المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ~ سواليف ابو سيف 2 / منع التجوّل ~



همسة
19-10-2004, 11:44 PM
هذه ( السواليف ) فهي مجرد جلسات و حكايا من باطن ذاكرة ( أبو سيف ) ، وجدت طريقها في أحاديث حول مائدة الطعام او جلسات السهر ، او حتى في المناسبات العابرة. حاولت حفظها جميعا في ذاكرتي جزافا ، فعلى القدر الذي كنت فيه حريصة أن اسمع أكبر قدر من حكاياته في الوقت القصير الذي جالسته فيه، و على القدر الذي جهدت فيه بلملمت الأحداث، لم يسعفني تذكّري إلا بهذه القصاصات.هي مجرد اوراق مبعثرة ، و ليست توثيقا، فأعذروا لي تقصيري...





قـــــبـل الـــــبـدء (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15655)

أيــام الـدراســـة (http://www.dorarr.ws/forum/showthread.php?t=15699)


--------------------------------------------




هذه المرة كان الحديث كان عن الدراسة في الولايات المتحدة ، و تكاليف الدراسة .. فكان لا بد ان نتحدّث عن تجريته، و عن الأعمال التي عمل فيها كي يوفّر تكاليف دراسته و عن حياته كعامل و طالب .









يعتبر نفسه من العصامين حتى الصميم .. فكان تعريج الحديث على شيء من طفولته ، قال:


(1)


من طفولتي لم أعتد ان آخذ فلسا واحدا من والدي (إبتسم ) بل كنت انا من يعاونه ..كان يسألني كل أسبوع : شو بدّك تعطيني فلوس يابا؟





برغم أني الأخ الأصغر لم أكن أخجل ان ابيع ( الترمس) و ان اعمل مع الفلاحين في ارضهم ،أخي الذي يكبرني كان يخجل ان يصنع ما أصنعه .. حتى نمت لي ثروة صغيرة ، عندها قررت ان أبدء بمدجنة دجاج على طرف ارض لوالدي. هدفي منها كان ان اوفّر لأهلي بيضا على فطورهم و دجاجا على غدائهم كل يوم ..





ذات يوم فرض علينا منع التجوّل ، مضى اليوم الأول و الثاني و جاء الثالث ، فكان لا بد من إطعام الدجاج قبل ان ينفق. كان علي ان اخرج بعد الغروب و أتحامى بأسوار البيوت ، و من ثم أن امشي بين المزارع بمحاذاة السلاسل حتى أصل القن ..





وصلت بعد مكابدة عناء التخفّي ، أطعمت الدجاج و سقيته و حان وقت الرجوع ، ما هممت بالخروج إلا و مجموعة من الجنود أمام القن نائمون، رجعت أدراجي و كتمت انفاسي كي لا أكشف ، و إلا كان الثمن حياتي ...





جلست بين الجاج منتظرا مترقبا ما يقارب اربع ساعات ( و قن الدجاج لمن لا يعرف ، رائحة كريهة و حرارة مرتفعة ) حتى استيقظوا و تناولوا إفطارهم و لم ينسوا ان يتركوا اوساخهم و راءهم ..





(2)





أظن ان الجنود يملّون من ايام منع التجوّل أيضا ، فلا شاب يفتشوه و لا أحد ليزعجوه ، لكنهم على اي حال يملّون من سيطرتهم!!


أذكر يوما من فرط ضجرهم أحضروا حمارا من القرية و كسروا باب أحدى صالونات التجميل ، و لوّنوا له شعره و سرّحوه ، و تفنّنوا برسم وجهه يالأصباغ ( ضحك كثيرا هنا ، ثمّ سكت و تأمّل لحظة .. وتابع حديثه ) هذا الحمار ذكّرني بحمار في قصة أخرى أفضت إلى منع تجوّل ايضا.. لكنها كانت مؤثّرة في نفسي ..و في نفس كل أهالي خربثا





(3)





كنت شابا عندما عسكر الجنود على مشارف القرية . المعسكر عبارة عن خيم صغيرة تحيط بخيمة القيادة التي رفع عليها علم إسرائيل ، و طبعا .. المعسكر تحيطه الأسلاك الشائكة ، و الحراسة مستمرّة على مدار اليوم .


لا أنكر ان غصة كانت في قلوب اهل البلدة ، فهذه الجهة الوحيدة التي لا تحيطنا بها مستعمرة....





في إحدى الجلسات مع رفقائي ، قال أحدهم :


إلكم علي وعد ، بكرة تصحوا تصلّوا الفجر ، و تلاقوا علم فلسطين مرفوع عالخيمة ..


حاولنا ردعه ، فهذا قد يكلّف حياته ! أجاب:


لا تخافوا، بإذن الله بكون واقف أصلّي الفجر معكم ، وقام من مجلسه





حان الفجر ، و كما وعد .. علم فلسطين مرفوع على الخيمة ، ذهبنا لإستطلاع خبره ، كان نائما في بيته ، لا أنكر حينها اني كنت أخشى ان يكون أحد الجالسين من المتعاونين مع اليهود و قد أخبر عنه ، حتى تأكدت من حياته، و تأكدت ان رفاقي ليسوا متعاونين. . دقائق و لحق بنا ، و بيده العلم الإسرائيلي ، و على شفته إبتسامة لا يفهمها إلا من يراها..





ربط العلم بذنب حمار مشى به كل القرية، الحمار مسح بالعلم الشوارع ، لمّ زبالة البلد و الناس هاتك يا تدعيس في العلم .. و أهل خربثا ما كذّبوا خبر ، طلعوا يشوفوا العلم المرفوع ، و الجنود مش عارفين بالدنيا و لا شو صاير فيها ..


بس في شي محيرهم ، مش من عادة اهل البلد يطلعوا يوقفوا هيك ، حتى إنتبهوا قريب العصر ، و ما إجا المغرب حتى الكتيبة الموجودة راحت و إجت مكانهم ( الشمارغول) ( او كما أذكر هكذا سمّاهم ، وهم كما يعرف بنظمنا القوات الخاصة ) ، إجت الكتيبة القديمة أخذوا العلم بحالته و باسوه و سلّموه للكتيبة الجديده ، اللي رجعوا رفعوه من كمان مرّة..





و فرض منع التجوّل من بعد هذا اليوم أياما..


--------------------------------------------












ربما الكثيرون يعتبرون ان منع التجول مجرّد ( ممنوع الخروج الى الشوارع ، إبق في البيت كي تسلم ) ، و لا ينظرون الى القيمة العملية لهذه العبارة .. إن خرجت قد تصيبك رصاصة، و إن بقيت .. صارعت مع ذاتك و بين اهلك معركة أخرى









منع التجوّل يعني قهرا و تحطيما و حبس حريات ، سجن جماعي يشمل كل سكان البلدة . عقوبة جماعية تفرض على المقاوم و من يساندوه و يحتووه ، و إثبات مهين لقدرة المحتل و سيطرته على حياة الناس ، قد يجور على حاجات الأطفال و متطلّبات المرضى ، خاصّة انه يأتي غفلة





ربّما أستطاع الفلسطينيون رد بعض هذا الأذى ، ربما لأنهم لا ييأسون ، و استعاضوا عن التنقل و الحركة من خلال الشارع بالعبور من المنازل


عند منع التجوّل ، يحق لك ان تعبر من دار إلى دار و تقفز من الأسوار و الفضل الكبير للستر يعود للأشجار و ( معرّشات الدوالي ) او العنب ، لكن هذا لا يجدي دائما و لا ينجي كثيرا ز فمجرّد الوقوف امام النافذة يعرّض الحياة للخطر ، فكيف إذا كنت في حاكورة الدار ؟!



تحيتي ..

رحاب
20-10-2004, 12:57 PM
كل عام وانتي بخير هموسة
وبجد وحشتني سواليفك الطيبة

منع التجوّل يعني قهرا و تحطيما و حبس حريات

عبارة حملت الكثير والكثير من المعاني...
استمتعت جدا باوراق ابوسيف ورائحة الذكريات المتعتقة من اوراقه

استمري ياهمس فكم نحن بحاجة لمعرفة تجارب غيرنا

دمتِ في حفظ الرحمن ورعايته

همسة
23-10-2004, 10:40 PM
الغالية صدى

شكرا لمرورك

و أسعدني تجاوبك

BackShadow
24-10-2004, 04:14 AM
اهلين همسه

تمتعينا بقصص ابو سياف كثيراً


لا تحرمينا منها ... ارجوك

همسة
25-10-2004, 11:36 PM
أهلا باك شادو

شكرا إلك

و شكرا لوجودك