- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 16 إلى 19 من 19

الموضوع: رواية : الركض خلف السراب

  1. #16
    الصورة الرمزية أرسطوالعرب
    تاريخ التسجيل : Mar 2002
    رقم العضوية : 6




    عذراً أبي على تأخري.....

    لن أضيع هذا النص دون شقاوتي في التحليل...

    وبما أنك تريد توضيح ما فهمته من موضوعك....فأرجو منك أن تأذن لي بتأخير توضيحي حتى يكتمل النص تماماً....

    حينها سيشرفني كثيراً أن أقدم لك تحليلي....الذي حتماً سأفخر به ما حييت....

    لأن هذا العمل دون غيره من كل ما قرأت......خصب جداً للتحليل....

    بإنتظار التتمة...

    (أتسمح لي بعرض هذا النص على بعض الأصدقاء من الكتاب خارج إطار العقل الإلكتروني؟)

    ثـامـر الـحـربـي

  2. #17
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    ابني مرة اخرة




    سرني هذا الحماس الذي عبرت عنه في ردك .

    بصراحة هذا يحمس اكثر على الاستمرار في العمل . وبالنسبة للعمل ، فاعتبره عملك . وامنحه لمن شئت .


    ساعمل على اضافة فصول جديدة . وسأنتظر ردودك .
    السرعة القصوى لا تخلف غير الحطام .

  3. #18
    تاريخ التسجيل : Jul 2002
    رقم العضوية : 797
    الاقامة : المغرب
    المشاركات : 335
    هواياتى : بلا حدود
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    الركض خلف السراب




    أكيد ان جل الذين وجدوا انفسهم امام الموت كانوا حتما يحاولون جعل مسار حياتهم اكثر طولا . وان
    الموت لا يصير رهيبا ومروعا الا حين يختطف ارواحا مسار حياتها كان لا يزال طويلا .

    هكذا احسست ، او هكذا جعلك المكان تحس وانت تتطلع اليه مدفوعا بشعور ان مجرد تواجدك في ذلك المكان فذلك يعني انك عمليا انتهيت .
    العالم القديم والذي طالما اعلنت نفورك منه لم تكن تجده تلك اللحظة كذلك . كان يبدو وديعا حالما
    آمنا . ووجوه من يقطنوه كانت تبدو لطيفة فياضة بالمحبة و الرأفة ، صرت تراه حضنا يظل مفتوحا لطفل مشاكس و الذي مهما بلغ عناده فانه لا يمتنع في النهاية عن تلقفه حين يلقي بنفسه
    فيه .
    هكذا كنت تراه وانت تنظر اليه من بعيد . لكن بينك الان وبينه مسافة . حاجز لا يزيده رعبك الا
    ارتفاعا وسمكا . وضرباتك عليه يائسة وبلا جدوى . وصرخاتك مهما علت فانها لا تصل الى
    الداخل . تنهار ملتصقا بالجدار . تستكين . تركن مترقبا انقضاض اللامتوقع عليك ... انتهى كل شئ
    ومن الان فصاعدا فانت فقط ستعيش الزمن الفائض عن التقدير الذي كان محددا لك فيه ان تكون قد
    تبخرت . لا مجال للخوف بعد الان . لا وقت تضيعه للتطلع الى الخلف . هكذا يجب ان تعيش الزمن
    المتبقى .

    فاتح يخرجك من شرودك وهو ينبهك : انظر ، لقد استعاضوا بالرشاش عن المفتاح .
    انتابك الهلع من جديد . ها انت تشترك مع أولئك في التواجد في نفس المكان مع فارق زمني .
    توصلت الان الى شئ مهم . كيف تدرك العنزة المعنى المعادي لها في الذئب في حين انها لم تعرفه
    ولم تراه من قبل ، ولا احد حدثها عنه ؟.. تتذكر الكثير من رفاق الطفولة والدراسة الذين غاصوا في
    هذه الرمال و ابتلعتهم الحرب . تسترجع صور ذلك الاسراف الشديد الذي كان يمارسه العائدون من الجبهة . تفهم الان لماذا كانوا يفعلون ذلك . وكيف لا وهم لا يعرفون الغد الا حين يصير امسا .
    فتح باب المنزل . هو يبدو من الخارج كقلعة عسكرية . ومن الداخل تبدو غرفه كغرف دور المدن القديمة شاهقة العلو . وجدران سميكة كانها شيدت لحمل الزمن .
    يسألك فاتح : ما رأيك ؟
    قلت : اظنه الافضل
    - اذن يبقى ان نذهب لنخبر الرفاق ...


