المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى ناصر، في جميع الأحوال الجوية



الشمس
27-05-2004, 01:35 AM
إلى العزيز ناصر البلوي حيث يرقد..
.
.
.

هل تنجح في حسر ظلك من حولنا ، اللحظة المتهورة التي خطفتك من بيننا بخفة يد مستعارة لمتسول يلبس الفقر ثوبا.. أهذه هي حقيقة غيابك المفاجئ.. أن أحبو باستسلام لم يعتده مني القدر إلى يومي لأعيشه وفق ماكنت، ألست صاحب حق في بروز نتوء ولو حقير على سطح اعتيادية أيامي الجامدة..
المفاجأة .. ألا تعني شيئاً يشبه الصدمة.. أمراً يقترب من سريان الكهرباء عبر الجسد..
إذاً لماذا لا يفهم الكون ماحدث لك كما أفهمه أنا؟


الآن وأنا أتذكر لحظة وقعت عيناي على نبأ الحادث ، و التي جاءت مباغتة كلعنة .. لحظة أدركت أن ثمة ما لاينتمي إلا لميادين الهزائم التي يكيلها إلينا طعنة إثر طعنة، يتقصى نبوءاتنا ليأتي عكسها تماماً، هو بعينه ما ينظم سطور حكايتي معك، يزحزح كلماتها، يفسح مكاناً لنقطة نهايتها، نهاية تقف بينك و ماكنت تنتظره، نهاية حزينة كليل مدينتي.. وأنا لا أحتمل هذا، أنا المتورطة في كل ما في الكون من حرائق، لا أحتمل منظر مقعدك الشاغر في رحلة طويلة جمعتنا معاً، تلك الرحلة لم تنتهي بعد، و لن أصغي إليه هذه المرة، المبدع في تنظيم مسيرات سلمية للموت، نحو إضرا م المزيد من الحرائق عداءً للحياة.. أملك أن أصرخ فيه، إن الله لم يشأ للنهاية أن تكون، الله اليبعث الحرف نوراً يحب أن يرى تعانق أكفنا معاً، خلقنا جسداً واحداً لهذا لا يرغب في أن تمضي الرحلة بدونك ياصديقي.


أخبرني كيف بدت ليالي الرياض ، هل تحسست سماءها، قالوا بأن يمكنك أن ترى، رأوا عينيك تجولان المكان حولك، تتفحص وجهوهم، وأنا أجزم بأن يدين نبتت لعينيك ، فهل لمست حزن ليال الرياض، حزينة هي لأن نجوماً هجرت سماءها، فباتت مدينة بلا حراس.. فهل تشعر فيها بالأمان الآن؟


ليس لدي الكثير لأقدمه، أليس غريباً ألا نكتب إلا حين نشعر بالعجز..
أود أن أكتب إليك ما يلقي في قلبك الطمأنينة والرضا، مع اعترافي المسبق برضا نفسي المثقوب، وأرجو ألا تعتبر هذا إعلاناً مبكرا عن فشل حاصل لا محالة، فتتوقف عن القراءة.


لا أدري مقابل أي شيء دفعت هذا الثمن الباهض، بماذا تفكر، جمجمتك المثقوبة أي عاصفة تحتوي؟
قالوا أن جسدك المحموم نظيف من الجراح، غير أن أجساماً غريبة تلهبه.. هم لا يشعرون بك.. لا أحد يمكنه ذلك.. أخبرني أنت، هل تتألم ؟
مكتظة أنا بالأسئلة المزعجة، وأنت المحاصر بالأبيض، بإبرة مغروسة في حلقك، لا طاقة لك ببلاهة كهذه، لا تحتمل أي قلق إضافي تجلبه عليك أسئلة أنت وحدك من تملك إجاباتها..


لا شيء لدي، وهذا الإفلاس يقرض ماتبقى لنفسي من رضا، يمكنني تخيل بعض مما يمر بك، تلك العينان التائهتان تشبهان عيني رضيع يرى الحياة لأول مرة، تحملان الكثير ليقال، تشعر برغبة كبيرة في البوح، الكلام، الثرثرة، حواسك التي تستعيد الشعور بامتلاكها تدريجياً ترغب في ممارسة أي جنون بها، لأنك تعلم تماماً أن الجميع من حولك يترصدون لأي شيء يخرق ما عودتهم عليه منذ لحظة سقوطك.


"ناصر في جميع الأحوال الجوية"
كم مرة عليك أن ترددها لتصيرها إلى حقيقة، ليمكنك الثبوت مثل حقل سنابل أصيل تجتاحه عاصفة هوجاء، هل كنت تعلم حين أعلنتها أنك بهذا تتحدى الحياة بشجاعة نادرة ، والحياة كالبحر يكرر الأعاصير من جوفه لينفخ بها أعشاش الطيور المهاجرة إلى شواطئه الصدئة!


إمضاء : حنان الرشيد

ابوفهد
27-05-2004, 02:12 AM
الاخت حنان

سامحك الله

لقد اقشعر بدني ودمعت عيني مما كتبتي

لماذا هذا التشاؤم ياهداك الله ؟

دعيني ارتاح قليلا حتى اعود للرد عليك

سامحك الله

الشمس
27-05-2004, 02:21 AM
أبو فهد،
أعتذر على ماسببته لك، لكن قبل أن تعود إلى الرد دعني أوضح لك شيئاً، بالرغم من كرهي عمل مثل هذا أمام نصوصي..
على كل حال، أكاد أعرف ماذا تقصد بكلمة "تشاؤم"، لهذا أخبرك أن ماورد هنا عن النهاية، والموت، والمقعد الشاغر، لا يقصد به ناصر مباشرة، أقصد به أنا وناصر أو نحن وناصر ..
أتمنى أن اللبس قد زال، هذا إذا صح فهمي لمرادك ..


والشفاء لناصر بحول الله ..

المتمرد
27-05-2004, 10:34 PM
الفاضلة حنان الرشيد ...



لماذا لاتفهمين ماحدث لناصر كما يفهمه الكون ؟

الشمس
27-05-2004, 11:00 PM
الفاضل المتمرد،

أنا نفسي أسأل هذا السؤال، ولم أجب عليه بعد ... لربما كان من الأفضل لي لو تجاهلت كل ما شعرت به، ومضيت على نفس الطريق الكنت أمشيه، وببساطة تجاهلت ناصر وعشت يومي كما كان.. أعتقد وقتها سيملأكم الرضا، لأن أحداً لن يزعجكم بموضوع كهذا !

وأتساءل أيضاً ماذا لو كتبت الرسالة بدون ذكر اسم ناصر، أجزم بأن ردود الأفعال ستتغير حتماً ..

شكراً لكرم مرورك أخي الكريم ..

LAST*HOPE
28-05-2004, 02:50 AM
السلام والرحمه والاكرام,,,

الشمس تحيه معطره بشذى تفائل محمول على متن ريح شماليه, تعصف بنتن مكبوت بين ثنايا المشاعر الراكده...

قبل ان ابدأ بما قد ابدأ به .. احب ان اطمئنك على اخيك ناصر .. ويكفي ان اخبرك ان والداه قد قدموا في آخر زياره بقلوب وجله وعادو وقد اثلجت قلوبهم و حمدوا الله كثيرا لما رأو من تحسن .. وقد كنت عنده هذا المساء وكان قد امضى ما يقارب الساعه في حديقة المستشفى بصحبة اخوانه واصدقائه .. فالحمدلله الكريم المنان.

هذا في حال كان ما كتبتيه هنا هو قراءه او ترقب...



اما ان كان تفريغ وتعبير و بضعة أثقال تخففتي منها .. فهنيئا لك و حسدي ...


صحيح يثلج قلبي تحسن ناصر المستمر .. لكن أنهار اللابة المنصهره تجري تحت الثلوج كيف لا, وقد خلق الانسان من عجل .. نتعجل شفاءه ونتلهف سماع صوته و نترقب ان نرى حركاته التي كنا قد ألفناها... والحمدلله ان جعل من رحمته ان يكون الشفاء ببطيء و بالتدريج .

نعم ياشمس .. نحمل تسائلاتك .. ونعم يا شمس تثقل كاهلنا لحظات الذكريات التي نتوق الى اشخاصها حتى اننا نتصفح -مواضيعهم- كـ ألبوم صور نخرجه من احدى خزاناتنا العتيقه ننفخ ذرات الغبار عن غلافه و نتصفحه..كل صوره و قد حملت لقطة جماعيه , بوجوه جاده تاره , و وجوه ضاحكه تارة اخرى, ونقف كثيرا عند اللقطات التي تبادلنا فيها المقالب و نحكي لأعماقنا تفاصيل الحكايه التي تعيها ولا تمل الاستماع اليها, تنازعنا خلالها اعتى المشاعر سعادة وحزنا.


سيدتي حنان.. او دعيني اقول
سيدتي الشمس .. (فالكثير من صورنا السابقه حملت في التوقيع خلفها هذا المعرف)
كنتِ ولا زلتِ صاحبة قلم يهز الأعماق, رفقاً بنا حين تصفين شيئا قد اعترانا .. رفقا بنا حين تقصين علينا خوفا نواريه خلف معتقداتنا و بعض من ايمان نتحدث عنه أكثر مما نعيشه و نحياه..

أؤكد لك لو لم يحمل هذا الموضوع اسم ناصر لتغير رد فعلي كثيرا و لكن هل ستتغير مشاعري؟ ربما اعتراها الغموض فقط لأني احمل ما اتجاهل,لو لم تذكري الاسم كنت سأتقلب ليالي متسائلا أليس حملي اياه وتنقلي به هو اعتراف بحد ذاته, أليس تفكيري به يعني وجوده .. قد اختصرتِ ليالي من حيره لذلك .. شكرا لوضوحك و ان .. .

kittiwake
28-05-2004, 06:10 PM
يخجل حرفي أن يسطر أي كلمة في حق إبداعك.. صديقتي..
أنت هنا متألقة جداً.. أيتها الشمس.. جداً جداً..

كوني بخير :)

المتمرد
28-05-2004, 11:04 PM
حنان ....

من قال أن سكبك مشاعرك تجاه ماحدث لناصر يزعجنا ؟

البتة لم تكوني مزعجة ولكن مشاعرا كالمسكوبة هنا تفرض علينا التساؤلات ؟ ولم تكن التساؤلات تجاه مشاعرك لأنه ناصر ولكن لأنها كانت هكذا مشاعرك !! وبمعنى آخر لطرح السؤال في محله الصحيح علما أن مثلك يجب أن لايغيب عنه فحوى السؤال وإلا كيف لها استطاعت حنان أن تُعبر بهذه الصورة . السؤال لماذا لاتفهمين مثل هذه الأحداث كما يفهمها الكون؟ فالحدث وتعبيرك أو فهمك له هو من فرض علينا هذه التساؤلات حتى ولو لم تذكرين اسم ناصر لمَ سألناك إلا هكذا . ولمَ وجدتينا إلا أكثر شدها واستغرابا لفهمك مجريات الأقدار واتفاقك ومخالفتك لقوانين الكون .

لاينتمي لميادين الهزائم إلا المهزومين ولا إلى ميادين النصر إلا المنتصرين والسنن الكونية تحدد لنا مسالك الطرق لايخالفها إلا مهزوما ولاينهزم سالكها إلا إذا قُدّر له ذلك , ولايقدر الله أمر إلا لأمر هو أجل وأقدر . وليس شرطا أن يكون " ثمنا " وإن كان في الأصل ثمنا لأمر ليس للمرء طاقة بتحمله فيذهب عنه السيئات كما تُذهب النار الخبث من الذهب ولا يكون الذهب إلا محل إعجاب ولايحب الله العبد إلا وابتلاه .

نعم كل الغرابة أن نكتب ونحن منهزمون عاجزون فالتاريخ دائما يُكتب بقلم المنتصر مدونا بين ثنايا السطور وعكات الطريق كان لابد من المرور بها إما لقدر وإما لتصادمات الحياة وإما لدروس وعِير وهكذا أنا أفهم الحياة .

اعتذر عن سوء التعبير ولكِ كل الشكر والتقدير .

الشمس
28-05-2004, 11:42 PM
لاست هوب..

كل ما أردت قوله، أنك يا ناصر، تستحق مني الكثير، وكفى ...


لاست.. امتناني :SMIL:

الشمس
28-05-2004, 11:50 PM
كتي...

بحضورك يزداد تألقي
شكراً لكِ :SMIL:

الشمس
29-05-2004, 12:44 AM
المتمرد ..
بداية دعني أعترف لك بأنني مدينة لك باعتذار، لأني قد أسأت فهمك... فالمعذرة .

لست أعترض على حكم قضى به رب الكون وربي، لكني ألوم الكون الذي يسحقنا في دوامته المستديمة، الوقت الذي يدور عقرباه دون توقف، آلة الوقت أيها المتمرد جبارة لا تعطي الفرصة لأن نقف ونتأمل من حولنا ... هناك في الطرف الآخر من الكون شخص يتألم، عائلة مشدوهة بخرق كبير ألم بقلبها، والكون لا يأبه بهذا، آلة الوقت لا تتوقف لا تمهلنا الفرصة.. وأنا أخجل من استسلامي لكل هذه الضغوط .. لماذا لا يفهم الكون هذا؟
كيف أستوعب تخلف أحدنا عن الركب، هل نمضي بدونه أم نجاريه حتى يلحق بنا.. عني أنا سأتوقف، سأصرخ له أني لم أنساك وأشعر بك .. أشعر بك تماماً وأذكرك ...

هذه رسالتي لناصر.. انا عاجزة عاجزة عاجزة.. مهزومة تماماً.. لكني أحبه ومتألمة لما أصابه، والبوح هو كل ما أملك أن أمنحه إياه ..


المتمرد.. ممتنة لهذا الحضور الجزل

أرسطوالعرب
04-06-2005, 06:23 PM
من إندر لحظاتي في الدُنيا....

وتكاد تكون الفريدة من نوعها.....

عندما تسقط الرجولة....وقسوتها...وكل شخوصي التي أُتقنها....

تذروها الرياح عن وجهي... ولا يظل إلا قلبي الورقي....

لو لم يهجرني الدمع سنيناً....ومَّر عابراً تلك اللحظة.....لسقط

لسقط.....

ناصر ...

أول لقاء جمعني به يوم زواجي....

وحضوره لم يتجاوز الساعة الواحدة....

وبعد ذلك جمعتنا ليالي عديدة...

عرفه أبي....وأُعجب به... وقلما يفعل !

قال لي (( صديقك هذا _ ناصر _ تجاوز عُمره بكثير ماشاء الله....حفظه الله وتعلم منه ))

لمن لم يعرف ناصر إس إس...

إن جلس في مجلسٍ يملؤه حضوراً.....

يملؤه حكمةً ورأياً سديداً....

سيكون من الغباء أن تُعانده....لأنك ستسقط قبل مبرراتك...

ماذا فعلت بك الأيام.....

ماذا فعلتَ يا ناصر...!

هل.........<== يخرس القلم !

لا أعلم لماذا إن مَّر طيفك القديم....تذكرت آخر حوار بيني وبين المتمرد رحمه الله

وهو يوصيني على روميو....

روميو.....ستظل ولدي وإن سبقتني أعواماً....ولك رصيداً مفتوحاً من كُل شيء

ما لذَّ و وجع...

ويسرقني السؤال وأنا في حالة التذكر هذه..


ماذا ستوصيني به يا ناصر سابقاً.....؟!


يا من سبقت الرجولة دهورا......ها أنت الآن طفلٌ يردد بضع كلمات سابقة ، سرقتها من ماضيك !

لم أشاهدك تضحك ببراءة كاملة وعفوية مُطلقة في سابقك..... والآن أنت تفعل...؟!

أتُراك تضحك على الأقدار التي لم تغلبك....؟!

أم تُراك تضحك على نظراتنا المُشفقة...وتُبادلنا إياها ....؟!

ناصر......فقدت توازنك السابق....ولكن لم تفقد قلبك الحديدي....

بينما نملك كُل الاتزان.....ونفقد القلب الحديدي....

فمَن مِنَّا ينعم ومن مِنَّا يشقى ؟!

حفظك الله.... وإلى الأفضل دوماً يا ناصر...

فوالله إني اُحبك...


مُهندس الكلمة ( يُحاول مُجاراة الكون.......أحاول يا جمال )