أخي الحيب اختي الكريمة إياكم والغضب
فعن أبى سعيد الخدري ــ ــ قال : قال رسول الله : «ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم . أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه . فمن أحس بشيء فليلتصق بالأرض»
وقال : رسول الله : «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» (1) وقال الرسول : «إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خلق من النار ، وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ»(2) وفي حديث عروه عن عائشة «أن رسول الله خرج من عندها ليلا. قالت فغرت عليه. فجاء فرأى ما أصنع. فقال "مالك؟ يا عائشة! أغرت؟" فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله "أقد جاءك شيطانك؟" قالت: يا رسول الله! أو معي شيطان؟ قال "نعم" قلت: ومع كل إنسان؟ قال "نعم" قلت: ومعك؟ يا رسول الله! قال "نعم. ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم».
العِمَادُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيٍّ المَقْدِسِيُّ قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَتَى فُسَّاقاً، فَكَسَرَ مَا مَعَهُم، فَضَرَبُوهُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ الوَالِي ضَرْبَهُم، فَقَالَ: إِنْ تَابُوا وَلاَزمُوا الصَّلاَةَ، فَلاَ تُؤْذِهِم، وَهُم فِي حِلٍّ، فَتَابُوا.



مخاطر الغضب :
فالغضب شعلة نار مستكنة في طي الفؤاد ، استكنان الجمر تحت الرماد ، وربما جمع الغضبُ الشرَّ كله ، وربما أدى إلى الموت باختناق حرارة القلب فيه ، وربما كان سبباً لأمراض خطيرة ، ناهيك عن لواحقه : مقت الأصدقاء ، وشماتة
الأعداء ، استهزاء الحساد والأراذل من الناس . ولا أدل على خطورة الغضب من وصية النبي إلى رجل جاء إليه يطلب أن يوصيه ، فقال له : « لا تغضب فردد مراراً قال : لا تغضب »
لماذا ؟! لأن الغضب إذا ملك ابن آدم كان كالآمر والناهي له ، وفي وصية عمر - - إلى أبي موسى الأشعري - - : « لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان » ، وروي عن بعض السلف : « أقرب ما يكون العبد من غضب الله عز وجل إذا غضب » وصدق من قال : » الغضب ريح تهب على سراج العقل فتطفئه « .
كما أن للغضب مخاطر صحية ؛ فكثرة الانفعال تسبب الإصابة بالأمراض البدنية ، وكثرة الغضب تجعل الإنسان مشدود الأعصاب مرتعش المشاعر ، وتؤول به إلى تفكك العلاقات الإنسانية .
شتم هشام مرة رجلا من الأشراف فقال: أتشتمني وأنت خليفة الله في الأرض ؟ فاستحيا وقال: اقتص مني بدلها أو قال بمثلها، فقال: إذا أكون سفيها مثلك، قال فخذ عوضا قال: لا أفعل، قال: فاتركها لله، قال: هي لله ثم لك، فقال هشام عند ذلك: والله لا أعود إلى مثلها.
مراتب الناس في الغضب.. فمن أي صنف أنت:


الصنف الأول: سريع الغضب سريع الرضا:
هذا الصنف من الناس لا يحسن إدارة ذاته ونفسه، وكلمة واحدة تؤثر فيه ويتفاعل معها ثم بكلمة أخرى يهدأ ويرضى , وهذا الصنف يؤذي في التعامل ولا يعرف الطرف الآخر كيف يتعامل معه باستمرار، بل مزاجه متقلب وقد يغضب من كلمة اليوم، ولو قيلت له بعد أسبوع قد لا يغضب فهو حسب حالته النفسية يغضب ويرضى.
2 - بطيء الغضب بطيء الرضا:
وهذا صنف آخر من الناس لا يغضب، ولكنه إن غضب فلعله يقاطع الطرف الآخر أسبوعا أو أكثر، إلا أن حسنة هذا الصنف أنه بطيء الغضب.
3- سريع الغضب بطيء الرضا:
وهذا شر الناس فانه يغضب لأي شيء ولكنه لا يرضى بسرعة، ولا يقبل أي اعتذار أو تأسف على الخطأ، بل انه حتى إذا أراد أن يصفح أو يعفو يتخذ هو القرار بغض النظر عن اعتذار الطرف الآخر.
4-بطيء الغضب سريع الرضا:
وهذا خير الناس، فالحلم والحكمة صفاتهم، ولا يمنع ذلك من غضبهم بحكم طبيعتهم البشرية، ولكنهم إذا غضبوا سريعوا الرضا عندما يعتذر إليهم..
فمن أي الأصناف أنت؟؟؟؟
ولقد جمع الشعبي إلى العلم الحلم ، فقد روي أن رجلاً شتمه أقبح الشتم ، وأسمعه أقذع الكلام ، فلم يزِدْ عن أن قال له : " إن كنت صادقاً فيما تقول فغفر اللهُ لي ، وإن كنت غير صادق فغفر اللهُ لك " ، انتهى الأمر .
كان علي بن الحسين خارجا من المسجد فلقيه رجل فسبه فثار إليه العبيد والموالي فقال علي بن الحسين مهلا عن الرجل ثم أقبل عليه فقال ما ستر الله عنك من أمرنا أكثر ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل ورجع إلى نفسه قال فألقى عليه خميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم قال وكان الرجل بعد ذلك يقول أشهد أنك من أولاد المرسلين



آثار الغضب:
- الحقد في القلب .
- الحسد والبغضاء بين الناس .
- الشتم والسب والفحش في القول .
- الخصومة والعداوة والشقاق .
- طلاق الزوجة الذي يعقبه الندم .
- الضرب والاعتداء الذي ربما يؤول إلى القتل .
- الدعاء على نفسه أو أهله أو أولاده أو ماله ؛ فإنه ربما يوافق ساعة إجابة فيستجاب له .
- الأيْمان والقسم ، وإذا أقسم الغضبان على شيء انعقدت يمينه ، وفيها الكفارة كما قال أهل العلم.
- ربما ارتقى الغضب إلى درجة الكفر ، كما حصل لجبلة بن الأيهم .



أسباب الغضب:
أولا : العُجب :
فالعجب بالرأي والمكانة والنسب والمال سبب للعداوة إن لم يُعقل بالدين وذلك برده ودفعه فالعجب قرين الكِبْر وملازم له , والكِبْر من كبائر الذنوب فقد قال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- ( لا يدخل الجنة مَن في قلبه مثقال ذرة من كِبر ).
وجاء أن يحيى بن زكريا لقي عيسى بن مريم -صلى الله عليهما وسلم- فقال : أخبرني بما يُقرِّب من رضا الله ، وما يُبعد من سخط الله ؟ فقال : " لا تغضب " . قال : الغضب ما يبدأه وما يعيده ؟ قال : " التعزز والحمية والكبرياء والعظمة " ( ).
ثانيا / المراء:
قال عبد الله بن الحسين : " المراء رائد الغضب فأخزى الله عقلا يأتيك به الغضب "
ثالثا: المزاح
وقد قيل: إن المـزاح بدؤه حلاوة : لكنما آخـره عـداوة
فتجد بعض المكثرين من المزاح يتجاوز الحد المشروع منه : إما بكلام لا فائدة منه ، أو بفعل مؤذ قد ينتج عنه ضرر بالغ ثم يزعم بعد ذلك أنه كان يمزح ؛ لذا قال النبي –- ( لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جادا ولا لاعبا )
ذكر خالد بن صفوان المزاح فقال: يَصُكُّ أحدكم صاحبه بأشد من الجندل, ويُنشقه أحرق من الخردل , ويُفرغ عليه أحرَّ من المرجل ثم يقول: إنما كنت أمازحك .
وقال ميمون بن مهران –رحمه الله تعالى- " إذا كان المزاح أمام الكلام كان آخره اللطم والشتام " .
رابعا: بذاءة اللسان وفحشه :ْ بشتم أو سب أو تعيير مما يوغل الصدور , ويثير الغضب ، وقد قال النبي – : ( إن الله يبغض الفاحش البذيء )
ومن أسباب الغضب أيضا :
الغدر وشدة الحرص على فضول المال والجاه قال الغزالي -رحمه الله تعالى- " ومن أشد البواعث عليه عند أكثر الجهال : تسميتهم الغضب شجاعة ورجولية وعزة نفس وكِبر همة ".

أنواع الغضب :
الأول : الغضب المحمود :
وهو ما كان لله –تعالى- عندما تنتهك محارمه ، وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان إذ أن الذي لا يغضب في هذا المحل ضعيف الإيمان عن موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- بعد علمه باتخاذ قومه العجل ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأعراف :150) .
أما غضب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فلا يُعرف إلا أن تنتهك محارم الله –تعالى- فعن عائشة - ا - قالت : ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - شيئا قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله -عز وجل-.
ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو -ما- قال : خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - على أصحابه وهم يختصمون في القدر فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب فقال : ( بهذا أمرتم ؟ أو لهذا خلقتم ؟ تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم ) فقال عبد الله بن عمرو : ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ما غبطت نفسي بذلك المجلس وتخلفي عنه .
يقول الشافعي : من استغضب فلم يغضب فهو حمار، يعني إنسان تنتهك محارم الله أمام عينيه، ولا يغضب بل هو حليم ما شاء الله، ويتبسم، ويقول: أعطانا الله حلماً، فنقول: بل هذه بلادة وغباوة، وإذا لم تغضب في هذا الوضع فمتى تغضب؟!
والغضب ما يطلب إلا هنا، لكن لو أن أحداً أخطأ عليه بخطأ واحد، فهل ترى من حلمه شيئاً؟! وبعضهم كثير الغضب، يشتعل، فلو قلت له كلمة غضب سريعاً، حتى قال عليه الصلاة والسلام -في الصحيح- لـ أبي ذر ، وقيل لغيره لما قال له: أوصني { لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب } فالغضب هذا من أبواب الشيطان في دخوله على العبد.
وما أكثر ما تنتهك محارم الله تعالى في هذا الزمان علنا وسرا ، فكثير من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لا همَّ لها سوى نشر الرذيلة ، ومحاربة الفضيلة ، وإشاعة الفاحشة ، وبث الشبهات ، وتزيين المنكر ، وإنكار المعروف ، والاستهزاء بالدين وشعائره فهذا كله مما يوجب الغضب لله –تعالى- وهو من الغضب المحمود ، وعلامة على قوة الإيمان ، وهو ثمرة لحفظ الأوطان ،وسلامة الأبدان ، وتظهر ثمرة الغضب هنا بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والرد على الشبهات أما السكوت المطبق مع القدرة على التغيير فسبب للهلاك فعن زينب بنت جحش –ا - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- استيقظ من نومه وهو يقول : ( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) - وحلق بأصبعه وبالتي تليها - قلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثر الخبث ).



لا تغضب لنفسك:
ينبغي للزوج المسلم أن يقتفي أثر رسوله - - في العشرة الزوجية وغيرها، فيميز بين الإساءات التي وقعت؛ أهي إساءات شخصية في حقه لا تتعداه؟ أم هي إساءات دينية في حق الله، وحق الغير؟ فإن كانت الأولى حلم وصبر، وعفا وصفح، وإن كانت الثانية غضب في الله دون أن يتجاوز الحدود.
عن عائشة ا قالت: "ما خير رسول الله - - بين أمرين قط، إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله - - لنفسه في شيء قط، إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى".
وإليك هذه المواقف العملية، التي تجلي العظمة النبوية:
حدث بين رسول الله - - وبين عائشة كلام، حتى دخل أبو بكر حكمًا بينه - - وبينها، فقال لها رسول الله - - : ((تكلمي أو أتكلم؟)) فقالت: تكلم أنت، ولا تقل إلا حقًا، فلطمها أبو بكر حتى أدمى فاها، وقال: أَوَ يقول غير الحق يا عدوة نفسها؟!، فاستجارت برسول الله - - وقعدت خلف ظهره!! فقال النبي - - : ((إنا لم ندعك لهذا، ولم نرد منك هذا))(2).
وقالت عائشة ا مرة وقد غضبت: "أنت الذي تزعم أنك نبي؟!"، فتبسم رسول الله - - واحتمل ذلك حلمًا وكرمًا. ما أحلمه - - ! وما أعظمه زوجًا!
لقد حلم - - وصبر، وعفا وصفح؛ لأن الإساءة شخصية لا تتعداه - - ، فلم يغضب لنفسه، فأين هذا من غضب كثير من الأزواج إذا تأخرت زوجاتهم في إعداد الطعام في أوقاته، أو قصرت قليلاً في إتقانه، أو أهملت شيئًا ما في النظافة، أو أحدثت ضوضاء وقت الراحة، أو قالت له كلمة فيها إساءة شخصية، كأن تقول وقت غضبها: أنت بخيل، أو مسرف، أو لا تحسن عشرتي، ولا ترعى فيَّ حق الإسلام، أو أتزعم أنك داعية؟! أو أنك أناني تحب مصلحتك ولا ترعى شئون غيرك...
فكل ذلك أمور شخصية لا تستدعي ثورة ولا غضبًا، ولا عصا ولا سبًا. أما إذا كانت الإساءات انتهاكًا لحرمات الله، أو جرحًا للغير لزم الغضب بحدوده.
عن عائشة ا قالت: قلت للنبي - - : "حسبك من صفية كذا وكذا". قال بعض الرواة: تعني قصيرة. فقال - - : ((لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته!)).
ومعنى "مزجته" خالطته مخالطة يتغير بها طعمه، أو ريحه، لشدة نتنها وقبحها، وهذا من أبلغ الزواجر عن الغيبة.
وعن عائشة ا قالت: "اعتل بعير لصفية بنت حيي، وعند زينب فضل ظهر، فقال رسول الله - - لزينب: ((أعطيها بعيرًا)) فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية؟ فغضب - - فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر".
لما كان الخطأ غيبة في حق إنسان، ونهشًا لعرضه، وكبرًا ممقوتًا، واحتقارًا للغير، غضب - - لحق الله تبارك وتعالى، ودفاعًا عن أعراض المسلمين.
الثاني : الغضب المذموم :
وهو ما كان في سبيل الباطل والشيطان كالحمية الجاهلية ، والغضب بسبب تطبيق الأحكام الشرعية ، وانتشار حلق تحفيظ القرآن الكريم ، ومعاداة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بسبب محاربتهم للرذيلة.
الثالث : الغضب المباح :
وهو الغضب في غير معصية الله –تعالى- ولم يتجاوز حدَّه كأن يجهل عليه أحد , وكظمه هنا خير وأبقى ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(آل عمران : 134) ومما يُذكر هنا أن جارية لعلي بن الحسين جعلت تسكب عليه الماء , فتهيأ للصلاة , فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه , فرفع علي بن الحسين رأسه إليها ، فقالت الجارية : إن الله -عز وجل - يقول وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) فقال لها : قد كظمت غيظي . قالت (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) فقال لها : قد عفا الله عنك . قالت : (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) قال : اذهبي فأنت حرة .
وقال نوح بن حبيب : كنت عند ابن المبارك فألحوا عليه . فقال : هاتوا كتبكم حتى أقرأ . فجعلوا يرمون إليه الكتب من قريب ومن بعيد ، وكان رجل من أهل الري يسمع كتاب الاستئذان فرمى بكتابه فأصاب صلعة ابن المبارك حرفُ كتابه فانشق ، وسال الدم , فجعل ابن المبارك يعالج الدم حتى سكن ثم قال : سبحان الله كاد أن يكون قتال ثم بدأ بكتاب الرجل فقرأه.
قال ابن حبان –رحمه الله تعالى- " والخلق مجبولون على الغضب ، والحلم معا ، فمن غضب وحلم في نفس الغضب فإن ذلك ليس بمذموم ما لم يخرجه غضبه إلى المكروه من القول والفعل على أن مفارقته في الأحوال كلها أحمد ".
عن ابن عباس ما أن رجلاً استأذن على عمر فأذن له ، فقال له : يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل " العطاء الكثير " ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم أن يوقع به ، فقال الحر بن قيس ، وكان من جلساء عمر : يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وإن هذا من الجاهلين ، فو الله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل

فهكذا يكون المسلم ،