المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطورات هاتف الجوال المزود بكاميره على المجتمع الاسلامي ..!!



ابو دعاء
30-07-2004, 06:19 AM
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فمما لوحظ في المجتمعات الإنسانية : أن تعاملها مع المكتشفات والمخترعات الحديثة ومع التقنيات المتطورة يحكمها ما لديها من الثقافة والبديهة الذهنية ، التي تتمكن من خلالهما من الاستثمار الأمثل لتلك التقنيات الحديثة والمتطورة ، مع السعي لتجنب كل ما قد تحمله من سلبيات .

وقد كان مجال الاتصالات واحداً من ميادين السباق التقني في المجتمعات كافة .

وكان من مظاهر هذه الثورة : ما شهده عالم الاتصالات الهاتفية المحمولة من تطورات عديدة ، وكان من أواخر ذلك تزويد الهواتف المحمولة بتقنيات التصوير ، والذي شهد أنواعاً من الاستعمالات السيئة من قبل من أناس لم يستطيعوا التعامل الأمثل مع هذه التقنية . فالتحق ذلك بما كان من الأخطاء في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تيب وعبر الكاميرات الرقمية .

والملاحظ في مجتمعنا : أنه في غالب الأحوال كان استعمال الكاميرات المدمجة في أجهزة الجوال ، وكذلك الكاميرات الرقمية مشوباً بتعاملات سيئة ، تمثَّلت على وجه الخصوص في تصوير النساء ، وبَثِّ صورهن بين أجهزة الجوال المحمولة ، أو بثها عبر شبكة الإنترنت ، وربما اتجه البعض لوضع أسماء مستعارة لصور النساء تلك ، أو افتراء أسماء نساء معروفات ، وفي بعض الأحوال تتم دبلجة الصور بتركيبها على أجساد عارية ، إلى غير ذلك من التعاملات المسفة ، والتي تقلق النفوس وتكدر الخواطر ، وقد رأيت أن من الواجب على طلبة العلم أن يبينوا خطورة هذه التعاملات وسوء عاقبتها ، فحررت هذه الأسطر رعايةً لحرمات المسلمين ، وانتصاراً لأخواتنا المسلمات .

ولستُ أفشِي سراً أو أذيع مخبوءاً حين أقول : إن ثمة عدداً من الوقائع من هذا القبيل ، فاحت رائحتُها ، حتى ضَجِر منها الأسوياء وأعلنوا النكير الكبير لها ، وإن كانت هذه الوقائع لدى طائفة قليلة مادة ثرَّة ، أشبعوا بها فضولهم واتَّسقت مع هامشيتهم .

وعند تحليل هذه التصرفات ودوافعها النفسية والاجتماعية ، وما ينطبق عليها من الحكم الشرعي ، فسنلاحظ ما يلي :

1/ أن هؤلاء الذين توجهوا لهذا الاستخدام الخاطئ لكاميرات الجوال والكاميرات الرقمية من الذكور والإناث ، على غرار ما أشرتُ إليه آنفاً ، لا يخلون من أحد أمور ثلاثة :
الأول : كونهم مبهورين بهذه التقنية مع افتقادهم لسعة الأفق والمواكبة الإنسانية المتطورة للتقنيات الحديثة ، ويرتبط هذا بقلة العلم وضعف الفهم ، مما جعلهم يتجهون بأنفسهم إلى هذا النوع من التعامل الخاطئ فيتخلفون عن مواكبته واستيعاب أغراضه .

الثاني : أن يكونوا محصِّلين للثقافة والفهم ، ولكنهم يفتقدون الأخلاق الإسلامية ، بل وحتى الأخلاقيات الإنسانية ، التي يفترض فيها الاعتدال والبعد عن وِهَاد الفحشاء وأُتون المنكر ، وثمة ارتباط وثيق في أغلب الأحوال بين افتقاد هذه الأخلاقيات وبين نوعية الثقافة التي يحملونها.

الثالث : وهو فرع عن الثاني ، أن يكونوا أشخاصاً أصابهم العطب في الجوانب الجنسية نتيجة مؤثرات محددة ، سواء أكانت تلك المؤثرات مما تعرضوا له في مراحل الطفولة ، أو لدى مراهقتهم ، أو لدى اتصالهم بثقافات منحرفة من خلال السفر ، أو عبر الإنترنت ، أو غيرهما .

