- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 35

الموضوع: وجاء شهر الخير

  1. #16
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم الخامس عشر
    الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد,
    عجباً لأمر المؤمن
    عن صهيب بن سنان -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، فالمؤمن يستشعر أنه عبد وملك لله -عز وجل-؛ لذا إذا أقبلت عليه النعم شكر مولاه وربه المنعم عليه بها، ولم ينشغل بالنعمة عن المنعم -سبحانه وتعالى-، وإنما يري فضل الله عليه، فينكسر له ويشكره على منّه وعطائه، وهذا سلوك الأنبياء فهذا سليمان -عليه السلام- لما فهم قول النملة قال : (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) فلم ينسب الفضل إلي نفسه، ولم يثنِ عليها، بل يتضرع إلى ربه أن يوفقه لشكر نعمته.
    وهذا يوسف -عليه السلام- في أوج نصره ورفعته، اسمع إلى قول الله -تعالى- عنه: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) فينسب الفضل إلي الله أنه حقق رؤياه وأحسن به إذ أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، فهو مشغول بالثناء على ربه، والإقرار بإحسانه -سبحانه وتعالى-، وهكذا سلوك المؤمنين أيضاً، فيعتريهم عند النعم انكسار القلب لفضل الرب -عز وجل-، فتلهج ألسنتهم بالحمد لله والثناء عليه، وقلوبهم بالإقرار، ويزدادون محبة له -سبحانه وتعالى- فيحبهم على ذلك، وقد قيل: "المحبة تنبت على شهود المنن".
    وهذا يجلب لهم محبة الله ورضاه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله ليرضي عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمد الله عليها وأن يشرب الشربة فيحمده عليها).
    ويقر بعجزه عن شكر نعم الله: يا رب، كيف أشكرك وشكرك نعمة تحتاج إلي شكر؟!
    وإذا نزلت بالمؤمن الضراء فتجده في عبودية أخري عبودية الصبر.
    والصبر ضياء، ففيه نور وحرارة، فلا يجزع عند نزول البلاء ولا يسخط ولا يعترض على قضاء الله وقدره، بل يعلم أن وراء ذلك الخير الكثير، وكيف لا والله يقول: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، فالعبد يقر بجهله عن معرفة الحكمة من وراء ذلك البلاء، وان كان يعرف في جملة الأمر أن لها حكماًن فربما تحمل المحنُ مِنَحاً، والبلايا عطايا، وربما يعطيه ربه في صورة منع، ويرفعه في صورة خفض، ويغنيه في صورة فقر، وكيف لا يصبر وله في أنبياء الله وأتباعهم الأسوة والقدوة: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
    والصابر يوفي أجره بغير حساب (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) فهذه عبودية المؤمن يتقلب فيها من خير إلي خير ومن طاعة إلي أخرى، وقد اختلف العلماء أيهما أفضل: الصابر أم الشاكر؟ والراجح أنهما سواء، وأفضلهما اتقاهما لله، وقد صح في الحديث: (الطاعم الشاكر كالصائم الصابر).
    وأما الكافر والفاجر فعلى الضد من ذلك، فينتقل من سوء إلى سوء، ومن شر إلى مثله في حالتي السراء والضراء، ففي السراء يختال ويفخر، وينسب الفضل إلى نفسه، ويتكبر على خلق الله ويمنع حق الله -تعالى- كحال قارون (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)، وكصاحب الجنة في سورة الكهف (قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً)كلام يقطر فخراً وعجباً وكبراً وجهلاً.
    وأصحاب الجنة في سورة القلم يمنعون حق الله -تعالى-، وأيضاً الأقرع والأبرص والأعمى يقول كل واحد منهم: "إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر" ويمنع الحق ويقول: "الحقوق كثيرة"، وينكر فضل الله عليه، وإحسانه إليه بشفائه بعد مرضه، وغناه بعد فقره، وهذا حال كثير من الخلق نسأل الله العافية (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
    فتجد أحدهم يتقلب في النعيم المادي من العافية، الولد، المال، الأمن، الملبس والمسكن، فينسى فضل الله، بل ينسب ذلك إلى نفسه الجاهلة الظالمة، وينسى أنه لو شاء الله لحول ذلك إلي غيره ونزعه منه، فهو على كل شئ قدير.
    وانظر إلى بؤسه أيضاً في حال الضراء، حيث يمتلئ قلبه غيظاً وضيقاً وحرجاً، فيفر من ذلك إلى المخدرات والمسكرات، وربما قتل نفسه وانتحر -عياذاً بالله-، فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار، وكل ذلك لعدم إيمانه باليوم الآخر والقضاء والقدر، أو ضعفه، وهذه البلايا يكثر انتشارها بين الكفار والفجار، فتنتشر فيهم الأمراض النفسية، ويكثر بينهم المسكرات والمخدرات لإعراضهم عن هدي ربهم والله -تعالى- يقول: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)أعمى البصيرة في الدنيا، أعمى البصر في الآخرة، فنسأل الله العافية.
    وختاماً يقول الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهار وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنعام وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ)
    وصلي اللهم علي النبي محمد وعلي أله وصحبه وسلم

  2. #17
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم السادس عشر

    فتيات من دمشق

    بعثت فتيات من دمشق بضفائرئهن إلى سبط بن الجوزي خطيب المسجد الأموي بدمشق لتكون قيوداً ولجماً لخيول المجاهدين الذين يخرجون لتحرير فلسطين من براثن الصليبيين فخطب الشيخ خطبة حروفها من نار ، تلدغ الأكباد وهو يمسك بشعور الفتيات وقال :

    يا من أمرهم دينهم بالجهاد حتى يفتحوا العالم ، ويهدوا البشر إلى دينهم ، فقعدوا حتى فتح العدو بلادهم ، وفتنهم عن دينهم ، يا من حكم أجدادهم بالحق أقطار الأرض ، وحُكموا هم بالباطل فى ديارهم وأوطانهم ، يا من باع أجدادهم نفوسهم من الله بأن لهم الجنة ، وباعوا هم الجنة بأطماع نفوس صغيرة ، ولذائذ حياة ذليلة ..

    يا أيها الناس .. مالكم نسيتم دينكم ، وتركتم عزتكم ، وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم ، وحسبتم أن العزة للمشركين ، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ؟؟؟

    يا ويحكم .. أما يؤلمكم ويشجى نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطو على أرضكم التى سقاها بالدماء آباؤكم ويذلكم ويتعبكم وأنتم كنتم سادة الدنيا ؟؟؟

    أما يهز قلوبكم وينمى حماستكم ، أن إخواناً لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف ؟؟؟

    أما فى البلد عربى ؟ أما فى البلد مسلم ؟ أما فى البلد إنسان ؟

    العربي ينصر العربي ، والمسلم يعين المسلم ، والإنسان يرحم الإنسان .. فمن لا يهب لنصرة فلطسين لا يكون عربياً ولا مسلماً ولا إنساناً ...

    أفتأكلون وتشربون وتنعمون وإخوانكم هناك يتسربلون باللهب ، ويخوضون النار ، وينامون على الجمر ؟؟؟

    يا أيها الناس .. إنها قد دارت رحى الحرب ، ونادى منادي الجهاد ، وتفتحت أبواب السماء ، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب ، فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها ، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل ، يا نساء بعمائم ولحى .. أو لا فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها ...

    يا ناس أتدرون مم صنعت هذه اللجم والقيود ؟؟؟

    لقد صنعهتا النساء من شعورهن ، لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها ، يساعدن به فلسطين ..
    هذه والله ضفائر المخدرات ، التى لم تكن تبصرها عين الشمس ، صيانة وحفظاً ، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى ، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة ، الحرب فى سبيل الله ، وفى سبيل الأرض والعرض ، فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها بها ، فخذوها فاجعلوها ذوانب لكم وضفائر ...
    إنها من شعور النساء ، ألم يبق فى نفوسكم شعور ... !!

    وألقاها من فوق المنبر على رؤوس الناس ، وصرخ : تصدعي أيتها القبة ، ميدي يا عمد المسجد ، انقضي يا رجوم ، لقد أضاع الرجال رجولتهم ...
    فصاح الناس صيحة ماسمع مثلها ، ووثبوا يطلبون الموت .

  3. #18
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم السابع عشر
    بسم لله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد:

    حسن الظن بالله


    قال ابن القيم رحمه الله ولا ريب أن حسن الظن بالله إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه، أنه يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته.
    وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبداً، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته، وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له. كما قال الحسن البصري: ( إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل ).
    وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه، متعرض للعنته، قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه،
    وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة، وعادى أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات له، وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر.
    وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب، وقد قال الله تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول{ وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ }
    فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيراً مما يعلمون كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن. وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله، ووصفه بما لا يليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غروراً وخداعاً من نفسه، وتسويلاً من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.
    فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاقي الله، وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به. وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني. وقد قال أبو سهل ابن حنيف: ( دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو رأيتما رسول الله في مرض له، وكانت عنده ستة دنانير، أو سبعة دنانير. فأمرني رسول الله أن أفرقها، فشغلني وجع رسول الله حتى عافاه الله، ثم سألني عنها « ما فعلت أكنت فرقت الستة دنانير » ، فقلت لا والله، لقد كان شغلني وجعك، قالت: فدعا بها فوضعها في كفه، فقال: « ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده » ، وفي لفظ « ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده » ). فبالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم، فإن كان ينفعهم قولهم: حسناً ظنوننا بك إنك لم تعذب ظالماً ولا فاسقاً، فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنه بالله، فإن النار لا تمسه، فسبحان الله، ما يبلغ الغرور بالعبد، وقد قال إبراهيم لقومه: { أَئِفكاً ءَالِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ . فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ } أي ما ظنكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
    ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله. وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز، كما في الترمذي والمسند من حديث شداد ابن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني » وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
    فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن على سعة مغفرة الله ورحمته، وعفوه، وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو. قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه. فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته، ووقع في محارمه وانتهك حرماته، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة. ثم أحسن الظن بعدها فهذا هو حسن الظن، والأول غرور والله المستعان. يفرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللَّهُ } فجعل هؤلاء أهل الرجاء، لا البطالين والفاسقين، وقال تعالى:{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها، فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه. قال رسول الله : « إياكم والظن فإنه أكذب الحديث »
    إن استمراء ظن السوء وتحقيقه لا يجوز، وأوّله بعض العلماء على الحكم في الشرع بظن مجرد بلا دليل. روى الترمذي عن سفيان: الظن الذي يأثم به ما تكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم. وذكر ابن الجوزي قول سفيان هذا عن المفسرين ثم قال: وذهب بعضهم إلى أنه يأثم بنفس الظن ولو لم ينطق به. قال القاضي أبو يعلى: إن الظن منه محظور ( وهو سوء الظن بالله ) والواجب حسن الظن بالله عز وجل. والظن المباح كمن شك في صلاته إن شاء عمل بظنه وإن شاء باليقين. وروى أبو هريرة مرفوعاً: « إذا ظننتم فلا تحققوا » وهذا من الظن الذي يعرض في قلب الإنسان في أخيه فيما يوجب الريبة. قال ابن هبيرة الوزير الحنبلي: لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال. وقال : { ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً } وفي لفظ { ديننا الذي نحن عليه } [البخاري]. قال الليث بن سعد: كان رجلين من المنافقين. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : « حسن الظن من حسن العبادة » [أحمد وأبو داود].
    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يحل لامرىء مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً. وقال أيضاً: لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه. وقال أبو مسلم الخولاني: اتقوا ظن المؤمن فإن الله جعل الحق على لسانه وقلبه. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لله درُّ ابن عباس إنه لينظر إلى الغيب عن ستر رقيقه. وقال ابن عباس رضي الله عنه: الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل. وفي الصحيحين أن صفية أتت النبي تزوره وهو معتكف، وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي : « على رسلكما إنها صفية بنت حيي » فقالا: سبحان الله يا رسول الله. قال: « إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً » ، أو قال: « شراً » . قال أبو حازم: العقل التجارب والحزم سوء الظن. وقال الحسن: لو كان الرجل يصيب ولا يخطىء ويحمد في كل ما يأتي داخله العجب. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
    . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