    كان المجلس قد توسع بشكل لافت . وامامه تجمعت كومة من الحقائب و الامتعة . وبدا ان وجوها اخرى بدت غير متجانسة قد انضمت اليه .ولهذا تلاشى الاحساس بالغربة الذي كان مخيما في البداية .
    لم تكن قد جلست بعد حين توقفت امام المقهى سيارة عسكرية نزل منها شخص ضحم الجثة بلباس رياضي . شكله دل على انه انسان غير عادي . احد الاشخاص ممن كانوا في المجلس قاد لاستقباله وتكلف بتقديمه للجمع : القبطان مرزوق قائد الموقع العسكري .
    تحدث الرجل بطريقة وان حاول من خلالها ان يبدو متواضعا الا انها في الوقت نفسه كانت تفيد انه يتطلب التعامل معه سلوكا خاصا .
    جلس . طلب من البشير مشروبه المعتاد . شاي بلا سكر .وبعدها سأل كل وافد عن مكانه الاصلي ، وما ان كان من بينهم من يحسن لعبة كرة القدم . وختم دورته بأن حاول ان يصل الى استنتاج قائلا
    - انتم محظوظون ما دمتم لم تاتوا الى آسا الا في هذا الوقت ولم تكونوا هنا قبل خمس سنوات .
    احد الوافدين الذين كانوا قد انضم للجمع بعد ذهابك مع فاتح يرد معقبا :
    - ان كان هذا حظا فما يا ترى يكون شكل النحس ؟
    ابتسم الضابط بعد ان تفحص المتحدث وقال موجها الكلام للجميع : ساحكي لكم عن تجربة عايشتها ، بل كنت احد اطرافها ن وساترك لكم ان تحددوا ما ان كان هذا نحسا ام حظا .


    كان الزمن النصف الثاني من منتصف السبعينيات. "كلميم" كانت مجرد دائرة تابعة لعمالة "طنطان"
    كنت يومذاك بالمطار استعد لركوب الحوامة "الهليكبتر" للالتحاق بالمنطقة العسكريةالتي كنت اشرف عليها حين توصات ببرقية مفادها انه يتوجب علي حمل مدرس معي في الطائرة الىالمكان الذي كنت ساقصده . اعتبرت الامر عاديا وبحثت عن الرجل .
    كان شابا في مقتبل العمر . لم يبدو عليه انه مدرك لما هو ذاهب اليه . و استطيع القول انه كان يفكر في المستقبل اكثر مما كان يفكر في الحاضر .
    لدى وصولنا طالعه المشهد الاول من فصل طويل رهيب كان لا يبدو له نهاية . انهار الرجل ولم يجد سوى ان يبكي . القصف كان عنيفا ذلك المساء لحد اننا انتظرنا طويلا قبل النزول الى الارض . و الواقع اني لو كنت مكانه لفعلت الشئ نفسه .
    الوقت كان وقت مد بالنسبة للمرتزقة الذين كانوا يحظون بدعم دولي كبير . لذلك فهجماتهم لم تكن لتنقطع او تتوقف . والمناوشات كانت تتم يوميا . تصوروا طوال اسبوع وهو يبكي . لكن بعد ذلك صار يالف الوضع تدريجيا . وكان عندما يبدا القصف يختبئ مع تلامذته في المكان المعد لذلك . وعندما يتوقف يعود لحجرته .
    دام وضعه طويلا . وذات صباح . رايته يقطع الطريق الى المدرسة . والحقيقة اني كنت قد نسيته تماما لحد انه بدا لي وكاني اراه للمرة الاولى . صرت افكر في امره . بدا لي وجوده شاذا هناك .
    صرت ارتب الامر . وجدت ان موت جندي او اسره او بتر عضو من جسده امر طبيعي جدا ما دام الجندي اختار ان يقوم بهذه الوظيفة طواعية ولم يجبره احدا . لكن هل وضع المدرس هذه المصائر القاتمة في حسبانه يوم اختار وظيفته ؟..
    قمت من مكاني وقصدت المدرسة . ووجدت نفسي كأني اصدر امرا لكتيبة قلت له : في المرة القادمة وعندما تاتي الهلكبتر يتوجب ان اجدك مستعدا للرحيل من هنا .
    كنت اعتقد ان الرجل سيسر لهذا القرار وسيشكرني كثيرا لكوني خلصته من وضع صعب . غير اني تفجأت بالرجل ينتفض ضدي ويصرخ في وجهي .
    - لا اعرف ما ان كنت قد نسيت انك من ادارة الدفاع واني من وزارة التربية ؟
    وقفت انظر غير مصدق هذا الوضع الذي لم اتوقعه ابدا واجبت .
    - ماذا تقصد ؟
    رد بهدوء : امرك لا يلزمني في شئ يا سيدي القبطان .
    اعترف اني لم اواجه مثيلا لهذا الوضع من قبل . انتابتني الكثير من الافكار . ربما هو وضع من لم يتعود ان يناقش احد قراره . لكن الوقف دفع بي الى ان ارتاب في امر هذا المدرس . هدات نفسي وقلت : ماذا اصابك ؟ هل تدرك وضعيتك ؟ هل تعرف انه يمكن ان تموت في اية لحظة او تساق اسيرا حيث يمكن ان تقضي طول عمرك تطبخ الجير في افران تندوف ؟ ثم ما الذي تجده هنا ؟ هل تعرف ان الناس فس مثل وضعك هناك ينامون في هدوء وحياتهم يسودها الاطمئنان ؟ صحيح انهم
    يصارعون الحياة من اجل العيش او من اجل تسديد فواتير الكراء او الماء او غيرها . لكن ما عدا هذا فحياتهم هادئة .
    اعتقدت في البدء اني زحزحت قناعة الرجل خصوصا بعد صمته الطويل . لكنه قفز الى ما هو ابعد من الاول . قال الرجل:
    - لا انكر انه كان لي مثل تفكيرك قبل ان اصل الى هنا . لكن عندما انفجرت القذيفة الاولى التي اتنهت الى مسمعي ن تغير كل شئ . يمكن ان لا تكون قد اصابت احدا . لكنها شتت كل عمران تفكيري القديم . ماذا كانت الحياة بالنسبة لي قبل هذه اللحظة ؟ ممر طويل ضيق محدد البداية و النهاية ..
    الناس فيه او الاحياء يجرون داخله ، وكل ما يمكن ان يفعلوه يكل ما يحصولن عليه في هذه الدنيا هو ان يعملوا على ان يصلوا متاخرين الى خط نهايتهم . بهذا الشكل فهم مثل اي حيوان كل همه هو التناسل و الاكل . يوم وصلت الى هنا تغير كل شئ في نظري . صرت ادرك ان الانسان ميت لا محالة.
    وتلك السنوات التي يحاول ان يربحها ليؤخر نهايته لن يكون لها اي معنى حين ترى هذا التاريخ الممتد الذي يقاس بملايين السنين . ومن ثم فالحياة الحقيقية هي اكبر من تلك التجسيدات الواهية ..
    الحياة يا سيدي القبطان هي فرصة وحيدة تمنح للانسان كي يثبت جدارته . هي ان يترك بصمة تشهد على وجوده حين يختفي من مسرح الحياة .
    نظرت مستغربا للرجل وقلت :
    - وهل انت وجدت هذا الذي يمكن ان يميزك عن كل العباد .؟
    - لا ، ولكن انا فقط حاولت ان اعطي معنى لحياتي .
    - وما هو يا ترى هذا الاكتشاف الهائل الذي توصلت اليه ؟
    - بالصدفة اهتديت اليه . انا مثلا اعرف اني ان ذهبت من هنا فلا احد سيقبل ان يعمل في مناخ كهذا .
    ومعنى هذا ان كل هذا الوسط سيعاني من تبعات قراري . ولذلك فانا حين ارى الاطفال يعاندون الصعاب من اجل ان يخطوا حرفا او يتلفظون كلمة اجد ان حياتي بخسة مقابل ان يحدث هذا ..
    ضحكت بصوت عال وقلت : الان اثبت لي انك مجنون ، وهذا يلزمني اكثر كي اعمل على ترحيلك من هنا .
    تصوروا اني احتجت الى ثلاثة او اربعة جنود وادخلناه عنوة في الهلكبتر . وهكذا اتى وهو يبكي ومضى وهو يبكي . لكن صدقوني اني ظللت مسكونا بذلك الشاب .فانا اعرف ان الكثير من الموظفين عينوا في اماكن لم ترقهم . وان اسرهم بذلت ما في وسعها لانتشالهم من تلك الاماكن . وان أولئك الذين ظلوا هناك تعاملوا بفظاعة مع من كان يفترض ان يضعوا انفسهم في خدمتهم محملين اياهم مسؤولية تواجدهم حيث هم . لكن لو رأيتم تفاني ذلك الشاب في عمله .لو رأيتم حرصه الدقيق على الوقت . لقد كان يعرف ان لا احد سيزوره . لا المدير و لا المفتش ولا اي كان ومع ذلك كان في منتهى الالتزام . واعترف انه لو كان ذلك الحوار الذي دار بيننا لم يسمعه الجنود ن لكنت قد غيرت رأيي . انها طبيعة الرجل العسكري .
    التفت القبطان الى الخيبري وقال : والان ؟ ما رأيك ؟
    ضحك الخيبري وقال : انا اشاطرك الرأي ، واتفق معك تماما ان الرجل قد جن . ولو كنت مكانه لأقمت لك نصبا تذكاريا ...



