تواصلٌ على وزن تفاعل , والتفاعل لابُد فيه من طرفين وأكثر , والتواصل هذه الأيام - بما فيه صلة الرحم - آخِذ في الانحسار بشكلٍ مُخيف لأسباب يعلمها الجميع, وبات من الضروري أن لانعتمد على طرف واحد في القيام بعملية التواصل , صحيح أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أوضحَ الفرقَ بين المواصل والمكافئ , وأن أجرَ المواصل عظيم ويزداد كلما قاطعه ذوهُ وهجروه وآذوه أكثر , إلا أن هذا الأمر يحتاجُ إلى درجة من الصبر العالي جداً والتي لاتتحقق إلا بإيمان كبيرٍ ونفسٍ مُصطلحَةٍ مع ذاتها , وهذا مابات ينحسرُ هو الآخر كالتواصل ..!!! فلا بُد أن يبدأ الجميع جادين في أن يصبحوا أطرافاً فاعلين في هذا التفاعل , ولايعتمدوا على طرفٍ أنه يصلهم ويسأل عنهم دون أن يبادلوه الصلة بالصلة والسؤال بالسؤال والاهتمام بالاهتمام , فالله - جل في علاه - وهو الغني عن العالمين أعلنها في حديث قدسي أنه إذا تقربَ إليه عبده شبراً تقربَ إليه ذراعاً وإذا تقرب إليه ذراعاً تقرب إليه باعاً .... , وهذا هو التفاعل الإيجابي المحمود الذي يديم الوصل ويغذيه ويُعين عليه , هذا بين العبد وربه , فما بالنا بين العبد والعبد ؟!! والبعض - حقيقةً - لاتعلم لماذا يُقابل صلة من يصله وسؤاله عنه ببرودٍ وتجاهلٍ وعدم اهتمام ؟!! أفعله هذا منشأه الكبر والغرور والتعالي أم الجهل والاستهتار ؟!! أم الاستغناء ؟!! بل إن البعض قد صارت صلته انتقائية تحكمها المصالح والمنافع واعتبارات كثيرة , فتراه يصلُ شخصاً ويقطعُ آخر , وقد تجده صار يقطع من وصله سابقاً ويصل من قطعه إذا تغيرت المصلحة ..!! ألا يظنُ هذا أنه قد يُغني الله فقيرأً تجاهل وصله أويقوي ضعيفاً لم يعر وصله اهتماماً , فيعود لمواصلته مُرغماً ذليلاً مُنكسراً ..؟!! ألا يظنُ أنه بفعلته تلك قد يتسببُ بأن يملَ الواصل من مبادرته وصلته, فينقطعُ ويتحول إلى مُجردِ مكافئ ,وقد يصبح في يوم من الأيام طرفاً صامتاً ومثلث ( برمودا ) بشري تنتهي عنده الصلة والسؤال فلا يُبادلها بصلة وسؤال واهتمام مما يُفرز قطيعة اجتماعية أكثر وبشكلٍ مُخيف وللغاية ..!!! ويكون شعاره حينها ( لاتُعطي الهيلَ بلا كيل ) ..!!
رد مع اقتباس
