هذا هو الجز الثاني من "...وتتساقط الأقنعة!"... أتمنى أن تستمتعوا بقراءته.
متجر الزهور
تدير حلقة الأرقام بالهاتف بتوتر ملحوظ فرضه خوفها المغلف بالغضب. إنها المرة الثانية التي تخطا فيها بالرقم عن دون قصد.
إنها تستبعد أن يكون بدر, فمن المستبعد أن يعود إليها بعد سنتين من القطيعة, لذلك لم تجد سوى أن تتصل بزوجها حامد.
أخيراً يجيب:"ألو؟"
يأتي صوتها غاضباً:"متى ستكف عن مقالبك التافهة؟"
حامد:"أي مقالب؟! ماذا دهاك؟ كل هذا لأني لم آتِ لغداء اليوم؟"
سوسن:"لا تحاول أن تقنعني بأنك لم ترسل لي باقة التيوليب الصفراء! إني أكرهك عندما تفعل ذلك..."
حامد:"صدقيني لم أرسلها! عزيزتي اسمعيني, لدي اجتماع مهم الآن, سأحضره وسأحاول أن أنهيه مبكراً وبذلك سأحضر غداء اليوم..."
تخف نبرة سوسن بعدما يطغى عليها بعضاً من الرضا:"حسناً..."
يغلق السماعة, فتغلقها. سرعان ما تنادي الخادمة سلوى.
تدخل سلوى غرفة المعيشة, بعدما طرقت الباب.
سلوى:"نعم سيدتي؟"
سوسن:"إنك لم تخبريني من قام بإحضار الباقة..."
سلوى:"آسفة سيدتي, ولكنك أربكتني بغضبك واستيائك. إنه أحد عمال متجر الزهور الموجود بالحي, محل أبو قاسم إذا عرفتِه؟"
سوسن:"نعم يا سلوى..." تطرأ فكرة ما على سوسن, فتضيف:"أخبري السائق بأني خارجة".
تخرج سوسن من غرفة المعيشة, تلك التي تحوي على أرائك من الجلد الأسود وشاشة تلفاز مسطحة, تلك التي كغيرها, تفضح هشاشة ذوقها.
تصعد الدرج الرخامي بخطوات متتالية التي بصداها, أيقظت أرجاء القصر المطعن في السكون.
إن ما يشغل ذهنها الآن هي تلك الفكرة الطارئة, التي ألغت كل ذاك الزخم من الأفكار السابقة, لكن الموضوع يظل عينه, باقة الزهور.
تخرج سوسن من البيت وقد غيرت من ملابسها. رغبتها الآن دخول ذاك المتجر. تصله بعد دقائق معدودة برفقة السائق.
تفاجأ أبو قاسم بدخولها, فاجأه محياها. رغم أنها لم تدخل محله إلا مرات قليلة لا تذكر خلال العامين المنصرمين, إلا أنه استحال عليه أن ينساها. ليس لأنها الامرأة الأكثر شهرة في الحي الثري, لكثرة ما تحدثوا عن زواجها برجل فاقها مالاً وجاهاً, بل لتفاصيل وجهها المثيرة. فأنفها الخجول رغم بروز أرنبته النحيفة إلا أنه انسجم مع خديها المتناسقين, عيناها ساحرتان, وبياض بشرتها الذي أبرزه سواد شعرها جعل منها حوراء ساحرة.
"إنها الأجمل في هذا الحي, بلا منازع"
همس أحد العمال لأبي قاسم, الذي لم يجيب سوى بطأطأة رأسه. سرعان ما وقف أبو قاسم عندما اقتربت منه مبتسمة وحياها:"أهلاً وسهلاً بكِ سيدتي..."
ردت التحية, ثم سألته عما إذا كان يعرف من قام بإرسال الباقة.
أجاب:"لا أعلم من هو سيدتي, يبدو غريباً على هذا الحي. كان رث الملابس, أشعث الشعر, ومحياه محيا من رأى شبحاً!"
رغم أنها حاولت إخفاء دهشتها, إلا أن جزءاً منه تسرب إلى وجهها. في أعماقها تشعر بالأسى حيال الحال التي آل إليها. إلا أن شيئاً ما يرعبها, فكرة ما إذا كان بدر سيعود إلى حياتها مجدداً.
تسأله:"هل أنت متأكد من ذلك؟"
يجيب دون تردد:"نعم سيدتي, بوسعي أن أقسم. هل هناك ما يزعجك بالأمر؟ هل ضايقتك باقة الزهور؟"
سوسن:"لا... لكني أريد منك خدمة ما... إذا أتاك مجدداً حاول أن تتحرى عنه, تتحدث معه, وتأخذ رقم هاتفه..."
أبو قاسم:"سأفعل..."
سوسن:"تذكر بأن لكل شيء حسابه عندي!"
تبتسم ابتسامة خبيثة, مبعثها الفرح بالانتصار الجزئي الذي حققته...
****
****
****
أتمنى أن تلاقي أستحسانكم, بانتظار تعليقاتكم وانتقاداتكم,
لكم مني جزيل الشكر, وأزكى تحية,,,|325||325||325|