المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ~ الوداع الأخير ~



المرهفة
07-05-2002, 01:19 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

*****

****

***

**

*



الوداع الأخير

صرخت .. لكن لا مجيب
تدحرجت دمعة ساخنة على وجنتيها كأنها في دوامة اللانهاية واللابداية .. تأخذ تلك الدوامة معها السعادة .. الأمل .. الماضي .. المستقبل .. وتأخذه أيضاً معها .. إنه جهاد زوجها ...

في لحظات .. تصبح الضحكة سراب .. والمستقبل وهم .. وجهاد صامت هادئ .. كهدوء ليل الصحراء .. قوي كالوردة المزهرة للرياح .. رقيق كالنسيم الذي يداعب وريقات الورود المبللة بقطرات ندى عليل .. فتنقشع الشمس من وراء البحار .. كأنها تتدلى من عناء يوم طويل .. وجهاد يمضي نحو مستقبله .. بيده اليمنى حجر .. وبيده اليسرى كفن .. بطل من أبطال الوطن .. بعيونه الخوف والفرح للموت .. ولكن لن يستسلم لتلك التوسلات .. توسلات زوجته وعد .. لا لن يستسلم لدمعات عيونها التي تجلده كالسياط .. وتلومه الفراق ..

أما هي فبقيت تركض وراءه كطفل صغير يبحث عن حنان والدته .. كمثل أوراق عباد الشمس التي تتجه باتجاه الشمس لتمدها بالحياة .. هذه إرادة الله .. البحث عن الحنان .. وما أشد عذاب القلب عندما يفقد الحنان .. كأنه نهار بدون شمس .. ليل بدون قمر .. جسد بدون روح .. فيفقد ذاك المخلوق لذة الحياة وجمال السعادة .. ليرى نفسه جدران الألم واطلال السعادة .. هذه هي حياتنا فانية .. كغيداء جميلة يلاحقها ذاك المخلوق الضعيف .. يركض وراءها ليلبي شهوات تدمره .. تسحقه من الألم فيفيق .. يلهث مع اللاهثين أم يبكي مع الباكين ..

وتوسلت .. بكت والآلام تحترق في صدرها .. ونيران الخوف تنفجر لتصرخ بأعلى صوتها الدفين .. جهاد .. جهاد .. أين تريد الذهاب ؟؟؟ اختنقت العبارت في صدره .. وقف جاثماً لرقة صوتها .. والدمعة التي تتدحرج على وجنتيها .. وقرر الوقوف ليقبلها قبلة الوداع الأخير .. وقف واحتار في جحيم الهواجس .. ولكنه لن يستسلم لدموعها .. وبخطوات بها الحزم والهدوء .. بها القوة والضعف .. تراجع قليلاً إلى الوراء .. وكان في قرارة نفسه يتمزق لرؤية دموعها .. ووجها الشاحب .. فرمقها بنظرته الحنونه وحاول جمع أشلائه ومزق الآلام ليرسم ضحكة مصطنعة على شفتيه .. وبيده الحنونه ضمها إلى صدره .. ثم رفع وجهها إلى الأعلى وكفكف دموعها وطبع قبلة على وجنتيها ..

وقال : وعد ؛ إني عاهدت على الانتقام لأهلي ولن أتراجع .. ولن استسلم ، فإن استسلمت سأفقد نفسي .. وبسواعدي غداً سأدفن طفلي .. سيلومني ويزجرني غدي إن استسلمت ليومي ..

قالت : " إنه الموت يا جهاد ، الموت ، أرجوك !! ".

قال : " لا تقولي موت بل استشهاد"، وعد عودي للبيت عودي .. وإن أراد الله لي الرجوع فسأكون بطلاً لتفتخري به ، أرجوك وعد .. إن دموعك الصادقة تقتلني كأنها مسجونة بين جفونك .. هيا يا زوجتي الحبيبة عودي للبيت .

بكت على كفته .. ورفع وجهها بهدوء وقبل جبينها مرة أخرى، وأدار وجهه وركض مسرعاً حتى لا ترى دموعه الساخنة وخوفه عليها ..

وتلاشى .. كالشهاب .. ولم يترك خلف خطواته سوى الألم ونيران الحزن

وكان الوداع الأخير



http://images.webshots.com/ProThumbs/21/10621_wallpaper280.jpg

الأديب
07-05-2002, 01:51 AM
بل هو بداية اللقاء في جنة عرضها السماء والأرض ، فهي إن لم تودعه الآن ستودعه غدا ، لكن فرق بين من يومت في سبيل الله ومن يموت سبيل الشهوة والشيطان .


قصة جميلة ورائعة .

zadi
10-05-2002, 01:41 AM
______________


بكل لغات العالم ,,,

وبإسم كل مشاعري التي تفاعلت مع جهاد ووعد ,,,

أشكرك جزيل الشكر ,,,

أقدم لك أعطر التحايا ,,,

فوالله لقد تأثرت كثيراً بهذا الأسد ,,, جهاد ,,,

وكم تفكرت في وعد ,,,

دخلت وسط حوارهما صامتاً ,,,

أستمع له وأستمع لها ,,,

كم كانت قامتهما تضرب في عنان السماء ,,,

كم كانا كبيرين في كل شيئ ,,,

_________________

الله يعطيك ألف عافية على مواضيعك الرائعة والرائعة جداً ,,,

أختي المرهفة ,,,

سر إبداعك ,,,

أنك مبدعة بالفطرة ,,,

هكذا بكل بساطة ووضوح ,,,

خالص تحياتي ,,,

المرهفة
11-05-2002, 12:44 AM
أخي في الله الأديب

جزاك الله كل خير

صدقت انها بداية لقاء في جنان عرضها السموات والأرض ، ألا ليتنا نحظى بمثل شهادتهم لنفوز بما فازوا به

تحياتي

أختك في الله

المرهفة
11-05-2002, 12:46 AM
أخي في الله زادي

شكراً لحضورك وإطرائك اللطيف الذي ينمي عن ذوقك ورهافة حسك

ومهما حاولت جاهدة لن أصل إلى ابداعاتكم الرائعة

بارك الله فيك

تقبل تحياتي