  4. #19
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم الثامن عشر
    ألأخت المسلمه في رمضان
    اختي : رمضان نعمة يجب أن تشكر:

    أختاه! إن شهر رمضان من أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتغفر فيه الذنوب والسيئات، وتضاعف فيه الأجور والدرجات، ويعتق الله فيه عباده من النيران؛ قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين » (متفق عليه).

    وقال صلى الله عليه وسلّم: « من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » (متفق عليه).

    وقال تعالى في الحديث القدسي: « كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به » (متفق عليه).

    وقال صلى الله عليه وسلّم: « إن لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان، وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها، فيستجاب له » (رواه أحمد بسند صحيح)، وفيه ليلة القدر؛ قال تعالى: { ليلة القدر خير من ألف شهر } [القدر:3].

    فيا أختي المسلمة: هذه بعض فضائل هذا الشهر الكريم، وهي تبين عظم نعمة الله تعالى عليك بأن آثرك على غيرك وهيأك لصيامه وقيامه، فكم من الناس صاموا معنا رمضان الغابر، وهم الآن بين أطباق الثرى مجندلين في قبورهم. فاشكري الله أختي المسلمة على هذه النعمة، ولا تقابليها بالمعاصي و السيئات فتزول وتنمحي ولقد أحسن القائل:

    إذا كنت في نعمـة فارعها *** فإن المـعاصي تزيل النعم
    و حطها بطاعة رب العباد *** فرب الـعباد سريع النقم


    أختي: كم بقي من رمضان؟! وماذا يجب عليكي

    1ـ بالمبادرة إلى التوبة الصادقة كما قال سبحانه: { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } [النور:31].
    2ـ بالتخلص من جميع المنكرات من كذب وغيبة ونميمة وفحش وغناء وتبرج واختلاط وغير ذلك.
    3ـ بعقد العزم الصادق و الهمة العالية على تعمير الباقي من رمضان بالأعمال الصالحة، وعدم تضييع أوقاته الشريفة فيما لا يفيد.
    4ـ بكثرة الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن.
    5ـ بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، وتأديتها بتؤدة وطمأنينة وخشوع.
    6ـ بالمحافظة على النوافل بعد إتيان الفرائض.


    اختي تعلمي أحكام الصيام:

    يجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الصيام، فرائضه وسننه وآدابه، حتى يصح صومها ويكون مقبولاً عند الله تعالى، وهذه نبذة يسيرة في أحكام صيام المرأة:

    1ـ يجب الصيام على كل مسلمة بالغة عاقلة مقيمة (غير مسافرة) قادرة (غير مريضة) سالمة من الموانع كالحيض والنفاس.
    2ـ إذا بلغت الفتاة أثناء النهار لزمها الإمساك بقية اليوم؛ لأنها صارت من أهل الوجوب، ولا يلزمها قضاء ما فات من الشهر؛ لأنها لم تكن من أهل الوجوب.
    3ـ تشترط النية في صوم الفرض، وكذا كل صوم وواجب، كالقضاء و الكفارة لحديث: « لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل » (رواه أبو داود) فإذا نويت الصيام في أي جزء من أجزاء الليل ولو قبل الفجر بلحظة صح الصيام.
    4ـ مفسدات الصوم سبعة:
    أ ـ الجماع.
    ب ـ إنزال المني بمباشرة أو ضم أو تقبيل.
    جـ ـ الأكل والشرب.
    د ـ ما كان بمعنى الأكل والشرب كالإبر المغذية.
    هـ ـ إخراج الدم بالحجامة والفصد.
    و ـ التقيؤ عمداً
    زـ خروج دم الحيض والنفاس.

    5ـ الحامل إذا رأت القصة البيضاء ـ وهو سائل أبيض يدفعه الرحم بعد انتهاء الحيض ـ التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت، تنوي الصيام من الليل وتصوم، وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه، فإن خرج نظيفاً صامت، وإن رجع دم الحيض أفطرت.
    6ـ الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها، وترضى بما كتبه الله عليها، ولا تتعاطى ما تمنع به الحيض، فإنه شيء كتبه الله على بنات آدم.
    7ـ إذا طهرت النفساء قبل الأربعين صامت واغتسلت للصلاة، وإذا تجاوزت الأربعين نوت الصيام واغتسلت، وتعتبر ما استمر استحاضة، إلا إذا وافق وقت حيضها المعتاد فهو حينئذ حيض.
    8ـ دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام.
    9ـ الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض، فيجوز لهما الإفطار، وليس عليهما إلا القضاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: « إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع الصوم » (رواه الترمذي وقال: حسن).
    10ـ لا بأس للصائمة بتذوق الطعام للحاجة، ولكن لا تبتلع شيئاً منه، بل تمجه وتخرجه من فيها، ولا يفسد بذلك صومها.
    11ـ يستحب تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب، وتأخير السحور، قال صلى الله عليه وسلّم: « لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر » (متفق عليه).


    أختي: رمضان شهر الصيام لا شهر الطعام:

    أختي المسلمة: فرض الله صيام رمضان ليتعود المسلم على الصبر وقوة التحمل، حتى يكون ضابطاً لنفسه، قامعاً لشهوته، متقياً لربه، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } [البقرة:183].

    وقد سئل بعض السلف: لم شرع الصيام؟ فقال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الفقير!!.

    وإن مما يبعث على الأسف ما نراه من إشراف كثير من الناس في الطعام و الشراب في هذا الشهر، حيث إن كميات الأطعمة التي تستخدمها كل أسرة في رمضان أكثر منها في أي شهر من شهور السنة!! إلا من رحم الله. وكذلك فإن المرأة تقضي معظم ساعات النهار داخل المطبخ لإعداد ألوان الأطعمة وأصناف المشروبات!!.

    فمتى تقرأ هذه القرآن؟
    ومتى تذكر الله وتتوجه إليه بالدعاء والاستغفار؟
    ومتى تتعلم أحكام الصيام وآداب القيام؟
    ومتى تتفرغ لطاعة الله عز وجل؟

    فلتحذري ـ أختاه ـ من تضييع أوقات هذا الشهر في غير طاعة الله وعبادته، فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولا بد فاعلاً فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه » (رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني).


    أختي: رمضان شهر القرآن:

    لشهر رمضان خصوصية بالقرآن ليست لباقي الشهور، قال الله تعالى: { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان } [البقرة:185]. فرمضان و القرآن متلازمان، إذا ذكر رمضان ذكر القرآن، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: « كان النبي صلى الله عليه وسلّم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ».

    في هذا الحديث دليل على استحباب تلاوة القرآن ودراسته في رمضان، واستحباب ذلك ليلاً، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: { إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا } [المزمل:6].

    وكان بعضهم يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة.

    وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام. وقال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف. وقال عبد الرازق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن.

    وأنت ـ أختي المسلمة ـ ينبغي أن يكون لك ورد من تلاوة القرآن، يحيا به قلبك، وتزكو به نفسك، وتخشع له جوارحك، وبذلك تستحقين شفاعة القرآن يوم القيامة. قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيشفّعان ». (رواه أحمد والحاكم بسند صحيح).

    اختي الكريمه: رمضان شهر الجود والإحسان:

    أختي المسلمة: حث النبي صلى الله عليه وسلّم النساء على الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام: « يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار » (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلّم: « تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن » (رواه البخاري).

    ويروى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت في يوم واحد بمائة ألف، وكانت صائمة في ذلك اليوم، فقالت لها خادمتها: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه؟ فقالت: لو ذكرتني لفعلت!!.

    أما الجود في رمضان فإنه أفضل من الجود في غيره، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان جوده صلى الله عليه وسلّم شاملاً جميع أنواع الجود، من بذل العلم والمال، وبذل النفس لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم.

    ومن الجود في رمضان إطعام الصائمين: فاحرصي ـ أختي المسلمة ـ على أن تفطري صائماً، فإن في ذلك الأجر العظيم، والخير العميم، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لاينقص من أجر الصائم شيئاً » (رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح).

    واحرصي كذلك على الصدقة الجارية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له » (رواه مسلم).

    أختي: رمضان شهر القيام:

    أختي المسلمة: كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالوا له: يارسول الله! تفعل ذلك وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: « أفلا أكون عبداً شكورا » (متفق عليه). وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: « من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » (متفق عليه).

    وللمرأة أن تذهب إلى المسجد لتؤدي فيه الصلوات ومنها صلاة التراويح، غير أن صلاتها في بيتها أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: « لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن » (رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني).

    قال الحافظ الدمياطي: "كان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا خرجن من بيوتهن إلى الصلاة يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية، لا يعرفن من الغلس ـ أي الظلمة ـ وكان إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلّم يقال للرجال: مكانكم حتى ينصرف النساء، ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن. فما ظنك فيمن تخرج متزينة، متبخرة، متبهرجة، لابسة أحسن ثيابها، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم النبي صلى الله عليه وسلّم ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد. هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول، فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا؟!" ا.هـ.

    فعلى المرأة الرشيدة إذا أرادت الخروج إلى المسجد أن تخرج على الهيئة التي كانت عليها نساء السلف إذا خرجن إلى المساجد.

    وعليها كذلك استحضار النية الصالحة في ذلك، وأنها ذاهبة لأداء الصلاة، وسماع آيات الله عز وجل، وهذا يدعوها إلى السكينة والوقار وعدم لفت الأنظار إليها.