    الدار على سعتها لم تستوعب جل الوافدين الذين كانوا يقضون ليلتهم الاولى في آسا . ومن الوهلىالاولى بدا واضحا الذين اختاروا البقاء في البيت عن أولئك الذين اعتبروا الدار مجرد محطة عبور .
    الذين اختاروا البقاء وضعوا امتعتهم داخل الغرف . بينما فضل الاخرون البقاء في فناء البيت الذي تحول الى ما يشبه شارع هندي اثاناء الليل .
    في الغرفة المواجهة لمدخل الدار استقر شابان قدما من ضواحي مراكش . "عبو" و "سهران" . عبو كان الاصغر عمرا من كل الوافدين لحد كان كتلميذ غادر المردرسة الابتدائية لتوه .وسهران كان شكلا اخر . نحيل وطويل وثرثار . مارس حرفا كثيرة قبل ان يلتحق بالوظيفة ، وهو يشترك مع عبو في اشياء كثيرة حتى في الغناء في الصباح الباكر بصوت مرتفع .
    في الغرفة الثانية كان البدراوي الى جوار فاتح قبطان المجموعة . وفي الغرفة المتبقية عند الزاوية اليسرى من عمق الدار كنت انت و رشيد "الشاوني" الشاب الخجول ذو الوجه الطفولي .
    فاتح كان مسرورا من التشكيلة التي فضلت البقاء في البيت . أما في فناء البيت فقد كانت جماعة كبيرة لا يبدو اعضاؤها متجانسين . فالخيبري المليئ دهاء و الذي ينظر برياء شديد الى كل ما يوجد حوله لم يكن له ما يربطه بامبارك او "خونا" او "بانجا " ذلك المهوس بالاناقة . وعلى العكس كان "عدلي" البيضاوي ودودا رغم الانطباع الذي ترسخ لدى الجميع في غترة معينة من كون البيضاويين شرسون بلا حدود .
    الاحساس بالالفة كان طاغيا . والمعلم الذي رحل بالقوة كان الموضوع الوحيد الذي يشترك الجميع في مرجعيته . تعاليق الخيبري كان الاكثر حدة بشكل بدا وكان ان ما حدث صار رمزا لواقع لا يجد غير ان يمقته . ومن ثم فتصرف ذلك المدرس كان يبدو مفع بالغباء و البلادة . لكن عدلي ، ذلك الطيف الذي ستعمل اسرته على انتشاله بسرعة من آسا رد معلقا:
    - ما يمكن ان نقوله الان ليس سوىمجرد كلام . و الاشياء كثيرا ما تختلف حين يكون المرء في اطار تجربة مريرة .
    انتفض الخيبري وقام واقفا وهو يصيح في حركة مسرحية : ماذا تقولون يا ناس ...؟ شخص يقول لك : تعال ... انفذ بجلدك فترد انت بماذا ...؟ أنا استرخص حياتي مقابل ان يتعلم الاخرون ..؟ من يكون الاخرون ..؟ باي شئ سيفيدونني ..؟ هل سيعملون على تخليصي من الاسر ان سقت اسيرا الى تندوف ..؟ هل سيعملون على تحريري ..؟ هل سيمنحوني رجلا ان بتر لغم ساقي ..؟ هل سيمنحوني عمرا اخر ان اصابتني رصاصة ، لا فرق بين ان تكون من تسديدة قناص ماهر او اخرى طائشة ..؟
    كلام الخيبري بدا متماسكا رصينا بحيث لا احد تكلم بعد . تلاشت تلك الالفة الناشئة . وتراجع الاحساس بالامن . وعاد كل واحد الىنفس الجو الذي كان يعيشه في الصباح .
    صرت تنظر الى المكان وتستعرض السقف العالي الذي يشبه شقوف دور المدينة القديمة في فاس .
    ثم تستعرض الشهور والايام التي تفصلك عن اول عطلة . كان ذلك اليوم يبدو كأنه لن يحل ابدا ..كما ان العالم الذي ارتبطت به كان يبدو بعيدا بعد النجوم . لكن ما ذا كان يتوجب فعله كي تمر الايام بل العمر بأقصى سرعة ...؟
    ما كان يخفى عنك انه عمرك الذي لا يعوض . لكن مع ذلك كان يجب ان ينقضي بسرعة . ..ان تنزلق .. الشهور و السنوات مثلما تتسارع الارقام في عداد محطة البنزين .

