المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنت الســــبب!!



EDrara
26-04-2004, 03:28 PM
بسم الله وكفى
والصلاة والسلام على النبي المصطفى

أما بعد:


بينما كنت مهموما أتابع أخبار المسلمين وما أصابهم من مصائب، خاطبتني نفسي قائلة: يا هذا، أنت من يؤخر النصر عن هذه الأمة، بل وأنت سبب رئيس في كل البلاء الذي نحن فيه !

قلت لها: أيا نفسي كيف ذاك وأنا عبد ضعيف لا أملك سلطة ولا قوة، لو أمرت المسلمين ما ائتمروا ولو نصحتم ما انتصحوا ..

فقاطعتني مسرعة، إنها ذنوبك ومعاصيك ، إنها معاصيك التي بارزت بها الله ليل نهار .. إنه زهدك عن الواجبات وحرصك على المحرمات ..

قلت لها: وماذا فعلت أنا حتى تلقين عليّ اللوم في تأخير النصر ..

قالت: يا عبدالله والله لو جلست أعد لك ما تفعل الآن لمضى وقت طويل، فهل أنت ممن يصلون الفجر في جماعة؟

قلت: نعم أحيانا، ويفوتني في بعض المرات ..

قالت مقاطعة: هذا هو التناقض بعينه، كيف تدّعي قدرتك على الجهاد ضد عدوّك، وقد فشلت في جهاد نفسك أولا، في أمر لا يكلفك دما ولا مالا، لا يعدو كونه دقائق قليلة تبذلها في ركعتين مفروضتين من الله الواحد القهار ..كيف تطلب الجهاد، وأنت الذي تخبّط في أداء الصلوات المفروضة، وضيّع السنن الراتبة، ولم يقرأ ورده من القرآن، ونسي أذكار الصباح والمساء، ولم يتحصّن بغض البصر، ولم يكن بارّا بوالديه، ولا واصلا لرحمه ؟

واستطردت: كيف تطلب تحكيم شريعة الله في بلادك، وأنت نفسك لم تحكمها في نفسك وبين أهل بيتك، فلم تتق الله فيهم، ولم تدعهم إلى الهدى، ولم تحرص على إطعامهم من حلال، وكنت من الذين قال الله فيهم: { يحبون المال حبا جما } ، فكذبت وغششت وأخلفت الوعد فاستحققت الوعيد ..

قلت لها مقاطعا: ومال هذا وتأخير النصر؟ أيتأخر النصر في الأمة كلها بسبب واحد في المليار ؟

قالت: آه ثم آه ثم آه، فقد استنسخت الدنيا مئات الملايين من أمثالك إلا من رحم الله.. كلهم ينتهجون نهجك فلا يعبأون بطاعة ولا يخافون معصية وتعلّل الجميع أنهم يطلبون النصر لأن بالأمة من هو أفضل منهم، لكن الحقيقة المؤلمة أن الجميع سواء إلا من رحم رب السماء .. أما علمت يا عبدالله أن الصحابة إذا استعجلوا النصر ولم يأتهم علموا أن بالجيش من أذنب ذنبا .. فما بالك بأمة واقعة في الذنوب من كبيرها إلى صغيرها ومن حقيرها إلى عظيمها .. ألا ترى ما يحيق بها في مشارق الأرض ومغاربها ؟

بدأت قطرات الدمع تنساب على وجهي، فلم أكن أتصوّر ولو ليوم واحد وأنا ذاك الرجل الذي أحببت الله ورسوله وأحبببت الإسلام وأهله، قد أكون سببا من أسباب هزيمة المسلمين .. أنني قد أكون شريكا في أنهار الدماء المسلمة البريئة المنهمرة في كثير من بقاع الأرض ..
لقد كان من السهل عليّ إلقاء اللوم، على حاكم وأمير، وعلى مسؤول ووزير، لكنني لم أفكر في عيبي وخطأي أولا .. ولم أتدبّر قول الله تعالى: { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم }

فقلت لنفسي: الحمد لله الذي جعل لي نفسا لوّامة، يقسم الله بمثلها في القرآن إلى يوم القيامة .. فبماذا تنصحين ؟

فقالت: ابدأ بنفسك، قم بالفروض فصل الصلوات الخمس في أوقاتها وادفع الزكاة وإياك وعقوق الوالدين، تحبّب إلى الله بالسنن، لا تترك فرصة تتقرّب فيها إلى الله ولو كانت صغيرة إلا وفعلتها، وتذكر أن تبسّمك في وجه أخيك صدقة، لا تدع إلى شيء وتأت بخلافه فلا تطالب بتطبيق الشريعة إلا إذا كنت مثالا حيا على تطبيقها في بيتك وعملك، ولا تطالب برفع راية الجهاد وأنت الذي فشل في جهاد نفسه، ولا تلق اللوم على الآخرين تهرّبا من المسؤولية، بل أصلح نفسك وسينصلح حال غيرك، كن قدوة في كل مكان تذهب فيه .. إذا كنت تمضي وقتك ناقدا عيوب الناس، فتوقّف جزاك الله خيرا فالنقّاد كثر وابدأ بإصلاح نفسك .. وبعدها اسأل الله بصدق أن يؤتيك النصر أنت ومن معك، وكل من سار على نهجك، فتكون ممن قال الله فيهم: { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقداكم } .. واعلم أن كل معصية تعصي الله بها وكل طاعة تفرّط فيها هي دليل إدانة ضدّك في محكمة دماء المسلمين الأبرياء ..

فرفعت رأسي مستغفرا الله على ما كان مني ومسحت الدمع من على وجهي ..
وقلت يا رب .. إنها التوبة إليك .. لقد تبت إليك ..
ولنفتح صفحة حياة جديدة .. بدأتها بركعتين في جوف الليل .. أسأل الله أن يديم عليّ نعمتهما




وفي قصة مرت عليّ أيضاً في نفس البريد هذا وهذا مفادها:
دعني أروي لك قصة لأحد قادة المسلمين عندما هم بفتح أحد بلدان النصارى وهم في الطريق نصبوا خيامهم بالقرب من مزرعة كبيرة وبعد أن استراح الجيش لفترة أمر هذا القائد جيشه بالتأهب لقتال العدو: وبينما هم سائرون في الطريق ذكر القائد لأعوانه أنه يشتهي أكل شيء من التفاح، وذهب أعوان القائد يفتشون عن التفاح بين جيش المسلمين ولم يجدوا تفاحة وعادوا الى القائد وأخبروه بذلك، فقال القائد الحمدلله أن جندي لم يسلبوا شيئا من تلك المزرعة فوالله لو وجدت تفاحة واحدة لرجعت بجيشي من حيث أتوا.

رغــد
26-04-2004, 03:45 PM
أخي الفاضل / إدارار

جزاك الله خيرا وجعل كل كلمة في موازين حسناتك ..
لقد تأثرت كثيراً واقشعر جسمي تأثراً بماقرأته ..
أسأل الله أن يصلح حالنا ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .

.
.

بوركت ووفقت لكل خير

امير الورد
26-04-2004, 04:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله وصلاة وسلام على خير خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
اخي الحبيب edrara
السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الحبيب جزاك الله الف خير وبارك فيك ورزقك السعاده على
هذا الموضوع الرائع
نعم اخي والله هي الذنوب والمعاصي من سبب لنا هذا الذل ومن سبب لنا هذه الهزيمه
كما قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الّذِي عَمِلُواْ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ) [سورة: الروم - الأية: 41]

وكما قال شاعر
رايت الذنوب تميت القلوب ويورث الذل ادمنها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها


اخي الحبيب لك تحيه معطره بعبير المسك والعنبر على هذا الموضوع الرائع
تسلم يالطيب على جميع موضوعاتك التي سطرتها يداك في هذا لمنتدى الطيب المبارك من جميل العبارات وعذب الاسلوب الفريد....... فانت دائما مميز ولك ذوقك الخاص دمت لنا قلم لا يجف مداده
وربنا يجزيك الف خير وباراك الله فيك ورزقك السعاده

أبو الخنساء
26-04-2004, 06:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد


أخي الكريم ادرارا

اسأل الله ان يجزيك خير الجزاء على ما سطرته

كلام بليغ وموعظة رائعة نفع الله بك وكتب لك الأجر والمثوبة


نعم اخي في الله


سبب مصائب الأمة هي المعاصي

عدونا مستحق للعقوبة فقد جمع سوءات الأمم السابقة لكننا لم نستحق النصر لأننا عصينا ربنا ونحن نعرفه


اللهم ردنا إليك ردا جميلا

اللهم ثبتنا على طاعتك

اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم

إشراقة أمل
26-04-2004, 10:48 PM
بارك الله فيك أخي
ونفع بما نقلت لنا..
فما نحن فيه ماهو إلا من آثار ذنوبنا وغفلتنا
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}

دمت على خير وطاعة

EDrara
27-04-2004, 02:53 AM
حياك الله بكل عز ومحبة وعلو

وما إقشعرار الجسد إلا من معرفة الحقيقة
وهذا أولى بوادر الخير فيك ولا نعلم مداه إلا انه كبير وعظيم داومي على ذلك فستلقين به وجه كريم يذيب عنك الذنوب كما يذاب الثلج.

وفقك الله

EDrara
27-04-2004, 02:56 AM
غمرتني بدعائك جعله الله مستجاب ورزقك بمثله وأكثر فهو الجواد الكريم

لا أستطيع قول أكثر فلن أفيك حقك


بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

EDrara
27-04-2004, 02:58 AM
طاب مقامك
وتعطر المكان بوجودك
وأنالك الله الدرجات العلى
ورزقك صحبة نبيه الكريم

EDrara
27-04-2004, 03:01 AM
زدت المكان إشراقاً

وأخذ الموضوع أهمية بوجودك
وعبير الكلمات العذبة
وصدق المشاعر العميقة

بارك الله فيك
وزادك من علمه وأدام عليك نعمه