[ALIGN=JUSTIFY].
.

.
.
كتَبَتْ إليَّ ذات مساء قائلة:

ويرحل العمر ..
يأخذ معه ما يأخذ ..
سنين جدباء .. ووجوه شاحبه ..
كالظل أرى كل شيء ..
لم يتبقى لي بعدك ما يستحق ..
صدقاً إن قلت أنك بهجة الدنيا ..
.
.
فكان ردّي :
حبيبتي !
سأحرق بعدُكِ قلبي ..
وأرمي بقاياه على قبرِك العتيق ..
لعلّ ذلك يشفع لي عندك ..
فهلاّ تغفري لي قتلي لكِ ..


.
.

فردّت .. قائله :

كالألم هي الذكرى ..
وكعلة تغلغلت بداخلي ..
تأخذني عن الناس بين الحين والآخر ..
وأسأل ..
هل هناك نهاية !
وهل هناك نسيان ..
فأنسى ذلك كلّه .. وأعود لها هي ..
للذكرى !!
فلا تعتب على قلبك .. فالحب ليس قاتل ومقتول ..
الحب هو تضحية وألم !!


.
.
وفي ليلة من ليالي وجع البعاد ..
كتَبتُ قائلا ..


حبيبتي المفقوده في غياهب الزمن ..
تعبت روحي من الإنتظار ..
ويئست من كل شيء ..
لا أريد أن أفقد معاني الجمال ..
ولا نشوة الأمل ..
ولكن .. بُعدُكِ يحرق بداخلي كل ذلك ..
فمتى يحين اللقاء !!
.
.

ردّت قائلة ..

في بعدك ..
تراقصت الطيور المهاجرة على صوت نايي الحزين ..
وغردت تلك العصافير شجناً لي ..
في بعدك ..
أهجر كل شيء .. إليكَ أنت ..
وأحلم وأحلم ..
وأستيقظ على سراب من ذكريات ..
فهل تروي عطشاً شحبت له ملامحي !!



.
.
وكتبت أنا ..

عذراً سيدتي المجنونه ..
اتسائل دائماً .. ماهو معيار الجنون ..
وهل الحب جنون ..
أم عقل ممزوج بغباء ..
عذراً سيدتي ..
ولكن أنتِ سيّدة النساء ..
وبدونك تصبح النساء حثالة .. في كأس لن أشربه ..

.
.
وفي ليلة من ليالي الحنين ..
وصلني منها الآتي:


تعتصر الآهات قلبي .. وتمحو الدموع معالم وجهي ..
ويضيع فيني كل شيء .. كل شيء إلا أنت ..
أنت من يبقى معي طوال العمر ..
أنت الذي إسمك ينير لي دروباً مظلمة ..
ويفتح لي أبواباً كانت مقفلة ..
معك أنسى جرح الزمان والقدر ..
معك أكون أسعد إنسانة على وجه الأرض ..
معك كل شيء يصبح جميلاً ولو كان قبيحاً ..
حبي ..
لا أملك إلا الإستـسلام لقوة القدر والمكتوب ..
لا أدري ماذا أقول في هذه اللحظة ..
صعب جداً أن أعبر أو أقول ..
عشت ليالي وأيام طويلة أدعوا الله أن لا يقرب هذه اللحظة .. وأن يأخذني ويريحني من حرقة قلبي ..
حبيبي ..
دعوت الله دائماً بقلب صادق أن لا يقرب هذا اليوم .. وأن يجعله بعيداً وراء السراب .. ولكن هذا ما أراد ..
ولا أملك يافرحة العمر إلا أن أبكي حظي المسكــور ..

.
.


عندها .. تيقّنت أن الرحيل قد أزف ..
وترنّح قلمي وعقلي وفكري عند سطورها ..
وقبل طلوع شمس اليوم الأخير ..
كتبت إليها هذه السطور ..
ووضعتها في صندوق البريد ..
ووضعت معها قصة حب .. لم تكتمل !
قائلاً لها:


ما أمر لحظـات الــوداع عندما يحرق وجـداننا لاعج لفـراق .. وتمزق جوانحه آهـات تمتزج بخلجـات نفسـه .. تتواعـده بإلاّ تمحو الذكريات .. ولا تمسح العبرات .. وألاّ تطفـئ نار الشـوق ولا لوعة الحنين .. شعور أليم وحـزين ..لكـننا نحن لانملك رسم طريق الحياة كما نريد دائماً .. فالأقدار والظروف تحطم مجاديف الأماني والرغبات .. فقـط الآهات تنطلق من حناجرنا ونحيبٌ يندى به أسماعنا ..
وأعاود نفسي وأقول: لقد تعودت أن تسلبني الحياة دائماً ما يسعدني..


[/ALIGN]


نشرت هذا الموضوع في صحيفة عكاظ
يوم الأثنين 25/3/1424هـ
تحت عنوان ( ذكرى كأنها الألـم )