    غادر الساهرون مجلسهم بخطى متثاقلة بفعل تأثير التعب و النوم و الحشيش . دخلت الغرفة . كان الشاوني هناك منذ وقت طويل ،وقد اوقد شمعة بعد ان انقطع التيار الكهربائي في الساعة التاسعة مساء . كان منهمكا في كتابة رسالة . واكيد انه تحدث عن وقائع اليوم الاول وتعب الرحلة .
    لم تشا ان تعكر عليه صفوه وتركيزه . تمددت في الفراش . بدات تحملق من جديد في الفضاء غير مركز على شئ . جاءك صوته مستفسرا ؟
    - من اي جهة من الشمال انت ؟
    اجبت دون ان تنظر اليه : من غفساي .
    - وهل هي بعيدة عن شفشاون ؟
    - في الحقيقة لا ، لكن انعدام طريق مباشر البها يجعلها كذلك .
    سادت لحظة صمت طويلة ثم تكلم دون ان يكلف نفسه عناد التأكد من ان كنت قد نمت ام لا . ولذلك انتابك احساس في انه كان يحدث نفسه .

    انا من الشاون كما اسلفت . لي اخوان احبهما الىنفسي مات . كان بطلا في سباق الدراجات . ابي مات بعد ذلك . التحقت بمعهد ديني وتابعت دراستي . حين كبرت تعرفت على "نزهة" شابة من تطوان
    كانت تدرس الموسيقى .
    ما كنت اعرف ان الحياة فاتنة ورائعة قبل ان اتعرف عليها . لكن بعد ذلك صارت كل واحدة تعني الاخرى . ..سبع سنوات من حب عنيف حارق كأي تيار ضغط عال يمكن ان يتحول في اي لحظة الى حريق مهول .
    قررت ان اتزوجها بعد تخرجي . لكن العالم كله وقف في وجهي وكأن زواجي كام بمثابة اشارة للدنيا كي تنقض على نفسها . وحين صممت على تجاوز كل الصعاب . فاجاني اخي بموقف صاعق . افهم الجميع ان نزيهة لا تحبني بقدر ما تعمل على الانتقام منه لأنها كانت على علاقة به قبلي .
    لقد كبلني . لم يكتف بأن يضع نفسه حاجزا في طريق مطلب هو من حقي ، بل بنى متراسا ضخما لبناته الاخلاق و الاعراف و الحياء وكل شئ .
    ضربته كانت قوية موجعة ومؤلمة . نزيهة فعلت كل شئ من اجل ان اصل اليها .كم بكت وكم اقسمت بأنها لم تعرفه الا حين رأته في بيتنا اول مرة . انا صدقتها لكن المشكل انه كان يتوجب على الاخرين ان يصدقونها . وفي وقت كنت استعد لذلك ، فأجأني ذلك القرار اللعين واصرت آسا ان تكون لي هي الاخرى خصما ...