    بعض النساء يذهبن إلى المسجد مع السائق بمفردهن فيكن بذلك مرتكبات لمحرم سعياً في طلب نافلة، وهذا من أعظم الجهل وأشد الحمق.

    ولا يجوز للمرأة أن تتعطر أو تتطيب وهي خارجة من منزلها، كما أنه لا يجوز لها أن تتبخر بالمجامر لقوله صلى الله عليه وسلّم: « إيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء » (رواه مسلم).

    وعلى المرأة ألا تصطحب معها الأطفال الذين لا يصبرون على انشغالها عنهم بالصلاة، فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ، أو بالعبث في المصاحف وأمتعة المسجد وغيرها.

    أختي : صيام الجوارح:

    أختي المسلمة: اعلمي أن الصائم هو الذي صامَت جوارحه عن الآثام، فصامَت عيناه عن النظر إلى المحرمات، وصامَت أذناه عن سماع المحرمات من كذب وغيبة ونميمة وغناء وكل أنواع الباطل، وصامت يداه عن البطش المحرم، وصامت رجلاه عن المشي إلى الحرام، وصام لسانه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبطنه عن الطعام والشراب، وفرجه عن الرفث، فإن تكلم فبالكلام الطيب الذي لاحت فائدته وبانت ثمرته، فلا يتكلم بالكلام الفاحش البذيء الذي يجرح صيامه أو يفسده. ولا يفري كذلك في أعراض المسلمين كذباً وغيبة ونميمة وحقداً وحسداً؛ لأنه يعلم أن ذلك من أكبر الكبائر وأعظم المنكرات ـ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « من لم يدع قول الزور والعمل به و الجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه » (رواه البخاري).

    وقال صلى الله عليه وسلّم: «.. وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحدُ أو قاتله فليقل:إني امرؤ صائم » (متفق عليه).

    وأما من يصوم عن الطعام والشراب فقط، ويفطر على لحوم إخوانه المسلمين وأعراضهم فإنه المعني بقوله صلى الله عليه وسلّم: « رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش » (رواه أحمد وابن ماجة بسند صحيح).

    أختي خطوات عملية للمحافظة على الأوقات في رمضان:

    ينبغي على المرأة أن تستثمر أوقات هذا الشهر العظيم فيما يجلب لها الفوز و السعادة يوم القيامة، وأن تغتنم أيامه ولياليه فيما يقربها من الجنة ويباعدها عن النار، وذلك بطاعة الله تعالى والبعد عن معاصيه، وحتى تكون المرأة صائنة لأوقاتها في هذا الشهر الكريم فإن عليها ما يلي:

    1ـ عدم الخروج من البيت إلا لضرورة، أو لطاعة لله محققة، أو حاجة لابد منها.
    2ـ تجنب ارتياد الأسواق وبخاصة في العشر الأواخر من رمضان، ويمكن شراء ملابس العيد قبل العشر الأواخر أ
    3ـ تجنب الزيارات التي ليس لها سبب، وإن كان لها سبب كزيارة مريض فينبغي عدم الإطالة.
    .

  5. #20
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم التاسع عشر
    يا منزلَ الآيـاتِ



    يا منزلَ الآيـاتِ والفرقانِ *** بيني وبينك حرمة القـرآنِ

    اشرحْ بهِ صدري لمعرفةِ الهدى *** واعصمْ بهِ قلبي من الشيطانِ

    يسّرْ بهِ أمري واقضِ مآربي *** وأجرْ بهِ جسدي من النيرانِ

    واحططْ بهِ وزري وأخلصْ نيتي *** واشدْ بهِ أزري وأصلح شاني

    واكشفْ بهِ ضري وحققْ توبتي *** أربحْ بهِ بيعي بلا خسرانِ

    طهرْ بهِ قلبي وصفِ سريرتي *** أجمل بهِ ذكري واعلِ مكاني

    واقطعْ بهِ طمعي وشرّفْ همتي *** كثّرْ بهِ ورعي وأحيي جناني

    اسهرْ بهِ ليلي واظمئ جوارحي *** اسبلْ بفيض دموعها أجفاني

    امزجهُ يا ربي بلحمي معْ دمي *** واغسلْ بهِ قلبي من الأضغانِ

    أنتَ الذي صورتني وخلقتني *** وهديتني لشرائعِ الإيمانِ

    أنت الذي علمتني ورحمتني *** وجعلتَ صدري واعي القرآنِ

    أنتَ الذي أطعمتني وسقيتني *** من غير كسبِ يدٍ ولا دكانِ

    وجبرتني وسترتني ونصرتني *** وغمرتني بالفضل والإحسانِ

    أنتَ الذي آويتني وحبوتني *** وهديتني من حيرةِ الخذلانِ

    وزرعتَ لي بين القلوب مودةً *** والعطف منكَ برحمةٍ وحنانِ

    ونشرتَ لي في العالمينَ محامداً *** وسترتَ عن أبصارهم عصياني

    وجعلتَ ذكري في البريةِ شائعاً *** حتى جعلتَ جميعهم أخواني

    واللهِ لو علموا قبيح سريرتي *** لأبى السلامَ عليّ من يلقاني

    ولأعرضوا عني وملوا صحبتي *** ولبؤتُ بعد كرامةٍ بهوانِ

    لكن سترتَ معايبي ومثالبي *** وحلمتَ عن سقطي وعن طغيانِ

    فلك المحامدُ والمدائحُ كلها *** بخواطري وجوارحي ولساني

    ولقد مننتَ عليّ يا ربِ بأنعمٍ *** ما لي بشكرِ أقلهنّ يدانِ

    فوحق حكمتكَ التي آتيتني *** حتى شددتَ بنورها أركاني

    لئن اجتبتني من رضاكَ معونةٌ *** حتى يقوّي أيدُها إيماني

    لأسبحنكَ بكرةً وعشيةً *** ولأشكرنكَ سائر الأحيانِ

    ولأكتمنّ عن البريةِ خلتي *** ولأشكونّ إليكَ جهدَ زماني

    ولأجعلنّ المقلتين كلاهما *** من خشيةِ الرحمنِ باكيتانِ

    ولأحسمنّ عن الأنامِ مطامعي *** بحسامِ يأسٍ لم تشبهُ بناني

    ولأقصدنكَ في جميع حوائجي *** من دون قصد فلانةٍ وفلانِ
    - - -

  6. #21
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم العشرون
    جاء الاعتكاف

    الاعتكاف سنَّة مؤكدة، وهدي نبوي فاضل، التزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، كما حدثتنا بذلك عائشة رضي الله عنها، واعتكف أزواجه من بعده، وأصل ذلك في صحيح مسلم وغيره.
    كما اعتكف أصحابه معه وبعده، ودرج على ذلك العلماء والعبَّاد والزهَّاد وطلاب الآخرة.
    والاعتكاف المسنون هو اعتكاف الروح والجسد إلى جوار الرب الكريم المنان في خلوة مشروعة تتخلص النفس من أوضار المتاع الفاني، واللذة العاجلة، وتبحر الروح في الملكوت الطاهر؛ طالبة القرب من الحبيب مالك الملك ملتمسة لنفحاته المباركات.
    الاعتكاف المسنون هو الخلوة الصادقة مع الله تفكراً في آلائه ومننه وفضائله، واعترافاً بربوبيته وإلهيته وعظمته، وإقراراً بكل حقوقه، وثناء عليه بكل جميل ومحمود.
    الاعتكاف المسنون قيام وذكر وقراءة قرآن، وإحياء لساعات الليل بكل طيب وصالح من قول وعمل.
    لقد أصاب الاعتكاف من بركات الصحوة وأصاب الصحوة من بركات الاعتكاف.
    فأحيا الأخيار سنة الاعتكاف بعد أن عطلت ونُسيت دهراً طويلاً.
    بيد أن هذا الاعتكاف كاد أن يخرج عن إطاره المشروع، وهدفه السامي لدى البعض، ومن ثم قلَّت منافعه وانحسرت فوائده، فمن ذلك:
    1) الرياء والسمعة:
    وكلنا يعلم أن الرياء والسمعة مبطلان للعمل، وهو ضرب من الشرك الخفي الذي حذر منه نبينا عليه السلام.
    فكثيراً من يجاهر بعضنا باعتكافه بلا مناسبة، وكان حق هذا العمل الصالح الاجتهاد في إخفائه عمن لا يعلم به على الأقل.
    2) الإكثار من لغو الحديث:
    فقد يجتمع في المعتكف أشخاص كثيرون، وربما بعضهم يعرف بعضاً، فيجلس بعضهم إلى بعض يتجاذبون أطراف الأحاديث والمناقشات وغيرها يقطعون بها الوقت، وفي ذلك حرمان لكل واحد منهم من الخلوة بالنفس والقرب من الرب والتفرُّغ للعبادة، وكلها مقاصد كبرى للاعتكاف.
    3) الانشغال بالهاتف الجوال:
    وأعجب من الفقرة السابقة، الاتصالات الهاتفية عبر الجوال، حيث يتَّصل المعتكف بكل معارفه وأصدقائه، ويسألهم ويسألونه عن الصغير والكبير والجليل والحقير من الأمور ويتبادلون المزاح، والطُرَف والمُلَح، فأين هؤلاء من قول عائشة -كما في صحيح مسلم- أنها كانت تدخل البيت للحاجة والمريض فيه فلا تسأل عنه إلا وهي مارة إذا كانت معتكفة.
    أحبتي القراء! هلموا إلى الاعتكاف بهيئته المسنونة، لا بوضعه المبدل تكونوا من الفائزين،
    اللهم اجعلنا من الفائزين

  7. #22
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    الحادي والعشرون
    اسئله لاغني عنها للمعتكف

    س 1 ما معنى الاعتكاف ؟
    * لغة : الحبس والعكوف واللزوم ويسمى أيضا الجوار .
    * اصطلاحا : لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة من مسلم طاهر مما يوجب غسلا .

    س 2 ما حكم الاعتكاف ؟
    الاعتكاف سنة للرجال بالإجماع ، وتتأكد في العشر الأواخر من رمضان ، و لا يجب إلا بالنذر ، ويباح للنساء دون استحباب .

