بسم الله والحمدالله والصلاة والسلام علي رسول الله



من النعيم الذي وعد الله أهل الجنة ..الأنس و البهجة و السرور الذي يجده المؤمنون و المؤمنات مع أزواجهم هناك ..
فالرجال لهم زوجاتهم من نساء الدنيا و من نساء الجنة ,والنساء لهنّ هؤلاء من صفات الطهر والجمال
وأما نساء الدنيا من أهل الجنة فإنهنّ يجدن هذا التنعّم أيضا ً في الجنة

فالمؤمنة إذا دخلت الجنة وكانت ذات زوج ,وكان زوجها مؤمنا ً,فإنها تكون زوجته في الجنة أيضا,وكذلك المؤمن إذا دخل الجنة وكانت زوجته مؤمنة فهي زوجته في الجنة ..
قال الله تعالى (( جنّاتُ عَدنٍ يَدخُلُونَهَا وَ من صَلَحَ من آبَاءِهِم وَ أزواجِهِم وذُرِّيَاتِهِم )) وقال سبحانه ((ادخلوا الجَنَّةَ أنتُم و أزوَاجُكُم تُحبَرُون)) وعطف أزواجهم عليهم في الإذن بدخول الجنة وهذا من تمام نعمة التمتع بالخُلّة التي كانت بينهم وبين أزواجهم في الدنيا .





فإني هنا اُطمئن أخواتنا المؤمنات وابشّرهنَ بأن كل صفة كريمة ومنقبة حميدة لحور الجنة ,فإن الله يهبها مثلها ,وللمؤمنة من أهل الدنيا مزيّة التكليف والإيمان ,فلها بذلك الأفضلية..
وقد أمر الله نبيه محمدا ًعليه الصلاة والسلام أن يبشّر المؤمنين فقال (( وبَشّرِ الّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحات أنَّ لَهُم جَنَّاتٍ تَجرِي من تَحتِهَا الأنهار كلما رُزِقُوا منهَا من ثَمَرَةٍ رزقا قالُوا هَذا الذي رُزِقنا من قبل وأوتُوا بِه مُتَشَابها ولهم فيها أزوَاجَا ًمُطَهّرة وَ هُم فِيهَا خَالِدُون )) .


قال العلامة ابن القيم : فتأمل جلالة المبشّر و منزلته و صدقه ,وعظمة من أرسله إليك بهذه البشارة ,وقدّر ما بشّرك به وضمنه لك على أسهل شيء عليك و أيسره , و جمع سبحانه في هذه البشارة بين
نعيم البدن بالجنات و ما فيها من الأنهار و الثمار
,و نعيم النفس بالأزواج المطهرة،
ونعيم القلب و قُرّة العين بمعرفة دوام هذا العيش أبد الآباد و عدم انقطاعه ..





قال العلامة ابن عادل في تفسيره :هذه الآيات صريحة في أن الجنة و النار مخلوقتان ثم شرع في بيان ذلك وقال: ودلّت أيضا ًعلى أن مجامع اللذات إما المسكن أو المطعم أو المنكح ,فوصف تعالى المسكن بقوله (( جنّاتٍ تَجرِي من تحتِهَا الأنهَار ))والمطعم بقوله (( كلما رُزِقُوا منها من ثَمَرَةٍرزقَا )) ووصف المنكح بقوله (( ولَهُم فِيهِا أزوَاجٌ مُطَهَّرة )) ,ثم هذه الأشياء إن حصلت و قارنها خوف الزوال كان النعيم منغصا ,فبين تعالى زوال هذا الخوف بقوله (( وهم فيها خالدون )) فدلّت الآية على كمال النعيم و السرور .

و قال الإمام ابن كثير : قوله تعالى (ولهم فيها ازواج مطهّرة) قال ابن عباس:مطهّرة من القذر والأذى ,وقال الإمام مجاهد:مطهرة من الحيض والغائط والبول والنخام والبصاق والمني والولد,وقال قتادة:مطهرة من الأذى والمأثم ,قال ابن كثير: (أي في هذه الآية ولهم فيها أزواج مطهرة)أي من الحيض والنفاس والأذى والأخلاق الرذيلة والصفات الناقصة .
وقال العلامة الألوسي :" لهم فيها ازواج مطهرة " أي من الحيض والنفاس وسائر المعايب والأدناس والأخلاق الدنيّة والطباع الرديئة, لا يفعلن ما يوحش أزواجهن , ولا يوجد فيهن ما ينفّر عنهن .
وقال العلامة ابن الجوزي:" أزواج مطهرة " أي في الخلق فإنهن لا يحضن ولا يبلن ولا يأتين الخلاء, وفي الخُلُق فإنهن لا يحسدن ولا يغرن ولا ينظرن إلى غير أزواجهن, وهذه دعوة لنساء الدنيا أن يتصفن بصفات نساء الجنة ,فذلك هو الكمال .
وقال العلامة الرازي : "أزواج مطهرة " تحقيق القول فيه أن النعمة و إن عظمت فلن تتكامل إلا بالأزواج اللاتي لا يحصل الأنس إلا بهن ثم وصف الأزواج بصفة واحدة جامعة لكل مطلوب فقال مطهرة , ويدخل في ذلك الطهارة من الحيض والنفاس و سائر الأحوال التي تظهر على النساء في الدنيا مما ينفر عنه الطبع , ويدخل فيه كونهن مطهّرات من الأخلاق الذميمة ,ومن القبح وتشويه الخلقة , ويدخل فيه كونهن مطهرات من سوء العشرة ..








بقي أن أقول إن ابن القيم حدّد المعنى المراد بالحور العين ,قال : الحور جمع حوراء وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء, شديدة سواد العين قال: وقال زيد ابن أسلم: الحوراء التي يحار فيها الطرف ,
وقال مجاهد: الحوراء التي يحار فيها الطرف من رقة الجلد و صفاء اللون .
وقال الحسن: الحوراء شديدة بياض العين ,شديدة سوادها , والعين جمع عيناء وهي العظيمة العين من النساء.
قال ابن القيم : و الصحيح أن العين اللاتي جمعت أعينهنّ صفات الحسن والملاحة .
قال الإمام مقاتل : العين حسان الأعين , ومن محاسن المرأة اتساع عينها في طول .