  4. #19
    تاريخ التسجيل : Sep 2002
    رقم العضوية : 1038
    الاقامة : المنفى
    المشاركات : 132
    هواياتى : Golf
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array

    ((كل منتظر معظم , وكل مأمول مكرم))




    "واعلم انك لا تزال في وحشة إلى وحشة , وفي غربة إلى غربة , وفي تنكر للعيش , تسخط الحال حتى تجد من تشكو إليه بثك , تفضي إليه بذات نفسك , متى رأيت عجبا لم تضحكك رؤيتك بقدر ما يضحكك إخبارك إياه . فمن اغلب عليك ممن كانت هذه حاله منك , موقعه من نصك))
    "من رسالة في الجد والهزل" للجاحظ
    ------------
    ((خبر عشت لسماعه خمس سنوات يفاجئك و أنت في السرير .كنت تتوقع أن تركض وراءه , تركض في محطات لا تعداد لها .وتتسلمه وأنت تقطر عرقا ويأسا لكنه يفاجئك وأنت نائم))
    ------------
    بعد "لحظات من الصفو العابر" و" رواح" محتوم اخذ بيدنا السيد البقالي و أدخلنا في ماراثون محموم راكضين باتجاه هدف لربما كان بطله الكاتب أو من عايشه لكننا في آخر الأمر و إلى حد لحظة كتابة هذه الكلمات ما زلنا نلهث دون أن نرى ماءا ولو على شكل سراب

    كان قائده أو وسيلته جملا اخضر وأنا متأكدة سلفا أن كل واحد منا قد ركب جملا مشابها يوما ما باختلاف طفيف باللون ووجهة وهدف الرحلة...هو هو الجمل الذي ينظر إلينا ببله و يحسب كيلومترات عداده من أعمارنا دون أن نعلم إنما هو يهزأ بنا!
    يا لهذا البشير أيها الفاضل البقالي....يا لهذا البشير و مقولته التي تحفر في العظم أخدودا و ليس أي عظم ...عظم الجمجمة ...لإدخال مقولته عنوة

    ((لا ترهن عمرك بفعل ناتج عن ظرف عابر في حياتك))
    لله درك فدوى!!!!

    حددتنا يا سيدي بين شرفتيك...
    -المسار الذي انبعث منه
    -المتاهة التي ستقذف فيها بعد حين
    أحسست وأنا اقرأ نصك انك إنما تهبنا حفرة بثقب واحد وآخر مطمور ...منته...أدى ما عليه و تنصل عن دور آخر نحلم به , هو دور العودة من خلاله
    سيدي: أنت في ركضك نحو السراب كنت تؤدي لنا جميعا أهداف لكن بأدوار مختلفة بعض الشيء لكن مفارقات الركض هي هي...اعتبارا من خط البداية الذي هو دموع ذلك القبطان وانتهاء بصحراء فاغرة فاها و تصرخ "هل من مزيد"...فوجدت نفسي أسألك واسأل نفسي :
    ((هل نحن محكومين بهدف ما حين نتحرك؟))

    ((أن بعض الشخصيات التي سأتناولها قد جنت فعلا ?
    أخرى وضعت حدا لحياة ما وجدت جدوى تدفعها كي تستمر ?
    أخرى التمست طريقا آخر غير تحافظ على توازنها العقلي
    حين يصير الجنون قمة العقل ? حين يصير التعقل اقرب طريق يفضي إلى الجنون))

    هل سيدي بهذا أنت تهبنا هذه الثلاث خيارات فقط بعد تجربة نتركها للأجيال؟
    اعطنا المزيد فالحياة خانقة بما يكفي بحيث لا نغبن فيها خياراتها الأخرى...
    هل يا ترى هذه الخيارات تنتسب في جهة ما إلى أولاد الرؤساء والحكام والمترفين والأباطرة حديثي الولادة؟
    أم إنها من نصيب فقراء الله فقط ?

    ((أي معنى أن يكون لحياتك؟
    ما هذه التي نسميها حياة؟
    هل بمقدورك أن تبحث عن مكان يجعلك خارج الزمن؟))
    عن التساؤل الأول والمعنى للحياة ليتني أستطيع أن أجيب بأكثر مما
    قال المتنبي:

    لتعلم مصر ومن في العراق
    ومن بالعواصم أنى الفتى
    و أني وفيت و أني أبيت
    و أني عتوت على من عتا
    و ما كل من قال قولا وفى
    وما كل من سيم خسفا أبى
    و من يك قلب كقلبي له
    يشق إلى العز قلب الثوى
    و لابد للقلب من آلة
    ورأي يصدع صم الصفا
    و كل طريق أتاه الفتى
    على قدر الرجل فيه الخطا

    عن السؤال الثاني اسمح لي بإجابة (أو سمها قناعة شخصية !)
    لا نريد أن نقرأ الماضي أو نكتبه بطريقة روائية خاطئة لأننا سنعيش حاضرنا و مستقبلنا كأبطال روايات و قد نكون حقيقيين أو قد لا نكون وأذن هنا يرفع هذا السؤال عقيرته صارخا:
    ((ماذا قدمنا للأجيال؟)

    خذ بالك سيدي لربما كان الجواب على هذا السؤال يمثل هدفا..... إذن.... لم يعد ركضنا وراء سراب!!