    س 3 ما شروط الاعتكاف ؟
    أولا : شروط المعتكِف :
    1- أن يكون مسلما فلا يصح من كافر .
    2- أن يكون مميزا ، فلا يصح من سكران أو مجنون أو صبي غير مميز ، و لا يجوز تمكين هؤلاء من الاعتكاف ، أما الصبي المميز فيجوز اعتكافه وإن كان يكره سدا لذريعة افتتان البالغين به ، أما إن تحقق وجود الفتنة أو غلبت على الظن حرم ذلك .
    3- أن يكون طاهرا من الحدث الأكبر ، فلا يصح اعتكاف الحائض أو النفساء و لا الجنب ابتداءً ، أما المرأة المستحاضة فيجوز لها الاعتكاف بشرط أن تأمن تلويث المسجد وإلا فلا.
    4- أن يكون ناويا الاعتكاف فالأعمال بالنيات .
    5- استئذان المرأة زوجها للاعتكاف ، ولزوجها إخراجها من اعتكاف التطوع سواء أذن لها أولا أو لم يأذن .
    ثانيا : شروط المعتكَف :
    1- أن يكون مسجدا فلا يصح الاعتكاف في غير المساجد ، سواء للرجال أو للنساء على قول جماهير أهل العلم .
    2- أن يكون مسجدا تقام فيه الجماعة إن كان المعتكف تلزمه الجماعة ، أما من لا تلزمه الجماعة - كالمرأة مثلا والصبي المميز والريض- ، فيجوز له الاعتكاف في المساجد التي لا تقام فيها الجماعة ، أو اعتكف من لزمته الجماعة فترة لا تدركه الجماعة فيها جاز له ذلك كأن اعتكف مثلا من بعد العشاء إلى قبل الفجر ، وإن اعتكف اثنان أو أكثر في مسجد لا تقام فيه الجماعة وأقاموها هم جاز ذلك ، أما المساجد التي تقام فيها الجماعة بشكل منقطع كالمساجد التي في أماكن العمل أو في الجامعات والنوادي فيجوز الاعتكاف فيها في الأوقات التي تقام الجماعة فيها .
    3- يجوز الاعتكاف في مسجد لا تقام فيه الجمعة في قول جماهير أهل العلم ، وإن كان الأفضل الاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة .

    س 4 : ما أقل مدةٍ للاعتكاف ؟
    يصح الاعتكاف ولو ساعة أو لحظة من نهار أو ليل في قول جماهير أهل العلم .

    س 5 : هل يشترط الصيام في الاعتكاف ؟
    في المسألة قولان أظهرهما عدم الاشتراط ، وإن كان الأفضل أن يصوم ، فعلى هذا يجوز للمعتكف الفطر - إن كان في غير رمضان - ، وكذلك يجوز اعتكاف من له عذر في الإفطار في رمضان .

    س 6 : ماذا يفعل من أراد الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ؟
    يدخل المسجد قبل غروب شمس اليوم العشرين من رمضان ويخرج بعد غروب شمس اّخر يوم من رمضان ، وإن بات في المسجد ليلة العيد وخرج إلى المصلى مباشرة كان أفضل لاستحباب كثير من السلف ذلك .

    س 7 : ما مبطلات الاعتكاف ؟


    1- الخروج من المسجد لغير عذر بشرط أن لا يكون ناسيا، ويشترط أن يخرج بجسمه كله ، أما إن أخرج رأسه مثلا ، أو أحد يديه أورجليه أو كلتي رجليه بأن جلس على الأرض داخل المسجد وأخرج رجليه خارجه جاز ذلك ، ويجوز له الصعود إلى سطح المسجد أو مئذنته إن كانت داخل المسجد ، أما إن كانت خارجه فلا يجوز إلا للمؤذن إن احتاج إلى ذلك أما إن لم يحتج إلى ذلك كحال أغلب المساجد اليوم فلا يجوز له ذلك .
    ، وكذلك رحبة المسجد يجوز له الاعتكاف فيها ( وهي ساحة خارجية تابعة للمسجد محاطة بسور سواء كان لها سقف أم لا ، وبالطبع لا يدخل في ذلك شوارعنا في هذه الأيام حتى وإن كانت تفرش فيها الحصر للصلاة وذلك لأنها ليست تابعة للمسجد ) .
    2- السكر .
    3- الردة والردة تكون بالقول كسب الله جل في علاه أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو دينه المطهر أو الفعل كإهانة المصحف أو الاعتقاد كاعتقاد الولد لله .
    4- إنزال المني عمدا سواء كان عن جماع أو لواط أو استمناء أو تقبيل أو لمس ، وسواء كان ذلك داخل المسجد ، أو كان خارجه بأن كان خارجا لعذر مثلا إلى بيته فجامع امرأته ، أما المباشرة دون إنزال فلا يبطل الاعتكاف بها ، لكن تحرم إن كانت بشهوة وتباح إن كانت لإكرام وشفقة ونحو ذلك ، وإن نزل المني بسبب النظر أو التفكير لم يفسد اعتكافه.

    س 8 : ما أعذار الخروج من المسجد للمعتكف ؟
    1- الذهاب إلى قضاء الحاجة من البول والغائط ، إن لم يوجد في المسجد دورات مياه ، أو وجدت وكانت لا تناسب الشخص ، و لا يشترط شدتها حتى يجوز له الخروج .
    2- الذهاب إلى التطهر والتنظف ، إن لم يمكن له فعلها في المسجد ، و لا يجوز له اللبث بالمسجد وهو على جنابة إلا إذا توضأ .
    3- الذهاب لشراء أكل وشرب ، إن لم يجد من يشتري له .
    4- الذهاب إلى صلاة الجمعة إن كانت لا تقام في مسجده الذي اعتكف فيه بشرط أن تكون الجمعة واجبة عليه ، أما المرأة مثلا إن كانت معتكفة في مسجد لا تقام فيه الجمعة فلا يجوز لها الخروج إلى الجمعة ؛ لعدم وجوبها عليها ، ويجوز له أن يبكر في الذهاب إليها .
    5- الخروج للمرض إن كان المرض يشق معه المقام في المسجد ، أو كان مرضا يخشى منه تلويث المسجد كالقيء المتتابع أو الإسهال المتتابع ونحو ذلك ، أما المرض اليسير كالصداع ووجع الضرس ونحوه فلا يجوز له الخروج بسببه .
    6- خروج المرأة إن أصابها الحيض أوالنفاس ، فيجب عليها الخروج ، وكذلك إن مات زوجها لزمتها العدة في بيت زوجها .
    7-الخروج لإنقاذ حريق أو أداء شهادة واجبة أو تعين عليه الجهاد أو تغسيل ميت أو دفنه ونحو ذلك .
    8-إن أخرج بالإكراه ، كأن أخرجه سلطان ظالم ونحوه لم يبطل اعتكافه ، أما إن أخرجه السلطان وكان محقا في إخراجه ، بأن كانت عليه حقوق للاّخرين، فإن اعتكافه يبطل ؛ لأن السلطان محق في إخراجه .
    9- الخروج هربا من ظالم أو حريق أو هدم أو وحش ونحو ذلك .
    * فكل هؤلاء يجوز لهم الخروج ، و لا ينقطع اعتكافهم ، بل يبنون على اعتكافهم ، بل إنهم أثناء خروجهم يعدون في اعتكاف أيضا على قول فريق من أهل العلم .

    س 9 : ماذا يجب على من خرج للمسجد بعذر ؟
    1- عدم اللبث بعد انقضاء حاجته ، إلا إن كان في مسجد اّخر ، فإن خرج مثلا إلى صلاة الجمعة بأن كان معتكفا في مسجد لا تقام فيه الجمعة ولبث في المسجد بعد انتهاء الجمعة ، لم يبطل اعتكافه ؛ لأنه لبث في مسجد اّخر ، بل له أن يحول اعتكافه إلى هذا المسجد ، طالما أن خروجه من الأول كان لعذر ، وإن كان الأفضل عدم فعل ذلك إلا لحاجة ، وإن ذهب مثلا لقضاء حاجته وأثناء عودته وجد مسجدا على الطريق جاز له أن يكمل الاعتكاف فيه ؛ لأنه لا فرق بين المساجد باستثناء المساجد الثلاثة ، أما إن خرج من اعتكافه للذهاب إلى مسجد اّخر بطل اعتكافه.
    2- ليس له أن يذهب إلى زيارة مريض أو اتباع جنازة ، إلا إن كان المريض أو الجنازة على طريقه ولم ينتظرهما.
    3- إذا كان خارجا لقضاء الحاجة ، وكان عنده بيتان ، فلا يجوز له الذهاب إلى البيت الأبعد ، وإذا خرج لشراء طعام وكان هناك محلان لا يجوز له الذهاب للأبعد وهكذا .
    4- إذا ذهب إلى بيته لقضاء الحاجة ، فليس له الجلوس للأكل ، أما إن أكل لقمة أو لقمتين دون جلوس جاز ذلك .
    5- إذا خرج من المسجد لعذر وفعل مبطلا من مبطلات الاعتكاف بطل اعتكافه .

    س 10 ما المقصود بقولنا ( بطل الاعتكاف ) ؟
    المقصود بذلك انقطع التتابع ، أما ما اعتكفه قبل ذلك فصحيح ، وله أن ينوي ويعتكف من جديد .

    س 11 ما المقصود بالاشتراط في الاعتكاف ؟
    أن يشترط عند اعتكافه أنه سوف يخرج مثلا للمبيت في منزله أو سوف يذهب إلى مدرسته وجامعته ونحو ذلك ، أو سيذهب لزيارة مريض ما ، أو إن مات له قريب أو صديق سيتبع جنازته ، أو تشترط المرأة أنها ستخرج لصلاة الجمعة ونحو ذلك ، وله أن يقول إن عرضت لي حاجة - بشرط أن تكون مباحة - خرجت لها ، فيجوز له ذلك ، ويعد خروجه لما اشترطه كخروجه لعذر ( راجع س7 ) ، والفرق بين ما اشترطه وبين أعذار الخروج أن الاشتراط لا يشترط أن يكون في الضرورات بل في حاجاته عموما ، أما الأعذار فهي ضرورات تبيح الخروج سواء اشترطها أم لا ، وإن اشترط محرما كأن يشترط أنه سيخرج للتدخين أو للنظر إلى ما حرم الله فلا يجوز له ذلك ، وإن خرج بطل اعتكافه

    س 12 هل يجب تجديد النية إذا خرج من المسجد ؟
    إذا خرج لعذر أو اشتراط فلا يجب ، أما إن خرج بدون عذر فيجب ؛ لأن التتابع انقطع ، فتلزم النية للاعتكاف الجديد .

