الشمس
09-08-2004, 07:44 PM
وقال أيضـًا:
لولا استـئـثـار الإنسان بالكلام، لما بقي له مايقوله!
"لست وحدي أيها الحزن الشره"
تردد مضطرًا كتائه في غابة يمثل الموت أمام دب مفترس؛ لا لأنها الورقة الرابحة الوحيدة؛ بل لأنها الأولى التي تقدمت بها بديهته في لحظة قاتلة .
" لست وحدي أيها الحزن الشره، لست وحدي، إياك أن تقترب ! "
تهمس والوهن يدق عظامك، تنظر من أمامك: جسد جني صغير بوجه ملك السماء السادسة، يتأملك هو الآخر، تذوب عيناه إشفاقـًا، ويظل هائمًا في الهواء ينتظر أَجَلَ سُـكنى قلبك.
تعرف أنه يراك من حيث تراه، متكومًا على ذاتك، تردف صدرك بركبتيك وساعديك ورأسك، وهو لم يزل بلا مأوى، ليس لأنك أخفته، ولا لأنك بدوت أضعف من احتوائه، ولا لشفقته عليك. تدرك جيدًا أنه ينتظر قدره هو الآخر، وأنه ملاقيك مهما بلغ تحصينك لقلبك، وأنه مخلوق ضعيف مثلك، لم يختر تلبس سحابة حبلى بمطر مالح، ولا الوقوف في نهاية السبل المتقطعة لتنتهي إليه، ولا التعلق بأذيال الأخبار السيئة. لا هو لم يسرق صوت أحدهم، ولم يقطع الهواء عن رئتي أحد؛ كان قدره فقط، قدره أن يأتي مع كل الأشياء التي تكره، قدره أنت، مثلما كان قدرك أن تقع في شَرَكِ حزن وشيك.
لم يزل بوجه الملاك وجسد جني صغير يتأملك، يتراقص على بعد خطوات منك كشعلة نار، ومن وجهك المخبأ خلف ساعديك، بدت عيناك، و شعر بهما تستنضحان مافي جسده المتماهي، فيطبق جفنيه في انتظار أمر كان مفعولا، ويدعك تقلب كفيك على بعضك الذاهب منك.
ما الذي تملكه ضد هذا المخلوق الوديع وأنت تعلم تمامًا أن الشجرة التي تسقط أوراقها لست مثلها؛ ماسقط منك لن تسد فراغه أعطيات حول جديد. الشجرة التي يعريها موتها وهي واقفة لست مثلها؛ ها هو همك يلقيك كومة جسد لم يزل يتدفق بالدفء والوحشة في آن. كل ما يملؤك الآن يتهيأ لاستقباله واحتضانه شعورًا يدفعك لمساعدة روحك على الفيضان. أحدكما سيقضي على الآخر. أحدكما إيمانه بقدره أقوى. ولن يكون أنت، أنت من ترزح تحت عتمة الظلام شمعة انسل فتيلها منها.
صوتك مخنوق بعبرة تعقد حلقك، ثم ترتد إلى الداخل، تصّدع بها عظام صدرك. عيناك توشكان على الانفلاق لشد مااتسعت بالدهشة. لازلت تضم ركبتيك إلى صدرك المتزلزل، و مثل كرسي خشبي قديم لعجوز لا يفارق شالها الأسود كتفيها، تميل بكاملك مرة إلى الوراء ومرة إلى الأمام، تـَـصِـرّ بأنين متقطع وأنفاس من انتهى للتو من سباق مارثوني طويل.
ظلك المصلوب على الجدار أمامك يتسع، المدلهم، مطموس الملامح، بوسعه أن ينقض عليك لو أن ذلك يُحدث أمرًا، لو كنت تحمل نطفة ضوء تكفي لإثارته، وتستحق تكبده عناء السقوط. جالت لخاطرك هذه الفكرة لحظة ترى العالم كله يعاديك، والأرض صخرة ضخمة تعترض طريقك.
أن تتيقظ على حزن يزحف نحوك ببطئ، هذا يعني مواجهته بتعاطي المفاجآة حتى تتراخى مفاصلك، وتنهار إثر شيء يسمونه الصدمة. هكذا توجد ظروفـًا ملائمة للقيام بدور طريد الحياة. هكذا تكون إنسانًا أكثر.
22/7/2004
لولا استـئـثـار الإنسان بالكلام، لما بقي له مايقوله!
"لست وحدي أيها الحزن الشره"
تردد مضطرًا كتائه في غابة يمثل الموت أمام دب مفترس؛ لا لأنها الورقة الرابحة الوحيدة؛ بل لأنها الأولى التي تقدمت بها بديهته في لحظة قاتلة .
" لست وحدي أيها الحزن الشره، لست وحدي، إياك أن تقترب ! "
تهمس والوهن يدق عظامك، تنظر من أمامك: جسد جني صغير بوجه ملك السماء السادسة، يتأملك هو الآخر، تذوب عيناه إشفاقـًا، ويظل هائمًا في الهواء ينتظر أَجَلَ سُـكنى قلبك.
تعرف أنه يراك من حيث تراه، متكومًا على ذاتك، تردف صدرك بركبتيك وساعديك ورأسك، وهو لم يزل بلا مأوى، ليس لأنك أخفته، ولا لأنك بدوت أضعف من احتوائه، ولا لشفقته عليك. تدرك جيدًا أنه ينتظر قدره هو الآخر، وأنه ملاقيك مهما بلغ تحصينك لقلبك، وأنه مخلوق ضعيف مثلك، لم يختر تلبس سحابة حبلى بمطر مالح، ولا الوقوف في نهاية السبل المتقطعة لتنتهي إليه، ولا التعلق بأذيال الأخبار السيئة. لا هو لم يسرق صوت أحدهم، ولم يقطع الهواء عن رئتي أحد؛ كان قدره فقط، قدره أن يأتي مع كل الأشياء التي تكره، قدره أنت، مثلما كان قدرك أن تقع في شَرَكِ حزن وشيك.
لم يزل بوجه الملاك وجسد جني صغير يتأملك، يتراقص على بعد خطوات منك كشعلة نار، ومن وجهك المخبأ خلف ساعديك، بدت عيناك، و شعر بهما تستنضحان مافي جسده المتماهي، فيطبق جفنيه في انتظار أمر كان مفعولا، ويدعك تقلب كفيك على بعضك الذاهب منك.
ما الذي تملكه ضد هذا المخلوق الوديع وأنت تعلم تمامًا أن الشجرة التي تسقط أوراقها لست مثلها؛ ماسقط منك لن تسد فراغه أعطيات حول جديد. الشجرة التي يعريها موتها وهي واقفة لست مثلها؛ ها هو همك يلقيك كومة جسد لم يزل يتدفق بالدفء والوحشة في آن. كل ما يملؤك الآن يتهيأ لاستقباله واحتضانه شعورًا يدفعك لمساعدة روحك على الفيضان. أحدكما سيقضي على الآخر. أحدكما إيمانه بقدره أقوى. ولن يكون أنت، أنت من ترزح تحت عتمة الظلام شمعة انسل فتيلها منها.
صوتك مخنوق بعبرة تعقد حلقك، ثم ترتد إلى الداخل، تصّدع بها عظام صدرك. عيناك توشكان على الانفلاق لشد مااتسعت بالدهشة. لازلت تضم ركبتيك إلى صدرك المتزلزل، و مثل كرسي خشبي قديم لعجوز لا يفارق شالها الأسود كتفيها، تميل بكاملك مرة إلى الوراء ومرة إلى الأمام، تـَـصِـرّ بأنين متقطع وأنفاس من انتهى للتو من سباق مارثوني طويل.
ظلك المصلوب على الجدار أمامك يتسع، المدلهم، مطموس الملامح، بوسعه أن ينقض عليك لو أن ذلك يُحدث أمرًا، لو كنت تحمل نطفة ضوء تكفي لإثارته، وتستحق تكبده عناء السقوط. جالت لخاطرك هذه الفكرة لحظة ترى العالم كله يعاديك، والأرض صخرة ضخمة تعترض طريقك.
أن تتيقظ على حزن يزحف نحوك ببطئ، هذا يعني مواجهته بتعاطي المفاجآة حتى تتراخى مفاصلك، وتنهار إثر شيء يسمونه الصدمة. هكذا توجد ظروفـًا ملائمة للقيام بدور طريد الحياة. هكذا تكون إنسانًا أكثر.
22/7/2004