من البشر من يمارس القتل والإبادة , ويريد محو طوائف من الوجود بلا وجه حق , وبلا خوف من خالق ولا حياء من مخلوق ، الوجه لا تفارقه الابتسامة والنعومة والليونة تظهره فى صورة حمل وديع بينما الأيدى مخضبة بدماء البشر , وهذا شأن معظم الطواغيت والسفاحين ، يجيدون حبك الأدوار التمثيلية ثم تستيقظ الشعوب على الطبائع الدموية القاسية لأسوأ الوحوش الشرسة ، طبيعة لا تهدأ إلا برؤية دماء البشر، وربما أمعنت فى التلبيس والتضليل وصورت ذلك بالمحافظة على مصلحة البلاد والعباد ، وقد تستند إلى فتوى فاسدة أو كلمة ساقطة من حاشيته وزبانيته .
وأنت ترى ذلك بوضوح فى قصة فرعون :
رجل إلى الخبل أقرب , بالإضافة لكفره وتناقضه حتى النخاع , ومع ذلك استخف بعقول المصريين { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ }
رجل يرى فى المنام أن هلكته ستكون على يدى غلام من بنى إسرائيل , فشرع يقتل الصبيان ويستحيى البنات , وسواء كانت الرؤيا حقة أو باطلة فلا يحل له ذلك , ولا مبرر له فى قتل الصبيان ، ثم انظر لمشهده وهو يقول للملأ { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ } قمة التضليل وقلب الحقائق ، ويستفزه الحاشية وشيوخ الضلالة { أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } وهو من الخفة والطيش بما لا يحتاج لمزيد من قلب الحقائق وتصوير نبى الله موسى وبنى إسرائيل بأنهم يفسدون فى الأرض , وبالتالى لا بأس باقتلاع شأفتهم حتى يتحقق الإصلاح على يدى فرعون الذى يدعى الربوبية والألوهية مع الله .
وما كاد السفاح وسفَاك الدماء يسمع هذه الكلمات حتى تمادى فى غيه فقال { سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } وقال { ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } ثم جر جيوشه وتبع موسى ومن آمن معه إلى البحر للفتك بهم .
كثرة منحرفة , ومؤسسات محتشدة فى مواجهة قلة مؤمنة ، نهاية محتومة أنت تعرفها , وما زال البعض يفتخر بالفرعون .
فإياك أن تكون من جملة العميان . الشيخ سعيد عبد العظيم