ولا أود الخوض في الجوانب النفسية والاجتماعية لتلك الفئة ، ففي ذلك تفصيل ، ولكنَّ مدارها على ما ألْمحت إليه .

2/ الأصل أن أفراد مجتمعنا جميعاً يدركون حرمة الأعراض ، وما يجب من رعايتها وحفظها ، من خلال ما درسوه في مناهج التعليم ، ولكن المشكلة التي عانوا منها هي : عدم تطبيقهم لما علموا على هذه الأحوال ، نتيجة انفصام طارئ بين العلم والعمل ، وقد يكون سببه دافعية العبث واللهو ، أو لعدم إدراك مخاطر عملهم ، أو لغير ذلك .

3/ مما يجدر تأكيده في هذا المقام أن استعمال كاميرات الجوال ، وكذلك الكاميرات الرقمية في تصوير النساء وبث صورهن ، والتصرف فيها على نحو ما مثَّلت له آنفاً ، إنما هو عمل محرم ، ومن أشد الآثام تحريماً ، لما يترتب عليه من المفاسد والمنكرات ، ومنها :
أولاً : ما فيه من الإخلال بأعراض الآخرين .
ثانياً : لما فيه من إيجاد المشكلات الأسرية .
ثالثاً : لما فيه من التسبب في إشاعة الفواحش في المجتمع .
رابعاً : ما يشتمل عليه من أذية المؤمنين والمؤمنات .
خامساً : سوء عاقبة فاعله في الدنيا والآخرة .

وكل هذه العواقب مما تظاهرت النصوص على تحريمه وتبشيعه ، وبيان ذلك فيما يأتي :
أولاً : الإخلال بأعراض الآخرين :
وذلك لأن تصوير النساء ، حال كونهن عالمات بذلك أو على غفلةٍ منهن ، وهذا أعظم ، فيه هتك حجاب الحشمة والحياء ، الذي أنعم الله به على المؤمنات، فمن صور النساء، من امرأة أو رجل ، أو بث تلك الصور ، فهو مُحَادٌّ لربه القائل : ( يا أيها النبيُّ قُلْ لأزواجِكَ وبناتكَ ونساء المؤمنين يُدنين عليهنَّ من جَلالِيبِهِنَّ ذلك أدنى أنْ يُعْرَفْنَ فيُؤذَينَ وكان الله غفوراً رحيماً ) ( الأحزاب : 59 ).

فالله جلَّ شأنه يأمر بالستر ويرغب فيه ، ويمنع من هتكه ، لكنَّ هذا المصوِّرَ للنساء يمانع أمر الله ، بل ويتبع سبيل الشيطان الذي يسعى لكشف العورات وإظهار السوءات ، كما أخبر الله عنه في كتابه الكريم ، وحذر من متابعة سبيله ، فقال عزَّ من قائل : ( يا بَنِي آدمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطانُ كما أخرج أبويكم من الجنة يَنْزِعُ عنهما لباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوءَاتِهِمَا إنَّه يَرَاكُم وهو وقَبِيلُهُ مِنْ حيثُ لا ترونَهم إنَّا جَعَلْنَا الشياطينَ أَولياءَ لِلَّذينَ لا يُؤمنون ) ( الأعراف : 27 ) وقال سبحانه قبل هذا مخبراً عمَّا ناله إبليسُ من الأبوين الكريمين عليهما السلام : ( فَوَسْوَسَ لَهُما الشيطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عنهما مِنْ سَوءَاتِهِمَا … ) الآية ( الأعراف: 20 ).

وقد وجد أن البدايات الأولى للفواحش هي إبداء ما أمر الله بستره ، وما يتعامل به من في قلوبهم مرض من ابتزاز النساء بصورهن ، ومطالبتهن بما فيه انتهاك أعراضهن ، وهذا حاصل عبر الصور التي يحتالون في الحصول عليها .

وغير خافٍ هنا أن التصوير برمَّته مما أفتى أئمةٌ من العلماء بتحريمه ، أياً كان نوعه ، لعموم ما جاء من النهي عن التصوير والوعيد فيه ، إلا ما كان لضرورة ، لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ أشدَّ الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصوِّرون " . وثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصوِّرين . وحتى الذين أجازوا ما كان اختزاناً لصور ذوات الأرواح ، كالذي يكون بالتصوير الفوتوغرافي وعبر الفيديو فإنهم لا يجيزون بحالٍ تصوير النساء ، لما فيه من كشف عوراتهن ، وما يفضي إليه من الفساد .

ثانياً : لما فيه من إيجاد المشكلات الأسرية :
وذلك أن ذوي المرأة التي تنتشر صورتها لا بد وأن تأخذهم الغيرة وتحركهم الحمية ، بسبب هذا التصوير ، فإن كانت متزوجة فالغالب أنها تصبح محل تهمة وشكٍّ لدى زوجها ، وربما أدى إلى طلاقها ، وإن كانت غير متزوجة فربما أدت تلك الصور بأهل المرأة إلى الاعتداء على موليَّتهم بالضرب وغيره ، وقد يؤدي بها ذلك لأن يعزف عنها الخطاب لسوء سمعتها ، فتتعطل عن الزواج ، وينشأ عن ذلك غيره من المشكلات . وهذا كله منشأه التساهل بهذا المنكر .

وكثيراً ما يكون تصوير النساء الذي يلتقط في الاحتفالات ومناسبات الأفراح سبباً في نشوء المشكلات بين الأزواج ، وبين الأسر .

مع أنه ينبغي التنبيه في هذا المقام إلى أن المطلوب هو التحري وعدم العجلة ، فقد تأخذ الغيرة غير المضبطة بصاحبها إلى طريق التهور ، وهذا ما نبه إليه النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال : " إنَّ من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله .. فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في رِيبة ، وأما التي يبغض الله فالغيرة في غير الرِّيبة " رواه أحمد وغيره من حديث جابر بن عتيك الأنصاري رضي الله عنه .

ثالثاً : لا ريب أن تصوير النساء بالكاميرات المدمجة في الجوال وغيرها ، وما يتبع ذلك من تداول صورهن لسبب كبير في إشاعة الفواحش في المجتمع .
وذلك أن النفوس إذا هتكت حجاب العفة وتجاوزت حدود الأدب ، فإنها تطمح لما وراء ذلك من سفاسف الأخلاق ، وهذا منشأه استمراء الفواحش والمنكرات .

والذين يعمدون لتداول تلك الصور ونشرها ، يساعدون في تقويض الفضيلة في المجتمع واستساغة الرذيلة ، ويتسببون في وقوع الفواحش وإشاعتها ، ولفظاعة هذا العمل وشناعته ، فقد توعد الله من سعى فيه وتسبب ، فقال سبحانه : ( إنَّ الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) ( النور : 19 ) .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : عند تفسير الآية : ( إن الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة ) أي الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة ، فيحبون أن تشتهر الفاحشة ( في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم ) أي موجعٌ للقلب والبدن وذلك لغشِّه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشَّرِّ لهم، وجراءته على أعراضهم ، فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة ، واستحلاء ذلك بالقلب ، فكيف بما هو أعظم من ذلك ، من إظهاره ونقله ؟! وسواءً كانت الفاحشة صادرة أو غير صادرة ".

وإن مما يؤسف له أن شبكة الإنترنت قد استغلت في هذا المجال أيما استغلال ، وصارت موبئاً للتعاملات الساقطة ، إذ لم تقتصر على تداول صور ومناظر الفحش والعهر من منتحلي الفواحش من الكفار والكافرات ، ولكن يتم بث صور المسلمات العفيفات الغافلات ، وربما أُدخلت عليها عمليات الدبلجة ، بتركيب الصور على أجساد عارية ، وهذا من أعظم البغي وأكبر العدوان وأشد البهتان . ولسوف يدرك الفاعل لذلك شناعة جرمه يوم يجازيه الله على هذا الاعتداء والبغي .

رابعاً : لا ريب أن تلك الأعمال المشار إليها مشتملةٌ على أذية المؤمنين والمؤمنات :
فإنَّ مَنْ تَمَّ تصويرها بما يُظهر عورتَها ، أو هتك خصوصياتها ، لا ريب أنه من أشد الأذية لها ، وقد قال الله عزَّ وجال : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ) ، وهذا عامٌ في كل ما كان من أذية المؤمنين والمؤمنات .

وقد ثبت في جامع الترمذي وغيره عن نافع عن ابن عمر قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر ، فنادى بصوت رفيع ، فقال : " يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبِه ، لا تُؤذُوا المسلمين ، ولا تُعيِّروهم ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم ، تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يَفْضَحْهُ ولو في جوف رحله " .

قال نافع ونظر ابن عمر يوماً إلى البيت أو إلى الكعبة ، فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك .

ولا ريب أنه لا أشد على النفوس الكريمة من أن تؤذى في أعراضها ، فالأذية حاصلةٌ للمسلمات ، وحاصلةٌ أيضاً لأهليهن ، لما يلحقها في ذلك من مشاعر الإحباط والامتعاض .

خامساً : سوء عاقبة فاعله في الدنيا والآخرة :
أما وقد تبين فيما تقدم بعض المساوئ والأضرار والمنكرات المترتبة على تصوير النساء وتداول صورهن ، فلا غرو حينئذ أن تكون العاقبة سيئة ووخيمة في الدنيا والآخرة لمن تسبب في ذلك .

أما في الدنيا : فإنه لما كان بَغْيَاً وعدواناً ، فإن فاعله مشمولٌ بالوعيد الوارد في النصوص المتقدمة ، كما في قوله تعالى : ( إنَّ الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة ) .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من ذنبٍ أحرى أن يعجِّل الله تبارك وتعالى العقوبة لصاحبه في الدنيا ، مع ما يُدَّخَرُ له في الآخرة ، من البغي وقطيعة الرحم " رواه أحمد وأهل السنن إلا النسائي من حديث أبي بكرة رضي الله عنه .

ومن جملة ما يكون في الدنيا : أن يحيق به مثلُ ما ألحقه واعتدى به على غيره ، وقد تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم ، تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " .

ومن جملة ما يكون في الدنيا أيضاً : أن يُوقِع به وليُّ الأمر عقوبةً تردعه عن غيِّه ، وإساءته لأعراض المسلمين ، وعن إشاعته للفاحشة ومسبباتها .

وفي هذا يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله عند قول الله تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ) إنَّ سبَّ آحاد المؤمنين موجبٌ للتعزير.

فهذا في السب الذي يكون شتماً بالكلام ، فكيف بما يكون من انتهاك الأعراض بعرض الصور وإظهارها ؟! والتي احتاط الشارع الحكيم لها بعقوبة مقدرة ، كما هو في حد القذف ، ولهذا كان المصور للعفيفات جديراً بعقوبة تكفُّه وتردع غيره .

وعلى هذا فإن على الجهات الرقابية في الهيئة والشرطة وغيرهما أن تكون حازمةً في هذا المجال لمنع توسعه ، كما أن أصحاب الفضيلة القضاة يؤمَّل منهم الحزم في عقوبة من امتهن هذه الأعمال وتعود عليها ، وخاصةً من تكرر منه ذلك ، بحسب ما يرونه من دلالات نصوص الشرع القويم .

ومن قبل ذلك على الجهة المختصة في وزارة التجارة أن تتخذ إجراءات حاسمة لضبط تداول هذه الأجهزة بين الناس ، بما يتم معه تحقيق الأمن الأخلاقي للمجتمع .

وأما في الآخرة : فكما تقدم في قوله تعالى : ( إنَّ الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة ) .

كما أن وضع اسم امرأة من المسلمات بإزاء صورةٍ لها أو لغيرها ، وقد أجري عليها اللصق لجسدٍ عارٍ ؛ هو رميٌّ لها بالسوء ، واتهامٌ لها بالفحش ، وقد توعَّد الله من اقترف ذلك وعيداً عظيماً ، فقال سبحانه : ( إنَّ الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيم . يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون . يومئذٍ يوفِّيهم الله دِينَهم الحقَّ ويعلمون أنَّ الله هو الحق المبين ) ( النور : 23 ـ 25 ) .

وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" اجتنبوا السبع الموبِقَات " قالوا : يا رسول الله وما هُنَّ ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".

وتأمل هذا الوصف البليغ للمحصنات المؤمنات ، وهو " الغافلات " أي غافلات عن الفواحش ، وما قُذِفْنَ به ، ثم يأتي صاحب الإفك أو صاحبته ، ليصنع هذا الصنيع البغيض ، وخاصةً تلك الصور التي تلتقط للنساء المسلمات وهنَّ غافلات ، لا يشعرنَ أن هنالك من يترصد بهن ، كما يقع من التصوير في الأعراس ، وفي المدارس والكليات ، وفي الأسواق والمتَنَزهات ، إنها خيانة وحُبٌّ للفحش ونشره ، يدل على دناءة النفس وسفالتها ، نعوذ بالله من ذلك ، وما كان الله جلَّ شأنه ليُخلِّي بين أصحاب البُهت والفُحش وبين المسلمات العفيفات ، فالله لهنَّ بالنصر والاقتصاص ، كما أنه سبحانه لأولئك المعتدين بالمرصاد.

ومما يكون في الآخرة أيضاً : ما دلَّ عليه ما رواه مسلم عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما المفلس ؟ " قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال عليه الصلاة والسلام : " إنَّ المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا،وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته ، فإن فَنِيَت حسناتُه قبل أن يُقضى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طُرح في النار " .

قال الإمام النووي رحمه الله : " فهذه حقيقة المفلس ، وأما من ليس له مال ، ومن قَلَّ مالُه ، فالناس يسمونه مفلساً ، وليس هو حقيقة المفلس ، لأن هذا أمرٌ يزول وينقطع بموته ، وربما ينقطع بيَسَارٍ يحصل له بعد ذلك في حياته ، وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث ، فهو الهالك الهلاك التام ، والمعدوم الإعدام المقطع ، فتؤخذ حسناته لغرمائه ، فإذا فرغت حسناته أُخذ من سيئاتهم ، فوُضع عليه ، ثم أُلقي في النار ، فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه " .

ومن صنع مع مسلمة هذا النوع من الاعتداء ، بأن صوَّرها ، أو أشاع عنها الفُحش ، فله نصيبه من هذه الخسارة ، فما الظنُّ بما سيكون يوم القيامة ، حين تخيَّر صاحبةُ الحق وأهلُها في حسناته ؟ هل سيبقون شيئاً ؟!.

وأتوجه ختاماً بحديث إلى الشباب والفتيات …
أما الشباب : وخاصةً الذين باتت منتديات الإنترنت ومواقعه ميداناً لمهاراتهم وبراعتهم ، والذين يمضون الساعات الطوال في محادثات هامشية ، أو محرمة ، أو متابعة للمواقع التي نُصبت فخَّاً لاصطيادهم والعبث بعقولهم وأخلاقهم ، فكم تمنيت من هؤلاء ، وقد أدخلوا أنفسهم في لُجج المواقع المتنوعة على الإنترنت أن يَعُوا دورهم في هذا المجال ، وأن يكون لهم أثر في نصرة عقيدتهم التي يحملونها بين جوانحهم . وأن يعلموا أنهم إن لم يكونوا مؤثِّرين على غيرهم فإنه يوشك أن يعبث بعقولهم وبثقافاتهم ثم يكون التشكيك في عقيدتهم ، وانهيار حياتهم كلها .

كما أُذكِّر من لاحت بين ناظريه صور المسلمات الغافلات أن يعتبر تلك المسلمة بنتاً له أو أختاً ، وهي كذلك : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ، وليَسعَ لتغيير ذلك المنكر ما استطاع ، ومحاولة اجتثاث تلك الصورة وقطع الطريق على من أراد ترويجها .

أما أولئك الذكور والإناث الذين سوَّلت لهم أنفسهم تصوير محارم المسلمين ، على حين غفلةٍ منهم ، متناسين نظر الله إليهم وإحاطته بهم ، فأذكرهم الوقوف بين يدي الله ، ( يوم تجد كلُّ نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً وما عملت من سوءٍ تودُّ لو أنَّ بينها وبينه أَمَداً بعيداً ويحذركم الله نفسَه والله رؤوفٌ بالعباد ) ( آل عمران : 30 ) .

وأما الفتيات وعموم النساء : فينبغي لهنَّ الحذر من أن يَكُنَّ متساهلات بمن أرادت العبث بعرضها من جليساتها، وأن تعلم أن تلك الصور قد تأتي على مستقبلها ، وعلى علاقاتها بأهلها وبالناس كافة ، فتقلب حياتها جحيماً لا يطاق .

وخاصةً أولئك الفتيات اللاتي قد يغرر بهن لصوص القلوب وذئاب الأعراض ، حين يطلب تصويرها بدعوى حبه لها وعزمه على الزواج بها ! فتغتر حينئذ وتسلم قيادها له ، مع أنه لو لم يبق بين الناس من النساء إلا هي لرفض الاقتران بها .

وهكذا ما يكون من تساهل بعض النساء بخلع ثيابهن لدى دخول غرف قياس الملابس بالأسواق ، أو لدى تساهلهن بالذهاب إلى حمامات السباحة وحمامات البخار على اختلاف مسمياتها وصالات الرياضة ، وكذلك خلعهن ثيابهن في المشاغل النسائية ولدى تجهيز العرائس ، أو في عيادات التجميل ، ففي كل تلك الأحوال مخالفات شرعية قد تقود المتساهلة بها إلى حتفها .

وهذا يبين لنا شيئاً من حرص نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ورأفته ورحمته بأمته ، وبالنساء على وجه الخصوص ، حين نبههنَّ إلى خطورة إلقاء ثيابهن على وجه مريب ، فقال عليه الصلاة والسلام : " ما مِنْ امرأةٍ تَخْلَعُ ثيابَها في غير بيتِها إلا هَتَكَتْ ما بينها وبين الله تعالى " رواه أحمد وأبو داود واللفظ له وغيرهما . وذلك لأنها مأمورة بالتستر والتحفظ من أن يراها أجنبي ، حتى لا ينبغي لهنَّ أن يكشفن عورتهن إلا عند أزواجهن ، فإذا كشفت أعضاءها في تلك المواضع من غير ضرورة فقد هتكت الستر الذي أمرها الله تعالى به .

فحريٌّ بأخواتنا المسلمات أن يلزمنَ الآداب الشرعية ، وما تقتضيه من الحشمة والحصانة ، وأن يحذرن من أراد المساس بسمعتهن ، مهما كانت المبررات ، وأن يَكُنَّ متنبهات حاضرات البديهة ، وأن يُحسِنَّ اختيار جليساتهن ، حتى يَكُنَّ ممن يُؤمَنُ جانبهن على أقل الأحوال .

والله المسئول سبحانه أن يحفظنا جميعاً بحفظه ، وأن يحفظ أعراضنا والمسلمين ، وأن يسبغ علينا عفو وعافيته ، وأن يجيرنا من أسباب سخطه ، وأن يثبتنا على دينه حتى يتوفانا عليه ، غير ضالين ولا مضلين . إنه سبحانه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

عابده لله
30-07-2004, 12:58 PM
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..

بارك الله فيك اخي ابو دعاء لـ غيرتك على المسلمين والمسلمات..
والله ما دخلت هذه الجوالات بلادنا الإ وجعلت الخراب في كل مكان..
ولا حول ولا قوة الإ بـ الله ..

نسأل الله العافية والسلامة ..

ألف شكر لطرحك ونصحك وإرشاداتك.. جزاك الله كل الخير
وجعل ما طرحته خالصاً لوجهه الكريم..

ألف شكر اخي ..

أبو الخنساء
30-07-2004, 01:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وببركاته وبعد



اخي في الله ابا دعاء جزاك الله خيرا ونفع بك ورفع قدرك على غيرتك غلى اعراض المسلمين


نعم اخي في الله

بليت الأمة بأناس همهم اشاعة الفاحشة في الذين آمنو


يعرفون من المخترعات جانبها الافسادي


همهم شهواتهم فقط

اللهم احفظ اعراضنا واعراض المسلمين