    لا اعرف بالضبط أين قرأت : "افضل ما يفعله الإنسان أن يحيل أوسع تجربة ممكنة إلى وعي"
    لكنني اعرف بالضبط أن هذه الكلمات اكبر شرح لما تقدمت به من رواية سيدي...هذا الوعي الذي نحرك عيوننا على أحرفه قد صقل في شخصية كل منا ولو بجزء يسير واعتقد انك لمست ذلك من خلال الردود التي تفضل بها الأحبة قبلي
    كأنك بهذه الرحلة قد شحذت طباعك و تهيأت (رغما عنك!) لتكون إنسانا آخر يتأقلم مع ما هو راحل إليه. جعلت منا رفاق سفر بعضنا متململ و بعضنا مكتئب و بعض منا مرح والبعض الآخر سفه الوضع لينعم بصحبة جملك الأخضر دونك!

    كأني بك تستنطق الجاحظ حين يخاطب قارئه فينا:
    ((جعلت فداك .إنما أخرجك من شيء إلى شيء و أورد عليك الباب بعد الباب لان من شان الناس ملالة الكثير واستثقال الطويل و أن كثرت محاسنه و جمت فوائده و إنما أردت أن يكون استطرافك للآتي قبل أن ينقضي استطرافك للماضي وانك متى كنت للشيء متوقعا و له منتظرا كان أحظى لما يرد عليك و أشهى لما يهدى إليك و كل منتظر معظم و كل مأمول مكرم))

    ((يجب أن تنسى كل أدوات الاستفهام التي حفظتها في المدرسة))
    لمَ يا سيدي غبنت حق طفولتنا في ارثها؟ إذ حملنا في أكياسنا أدوات الاستفهام كآخر زوادة و سلاح بوجه الزمن نسأله بها ما استغلق فهمه و شح علينا استيعابه فيأتي بشيرك فيجردنا منها..إذن كيف كنت سأسألك إن لم اكن استخدمت "كيف" ?!
    الله يسامحك يا لبشير...لا تجردنا من أسلحة طفولتنا و لا تجعلنا نتنكر لها فهي الرصيد الأكثر نقاء و وفاءا في رحلة الانتقال والهروب من مسافات العمر المسماة خطأ أعمارنا

    1. ((أن الأول احرق وانتهى في بضع دقائق في حين ستمضي عمرك أنت تحترق على مهل))

    2.((أن ارمسترونج كان في فضاء منعدم الجاذبية لذلك بدا و كأنه يسبح في حين كنت أنت مشلول القدرة والعزيمة لذلك بدوت وكأنك تغرق))

    3.((أن الأولى أفضت إلى النجاة من البطش , في حين كانت طريقك تفضي إلى عمق متاهة لا تدري منتهاها))

    إذن سيدي ها نحن نعود للماضي ...ماضي غيرنا فنحاول جره إلى أيامنا التي ستصبح عما قريب هي الأخرى ماضيا أيضا..اعتقد هنا السر الكامن في الركض وراء السراب أن نترك إرثا ثقيلا من المقارنات لمن يخلفونا فنقول هاكم انظروا كيف تصدينا نحن!!!

    ((اعبرها و بعدها سيلوح لك وهما جديدا تجري من اجله))
    اعتقد تناقشنا سيدي في أمر الهدفية فيما يخص هذه الفقرة بالذات فنحن في سعي دائب وراء هدفية متلونة كالحرباء في حياتنا و هي تلبس حلة مختلفة في كل مرحلة عمرية..ابتداءا من الصرخة الأولى والرفض الأول في الهجرة وانتهاء بقرارات العقل الإلكتروني الذي يركلنا كمن يركل شيئا قميئا يعيق عليه سيره المعتاد

    ((وأنت تجري اتجاه بوابة وهمك الجديد . أحذر أن تقع عينيك على ركام أيامك المستهلكة فأن أنت فعلت فاعلم أن ذلك سيفسد عليك عمرك المتبقي))
    هل أن ما تبقى في العمر والذي تخشى عليه لا يمت بصلة لهذا الركام الذي أخذت تخشى النظر عليه
    انظر فيه فلعلك وجدت شيئا براقا يعطيك دافعا جديدا للركض...وليس مشترطا حينها أن يكون هدف الركض سرابا!

    ((و عدت للخريطة تبحث على ضوء المعطيات الجديدة.
    غرب تندوف
    شمال الزاك
    جنوب كلميم))

    أين الشرق يا سيدي هل بترته بوصلتك هو الآخر؟جهة الشرق تعاتبك يا سيدي البقالي...و تعاتب هذا العقل الإلكتروني أيضا!

    ((انهرت.ليس بفعل تأثير أحاسيس اللحظة و لا لانك مقدم على فراق الأسرة و الأهل و الرفاق و مسارح الذكريات و إنما لاول مرة منذ زمن بعيد ترى هذا الربان الذي قاد فلكه في مواجهة اعتى الأعاصير ينهار أخيرا و يبكي))

    سيدي اسمح لي أن أهديك معلومة بحرية : ربابنة السفن هم آخر من يتركون السفن المهددة بالغرق و لذلك لا يبكون ...هم منشغلون بتوفير فرص النجاة لركابهم..(أبناءهم)...و يرونهم يغادرون السفن إلا انهم فرحين بنجاتهم..لربما كان هذا السبب الذي جعل ربانك يذرف دمعة عنيدة

    ((كانت خيوط ضوئية تؤقت نبضات الأفئدة على إيقاع صعود و خفوت صوتها شاشة تنتصب ليعرض عليها مشهد و حيد . عش واهن في مسار إعصار))

    يا الله كم رائع هذا الوصف...لم أجد وصفا عميقا للام كما فعلت في هذه العبارة...دمت سيدي!!