    س 13 ما يباح للمعتكف ؟
    1- الأكل في المسجد ، لكن يتجنب أكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل والكراث والفسيخ ونحو ذلك ، وينبغي أن يضع مائدة أو سفرة ( مفارش ) على أرض المسجد صونا لها .
    2- النوم في المسجد والاستلقاء فيه .
    3- أن يتابع تجارته وصناعته وهو في مسجده لكن بشكل خفيف فيكره الإكثار من ذلك لكن إن أكثر لا يبطل الاعتكاف به .
    4- وضع الطيب فلا يكره له ذلك على الراجح ، و لا تتطيب المعتكفة إن كانت رائحة طيبها سيشمها الرجال وإلا جاز لها ، وللمعتكف أن يأخذ من شعره وأظفاره إذا أمن تلويث المسجد ، وإن كان الأولى أن يعد نفسه لذلك قبل بداءة الاعتكاف ، وله أن يرجل ( يسرح ) شعره وينظفه.
    5- أن يتزوج ( أي يعقد نكاحه ) وأن يُزوج ( موليته ) وأن يشهد على نكاح إذا تم ذلك كله داخل المسجد .
    6- أن يتخذ خباء في المسجد إن تيسر ذلك ، بل قد يستحب ذلك ، ويتأكد في حق المرأة ؛ لأنه أستر لها .
    7-أن يتحدث في الأمور المباحة وأن تزوره امرأته وأن يختلي بها في المسجد .
    8-يباح للمعتكف أن يخيط ثوبه إذا احتاج إلى ذلك ، لكن إن كان المعتكف خياطا مثلا ، فلا يجوز له أن يخيط ملابس غيره على وجه التكسب والصنعة .



    س 14 ما يستحب للمعتكف ؟
    1- أن يصون نفسه عن الإكثار من الكلام في فضول المباحات ومن الجدال والمراء، ولا يجوز له كما لا يجوز لغيره الكلام المحرم وفعل المعاصي ، فإن فعل شيئا من ذلك أثم ولم يبطل اعتكافه .
    هذا والله اعلم

  8. #23
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم الثاني والعشرون

    فضل الأيام العشر
    فمنْ فضائل العشر الأوخر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يجتهدُ بالعملِ فيها أكثرَ مِن غيرها، ففي صحيح مسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يجتهدُ في العَشْرِ الأواخِرِ ما لا يجتهدُ في غيره. وفي الصحيحين عنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا دخلَ العَشرُ شَدَّ مِئزره وأحيا ليلَه وأيقظ أهلَه. وفي المسند عنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَخْلِطُ العِشْرين بصلاةٍ ونومٍ فإذا كان العشرُ شمَّر وشدَّ المِئزرَ.
    ففي هذه الأحاديث دليلٌ على فضيلةِ هذه العشرِ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يجتهدُ فيها أكثر مما يجتهدُ في غيرِهِا وهذا شاملٌ للاجتهادِ في جميع أنواع العبادةِ من صلاةٍ وقرآنٍ وذكرٍ وصدقةٍ وغيرِها؛ ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَشدُّ مئزرَه يعْني يعتزلُ نساءَه ليتفَرغَ للصلاةِ والذكرِ، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُحْيي ليلَه بالقيامِ والقراءةِ والذكرِ بقلبه ولسانِه وجوارِحِه لِشَرفِ هذه الليالِي وطلباً لليلةِ الْقَدْرِ التي مَنْ قامها إيمانَاً واحتساباً غَفَرَ اللهُ له ما تقدمَ من ذنبه. وظاهِرُ هذا الحديثِ أنَّه صلى الله عليه وسلّم يُحْيِي الليلَ كلَّه في عبادةِ ربِّه مِنَ الذكرِ والقراءةِ والصلاةِ والاستعدادِ لذلِكَ والسحورِ وغيرها، وبهذا يحْصُلُ الجمْعُ بَيْنَه وبينَ مَا في صحيح مسلمٍ عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما أعْلَمُهُ صلى الله عليه وسلّم قَامَ ليلةً حتى الصباحِ، لأنَّ إحياءَ الليل الثَّابتَ في العشرِ يكونُ بالقيامِ وغيرِه مِنْ أنْواعِ العبادةِ والَّذِي نَفَتْه إحياءُ الليلِ بالقيامِ فَقَطْ. والله أَعلم.
    وممَّا يدُلُّ على فَضيلةِ العشرِ من هذه الأحاديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُوقِظُ أهلَه فيها للصلاةِ والذكرِ حِرْصاً على اغتنام هذه الليالِي المباركةِ بِما هي جديرةٌ به من العبادةِ فإنَّها فرصةُ الْعُمرِ وغنيمةُ لمنْ وفَّقه الله عزَّ وجلَّ، فلا ينبغِي للمؤمن العاقلِ أنْ يُفَوِّت هذه الفرصةَ الثمينةَ على نفسِه وأهلِه فما هي إلاَّ ليَالٍ معدودةٌ ربَّمَا يدركُ الإِنسانُ فيها نفحةً من نَفَحَاتِ المَوْلَى فتكونُ سعادةً له في الدنيا والآخرةِ. وإنه لمِنَ الحرمانِ العظيمِ والخسارةِ الفادحةِ أنْ تَرى كثيراً مِنَ المسلمينَ يُمْضُونَ هذه الأوقاتَ الثمينة فيما لا ينفعُهم، يَسْهَرُونَ مُعْظَمَ الليلِ في اللَّهوِ الباطلِ، فإذا جاء وقتُ القيام نامُوا عنه وفوَّتُوا على أنفسهم خيراً كثيراً لعَلَّهُمْ لا يَدركونَه بعد عامِهم هَذَا أبَداً، وهذا من تلاعُبِ الشيطانِ بِهم ومَكْرهِ بهم وصَدِّهِ إياهُم عن سبيلِ الله وإغْوائِهِ لهم، قال الله تعالى: (إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـنٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) [الحجر: 42]. والعاقلُ لا يتخذُ الشيطانَ ولِيّاً من دَونِ الله مع عِلْمِهِ بَعَدَاوَتِهِ لَهُ فإنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ للعقل والإِيمانِ. قَالَ الله تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّـالِمِينَ بَدَلاً ) [الكهف: 50]، وقال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَـنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـابِ السَّعِيرِ ) [فاطر: 6].
    ومن خصائص هذه العشر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يعْتَكِفُ فيهَا، والاعتكافُ: لُزُومُ المسجِد للتَّفَرُّغِ لطاعةِ الله عزَّ وجلَّ وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنةِ رسولِه صلى الله عليه وسلّم، قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلاَ تُبَـاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) [البقرة: 187]. وقد اعتكفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم واعتَكَفَ أصحابُه معه وبعْدَه، فَعَنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اعتَكَفَ العشرَ الأوَّلَ من رمضانَ ثم اعتكف العشر الأوسْط ثم قال: (إني اعتكِفُ العشرَ الأوَّل الْتَمِسُ هذه الليلةَ، ثم أعْتكِفُ العشرَ الأوسطَ، ثم أُتِيْتُ فقيل لي: إنها في العشرِ الأواخرِ، فمن أحبَّ منكم أنْ يعتكِفَ فَلْيَعْتكفْ) (الحديث) رواه مسلم.
    وفي الصحيحين عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كان النبي صلى الله عليه وسلّم يعتكفُ العشرَ الأواخرِ مِنْ رمضانَ حتى توفاه الله عزَّ وجلَّ. ثم اعتكف أزواجُه مِن بعدِه. وفي صحيح البخاريِّ عنها أيضاً قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يعتكفُ في كلِّ رمضانَ عشرةَ أيامٍ. فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكفَ عشرين يوماً، وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يعتكِف العشرَ الأواخرَ مِن رمضانَ، فلم يعتكفْ عاماً، فلما كان العامُ المقبلُ اعتكفَ عشرينَ، رواه أحمد والترمذي وصححه.
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا أرادَ أن يعتكفَ صلَّى الفجرَ ثم دخل مَعْتَكَفَهُ فاستأذنَته عائشةُ، فإذِنَ لها، فضربتْ لها خِبَاءً، وسألت حفصة عائشةَ أنْ تستأذن لها، ففعلتْ، فضربتْ خِبَاءً، فلما رأتْ ذلك زينبُ أمَرَتْ بخباءٍ فضُرِبَ لها، فلما رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الأخْبِيَة قال: (ما هَذا؟) قالوا: بناءُ عائشةَ وحفصةَ وزينبَ. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: (آلبِرَّ أردْنَ بِهذا؟ انْزعُوها فلا أراها).
    فنزعَتْ وترَك الاعتكاف في رمضانَ حتى اعتكف في العشر الأول من شوَالٍ. مِنْ البخَاريِّ ومسلم في رواياتٍ. وقال الإِمامُ أحمدُ بنُ حنبلَ رحمه الله: لا أعْلَمُ عن أحدٍ من العلماءِ خلافاً أنَّ الاعتكافَ مَسْنونٌ.
    والمقصود بالاعتكاف: انقطاعُ الإِنسانِ عن الناسِ لِيَتَفَرَّغَ لطاعةِ الله في مسجدٍ من مساجِده طلباً لفضْلِهِ وثوابِهِ وإدراكِ ليلة القَدْرِ، ولذلك ينْبغِي للمعتكفِ أنْ يشتغلَ بالذكرِ والقراءةِ والصلاةِ والعبادةِ، وأن يتَجنَّب ما لا يَعْنِيه من حديثِ الدنيَا ولا بأسَ أنْ يتحدثَ قليلاً بحديثٍ مباحٍ مع أهْلِه أو غيرهم لمصلحةٍ، لحديث صَفِيَّةَ أمِّ المؤمنينَ رضي الله عنها قالتْ: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم معتكفاً فأتَيْتُه أزورُه ليلاً فحدثتُه ثم قمتُ لأنْقَلِبَ (أي لأنصرفَ إلى بيتي) فقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم معِي» (الحديث) متفق عليه.
    ويحرُمُ على المعتكفِ الجِماعُ ومُقَدَّمَاتُه من التقبيلِ واللَّمسِ لشهوةٍ لقولِه تعالى: (وَلاَ تُبَـاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَـاجِدِ ) وأمَّا خُروجُه من المسجدِ فإنْ كان بِبَعْض بدنِه فلا بأسَ به لحديث عائشة رضي الله عنها قالتْ: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُخرجُ رأسَه مِنَ المسجِدِ وهو معتكفٌ فأغسله وأنا حائض»، رواه البخاري. وفي رواية: «كانت تَرجّل رأس النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وهي حائضٌ وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه»، وإن كان خروجه بجميع بدنه فهو ثلاثة أقسام:
    الأوَّلُ: الخروجُ لأمرٍ لا بُدَّ منه طبعاً أوْ شرعاً كقضاءِ حاجةِ البولِ والغائِط والوضوءِ الواجبِ والغُسْلِ الواجِب لجنابَةٍ أوْ غيرها والأكلِ والشربِ فهذا جائزٌ إذا لم يُمْكنْ فعْلُهُ في المسجدِ فإنْ أمكنَ فِعُلُه في المسجدِ فلاَ.
    مثلُ أنْ يكونَ في المسجدِ حَمَّامٌ يمكنُه أنْ يقضيَ حاجتَه فيه وأن يغتسلَ فيه، أوْ يَكونَ له من يأتِيْهِ بالأكِل والشربِ فلا يخرجُ حينئذٍ لعدمِ الحاجة إليه.
    الثاني: الخروج لأمْر طاعةِ لا تجبُ عليهِ كعيادةِ مريضٍ وشهودِ جنازةٍ ونحو ذلك فلايفعله إلاَّ أنْ يشترطَ ذلك في ابتداءِ اعتكافِه مثل أن يكون عنده مريض يحب أن يعودَه أو يخشى من موته فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجَه لِذَلِكَ فلا بأْسَ به.
    الثالث: الخروجُ لأمْرٍ ينافي الاعتكافَ كالخروج للبيعِ والشراءِ وجماعِ أهْلِهِ ومباشرتِهم ونحو ذلك، فلا يفعله لا بشرطٍ ولا بغيرِ شرطٍ، لأنه يناقضُ الاعتكافَ وينافي المقصودَ منه.
    ومن خصائِص هذه العشر أنَّ فيها ليلةَ الْقَدْرِ التي هي خيرٌ من ألفِ شهرٍ فاعْرفوا رحمكم الله لهذه العشر فَضْلَها ولا تضيِّعُوها، فوَقْتُها ثمينٌ وخيرُها ظاهِرٌ مبينٌ.
    اللَّهُمَّ ارزقنا ليله القدر

  9. #24
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم الثالث عشر


    الاستغفار



    جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه سمعت رسول الله يقول :
    "قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك
    ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك
    يا ابن آدم انك لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا
    لآتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي وقال حديث حسن

    ألأستغفار يغفر الكبائر


    قال تعالى : {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلمو أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}
    قال الإمام السعدي رحمه الله أي صدر منهم أعمال سيئة كبيرة أو ما دون ذلك بادروا إلى الله بالتوبة والاستغفار وذكروا ربهم وما توعد به العاصين ووعد به المتقين فسألوه المغفرة لذنوبهم والستر لعيوبهم مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها
    عن عاصم بن رجاء بن حيوة قال : كان عمر بن عبد العزيز يخطب فيقول : أيها الناس من الم بذنب فليستغفر الله وليتب فإن عاد فليستغفر الله وليتب فإن عاد فليستغفر الله وليتب فإنما هي خطايا محرقة في أعناق الرجال وإن الهلاك كل الهلاك في الإصرار عليها

    أخي الحيبيب
    تريد الرزق عليك با الأستغفار تريد الولد عليك با الأستغفار واذا كنت تريد المال عليك باالأستغفار قال الله تعالى : "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا"
    ففي الآية يقول القرطبي رحمه الله: دليل على أن الاستغفار ينزل به الرزق والأمطار
    ويقول الحافظ بن كثير رحمه الله في تفسيره : أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء وأخرج لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع وأدر لكم الضرع فجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها
    وكذلك يمددكم بالمال فيرزقكم المال من حيث لا تحتسبو وكم من فقير أغناه الله بين عشية وضحاها وكذلك هذه رسالة لكل من منع الولد أن يعلم أن الولد من الله فيطلب منه بالاستغفار فإن أعظم وأنجح وأفضل علاج هو الاستغفار مع حسن الظن بالله وقوة التوكل عليه فإذا رزقت الولد فلا تترك الاستغفار


    يامن لاتنام من الدين


    عن معتمر بن سليمان قال : كان على أبي دين فكان يستغفر الله تعالى
    فقيل له :سل الله يقضي عنك الدين قال : إذا غفر لي قضى عني الدين .

    يامن تشتاق الي دخول الجنة


    قال النبي صلى الله عليه وسلم " سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهد ووعدك ما استعطت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها في النهار "موقنا بها" فمات من يومه قبل أن يمسي دخل الجنة ومن قالها من الليل موقنا بها دخل الجنه
    استغفار النبي صلى الله عليه وسلم


    أمر الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام بالاستغفار فقال : {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}
    وقال سبحانه وتعالى : {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم}
    عن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه أن رسول الله قال : "إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة" رواه مسلم
    ومعنى ليغان على قلبي قال القاضي عياض: المراد بذلك فترات الفتور عن الذكر الذي من شانه المداومة عليه فإذا فتر عنه لأمر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر الله منه عليه الصلاة والسلام. اهـ
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : "والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" رواه البخاري
    وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : "إن كنا لنعد لرسول الله في المجلس الواحد مائة مرة "رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح
    وعن ثوبان رضي الله عنه قال : كان رسول الله إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا رواه مسلم
    وكان إذا انصرف من مجلسه قال : "سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد
    وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت اعلم به مني اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت اعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شي قدير"
    متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه واللفظ لمسلم

    من ألفاظ وصيغ الاستغفار


    هل تعرف سيد الاستغفار
    "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت
    أعوذ بك من شر ما صنعتك وأبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي
    فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" رواه مسلم
    وقفة مع سيد الاستغفار

    عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي قال : "سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها في أول النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة" رواه البخاري

    من أقوال السلف في الاستغفار

    قالت عائشة رضي الله عنها : طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا
    قال لقمان لابنه : يا بني إن لله ساعات لا يرد فيها سائلا فأكثر من الاستغفار
    قال علي رضي الله عنه : العجب ممن يهلك ومعه النجاة قيل: وما هي ؟ قال : الاستغفار
    وقال علي رضي الله عنه أيضا : ما الهم الله سبحانه وتعالى عبدا الاستغفار وهو يريد أن يعذبه
    وقال أحد الصالحين : العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الحمد والاستغفار
    قال بكر بن عبد الله المزني : أنتم تكثرون من الذنوب فأكثروا من الاستغفار فإن الرجل إذا وجد في صحيفته بين كل سطرين استغفارا سره مكان ذلك
    قال عبد الله بن أبي زكريا : ما من أمة يكون فيهم خمسة عشر رجلا يستغفرون الله في كل يوم خمسا وعشرين مرة فتعذب تلك الأمة واقرؤوا إن شئتم "فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين"
    وسئل سهل عن الاستغفار الذي يكفر الذنوب فقال : "أول الاستغفار الاستجابة ثم الإنابة ثم التوبة فالاستجابة أعمال الجوارح والإنابة أعمال القلوب والتوبة إقبال على مولاه بأن يترك الذنب ثم يستغفر الله من تقصيره الذي فيه" التوبة للغزالي
    قال ابن الجوزي : إن إبليس قال أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار وبـ "لا إله إلا الله" فلما رأيت منهم ذلك ثبت فيهم الأهواء يذنبون ولا يستغفرون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
    وكان أعرابي يقول : من أراد أن يجاورنا في أرضنا فليكثر من الاستغفار فإن الاستغفار القطار القطار : السحاب العظيم القطر
    قال ابن تيمية رحمه الله : إنه ليقف خاطري في المسألة التي تشكل علي فاستغفر الله ألف مرة حتى ينشرح في الصدر وينحل إشكال ما أشكل وقد أكون في السوق أو المسجد أو المدرسة لا يمنعني ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي

    هل تريد دفع العقوبة والعذاب قبل وقوعهما؟

    قال الحسن البصري رحمه الله : يا ابن آدم تركك الذنب أهون من طلبك التوبة
    ومن ثمرات الاستغفار أن الله عز وجل جعله سببا في رفع العذاب ودفع العقوبة
    قال الله تعالى : {وما كان الله معذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}
    قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : كان لنا أمانان من العذاب ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا وبقي الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا فالاستغفار أمان من الله لعباده

    الأستغفار سبب لتطهير قلبك؟

    عن أبي هريرة رضي الله قال : قال رسول الله : "إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها فإن زاد زادت حتى تغلق قلبه فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل في كتابه {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}
    الأستغفار سبب لتفريج الهموم والكروب


    قال رسول الله : "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أحمد في المسند واللفظ له وابن ماجه والحاكم في المستدرك وصحح إسناده وصححه الشيخ أحمد شاكر
    وصلي اللهم علي النبي محمد وعلي آله وصحبه وسلم

  10. #25
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم الرابع والعشرون

    أنها ليله القدر
    بسم الله الرحمن الرحيم



    الحمد لله رب العالمين، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضاً، الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة ، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين .. أما بعد

    لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين:

    قال تعالى في سورة القدر: {إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر

    وقال تعالى في سورة الدخان: {إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم}

    سبب تسميتها بليلة القدر

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

    أولاً: سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف.

    ثانياً: أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه.

    ثالثاً: وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)

    علامات ليلة القدر

    ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة.

    العلامات المقارنة:

    قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار.

    الطمأنينة، أي طمأنينة القلب وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي.

    أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل بكون الجو مناسباً.
    أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم.

    أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.

    العلامات اللاحقة:

    أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها» (رواه مسلم)

    فضائل ليلة القدر

    أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.

    أنها ليلة مباركة، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}.

    يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}.

    فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر}.

    تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر}.

    ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان[ ] فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها، قال تعالى: {سلام هي حتى مطلع الفجر}.

    فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  11. #26
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم الخامس والعشرون
    الحرب علي الاسلام

