الشمس
10-08-2004, 11:44 PM
أعرف مايجب علي كتابته، أعرفه جيدًا، لكني لسبب ما لا أستطيع!
لست أنت ياجاري الصغير العزيز جاك، ولا العم دونالد دك، ولا السيد سلحف، ولا حديقة الحي، ولا إسطبل الخيول، ولستِ أنتِ يا سكرمنتو، لا ليس في هذه المرة.
اللحظة أعترف أني لست وفية بمايكفي لكل المدن القليلة التي حملتني على ظهرها زمنـًا طال أو قصر، برغم كل ما منحتنيه، وبرغم ولعي بالارتحال إليها، برغم هذا كله إلا أني أفشل في ترجمة روحي إلى أي منها؛ إذ كان يلزمني دائمـًا أن أبادل هواءها بأنفاس العودة منها، وأهدهد أرضها المنبسطة من تحتي بخطوات سريعة تحاول مجاراة رغبتي الجامحة في استغلال كل ثانية قبل موعد العودة إلى أرضي الرياض.
في الرياض لا يمكنني الترصد لجاري الصغير العزيز جاك أثناء خروجه من منزله في أوقات أعرفها لأباغته، وفيها لا يمكنني السير إلى حديقة الحي لأرى الأصدقاء مجتمعين ومعهم الصغير فيليب الذي لم يكن صديقي أبدًا، وفيها أيضـًا لا أستطيع أن أركض تحت المطر كما فعلت في سان فرانسسكو، أو أضحك بصوتٍ عال وأنا أسير في الشارع كما فعلت في كالفورنيا، أو أطل من نافذة غرفتي وأنادي أبي الذي خرج للتو من المنزل كما فعلت في سكرمنتو، فلماذا الرياض؟
اللاهبة، قطعة من الشمس سقطت، كفنها رمال فارت منها ذهبا. الحوراء، متلألأة بأضوائها، تصوب سهام طرفها الساهم إلى الداخل، فأبصر كل مايستعمرني ابتداءً من الفكرة، مرورًا بالحلم وانتهاءً بالهم. مالذي يمكنها منحي - مدينة مثلها- غير لحظات الصمت الكثيرة، وأماكن شاسعة لا أستغل منها غير ركن أتقرفص فيه وحدي!
هنا، في الرياض، يمكنني أن أرى عشبـًا أخضر، وزهورًا ملونة، وبحيرات جميلة، وناسـًا كثر، لكني لا أحاول، حالمـة، أن أشعر بهذا كله، وإن فعلت لحظة زهو بها، سرعان ما تصفعني بحقيقتها، وتعيد تكرار درس لم تزل تعلمنيه: ليكن الربيع في الداخل، والنور من الداخل، والعالم بل الكون كله يعمر الداخل. فكنت ماأرادت، وبقيت أنا، مكتفية بذاتي، أردد سؤالاً بحجم الكون المختزل داخلي!
حينما أبصرت عيناي نورها، منحتني نفسها أرسمها وألونها سنين، حتى ملكتني، ثم مزقت كل لوحاتي وكشفت عن أصل واحد، الرياض. هي الأمس الذي كنته؛ فأصبح كلي. هي حقيقتي التي لم أرها إلا حين كنت على أرضها. ولأنها ذلك كله؛ كانت الرياض، ولا شبر سواها.
30/6/2004
لست أنت ياجاري الصغير العزيز جاك، ولا العم دونالد دك، ولا السيد سلحف، ولا حديقة الحي، ولا إسطبل الخيول، ولستِ أنتِ يا سكرمنتو، لا ليس في هذه المرة.
اللحظة أعترف أني لست وفية بمايكفي لكل المدن القليلة التي حملتني على ظهرها زمنـًا طال أو قصر، برغم كل ما منحتنيه، وبرغم ولعي بالارتحال إليها، برغم هذا كله إلا أني أفشل في ترجمة روحي إلى أي منها؛ إذ كان يلزمني دائمـًا أن أبادل هواءها بأنفاس العودة منها، وأهدهد أرضها المنبسطة من تحتي بخطوات سريعة تحاول مجاراة رغبتي الجامحة في استغلال كل ثانية قبل موعد العودة إلى أرضي الرياض.
في الرياض لا يمكنني الترصد لجاري الصغير العزيز جاك أثناء خروجه من منزله في أوقات أعرفها لأباغته، وفيها لا يمكنني السير إلى حديقة الحي لأرى الأصدقاء مجتمعين ومعهم الصغير فيليب الذي لم يكن صديقي أبدًا، وفيها أيضـًا لا أستطيع أن أركض تحت المطر كما فعلت في سان فرانسسكو، أو أضحك بصوتٍ عال وأنا أسير في الشارع كما فعلت في كالفورنيا، أو أطل من نافذة غرفتي وأنادي أبي الذي خرج للتو من المنزل كما فعلت في سكرمنتو، فلماذا الرياض؟
اللاهبة، قطعة من الشمس سقطت، كفنها رمال فارت منها ذهبا. الحوراء، متلألأة بأضوائها، تصوب سهام طرفها الساهم إلى الداخل، فأبصر كل مايستعمرني ابتداءً من الفكرة، مرورًا بالحلم وانتهاءً بالهم. مالذي يمكنها منحي - مدينة مثلها- غير لحظات الصمت الكثيرة، وأماكن شاسعة لا أستغل منها غير ركن أتقرفص فيه وحدي!
هنا، في الرياض، يمكنني أن أرى عشبـًا أخضر، وزهورًا ملونة، وبحيرات جميلة، وناسـًا كثر، لكني لا أحاول، حالمـة، أن أشعر بهذا كله، وإن فعلت لحظة زهو بها، سرعان ما تصفعني بحقيقتها، وتعيد تكرار درس لم تزل تعلمنيه: ليكن الربيع في الداخل، والنور من الداخل، والعالم بل الكون كله يعمر الداخل. فكنت ماأرادت، وبقيت أنا، مكتفية بذاتي، أردد سؤالاً بحجم الكون المختزل داخلي!
حينما أبصرت عيناي نورها، منحتني نفسها أرسمها وألونها سنين، حتى ملكتني، ثم مزقت كل لوحاتي وكشفت عن أصل واحد، الرياض. هي الأمس الذي كنته؛ فأصبح كلي. هي حقيقتي التي لم أرها إلا حين كنت على أرضها. ولأنها ذلك كله؛ كانت الرياض، ولا شبر سواها.
30/6/2004