    ((ا تقلق . يوما ما ستعود و سينتهي كل شيء " .اختصرت كل مآسيك التي يمكن أن تعيشها في كلمتين))

    (ذات مرة كتبت لي سيدة : ليس في الأمر من مأساة..كلنا نموت))
    هكذا بكل بساطة اختصرت كل الآلام والأحزان والقهر و الاقامات الجبرية والسجون وكل شيء يهز الإنسان حتى نخاعه لتسفيه حقيقة الموت و بالتالي تمريرها كما تمرر لحظة رسوب طالب بإعطاء أحقية النجاح لاخر اجدر منه...هناك بشر يختصرون حزنك و ألمك ومشاعرك ويتوهمون انهم بهذا قد لفظوا لك بحكمة لن يولد لها أخ...قد يتوهمون انهم يهبونك عزيمة من نوع ما تجعلك اكثر قدرة على مواجهة و تحديات جديدة..? قد يكونون يتفوهون بها لتهوين الأمر عليهم هم أنفسهم..لكن التحصيل الحاصل هو انهم سلخوا جلد الحقيقة وطالبوها ان لا تنزف

    ((منفردا ستواجه كل الاحتمالات))

    بالضبط كما هي لحظة الولادة و كما هي لحظة الموت...لكن عفوا بفارق بسيط في الولادة يشاركك ذلك القبطان الرائع بوضعك في محطتك الجديدة فرحا بك...ولحظة الموت...لن يرافقك أحد.. وقد تكون سيدي بهذه العبارة دون أن تدري جعلتنا نستعد لمواجهة كل الاحتمالات لوحدنا

    ((تسأل نفسك و أنت تقطع المسار الفاصل بين الماضي والمستقبل . من أنت؟ و ماذا كنت قبله؟))

    و الحاضر , يا سيدي البقالي لمَ لم تطل الاتكاء عليه..هل لكي تتنصل من مسئوليته؟

    ((تنتصر مؤقتا على الأمكنة))

    حين نغادر مكانا ما فنحن منتصرون عليه حتى ولو كان ذلك رغما عنا...انه تغيير إحداثيات لا غير إذن هو انتصار بالعرف العسكري حتى ولو كان هروبا للخطوط الخلفية. إعادة تنظيم القوات استعدادا لهجوم جديد..فهو انتصار إن نظرنا له بشكل تفاضلي لا تكاملي

    ((أكيد انك كنت ستركض إنما إلى الخلف. لكن لماذا يرتبط الماضي دوما بالقداسة والكمال؟))

    الجواب: لانه بداية الاستكشافات الأولى و الاندهاشات الأولى التي تحلق فوق وجوهنا حتى لرؤية قطة تشرب الماء!

    ((لكن ماذا يعني أن تعيش في عالم ليس فيه أشجار؟))

    و متى ستتوقف هذه السلسلة الطويلة التي يتغير فيها كل شيء سوى الوداع؟

    الجواب: حين الموت .نقطة في نهاية السطر وإسدال الستار و بعض من البكاء!

    ((أردت أن تدمره .ليس وحده . كل اللذين يجلسون على الكراسي خلف المكاتب .كل اللذين يقبعون في الغرف المكيفة . كل اللذين يتحصنون خلف صفوف آدمية حولوها إلى جدران دفاعية لاتقاء غضب ? شر من كانوا ضحايا قراراتهم الخاطئة. كل اللذين لا يدركون أن تلك الجرة من القلم التي يخطونها مبتسمين ? هم في حديث ودي مع زائر بلا موعد تتحول إلى أخاديد فوارة تتدفق دما من الروح والجسد))

    هؤلاء هم آفة الرحلة التي اسمها الحياة..تارة تجدهم بالصفوف الأمامية وتارة تجدهم عن يمينك يحسبون أنفاسك وتارة تجدهم يأمرونك بالنزول حيث لا تشتهي النزول من الرحلة .هؤلاء هم طاعون الأيام الأصفر ..هؤلاء هم المرئيون لدرجة الوضوح والغامضون والسريون لدرجة التلاشي ..أما أفعالهم...فذلك هو استباحة الأرواح في أجساد أصحابها بأي شكل يرتئونه هم..... المصيبة انهم موقنون تماما..إنما يفعلون ذلك لمصلحتك , لاكل العيش!!!!

    ((هو عمرك . لكن كي تعيش . كي تحصل على اجر يجب أن تعطي للآخر سنواتك .لكن ماذا تأخذ؟ هل ما تأخذه هو مقابل لما أهدرته من طاقة أم تعويضا لسنواتك المسروقة؟))

    هو العمر معجونا بالصبر وما تأخذه فيما بعد حفنة من الحكايات التي يتناثر الغبار من حولها وأفواه صغار مفتوحة دهشة (غير مصدقة ) ...

    ((هو الصبر . مشجاب لكل المستعصيات . ثلاجة لكل الفصول))

    هنا لا أوافقك سيدي..هو الصبر..محرقة لكل الأعصاب وانتظارا للذي لا يجيء..هو الصبر الذي من بعده تعتل الروح بآلامها دون أن تجد فترة هدنة معه فأن عرف مخابئك السرية أدمن الوصول إليك

    ((تسأل نفسك ماذا يجد الناس في الاستقرار في ارض مثل هذه أكيد أن ذلك حوار قديم جدا جدا بدا مع ظهور الإنسان على الأرض حوار تتواصل فصوله هنا بكل حدة ? من ثم تواجد الإنسان في ارض كهذه لا يعني سوى شيئا واحدا وهو انه يحب ركوب التحدي))

    لطالما أحببت تفسير عشق الصحراء التي لم نفلح في رسمها كما أفلحت ريش الفنانين في رسم الأشجار و جداول الأنهار..قد أجد ضالتي هنا..سيدي للصحراء لغة لا يفهما إلا من اختلطت دماء حبله السري ساعة الولادة بحبات رملها..الصحراء لا يفهمها إلا من هب على وجهه هواء صيفها الحار الذي يقتحم العروق و يختلس ما فيها من دماء.فيشهق الصحراوي صارخا..."لله درك صحرائي ما أروعك"...
    هل وفيت الصحراء حقها؟ لا أظن!!!

    ((كنت في حاجة إلى من يسمعك بعد تلك الأيام الصامتة الطويلة))

    سيدي البقالي اسمح لي هنا أن استبدل كلمة "الأيام" بـ "السنوات"

    ((أن ابشع صور التخلق هي حين تتحول لقمة العيش إلى جبهة يحاصرك الآخر عبرها))

    و الأكثر بشاعة حين تمتد تلك الجبهة لآلاف الكيلومترات فترى أن العدو لبس ألف وجه و يحاربك بألف سلاح و لم تعد تعرف مكمن الخطر في موقعك فيسلب منك حتى لحظة التوثب للدفاع عن نفسك

    ((عودة من أين والى أين؟
    ((و أقساط عمري التي سأقتطعها والقي بها هنا
    هل يمكنني أن أستعيدها يوم سأرحل من هنا؟
    و إذا كان ذلك مستحيلا ماذا سأعتبرها؟
    ثمنا لتذكرة العودة؟
    والشرخ الذي سيظل ماثلا داخل يجزيء عمري؟ بأي شيء سأرأب صدعه؟))

    اعتبرها دفعة أولى من القسط السنوي لوجودك حيا...لا غير!

    ((هل الحياة اكثر من فرصة؟ ? هل الاستفادة منها تشترط سلك نهج وحيد؟))

    بالطبع لا. المنهج الوحيد يفضي بنا إلى النهاية سريعا...و ليس دائما هناك مستفيدون من الحياة .الحياة فرصة ? بالطبع نعم...وان لم تكن ذهبية دائما...فقد تحقق فيها خيبات كما تحقق فيها نجاحات

    ((هل في كل ما عشته إلى الآن كنت تملك اختيارك أم أن انغلاق الأبواب في وجهك كان دوما يدفع بك صوب الباب الوحيد الذي كان يظل مفتوحا؟))

    قد يكون هناك عدد لا محدود من الأبواب ونحن في مفترق طرق ولا نعرف ما يختبئ وراء الأبواب كما في قصص السندباد..فأن كان هذا الباب المفتوح يسر بما وراءه فليكن الولوج منه ولو كان مزروعا ألغاما أو لأكن اقل حدة فأقول أشواكا.

    ((أكيد أن جل اللذين وجدوا أنفسهم أمام الموت كانوا حتما يحاولون جعل مسار حياتهم اكثر طولا))

    أوافقك تماما هنا...فللموت رائحة لا يستنشقها سوى ضيوفه ..فيحاولون ثنيه عن استضافتهم لان في رؤوسهم زوبعة من الفرص المسماة "الحياة"...ولكن عبثا ذلك منهم....((فإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة و لا يستأخرون))

    ((كيف تدرك العنزة المعنى المعادي لها في الذئب في حين إنها لم تعرفه و لم تره من قبل؟ و لا أحد حدثها عنه؟))

    اعتقد هنا أن مندل و قانونه الوراثي قد يجيب شيئا ما عن هذا التساؤل

    ملاحظة :

    أراك يا سيدي قد ضربت بعرض الحائط بنصيحة البشير واغترفت من أدوات الاستفهام ما ألبستنا إياه ثيابا و فرشت لنا أرضا بورود رائعة في الدرر على شكل "الركض خلف السراب"

    اسمح لي سيدي بأن اشكر لك فضلك فيما أمتعتنا به لحد الآن بشعر لأبي عبد الله الخطيب....

    إذ يقود الدهر أشتات المنى تنقل الخطو على ما يرسم
    زمرا بين فرادى و ثنى مثلما يدعو الوقود الموسم

    ((لي عودة لما تبقى...امهلني لالتقط انفاسي من هذا الركض))
    مودتي

    رجاء جمعة سلمان
    جئت اعصف ما في صدري...جئت صرخة ثائر

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. “فتاة البرتقال” رواية جديدة للنرويجي جوستاين غاردر
    بواسطة الوجيه في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 13-02-2006, 12:55 AM
  2. رواية إحداثيـات الإنسان لـ محسن خالـد
    بواسطة رانيا مامون في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-08-2003, 02:34 PM
  3. ][*** السراب الخادع ***][
    بواسطة القلب الدافىء في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 14-06-2003, 09:12 PM
  4. رواية : الركض خلف السراب
    بواسطة عبدالله البقالي في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 31-12-2002, 09:17 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط