنهم قيدوا حديث : كل بدعة ضلالة ...... بالبدعة السيئة
ويصرح بهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين من المحدثات التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم .

ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف كجمع الناس على إمام واحد في آخر الليل لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح وكختم القرآن فيها
وكقراءة دعاء ختم القرآن وكنداء المنادي " صلاة القيام أثابكم الله "
فكل هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف فهل يكون فعلنا له بدعة ؟؟!!!


وكل ما لم يكن في الصدر الأول بشكله العام وبهيئته الإجتماعية لكن أفراده موجودة يكون مطلوباً شرعاً لأن ماتركب من المشروع فهو مشروع كما لا يخفى .

وقد جرى الإمام العز بن عبد السلام والنووي وابن الأثير على تقسيم البدعة إلى ما أشرنا إليه


وقول المتعصب إن هذا لم يفعله السلف ليس هو دليلاً له بل هو عدم دليل كما لا يخفى على من عنده أدنى حظ في علم الأصول
فقد سمى الشارع بدعة الهدى سنة ووعد فاعلها أجراً فقال عليه الصلاة والسلام " من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء .


يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) ويقول: (( اياكم ومحدثات الأمور, فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)).

قال (( المعارض )) ان لفظة (كل) الواردة في الحديث من ألفاظ العموم , تشمل جميع أنواع البدع بدون استثناء فهي ضلالة. وبقولهم وتجرئهم هذا هم يرمون علماء الأمة بالابتداع, وعلى رأسهم سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه, فان قلتم اننا لم نقصد صحابة رسول الله, قلنا لكم : بل قصدتم, وذلك بقولكم الآخذ بتلابيبكم ((جميع أنواع البدع دون أستثناء)), فان قلتم ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم اقره على ذلك نقول لكم سوف نأتيكم بأفعال اخرى فعلها الصحابة و التابعون بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم, فهل تتهمونهم بالبدعة و الضلال أم ماذا؟؟!فإليكم أفعالهم رضي الله عنهم:

جمع القرآن: حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (( قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن القرأن جمع في شئ)). نفول عمر هو الذي أشار على أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحف حيث كثر القتل بين الصحابة في واقعة اليمامة، فتوقف أبو بكر وقال : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم؟ قال عمر: هو والله خير( أنظر إلى قوله: هو والله خير)، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدره له، وبعث إلى زيد بن ثابت فكلفه بتتبع القرآن وجمعه، فال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما كلفني به من جمع القرآن ثم قال: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : هو خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري. والقصة مبسوطة في صحيح البخاري.

مقام إبراهيم عن البيت: أخرج البيهقي بسند قوي عن عائشة قالت: إن المقام كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي زمن أبي بكر ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ولم تنكر الصحابة فعل عمر، ولا من جاء بعدهم فصار إجماعا، وكذاك هو أول من عمل عليه المقصورة الموجودة الآن.

زيادة الاذان الأول يوم الجمعة: ففي صحيح البخاري عن السائب بن زيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم . فلما كان عثمان.. زاج الأذان الثالث. باعتبار إضافته إلى الأذان الاول و الإقامة، ويقال له أول باعتبار سبقه في الزمان على أذان الجمعة، ويقال له ثاني بإسقاط اعتبار الإقامة.

الصلاة على النبي: صلى الله عليه وآله وسلم التي أنشأها سيدنا علي ةضي الله عنه وكان نعلمها للناس. ذكرها سعيد بن منصور وابن جرير في تهذيب الآثار وابن أبي عاصم ويعقوب بي شيبة في أخبار علي، والطببراني و غيرهم عي سلامة الكندي.

مازاده ابن مسعود في التشهد: بعد(ورحمة الله وبركاته) كان يقول: السلام علينا من ربنا. رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد.

زيادة عبد الله بن عمر البسملة في أول التشهد: وكذلك ما زاده في التلبية بقوله: (( لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء اليك والعمل..)) وهو مبسوط في صحيح البخاري، ومسلم، الخ من زيادة الصحابة وعلماء وفضلاء الأمة.

فكل هؤلاء ابتدعوا أشياء رأوها حسنة لم تكن في عهد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهي في العبادات، فما قولكم فيهم؟ وهل هم من أهل الضلال والبدع المنكرة أم ماذا؟ (( نبئوني بعلم إن كنتم صادقين))

أما ادعاؤكم الباطل بأنه لا يوجد هناك في الدين شيئا يسمى بدعة حسنة فإليكم أقوال جهابذة علماء الأمة والذين يعول على كلامهم، فضلا عن حثالة ليس لها غرض إلا التفريق بين المسلمين وإشعال نار الفتن بينهم، في الوقت الذي نحن فيه بحاجة إلى جمع شتاتهم،

قال العلامة وحيد عصره وحجة وقته، وشارح صحيح مسلم الإمام الحافظ النووي رضي الله عنه في صحيح مسلم(6-21) ما نصه: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( كل بدعة )) هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع، وفال أهل اللغة: هي كل شئ عمل على غير مثال سابق، وهي منقسمة الى خمسة أقسام.

وقال كذلك في (تهذيب الأسماء واللغات) : البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم نكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي منقسمة الى حسنة وقبيحة. وقال أيضا: والمحدثات، بفتح الدال جمع محدثة، والمراد بها : ما أحدث وليس له أصل في الشرع.. ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة، فإن كل شئ أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما. أه

قال أمير المؤمنين في الحديث الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسفلاني شارح البخاري المجمع على جلالة قدره ما نصه: (( وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسن ومنها ما يكنون خلاف ذلك)) أه

وروى أبو نعيم عن إبراهيم الجنيد قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان: بدعة محمودة وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم.

وروى الإمام البيهقي في مناقب الشافعي رضي الله عنه، قال : المحدثات ضربان: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا. أه.

وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رضي الله عنه: في اخر كتابه (القواعد) ما نصه: ((البدعة منقسمة إلى واجبة، ومحرمة، ومندوبة ،ومكروهة ومباحة))، قال: (( و الطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فواجبة، وأن دخلت في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة)) أه فهؤلاء ممن ذكرنا قد قسموا البدعة إلى أقسامها المذكورة.

فانظر بالله عليك أخي المسلم: أين قولهم أن لفظة (كل) من ألفاظ العموم تشمل كل أنواع البدع دون هؤلاء الأئمة دون استثناء! . من قول هؤلاء الأئمة وعلى رأسهم الإمام الحافظ النووي حيث قال: إن لف (كل) هو عام مخصوص. وأين قولهم: إنه ليس ثم شئ في الدين يسمى بدعة حسنة وقول أئمة المسلمين كما رأيت وعلى رأسهم الإمام الجليل صاحب المذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه؟ بل وقد تقرر عند العوام فضلا عن العلماء. من قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح مسلم: (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ..)) الحديث.

أنه يسن للمسلم أن يأتي بسنة حسنة وإن لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أجل زيادة الخير والأجر. ومعنى سن سنة: أي أنشأها باجتهاد واستنباط من قواعد الشرع أو عموم نصوصه. وما ذكرناه من أفعال الصحابة و التابعين هو أكبر دليل على ذلك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

bintalmadinah
25-05-2002, 07:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



حوار حول الاحتفال بالمولد النبوي(منقول)


لفضيلة الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى


إلى كل من يبحث عن الحق في حكم الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم نقدم إلى القول الفصل في ذلك في هذا الحوار



حكم إقامة المولد النبوي للإمام المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى .

دار الحوار التالي بين الإمام الألباني رحمه الله تعالى وبين أحد الإخوة :

الشيخ الألباني :
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هل هو خير أم شر ؟


محاور الشيخ :
خير .


الشيخ الألباني : حسناً ، هذا الخير هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجهلونه ؟


محاور الشيخ :
لا .


الشيخ الألباني :
أنا لا أقنع منك الآن أن تقول لا بل يجب أن تبادر وتقول : هذا مستحيل أن يخفى هذا الخير إن كان خيراً أو غيره على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونحن لم نعرف الإسلام والإيمان إلا عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فكيف نعرف خيراً هو لم يعرفه ! هذا مستحيل .


محاور الشيخ :
إقامة المولد النبوي هو إحياء لذكره صلى الله عليه وسلم وفي ذلك تكريم له .


الشيخ الألباني :
هذه فلسفة نحن نعرفها ، نسمعها من كثير من الناس وقرأناها في كتبهم ؛ لكن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما دعا الناس هل دعاهم إلى الإسلام كله أم دعاهم إلى التوحيد ؟


محاور الشيخ :
التوحيد .


الشيخ الألباني :
أول ما دعاهم للتوحيد ، بعد ذلك فُرضت الصلوات ، بعد ذلك فُرض الصيام ، بعد ذل فُرض الحج ، وهكذا ؛ ولذلك امشِ أنت على هذه السنة الشرعية خطوة خطوة .
نحن الآن اتفقنا أنه من المستحيل أن يكون عندنا خيرٌ ولا يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالخير كله عرفناه من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها كبشان ، وأنا أعتقد أن من شك في هذا فليس مسلماً .
ومن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تؤيد هذا الكلام :
1. قوله صلى الله عليه وسلم : (( ما تركتُ شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به )) .
فإذا كان المولد خيراً وكان مما يقربنا إلى الله زُلفى فينبغي أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلنا عليه .

صحيح أم لا ؟

أنا لا أريد منك أن توافق دون أن تقتنع بكل حرف مما أقوله ، ولك كامل الحرية في أن تقول : أرجوك ، هذه النقطة ما اقتنعت بها .

فهل توقفت في شيء مما قلتهُ حتى الآن أم أنت ماشٍ معي تماماً ؟


محاور الشيخ :
معك تماماً .


الشيخ الألباني :
جزاك الله خيراً .
إذاً (( ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ))

نحن نقول لجميع من يقول بجواز إقامة هذا المولد :

هذا المولد خيرٌ – في زعمكم - ؛ فإما أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلنا عليه وإما أن يكون لم يدلنا عليه .

فإن قالوا : قد دلنا عليه .

قلنا لهم : ( هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) . ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً أبداً .


ونحن قرأنا كتابات [1] وغير في هذا الصدد وهم لايستدلون بدليل سوى أن هذه بدعة حسنة !! بدعة حسنة !!

فالجميع سواء المحتفلون بالمولد أو الذين ينكرون هذا الاحتفال متفقون على أن هذا المولد لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة الكرام ولا في عهد الأئمة الأعلام .

لكن المجيزون لهذا الاحتفال بالمولد يقولون : وماذا في المولد ؟ إنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلاة عليه ونحو ذلك .

ونحن نقول : لو كان خيراً لسبقونا إليه .

أنت تعرف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) وهو في الصحيحين . وقرنه صلى الله عليه وسلم هو الذي عاش فيه وأصحابه ،ثم الذين يلونهم التابعون ، ثم الذين يلونهم أتباع التابعين . وهذه أيضاً لا خلاف فيها .

فهل تتصور أن يكون هناك خير نحن نسبقهم إليه علماً وعملاً ؟ هل يمكن هذا ؟


محاور الشيخ :
من ناحية العلم لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمن كان معه في زمانه إن الأرض تدور


الشيخ الألباني :
عفواً ، أرجوا عدم الحيدة ،

فأنا سألتك عن شيئين علم وعمل ، والواقع أن حيدتك هذه أفادتني ، فأنا أعني بطبيعة الحال بالعلم العلم الشرعي لا الطب مثلاً ؛ فأنا أقول إن الدكتور هنا أعلم من ابن سينا زمانه لأنه جاء بعد قرون طويلة وتجارب عديدة وعديدة جداً لكن هذا لا يزكيه عند الله ولا يقدمه على القرون المشهود لها ؛ لكن يزكيه في العلم الذي يعلمه ، ونحن نتكلم في العلم الشرعي بارك الله فيك .

فيجب أن تنتبه لهذا ؛ فعندما أقول لك : هل تعتقد أننا يمكن أن نكون أعلم ؛ فإنما نعني بها العلم الشرعي لا العلم التجربي كالجغرافيا والفلك والكيمياء والفيزياء . وافترض مثلاُ في هذا الزمان إنسان كافر بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم لكن هو أعلم الناس بعلم من هذه العلوم هل يقربه ذلك إلى الله زُلفى ؟


محاور الشيخ :
لا .


الشيخ الألباني :
إذاً نحن لانتكلم الآن في مجال ذلك العلم بل نتكلم في العلم الذي نريد أن نتقرب به إلى الله تبارك وتعالى ، وكنا قبل قليل نتكلم في الاحتفال بالمولد ؛ فيعود السؤال الآن وأرجو أن أحضى بالجواب بوضوح بدون حيدة ثانية .

فأقول هل تعتقد بما أوتيت من عقل وفهم أنه يمكننا ونحن في آخر الزمان أن نكون أعلم من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين في العلم الشرعي وأن نكون أسرع إلى العمل بالخير والتقرب إلى الله من هؤلاء السلف الصالح ؟


محاور الشيخ :
هل تقصد بالعلم الشرعي تفسير القرآن ؟


الشيخ الألباني :
هم أعلم منا بتفسير القرآن ، وهم أعلم منا بتفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، هم في النهاية أعلم منا بشريعة الإسلام .


محاور الشيخ :
بالنسبة لتفسير القرآن ربما الآن أكثر من زمان الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فمثلاً الآية القرآنية ((وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)) (النمل:88) فلو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأحد في زمانه إن الأرض تدور هل كان سيصدقه أحد ؟! ما كان صدقه أحد .


الشيخ الألباني :
إذاً أنت تريدنا – ولا مؤاخذة – أن نسجل عليك حيدةً ثانية . يا أخي أنا أسأل عن الكل لا عن الجزء ، نحن نسأل سؤالاً عاماً :
الإسلام ككل من هو أعلم به ؟


محاور الشيخ :
طبعاُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته .


الشيخ الألباني :
هذا الذي نريده منك بارك الله فيك .
ثم التفسير الذي أنت تدندن حوله ليس له علاقة بالعمل ، له علاقة بالفكر والفهم . ثم قد تكلمنا معك حول الآية السابقة وأثبتنا لك أن الذين ينقلون الآية للاستدلال بها على أن الأرض تدور مخطؤون لأن الآية تتعلق بيوم القيامة (( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) .
لسنا على كل حال في هذا الصدد .
وأنا أسلِّم معك جدلاً أنه قد يكون رجلاً من المتأخرين يعلم حقيقة علمية أو كونية أكثر من صحابي أو تابعي الخ ؛ لكن هذا لا علاقة له بالعمل الصالح ؛ فاليوم مثلاً العلوم الفلكية ونحوها الكفار أعلم منا فيها لكن مالذي يستفيدونه من ذلك ؟ لاشيء . فنحن الآن لا نريد أن نخوض في هذا اللاشيء ، نريد أن نتكلم في كل شيء يقربنا إلى الله زلفى ؛ فنحن الآن نريد أن نتكلم في المولد النبوي الشريف .
وقد اتفقنا أنه لو كان خيراً لكان سلفنا الصالح وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم به منا وأسرع إلى العمل به منا ؛ فهل في هذا شك ؟


محاور الشيخ :
لا ، لا شك فيه .


الشيخ الألباني :
فلا تحد عن هذا إلى أمور من العلم التجريبي لا علاقة لها بالتقرب إلى الله تعالى بعمل صالح .
الآن ، هذا المولد ما كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم - باتفاق الكل – إذاً هذا الخير ماكان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ،
كيف خفي هذا الخير عليهم ؟!
لابد أن نقول أحد شيئين :
علموا هذا الخير كما علمناه – وهم أعلم منا – ، أو لم يعلموه ؛ فكيف علمناه نحن ؟!
؛ فإن قلنا : علموه ؛ - وهذا هو القول الأقرب والأفضل بالنسبة للقائلين بمشروعية الاحتفال بالمولد - فلماذا لم يعملوا به ؟! هل نحن أقرب إلى الله زلفى ؟! –
لماذا لم يُخطيء واحدٌ منهم مرة صحابي أو تابعي أو عالم منهم أو عابد منهم فيعمل بهذا الخير ؟!
هل يدخل في عقلك أن هذا الخير لا يعمل به أحدٌ أبداً ؟! وهم بالملايين ، وهم أعلم منا وأصلح منا وأقرب إلى الله زُلفى ؟!

أنت تعرف قول الرسول صلى الله عليه وسلم _ فيما أظن _ :
(( لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَهُ )) .
أرأيت مدى الفرق بيننا وبينهم ؟!
لأنهم جاهدوا في سبيل الله تعالى ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتلقوا العلم منه غضاً طرياً بدون هذه الوسائط الكثيرة التي بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم ، كما أشار صلى الله عليه وسلم إلى مثل هذا المعنى في الحديث الصحيح :
(( من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأهُ على قراءة ابن أم عبد )) يعني عبد الله بن مسعود .
" غضاً طرياً " يعنى طازج ، جديد .
هؤلاء السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم لايمكننا أن نتصور أنهم جهلوا خيراً يُقربهم إلى الله زلفى وعرفناه نحن وإذا قلنا إنهم عرفوا كما عرفنا ؛ فإننا لا نستطيع أن نتصور أبداً أنهم أهملوا هذا الخير .
لعلها وضحت لك هذه النقطة التي أُدندنُ حولها إن شاء الله ؟


محاور الشيخ :
الحمد لله .


الشيخ الألباني :
جزاك الله خيراً .
هناك شيء آخر ، هناك آيات وأحاديث كثيرة تبين أن الإسلام قد كَمُلَ _ وأظن هذه حقيقة أنت متنبه لها ومؤمن بها ولا فرق بين عالم وطالب علم وعامِّي في معرفة هذه الحقيقة وهي : أن الإسلام كَمُلَ ، وأنه ليس كدين اليهود والنصارى في كل يوم في تغيير وتبديل .
وأذكرك بمثل قول الله تعالى : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً))


الآن يأتي سؤال :

وهي طريقة أخرى لبيان أن الاحتفال بالمولد ليس خيراً غير الطريقة السابقة وهي أنه لو كان خيراً لسبقونا إليه وهم – أي السلف الصالح – أعلم منا وأعبد .


هذا المولد النبوي إن كان خيراً فهو من الإسلام ؛ فنقول : هل نحن جميعاً من منكرين لإقامة المولد ومقرِّين له هل نحن متفقون - كالاتفاق السابق أن هذا المولد ماكان في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم – هل نحن متفقون الآن على أن هذا المولد إن كان خيراً فهو من الإسلام وإن لم يكن خيراً فليس من الإسلام ؟
ويوم أُنزلت هذه الآية : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) لم يكن هناك احتفال بالمولد النبوي ؛ فهل يكون ديناً فيما ترى ؟
أرجو أن تكون معي صريحاً ، ولا تظن أني من المشائخ الذين يُسكِّتون الطلاب ، بل عامة الناس : اسكت أنت ما تعلم أنت ما تعرف ، لا خذ حريتك تماماً كأنما تتكلم مع إنسان مثلك ودونك سناً وعلماً . إذا لم تقتنع قل : لم أقتنع .
فالآن إذا كان المولد من الخير فهو من الإسلام وإذا لم يكن من الخير فليس من الإسلام وإذا اتفقنا أن هذا الاحتفال بالمولد لم يكن حين أُنزلت الآية السابقة ؛ فبديهي جداً أنه ليس من الإسلام .
وأوكد هذا الذي أقوله بأحرف عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس : قال :
" من ابتدع في الإسلام بدعة – لاحظ يقول بدعة واحدة وليس بدعاً كثيرة – يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة " .
وهذا شيء خطير جدا ً ، ما الدليل يا إمام ؟
قال الإمام مالك : اقرؤا إن شئتم قول الله تعالى :
((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً))
فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً . انتهى كلامه .
متى قال الإمام مالك هذا الكلام ؟ في القرن الثاني من الهجرة ، أحد القرون المشهود لها بالخيرية !
فما بالك بالقرن الرابع عشر ؟!
هذا كلامٌ يُكتب بماء الذهب ؛ لكننا غافلون عن كتاب الله تعالى ، وعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أقوال الأئمة الذين نزعم نحن أننا نقتدي بهم وهيهات هيهات ، بيننا وبينهم في القدوة بُعد المشرقين .
هذا إمام دار الهجرة يقول بلسانٍ عربيٍ مبين : "فمالم يكن يومئذٍ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً".
اليوم الاحتفال بالمولد النبوي دين ، ولولا ذلك ما قامت هذه الخصومة بين علماء يتمسكون بالسنة وعلماء يدافعون عن البدعة .
كيف يكون هذا من الدين ولم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا في عهد أتباع التابعين ؟!
الإمام مالك من أتباع التابعين ، وهو من الذين يشملهم حديث :
(( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) .
يقول الإمام مالك : " ما لم يكن حينئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً ، ولا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صَلُح به أولها " .
بماذا صلح أولها ؟ بإحداث أمور في الدين والُتقرب إلى الله تعالى بأشياء ما تقرب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
والرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل :
(( ما تركتُ شيئاً يُقربكم إلى الى الله إلى وأمرتكم به )) .
لماذا لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحتفل بمولده ؟! هذا سؤال وله جواب :
هناك احتفال بالمولد النبوي مشروع ضد هذا الاحتفال غير المشروع , هذا الاحتفال المشروع كان موجوداً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعكس غير المشروع ،مع بَون شاسع بين الاحتفالين :
أول ذلك : أن الاحتفال المشروع عبادة متفق عليها بين المسلمين جميعاً .
ثانياً : أن الاحتفال المشروع يتكرر في كل أسبوع مرة واحتفالهم غير المشروع في السنة مرة .
هاتان فارقتان بين الاحتفالين : أن الأول عبادة ويتكرر في كل أسبوع بعكس الثاني غير المشروع فلا هو عبادة ولا يتكرر في كل أسبوع .
وأنا لا أقول كلاماً هكذا ما أنزل الله به من سلطان ، وإنما أنقل لكم حديثاً من صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي قتادة الأنصاري قال :
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله : ما تقول في صوم يوم الإثنين ؟
قال (( ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه ، وأُنزل القرآن عليَّ فيه .))
ما معنى هذا الكلام ؟
كأنه يقول : كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه ، وأنزل عليَّ الوحي فيه ؟!
أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله تعالى على خلقه لي فيه وإنزاله الوحي عليَّ فيهِ .
وهذا على وزان صوم اليهود يوم عاشوراء ، ولعلكم تعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين .
وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ؛ فسألهم عن ذلك ؛ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنده فصمناه شكراً لله ؛ فقال صلى الله عليه وسلم : (( نحن أحق بموسى منكم )) فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله تعالى :
((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)) .
فصار صوم عاشوراء سنة ونسخ الوجوب فيه .
الشاهد من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله تعالى أن نجى موسى من فرعون ؛ فنحن أيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم الذي أُوحي إليه فيه .
الآن أنا أسألك : هولاء الذين يحتفلون بالمولد الذي عرفنا أنه ليس إلى الخير بسبيل أعرف ان كثيراً منهم يصومون يوم الاثنين كما يصومون يوم الخميس ؛ لكن تُرى أكثر المسلمين يصومون يوم الاثنين ؟
لا ، لا يصومون يوم الاثنين ، لكن أكثر المسلمين يحتفلون بالمولد النيوي في كل عام مرة ! أليس هذا قلباً للحقائق ؟!
هؤلاء يصدق عليهم قول الله تعالى لليهود :
((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
هذا هو الخير : صيام متفق عليه بين المسلمين جميعاً وهو صيام الاثنين ومع ذلك فجمهور المسلمين لا يصومونه !!
نأتي لمن يصومه وهم قلة قليلة : هل يعلمون السر في صيامه ؟ لا لا يعلمون .
فأين العلماء الذين يدافعون عن المولد لماذا لا يبينون للناس أن صيام الاثنين هو احتفال مشروع بالمولد ويحثونهم عليه بدلاً من الدفاع عن الاحتفال الذي لم يُشرع ؟!!
وصدق الله تعالى ((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
(( للتتبعنَّ سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ))
وفي رواية أخرى خطيرة (( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك )) .
فنحن اتبعنا سنن اليهود ؛ فاستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير ، كاستبدالنا المولد النبوي الذي هو كل سنة وهو لا أصل له بالذي هو خير وهو الاحتفال في كل يوم اثنين وهو احتفال مشروع بأن تصومه مع ملاحظة السر في ذلك وهو أنك تصومه شكراً لله تعالى على أن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وأنزل الوحي فيه .
وأختم كلامي بذكر قوله صلى الله عليه وسلم :
(( أبى الله أن يقبل توبة مبتدع )) .
والله تعالى يقول : ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ))
وقد جاء في صحيح مسلم أن أحد التابعين جاء إلى السيدة عائشة


محاور الشيخ :
قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أليس تكريماً له ؟


الشيخ الألباني :
نعم


محاور الشيخ :
فيه ثواب هذا الخير من الله ؟



الشيخ الألباني :
كل الخير . ما تستفيد شيئاً من هذا السؤال ؛ ولذلك أقاطعك بسؤال : هل أحد يمنعك من قراءة سيرته ؟
أنا أسألك الآن سؤالاً : إذا كان هناك عبادة مشروعة ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما وضع لها زمناً معيناً ، ولا جعل لها كيفية معينة ؛ فهل يجوز لنا أن نحدد لها من عندنا زمناً معيناً ، أو كيفية معينة ؟ هل عندك جواب ؟


محاور الشيخ :
لا، لا جواب عندي .


الشيخ الألباني :
قال الله تعالى : ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ))
وكذلك يقول الله تعالى :
((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) التوبة:31
(( لما سمع عدي بن حاتم رضي الله عنه هذه الآية – وقد كان قبل إسلامه نصرانياً – أشكلت عليه فقال: إنا لسنا نعبدهم قال: ( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟) ، فقال: بلى. قال : ( فتلك عبادتهم))).


وهذا يبيِّن خطورة الابتداع في دين الله تعالى .




=======
مفرغ مع بعض الاختصار من أحد اشرطة سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني رحمه الله تعالى . رقم الشريط 94/1

(أبو أسامة)
26-05-2002, 06:12 PM
موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من التوسل كما نشرتها جامعة محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية في أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب
ينسب كثير من الناس اليوم إلى محمد بن عبد الوهاب أموراً تناقض ما درّس في زمانه من تعاليم. وقد حصل هذا أيضاً في أثناء حياته كما تبين الرسائل التي كتبها إلى قادة المسلمين وعلمائهم في العراق والقصيم والتي يبين فيها أنه لم يكن في يوم من الأيام ضد التوسل ولا ضد الثناء على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولا ضد دلائل الخيرات ولا ضد ابن عربي وابن الفارض ولا ضد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بل إنه يقبل بجميع هذه الأمور ولم يقل قط بأنها شرك أو ضلال.

وقد وقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الميدان موقفاً عظيماً، قد يستنكره كثير ممن يدعي أنه منسوب إليه ومحسوب عليه، ثم يكيل الحكم بالتكفير جزافاً لكل من خالف طريقته ونبذ فكرته، وها هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب ينكر كل ما ينسب إليه من هذه التفاهات والسفاهات والافتراءات فيقول ضمن عقيدته في رسالته الموجهة لأهل القصيم قال:

(ثم لا يخفى عليكم أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم قد وصلت إليكم وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم، والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي.
فمنها: قوله: أني مبطل كتب المذاهب الأربعة، وأني أقول: إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء وأني أدعي الاجتهاد، وأني خارج من التقليد، وأني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة، وأني أكفر من توسل بالصالحين، وأني أكفر البوصيري لقوله: يا أكرم الخلق وأني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب، وأني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما، وأني أكفر من حلف بغير الله، وأني أكفر ابن الفارض وابن عربي، وأني أحرق دلائل الخيرات، وروض الرياحين، وأسميه روض الشياطين.

جوابي عن هذه المسائل: أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، وقبله من بهت صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم، ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب، وقول الزور. ) أ.هـ .

(أنظر مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، القسم الخامس: الرسائل الشخصية، طبعة 1980، ص11 – 12، ص61، ص 64، وهو في الدرر السنية الجزء الأول، ص 28).

الفجر الصادق
27-05-2002, 01:18 AM
الاخ الكريم أبو أسامة

حياكم الله ومشاركاتكم الطيبة بإذن الله تعالى


أما بالنسبة لمولد النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فكان بودي أن نرى لكم ردا مفصلا على المناظرة التي أوردتها الاخت بنت المدينة مشكورة ....


وها أنذا أنقل لكم نقاشا آخر دار أحد العلماء ...






يقول الشيخ أنه كان في إحدى الدول العربية لحضور مؤتمر وبعد إنتهاء المحاضرة جلسنا للإستراحة فقال

أتاني شيخ فقال : من أين أنت

قلت له : من المملكة العربية السعودية

فقال : أنتم لا تحبون النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم

قلت له : لماذا ؟

فقال : لأنكم لا تحتفلون بالمولد ، جميع الدول الإسلامية تعظم هذا الحدث وأنتم تقولون بدعه

قلت له : هل تقبل النقاش ؟

فقال : نعم

قلت له : والله مامنعنا من الإحتفال بالمولد إلا اننا نحبه

فقال : كيف ؟

قلت له : سأسلك بعض الأسئلة : هل الإحتفال بالمولد طاعة أم معصية

فقال : طاعة

قلت له : طاعة ترجون أجرها وثوابها من الله


فقال : نعم

قلت له : هل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم علم هذه الطاعة أم جهلها ؟

فقال : علمها

فقلت له : علمها وماخفيت عليه ؟

فقال : نعم

فقلت له : هل بلغها لأمته أم كتمها ؟

فقال : بلغها

فقلت له : هات حديثا يدل على ذلك ...

فقال : لا يوجد دليل

فقلت له : إذن الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يبلغها ، أي أنه كتمها

فقال : لا لم يكتمها ولم يبلغها

فقلت له : لا بد أن يكون لها دليل إن كانت طاعة

فقال : هي ليست طاعة ولكنها بدعة حسنة

فقلت له : وهل في الدين بدعة حسنة يقول الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ...) الحديث

فقال : نحن لا نقول فيها إلا حسنا

فقلت له : وماذا تقولون ؟

فقال : تقرأ فيها سيرة الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم ونقرأ بعض المدائح والقصائد النبوية ونصلى على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وأحيانا يتفضل علينا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيدخل علينا في الحضرة النبوية

فقلت له : كيف يأتيكم ؟ هل يقوم من قبره بالمدينة ويأتيكم ؟ أم يأتي أهل المغرب أم أهل المشرق أم أين يذهب !!؟

فقال : هذه الأمور لا نفهمها

فقلت له : يعني هل الصحابة رضوان الله عليهم قبروه وهو حي والله يقول {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ } (30) سورة الزمر
إذن هذا العمل ليس بحسن فلو ذهبنا نصلى العصر وصلى الإمام بنا خمس ركعات بدلا من أربعة فما حكم الصلاة ؟

فقال : باطلة

فقلت له : لماذا باطلة مازاد الإمام إلا خيرا زاد ركعة وقرأ فيها الفاتحة وركع وسجد فما عمل إلا خيرا ،،،

فقال : لأن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يفعلها

فقلت له : إذن وصلنا للغاية والرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يحتفل هو ولا آل بيته ولا الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بمولده ...

فقال : أنا سلمت وأعاهدك على أن أكون حربا عليها من اليوم ،،،





انتهى النقاش




وأرجو أن نقرأ ردكم الكريم لا من باب الدفاع عن الرأي او التعصب لمذهب...معين..إنما سعيا وراء الحق....



بارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء




اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

عبد الحكيم احمد صباح
15-01-2007, 11:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اولاً من الواجب عندما نذكر النبي نصلي عليه لان حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول البخيل من ذكره اسمي عنده ولم يصلي علي او كما قالصلى الله عليه وسلم ثانياً لايجوز احتفال بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم وذللك حسب تعليمات المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم التشبه باليهود وانصارهو وثالثاً انها بدعه لان ماكانت بعهد المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا عملها الصحابه رضى الله عنهم ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ابتاع في الدين سواء كان حسن او سىء والدين قوله صلى الله عليه وسلم كل بدعه ضلاله وكل ضلاله في النار اوكما قال اهنا الكل تشمل الحسن والسىء والدليل هو قوله صلى الله عليه وسلم كل ابن ادم خطاء ما استثنى احد اهنا نفس كل بدعه ضلاله ما استثنى شيء لاحسن ولا سيء والله اعلم واحكم وهو ارحم الرحمين


اخوكم الفقير الى الله عبد الحكيم احمد

عبد الحكيم احمد صباح
15-01-2007, 12:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
اما بعد من محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم اولاً الاتباع قوله تعالى اتبعوني يحببكم الله ثانياً ننتهي عما نهانه عنه وقوله تعالى ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فنتهو من هذا بختصار جداً نفهم انه لايجوز الاحتفال بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم لان خالفنا الاتباع وخالفنا النهي لان المصطفى صله الله عليه وسلم ما عمل بحياته مولد ونهانه عن الابتداع في الدين
والله اعلم


تحياتي

{البحر}
15-01-2007, 01:09 PM
كل محدثةٍ بدعه وكل بدغه ضلاله