    لايزال الحرب والكيد بالمسلمينَ تتتابع ، ومكر المتربصينَ يتسارعُ ، وقوى الحق والباطلِ تتصارع: قال تعالي﴿ وكذلك جعلنا لكلِّ نبيٍّ عدوَّاً من المجرمينَ وكفى بربكَ هادِياً ونصيراً ﴾ ، ﴿ وكذلك جعلنا لكلِّ نبيٍّ عدوَّاً شياطينَ الإنسِ والجنِّ يوحِي بعضُهم إلى بعضٍ زُخْرفَ القولِ غروراً ولو شاءَ ربُّكَ ما فعلوهُ فَذَرهُم وما يفترون ﴾.
    وتأتي احدث غزه وما فيها من الفواجع والزوابع لتظهرَ دخيلةَ أهل النفاق والشقاق وسوءَ طَوِيَّتهم ، وتكشف رداءَ المداورة ، وتمزق ثوب المراوغة ، وظهور اهل النفاق علي حقتتهم وما امر الاعلام والاعلامين منا ببعيد قال الله تعالي ﴿ أم حسبَ الذينَ في قلوبهم مرضٌ أن لن يخرج اللهُ أضغانهم :ولو نشاءُ لأريناكهم فلتعرفنهم في لحنِ القولِ واللهُ يعلمُ أعمالكم ﴾.
    ويأتي هذا الهجوم المعلن والعداء المبطن على المجاهدين بل علي أهل الإسلامِ وعلمائهِ وأهلهِ وأسسه وثوابته ومناهجه وبلادهِ ، من ذوي الفكرِ المقبوحِ والتوجُّهِ المفضوحِ ، ليؤكدَ بجلاءٍ أنَّ من بين صفوفِ الأمَّةِ أدعياءاً أخفياءاً كاذبينَ في الولاءِ والانتماءِ ، سلكواْ مسالكَ عدائيَّةَ ، وطرحواْ في تضاعيف الصحفِ أفكاراً علمانيةً لا دينيةً ، شمخ كلُّ واحدٍ منهم بأنفٍ من الجهلِ طويلٍ ، واحتسى من قيحِ الخبث وقبيح الأباطيل ، ونطقَ بالزورِ وافترى الأقاويل – عقائد وأفكار ضالَّة مضَلِّلَة – ، قومٌ بُهتٌ دنَّسُواْ الشاشات بعقائد الشكِّ والجحودِ والوسواسِ. كلمات شوهاء وكلمات عرجاء وحماقات خرقاء ، تبت يدا من خطَّها وتبَّ ، ما أقبح فعله وما كسب.
    ألسنة شأنها الإفك والخلط ، وقلوب أفسدها سوء العملِ ، يريدونها فتنةً عمياءَ ، ويبغونها حياةً عوجاءَ. نقدٌ بلا علمٍ ، وحوارٌ بلا حلْمٍ ، ومعالجةٌ بلا فهمٍ. غثٌ فارغٌ ، واستخفافٌ ماكرٌ. أسافلٌ قد علتْ؛ لم تعل من كرمٍ ، وأقزامٌ تطاولت ، افوه مأجورةٌ تهافتت على الزورِ وتعاهدت. علي محاربه الأسلام
    فكانَ حقاً على كلِّ مسلمٍ أن يكشفَ ضلالهم ويدفع باطلهم.
    شراذمٌ قاصِرونَ ، وشذاذٌ أفّاكونَ ، جاؤواْ ببضاعةٍ غربيةٍ حتي قال قائل منهم اليهود رجال لانهم يقتلون شعب مسلم اعازل في شهر رمضان وبيوت تهدم علي رأسهم
    ما سمعنا هذا الكلام من عاقل علي وجه الأرض ولا غربه في ذلك فأن هوﻷء ، يعشقون أهل الفجورِ واهل الكفر والضلال
    أنها هجمةٌ على الاسلام والملسمين
    نقول لهولاء أين عقيدة الولاء والبراء التي هي أوثق عُرى الإيمان ، فعن ابن عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأبي ذرِّ: { « أي الإيمان أوثق؟ » ، قال: اللهُ ورسوله أعلمُ ، قال: « أوثق عرى الإيمان؛ الموالاة في اللهِ ، والمعاداة في اللهِ ، والحب في اللهِ ، والبغض في اللهِ » }. أخرجه الطبراني وله شواهد يقوى بها.
    فلماذا يحاربون الولاءَ والبراءَ؟ ، ولمن يريدون أن يكون البراءُ والولاءُ؟ ، نوالي من؟ ونعادي من؟!، نحب من؟ ونبغض من؟!.
    إنهم يحاربون الولاء والبراء ليُوقعونا في ولاءٍ وبراءٍ؛ ولاء لمن يحبونَ ، وبراء مما يكرهون. فلا ولاء حينئذٍ لما يحب اللهُ ورسولهُ ، ولا براء مما يبغضه اللهُ ورسولهُ. يريدون أن نبرأَ من عقيدتِنا وأخلاقِنا وقيمِنا وتاريخِنا وأمجادِنا ، لنواليَ عقيدةَ الكفرِ والجحودِ وأخلاقها وقيمها وحياتها.
    يلمزون الذين يدفعون عن عرضهم يسخرون منهم ويستهزئون بهم ويحاربون كل من يحمل سنه النبي محمد صلي الله وعليه وسلم ، ورجال العلم والصلاح ، يقول أبو بكرٍ بن عياش: إنَّ اللهَ بعثَ محمداً إلى أهل الأرض ، وهم في فسادٍ فأصلحهم اللهُ بمحمدٍ ، فمن دعا إلى خلافِ ما جاءَ بهِ محمدٌ كان من المفسدين في الأرضِ.
    : من رامَ هدىً في غيرِ الإسلامِ ضلَّ ، ومن رامَ إصلاحاً بغيرِ الإسلامِ ذلَّ ، ومن رامَ عزَّاً في غيرِ الإسلامِ ذلَّ ، ومن أرادَ أمناً بدون التوحيد ضاع أمنه واختل؛ نحنُ قومٌ أعزَّنا اللهُ بالإسلامِ ، فمتى ابتغينا العزَّةَ في غيرهِ أذلَّنا اللهُ.
    ولكن والله: لن يكونَ للباطلِ نماءٌ ، ولا لأهلِ الزيغِ بقاءٌ؛ ما دمنا للحق دعاة ، وللعالم هداة ، وللخير بناة. ومتى كنا آمرين بالمعروفِ صدقاً ، ناهينَ عن المنكر حقاً؛ فإنَّ الباطل إلى الاندثار ، وأهله إلى انحدار ، والحق إلى ظهورٍ وانتشارٍ: ﴿ واللهُ غالبٌ على أمرهِ ولكنَّ أكثرَ الناس لا يعلمون ﴾.
    أيها المسلمون: الثبات الثبات أمام ملتطم العاديات ومستنقع المتغيرات ، يقول رسول الهدى صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: { « إنَّ من ورائكم أيام الصبر ، الصبرُ فيها مثل قبضٍ على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله » ، قيل يا رسول اللهِ: أجر خمسين منهم؟ « قال: أجر خمسين منكم » }. أخرجه أبو داوود وابن ماجة.
    فاستمسكواْ بدينكم ، وعضواْ عليه بنواجذكم ، وانقادواْ لحكمهِ ، واخضعواْ لإرشادهِ ، تسلَمواْ من الفتنِ وتنجواْ من المِحن ، وتعيشواْ سعداء ، وتموتواْ لدينكم أوفياء.
    أيها المسلمون: في زمنِ القحطِ والجفاف والفرقة والخلاف وانتشار الفساد والانحراف؛ يبحث المسلم عن ما يكون له أنساً عندَ الوحشة ، وجلاءاً عند الشبهةِ ، وضياءاً عند الظلمةِ ، ومورداً عند اللهفة. وليس غير الكتابِ والسنَّةِ بفهمِ سلف الأمَّةِ حصناً من المخاطرِ ، وحرزاً من المعاثرِ.
    فاستمسكواْ بهما ، واعتصمواْ بما فيهما ، فعن زيد بن أرقم رضيَ اللهُ عنه قال: قال رسول اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: { كتابُ اللهِ هو حبلُ اللهِ؛ من اتبعه كانَ على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة }. نسأل الله أن يعجل بهؤلاء المجرمين الخبثاءوأن يطهر منهم البلاد أنه علي كل شئ قدر

  12. #27
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم السادس والعشرونـ

    رَمَضَانُ شَهْرُ التَّقْوَى


    إن الله تبارك وتعالى الرحمن الرحيم أوصى عباده بتقواه التي بها يحصِّلون السعادة في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وينالون رضاه والفوز بدار كرامته والسلامة من ناره وعذابه ، وهي وصيته سبحانه للأولين والآخرين من خلقه قال تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ }، وقد شرع سبحانه لعباده صيام شهر رمضان المبارك لتحقيق تقواه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يعني بالصوم لأن الصوم وصلة إلى التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات ، فما شُرع صيام هذا الشهر الكريم إلا لتحقيق التقوى ؛ بل إنه من أكثر ما يعين على تحقيقها ، قال ابن القيم رحمه الله : (( وللصوم تأثيرٌ عجيب فى حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحِميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها ، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها ؛ فالصومُ يحفظ على القلب والجوارح صحتها ، ويُعيد إليها ما استلبته منها أيدى الشهوات، فهو من أكبر العونِ على التقوى كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .
    وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره لقوله{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }: (( فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه ، فمما اشتمل عليه من التقوى:
    *أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها التي تميل إليها نفسه ؛ متقرباً بذلك إلى الله راجياً بتركها ثوابه ، فهذا من التقوى.
    *ومنها: أن الصائم يدرِّب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه.
    * ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فبالصيام يضعف نفوذه ، وتقل منه المعاصي.
    * ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته ، والطاعات من خصال التقوى.
    * ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساةَ الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى)
    وتقوى الله هي طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ومعنى التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافُهُ وقايةً، وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه ، وذلك لا يكون إلا بفعل طاعته واجتناب معصيته .
    والله عز وجل تارةً يأمر بتقواه فهو الذي يُخشى ويُرجى وكل خيرٍ يحصل للعباد فهو منه سبحانه ، وتارةً يأمر باتقاء النار التي هي مآل من خالف تقواه واتبع هواه كما قال تعالى :{ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } ، وكقوله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } وتارةً يأمر باتقاء يوم القيامة يوم الحساب والجزاء والسعادة أو الشقاء ؛ اليوم الذي ينال فيه المتقون ثوابهم والمجرمون المخالفون للتقوى عذابهم وعقابهم كما قال تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } .
    وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بتقوى الله وإذا أرسل سرِيَّةً يوصي أميرها في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه خيراً ، ولما خطب يوم النحر في حجة الوداع أوصى الناس بتقوى الله لحاجة الناس إلى هذه الوصية ولعظيم أهميتها وفائدتها .
    ولقد اعتنى السلف الصالح بتحقيق التقوى في نفوسهم وتوضيح معناها ومبناها ولم يزالوا يتواصون بها ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : " الْمُتَّقَونَ : الَّذِينَ يَحْذَرُونَ مِنَ اللهِ عُقُوبَتَهُ فِي تَرْكِ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْهُدَى ، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ فِي التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ " . وقال الحسن البصري رحمه الله : " الْمُتَّقُونَ اتَّقَوْا مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ ، وَأَدَّوْا مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِمْ " . وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " لَيْسَ تَقْوَى اللهِ بِصِيَامِ النَّهَارِ وَلاَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّخْلِيطِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ تَقْوَى اللهِ: تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللهُ ، وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ الله " . وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى{ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ قال : " أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ " ، وقال طلق بن حبيب: " التَّقْوَى أَنْ تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَرْجُو ثَوَابَ اللهِ ، وَأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَخَافُ عِقَابَ الله "، ولما قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اتق الله، أجابه عمر بقوله: " لَا خَيْرَ فِيكُمْ إِنْ لَمْ تَقُولُوهَا، وَلَا خَيْرَ فِينَا إِذَا لَمْ نَقْبَلْهَا " .
    والتقوى محلها القلب ، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، يقول ابن رجب رحمه الله : " وإذا كان أصلُ التَّقوى في القُلوب ، فلا يطَّلعُ أحدٌ على حقيقتها إلا الله عز وجل ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)) -أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي رواية ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ)) - وحينئذٍ فقد يكون كثيرٌ ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراباً من التقوى ، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبُه مملوءاً من التقوى، فيكون أكرم عند الله عز وجل ، بل ذلك هو الأكثر وقوعاً "
    وللتقوى عوائد عديدة وثمار كثيرة يجنيها المتقون في الدنيا والآخرة فمن ثمراتها في الدنيا:
    - حصول العلم النافع قال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } [، وقال سبحانه: { إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا }
    - الخروج من المحن ، وحصول الرزق الطيب للعبد من حيث لا يحتسب قال تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }
    - أنهم ينالوا محبة الله ، ومعيَّته ، ومغفرته ؛ وبذلك يتحقق لهم الفوز والفلاح ، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } وقال سبحانه: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } ، وقال عز وجل: { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وقال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
    وأما ثمرات التقوى في الآخرة فهي كثيرة وعديدة منها :
    - الفوز بجنات النعيم ، وحصول الرفعة لهم والعاقبة الحميدة ، قال تعالى: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } [القلم:34] ، وقال سبحانه: { وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } ، وقال سبحانه: { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

  13. #28
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم السابع والعشرون


    التفاؤل
    الحمد لله وكفي والصلاه والسلام علي الذي اصطفي وعلي آله وأصحابه وسلم

    تخيم على المسلمين هذه الأيام أجواء غاية في الكآبة والحزن، تبعث على كثير من اليأس والقنوط، فالمسلمون ما بين شهيد ومصاب ومعتقل في كثير من بلدان الأرض، أموالهم منهوبة، وإرادتهم مسلوبة، وعرضهم منتهك، إلا أن المسلم الحق لا ييأس ولا يقنط من رحمة الله عز وجل، فهو يوقن بأن ما يقع في الأرض الله لم يقع إلا بقدره، ووفق إرادته، وهو خير في جانب من جوانبه، فيتفاءل بموعود الله، ويسعى لتحقيق النصر ودفع الظلم وإزالة الباطل..

    وبعد أن اتضحت المعالم، وتواطأ الكل مع الظالم، وتغلبت لغة المصالح، وغض الطرف عن المذابح، بعد أن أصبح القتل مباحًا والعرض مستباحًا، بعد أن سكت الجميع عما يحدث في غزه والكل اصبح يتفرج علي المذابح والدماء
    وبعد أن مدت الروافض لنصرة الكفرة والروافض، بعد أن أسلمت الشام للقتلة واللئام، بعد أن أصبح ملء السمع والبصر سب أبي بكر وعمر، بعد أن أصبح الحوار يترجم بلغة المدافع وينصر الظالم ويلام المدافع..

    بعد أن أصبح الدين إرهابًا، والانحراف صوابًا، والصمت جوابًا، بعد هذا كله نرفع رؤوسنا ونمد أبصارنا إلى خيط الأمل المنسل من بين ثنايا الظلام، ونلقي بأسماعنا إلى نداء شفّاف فيه ما فيه من الانعطاف والألطاف..
    نداء يمد حبال الأمل منتشلاً قاصديه من براثين اليأس والأمل (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)

    فما أحوجنا إلى الأمل في دنيا البغي، لذلكم نكتب اليوم هذه الكلمات التي هي عصارة قلب تسيل من قلمه الدمعات؛ لتبتسم على الورق الكلمات، وما أجمل أن تكون الكلمات عصارة قلب، فكل إنتاج لم تذب فيه حشاشة النفس إنما هو ضرب من العبث.

    نكتب هذه الكلمات ليعقل ساذج، ويتململ راقد، ويتنافس قاعد، ويتأنى متهور، ويفرح هامد يائس بائس، لتغمر القلب برودة السكينة بوعد الله بعد حرارة القلق ولذعة الحيرة ومرارة اليأس والقنوط، نثبّت أفئدة المؤمنين بتجلية حقيقة هذا الدين العظيم، وشرف الانتساب إليه.
    ولا شيء في هذه الحياة يعدل ذلك الفرح الروحي الشفاف عندما نستطيع أن ندخل الثقة، ونبث الأمل في نفوس المسلمين، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أحق الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة».

    من يقيننا بوعد الله ينبثق الفجر وينداح، نعيش لنرقب هذا الفجر الوضيء والأفق العالي والمثال السامي، عندما نعيش مع هذا الفجر ولهذا الفجر عندما نعيش من أجل مجد الإسلام فإننا نعيش حياة مضاعفة بقدر ما يتضاعف إحساسنا بالمسلمين.

    فالتفاؤل يقوي العزائم، ويبعث على الجد، ويعين على الظفر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير، وكان يعجبه الاسم الحسن» رواه الإمام أحمد.
    وهذه القرائن لغة قائمة بذاتها، ولا يفهمها إلا أهلها الذين يرزقهم الله إياها، وقاموسها ضخم ونحوها فيه رفع ونصب، ولا مكان فيه للخفض والكسر والمبتلى بالموازين المادية هو عن هذا الذوق معزل.

    إذًا فإن التفاؤل في ظل الأزمة وفي قلب الغمة هو من الإيمان، وهو من التوكل علي الله عزوجل

  14. #29
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم الثامن والعشرون
    زكاة الفطر
    حكمها : زكاة الفطر فريضة على كل مسلم ؛ الكبير والصغير ، والذكر و الأنثى ، و الحر والعبد ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ؛ على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين . و أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " أخرجه البخاري .

    • فتجب على المسلم إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته ، فيخرجها عن نفسه ، وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين كالزوجة والولد. و الأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا ؛ لأنهم هم المخاطبون بها . أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه ؛ لعدم الدليل . وما روي عن عثمان رضي الله عنه ، وأنه " كان يعطي صدقة الفطر عن الحَبَل " فإسناده ضعيف . ( انظر الإرواء 3/330 ) .

    • حكم إخراج قيمتها :اختلف العلماء في ذلك اختلف كببرا منهم وقال تجزء ومنهم من قال لا يجزئ إخراج قيمتها ، وهو قول أكثر العلماء ؛ لأن الأصل في العبادات هو التوقيف ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه مسلم .

    • حكمة زكاة الفطر : ما جاء في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين . من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " أخرجه أبوداود وابن ماجة بسند حسن .

    • جنس الواجب فيها : طعام الآدميين ؛ من تمر أو بُر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم . قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : " كنا نخرج يوم الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب و الأقط والتمر " أخرجه البخاري .

    • وقت إخراجها : قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون ؛ فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في صدقة التطوع : " و كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " أخرجه البخاري ، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال : " فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين ".
    و آخر وقت إخراجها صلاة العيد ، كما سبق في حديث ابن عمر ، وابن عباس رضي الله عنهم .

    • مقدارها : صاع عن كل مسلم لحديث ابن عمر السابق .
    والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال ، بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة " أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح . والصاع من المكيال ، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .



    • المستحقون لزكاة الفطر : هم الفقراء والمساكين من المسلمين ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق : " .. وطعمة للمساكين " .

    • تنبيه : من الخطأ دفعها لغير الفقراء و المساكين ، كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم و إن كانوا لا يستحقونها ، أو دفعها لأسر معينة كل سنة دون نظر في حال تلك الأسر ؛ هل هي من أهل الزكاة أو لا ؟ .

    • مكان دفعها تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه ، و يجوز نقلها إلى بلد آخر عند الحاجة على القول الراجح ؛ لأن الأصل هو الجواز ، و لم يثبت دليل صريح في تحريم نقلها .

    والله تعالي اعلم

  15. #30
    الصورة الرمزية المجاهد
    تاريخ التسجيل : May 2008
    رقم العضوية : 36830

    رد: وجاء شهر الخير




    اليوم التاسع والعشرون

    ساعات قليلة وينقضي شهر رمضان، ساعات قليلة ويحزم رمضان حقائبه ويلملم أغراضه ثم يولينا ظهره مودعًا، فيا ليت شعري هل يعود رمضان في العام القابل فيجد بعضنا على ظهر الأرض أم باطنها، ويا ليت شعري من الفائز منا في صولاته وجولاته فنهنئه، ومن الخاسر فنقيم له مراسم العزاء!!

    ساعات قليلة وتغيب عنا شمس خير الشهور.. بما فيها من طاعة وبهجة وفرحة بلذة القرب من الله تعالى، والانضمام إلى خير ثلة على وجه الأرض، ثلة العابدين الطائعين الفائزين في الدنيا والآخرة.. ساعات قليلة وينسى بعضنا الصيام والقيام، ويعود بعضنا للتفريط في الصلوات وتلاوة القرآن.. ساعات قليلة ونستقبل دنيانا من جديد، بتعبها وكدرها، وتنافسها والتكالب على شهواتها وملذاتها، ساعات قليلة ويذهب رمضان الذي ربما لا يعود مرة أخرى على الكثيرين منا.

    مضى شهر بأكمله وكأنه ساعة من نهار، أو هنيهة من ليل المحبين، وهكذا الأيام الجميلة تمضي سريعًا كما أنها تأتي سريعًا، مضى بآثاره الزكية في قلوب الطائعين، وتطهيره لنفوس الصائمين القائمين، وقد فاز فيه من فاز، وخسر فيه من خسر، إلا أنه لا تزال هناك فرصة لمن فاته القطار، فلا يزال في العربة الأخيرة متسع، صحيح قد يصل بها المسافر متأخرًا، أو متعبًا مرهقًا من زحام المفرطين إلا أن لديه فرصة للوصول، فالأعمال بالخواتيم، ولا يزال الختام متاحًا، فإن أحدث العبد توبة لمولاه في آخر الشهر، واجتهد في بقية ساعاته وأيامه، فصام وقام وأنفق واتقى، فلربما يختم له بخير، ولربما أدرك مقام الصائم القائم بشيء وقر في صدره من الخشية والتوبة والندم والإنابة.

    إنها فرصة للمقصرين، ودعوة لكل من لعبت به نفسه خلال الشهر فنسي أو تناسى واجب الوقت، وأعرض أو أعرضت به نفسه عن الإقبال على ربه في هذا الشهر العظيم، ونأى بجانبه عما يلين قلبه ويعلي روحه ويهذب نفسه، دعوة لاستدراك ما فات، دعوة إليه أن هلمّ إلينا، أقبل علينا، اصرف بصرك عن الملهيات والشواغل وركز نظرك على الغاية التي من أجلها خلقت، والتي من أجلها شرع الله لك هذا الشهر وصيامه وقيامه، دعوة إليه أن استغل ما بقي من الشهر في تنظيف روحك مما علق بها خلال أول الشهر لتفوز في آخره، دعوة إلى الإقبال على الله تعالى لتجد أثر ذلك عنده، فإنه لا يعرض عمن أتاه ولا من طلبه، ففإننا نهنئ إخواننا اواخوتنا في هذا المنتدي المبارك وجميع المسلمين في العالم الإسلامي بحلول عيد الفطر المبارك، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا شهر رمضان وعباداته،

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. وجاء رجب
    بواسطة المجاهد في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 18-05-2014, 09:29 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط