اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى وَاَخْرَجَ الْمَرْعَى؟ اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي اَخْرَجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّورِ وَاَرْسَلَ اِلَيْنَا رَسُولَهُ الْكَرِيمَ سِرَاجاً مُنِيراً اِلَى يَوْمِ الدِّين؟ نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُه وَنَسْاَلُهُ سَلَامَةً لِدِينِنَا وَاُمَّتِنَا وَوَطَنِنَا وَاَهْلِينَا وَاَنْ نَخْرُجَ مِنْ مَآزِقِنَا بِمَا يُرْضِي اللهَ وَرَسُولَهُ عَاجِلاً غَيْرَ آجِل؟ نُوصِي اَنْفُسَنَا جَمِيعاً بِتَقْوَى اللهِ الْعَظِيمِ وَطَاعَتِه؟ وَنُحَذّرُهَا مِنْ مُخَالَفَتِهِ وَعِصْيَانِ اَوَامِرِه؟ لَهُ الْعُتْبَى حَتَّى يَرْضَى وَلَاحَوْلَ وَلَاقُوَّةَ اِلَّا بِه؟ وَنَسْتَفْتِحُ بِالَّذِي هُوَ خَيْر رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَاِلَيْكَ اَنَبْنَا وَاِلَيْكَ الْمَصِير رَبَّنَا لَاتَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا؟ وَاَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَه؟ اَقَامَ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضَ بِالْحَقّ؟ وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه؟ هَدَى النَّاسَ اِلَى رَبِّهِمْ فَنَالَ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَة؟ اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى جَمِيعِ اِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالرُّسُلِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَاَتْبَاعِهِ اِلَى يَوْمِ الدِّين وَسَلّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً يَارَبَّ الْعَالَمِين؟ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِاِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْاِيمَان وَلَاتَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا اِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم اَمَّا بَعْدُ عِبَادَ الله{وَاَمَّا مَنْ اُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ اُوتَ كِتَابِيَهْ؟ وَلَمْ اَدْرِ مَاحِسَابِيَهْ؟ يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَة؟ مَااَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ؟ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ؟ خُذُوهُ فَغُلُّوه؟ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلّوه؟ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوه؟ اِنَّهُ كَانَ لَايُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيم؟ وَلَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين؟ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَهُنَا حَمِيم؟ وَلَاطَعَامٌ اِلَّا مِنْ غِسْلِين؟ لَايَاْكُلُهُ اِلَّا الْخَاطِئُون} نَعَمْ اَخِي؟ اِنَّهُ نَفَسٌ مَدِيد؟ مَشْهَدٌ يَطُولُ وَيَطُولُ وَيَطُول؟ وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مُعْجِزٌ فِي تَصْوِيرِهِ وَفِي اِيجَازِه؟ فَهُوَ يُطَوِّلُ فِي حَدِيثِهِ حِينَمَا يَكُونُ الْمَقَامُ يَقْتَضِي التَّطْوِيل؟ وَيَخْتَصِرُ وَيُوجِزُ حِينَمَا يَكُونُ الْمَقَامُ يَقْتَضِي ذَلِكَ اَيْضاً؟ وَهَذَا مِنْ اَحْسَنِ الْبَلَاغَةِ عِنْدَ مَنْ نَزَّلَ اَحْسَنَ الْحَدِيثِ سُبْحَانَه؟ نَعَمْ اَخِي الْمُؤْمِن؟ هُنَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَة كَمَا ذَكَرَتْ اُخْتِي آلَاء فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَة مَنْ اَخَذَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَرِحاً مَسْرُوراً مُسْتَبْشِراً؟ وَاَمَّا هَذَا الشَّقِيُّ الْعَنِيد؟ وَاَمَّا هَذَا الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ فِي الْاَرْض؟ هَذَا الَّذِي طَغَى وَبَغَى؟ فَكَيْفَ سَيَاْخُذُ كِتَابَه؟ اَلْقُرْآنُ يُجِيب{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ اَوَّلَ مَرَّة؟ بَلْ زَعَمْتُمْ اَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدَا(نَعَمْ اَخِي؟ اِنَّهُ الْعَرْض؟ وَعَلَى مَنْ؟ عَلَى الله{كَمَا خَلَقْنَاكُمْ اَوَّلَ مَرَّة( نَعَمْ اَخِي؟ نَحْنُ نُولَدُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ عُرَاةً وَلَانَمْلِكُ شَيْئاً؟ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ اَيُّهَا النَّاسُ جِئْتُمُونَا فُرَادَى؟ كُلُّ وَاحِدٍ مَسْؤُولٌ عَنْ نَفْسِه؟ هُنَاكَ تَتَفَرَّقُ الْاَحِبَّة؟ وَيَتَفَرَّقُ مَنْ جَمَعَهُمُ الظُّلْمُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؟ كُلٌّ يُرِيدُ اَنْ يُنَجِّيَ نَفْسَه؟ فَلَا اَتْبَاعَ؟ وَلَا اَنْسَاب؟ اَلْكُلُّ قَدْ تَخَلَّوْا عَنِ الْكُلّ؟ وَالْكُلُّ لَايَهُمُّهُ اِلَّا نَفْسَه{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ اَوَّلَ مَرَّة؟ بَلْ زَعَمْتُمْ اَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدَا(بَلِ اعْتَقَدْتُّمْ اَوْ ظَنَنْتُمْ اَنَّهُ لَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَوْعِدٌ وَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ وُقُوفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَكَذَبْتُمْ وَتَحَقَّقَ وَعْدُ الله {وَوُضِعَ الْكِتَاب(نَعَمْ هَذَا الْكِتَابُ هُوَ كِتَابُ اَعْمَالِكَ اَيُّهَا الْاِنْسَان؟ وَفِيهِ كُلُّ مَاتَكَلَّمْتَ بِهِ؟ وَكُلُّ مَانَطَقْتَ بِهِ؟ وَكُلُّ مَاتَعْمَلُهُ اَوْ عَمِلْتَهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؟ فَهُوَ مُسَطّرٌ عِنْدَ الله؟ نَعَمْ{وَوُضِعَ الْكِتَاب(وَاَيْنَ سَيُوضَعُ الْكِتَاب؟ فِي يَدِ مَنْ يَاْخُذُه؟ نَعَمْ خُذْ كِتَابَك{اِقْرَاْ كِتَابَكَ؟ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبَا{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيه(أيْ خَائِفِينَ وَجِلِينَ مِمَّا سُجِّلَ فِي هَذَا الْكِتَاب؟ وَيَدْعُونَ عَلَى اَنْفُسِهِمْ بِالْهَلَاك{وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَاب(مَاحَالُ هَذَا الْكِتَاب؟ وَيَاعَجَباً مِنْهُ مَالَهُ{لَايُغَادِرُ صَغِيرَةً(لَمْ يَتْرُكْ صَغِيرَةً وَلَاكَبِيرَةً اِلَّا اَحْصَاهَا{وَوَجَدُوا مَاعَمِلُوا حَاضِراً؟ وَلَايَظْلِمُ رَبُّكَ اَحَدَا( نَعَمْ اَخِي؟ هَؤُلَاءِ تَقُولُ عَنْهُمْ سُورَةُ الْحَاقّة اَنَّهُمْ يَاْخُذُونَ كِتَابَهُمْ بِشِمَالِهِمْ{وَاَمَّا مَنْ اُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ(ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَقَرَاَهُ وَعَلِمَ مَافِيهِ مِنْ مَسَاوِىءِ وَمَخَازِي اَعْمَالِهِ فَمَاذَا يَقُول؟ اُنْظُرْ مَعِي اَخِي اِلَى هَذَا النَّفَسِ الْمَدِيدِ الْمُتَقَطّع؟ اِنَّهُ مَشْهَدٌ طَوِيل؟ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْ كَلِمَاتِهِ اِيقَاعٌ يَدُلُّكَ عَلَى تَعَبِ هَؤُلَاءِ وَاِرْهَاقِهِمْ وَنَدَمِهِمْ وَيَجْعَلُكَ تَشْعُرُ بِهِ رَغْماً عَنْكَ وَعَنْهُمْ بِهَذِهِ الْهَاءِ السَّاكِتَةِ الَّتِي تُوحِي اِلَى مَنْ يَسْمَعُهَا مِنْهُمْ كَاَنَّهُمْ قَطَعُوا مَسَافَاتٍ طَوِيلَةً رَكْضاً عَلَى الْاَقْدَامِ لَاهِثِينَ وَرَاءَ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْحَرَام؟ ثُمَّ خَارَتْ قِوَاهُمْ؟ فَاِذَا بِاَنْفَاسِهِمْ تَكَادُ اَنْ تُزْهَقَ وَتَتَقَطَّعَ؟ فَوَقَفُوا لِيَلْتَقِطُوا اَنْفَاسَهُمْ وَيَسْتَرِيحُوا فِي الْآخِرَةِ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْقَبْرِ بِقَوْلِهِمْ آهْ آهْ آهْ قَبْلَ اَنْ تَتَحَوَّلَ هَذِهِ الْآهَاتُ اِلَى صَرَخَاتٍ مُؤْلِمَةٍ فِي جَحِيمِ جَهَنَّمَ وَلَايَجِدُونَ مُغِيثاً لَهُمْ مِنْ شِدَّةِ اَلَمِهَا وَعَذَابِهَا؟ وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي قَوْلِهِمْ كِتَابِيَهْ؟ حِسَابِيَهْ؟ قَاضِيَهْ؟ مَالِيَهْ؟ سُلْطَانِيَهْ؟ فَمَاذَا كَانُوا يَقُولُون؟ اَلْقُرْآنُ يُجِيب{يَالَيْتَنِي لَمْ اُوتَ كِتَابِيَهْ؟ وَلَمْ اَدْرِ مَاحِسَابِيَه؟ يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَة(يَالَيْتَ الْمَوْتَةَ الْاُولَى كَانَتِ الْاَخِيرَةَ فَلَمْ اُبْعَثْ بَعْدَ ذَلِك{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ(فِي كِتَابِ اَعْمَالِهِ اِلَى{مَاقَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابَا(نَعَمْ اَخِي وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِقْرَاْ عَلَيَّ الْقُرْآن؟ فَقَالَ يَارَسُولَ الله اَقْرَؤُهُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ اُنْزِل؟ فَقَالَ اِنِّي اُحِبُّ اَنْ اَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي؟ قَالَ فَقَرَاْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ حَتَّى وَصَلْتُ اِلَى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى{فَكَيْفَ اِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ اُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدَا؟ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْاَرْضُ وَلَايَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثَا(نَعَمْ يَوَدُّونَ لَوْ يَكُونُونَ تُرَاباً اَوْ حِجَارَةً مَرْصُوصَةً تُسَوَّى بِهَا الْاَرْضُ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُرْصَفَ بِهَا الطُّرُقَات{فَاَمَّا مَنْ اُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ اُوتَ كِتَابِيَهْ؟ وَلَمْ اَدْرِ مَاحِسَابِيَهْ(نَعَمْ اَخِي؟ وَالْاَصْلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اَنْ يَقُولَ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي لَمْ اُوتَ كِتَابِي؟ وَلَمْ اَدْرِ مَاحِسَابِي؟ وَلَكِنْ الْكَافِرَ هُنَا جَاءَ بِهَاءٍ تُسَمَّى هَاءَ السَّكْتِ فِي قَوْلِهِ مَثَلاً كِتَابِيَهْ؟ تُعَبِّرُ عَنِ التَّعَبِ؟ لِاَنَّهُ يُرِيدُ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَحَطّة لِنَفَسِهِ اَرَادَهَا اللهُ اَنْ تَكُونَ خَاطِفَةً قَصِيرَةً جِدّاً لِيَسْتَرِيحَ عَلَيْهَا؟ فَبِاَيِّ شَيْءٍ يَسْتَرِيح؟ يَسْتَرِيحُ بِهَاءِ السَّكْتِ{يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَهْ؟ مَااَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ(نَعَمْ اَخِي اِنَّهُ الْمَال؟ وَكَمْ طَغَى النَّاسُ بِسَبَبِ الْمَال؟ كَمْ تَكَبَّرُوا وَتَجَبَّرُوا؟ كَمْ نَشَرُوا الْفَسَادَ فِي الْاَرْضِ بِسَبَبِ هَذَا الْمَالِ الَّذِي جَعَلَهُمْ لَايَتَوَرَّعُونَ عَنِ ارْتِكَابِ الْجَرَائِمِ وَعَنْ تَقْدِيمِ الرَّشَاوِي لِمَنْ لَاذِمَّةَ لَهُمْ وَلَادِين؟ فَتَقَلَّبُوا فِي نَعِيمِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْحَرَامَ كَمَا يَشَاؤُون؟ وَلَكِنْ يَوْمَ الْقِيَامَة هَلْ يَنْفَعُهُمْ هَذَا الْمَال{مَااَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ؟ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ(نَعَمْ اَخِي اِنَّهُ السُّلْطَانُ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فِي الدُّنْيَا وَالْاَتْبَاعُ مِنْ حَوْلِي وَالْحُشُود؟ هُنَاكَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَة؟ اَلْكُلُّ يَتَخَلَّى عَنِّي؟ وَاَبْقَى وَحْدِي وَلَاحُجَّةَ لِي اُدَافِعُ بِهَا عَنْ نَفْسِي بَيْنَ يَدَيِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ فَيَامَنْ جَمَعْتُمُ الْمَال؟ وَيَامَنْ طَغَيْتُمْ بِسَبَبِ الْمَال؟ وَيَامَنْ طَغَيْتُمْ بِسَبَبِ السُّلْطَان؟ هُنَالِكَ الدَّيَّانُ سُبْحَانَه سَيَقِفُ وَيَقُول{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْم؟ لِلهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار(اَلَّذِي قَهَرَكُمْ بِالْمَوْت؟ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا اِلَى حَيَاةٍ كَرِيمَةٍ بَعْدَهُ سَبِيلاً اِلَّا اِلَى جَحِيمِ جَهَنَّم؟ اِلَّا اِذَا اَدْرَكْتُمْ اَنْفُسَكُمْ وَرَحِمْتُمُوهَا بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ خَالِصَةٍ لِوَجْهِ الله؟ وَاِلَّا فَاَنْتُمْ غَافِلُونَ تَائِهُون؟ فِي مَغَامِرِ غَمَرَاتِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا اَكْثَرُكُمْ لَاهُونَ تَائِهُون؟ وَلَنْ تَسْتَيْقِظُوا اِلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْاَوَانِ حِينَمَا تَمُوتُون؟ وَمَاذَا يَنْفَعُكُمُ اسْتِيقَاظُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ وَمَاذَا يَنْفَعُكُمْ نَدَمُكُمْ{يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلَا؟ يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ اَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلَا؟ لَقَدْ اَضَلَّنِي عَنِ الذّكْرِ بَعْدَ اِذْ جَاءَنِي؟ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْاِنْسَانِ خَذُولَا؟ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ اِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورَا؟ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِين؟ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيرَا{ نَعَمْ اَللهُ تَعَالَى جَعَلَ لِاَنْبِيَائِكُمْ يَااَهْلَ السُّنَّةِ عَدُوَّا{اِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِينَا(وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ اَعْدَاءً؟ بَلْ قَالَ عَدُوّاً وَاحِداً مُتَّحِداً بِجَمِيعِ اتِّجَاهَاتِهِ الْفِكْرِيَّةِ الْعَلْمَانِيَّةِ وَالشُّيُوعِيَّةِ وَالشِّيعِيَّةِ وَاللّيبْرَالِيَّةِ ضِدَّ اَنْبِيَائِكُمْ؟ فَكَيْفَ لَايَتَّحِدُ هَؤُلَاءِ ضِدَّ عُلَمَائِكُمْ وَرَثَةِ اَنْبِيَائِكُمْ؟ وَكَيْفَ لَايَتَّحِدُونَ ضِدَّكُمْ اِذَا كَانَ حُبُّ الِانْتِقَامِ وَالْاَخْذِ بِالثَّاْرِ بِيَا ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ مُتَاَصِّلاً فِيهِمْ وَوَاضِحاً مُنْذُ نُعُومَةِ اَظْفَارِهِمْ وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ؟ وَهُمُ الَّذِينَ اَسْلَمُوهُ اِلَى قَاتِلِيهِ وَجَلَّادِيهِ؟ فَعَلَى مَنْ تَقَعُ الْمَلَامَةُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ هَلْ تَقَعُ عَلَى اَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ كَانُوا ضُعَفَاءَ مَغْلُوبِينَ عَلَى اَمْرِهِمْ وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا حِمَايَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مِنْ بَطْشِ الْحَجَّاجِ الَّذِي قَتَلَهُ وَهُوَ مُتَعَلّقٌ بِاَسْتَارِ الْكَعْبَةِ يَحْتَمِي بِهَا فَقَصَفَهَا الْحَجَّاجُ بِالْمَنْجَنِيق؟ اَمْ تَقَعُ عَلَى الْاَجْدَادِ الْمُجْرِمِينَ السَّفَّاحِينَ فِي الْكُوفَةِ وَالَّذِينَ كَانَ اَحْفَادُهُمْ وَمَازَالُوا اِلَى يَوْمِنَا هَذَا يُصَفّقُونَ لِتَيْمُورْ لِنْك زَعِيمِ الْمَغُولِ وَالتَّتَارِ وَالصَّلِيبِيِّينَ وَالشّيعَةِ وَالنُّصَيْرِيَّةِ عَلَى مَاجَمَعَهُ مِنْ جَمَاجِمِ اَهْلِ السُّنَّةِ الْاَبْرِيَاءِ اَمْثَالَ الْجِبَال؟ وَمِنْهُمُ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ الْخَائِنِ اللَّعِين ِالَّذِي دَعَمَ الْمَغُولَ فِي قَتْلِ الْمَلَايِينِ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ فِي بَغْدَاد؟ لِمَاذَا لَاتَقَعُ الْمَلَامَةُ اِلَّا عَلَى اَهْلِ السُّنَّةِ الْمَسَاكِين؟ لِمَاذَا لَاتَقَعُ الْمَلَامَةُ عَلَى نَصَارَى بَنِي اِسْرَائِيل؟ حِينَمَا اَسْلَمُوا مَسِيحَهُمْ اِلَى صَلِيبِ الْعَذَابِ وَالْمَوْتِ جُوعاً وَعَطَشاً وَصَبْراً وَقَتْلاً وَاَلَماً وَتَعْلِيقاً عَلَى خَشَبَةٍ وَمُعَانَاةٍ هَائِلَةٍ مِنَ الْاَلَمِ وَالتَّعْذِيبِ لَاتَعْدِلُهَا مُعَانَاةُ الْحُسَيْنِ؟ حِينَمَا كَادُوا اَنْ يَقْبِضُوا عَلَيْهِ وَيُحْدِثُوا خَرْقاً فِي جَسَدِهِ بِالْمَسَامِيرِ لَوْلَا اَنْ رَفَعَهُ اللهُ وَنَجَّاه؟ لِمَاذَا لَمْ نَسْمَعْ مِنَ النَّصَارَى اِلَى يَوْمِنَا هَذَا قِصَّةَ اَلْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة فِي حُسَيْنِيَّاتِ كَنَائِسِهِمْ وَهُمْ يَلْطُمُونَ وَيَنُوحُونَ وَيَنْبَحُونَ كَمَا تَنْبَحُ الْكِلَابُ الْمَسْعُورَةُ الْمُتَعَطّشَةُ اِلَى الْعَضِّ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَيَنْهَقُونَ كَمَا يَنْهَقُ يَعْفُورُ الْحِمَارُ بِقَوْلِهِ يَالَثَارَاتِ الْمَسِيح؟ نَعَمْ اَخِي اِنَّهُ تَارِيخٌ صَفَوِيٌّ مَجُوسِيٌّ يَهُودِيٌّ نُصَيْرِيٌّ حَقِير؟ يَجْعَلُنِي اَشْعُرُ بِالْخِزْيِ وَالْعَارِ الْاَكْبَرِ وَالْقَرَفِ وَالِاشْمِئْزَازِ حِينَمَا اَتَصَفَّحُهُ؟ فَاَبْصُقُ عَلَى الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ مَازَالُوا اِلَى الْآنَ يُصَفّقُونَ لِقَتَلَةِ الْاَبْرِيَاءِ الْمَظْلُومِين؟ فَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ يُصَفّقُونَ لِقَتَلَةِ الْحُسَيْن؟ بَلْ اِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْمُجْرِمَ الَّذِي فَجَعَ اُلُوفَ الْاَبْرِيَاءِ اَمِيراً لِلْمُؤْمِنِين؟ وَلِمَاذَا يَقْتُلُ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ الْخَائِنُ اَهْلَ السُّنَّةِ فِي بَغْدَادَ وَهُمْ اَوَّلُ مَنْ نَادَى بِثَارَاتِ الْحُسَيْنِ وَقَبْلَ الشِّيعَة؟ وَهُمْ مِنَ الْعَبَّاسِيِّينَ الَّذِينَ انْتَقَمُوا شَرَّ انْتِقَامٍ مِنَ الْاُمَوِيِّينَ حَتَّى هَرَبَ الْاُمَوِيُّونَ مِنْ قُوَّةِ ظُلْمِهِمْ وَبَطْشِهِمْ وَالتَّنكيلِ بِهِمْ اِلَى الْاَنْدَلُس؟ اَلَيْسَ مَافَعَلَهُ الْعَبَّاسِيُّونَ بِالْاُمَوِيِّينَ يَخْدِمُ دِينَ الشِّيعَةِ وَيَدْعَمُ ثَارَاتِ الْحُسَيْن؟ اَفِيقُوا اَيُّهَا الْعَلَوِيُّونَ الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاء؟ لِاَنَّ الْخِيَانَةً مُتَاَصِّلَةٌ فِي دِينِ الشِّيعَةِ مِنْ مَفْرَقِ رَاْسِهِمْ اِلَى اَخْمَصِ قَدَمَيْهِمْ؟ مِنْ اَجْدَادِهِمْ اِلَى اَحْفَادِهِمْ؟ وَفِي اُمَّهَاتِ كُتُبِهِمْ؟ وَلَنْ تَسْلَمُوا مِنْ خِيَانَتِهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَامَسَاكِين؟ لِاَنَّهُمْ قَوْمٌ مُرْتَزَقَة؟ لَايَهُمُّهُمْ اِلَّا جَمْعُ الْمَالِ؟ وَلَوْ عَلَى حِسَابِ خِيَانَةِ دِمَائِكُمْ وَدِمَاءِ اَهْلِ السُّنَّة؟ بَلْ وَلَوْ عَلَى حِسَابِ خِيَانَةِ عَوَامِّ الشِّيعَةِ الْمَسَاكِينِ فِي دِمَائِهِمْ وَتَفْجِيرِهِمْ بِالسَّيَّارَاتِ الْمُفَخَّخَة وَتَحْصِيلِ الْاَخْمَاسِ وَالْمُتْعَةِ مِنْ اَمْوَالِهِمْ وَاَعْرَاضِهِمْ؟ فَوَاللهِ الَّذِي لَااِلَهَ اِلَّا هُو لَايَهُمُّهُمُ الْحُسَيْنُ فِي شَيْءٍ اَبَداً؟ وَلَايَهُمُّهُمْ دِينُ الْحُسَيْنِ فِي شَيْءٍ اَبَداً؟ وَاِنَّمَا يُرِيدُونَ الْقَضَاءَ عَلَى دِينِ الْحُسَيْنِ بِجَمِيعِ رُمُوزِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْاَزْوَاجِ وَالصَّحَابَةِ وَآلِ الْبَيْتِ؟ بَلْ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي يَطْعَنُونَ فِيهِ اَيْضاً؟ نَعَمْ لَقَدْ اَصْدَرَ بَابَا الْفَاتِيكَان مَرْسُوماً قَدِيماً بِبَرَاءَةِ الْيَهُودِ مِنْ دَمِ الْمَسِيح؟ وَنَحْنُ نُؤَيِّدُهُ فِي دَمِ الْمَسِيح؟ وَلَانُؤَيِّدُهُ فِي بَرَاءَتِهِمْ مِنَ الْمُؤَامَرَةِ عَلَى دَمِ الْمَسِيح؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ نَالَ بَابَا الْفَاتِيكَان مِنَ السِّبَابِ وَالشَّتَائِمِ مِنَ الشِّيعَةِ وَقَوْمِي وَخَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ الْاُورْثُوذُكْس عِنْدَنَا فِي سُورِيَّا مَايَشِيبُ مِنْهُ الطّفْلُ الرَّضِيع؟ فَهَلْ كَانَ ذَلِكَ كُرْهاً وَحِقْداً عَلَى الْيَهُودِ وَمَنْ يَتَسَامَحُ مَعَهُمْ؟ لَا وَالله؟ لَا وَرَبِّ مُحَمَّد؟ بَلْ خَوْفاً مِنْ فَتْوَى يَطْلُعُ بِهَا عَلَيْهِمُ الْخَامِنْئِي الْفَقِيه؟ تُبَرِّىءُ بَنِي اُمَيَّةَ مِنْ دَمِ الْحُسَيْن؟ لِاَنَّهُمْ لَايُرِيدُونَ لِهَذِهِ الْاَحْقَادِ وَالثَّارَاتِ اَنْ تَنْتَهِيَ اَبَداً؟ بَلْ اِنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ جَمِيعَ التَّسْهِيلَاتِ وَالِاخْتِرَاقَاتِ الْاَمْنِيَّةَ لِمُرْتَزَقَةِ اِيرَانَ مِنَ الْقَاعِدَةِ وَغَيْرِهِمْ؟ بَلْ يَسْتَجْدُونَهُمْ وَيَدْفَعُونَ لَهُمُ الْاَمْوَالَ الْهَائِلَةَ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَقُومُوا بِالتَّفْجِيرَاتِ وَالْاَعْمَالِ الِانْتِحَارِيَّةِ ضِدَّ الشِّيعَةِ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَبْقَى شِعَارُ يَالَثَارَاتِ الْحُسِين مَرْفُوعاً اِلَى الْاَبَدِ ضِدَّ اَهْلِ السُّنَّةِ؟ وَعَلَى مَبْدَا لَيْسَ لَكَ اِلَّا اَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ؟ حَتَّى تُصْبِحَ سَيِّداً فَارِسِيّاً صَفَوِيّاً مَجُوسِيّاً صَلَيبِيّاً يَهُودِيّاً عَلَى بِلَادِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ وَخَلِيجِهِمْ الْعَرَبِيِّ الَّذِي اَصْبَحَ فَارِسِيّاً عَلَى الْخَرِيطَةِ الصَّفَوِيَّةِ الْمَجُوسِيَّة؟ اَللَّهُمَّ اَهْلِكْ سُلْطَانَهُمْ يَارَبّ؟ كَمَا اَهْلَكْتَ مِنْ قَبْلُ سُلْطَانَ جَدِّهِمُ الشَّاهَ اِسْمَاعِيلَ الصَّفَوِي مِنْ قَبْل؟ وَهُوَ الْآنَ فِي جَهَنَّمَ؟ يُنَادِي مَعَ اَمْثَالِهِ مِنَ الْمُجْرِمِينَ بِقَوْلِه {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ(نَعَمْ اَخِي؟ وَمَازَالَ يَتَكَلَّمُ وَيَتَكَلَّمُ وَيَتَكَلَّمُ؟ فَلَا يَنْقَطِعُ عَنْ كَلَامِهِ؟ اِلَّا حِينَمَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ الْعُلْوِيَّ مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ؟ مُوَجَّهاً اِلَى الْمَلَائِكَة{خُذُوهُ فَغُلُّوه(نَعَمْ خُذُوه؟ اِنَّهُ اَمْرٌ مِنَ الله؟ يَاْتِي بَعْدَهُ التَّنْفِيذُ الْفَوْرِيّ؟ فَاِذَا بِآلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟ يَاْخُذُونَ هَذِهِ الْحَشَرَةَ الصَّغِيرَةَ التَّافِهَةَ؟ الَّتِي طَغَتْ وَبَغَتْ وَفَجَرَتْ وَتَكَبَّرَتْ وَعَلَتْ وَاَفْسَدَتْ فِي هَذِهِ الْاَرْضِ؟ لِتَكُونَ اَحْقَرَ شَيْءٍ عِنْدَ الله{خُذُوهُ فَغُلُّوه(نَعَمْ اَخِي؟ وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَل؟ فَهَلْ تَدْرِي اَخِي مَامَعْنَى الْغُلِّ هُنَا فِي الْآيَة؟ اِنَّهُ بِمَعْنَى قَيِّدُوا يَدَيْهِ اِلَى عُنُقِهِ هَكَذَا كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فِي الدُّنْيَا؟ حِينَمَا يَجْعَلُ يَدَهُ مَغْلُولَةً اِلَى عُنُقِهِ بُخْلاً عَلَى الْمَساكِينِ؟ فَلَايُطْعِمُهُمْ؟ وَلَايَحُضُّ غَيْرَهُ عَلَى اِطْعَامِهِمْ{خُذُوهُ فَغُلُّوه(نَعَمْ اِنَّهُمْ مَلَائِكَةُ الْعَذَاب؟ لَوْ اَنَّ وَاحِداً مِنْهُمْ قَالَ اَوْ مَالَ بِكَتِفِهِ اَوْ بِرِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ بِحَرَكَةٍ خَفِيفَةٍ؟ لَدَفَعَ سَبْعِينَ اَلْفاً وَاَسْقَطَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّم؟ فَاَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ وَاَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ وَاَيْنَ الْعُتَاةُ وَالظَّالِمُونَ؟ حِينَمَا يَقِفُونَ هَذَا الْمَوْقِفَ الرَّهِيبَ بَيْنَ يَدَيِ الله{خُذُوهُ فَغُلُّوه(وَهَلْ يَنْتَهِي الْاَمْرُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ مِنَ الْاَغْلَال{ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوه(وَاَحْرِقُوهُ فِي جَحِيمِ جَهَنَّمَ وَنَارِهِمَا؟ نَعَمْ اَخِي؟ سُمَيَّةُ وَيَاسِرُ وَعَمَّارُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ؟اِنَّهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يُعَذَّبُونَ وَيُكْوَوْنَ بِالنَّارِ وَتُغْمَرُ رُؤُوسُهُمْ بِالْمَاءِ السَّاخِنِ الْمَغْلِي؟ يَمُرُّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ صَبْراً آلَ يَاسِرَ؟ فَاِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّة فَيَبْتَسِمُون؟ وَاَمَّا مَنْ يَحْتَرِقُ فِي جَهَنَّمَ{لَايَمُوتُ فِيهَا وَلَايَحْيَا(فَاِنَّ اللهَ يَقُولُ لَهُمْ {اِصْبِرُوا اَوْ لَاتَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ؟ اِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَاكُنْتُمْ تَعْمَلُون{قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا اَجِزِعْنَا(بِمَعْنَى نَفَدَ صَبْرُنَا وَعَلَا صُرَاخُنَا وَازْدَادَ اَلَمُنَا{اَمْ صَبَرْنَا(تَحَمَّلْنَا قُوَّةَ التَّعْذِيبِ وَالْوَجَعِ{مَالَنَا مِنْ مَحِيص(مَهْرَب مِنَ الْعَذَابِ وَمِنْهُ{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ؟ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ؟ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوه(نَسْاَلُكَ يَارَبُّ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَة؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِكَ يَكْفِي ذِرَاعٌ وَاحِدٌ؟ وَلَكِنْ مَاذَا نَسْتَطِيعُ اَنْ نَفْعَلَ اَمَامَ جَبَرُوتِكَ وَانْتِقَامِكَ وَشِدَّةِ عِقَابِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ؟ زِيَادَةً فِي تَهْوِيلِهِمْ؟ وَزِيَادَةً فِي تَعْذِيبِهِمْ؟ وانتقاما منهم بعدد القيود والسلاسل والاغلال التي كانوا يقيدون بها المظلومين في الدنيا في غياهب السجون؟ لِاَنَّ كَلِمَةَ سَبْعِين كَانَتْ تَحْمِلُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَعْنىً اَوْ عَدَداً كَبِيراً؟ نَعَمْ اَخِي اِنَّهَا جَحِيمُ جَهَنَّمَ الْمُحْرِقَة اَلَّتِي حَكَمَ اللهُ بِهَا عَلَى هَذَا الَّذِي تَقَطَّعَتْ اَنْفَاسُهُ خَوْفاً وَرُعْبَا؟ فَمَا هِيَ هَذِهِ الْاَسْبَابُ الّتِي ارْتَكَبَهَا؟ وَمَاهِيَ هَذِهِ الْوَرْطَةُ الْكَبِيرَةُ الْمُهْلِكَةُ الَّتِي اَوْقَعَ نَفْسَهُ بِهَا حَتَّى جَعَلَتْهُ مُؤَهَّلاً لِدُخُولِ النَّار؟ اِسْتَمِعْ مَعِي اَخِي اِلَى الْقُرْآنِ وَهُوَ يُلَخِّصُ ذَلِكَ وَيُوجِز{اِنّهُ كَانَ لَايُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيم(وَهَذِهِ وَاحِدَة؟ وَاَمَّا الثَّانِيَة؟ فَاِنَّهُ كَانَ{لَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين(نَعَمْ اَخِي اِنَّ مِنْ اَكْبَرِ الْبَلَايَا عَدَمَ الْاِيمَانِ بِالله؟ لِاَنَّ الَّذِي لَايُؤْمِنُ بِاللِه؟ فَانْتَظِرْ مِنْهُ اَخِي اَنْ يَفْعَلَ مَايَشَاء لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَايَسْتَحِي وَلَايَخْجَلُ وَلَايَخَافُ مِنَ اللهِ؟ فَيَصْنَعُ مَايَشَاءُ مِنَ الشَّرّ؟ لِاَنَّهُ يَغْتَرُّ بِقُوَّتِهِ؟ وَيَحْسَبُ اَنَّ حَيَاتَهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى هَذِهِ السَّنَوَاتِ الَّتِي يَعِيشُهَا عَلَى سَطْحِ الْاَرْضِ يَاْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَبْنِي وَيَبْغِي وَيَتَمَتَّعُ بِمَا حَلَّ وَبِمَا حَرُمَ؟ لِاَنَّهُ وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ قُالُوا{مَايُهْلِكُنَا اِلَّا الدَّهْرُ{وَمَانَحْنُ بِمَبْعُوثِين( وَلَكِنْ خَابَ فَاْلُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ تَرَى اِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ اَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ؟ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا؟ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون{وَلَوْ تَرَى اِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَانُكَذّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين{يَالَيْتَنَا نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَل؟ قَدْ خَسِرُوا اَنْفُسَهُمْ؟ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَاكَانُوا يَفْتَرُون{قَالَ رَبِّ ارْجِعُون لَعَلّي اَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْت؟ كَلَّا اِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا(فَيَقُولُ لَهُمُ اللهُ لَاعَوْدَةَ اِلَى الدُّنْيَا؟ هُنَالِكَ نَارُ جَهَنَّمَ تَنْتَظِرُكُمْ؟ يَامَنْ لَاتُؤْمِنُونَ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ يَامَنْ كَفَرْتُمْ بِالْحَقِيقَةِ الْكُبْرَى؟ يَامَنْ كَفَرْتُمْ بِخَالِقِ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْض؟ وَاَمَّا الْمُؤْمِنُ فَاِنَّهُ يَعْلَمُ اَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ؟ فَيَكُونُ غَفُوراً رَحِيماً عَلَى خَلْقِ الله؟ وَيَعْلَمُ اَنَّ اللهَ كَرِيمٌ؟ فَيَكُونُ كَرِيماً مَعَ خَلْقِ اللهِ؟ وَيَعْلَمُ اَنَّ اللهَ عَزِيزٌ؟ فَيَكُونُ وَاحِداً مِنْ{قَوْمٍ يُحِبُّهُمُ اللهُ وَيُحِبُّونَهُ؟ اَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؟ اَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ؟ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ وَلَايَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِم(نَعَمْ لَايَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ اَبَداً؟ حَتَّى وَلَوْ وَصَفَهُمْ جَمِيعُ النَّاسِ بِاَنَّهُمْ اِرْهَابِيُّون؟ طَالَمَا اَنَّهُمْ يَتَقَيَّدُونَ بِالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ فِي قِتَالِهِمْ وَجِهَادِهِمْ وَيَتَّصِفُونَ بِصِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعْدَ احْتِفَاظِهِ سُبْحَانَهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً فَوْقَ سَائِرِ خَلْقِهِ بِالْفَارِقِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير(نَعَمْ هَذَا هُوَ الْمُؤْمِن؟ اِنَّهُ يَخَاف؟ اِنَّهُ يَخَافُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَناً وَخُفْيَةً وَيَخْشَى رَبَّه؟ اِنَّهُ وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ{اِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة؟ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا اَبَدَا؟ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه؟ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّه (وَاَمَّا الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ{اُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة( وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِمَاذَا{اِنَّهُ كَانَ لَايُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيم؟ وَلَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين(لَايُمْكِنُ اَبَداً اَنْ تَكُونَ هُنَاكَ اِنْسَانِيَّة؟ وَلَايُمْكِنُ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ اِيمَانٌ؟ وَاَنْتَ اَخِي تَنَامُ فِي فِرَاشٍ مُرِيحٍ هَنِيءٍ مُسْتَدْفِئاً مُرْتَاحاً؟ وَغَيْرُكَ لَايَجِدُ فِرَاشاً يَفْتَرِشُهُ؟ وَلَادِثَاراً يَتَدَثَّرُ بِهِ؟ وَلَاثَوْباً يَمْنَعُ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ؟ وَلَاطَعَاماً يَاْكُلُهُ؟ وَلَامِيَاهاً صَالِحَةً لِلشُّرْبِ يَشْرَبُهَا؟ وَلَادَوَاءً يُعَالِجُ اَمْرَاضَهُ؟ وَلَاطَبِيباً يُسْعِفُهُ؟ وَلَامُعَلّماً يَقْضِي عَلَى جَهْلِهِ وَيُنْقِذُهُ مِنْ وَحْشِيَّةِ الْجَهْلِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْمَرَضِ وَالْبَرْدِ وَالْحَرِّ؟ فَمَاذَا تَنْتَظِرُونَ مِنْ هَكَذَا اِنْسَان اَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ مِنَ الْعَلْمَانِيِّينَ وَاِخْوَانِهِمْ مِنَ الشِّيعَةِ وَالشُّيُوعِيِّينَ وَاللّيبْرَالِيِّينَ وَالْمَاسُونِيِّينَ وَالصَّلِيبِيِّين؟ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ مِنْ هَذَا الْاِنْسَانِ يَااَدْعِيَاءَ الدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ وَحُقُوقِ الْاِنْسَانِ اِلَّا اَنْ يَكُونَ مُتَطَرِّفاً مُتَعَصِّباً مُتَشَدِّداً ظَلَامِيّاً؟ يَامَنْ تَجْعَلُونَهُ يَعِيشُ فِي ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِنَ الْجُوعِ وَالْمَرَضِ وَالْجَهْلِ وَالْفَقْرِ وَوَوَوَ اِذَا اَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا؟مَاذَا تَنْتَظِرُونَ مِنْ هَذَا الْاِنْسَانِ وَاَنْتُمْ لَمْ تَكْتَفُوا بِاَنَّكُمْ كُنْتُمْ سَبَباً مِنْ اَكْبَرِ اَسْبَابِ تَعَاسَتِهِ وَشَقَائِهِ وَبُؤْسِهِ وَدَمَارِهِ؟ بَلْ تَحَصَّنْتُمْ وَاحْتَمَيْتُمْ وَرَاءَ قَوَانِينِكُمُ الظَّالِمَةِ الَّتِي تُكَافِحُ الْاَبْرِيَاءَ وَالضُّعَفَاءَ وَالْمَسَاكِينَ؟ وَلَاتُكَافِحُ شَيْئاً مِنْ اِرْهَابِكُمْ وَاِجْرَامِكُمْ وَنِفَاقِكُمْ وَكَذِبِكُمْ عَلَى الْعَالَمِ كُلّهِ بِمَا يُبَرِّرُ اِجْرَامَكُمُ الْفَظِيع وَهُوَ حِمَايَةُ الْاَقَلّيَّات؟ نَعَمْ هَذِهِ الْاَقَلّيَّاتُ الَّتِي كَانَتْ مُنْذُ مَلَايِينِ السِّنِينِ وَمَازَالَتْ اِلَى الْآنَ تَعِيشُ سَعِيدَةً مُرَفّهَةً مُنَعَّمَةً فِي رَغَدٍ وَهَنَاءَةٍ مِنَ الْعَيْشِ؟عَلَى حِسَابِ تَعَاسَةِ الْاَكْثَرِيَّةِ فِي جَمِيعِ دُوَلِ الْعَالَم؟ حِينَمَا سَلَبْتُمْ اَمْوَالَ الْاَكْثَرِيَّةِ؟ وَجَعَلْتُمُوهَا مَشَاعاً لِلْاَقَلّيَّةِ الْمُسْتَبِدَّةِ دُونَهَا؟ بِمُسَاعَدَةِ الشُّيُوعِيَّةِ الْحَقِيرَةِ الَّتِي كَانَتْ تَضْحَكُ عَلَى الْعَالَمِ كُلّهِ؟ بِاَكْبَرِ اُكْذُوبَةٍ عَرَفَهَا التَّارِيخُ مِنَ الْوَحْدَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالِاشْتِرَاكِيَّة؟ وَكُنْتُمْ دَائِماً تُحَارِبُونَ الْاِسْلَامَ؟ لِاَنَّهُ الدِّينُ الْوَحِيدُ الَّذِي يَسْتَطِيعُ اَنْ يَفْضَحَ اِجْرَامَكُمُ الشَّنِيعَ وَفَسَادَكُمْ وَمَخَازِيَكُمْ وَكَذِبَكُمْ وَنِفَاقَكُمْ وَيَكْشِفَ حَقِيقَتَكُمْ لِلْعَالَمِ كُلّه؟ نَعَمْ لَقَدْ جَعَلْتُمُ الْعَالَمَ كُلَّهُ يَعِيشُ فِي ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض؟ وَلَامُخَلّصَ لِهَذَا الْعَالَمِ اَبَداً؟ وَلَامُنْجِدَ لَهُ؟ اِلَّا اِذَا اسْتَمَدَّ نُورَهُ مِنْ نُورِ الله؟ وَهُوَ دِينُ الْاِسْلَامِ الَّذِي تَرْفُضُونَهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً؟ لِاَنَّهُ يَجْعَلُ كُلَّ اِنْسَانٍ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ يَصِلُ اِلَى حَقّه؟ وَاَمَّا اَنْتُمْ اَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ؟ فَلَاتُرِيدُونَ اِلَّا حُقُوقَ اِنْسَانِكُمْ؟عَلَى حِسَابِ تَعَاسَةِ اِنْسَانِ غَيْرِكُمُ الَّذي تُرِيدُونَهُ عَبْداً لَكُمْ وَلِاَهْوَائِكُمْ وَلِاِبَاحِيَّتِكُمُ الْبَغِيضَةِ الْمُنْكَرَةِ الَّتِي لَاتَخْجَلُونَ مِنَ التَّصْرِيحِ بِهَا عَلَناً اَمَامَ النَّاسِ عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِي بِصُوَرِكُمْ وَاَفْلَامِكُمُ الْاِبَاحِيَّةِ الْقَذِرَةِ الْمِثْلِيَّةِ وَغَيْرِ الْمِثْلِيَّة؟ وَقَدْ اسْتَحَا سُبْحَانَهُ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ هَذِهِ الْغَرِيزَةَ الْجِنْسِيَّةَ وَهَذِهِ الْاَعْضَاءَ التَّنَاسُلِيَّةَ مِنَ التَّصْرِيحِ بِهَا وَاِثَارَةِ غَرَائِزِهَا؟ نَعَمْ اَللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي{لَايَسْتَحْيِي اَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَابَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا(أيْ فَمَا هُوَ اَحْقَرُ مِنْهَا؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّهُ يَسْتَحِي وَيَخْجَلُ سُبْحَانَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ اَنْ يُصَرِّحَ عَلَناً بِهَذِهِ الْغَرِيزَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَهَذِهِ الْعَلَاقَةِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ تَحْصَلُ حَلَالاً بَيْنَ رَجُلٍ وَزَوْجَتِهِ؟ فَكَانَ يُلَمِّحُ اِلَيْهَا تَلْمِيحاً خَجُولاً مِنْ شِدَّةِ حَيَائِهِ وَرَغْبَتِهِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَاتِ وَمَايُثِيرُ شَهْوَتَهَا وَلَوْ كَانَتْ شَهْوَةً حَلَالاً؟ فَكَانَ سُبْحَانَهُ فِي قُرْآنِهِ الْكَرِيم يُكَنّي تَلْمِيحاً بِذِكْرِ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَلَايُصَرِّحُ بِهَا حَتَّى وَلَوِ احْتَاجَ النَّاسُ اِلَى مَعْرِفَةِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنْ اَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ سُبْحَانَه وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي اِشَارَتِهِ الْخَفِيَّةِ اِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَنْبَغِي عَلَى الرَّجُلِ اَنْ يَضَعَ شَهْوَتَهُ فِيهِ؟ فَاِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ لِلرِّجَالِ فَاْتُوا النِّسَاءَ فِي اَرْحَامِهِنَّ؟ وَاِنَّمَا قَالَ{فَاْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ اَمَرَكُمُ الله(اِحْتِرَاماً لِشُعُورِ الْمَرْاَةِ؟ لِاَنَّ اللهَ لَايُرِيدُ اَنْ يُخْجِلَهَا؟ وَلِذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي آيَةٍ اُخْرَى{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ اَنْ يَنْكِحْنَ اَزْوَاجَهُنّ(مِنْ اَجْلِ اَلَّا يُخْجِلَهَا سُبْحَانَهُ اَيْضاً؟ حَتَّى لَايَرَى الرَّجُلُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ لَهَا اَنْتِ مَخْلُوقٌ مَنْكُوح وَاَنَا مَخْلُوقٌ نَاكِحٌ لَكِ؟ فَاَرَادَ اللهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ اَنْ يُبَيِّنَ لِلرَّجُلِ اَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مَقْصُوراً عَلَيْكَ اَيُّهَا الرَّجُل؟ وَاِنَّمَا بِمُشَارَكَةِ الْمَرْاَةِ فِي هَذَا النِّكَاحِ اَيْضاً؟ فَلَوْلَا وُجُودُ الْمَرْاَةِ؟ فَلَايُوجَدُ شَيْءٌ تَنْكِحُهُ اَيَّهَا الرَّجُلُ اِلَّا بُخْشَ الْخَرَا؟ وَهَذَا لَايَلِيقُ بِكَرَامَتِك؟ كَمَا اَنَّ اللهَ خَلَقَكَ اَيَّهَا الرَّجُلُ مِنْ نُطْفَةٍ قَذِرَةٍ مِنْ هَذَا الْعُضْوِ الذَّكَرِيِّ الَّذِي تَتَكَبَّرُ بِهِ عَلَى الْمَرْاَةِ بِنِكَاحِهِ لَهَا؟ كَمَا خَلَقَ الْمَرْاَةَ اَيْضاً مِنْ هَذَا الْعُضْوِ الذَّكَرِيّ؟ وَلِذَلِكَ كَمَا اَنَّ الْمَرْاَةَ مَخْلُوقٌ مَنْكُوحٌ؟ فَاِنَّكَ اَيُّهَا الرَّجُلُ مَخْلُوقٌ مَنْكُوحٌ اَيْضاً؟ حِينَمَا كُنْتَ حَيَوَاناً مَنَوِيّاً صَغِيراً فِي عُضْوِ اَبِيكَ الذَّكَرِيِّ الَّذِي نَكَحَ اُمَّكَ؟ فَنَكَحَكَ مِنْ دَاخِلِ عُضْوِهِ بِقُوَّةٍ وَتَحْرِيضٍ وَشَهْوَة دُخُولاً وَخُرُوجاً قَبْلَ اَنْ يَقْذِفَكَ فِي رَحِمِ اُمِّك؟ فَنَكَحَتْكَ بُوَيْضَتُهَا الْاُنْثَوِيَّةُ وَاخْتَارَتْكَ مِنْ بَيْنِ مَلَايِينِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَنَوِيَّةِ؟ وَاخْتَرْتَهَا اَنْتَ اَيْضاً مِنْ بَيْنِ مَلَايِينِ الْبُوَيْضَاتِ الْاُنْثَوِيَّة؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ اَللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي لَايَسْتَحْيِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اَنْ يُصَرِّحَ بِهِ وَلَوْ كَانَ اَحْقَرَ مِنَ الْبَعُوضَة؟ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَسْتَحِي وَيَخْجَلُ اَنْ يُصَرِّحَ بِالْغَرِيزَةِ الْجِنْسِيَّة؟ بَلْ كَانَ يُلَمِّحُ اِلَيْهَا تَلْمِيحاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَثَلاً{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ؟ فَاْتُوا حَرْثَكُمْ اَنَّى شِئْتُم(وَكَانَ يَقُولُ مَثَلاً{اَوْلَامَسْتُمُ النِّسَاءَ وَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا(فَكَانَ يُعَبِّرُ سبحانه عَنِ الْجِمَاعِ الْجِنْسِيِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ بِقَوْلِهِ{لَامَسْتُم{حَرْثَكُ مْ{مِنْ حَيْثُ اَمَرَكُمُ الله(لِمَاذَا؟ اِحْتِرَاماً لِشُعُورِ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَة؟ لِاَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ خَالِقَهُمَا؟ يَعْلَمُ اَنَّ الْغَرِيزَةَ الْجِنْسِيَّةَ هِيَ مِنْ اَقْوَى الْغَرَائِزِ الَّتِي تَجْعَلُ الْاِنْسَانَ ضَعِيفاً جِدّاً وَلَايَسْتَطِيعُ الصُّمُودَ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ اَمَامَهَا مِنْ قُوَّةِ سُعَارِهَا الْمَحْمُومِ وَرَعْشَتِهَا وَرَجْفَتِهَا وَشِدَّتِهَا؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ سُبْحَانَهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ؟ وَلِذَلِكَ لَمْ يُرِدْ اَنْ يُثِيرَ شَبَقَهَا وَلَوْ بِالْحَدِيثِ عَنْهَا اِلَّا بِرُؤُوسِ اَقْلَامٍ وَلَيْسَ بِالتَّفْصِيلِ الْجَذّابِ اِلَى الْعَلَاقَةِ الْجِنْسِيَّة؟ لِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ نَهْمَةَ الرَّجُلِ فِي رَحِمِ الْمَرْاَةِ؟ وَجَعَلَ نَهْمَةَ الْمَرْاَةِ فِي عُضْوِ الرَّجُلِ الذَّكَرِي رَغْماً عَنْهُمَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ قُوَّةَ الشَّهْوَةِ وَالتَّحْرِيضِ الْجِنْسِيِّ عِنْدَ الْجِنْسَيْنِ؟ يَلْعَبَانِ دَوْراً قَوِيّاً فِي اِيجَادِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْبُوَيْضَاتِ الْمَنَوِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْ اَجْلِ حُصُولِ التَّلْقِيحِ وَالْحَمْلِ؟ وَالْمَطْلُوبَةِ اَيْضاً مِنْ اَجْلِ اِنْجَابِ اَوْلَادٍ اَقْوِيَاءِ الْبُنْيَةِ اَصِحَاءِ الْجَسَدِ وَتَتَّفِقُ وَتَتَنَاسَبُ قُوَّتُهُمْ مَعَ قُوَّةِ هَذِهِ الشَّهْوَةِ وَالتَّحْرِيض؟ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ هَذِهِ النَّهْمَةَ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي قَلْبِ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَة فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِجَاهَ الْآخَر؟ بَلْ وَضَعَهَا سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ جَسَدَيْهِمَا؟ مِنْ اَجْلِ اِثَارَةِ الرَّجُلِ لِلْمَرْاَةِ؟ وَمِنْ اَجْلِ اِثَارَةِ الْمَرْاَةِ لِلرَّجُلِ بِشَهْوَتِهِمَا مَعاً؟ مِنْ اَجْلِ اِفْرَازِ اَكْبَرِ عَدَدٍ مِنَ الْمَنَوِيَّاتِ الذَّكَرِيَّةِ وَالْبُوَيْضَاتِ الْاُنْثَوِيَّةِ؟ مِنْ اَجْلِ مَشْرُوعِ اِنْجَابِ اَطْفَالٍ نَاجِحٍ يُغْنِيهِمْ عَنْ طِفْلِ الْاَنَابِيبِ وَغَيْرِهِ مِنْ طُرُقِ الْاِنْجَاب؟ وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ اَرَادَ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَةِ قَبْلَ الزَّوَاجِ خَاصَّةً؟ اَلَّا تَسْتَعْبِدَهُمَا هَذِهِ الشَّهْوَةُ وَلَوْ بِالْكَلَامِ اَوِ الْحَدِيثِ عَنْهَا؟ لِاَنَّ قَلِيلاً مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ يَنْجَحُ فِي الْخُرُوجِ وَالنَّجَاةِ مِنْ نَارِ الشَّهْوَةِ وَسَعِيرِهَا وَسُعَارِهَا الْمَحْمُومِ اِلَى الْحَرَام؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ سُبْحَانَهُ اَرَادَ اَنْ يَجْعَلَ لَهَا ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةً صَارِمَةً تُهَذّبُهَا وَتُطْفِىءُ نَارَهَا وَلَاتُؤَجِّجُهَا اِلَى دَرَجَةِ الْكَبْتِ الّذِي يُحْرِقُ الْقُلَوبَ بِجُوعٍ جِنْسِيٍّ قَاتِلٍ يَنْتُجُ عَنْهُ عَذَابٌ اَلِيمٌ سَادِيٌّ هَائِلٌ؟ وَلِذَلِكَ قَالَ جَلَّ جَلَالُه{وَلَاتَقْرَبُوا الزّنَى(وَلَمْ يَقُلْ وَلَاتَزْنُوا لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ اَرَادَ سُبْحَانَهُ مِنْ عَبْدِهِ اَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ كُلِّ مَا يَمُتُّ اِلَى هَذِهِ الشَّهْوَةِ مِنْ صِلَةٍ قَرِيبَةٍ اَوْ بَعِيدَةٍ مِنْ زِنَى النَّظَرِ وَالسَّمْع ِوَالرَّائِحَةِ وَالتَّبَرُّجِ وَالْاِغْوَاءِ وَالْاِغْرَاءِ وَعَرْضِ الْاَزْيَاءِ الْفَاضِحَةِ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِك؟ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ لَايُرِيدُ اَنْ يُلْغِيَ هَذِهِ الشَّهْوَةَ الْجِنْسِيَّةَ مِنْ قَلْبِ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَةِ نِهَائِيّاً؟ وَاِنَّمَا اَرَادَ اَنْ يُهَذّبَهَا؟ وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا كَمَا جَعَلَ قَدَرَهُ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ وَكَمَا جَعَلَ الْمَالَ سِلَاحاً ذَا حَدَّيْنِ؟ يُمْكِنُ تَصْرِيفُهَا فِي خَيْرِ الْحَلَالِ لَا فِي شَرِّهِ مِنْ اِسْرَافٍ فِيهِ اَوْ تَبْذِيرٍ اَوْ تَقْتِير مِنْ مَحْظُورِ قَوْلِهِ تَعَالَى{كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَاتُسْرِفُوا اِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِين؟ كَمَا وَيُمْكِنُ تَصْرِيفُهَا اَيْضاً فِي شَرِّ الْحَرَامِ وَتَبْذِيرِهِ وَاِسْرَافِهِ اللُّوطِيِّ الْمِثْلِيّ من محظور قوله تعالى{اِنَّكُمْ لَتَاْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ؟ بَلْ اَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُون(وَلِذَلِكَ فَكَمَا اَنَّهُ لَاشَرَّ فِي الْحَلَالِ وَالْخَيْرِ اَبَداً اِلَّا بِالْاِسْرَافِ فِيه؟ فَكَذَلِكَ لَاخَيْرَ فِي الْحَرَامِ وَالشَّرِّ اَبَداً اِلَّا بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ عَنْهُ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْهُ؟ اَوْ اَنْ يَكُونَ مُبَاحاً لِلْمُضْطّرِّ فِي مُحَرَّمَاتِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ مَثَلاً؟ اَوْ اَنْ يَكُونَ هَدَفاً مِنْ اَجْلِ تَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ وَعَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَيْكُمْ{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ اَجْلِ تَهْذِيبِ الشَّهْوَةِ وَتَطْهِيرِ النَّفْسِ الْاَمَّارَةِ بِالسُّوءِ مِنَ الشَّهْوَةِ اِلَى فِعْلِ الْحَرَام{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا؟ فَاَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا؟ قَدْ اَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا؟ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ سُبْحَانَهُ فَرَضَ الْخِمَارَ وَالْجِلْبَابَ عَلَى الْمَرْاَةِ؟ لِاَنَّهُ سَبَقَ بِعِلْمِهِ اَنَّ كُلَّ مَحْجُوبٍ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ نَظَرِهِ اِلَى الْمَرْاَةِ مَرْغُوبٌ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَانْكِحُوا مَاطَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع( وَاِلَّا فَمِنْ اَيْنَ لِلرَّجُلِ هَذِهِ الطَّاقَةُ الْجِنْسِيَّةُ الْهَائِلَةُ حَتَّى يَنْكِحَ اَرْبَعاً مِنَ النِّسَاءِ فِي مُجْتَمَعٍ فَاضِلٍ لَاتَظْهَرُ فِيهِ امْرَاَةٌ وَاحِدَةٌ اَبَداً بِغَيْرِ جِلْبَابٍ وَخِمَار؟ اَلَمْ تُفَكِّرُوا فِي ذَلِكَ اَيَّهَا الْاِخْوَة يَوْماً مِنَ الْاَيَّام؟ اَلَمْ تُفَكِّرُوا اَنَّ كُلَّ مَحْجُوبٍ مَرْغُوبٌ حَتَّى وَلَوْ كَانَ امْرَاَةً وَاحِدَة فَقَطْ مِنْ بَيْنِ مَلَايِينِ النِّسَاءِ الْمُتَبَرِّجَات؟ حَتَّى وَلَوْ كَانَ شَجَرَةً وَاحِدَةً حَجَبَ اللهُ اَكْلَهَا وَرُؤْيَتَهَا عَنْ آدَمَ وَاَطْلَقَ لَهُ الْعَنَانَ الْاِبَاحِيَّ فِي اَكْلِ جَمِيعِ اَشْجَارِ الْجَنَّة؟ وَلِذَلكَ فَاِنَّ الْمُجْتَمَعَ الْاِبَاحِيَّ حَتَّى وَلَوْ كَانَ يَعِيشُ فِي الْجَنَّةِ وَيَتَمَتَّعُ وَيَنْعَمُ بِجَمِيعِ اَشْكَالِ الْاِبَاحِيَّةِ الْمُطْلَقَة كَمَا تَمَتَّعَ آدَمُ وَحَوَّاءُ بِمَا قَدَّرَ اللهُ لَهُمَا اَنْ يَاْكُلَا مِنَ الْجَنَّةِ رَغَداً حُيْثُ شَاءَا؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ الْمُجْتَمَعَ الْاِبَاحِيَّ لَنْ يَسْتَطِيعَ اَنْ يَصْبِرَ عَلَى الْاِبَاحِيَّةِ عَلَى اِطْلَاقِهَا اِلَى الْاَبَد؟ بَلْ سَيَمَلُّ وَيَقْرَفُ وَيَشْمَئِزُّ مِنْ رُؤْيَةِ الْاَجْسَادِ الْعَارِيَةِ صَبَاحَ مَسَاء؟ لِاَنَّهَا مَعَ مُرُورِ الْاَيَّام؟ لَابُدَّ اَنْ تُصِيبَهُ بِضَعْفِ الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ وَالتَّرْكِيز وَضَعْفِ التَّحْرِيضِ الْجِنْسِيّ اَيْضاً؟ بِسَبَبِ هَدْرِ الطّاقَةِ الْجِنْسِيَّةِ هَبَاءً مَنْثُورَاً مِنْ دُونِ زَوَاجٍ مَشْرُوع؟ وَهَدْرِ التَّرْكِيزِ اَيْضاً عَلَى مَايَضُرُّ وَلَايَنْفَع؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لِلْمُجْتَمَعِ الْاِبَاحِيِّ اَنْ يَشْتَاقَ اِلَى الْمَحْجُوبِ؟ حَتَّى يُقَيِّدَ فَلَتَانَ الْغَرِيزَةِ الْجِنْسِيَّةِ؟ بِمَا يَطْمَئِنُّ اِلَيْهِ وَتَرْتَاحُ لَهُ نَفْسُهُ مِنَ الْحِشْمَةِ وَالْفَضِيلَة؟ وَكَمْ نَسْمَعُ عَنْ حَالَاتٍ هَائِلَةٍ مِنَ الضَّعْفِ الْجِنْسِيِّ وَالْقَذْفِ السَّرِيعِ عِنْدَ الرِّجَالِ خَاصَّةً؟ لِاَنَّهُمْ لَايُبْعِدُونَ اَنْظَارَهُمْ اَبَداً عَنْ رُؤْيَةِ الْاَجْسَادِ الْعَارِيَةِ اَوْ شِبْهِ الْعَارِيَة؟ مِمَّا يَجْعَلُهُمْ مُتَوَحِّشِينَ وَمَلْهُوفِينَ بِنَهَمٍ شَدِيدٍ جِدّاً اِلَى قَضَاءِ شَهْوَتِهِمْ؟ فَتَخْرُجُ مِنْهُمْ سَرِيعاً وَلَاتَنْتَهِي مُعَانَاتُهُمْ مِنْ هَذَا الْقَذْفِ السَّرِيع؟ لِاَنَّ قُوَّةَ الْاِثَارَةِ عِنْدَ النَّظَرِ اِلَى الْاَفْلَامِ الْاِبَاحِيَّةِ تَجْعَلُهُمْ غَيْرَ قَادِرِينَ عَلَى ضَبْطِ شَهْوَتِهِمْ وَالتَّحَكُّم ِبهَا بِبُطْءٍ وَهُدُوءٍ وَرَوِيَّة؟ بَلْ يَنْفَجِرُ احْتِقَانُهُمْ مِنْ هَذِهِ الشَّهْوَةِ بِسُرْعَةٍ رَهِيبَةٍ لَاتَجْعَلُهُمْ يَهْنَؤُونَ بِلَذَّةِ هَذِهِ الشَّهْوَةِ طَوِيلاً اِلَّا عِنْدَ رُؤْيَةِ امْرَاَةٍ مُتَحَجِّبَة؟ وَلِذَلِكَ اَخِي لَايُمْكِنُ لَكَ اَنْ تَتَمَتَّعَ بِالصِّحَّةِ الْجَسَدِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ مِنْ حَلَاوَةِ هَذِهِ الشَّهْوَةِ وَلَذَّتِهَا اِلَّا بِتَنْظِيمِ تَحْرِيضِهَا فِي جَسَدِكَ وَضَبْطِهِ؟ وَذَلِكَ لَايَكُونُ اِلَّا بِامْتِنَاعِكَ عَنْ رُؤْيَةِ الْاَجْسَادِ الْعَارِيَةِ وَشِبْهِ الْعَارِيَةِ؟ وَالنَّظَرِ اِلَى الْاَجْسَادِ الْمَسْتُورَةِ بِالْخِمَارِ وَالْجِلْبَابِ؟ تَمَاماً كَمَرِيضِ السُّكَّرِي الَّذِي لَايَسْتَطِيعُ الْعَيْشَ اِلَّا بِتَنْظِيمِ حَلَاوَةِ السُّكَّرِ فِي جَسَدِهِ وَضَبْطِ الْآنْسُولِين؟ مِنْ اَجْلِ عَدَمِ تَحْرِيضِ السُّكَّرِ عَلَى مُضَاعَفَاتٍ خَطِيرَةٍ مِنَ الْهُبُوطِ اَوِ الِارْتِفَاعِ فِي الدَّمِ وَالْبَوْلِ اِلَى دَرَجَةٍ تَضْرِبُ شَبَكِيَّةَ الْعَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَمَايُرَافِقُهَا مِنْ هُبُوطٍ فِي الضَّغْطِ اَوِ ارْتِفَاع؟نَعَمْ اَخِي فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَايَسْتَطِيعُونَ ضَبْطَ شَهْوَتِهِمْ؟ قَدْ يَلْجَؤُونَ اِلَى خَمْرِ الشَّيْطَانِ وَمُخَدِّرَاتِهِ الَّتِي تَجْعَلُهُمْ غَيْرَ قَادِرِينَ اَيْضاً عَلَى ضَبْطِ عُقُولِهِمْ وَاَلْسِنَتِهِمْ؟ وَقَدْ اَخْبَرَنِي اَحَدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ قَائِلاً؟ اَشْعُرُ بِرَعْشَةٍ جِنْسِيَّةٍ وَنَشْوَةٍ لَذِيذَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا مَعَ مَنْ يَتَجَاوَبُ مَعِي مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي مُمَارَسَاتِي الْجِنْسِيَّة؟ وَلَكِنِّي اَحْتَقِرُهُ اَشَدَّ الِاحْتِقَارِ رَغْماً عَنِّي؟ فَقُلْتُ لَهُ لِمَاذَا؟ فَقَالَ اَشْعُرُ بِهِ كَاَنَّهُ مِرْحَاضٌ اَقْذِفُ فِيهِ شَهْوَتِي؟ فَقُلْتُ لَهُ مَاذَا عَنْ مَنْ لَمْ يَتَجَاوَبْ مَعَك؟ فَقَالَ اَشْعُرُ كَاَنِّهُ قِدِّيسٌ اُرِيدُ اَنْ اَرْكَعَ وَاَسْجُدَ لَهُ لِاَنَّهُ نَقَلَنِي بِسُرْعَةٍ اِلَى جَوٍّ مِنَ الْقُدْسِيَّةِ وَالطَّهَارَةِ كَمْ اَنَا مُشْتَاقٌ لَهُ وَجَائِعٌ اِلَيْه؟ فَقُلْتُ لَهُ اَسْاَلُ اللهَ اَنْ يَهْدِيَكَ اِلَى مَايُحِبُّه وَيَرْضَاه؟ فَقَالَ لِمَاذَا؟ فَقُلْتُ لَهُ{اِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ اَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ(وَهَذَا وَاضِحٌ فِي قَوْلِكَ اَنَّكَ تَكْرَهُهُ وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ بَلْ تَشْعُرُ كَاَنَّهُ مِرْحَاضٌ تُرِيدُ اَنْ تَقْذِفَ فِيهِ شَهْوَتَك لِاَنَّكَ تَحْتَقِرُ وَتُعَادِي وَتُبْغِضُ النَّاسَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ اِنْسَاناً يَجْلِبُ لَكَ النَّشْوَةَ وَاللَّذّةَ الْجِنْسِيَّةَ الْحَرَام؟ وَلَكِنِ اسْتَمِعْ مَعِي اِلَى الْمُصِيبَةِ الْاَكْبَرِ فِي بَقِيَّةِ الْآيَة{وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ؟ فَهَلْ اَنْتُمْ مُنْتَهُون(فَكَمْ اَخَافُ عَلَيْكَ مِنْ مَحْظُورِ قَوْلِهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَة(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ اِلَى السُّجُودِ فَلَايَسْتَطِيعُون؟ خَاشِعَةً اَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّة؟ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ اِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُون(فَسُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَمِنْهُ اَوَامِرُهُ بِالْخِمَارِ وَالْجِلْبَاب وَنَوَاهِيهِ عَنِ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَاَبَطَنَ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً وَضَبَطَهُ عَلَى الشَّعْرَةِ وَهَدَّدَ مَنْ يُخَالِفُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَوْ بِمِقْدَارِ ذَرَّةٍ مِنَ التَّفْرِيطِ فِي اَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ( وَخَاصَّةً النِّسَاءَ اللَّوَاتِي يُفَرِّطْنَ بِذَرَّاتٍ هَائِلَةٍ مِمَّا اَمَرَ اللهُ بِهِ مِنَ الْخِمَارِ وَالْجِلْبَاب؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام [يَامَعْشَرَ النِّسَاء اِنِّي رَاَيْتُكُنَّ اَكْثَرَ اَهْلِ النَّار(لَكِنْ هَنِئياً لِلْاُخْتِ الْفَاضِلَةِ الَّتِي تَلْتَزِمُ بِمَا اَمَرَ اللهُ بِهِ مِنَ الْخِمَارِ وَالْجِلْبَابِ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ اُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا؟ هَنِيئاً لَهَا بِنَضَارَةِ وَجْهِهَا حِينَمَا تَنْظُرُ اِلَى جَمَالِ نُورِ الله؟ هَنِيئاً لَهَا بِمَا فَعَلَتْهُ فِي جَمَالِهَا وَجَسَدِهَا مُوَافِقاً لِاِرَادَةِ اللهِ وَشَرْعِهِ الْاِسْلَامِيِّ الْحَكِيمِ بِمَا فَصَّلَ وَخَاطَ لَهَا مِنَ الْجِلْبَابِ وَالْخِمَارِ اَمَامَ الْاَغْرَاب؟ وَمُوَافِقاً لِاِرَادَةِ بُيُوتِ الْاَزْيَاءِ بِمَا فَصَّلُوا وَخَيَّطُوا لَهَا اَمَامَ زَوْجِهَا وَمَحَارِمِهَا فَقَطْ لَاغَيْر اِذَا اَمِنَتِ الْفِتْنَةَ مِنْ مَحَارِمِهَا؟ هَنِيئاً لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة؟ اِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة(وَنَحْنُ لَانَقُولُ هَذَا عَلَى مُسْتَوَى الشَّهْوَةِ الْجِنْسِيَّةِ فَقَطْ؟ بَلْ عَلَى مُسْتَوَى الطَّعَامِ اَيْضاً؟ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْمُجْتَمَعُ الْاِبَاحِيُّ يَاْكُلُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى مِنْ اَطْيَبِ الطَّعَام؟ فَاِنَّهُ لَنْ يَصْبِرَ اَيْضاً عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَام حَتَّى وَلَوْ كَانَ مِنْ اَطْيَبِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الَّذِي خَلَقَهُ الله؟ فَاِنَّهُ يَشْتَاقُ اِلَى الطَّعَامِ الْمَحْجُوبِ عَنْهُ مِنْ نَبَاتِ الْاَرْضِ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ بَنِي اِسْرَائِيل{لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ(كَمَا سَيَاْتِي؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الشَّيْطَانَ جَاءَ اِلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ فَخَلَعَ مَلَابِسَهُ اَمَامَهُمَا وَاَصْبَحَ عَارِياً مِنَ الْحِشْمَةِ وَالْخَجَلِ وَالْحَيَاء؟ فَلَمَّا اَنْكَرَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِمَا مَاذَا تَفْعَل هَلْ اَصَابَكَ الْجُنُون؟ قَالَ لَهُمَا جَسَدِي مُلْكٌ لِي اَتَحَكَّمُ بِهِ كَيْفَ اَشَاء وَلَيْسَ مُلْكاً لِغَيْرِي وَلَايَسْتَطِيعُ غَيْرِي اَنْ يَتَحَكَّمَ فِي جَسَدِي اِلَّا بِمَا اَشَاءُ اَنَا؟ فَقَالَ آدَمُ وَحَوَّاء بَلْ اِنَّ جَسَدَنَا وَجَسَدَكَ مُلْكٌ لِمَنْ خَلَقَ الْاَجْسَادَ لِيَتَحَكَّمَ بِهَا كَيْفَ يَشَاءُ سُبْحَانَه؟ فَقَالَ لَهُمَا بَلْ اِنَّ جَسَدَكُمَا مُلْكٌ لَكُمَا بِدَلِيلِ حُرِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ الَّتِي اَعْطَاكُمَا خَالِقُكُمَا؟ فَقَالَا لَهُ وَمَاهِيَ حُرِّيَّةُ الِاخْتِيَارِ هَذِهِ؟ فَقَالَ اَنْ تَاْكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا مِنْ طَعَامِ الْجَنَّة؟ فَقَالَا لَهُ اَنْتَ كَاذِب اِلَّا هَذِهِ الشَّجَرَة؟ فَقَالَ{مَانَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ اِلَّا اَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ اَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِين؟ وَقَاسَمَهُمَا اِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين{بِمَعْنَى اَنَّهُ اَقْسَمَ بِاللهِ لَهُمَا اَنَّهُ لَايَكْذِبُ عَلَيْهِمَا وَيَتَمَنَّى لَهُمَا الْخَيْرَ؟ وَكَانَ الْمِسْكِينَانِ يَعْتَقِدَانِ اَنَّهُ لَايُمْكِنُ لِاَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللهِ اَنْ يُقْسِمَ قَسَماً اَوْ يَمِيناً كَاذِباً؟ وَلِذَلِكَ صَدَّقَاه{فَدَلَّاهُمَا بِغُرُور؟ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا؟ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّة؟ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا اَلَمْ اَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَاَقُلْ لَكُمَا اِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِين{يَابَنِي آدَمَ قَدْ اَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشَا؟ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر(يَابَنِي آدَمَ اِنَّ اَجْسَادَكُمْ مُلْكٌ لِمَا اَنْزَلْتُهُ عَلَيْكُمْ مِنْ لِبَاسٍ يَسْتُرُ عَوْرَاتِكُمْ؟ وَلَيْسَتْ مُلْكاً لَكُمْ ولا لبيوت الازياء والدعارة يكشفون و تَكْشِفُونَ مِنْهَا مَاتَشَاؤُونَ مِنْ عَوْرَاتِكُمْ؟ يَابَنَاتِ حَوَّاء اِنَّ اَجْسَادَكُنَّ مُلْكٌ لِمَا اَنْزَلْتُهُ عَلَيْكُنَّ مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَى الَّذِي يَقِيكُنَّ وَيَحْمِيكُنَّ مِنْ مُلْكِيَّةِ نَارِ جَهَنَّمَ لِاَجْسَادِكُنَّ رَغْماً عَنْكُنَّ؟ لِاَنَّهَا تَحْتَاجُ حَاجَةً مَاسَّةً اِلَى اَجْسَادِكُنَّ حَتَّى تَشْتَعِلَ فِيهَا{نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة( يَا بَنَاتِ حَوَّاء؟ اِنَّنِي اَنَا اللهُ لَا اِلَهَ اِلَّا اَنَا الَّذِي خَلَقْتُهَا؟ وَاَنَا الَّذِي اَمْلِكُهَا بِمَا خَيَّطْتُّهُ وَفَصَّلْتُهُ لَكُنَّ مِنْ خِمَارٍ وَجِلْبَاب؟ فَاِيَّاكُنَّ اَنْ تَنْتَزِعْنَ مُلْكِي لِاَجْسَامِكُنَّ وَتَجْعَلْنَهُ مُلْكاً لِرَئِيسِ شَيَاطِينِ بُيُوتِ الْاَزْيَاءِ اِبْلِيس يَكْشِفُ مِنْهَا مَايَشَاء وَيَسْتُرُ مِنْهَا مَايَشَاء اِلَّا اَمَامَ اَزْوَاجِكُنَّ وَمَحَارِمُكُنّ بِالضَّوَابِطِ الْمَعْرُوفَة فَلَايَجُوزُ لِلْمَرْاَةِ اَنْ تَكْشِفَ لِمَحَارِمِهَا مَايَجُوزُ لَهَا اَنْ تَكْشِفَهُ لِزَوْجِهَا{يَابَنِي آدَمَ لَايَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا اَخْرَجَ اَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا(وَكَلِمَةُ شَيْطَان تَشْمَلُ شَيَاطِينَ الْاِنْسِ وَالْجِنّ؟ وَاَحْيَاناً يَكُونُ شَيْطَانُ الْاِنْسِ اَخْطَرَ مِنْ شَيْطَانِ الْجِنِّ بِكَثِيرٍ هَائِلٍ جِدّاً؟ وَكَلِمَة سَوْآتِهِمَا بِمَعْنَى عَوْرَاتِهِمَا؟ بِمَعْنَى اَعْضَائِهِمَا التَّنَاسُلِيَّةِ الذَّكَرِيَّةِ وَالْاُنْثَوِيَّة وَهِيَ الْقَضِيبُ الذَّكَرِيُّ الْمَعْرُوف وَرَحِمُ الْمَرْاَة؟ وَسُمِّيَتْ سَوْاَةً لِاَنَّهَا تُسِيءُ اِلَى مَنْ يَنْظُرُ اِلَيْهَا بِسُعَارٍ جِنْسِيٍّ مَحْمُوم وَتَحْرِيضٍ جِنْسِيٍّ اِلَى الْحَرَامِ الْمِثْلِيِّ وَالزِّنَا؟ وَلِذَلِكَ كَانَتِ النَّتِيجَةُ اَنْ فَازَ الشَّيْطَانُ بِالْخُلُودِ اِلَى قِيَام ِالسَّاعَةِ وَاَصْبَحَ مَلِكاً عَلَى اَوْلَادِهِ الشَّيَاطِين؟ وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ اَنْ يَنْجُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَتَجِدَنَّهُمْ اَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ اَشْرَكُوا يَوَدُّ اَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ اَلْفَ سَنَة وَمَاهُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ اَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين( أيْ مُحِيطٌ بِهِمْ بِنَارِ جَهَنَّمَ وَلَنْ يُفْلِتُوا مِنْ عِقَابِهِ مَهْمَا طَالَتْ اَعْمَارُهُمْ؟ وَقَدْ يَنْسَوْنَ جَمِيعَ جَرَائِمِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ لَايَنْسَى اَبَداً؟ اِلَّا اِذَا تَابُوا اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً بِشُرُوطِهَا الْمَعْرُوفَةِ؟ فَاِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَنَاسَى جَرَائِمَهُمْ فِي حَالِ تَوْبَتِهِمْ؟ وَاَمَّا الْمِسْكِينَانِ آدَمَ وَحَوَّاء فَقَدْ مَاتَا وَلَمْ يُصْبِحَا مَلَكَيْنِ وَلَمْ يَخْلُدَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ اَصْبَحَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا مَلَكَيْنِ خَالِدَيْنِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ فِي الْقُبُورِ اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَمَا بَعْدَهَا بَلْ اِلَى اَبَدِ الْآبِدِين؟ وَلِذَلِكَ اَخِي لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ فِي اَعْضَائِهِمْ التَّنَاسُلِيَّةِ وَ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ اِذَا حَلَلْتَ اَهْلاً وَسَهْلاً ضَيْفاً كَرِيماً وَكَانَ صَاحِبُ الْبَيْتِ يَكْرَهُ اَنْ تَطَّلِعَ عَلَى شَيْءٍ يَخُصُّهُ فِيمَا لَمْ يَسْمَحْ لَكَ اَنْ تَحْشُرَ اَنْفَكَ فِيهِ اَوْ تَقْتَرِبَ مِنْهُ كَمَا فَعَلَ آدَمُ وَحَوَّاءُ حِينَمَا اَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ؟ وَقَدْ سَمَحَ لَهُمَا صَاحِبُ الْبَيْتِ سُبْحَانَهُ اَنْ يَسْرَحَا وَيَمْرَحَا فِي جَمِيعِ غُرُفَاتِ الْجَنَّةِ رَغَداً مِنَ الْعَيْشِ حَيْثُ شَاءَا؟ وَلَمْ يَسْمَحْ لَهُمَا بِالِاقْتِرَابِ مِنَ الْغُرْفَةِ الْمَقْفُولَةِ الَّتِي بِدَاخِلِهَا شَجَرَةٌ تَخُصُّهُ سُبْحَانَه وَقَدْ سَتَرَهَا عَنْ اَعْيُنِهِمَا وَلَايُرِيدُ لِاَحَدٍ اَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا وَلَا اَنْ يَاْكُلَ مِنْهَا وَلَا اَنْ يَسْتَبْدِلَ الَّذِي هُوَ اَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَهُوَ رَغَدُ الْعَيْشِ الَّذِي كَانَا يَاْكُلَانِهِ مِنْ جَمِيعِ اَشْجَارِ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَا؟ فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ اَنْ فَضَحَا مَاسَتَرَهُ اللهُ مِنْ عَوْرَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَشَرِّهَا؟ وَكَانَ آدَمُ يَعْلَمُ عِلْماً يَقِينِيّاً اَنَّ اللهَ خَالِقُ الشَّرِّ كَمَا هُوَ خَالِقُ الْخَيْرِ سُبْحَانَهُ؟ بَلْ كَانَ يَعْلَمُ اَسْمَاءَ الْخَيْرِ وَاَسْمَاءَ الشَّرِّ كُلَّهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَعَلَّمَ آدَمَ الْاَسْمَاءَ كُلَّهَا(وَلِذَلِكَ لَاعُذْرَ لِآدَمَ اَبَداً فِي اَكْلِهِ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ اِلَّا مَاوَرَدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَقَاسَمَهُمَا(وَقَدْ كَانَ آدَمُ مِسْكِيناً عَلَى نِيَّاتِهِ كَمَا يُقَال حِينَمَا ظَنَّ اَنْ لَا اَحَدَ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللهِ يَحْلِفُ كَاذِباً اَبَداً؟ وَلَكِنَّ اللهَ نَبَّهَهُ اِلَى عَدَاوَةِ اِبْلِيسَ الشَّدِيدَةِ لَهُ وَلِاَبْنَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ؟ فَلَمْ يَسْتَمِعْ لَهُ وَاَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ؟ فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ اَنْ فَضَحَهُمَا الشَّيْطَانُ وَكَشَفَ لَهُمَا عَوْرَاتِهِمَا كَمَا فَضَحَا مَاسَتَرَهُ سُبْحَانَهُ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الشَّجَرَة وَعَوْرَتِهَا؟ وَكَانَتِ النَّتِيجَةُ اَيْضاً اَنِ اسْتَبْدَلَا نَعِيمَ الْجَنَّةِ الْاَعْلَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمَا بِالْاَدْنَى مِنْ شَرِّ اَكْلِهِمَا مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَة؟ فَاَبْدَلَهُمَا اللهُ نَعِيمَ الْجَنَّةِ الْاَعْلَى بِالْاَدْنَى مِنْ شَقَاءِ هَذِهِ الدُّنْيَا وَبُؤْسِهَا وَتَعَاسَتِهَا وَكَدْحِهَا؟ كَمَا فَعَلَ بَنُو اِسْرَائِيلَ حِينَمَا قَالُوا لِمُوسَى{لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ؟ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْاَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا؟ قَالَ اَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ اَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْر؟ اِهْبِطُوا مِصْراً فَاِنَّ لَكُمْ مَاسَاَلْتُمْ؟ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ الله؟ ذَلِكَ بِاَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ؟ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون}نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة{ اِنَّهُ كَانَ لَايُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيم؟ وَلَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ كَمْ كُنْتُ اَسْتَغْرِبُ فِي طُفُولَتِي حِينَمَا اَمَرَ رَسُولُ اللهِ بِقَتْلِ جَمِيعِ الْكِلَابِ؟ حِينَمَا جَاءَتْ اِلَيْهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَقَالَ لَهَا لَقَدْ طَالَتْ غَيْبَتُكُمْ عَنَّا حَتَّى جَعَلْتُمُونَا نَشْتَاقُ اِلَيْكُمْ؟ فَهَلْ وَدَّعَنِي رَبِّي وَهَجَرَنِي؟ فَقَالُوا يَارَسُولَ الله اِنَّا لَانَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْب؟ وَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَالضُّحَى؟ وَاللَّيْلِ اِذَا سَجَى؟ مَاوَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَاقَلَى(فَكُنْتُ اَسْتَغْرِبُ مِمَّنْ اَرْسَلَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ اَنْ يَاْمُرَ بِقَتْلِ الْكِلَاب؟ وَاَمَّا الْيَوْم فَقَدْ اَدْرَكْتُ الْحَقِيقَةَ الْمُرَّة؟ وَهِيَ اَنَّ خَنَازِيرَ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَة يَاْمُرُونَ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ يَقُولُ لَا اِلَهَ اِلَّا الله مِنْ اَجْلِ رَاحَةِ كِلَابِهِمْ الْمُدَلَّلَة مِنْ اَحْفَادِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ اَمْثَالِهِمْ مِنَ الْيَهُود؟ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ يَقْتُلُ الْكِلَابَ مِنْ اَجْلِ اسْتِضَافَةِ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ رَحْمَةٍ لِلنَّاسِ جَمِيعاً فِي مَكَّةَ وَالْعَالَم؟ وَاَمَّا خَنَازِيرُ الصُّلْبَانِ فِي اَيَّامِنَا فَاِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ الْاِنْسَانَ وَيُشَرِّدُونَهُ وَيُهَجِّرُونَهُ وَيُجِيعُونَهُ وَيُنَكِّلُونَ بِهِ وَيَلْعَنُونَ حُقُوقَهُ مِنْ اَجْلِ حُضُورِ الْكِلَابِ ضُيُوفاً كِرَاماً اِلَى بُيُوتِهِمْ؟ لِاَنَّهُمْ لَايُرِيدُونَ اِنْسَاناً وَفِيّاً لِاَخِيهِ الْاِنْسَان؟ بَلْ يُرِيدُونَ كَلْباً وَفِيّاً لِغَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ وَيَعَضُّ الْيَدَ الَّتِي امْتَدَّتْ اِلَيْهِ بِالْاِحْسَان؟ وَلَايُرِيدُونَ دِيناً مِثْلَ دِينِ مُحَمَّدٍ وَفِيّاً كَرِيماً حَتَّى مَعَ اَعْدَائِهِ الْخَائِنِينَ الَّذِينَ يَخَافُ مِنْ غَدْرِهِمْ وَلَايُعَامِلُهُمْ بِمِثْلِ غَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ اِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ اِنَّ اللهَ لَايُحِبُّ الْخَائِنِين(نَعَمْ اِنَّ اللهَ لَايُحِبُّ خِيَانَةَ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ؟ وَلَايُحِبُّ خِيَانَةَ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ اَنْ تُعْلِمَهُمْ اَنَّكَ نَقَضْتَّ جَمِيعَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ بِسَبَبِ خَوْفِكَ مِنْ غَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ وَاَلَّا تَبْغَتَهُمْ فِي دِيَارِهِمْ فَجْاَةً مِنْ دُونِ سَابِقِ اِنْذَارٍ مِنْكَ لَهُمْ حَتَّى لَوْ اَدَّى بِكَ ذَلِكَ اِلَى اَنْ يَحْتَاطُوا لِمُوَاجَهَتِكَ وَيُعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا فَلَا اُحِلُّ لَكَ دِمَاءَهُمْ اِلَّا بَعْدَ اَنْ تَضَعَهُمْ فِي صُورَةٍ مَنْبُوذَةٍ لِعُهُودِكَ وَعُهُودِهِمْ مَعَكَ سَوِيَّةً فِي أيِّ صُلْحٍ اَوْ هُدْنَةٍ بِسَبَبِ غَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ؟ فَيَااَيَّتُهَا الدُّوَلُ الْمُتَكَبِّرَة؟ اَيَّتُهَا الدُّوَلُ الْمُتَعَجْرِفَة؟ اَيُّهَا الْمُسْتَكْبِرُونَ فِي الْاَرْض؟ كَمْ هُنَالِكَ مِنْ شُعُوبٍ جَائِعَةٍ فِي الْاَرْضِ وَاَنْتُمْ مُتْرَفُونَ مُتْخَمُونَ فِي الْاَرْض؟ وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْاِفْرِيقِيِّينَ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَنْتَشِرُ فِيهَا الْجُوع حِينَمَا قَالُوا لَهُ مَاذَا تَتَمَنَّى؟ فَقَالَ لَهُمْ اَتَمَنَّى اَنْ اَكُونَ كَلْباً مِنْ كِلَابِ خَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ الْاَمْرِيكِيِّينَ اَوِ الْبَرِيطَانِيِّين؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْجُوعِ الْكَافِرِ الَّذِي جَعَلَ الْكَفَرَةَ مِنْ خَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ يَعْبُدُونَ الْحَيَوَانَ كَمَا يَعْبُدُ الْهُنُودُ الْفِئْرَان؟ بَلْ يُطَالِبُونَ بِحُقُوقِ الْحَيَوانِ وَيَكْفُرُونَ بِحُقُوقِ الْاِنْسَان؟ وَانْظُرْ اِلَى الْقِطَطِ وَالْكِلَابِ الْمُدَلَّلَة؟ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ الرَّحْمَةَ وَالرَّاْفَةَ بِالْحَيَوَانِ مِنْ صَمِيمِ تَعَالِيمِ دِينِنَا قَبْلَ دِينِ مَنْ لَادِينَ لَهُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْخَنَازِيرِ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ النَّاسَ صَبْراً عَلَى صَلِيبِ جُوعِهِمْ؟ لَكِنَّ دِينَنَا لَايَقْبَلُ اَبَداً اَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ عَلَى قَدَمٍ وَسَاقٍ فِي تَدْلِيلِ الْكِلَابِ وَفِي اِذْلَالِ عِبَادِ الله؟ فَهُنَا الْفَارِقُ الْفَاجِع؟ نَعَمْ كَمْ مِنْ كَلْبٍ يُدَلَّل؟ وَكَمْ مِنْ اِنْسَانٍ يُوطَاُ بِالْاَقْدَام؟ كَمْ مِنْ كَلْبٍ يُقَدَّمُ لَهُ مَالَذَّ وَطَابَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَاب؟ وَكَمْ مِنْ اِنْسَانٍ يَمُوتُ جُوعاً وَعَطَشاً وَعُرِيّاً وَبَرْداً قَارِساً وَمَرَضاً وَنَزْفاً حَتَّى الْمَوْتِ بِلَا حُدُودٍ مِنْ تَعَاسَتِهِ وَبُؤْسِهِ وَشَقَائِهِ وَاَطِبَّاءَ بِلَا حُدُودٍ لَايُحَرِّكُونَ سَاكِناً؟ اَيْنَ الْاِنْسَانِيَّة؟ اَيْنَ اَنَاجِيلُ الْخَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ الْمُجْرِمِين؟ اَيْنَ مَافِيهَا مِنْ تَسَامُح؟ هَلْ هُوَ تَسَامُحٌ مَزْعُومٌ مُنَافِقٌ كَذّاب؟ اِلَى مَتَى سَيَبْقَى حِبْراً عَلَى وَرَقِ اَنَاجِيلِهِمْ؟ اَيْنَ الَّذِينَ يَغَارُونَ عَلَى حُقُوقِ الْاِنْسَان؟ نَعَمْ كَمْ مِنْ كَلْبٍ يُعْرَضُ عَلَى الطَّبِيبِ الْبَيْطَرِي هَلْ هُوَ مَسْمُوم؟ هَلْ هُوَ مَرِيض؟ هَلْ هُوَ كَذَا؟ وَمَااَشَدَّ لَهْفَةَ خَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ عَلَيْهِ وَعَلَى عِلَاجِه؟ وَمَااَشَدَّ بُكَاءَهُمْ عَلَى الْقِطّ وَالْكَلْبِ اِذَا مَات؟ وَمَااَقْسَى قُلُوبَهُمْ عَلَى اُنَاسٍ يَمُوتُونَ وَهُمْ جَرْحَى؟ يَمُوتُونَ وَهُمْ جَوْعَى؟ يَمُوتُونَ عُرِيّاً وَبَرْداً؟ فَكَمْ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَمُوتُ دُونَ اَنْ يُقَدِّمُوا لَهُمْ اَبْسَطَ مُقَوِّمَاتِ الْغِذَاءِ وَالشَّرَابِ وَالْعِلَاجِ وَالدَّوَاءِ وَالْاِسْعَافِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْاِسْعَافَاتِ الْاَوَلِيَّة؟ فَيَامَنْ تُنَادُونَ بِحُقُوقِ الْاِنْسَان؟ لِمَاذَا لَاتُعْطُونَ الْاِنْسَانَ وَلَوْ شَيْئاً يَسِيراً مِنَ الْحُقُوقِ الْهَائِلَةِ الَّتِي تُعْطُونَهَا لِلْكِلَابِ فِي الْغَرْبِ الصَّلِيبِي حَتَّى يَكُونَ مَحْظُوظاً سَعِيداً؟ مَعَاذَ اللهِ اَنْ يَحْصَلَ ذَلِكَ اِلَّا فِي الْاَحْلَام؟ وَاِنَّهُ لَشَيْءٌ وَاللهِ لَايَتَقَبَّلُهُ الْعَقْلُ اَبَداً؟ شَيْءٌ وَاللهِ يَجْعَلُ الْاِنْسَانَ فِي حَيْرَةٍ مِنْ اَمْرِه؟ فَهَلْ بَلَغَ احْتِقَارُ الْاِنْسَانِ عِنْدَكُمْ اِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ الدُّنْيَا؟ هَلْ بَلَغَ مِنْ كُرْهِ الْاِنْسَانِ لِاَخِيهِ الْاِنْسَانِ اَنَّهُ يُجِيعُهُ وَيُجْهِزُ عَلَيْهِ وَلَايُطْعِمُهُ وَلَايَسْقِيه؟ فَاَيْنَ اَنْتُمْ يَانَاس يَاعُقَلَاء مِنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَااَيُّهَا النَّاس(وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا؟ وَلَمْ يَقُلْ يَااَيُّهَا المسلمون؟ وَلَايَااَهْلَ الْكِتَابِ فَحَسْب؟ بَلْ قَالَ{يَااَيُّهَا النَّاسُ(جَمِيعاً{اِتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا؟ وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءَ؟ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْاَرْحَام(أيْ صِلُوا الْاَرْحَامَ الْاِنْسَانِيَّةَ الْقَرِيبَةَ وَالْبَعِيدَة وَاتَّقُوا قَطِيعَتَهَا{اِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَا(اَلْبَشَرُ جَمِيعاً يَنْتَسِبُونَ اِلَى رَحِمٍ وَاحِدَة وَيَجْتَمِعُونَ فِي اَرْحَامِهِمْ جَمِيعاً بِهَا؟ اِنَّهَا اُمُّنَا حَوَّاء؟ اِنَّهُ اَبُونَا آدَمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَلَقَدْ اَعْلَنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاع[اِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِد؟ اِنَّ اَبَاكُمْ وَاحِد؟ كُلُّكُمْ لِآدَمَ؟ وَآدَمُ مِنْ تُرَاب(فَلِمَاذَا يَفْجُرُ الْاِنْسَانُ عَلَى اَخِيهِ الْاِنْسَان؟ لِمَاذَا يَتَكَبَّرُ عَلَيْهِ اَكْثَرَ مِنْ تَكَبُّرِ الْوُحُوش؟ وَاللهِ اِنَّنَا نَظْلِمُ الْوُحُوش؟ لِاَنَّ الْوَحْشَ اِنَّمَا يَفْتَرِسُ لِيَاْكُل؟ فَاِذَا شَبِعَ تَرَكَ فَرِيسَتَه؟ وَاَمَّا الْاِنْسَان اِذَا اَوْلَغَ فِي الدِّمَاءِ؟ فَاِنَّهُ لَايَشْبَعُ اَبَداً مِنْ اِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَسَفْكِهَا بِغَيْرِ حَقّ؟ فَيَااَيَّتُهَا الْاَرْضُ الْكَئِيبَة؟ يَامَنْ تَئِنّينَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَرْحَى؟ وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمَظْلُومِينَ؟ وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْجَائِعِين؟ وَتَئِنِّينَ مِنَ الرَّوَائِحِ الَّتِي فَاحَتْ مِنْ جُثَثٍ مُحْتَرِقَة؟ وَمِنْ جُثَثٍ بَالِيَة؟ فَيَارَبّ؟ مَنْ لَنَا سِوَاكَ يَااَلله؟ نَعَمْ اَخِي؟ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُتْخَمُونَ وَغَيْرُهُمْ يَجُوع؟ اَلَا يَخْشَوْنَ يَوْماً يَمُوتُونَ فِيهِ جُوعاً؟ وَيُسَلّطُ اللهُ عَلَيْهِمُ الْاَمْرَاضَ؟ وَيَبْتَلِيهِمْ بِمَا لَايَحْتَسبُونَ لَهُ احْتِسَاباً؟ وَلَايَجِدُونَ لَهُ عِلَاجاً؟ فَاِلَى مَتَى يَعِيشُ الْاِنْسَانُ فِي غَفْلَةٍ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلّ؟ وَعَنْ اَخِيهِ الْاِنْسَانِ؟ وَلَايُفَكِّرُ فِيهِمَا اَبَداً؟ فَلَا{ يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيم؟ وَلَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين؟ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَهُنَا حَمِيم(لَيْسَ لَهُ صَدِيقٌ يَحْمِيهِ وَيُدَافِعُ عَنْهُ بِحَرَارَةِ حُبِّهِ لَهُ وَعَلَاقَتِهِمَا الْحَمِيمِيَّة؟ لَازَوْجَتُهُ؟ وَلَااَوْلَادُهُ؟ وَلَا صَاحِبُهُ وَلَا خَلِيلُهُ؟ بَلْ لَهُ شَرَابٌ مِنْ مَاءٍ حَمِيمٍ يُقَطّعُ اَمْعَاءَهُمْ{اَلْاَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ اِلَّا الْمُتَّقِين( فَيَامَنْ اَتْخَمْتَ نَفْسَكَ فِي الطَّعَامِ وَاَجَعْتَ غَيْرَك؟ وَيَامَنْ فَعَلْتَ وَفَعْلْت؟ مَاذَا سَيَكُونُ طَعَامُكَ يَوْمَ الْقِيَامَة{اِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْاَثِيم؟ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُون كَغَلْيِ الْحَمِيم؟ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ اِلَى سَوَاءِ الْجَحِيم؟ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَاْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيم؟ ذُقْ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم( نَعَمْ كُنْتَ عَزِيزاً فِي الدُّنْيَا؟ تَاْخُذُكَ الْعِزَّةُ بِالْاِثْم؟ وَتَعْتَزُّ بِصُحْبَتِكَ لِشَيَاطِينِ الْاِنْسِ وَالْجِنّ؟ وَاَمَّا الْيَوْمَ؟ فَاِنَّكَ سَتُهَانُ بِزَقّومٍ {يَغْلِي فِي الْبُطُون كَغَلْيِ الْحَمِيم(كَغَلْيِ النَّارِ الْحَارَّةِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى{فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَهُنَا حَمِيم؟ وَلَا طَعَامٌ اِلَّا مِنْ غِسْلِين(وَغِسْلِينُ بِمَعْنَى عُصَارَةِ اَهْلِ النَّار وَغُسَالَتِهُمْ مِنْ صَدِيدِهِمْ وَقَيْحِهِمْ وَدِمَائِهِمُ الَّتِي تَسِيلُ مِنْهُمْ جَمِيعاً بَعْدَ اِحْرَاقِهِمْ بِنَارِ جَهَنَّمَ وَتَعْذِيبِهِمْ؟ فَتُقَدَّمُ اِلَيْهِمْ هَذِهِ الْعُصَارَةُ؟ فَيُضْطّرُّونَ اِلَى اَكْلِهَا مِنْ شِدَّةِ جُوعِهِمْ وَعَطَشِهِمْ؟ ثُمَّ يُقَدَّمُ اِلَيْهِمُ الزَّقُّومُ فَيَغُصُّونَ{اِنَّ لَدَيْنَا اَنْكَالاً وَجَحِيمَا؟ وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً اَلِيمَا( فَيَطْلُبُونَ الْمَاءَ فَيُعْطَى لَهُمُ الْمَاءُ؟ وَيَالَيْتَهُمْ لَايَعْطَشُونَ وَلَايَجُوعُونَ اَبَداً وَلَايُعْطَى اَيُّ مَاءٍ وَلَاطَعَامٍ لَهُمْ؟ لِاَنَّهُمْ فِي الْجَحِيمِ{اِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوه؟ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقَا(وَالْمَعْنَى اَنَّ بُخَارَ الْمَاءِ وَحْدَهُ يَكْفِي لِيَشْوِيَ وُجُوهَهُمْ مِنْ بَعِيد؟ بَلْ اِنَّ الْحَرَارَةَ الدَّاخِلِيَّةَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ؟ اَشَدُّ مِنْ الْحَرَارَةِ الْخَارِجِيَّةِ؟ فَتَتَسَاقَطُ جُلُودُهُمْ؟ وَيَتَحَوَّلُونَ اِلَى هَيَاكِلَ عَظْمِيَّة؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِاللهِ الْعَظِيم وَلَايَحُضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين يَشْرَبُونَ الْمَاءَ رَغْماً عَنْهُمْ زِيَادَةً فِي تَنْكِيلِ اللهِ وَتَعْذِيبِهِ وَبَطْشِهِ بِهِمْ وَانْتِقَامِهِ مِنْهُمْ{وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ اَمْعَاءَهُمْ(نَعَمْ اَمْعَاؤُهُمْ هَذِهِ الَّتِي كُانُوا يَطْحَنُونَ فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الْحَرَامِ فِي الدُّنْيَا؟ وَلَاتُلْقِي شَيْئاً مِنَ الطَّعَامِ اِلَى اَمْعَاءِ الْفُقَرَاءِ الْجَائِعَةِ الْخَاوِيَة؟ هَاهِيَ الْيَوْمَ تَتَقَطَّعُ بِمَاءٍ حَمِيمٍ يَغْلِي فِي اَعْلَى دَرَجَاتِ الْحَرَارَة؟ ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ اَدْبَارِهِمْ فِي اَشَدِّ الْعَذَابِ مَعَ مَنْ قَالَ اللهُ عَنْهُمْ{اَلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيَّا؟ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ اَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ اَشَدَّ الْعَذَاب(لِمَاذَا{اِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِين[مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِىء(لِاَنَّ الْمُحْتَكِرُونَ مِنْ اَقْوَى اَعْدَاءِ الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ لَايُطْعِمُونَهُمْ وَلَايَحُضُّونَ اَنْفُسَهُمْ وَلَاغَيْرَهُمْ عَلَى اِطْعَامِهِمْ(وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً فِي اَشَدِّ الْعَذَابِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودِهُمْا الْخَاطِئِين؟ لِاَنَّ هَؤُلَاءِ خَاطِئُونَ مِثْلُهُمْ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ فليس له اليوم ههنا حميم وَلَاطَعَامٌ اِلَّا مِنْ غِسْلِين؟ لَايَاْكُلُهُ اِلَّا الْخَاطِئُون( اَللَّهُمَّ لَاتَجْعَلْنَا مِنْهُمْ يَارَبَّ الْعَالَمِين؟ وَاجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ مِنْ حَوْضِ نَبِيِّكَ؟ وَيَاْكُلُونَ مِنْ ثِمَارِ جَنَّتِكَ؟ وَتَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ رُؤْيَتُكُ الْبَهِيَّةُ يَوْمَ الْقِيَامَة{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة؟ اِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة{قُلْ صَدَقَ اللهُ؟ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ اِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً؟ وَمَاكَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين}اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ؟ حَمْداً لِله وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى رَسُولِ الله وَعَلَى اِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ فَيَا اَيُّهَا الْاِخْوَة{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَة( فَلَادَاعِيَ لِلْهَمْزِ وَاللَّمْزِ وَالثَّرْثَرَةِ وَاللَّغْوِ مِنَ الْكَلَامِ حَوْلَ الْاَمْوَالِ الَّتِي نَجْمَعُهَا فِي صُنْدوقِ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي نُصَلّي فِيه؟ وَلَااَقُولُ لَكُمْ اِلَّا صِدْقاً اِنْ شَاءَ الله؟ وَهُوَ اَنَّ الْمَالَ الَّذِي نَجْمَعُهُ فِي الْمَحَارِمِ عَلَى بَابِ الْجَامِعِ وَفِي صُنْدُوقِ التَّبَرُّعَاتِ الْخَاصِّ بِالْجَامِعِ كُلُّهُ لِلْجَامِع؟ وَوَاللهِ الَّذِي لَااِلَهَ اِلَّا هُوَ لَايَخْرُجُ مِنْهُ لَيْرَة وَاحِدَة اِلَى غَيْرِ مَصْلَحَةِ الْجَامِع؟ وَلِذَلِكَ كُلُّ اِشَاعَةٍ تَكُونُ خِلَافَ ذَلِكَ فَهِيَ اِشَاعَةٌ كَاذِبَة مُغْرِضَةٌ حَاقِدَة؟ وَلِذَلِكَ اَعُودُ وَاُؤَكِّدُ لَكُمْ اَنَّ مَايُجْمَعُ عَلَى بَابِ الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِي الْمُنَاسَبَاتِ اِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ الْجَامِعِ فَقَط؟ وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم اَنَّ النَّصَارَى فِي كَنَائِسِهِمْ لَايُدَقّقُونَ عَلَى بَعْضِهِمْ هَذَا التَّدْقِيقَ الْفَاضِحَ الْهَمَّازَ اللَّمَّازَ الْمُعِيبَ كَمَا يُدَقّقُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اَمْوَالِهِمْ وَاَنَا لَسْتُ ضِدَّكُمْ؟ وَلَكِنْ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ بِمِقْدَار؟ فَلَايَجُوزُ الطَّعْنُ عَلَى الشُّرَفَاءِ وَالْاَبْرِيَاءِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ الْاَمَانَاتِ وَلَايَخُونُونَهَا اِلَّا بِدَلِيلٍ قَاطِع؟ لِاَنَّ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ اَنْ يُخَوَّنَ الْاَمِينُ؟ وَاَنْ يُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ؟ وَاَنْ يَكُونَ اَسْعَدَ النَّاسِ لُكَعُ بْنُ لُكَع وَهُوَ اللَّئِيمُ بْنُ اللَّئِيم؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ اَيُّهَا الْاَبْنَاء؟ لَقَدْ عَلَوْتُمْ فِي نَظَرِي؟ وَازْدَادَ حُبِّي لَكُمْ حُبّاً عَلَى حُبّ شَبَاباً وَكُهُولاً وَشُيُوخاً؟ حِينَمَا تَسْتَرْشِدُونَ بِمَا اَقُولُهُ لَكُمْ؟ وَاَحْسَبُنِي اَنْظُرُ بِمِنْظَارِ الْحَقِيقَةِ اِنْ شَاءَ الله؟ وَتَجْرِبَتِي هِيَ الَّتِي عَلَّمَتْنِي ذَلِك؟ وَلِذَلِكَ كَمْ كَبِرْتُمْ فِي نَظَرِي؟ وَكَمِ ازْدَادَ حُبُّكُمْ فِي قَلْبِي؟ حِينَمَا اسْتَمَعْتُمْ اِلَيَّ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ انْصَرَفْتُمْ اِلَى بُيُوتِكُمْ آمِنِينَ سَالِمِين؟ وَكَذَلِكَ الَّذِينَ هُمْ مَاْمُورُونَ بِالْحِرَاسَةِ وَحِفْظِ الْاَمْنِ؟ فَقَدِ ابْتَعَدُوا عَنْ بَابِ الْمَسْجِدِ كَمَا اَمَرْتُهُمْ؟ فَنَرْجُو اَنْ نَسْتَمِرَّ عَلَى ذَلِكَ اِلَى اَنْ يُحِقَّ اللهُ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُون؟ وَقَبْلَ اَنْ اَخْتِمَ هَذِه ِالْمُشَارَكَة؟ نُجِيبُ عَنْ بَعْضِ الْاَسْئِلَةِ؟ وَنُسَلّطُ الضَّوْءَ قَلِيلاً اَوّلاً كَمَا طَلَبَ مِنِّي اَحَدُ الْاِخْوَةِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِنَّ كَثِيراً مِنَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ؟ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَايُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ اَلِيم؟ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَاكَنَزْتُمْ لِاَنْفُسِكُمْ؟ فَذُوقُوا مَاكُنْتُمْ تَكْنِزُون(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ اَكْلُ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ جَرِيمَةٌ كُبْرَى؟وَلَاسِيَّمَا اِذَا كَانَ الَّذِينَ يَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ هُمُ الْعُلَمَاءُ وَالْمُتَعَبِّدُون{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِنَّ كَثِيراً مِنَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَان(وَالْاَحْبَارُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ حَبْرٌ وَهُوَ الْعَالِمُ مِنْ بَنِي اِسْرَائِيلَ الْيَهُود؟ وَالرُّهْبَانُ هُمُ الْمُتَعَبِّدُونَ مِنَ النَّصَارَى؟ وَكَلِمَةُ رُهْبَان مَاْخُوذَةٌ مِنَ الرَّهْبِ وَهُوَ الْخَوْفُ؟ وَقَدْ زَعَمَ النَّصَارَى اَنَّ هَذِهِ الرَّهْبَانِيَّة تُقَرِّبُهُمْ اِلَى الْخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى؟ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ كَمَا ذَكَرَتِ الْآيَةُ الْكَرِيمَة؟ حَقّاً اِنَّهَا لَمُصِيبَةٌ كُبْرَى اَنْ يَاْكُلَ هَؤُلَاءِ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِل؟ وَاَنْ يَتَّبِعَهُمْ بَعْضُ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ اَيْضاً؟ لَكِنْ هُنَا نُلَاحِظُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اَنَّ اللَهَ يَقُولُ{كَثِيراً(وَلَمْ يَقُلْ اَكْثَرَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ يَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؟ وَلَوْ قَالَ اَكْثَر؟ لَكَانَتِ الْآيَةُ بِمَعْنَى اَنَّ الَّذِينَ يَاْكُلُونَ اَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ لَايَاْكُلُون؟ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؟ وَاِنَّمَا قَالَ كَثِيراً مِنْهُمْ؟ وَكَلِمَة كَثِيراً تُوحِي لَنَا اَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الضَّرُورَةِ اَنْ يَكُونَ اَكْثَرُهُمْ يَاْكُلُونَ بِالْبَاطِلِ؟ فَمَثَلاً لَوْ قُلْنَا كَانَ الْمُصَلّونَ كَثِيرِينَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَة؟ فَكَلِمَةُ كَثِيرِينَ هُنَا نَحْتَسِبُهَا مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعِ الْمُصَلّينَ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ؟ وَهَذَا لَايَمْنَعُ اَنْ يَكُونَ عَدَدُ الَّذِينَ لَايُصَلُّونَ مِنَ الْمُتَسَكِّعِينَ عَلَى الْمَقَاهِي وَالْمَلَاهِي وَغَيْرِهَا؟ اَكْثَرَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّون؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَمِنْ اَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ اِنْ تَاْمَنْهُ بِقِنْطَارِ يُؤَدِّهِ اِلَيْك(وَنِعْمَ الْاَمِين{وَمِنْهُمْ مَنْ اِنْ تَاْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَايُؤَدِّهِ اِلَيْكَ اِلَّا مَادُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمَا(وَبِئْسَ الْخَائِنُ لِلْاَمَانَة{ذَلِكَ بِاَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْاُمِّيِّينَ سَبِيل(وَقَدْ كَانَ الْيَهُودُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يُحَرِّمُونَ التَّعَامُلَ بِالرِّبَا وَاَكْلِ اَمْوَالِ الْيَهُودِ اَمْثَالِهِمْ بِالْبَاطِل؟ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يُبِيحُونَهُ ضِدَّ مَصْلَحَةِ الْعَرَبِ الْاُمِّيِّين؟ بَلْ يَعْتَقِدُونَ اَنَّ ذَلِكَ حَلَالٌ مَشْرُوع وَلَاسَبِيلَ لِاَحَدٍ عَلَيْهِمْ اَنْ يُحَاسِبَهُمْ حَتَّى وَلَوْ كَانَ اللهُ بِذَاتِه؟ بَلْ اِنَّهُمْ زَعَمُوا اَنَّ اللهَ اَبَاحَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى اِطْلَاقِهِ؟ وَهِيَ نَفْسُ الْعَقِيدَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الرَّوَافِضِ قَبَّحَهُمُ اللهُ فِي التَّعَامُلِ مَعَ مَنْ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ نَوَاصِبُ وَاَعْدَاءٌ لِآلِ الْبَيْتِ مِنْ اَهْلِ السُّنَّة{ذَلِكَ بِاَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْاُمِّيِّينَ سَبِيل؟ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون(وَلَاحِظْ مَعِي اَخِي جَيِّداً فِي هَذِهِ الْآيَةِ؟ وَكَيْفَ اَنَّ الْاِسْلَامَ لَايَظْلِمُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ وَلَايَبْخَسُهُمْ شَيْئاً مِنْ حُقُوقِهِمْ حَتَّى وَلَوْ كَانُوا كُفّاراً غَيْرَ مُسْلِمِين؟ وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ غَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ وَاَكْلِهِمْ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؟ فَاِنَّهُ لَايُعَمِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً؟ وَاِنَّكَ لَتَعْجَبُ اَخِي مَثَلاً حِينَمَا جَاءَ الْاِسْلَامُ اِلَى قَضِيَّةِ الْاِيمَانِ وَالْهِدَايَةِ اِلَى سَبِيلِ الله؟ لَمْ يَقُلْ وَمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؟ وَلَمْ يَقُلْ اَيْضاً وَاِنْ تُطِعْ كَثِيراً مِمَّنْ فِي الْاَرْضِ؟ وَاِنَّمَا قَال{وَمَا اَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين{وَاِنْ تُطِعْ اَكْثَرَ مَنْ فِي الْاَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله(نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا حِينَمَا جَاءَ الْاِسْلَامُ اِلَى قَضِيَّةِ الْوَفَاءِ اَوِ الْخِيَانَةِ فِي الْاَمَانَةِ؟ فَاِنَّهُ لَمْ يَقُلْ اِنَّ اَكْثَرَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ؟ وَاِنَّمَا قَالَ{اِنَّ كَثِيراً مِنَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ(فَاَثْبَتَ الْاِسْلَامُ بِذَلِكَ الْاَكْثَرِيَّةَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ اَهْلِ الْاَرْضِ اَيْضاً فِي قَضِيَّةِ اِيمَانِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَاِضْلَالِهِمْ عَنْ سَبِيلِ الله؟ لَكِنَّهُ حِينَمَا جَاءَ اِلَى قَضِيَّةِ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ فِي صَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاَكْلِهِمْ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؟ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ اِلَّا عَلَى الْكَثِيرِ مِنْهُمْ؟ وَلَمْ يُثْبِتْهُ وَلَمْ يُسَجِّلْهُ وَلَمْ يُدَوِّنْهُ عَلَى الْاَكْثَرِيَّةِ مِنْهُمْ فِي اَرْشِيفِ مُلَاحَظَاتِهِ وَتَقْرِيرِهِ وَمُدَوَّنَاتِه؟ مِمَّا يَعْنِي اَنَّ الْاِسْلَامَ يَتَعَامَلُ مَعَ النَّاسِ بِمِيزَانٍ دَقِيقٍ حَسَّاسٍ لَوَزْنِ الشَّعْرَةِ مِنْ اَعْمَالِهِمْ؟ بَلْ لَايَظْلِمُهُمْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ؟ وَلَايَبْخَسُهُمْ شَيْئاً مِنْ صِدْقِهِمْ وَاَمَانَتِهِمْ وَوَفَائِهِمْ بِالْعُهُودِ وَجَمِيعِ اَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ الْخَيْرِيَّةِ مُسْلِمِينَ وَغَيْرَ مُسْلِمِين؟ وَلِذَلِكَ اَخِي لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ؟ فَاِنَّكَ لَنْ تَجِدَ فِيهِ هَذَا الضَّبْطَ الْعَجِيبَ فِي تَوْصِيفٍ دَقِيقٍ بَلَغَ قِمَّةَ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ اَخْلَاقِ النَّاس ِوَتَوْزِيعِ اَوْسِمَةِ الشَّرَفِ اَوِالْخِيَانَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالضَّبْط؟ وَاِنِّي اَتَحَدَّاكَ اَخِي اَنْ تَجِدَ هَذَا التَّقْيِيمَ الْعَادِلَ لِاَخْلَاقِ النَّاسِ فِي اِنْجِيلٍ وَاحِدٍ مِنْ اَنَاجِيلِ النَّصَارَى اَوْ تَوْرَاةِ الْيَهُودِ اَوْ كُتَبِ الشّيعَة؟ بَلْ اِنَّكَ اَخِي لَنْ تَجِدَ فِيهَا ذِكْراً لِاِنْسَانٍ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ يَتَّصِفُ بِالْاَمَانَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَغَيْرِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ كَالَّذِي ذَكَرَتْهُ الْآيَة الْكَرِيمَةُ فِي قَوْلِهَا{وَمَنْ اَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ اِنْ تَاْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ اِلَيْك(وَالْقِنْطَارُ هُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ؟ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّنَا نحن المسلمين اَهْلُ كِتَابٍ اَيْضاً وَهُوَ الْقُرْآن كَمَا هُمْ اَهْلُ كِتَاب؟ وَنَحْنُ مَعْنِيُّونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَدْحِهَا وَذَمِّهَا لَنَا وَلَهُمْ كَمَا هُمْ مَعْنِيُّون؟ بَلْ اِنَّكَ اَخِي لَنْ تَجِدَ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالشِّيعَةِ فِي اَيَّامِنَا مَدْحاً لِاِنْسَانٍ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ يَتَّصِفُ بِالْاَمَانَةِ وَالصِّدْقِ كَمَا وَصَفَ الْقُرْآنُ بَعْضاً مِنْهُمْ بِالصِّدْقِ وَالْاَمَانَةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ اَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيق وَابْنَتَهُ الصِّدِّيقَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؟ بَلْ لَاتَجِدُ اِلَّا تَكْذِيباً لِلْاِسْلَام؟ بَلْ تَكْذِيباً اَيْضاً لِنَبِيِّ الْاِسْلَامِ؟ وَطَعْناً عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْقُرْآن وَعَلَى الْاَزْوَاجِ وَالْآلِ وَالْاَصْحَابِ وَخَالِقِهِمْ جَمِيعاً وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى؟ فَمَنْ هُوَ الَّذِي يُحَرِّضُ عَلَى الْعُنْفِ وَالْكَرَاهِيَة؟ هَلْ نَحْنُ الْمُسْلِمِين؟ اَمْ هُمُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ اَكْثَرُ تَسَامُحاً مِنَ الْمُسْلِمِين؟ مَنْ هُوَ الَّذِي يُحَرِّضُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَالْعُنْف؟ هَلْ هُوَ الْاِسْلَامُ الَّذِي يَقُولُ عَنِ الْيَهُود{وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى اُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُون(هَلْ هُوَ الْاِسْلَامُ الَّذِي يَقُولُ عَنِ النَّصَارَى{ذَلِكَ بِاَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَاَنَّهُمْ لَايَسْتَكْبِرُون( فَمَنِ هُوَ الطَّائِفِيّ الَّذِي يُحَرِّضُ عَلَى الْعُنْفِ وَالْكَرَاهِيَة؟ هَلْ هُمْ اَهْلُ السُّنَّةِ الَّذِينَ يُدَافِعُونَ عَنِ الْاِسْلَامِ وَرُمُوزِ الْاِسْلَام؟ اَمْ هُمُ الرَّوَافِضُ الَّذِينَ يَهْجُمُونَ اَعْنَفَ هَجْمَةٍ شَرِسَةٍ فِي التَّارِيخِ الْبَشَرِيِّ عَلَى الْاِسْلَامِ وَعَلَى رُمُوزِ الْاِسْلَامِ طَعْناً وَسَبّاً وَشَتْماً وَقَذْفاً وَلَايَسْلَمُ اللهُ وَلَا قُرْآنُهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اَزْوَاجُهُ وَلَاصَحَابَتُهُ وَلَاآلُ بَيْتِهِ مِنْ اَلْسِنَتِهِمُ الْقَذِرَة؟ بَلْ لَايَسْلَمُ اَهْلُ السُّنَّةِ بِدِمَائِهِمْ وَاَمْوَالِهِمْ وَاَعْرَاضِهِمْ مِنْ غَدْرِ الْمَجُوسِ الصَّفَويِّينَ قَاتَلَهُمُ الله؟ نَعَمْ اَخِي وَكَيْفَ كَانُوا يَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِل؟ كَانَ الرافضة يُخَمِّسُونَ الْخُمْسَ وَكان اليهود والنصارى يَاْخُذُونَ الرِّشَا؟ وَالرِّشَا جَمْعٌ مُفْرَدُهُ رِشْوَة؟ فَكَانُوا يَاْخُذُونَ الْمَالَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُفْتُوا النَّاسَ حَسَبَ اَهْوَائِهِمْ؟ وَقَدْ يُغَيِّرُونَ اَحْكَامَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ وَقَدْ يُغَيِّرُونَ كَلَامَ اللهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْاِنْجِيلِ؟ وَلَايَهُمُّهُمْ اِلَّا اَنْ يَحْصَلُوا مُقَابِلَ ذَلِكَ عَلَى الْاَمْوَال؟ فَكَانُوا بِذَلِكَ{يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله(وَكَانَ الْمَفْرُوضُ وَالْمُتَوَقَّعُ مِنْهُمْ اَنْ يَكُونُوا اَوَّلَ مَنْ يُؤْمِنُ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لِاَنَّهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْاِنْجِيل؟ وَلَكِنَّهُمْ كَفَرُوا بِهِ اِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى مُوَبِّخاً لَهُمْ{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ اِلَى آخِرِ الْآْيَات(نَعَمْ اَخِي وَفِي عَهْدِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ ذَهَبَ الصَّحَابَةُ فِي كَنْزِ الْمَالِ وَجَمْعِهِ مَذْهَبَيْنِ فِكْرِيَّيْنِ فِقْهِيَّيْنِ؟ اَمَّا اَلْمَذْهَبُ الْاَوَّل فهُوَ الَّذِي كَانَ يَتَزَعَّمُهُمْ فِيهِ الْخَلِيفَةُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْه؟ وَاَمَّا الْمَذْهَبُ الثَّانِي فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَتَزَعَّمُهُمْ فِيهِ اَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه؟ اَمَّا اَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ؟ فَقَدْ كَانَتْ عِنْدَهُ شِدّة؟ وَكَانَ يُحَرِّمُ اَنْ يَجْمَعَ الْاِنْسَانُ الْمَالَ اَوْ اَنْ يُبْقِيَ مَعَهُ شَيْئاً زَائِداً عَلَى حَاجِيَاتِه؟ وَمَرَّةً مِنَ الْمَرَّاتِ؟ دَخَلَ عَلَى جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَعَهُمْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعاً؟ وَكَانُوا يَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَة{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِنَّ كَثِيراً مِنَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ اِلَى آخِرِ الْآيَة( فَكَانَ هَؤُلاَءِ الْحَاضِرُونَ مَعَ عُثْمَانَ يَقُولُون{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ(هُمْ اَهْلُ الْكِتَاب؟ لِاَنَّ الْقُرْآنَ يَتَحَدَّثُ عَنْهُمْ؟ فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ اَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ وَهُمْ يَتَنَاقَشُونَ فِي ذَلِكَ؟ فَرَفَعَ عَلَيْهِمْ عَصَاهُ؟ وَكَادَ اَنْ يَفْتِكَ اَوْ يَبْطِشَ بِهِمْ؟ فَقَالَ لَهُمْ؟ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ اَهْلَ الْكِتَابِ فَقَطْ؟ مَاجَاءَ سُبْحَانَهُ بِالْوَاو؟ وَاِنَّمَا قَال{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِنَّ كَثِيراً مِنَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ* اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ(وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ سُبْحَانَه؟ فَلَوْ اَرَادَ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ الْاَكْلِ وَالصَّدِّ اَهْلَ الْكِتَابِ فَقَطْ؟ مَاجَاءَ بِحَرْفِ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ{*وَالَّذِينَ يَكْنِزُون(وَنَقُولُ لِاَبِي ذَرّ؟ نِعْمَ الرَّاْيُ رَاْيُكَ؟ وَنِعْمَ التَّوْجِيهُ الْحَسَنُ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة؟ لَكِنْ نُرِيدُ اَنْ نَسْتَوْضِحَ مِنْ اَبِي ذَرٍّ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى رَاْيِه مَامَعْنَى الْكَنْز؟ قَالُوا مَعْنَى الْكَنْزُ هُوَ كُلُّ مَا يَكُونُ زَائِداً عَنْ حَاجَةِ الْاِنْسَانِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اِنْفَاقُ جَمِيعِ هَذِهِ الزِّيَادَة؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْاِنْسَانِ اَنْ يُنْفِقَ كُلَّ مَازَادَ عَن حَاجَتِهِ وَلَايَدَّخِرَهُ وَلَايَحْتَفِظَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلَا لِعِيَالِه؟ وَنَقُولُ لِاَبِي ذَرّ وَمَنْ مَعَه؟ وَمَاهُوَ دَلِيلُكُم عَلَى هَذَا الْكَلَام؟ قَالُوا اِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَايُنْفِقُونَ مِنْهَا زَكَاةَ اَمْوَالِهِمْ؟ وَاِنَّمَا قَال وَالّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَايُنْفِقُونَهَا أيْ جَمِيعَهَا عَلَى اَنْفُسِهِمْ وَعِيَالِهِمْ وَزَوْجَاتِهِمْ وَجَمِيعِ مَازَادَ مِنْ حَاجَتِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى اَرْحَامِهِمْ وَجِيرَانِهِمْ وَاَرَامِلِهِمْ وَاَيْتَامِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ وَمَسَاكِينِهِمْ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ اَلِيم؟ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ اِلَى آخِرِ الْآيَات( وَنَقُولُ لِعُثْمَانَ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى رَاْيِهِ مِنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعاً؟ مَاهُوَ رَاْيُكُمْ وَمَاذَا تَقُولُونَ فِيمَا قَالَهُ اَبُو ذَرٍّ وَمَنْ مَعَهُ فِي مَعْنَى الْكَنْز؟ قَالُوا اِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكَنْزِ هُنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ مَالَمْ تُخْرَجْ زَكَاتُهُ؟ بِمَعْنَى اَنَّ الْاِنْسَانَ اِذَا اَخْرَجَ زَكَاةَ اَمْوَالِهِ كَمَا اَمَرَ اللهُ؟ فَاِنَّهُ يَسْتَطِيعُ اَنْ يَحْتَفِظَ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَزَوْجَتِهِ بِالْبَاقِي وَلَوْ بَقِيَ مَعَهُ الْمَلَايِينُ وَاَنْفَقَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ(فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى اَنَّ اللهَ لَايُنْكِرُ عَلَى مَنْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ؟اَنْ يُوَسِّعَ بِاِنْفَاقِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَاَوْلَادِهِ اَيْضاً اَوْ يَحْتَفِظَ بِاَمْوَالِهِ لِلْاَيَّامِ السَّودَاءِ الْقَادِمِةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَتَزَوَّدُوا فَاِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى(وَمِنْ خَيْرِ زَادِ التَقْوَى اَنْ يُخْرِجَ الْاِنْسَانُ زَكَاتَهُ مِنْ هَذِهِ الْاَمْوَالِ اِذَا مَلَكَ النِّصَابَ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِالشُّرُوطِ الْمَعْرُوفَةِ؟ وَبِشَرْطٍ آخَرَ اَيْضاً مِنْ خَيْرِ زَادِ التَّقْوَى وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلَاتَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً اِلَى عُنِقِكَ(أيْ لَاتَكُنْ بَخِيلاً{وَلَاتَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ(أيْ لَاتَكُنْ مُسْرِفاً مُبَذّراً{اِنَّ الْمُبَذّرِينَ كَانُوا اِخْوَانَ الشَّيَاطِين{ فَتَقْعُدَ مَلُوماً( مِنَ النَّاسِ عَلَى بُخْلِكَ{مَحْسُوراً(عَلَى مَاضَيَّعْتَهُ مِنَ الْمَالِ فِي اِسْرَافِكَ وَتَبْذِيرِك{وَالَّذِينَ اِذَا اَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامَا(بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ يَاْمُرُهُمْ اَنْ يَاْخُذُوا حَدّاً وَسَطاً؟ بِمَعْنَى اَنْ يُنْفِقُوا بِوَسَطِيَّةٍ وَاعْتِدَالٍ عَلَى اَنْفُسِهِمْ وَاَزْوَاجِهِمْ وَاَوْلَادِهِمْ بَلْ عَلَى جِيرَانِهِمْ وَاَرْحَامِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ وَمَسَاكِينِهِمْ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِك؟ فَلَا يُعْطُونَ الزَّكَاةَ اِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقّيهَا حَتَّى يَكُونُوا مِنْ عِبَادِ الرَّحْمَنِ؟ وَاِلَّا كَانُوا مُسْرِفِينَ مُبَذّرِينَ مِنْ اِخْوَانِ الشَّيَاطِين؟ فَاِذَا كَانُوا بَعْدَ هَذَا كُلّهِ مَازَالُوا يَحْتَفِظُونَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْاَمْوَالِ؟ فَكَيْفَ يُوقِعُهُمْ اَبُو ذَرٍّ وَغَيْرُهُ فِي مَحْظُورِ آيَةِ الْكَنْزِ وَهُمْ مِنْ عِبَادِ الرَّحْمَنِ كَمَا اَخْبَرَ عَنْهُمْ خَالِقُهُمْ فِي سُورَةِ الْفُرْقَان؟ وَنَقُولُ لِعْثَمَان بِارَكَ اللهُ فِيك؟ رَاْيُكَ مَنْطِقِيٌّ سَدِيدٌ وَجِيهٌ وَمَعْقُولٌ جِدّاً؟ وَنَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْكَ وَعَنْ اَبِيك؟ اَنْتَ مَشْهُورٌ بِتَشَدُّدِكَ؟ فَمَاذَا تَقُولُ فِيمَا قَالَهُ صَاحِبَاكَ اَبُو ذَرٍّ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؟ قَالَ ابْنُ عُمَر؟ اَنَا اُوَافِقُ عُثْمَانَ وَمَنْ مَعَهُ فِي رَاْيِهِمْ؟ وَنَقُولُ لَهُ لِمَاذَا؟ قَالَ؟ لِاَنَّ مَااُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ مِنَ الْاَمْوَالِ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَلَوْ كَانَ مَدْفُوناً تَحْتَ سَبْعِ اَرَضِين؟ وَاَمَّا مَالَمْ تُخْرَجْ زَكَاتُهُ مِنَ الْاَمْوَالِ وَغَيْرِهَا مِنَ الزُّرُوعِ وَالثّمَارِ وَالْحَيَوَانَاتِ مِنَ الْاَنْعَامِ وغيرها فَهُوَ كَنْزٌ وَلَوْ كَانَ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْاَرْض؟ وَنَقُولُ لِابْنِ عُمَرَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاء؟ مَعَ احْتِرَامِنَا لِرَاْيِكُمْ وَرَاْيِ صَاحِبِكُمْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْكُمْ؟ فَاِنَّنَا نَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِنَّ فِي الْمَالِ حَقّاً سِوَى الزَّكَاة(بِمَعْنَى اَنَّ لِلْفُقَرَاءِ حَقّاً فِي هَذَا الْمَالِ اَيْضاً سِوَى الزَّكَاة وَلَيْسَ مُقْتَصِراً عَلَى الزَّكَاةِ فَقَطْ؟ قَالُوا؟ وَنَحْنُ نَحْتَجُّ عَلَيْكِ اَيْضاً اَيَّتُهَا الْاُخْتُ غُصُون بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ مُحَمَّد{وَاِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ اُجُورَكُمْ وَلَايَسْاَلْكُمْ(جَمِيعَ{اَمْ وَالِكُمْ(بَلْ يَسْاَلْكُمْ زَكَاة اَمْوَالِكُمْ مِنْهَا فَقَطْ{اِنْ يَسْاَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ اَضْغَانَكُمْ( وَنَقُولُ لِابْنِ عُمَرَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى رَاْيِهِ اِنَّ الزَّكَاةَ اَبْوَابُهَا وَاسِعَةٌ جِدّاً وَمَصَارِفُهَا وَاسِعَةٌ جِدّاً وَقَدْ ذَكَرَهَا سُبْحَانَهُ فِي ثَمَانِيَةِ اَصْنَافٍ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ وَقَدْ لَاتَكْفِي زَكَاةُ الْحَوْلِ مِنْ اَجْلِ سَدِّ حَاجَةِ جَمِيعِ اَبْوَابِهَا الثَّمَانِيَةِ مِنْ فُقَرَاءَ وَمَسَاكِينَ وَعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَمُؤَلَّفَةٍ قُلُوبُهُمْ وَرَقَابٍ وَغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ سَبِيلٍ؟ وَيَكْفِيكَ يَاابْنَ عُمَر هَذَا الْعُنْوَانَ الطَّوِيلَ الْعَرِيضَ الْهَائِلَ الْوَاسِعَ جِدّاً وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِي يَشْمَلُ جَمِيعَ حَاجَاتِ النَّاسِ وَضَرُورِيَّاتِهِمْ بَلْ وَكَمَالِيَّاتِهِمْ اَيْضاً اِذَا كَانَ هُنَاكَ حَاجَة مَشْرُوعَة اِلَيْهَا كَحَاجَةِ الْمَرْاَةِ اِلَى حُلِيِّهَا مِنْ اَجْلِ الزّينَةِ لِزَوْجِهَا مَثَلاً؟ وَاَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيق؟ نَحْنُ كَمُسْلِمِين نَسْتَطِيعُ اَنْ نَسْتَفِيدَ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ مَعا فِي نَظْرَتِهِمَا اِلَى كَنْزِ الْمَال؟مَذْهَبٌ فِكْرِيٌّ فِقْهِيٌّ بِعُنْوَان[اِنَّ فِي الْمَالِ حَقّاً سِوَى الزَّكَاة(وَالَّذِي كَانَ يَتَزَعَّمُهُ اَبُو ذَرٍّ وَمَنْ مَعَه؟ وَمَذْهَبٌ فِكْرِيٌّ فِقْهِيٌّ آخَرُ بِعُنْوَان[مَااُخْرِجَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَلَوْ كَانَ مَدْفُوناً تَحْتَ سَبْعِ اَرَضِين؟ وَمَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ وَلَوْ كَانَ مَوْضُوعاً عَلَى وَجْهِ الْاَرْض(وَهَذَا الْمَذْهَبُ كَانَ يَتَزَعَّمُهُ عُثْمَان وَابْنُ عُمَرَ وَجُمْهُور الْعُلَمَاءِ وَمَنْ مَعَهُمْ؟ وَنَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيق؟ مَذْهَبُ اَبِي ذَرٍّ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ فِي اَوْقَاتِ الضَّوَائِقِ وَالْحَاجَاتِ حِينَمَا يَمُرُّ الْمُجْتَمَعُ الْاِنْسَانِيُّ مُسْلِماً وَغَيْرَ مُسْلِمٍ بِضَوَائِقَ شَدِيدَة؟ فَهُنَا اِذَا كَانَتِ الزَّكَاةُ لَاتَكْفِي مِنْ اَجْلِ سَدِّ الْحَاجِيَّاتِ؟ فَيُمْكِنُ تَطْبِيقُ مَذْهَبِ اَبِي ذَرٍّ وَمَنْ مَعَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؟ وَاَمَّا اِذَا كَانَتِ الزَّكَاةُ تَكْفِي كَمَا كَانَتْ تَكْفِي وَزِيَادَة فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ فَيُمْكِنُنَا هُنَا الْعَمَلُ بِمَذْهَبِ عُثْمَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاء؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُقَرِّرُ اَنَّ اَكْلَ اَمْوَالِ النَّاسِ حَرَام؟ وَتُقَرِّرُ كَذَلِكَ اَنَّ كَنْزَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَايَجُوز؟ وَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ اَخِي الْكَنْزَ عَلَى رَاْيِ الْجُمْهُور وَهُوَ مَالَمْ تُخْرَجْ زَكَاتُه؟ وَاَمَّا اَبُو ذَرٍّ فَاِنَّهُ قَال؟ اَللهُ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ {وَلَايُنْفِقُونَ مِنْهَا(وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ{وَلَايُنْفِقُونَهَا(بِمَ عْنَى اَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ اَنَّهُمْ لَايُنْفِقُونَهَا كُلَّهَا؟ فَعَلَى رَاْيِ اَبِي ذَرٍّ لَايَجُوزُ لِلْاِنْسَانِ اَنْ يَتَمَلَّكَ أيَّ شَيْءٍ يَزِيدُ عَنْ حَاجَتِه؟ وَنَقُولُ لِاَبِي ذَرّ؟ مَعَ احْتِرَامِنَا الشَّدِيدِ لِرَاْيِكَ؟ فَاِنَّ فِيهِ تَشَدُّداً كَبِيراً فِي حَالَةِ الرَّخَاءِ وَالثَّرَاءِ الْكَبِيرِ وَالِانْتِعَاشِ الِاقْتِصَادِيِّ فِي بَلَدٍ مَا؟ وَلَكِنَّنَا مَعَ ذَلِكَ نَقْبَلُ الْعَمَلَ بِرَاْيِكَ مِنْ اَجْلِ تَحْوِيلِ كُلِّ مَازَادَ عَنِ الْحَاجَةِ فِي هَذَا الْبَلَدِ اِلَى بُلْدَانٍ اُخْرَى فَقِيرَةٍ مُسَالِمَةٍ لَاتُحَارِبُ الْاِسْلَام سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً اَوْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ تُعَانِي مِنَ الضَّوَائِقِ وَالْمَجَاعَاتِ وَ الْبُؤْسِ وَالْفَقْرِ وَالْجَهْلِ وَالْمَرَض؟ اِلَّا اِذَا كَانَتْ بُلْدَاناً مُحَارِبَةً لِلْاِسْلَام وَيُمْكِنُ اَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ لِلْاِسْلَامِ بَعْدَ اَخْذِ الْحِيطَةِ وَالْحَذَرِ وَالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّارِمَةِ فِي التَّعَامُلِ مَعَهَا مِنْ اَجْلِ تَقْدِيمِ مَايُمْكِنُ مِنْ مُسَاعَدَةِ اَطْفَالِهَا وَضُعَفَائِهَا مَعَ مُرَاعَاةِ حِمَايَةِ الْاِسْلَامِ مِنْ غَدْرِ اَعْدَائِهِ بِهِ وَعَدَمِ تَقْوِيَتِهِمْ وَدَعْمِهِمْ بِاَسْلِحَةٍ مَادِّيَّةٍ يُحَارِبُونَ بِهَا الْاِسْلَامَ وَيُنَكِّلُونَ بِاَهْلِه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نَقْبَلُ الْعَمَلَ بِمَذْهَبِ اَبِي ذَرٍّ فِي حَالَةِ الضَّوَائِقِ الشَّدِيدَةِ وَالْمَجَاعَاتِ وَالْاَمْرَاضِ وَالْجَهْلِ؟ لِاَنَّ لَدَى اَبِي ذَرّ حُجَّة قَوِيَّة جِدّاً مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى{وَمَنْ اَحْيَاهَا(أيْ اَنْقَذَهَا مِنَ الْمَوْتِ جُوعاً اَوْعَطَشاً اَوْ عُرِيّاً اَوْ جَهْلاً اَوْ اَلَماً اَوْ وَجَعاً اَوْ مَرَضاً اَوْ غَرَقاً اَوْ حَرْقاً اَوْ قَنْصاً اَوْغَدْراً اَوْ دِيَةً اَوْ عَفْواً اَوْ قِصَاصاً عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة{فَكَاَنَّمَا اَحْيَا النَّاسَ جَمِيعَا(أيْ اَحْيَا الرَّحْمَةَ وَالْاَمَلَ وَالتَّفَاؤُلَ وَالْحُبَّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ جَمِيعاً وَجَعَلَهُمْ مُرْتَاحِينَ بِتَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ وَالْاِحْسَانِ مَعاً وَلَيْسَ الْعَدَالَةَ فَقَطْ؟ وَلَاتَنْفَعُ الْعَدَالَةُ وَحْدَهَا؟ لِاَنَّ الْاِحْسَانَ مَطْلُوبٌ اَيْضاً فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى مَعَ الْقَاتِلِ وَالْمُجْرِمِ اِذَا كَانَ يَنْفَعُ مَعَهُ الدِّيَةُ وَالْعَفْوُ؟ فَاِذَا اَصَرَّ اَهْلُ الْقَتِيلِ عَلَى الْقِصَاصِ؟ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهُ بِاِحْسَانٍ اَيْضاً وَبِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَرْتَاحَ الْقَاتِلُ مِنْ اَلَمِ الْمَوْتِ سَرِيعاً؟ كَمَا اَنَّ{مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ اَوْ فَسَادٍ فِي الْاَرْضِ(وَاَفْلَتَ مِنَ الْعِقَابِ؟ اَوْ اَفْلَتَ مِنْ دَفْعِ الدِّيَةِ لِاَهْلِ الْقَتِيلِ؟ اَوْ اَفْلَتَ مِنْ عَفْوِهِمْ بِمَعْنَى اَنَّ اَهْلَ الْقَتِيلِ غَدَرُوا بِهِ بَعْدَ عَفْوِهِمْ عَنْهُ؟ اَوْغَدَرُوا بِهِ بَعْدَ دَفْعِهِ لَهُمُ الدِّيَةَ كَامِلَةً اَوْ بِالتَّقْسِيطِ الْمُرِيحِ فَقَتَلُوهُ؟ فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ اَنْ قَتَلُوا الرَّحْمَةَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ جَمِيعاً كَمَا قَتَلَهَا مَعَهُمْ اَيْضاً مَنْ سَاعَدُوهُ عَلَى الْاِفْلَاتِ مِنْ قَبْضَةِ الْعَدَالَةِ وَعِقَابِهَا وَقَامُوا بِالتَّغْطِيَةِ عَلَى جَرَائِمِهِ اَوْ اَعْطَوْهُ مَشْرُوعِيَّةً لِارْتِكَابِ جَرَائِمِهِ بِاسْمِ مَايُسَمَّى مُكَافَحَةَ الْاِرْهَاب؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَكَاَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعَا( نَعَمْ اَخِي كَمَا اَنَّ لَدَى اَبِي ذَرٍّ اَيْضاً حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اَلَا اِنَّ فِي الْمَالِ حَقّاً سِوَى الزَّكَاة(بِمَعْنَى اَنَّ النَّاسَ قَدْ يُخْرِجُونَ زَكَاةَ اَمْوَالِهِمْ فِي بَلَدٍ مَا؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَايَزَالُ فِي بَلَدِهِمْ اَوْ بُلْدَانِ غَيْرِهِمْ مُحْتَاجُون؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُؤْمَرُ هَؤُلَاءِ النَّاسُ الْاَغْنِيَاءُ بِاَنْ يُعْطُوهُمْ مَايَكْفِيهِمْ؟ وَمَعَ الْاَسَفِ؟ فَاِنَّ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاء اَصْبَحُوا فِي اَيَّامِنَا اَشَدَّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَغْنِيَاءِ اِجْرَاماً وَاِثْماً وَلَعْناً وَغَضَباً مِنَ اللهِ عَلَيْهِمْ؟ لِاَنَّ الْفُقَرَاءَ يَاْخُذُونَ هَذَا الْمَالَ وَيُنْفِقُونَهُ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي شَرَعَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ مِمَّا يُؤَدِّي اِلَى اِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِنِسْبَةٍ كَبِيرَةٍ جِدّاً مِنَ الْفُقَرَاءِ الْآخَرِينَ الْمُعْدَمِينَ الَّذِينَ لَايَبْقَى لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْاَمْوَالِ الَّتِي يُنْفِقُهَا اُولَئِكَ عَلَى غَيْرِ طَاعَةِ الله؟ وَلِذَلِكَ اَقُولُهَا عَلَناً وَلَااَخْشَى فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِم حَتَّى وَلَوِ اتَّهَمَنِي النَّاسُ بِالتَّشَدُّد؟ اَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى فَقِيرٍ اَنْ يَاْخُذَ مَالَ الزَّكَاةِ ثُمَّ يُنْفِقَهُ فِي غَيْرِ طَاعَةِ الله؟ وَوَاللهِ الَّذِي لَااِلَهَ غَيْرُه؟ اِيَّاكَ اَنْ تَحْلُمَ اَيُّهَا الْفَقِيرُ وَاَيُّهَا الْغَنِيُّ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ اَوْ شَمِّ رَائِحَتِهَا قَبْلَ اَنْ يُحَاسِبَكَ اللهُ حِسَاباً عَسِيراً فِي حَرِيقِ الْجَحِيم ِعَلَى خِيَانَةِ الْاَمَانَةِ وَالْغِشِّ فِي الْمَالِ وَالْمَبَادِىءِ وَالْقِيَمِ وَالْاَفْكَار؟ حِينَمَا يَسْاَلُكَ عَنْ عِلْمِكَ مَاذَا عَمِلْتَ بِهِ؟ حِينَمَا يَسْاَلُكَ عَنْ مَالِكَ مِنْ اَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ هَلْ مِنَ الْحَلَالِ اَوِ الْحَرَام؟ بَلْ لَايَكْتَفِي بِذَلِكَ سُبْحَانَهُ؟ لِاَنَّهُ سَيَسْاَلُكَ اَيْضاً عَلَى أيِّ شَيْءٍ اَنْفَقْتَه؟ هَلْ اَنْفَقْتَهُ عَلَى الْحَلَالِ اَوْ عَلَى الْحَرَام؟ هَلْ اَنْفَقْتَهُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَالتَّدْخِينِ وَالتُّنْبَاكِ وَالْمُعَسَّلِ اِلَى غَيْرِ ذَلِك؟ كُلُّ هَذَا يُعْتَبَرُ خِيَانَةً لِلْاَمَانَة؟ لِاَنَّ اَخَانَا الْغَنِيَّ جَزَاهُ اللهُ خَيْراً؟ مَااَعْطَاكَ هَذِهِ الزَّكَاةَ اَخِي الْفَقِير اِلَّا مِنْ اَجْلِ اَنْ تُنْفِقَهَا عَلَى ضَرُورِيَّاتِكَ وَعَلَى حَاجِيَّاتِكَ وَحَاجَاتِ مَنْ اَنْتَ مُلْزَمٌ بِالْاِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مِنْ زَوْجَتِكَ وَاَوْلَادِك؟ وَلِذَلِكَ عَلَيْكَ اَخِي الْغَنِيّ اَنْ تَسْتَوْضِحَ الْاَمْرَ جَيِّداً حَتَّى تَتَاَكَّدَ مِنْ اَنَّ زَكَاةَ اَمْوَالِكَ تَذْهَبُ فِعْلاً اِلَى مُسْتَحِقّيهَا؟ فَاِذَا تَاَكَدْتَّ اَخِي اَنَّ اَمْوَالَكَ فِعْلاً تَذْهَبُ هَدْراً عَلَى مَاحَرَّمَهُ اللهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءِ مِنْ خِيَانَةِ الْاَمَانَةِ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالتَّدْخِينِ وَغَيْرِهِ؟ فَيَحْرُمُ عَلَيْكَ اَخِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ تُعْطِيَهُمْ زَكَاةَ اَمْوَالِكَ نَقْداً؟ بَلْ يَجِبُ عَلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ تُعْطِيَهُمْ قِيمَةَ هَذِهِ الْاَمْوَالِ مِنَ الزَّكَاةِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْكَ مُقَايَضَةً؟ بِمَعْنَى اَنَّ بِاِمْكَانِكَ اَخِي مَثَلاً اَنْ تُسَاعِدَهُمْ فِي تَاْمِينِ الْغِذَاءِ لَهُمْ وَالدَّوَاءِ وَاللّبَاسِ وَالْمَحْرُوقَاتِ الَّتِي تُدْفِئُهُمْ فِي الشِّتَاءِ كَالْمَازُوتِ وَغَيْرِهِ؟ وَاَنْ تُسَاعِدَهُمْ مَثَلاً فِي دَفْعِ الْاَمْوَالِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِمْ لِلدَّوْلَةِ مِنْ فَوَاتِيرِ الْكَهْرَبَاءِ وَالْمَاءِ وَالْهَاتِفِ وَضَرُورِيَّاتِ الْعَيْشِ الَّتِي لَايَسْتَطِيعُونَ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْهَا اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنْ اَبْوَابِ الْخَيْرِ الْكَثِيرَةِ وَاَهَمُّهَا اَنْ تُسَاعِدَ فِي اِنْقَاذِ حَيَاةِ اِنْسَانٍ بِحَاجَةٍ اِلَى اِسْعَافٍ ضَرُورِيٍّ سَرِيعٍ لَايُمْكِنُ تَاْجِيلُهُ وَاِلَّا مَاتَ فَعَلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ تُؤَجِّلَ اَبْوَابَ الْخَيْرِ كُلّهَا وَتَدْخُلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ اَوّلاً؟ وَالْمُهِمُّ عِنْدَ اللهِ اَخِي الْغَنِيّ اَنْ تَكُونَ اَنْتَ مُدِيرَ الْاِنْفَاقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ يَخُونُونَ الْاَمَانَةَ وَلَايُمْكِنُ ائْتِمَانُهُمْ عَلَى الزَّكَاةِ نَقْداً؟ فَاِيَّاكَ اَنْ تَضَعَ نُقُودَكَ فِي اَيْدِيهِمْ؟ بَلْ ضَعْ نُقُودَكَ فِي يَدِكَ اَنْتَ وَاَنْفِقْ عَلَيْهِمْ بِنَفْسِكَ؟ وَخُذْ بِاَيْدِيهِمْ وَلَاحِقِ الْكَذَّابَ مِنْهُمْ بِرَقَابَةٍ صَارِمَةٍ اِلَى بَابِ دَارِهِ وَادْخُلْ اِلَى قَعْرِهَا ضَيْفاً كَرِيماً وَانْظُرْ اِلَى مَاهُوَ بِحَاجَةٍ اِلَيْهِ هَذَا الْكَذَّابُ بِالضَّبْط مِنْ ضَرُورِيَّاتِ عَيْشِه؟ فَاِذَا طَلَبَ مِنْكَ الْمَالَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَدْفَعَ فَاتُورَةَ الْكَهْرَبَاءِ مَثَلاً؟ فَاَعْطِهِ الْمَالَ وَقُلْ لَهُ اُرِيدُ اَنْ يَكُونَ اِيصَالُ الدَّفْعِ حَاضِراً عَلَى مَكْتَبِي غَداً حَتَّى اَنْظُرَ اِلَى تَارِيخِ الدَّفْعِ بِالدَّقِيقَةِ وَبِالثَّانِيَةِ لِاَتَاَكَّدَ اَنَّكَ دَفَعْتَهُ فِعْلاً؟ نَعَمْ اَخِي عَلَيْكَ اَنْ تُلَاحِقَهُ عَلَى الدَّعْسَةِ خُطْوَةً بِخُطْوَة وَعَلَى مَبْدَاِ مِنْ اَيْنِ لَكَ هَذَا؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْفَقِيرُ الْخَائِنُ لِهَذِهِ الصَّدَقَة مِنْ اَيْنَ لَكَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ عَلَى الْغَنِيِّ لَكَ اِذَا لَمْ تُنْفِقْهَا فِيمَا يُرْضِي الله؟ فَدِينُنَا اَيُّهَا الْاِخْوَة هُوَ دِينُ الْاَغْنِيَاءِ كَمَا هُوَ دِينُ الْفُقَرَاء؟ وَلَايُرِيدُ اَنْ يَظْلِمَ الْفُقَرَاءُ الْاَغْنِيَاءَ بِاِنْفَاقِ اَمْوَالِ صَدَقَاتِهِمْ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ الظَّالِمُونَ اَيْتَاماً؟ حَتَّى وَلَوْ كَانَتِ الْاَمْوَالُ اَمْوَالَ الْيَتَامَى؟ وَمَااَعْظَمَ حُرْمَةَ اَمْوَالِ الْيَتَامَى عِنْدَ اللهِ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ الَّذِينَ يَاْكُلُونَ اَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً اِنَّمَا يَاْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَا( وَمَعَ ذَلِكَ فَلَايَجُوزُ شَرْعاً وَلَا قُرْآناً وَلَاسُنَّةً اَبَداً اَنْ نَدْفَعَ اِلَيْهِمْ جَمِيعَ اَمْوَالِهِمْ اِلَّا بَعْدَ اَنْ نَفْرِضَ رَقَابَةَ صَارِمَة اَوّلاً عَلَى قَلِيلٍ مِنْ اَمْوَالِهِمْ نَدْفَعُهُ اِلَيْهِمْ وَنَخْتَبِرُهُمْ فِيهِ لِنَرَى كَيْفَ سَيَتَصَرَّفُونَ فِيهِ وَيُنْفِقُونَه؟ هَلْ عَلَى مَاحَرَّمَهُ اللهُ مِنْ طَيْشِهِمْ وَسَفَاهَتِهِمْ وَحَمَاقَتِهِمْ وَقِلَّةِ عُقُولِهِمْ؟ اَمْ عَلَى مَايُرْضِي اللهَ مِنْ رُشْدِهِمْ وَحِكْمَتِهِمْ وَرَجَاحَةِ عَقولِهِمْ؟ وَاِلَّا فَاِنَّهَا الْخِيَانَةُ الْعُظْمَى عِنْدَ اللهِ مِنَ الْيَتَامَى وَمِنْكَ اَيْضاً اَخِي كَافِلَ الْيَتِيمِ وَاَمْوَالِهِ سَوَاءٌ كُنْتَ غَنِيّاً اَوْ فَقِيراً؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى اِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَاِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً( مَطْلُوباً شَرْعاً فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي مَجَالَاتِ الْحَيَاة حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِي صَرْفِ الطَّاقَةِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ وَتَرْشِيدِهَا بِعُقُولٍ رَاشِدَة وَعَدَمِ هَدْرِهَا فَهُوَ مَطْلُوبٌ اَيْضاً؟ فَاِنْ وَجَدْتُّمْ ذَلِكَ فِي الْيَتَامَى وَآنَسْتُمُوهُ مِنْهُمْ وَارْتَحْتُمْ اِلَيْهِ{ فَادْفَعُوا اِلَيْهِمْ اَمْوَالَهِمْ؟ وَلَاتَاْكُلُوهَا اِسْرَافاً وَبِدَاراً اَنْ يَكْبَرُوا؟ وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ؟ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَاْكُلْ بِالْمَعْرُوف؟ فَاِذَا دَفَعْتُمْ اِلَيْهِمْ اَمْوَالَهُمْ فَاَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ( نَعَمْ اَخِي؟ وَاِذَا كَانَ الْغَرْبُ الصَّلِيبِيّ يُبِيحُ لِنَفْسِهِ فِي اَيَّامِنَا اَنْ يَتَجَسَّسَ عَلَى جَمِيعِ الِاتِّصَالَاتِ الدَّوْلِيَّةِ دُونَ كَلَلٍ وَلَامَلَلٍ بِسَبَبِ فُقْدَانِ ثِقَةِ الْيَهُودِ بِالنَّصَارَى وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ اَيْضاً؟ فَلَا مَانِعَ اَخِي شَرْعاً مِنْ اَنْ تَتَجَسَّسَ اَنْتَ اَيْضاً عَلَى اَمْوَالِكَ اِلَى اَيْنَ تَذْهَبُ بِالضَّبْط؟ وَهَذَا حَقٌّ مَشْرُوعٌ لَكَ اَخِي الْغَنِيّ مِائَة بِالْمِائَة؟ وَهُوَ اَنْ تَكُونَ اَنْتَ اَخِي الْغَنِيّ وَلِيَّ اَمْرِ الْفَقِيرِ الْخَائِنِ فِي اِنْفَاقِهِ عَلَى الْحَلَالِ الْمَشْرُوع كَمَا اَنَّ الْفَقِيرَ اَوِ الْغَنِيَّ كِلَيْهِمَا يَحِقُّ لَهُ اَنْ يَكُونَ وَلِيَّ اَمْرِ الْيَتِيمِ وَاَمْوَالِهِ بِالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّارِمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي الْآيَةِ السَّابِقَة وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ اَوْلِيَاءُ بَعْضٍ(اِلَى دَرَجَةٍ تُعْطِيهِمْ صَلَاحِيَّةً غَيْرَ مُطْلَقَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتُؤْتُوا السُّفَهَاءَ اَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً(وَاَقُولُ غَيْرَ مُطْلَقَة لِاَنَّكَ اَخِي الْغَنِيّ لَاتَسْتَطِيعُ شَرْعاً اَنْ تَجْعَلَ هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءَ الْخَائِنِينَ لِلْاَمَانَةِ يَمُوتُونَ مِنَ الْجُوع؟ بِمَعْنَى اَنَّكَ اَخِي لَاتَسْتَطِيعُ شَرْعاً اَنْ تَحْرِمَهُمْ مِنْ مَعْرُوفِكَ نِهَائِيّاً؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى بِلَوَازِمِ الْمَعْرُوفِ الضَّرُورِيَّةِ مِنَ الْغِذَاءِ وَالْكِسْوَةِ وَالدَّوَاءِ دُونَ النَّقْدِ{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفَا(وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ وَارْزُقُوهُمْ مِنْهَا نَقْداً؟ وَاِنَّمَا قَالَ وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا أيْ مَايُعَادِلُ قِيمَتَهَا نَقْداً مِنْ ضَرُورِيَّاتِ حَيَاتِهِمْ فَقَطْ مِنَ الْكِسْوَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ؟ وَهِيَ كِسْوَةُ الْعُرْيَانِ مِنَ الثّيَابِ بِالثّيَاب؟ وَكِسْوَةُ الْبُطُونِ الْجَائِعَةِ الْعُرْيَانَةِ مِنَ الطَّعَامِ بِالطّعَام؟ وَكِسْوَةُ الْاَجْسَادِ الْمَرِيضَةِ الْعُرْيَانَةِ مِنَ الدَّوَاءِ بِالدَّوَاء؟ وَكِسْوَةُ الْعُقُولِ الْجَاهِلَةِ الْعُرْيَانَةِ مِنَ الْعِلْمِ بِالْعِلْم؟ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِك؟ وَاَمَّا كِسْوَةُ الْجُيُوبِ الْعُرْيَانَةِ مِنَ الْاَمْوَالِ بِالْاَمْوَال؟ فَاِنَّهَا جَائِزَةٌ شَرْعاً وَلَكِنْ بِضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ صَارِمَة؟ لِاَنَّ النَّقْدَ قَدْ يُغْرِي السُّفَهَاءَ عَلَى الْمُقَامَرَةِ بِهِ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَالتَّدْخِينِ وَغَيْرِهِ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ مُعَ الْمُبَذّرِينَ اِخْوَانِ الشَّيَاطِين؟ وَلَمْ نَسْمَعْ فِي تَارِيخِ الْمُقَامِرِينَ اَنَّهُمْ يُقَامِرُونَ عَلَى ضَرُورِيَّاتِ حَيَاتِهِمْ مِنَ الْغِذَاءِ وَاللّبَاسِ وَالدَّوَاءِ اِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ؟ وَلِذَلِكَ اَخِي الْغَنِيّ عَلَيْكَ اَنْ تَفْعَلَ مِنْ هَذَا التَّدْقِيقِ عَلَى الشَّارِدَةِ وَالْوَارِدَةِ مِنْ اَمْوَالِكَ اَيْنَ تَذْهَبُ بِالضَّبْط وَكَيْفَ يَنْتَفِعُ بِهَا الْفُقَرَاءُ؟ وَاِلَّا فَاَنْتَ خَائِنٌ لِلْاَمَانَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْاَمَانَاتِ الْكَثِيرَةِ وَاَهَمُّهَا حُرِّيَّةُ اخْتِيَارِكَ اَخِي بَيْنَ خَيْرِكَ اَوْ شَرِّكَ مِمَّا ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ{اِنَّا عَرَضْنَا الْاَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضِ وَالْجِبَالِ فَاَبَيْنَ اَنْ يَحْمِلْنَهَا؟ وَحَمَلَهَا الْاِنْسَانُ اِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولَا؟ لِيُعَذّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات( فعَلَيْكَ اَخِي الْغَنِيّ اَنْ تَحْذَرَ اَنْتَ وَمَنْ خَانَ الْاَمَانَةَ مِنَ الْفُقَرَاءِ جَمِيعاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ اَلِيم(وَكَلِمَة بَشِّرْهُمْ مَاْخُوذَةٌ مِنَ الْبِشَارَة؟ وَمَاْخُوذَةٌ اَيْضاً مِنَ الْبَشَرَةِ؟ وَهِيَ بَشَرَةُ وَجْهِكَ اَخِي؟ وَهِيَ الْجِلْدُ الَّذِي يُغَطّي وَجْهَك؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَكَلِمَة بَشِّرْهُمْ لَهَا حَقِيقَة لُغَوِيَّة؟ وَلَهَا حَقِيقَة عُرْفِيَّة؟ اَمَّا الْحَقِيقَةُ اللُّغَوِيَّة؟ فَاِنَّ الْبِشَارَةَ تُطْلَقُ عَلَى خَبَرٍ سَارٍّ مُفْرِحٍ مِنَ الْخَيْرِ؟ اَوِ خَبَرٍ مُزْعِجٍ حَزِينٍ مِنَ الشَّرّ؟ وَنَقُولُ لِعُلَمَاءِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة؟ كَيْفَ ذَلِك؟ قَالُوا؟ لِاَنَّ بَشَرَة الْاِنْسَانِ تَتَغَيَّرُ فِيهَا مَلَامِحُ وَجْهِهِ سَوَاءٌ بُشّرَ بِخَيْرٍ اَوْ بُشِّرَ بِشَرّ؟ وَاَمَّا الْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّة وَهِيَ مَااعْتَدْنَا عَلَيْهِ فِي مُجْتَمَعَاتِنَا؟ فَاِنَّ الْبِشَارَةَ فِيهَا تَكُونُ بِخَبَرِ الْخَيْرِ فَقَطْ؟ وَنَقُولُ لِعُلَمَاءِ الْعُرْفِ الشَّرْعِيّ اِذَا كَانَتِ الْبِشَارَةُ تَاْتِي بِالْخَيْرِ فَقَطْ لَاغَيْر؟ فَلِمَاذَا اَتَتْ بِالْعَذَابِ اِذاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ اَلِيم(قَالُوا؟ اِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّهَكُّمِ فِيهِمْ وَاسْتِهْزَاءِ اللهِ وَسُخْرِيَتِهِ مِنْهُمْ؟ كَمَا تَقُولُ اَخِي لِاِنْسَانٍ طَالِبٍ فِي الْمَدْرَسَةِ مَثَلاً وَيُوجَدُ عَدَاوَةٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ ثُمَّ سَبَقْتَهُ فَاطّلَعْتَ عَلَى نَتِيجَتِهِ فِي الِامْتِحَان ِفَاِذَا هُوَ رَاسِبٌ وَسَاقِطٌ فِي الِامْتِحَان؟ فَمِنْ اَجْلِ النَّكَايَةِ وَالنَّكَالِ بِهِ اَكْثَرَ؟ فَاِنَّكَ مِنْ بَعِيدٍ تَقُولُ لَهُ يَافُلَان اَبْشِرْ؟ فَحِينَمَا تَقُولُ لَهُ اَبْشِرْ؟ فَاِنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ عَلَى اَنَّهَا تَجْعَلُهُ يَنْتَظِرُ مِنْكَ خَبَرَ خَيْر؟ وَلَكِنَّكَ مِنْ بَابِ النَّكَايَةِ بِهِ اَكْثَرَ تَقُولُ لَهُ اَبْشِرْ؟ ثُمَّ تَسْكُتُ قَلِيلاً؟ ثُمَّ تُتَابِعُ بِقَوْلِكَ لَهُ اَبْشِرْ فَقَدْ رَسَبْتَ فِي الِامْتِحَان؟ فَفِي هَذِهِ الْحَالَة يَكُونُ وَقْعُ خَبَرِكَ عَلَى نَفْسِهِ كَالصَّاعِقَةِ الْمُدَوِّيَة؟ بَلْ هُوَ اَشَدُّ وَاَنْكَى وَاَدْهَى وَاَمَرّ؟ وَهَذَا هُوَ بِالضَّبْط اُسْلُوبُ السُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالنَّكَالِ الَّذِي يَتَعَامَلُ فِيهِ سُبْحَانَهُ مَعَ اَهْلِ آيَةِ الْكَنْزِ مِمَّنْ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ اِلَى آخِرِ الْآيَةِ حِينَمَا قَال {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ اَلِيم(وَمَاهُوَ هَذَا الْعَذَاب{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا(أيْ يُحْمَى عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ{فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ(نَعَمْ اَخِي؟ ذَكَرَ الْجِبَاهَ؟ ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْجُنُوب؟ ثُمَّ ذَكَرَ الظُّهُورَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ الَّذِي ذَكَرَهُ سُبْحَانَهُ يُنَاسِبُ حَرَكَةَ الْاِنْسَانِ الْكَانِزِ حَتَّى يَكُونَ جَزَاؤُهُ مِنْ جِنْسِ حَرَكَتِهِ النَّفْسِيَّةِ وَالْعُضْوِيَّةِ الَّتِي كَانَ يُمَارِسُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فِي الدُّنْيَا؟ فَالْكَانِزُ الْبَخِيلُ حِينَمَا يَطْلُبُ مِنْهُ فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ مَعُونَةً اَوْ صَدَقَةً؟ فَاَوَّلُ مَايُقَطِّبُ جَبِينَهُ عَلَى جَبْهَتِه؟ وَلِذَلِكَ اَحْمَى عَلَيْهِمْ كُنُوزَهُمْ ثُمَّ كَوَى بِهَا سُبْحَانَهُ جِبَاهَهُمْ؟ فَاِذَا اَصَرَّ وَاَلَحَّ عَلَيْهِ الْفَقِيرُ الْمُسْتَحِقُّ فِي طَلَبِهِ لِلصَّدَقَةِ مِنْهُ؟ اَدَارَ لَهُ جَنْبَه؟ وَلِذَلِكَ اَحْمَى عَلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ ذَهَبَهُمْ وَفِضَّتَهُمْ ثُمَّ كَوَى بِهَا جُنُوبَهُمْ بِمَا فِيهَا مِنْ اَكْتَافِهِمْ؟ ثُمَّ اِذَا اَلَحَّ الْفَقِيرُ عَلَى صَاحِبِ الْكُنُوزِ اَكْثَر؟ اَدَارَ لَهُ الْبَخِيلُ ظَهْرَهُ وَانْصَرَفَ عَنْهُ اِلَى غَيْرِ رَجْعَة؟ وَلِذَلِكَ اَحْمَاهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَكَوَى بِهَا ظَهْرَهُ وَظُهُورَ اَمْثَالِه{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ(نَعَمْ اَخِي؟ اِنَّهَا مَكَاوِي حَارِقَة سَالِقَة شَاوِيَة قَالِيَة فِي نَارِ جَهَنَّم{هَذَا مَاكَنَزْتُمْ لِاَنْفُسِكُمْ(أيْ هَذَا الَّذِي كَنَزْتُمُوهُ مِنَ الْمَالِ انْقَلَبَ عَدُوّاً عَلَيْكُمْ {فَذُوقُوا مَاكُنْتُمْ تَكْنِزُون(أيْ ذُوقُوا الْعَذَابَ بِسَبَبِ كَنْزِكُمْ؟ وَقَدْ كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَذُوقُونَ بِاَعْيُنِكُمْ وَسَيَلَانِ لُعَابِكُمْ مَاتَتَمَتَّعُونَ بِهِ مِنْ رُؤْيَةِ الْمَعَادِنِ الثَّمِينَةِ وَالْمَاسِ وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ الْبَرَّاق؟ وَكُنْتُمْ تَجْعَلُونَ الْفَقِيرَ يَشْتَهِي رَغِيفَ الْخُبْزِ وَهُوَ يَنْظُرُ اِلَيْكُمْ تَاْكُلُونَهُ بِشَرَاهَةِ اَمْوَالِكُمُ الْحَرَامِ الَّتِي حَبَسْتُمْ فِيهَا حُقُوقَ الْفُقَرَاءِ وَلَمْ تُنْفِقُوهَا وَلَمْ تُطَهِّرُوهَا مِنْهَا؟ وَقَدْ كَانَ الْكَنْزُ يَشِعُّ عَلَيْكُمْ بِوَهْجٍ جَمِيلٍ يَاْخُذُ اَلْبَابَ عُقُولِكُمْ وَقُلُوبِكُمْ؟ حَتَّى نَسِيتُمُ اللهَ فَاَنْسَاكُمْ اَنْفُسَكُمْ؟ حَتَّى جَعَلْتُمُوهُ لَوْناً مُفَضّلاً مِنْ اَجْمَلِ الْاَلْوَانِ الطَّبِيعِيَّةِ عِنْدَكُمْ؟ حَتَّى تَفَوَّقَ عَلَى اَلْوَانِ قَوْسِ قُزَحَ فِي قُلُوبِكُمْ وَسَالَ لَهُ لُعَابُكُمْ؟ وَاَمَّا الْيَوْمَ؟ فَاِنَّهُ يُشِعُّ عَلَيْكُمْ بَوَهَجٍ مِنَ النَّارِ الْمُحْرِقَةِ فِي جَهَنَّمَ؟ وَيَسْتَطِيعُ اَنْ يَكْوِيَكُمْ مِنْ بَعِيدٍ؟ كَمَا اَنَّ اَشِعًّةَ الشَّمْسِ تُحْرِقُ اَجْسَادَكُمْ مِنْ بَعِيد؟ وَلَكِنَّ اللهَ سَيَجْعَلُهُ يَقْتَرِبُ مِنْكُمْ حَتَّى يُلَاصِقَ اَجْسَادَكُمْ؟ زِيَادَةً فِي صُرَاخِكُمْ وَاسْتِغَاثَاتِكُمْ وَاَلَمِكُمْ وَوَجَعِكُمْ وَتَعْذِيبِكُمْ وَنَكَالِهِ بِكُمْ؟ وَجَزَاءً وِفَاقاً عَلَى مَاطَاوَعَتْكُمْ بِهِ قُلُوبُكُمْ عَلَى تَرْكِ النَّاسِ يَاْكُلُونَ لُحُومَ الْكِلَابِ وَالْقِطَطِ وَالْحَمِيرِ دُونَ اَنْ تُحَرِّكُوا سَاكِناً بِاِطْعَامِهِمْ كَسْرَةً مِنْ رَغِيفِ الْخُبْز{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً اِنَّكُمْ مُجْرِمُون(وَلَكِنْ{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذّبِين(وَمِنْهُمُ{الَّ ذِي يُكَذّبُ بِالدِّين؟ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم؟ وَلَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين؟ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلّين( نَعَمْ وَمِنْهُمْ اُولَئِكَ الْمُصَلّونَ الَّذِينَ يَنْتَفِضُونَ اِلَى الصَّلَاةِ قِيَاماً وَرُكُوعاً وَسُجُوداً فِي الْمَسْجِدِ شُعْثاً غُبْراً لَوْ اَقْسَمُوا عَلَى اللهِ لَاَبَرَّهُمْ؟ عَفْواً اَخِي اَقْصِد لَلَعَنَهُمْ وَنَادَى عَلَيْهِمْ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَعَظَائِمِ الْاُمُور؟ لِاَنَّهُمْ يَنْفُضُونَ غُبَارَ ثِيَابِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ؟ وَلَايَنْفُضُونَ لَيْرَةً وَاحِدَةً مِنْ جُيُوبِهِمْ مِنْ اَجْلِ حَضِّ اَنْفُسِهِمْ اَوّلاً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرِهِمْ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين؟ وَلَنْ تَسْتَطِيعَ اَخِي اَنْ تَحُضَّ نَفْسَكَ وَغَيْرَكَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ اِلَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَجَاهِدُوا بِاَمْوَالِكُمْ وَاَنْفُسِكُمْ(فَمَهْمَا كَانَ مَالُكَ اَخِي عَزِيزاً عَلَيْكَ وَغَالِياً عَلَى قَلْبِك؟ بَلْ مَهْمَا كَانَتْ نَفْسُكَ اَيْضاً؟ فَجَاهِدْ نَفْسَكَ دَائِماً عَلَى اَنْ يَكُونَ اللهُ هُوَ اَغْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عِنْدَكَ حَتَّى نَفْسَكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْك؟؟ نَعَمْ اَخِي؟ بَعْضُ النَّاسِ يَتَفَلْسَفُونَ وَيُجَادِلُونَ بِغَيْرِ عِلْمٍ قَائِلِين؟ طَالَمَا اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي الْآيَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْاَوْرَاقَ النَّقْدِيَّة؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهَا مُعْفَاةٌ مِنَ الزَّكَاةِ وَلَاتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِاَنَّهَا تَحْتَرِقُ وَتَنْطَفِىءُ بِسُرْعَةٍ ثُمَّ تَتَبَخَّرُ وَلَايَبْقَى لَهَا اَثَرٌ فِي تَعْذِيبِ هَؤُلَاءِ الْكَانِزِينَ الْبُخَلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَة؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلاَءِ اَنْتُمْ جَاهِلُونَ فِي عِلْمِ الِاقْتِصَادِ وَفِي مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّة اَيْضاً؟ لِاَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى اَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الْاَوْرَاقَ النَّقْدِيَّةَ لَاتَنْطَفِىءُ اَبَداً فِي تَعْذِيبِهِمْ؟ بِدَلِيلِ الشَّمْسِ الَّتِي لَمْ تَنْطَفِىءْ مُنْذُ مَلَايِينِ السِّنِين وَهِيَ تُشْرِقُ وَتَغْرِبُ عَلَيْنَا يَوْمِيّاً اِلَى قِيَامِ السَّاعَة؟ فَكَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى اَنْ يَجْعَلَهَا بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى اِبْرَاهِيم؟ فَهُوَ قَادِرٌ اَيْضاً سُبْحَانَهُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ اِلَى اَبَدِ الْآبِدِينَ فِي اِيقَادِ لَهِيبِهَا؟ لِاَنَّهَا تَسْتَمِدُّ حَيَاتَهَا مِنْ نُورِ الْحَيِّ الَّذِي لَايَمُوت؟ بَلْ هُوَ قَادِرٌ سُبْحَانَهُ عَلَى تَعْذِيبِ الْجِنِّ الشَّيَاطِينِ مِنْ نَفْسِ النَّارِ الَّتِي خُلِقُوا مِنْهَا كَمَا هُوَ قَادِرٌ سُبْحَانَهُ عَلَى تَعْذِيبِ الْاِنْسَانِ وَخَنْقِهِ فِي التُّرَابِ الَّذِي خَلَقَهُ مِنْه؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ اَيْضاً؟ كَمَا اَنَّ الْفُقَرَاءَ يَسْتَفِيدُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ؟ اَنْتُمْ اَيْضاً تَسْتَفِيدُونَ مِنْه؟ وَلَايُمْكِنُ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ يَكُونَ اِعْفَاؤُكُمْ مِنْ اِخْرَاجِ زَكَاتِهِ مَقْصَداً مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَة؟ لِاَنَّ فِيهِ فَائِدَةً لِلْجَمِيع؟ وَلِاَنَّهُ لَايَحْمِلُ قِيمَةَ الْوَرَقِ الَّذِي تَحْمِلُونَهُ فِي جُيُوبِكُمْ؟ بَلْ اِنَّ قِيمَتَهُ مَحْصُورَة بِقِيمَةِ الرَّصِيدِ الَّذِي يُغَطِّيهِ مِنَ الذَّهَب؟ فَلَايُمْكِنُ اَنْ يَكُونَ رَصِيدُ الْاَوْرَاقِ النَّقْدِيَّةِ الْمَطْبُوعَةِ فِي بَلَدٍ مَا اِلَّا مُسَاوياً لِرَصِيدِ الذَّهَبِ الَّذِي يَمْلِكُهُ هَذَا الْبَلَد؟ وَاِلَّا فَاِنَّهَا تَكُونُ اَوْرَاقاً نَقْدِيَّةً مُزَوَّرَةً كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ عُلَمَاءُ الِاقْتِصَادِ جَيِّداً؟ فَكَيْفَ نُعْفِي هَذِهِ الْاَوْرَاقَ النَّقْدِيَّةَ مِنَ الزَّكَاةِ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ بِرَصِيدِ الذَّهَبِ الَّذِي يُغَطِّيهَا وَلَايَسْمَحُ بِطِبَاعَةِ شَيْءٍ مِنْهَا زَائِدٍ عَنْ رَصِيدِ الذّهَبِ الْمَوْجُودِ فِي بَلَدٍ مَا؟ وَلِذَلِكَ اَخِي اَنْتَ مَعَكَ هَذِهِ الْاَوْرَاقَ النَّقْدِيَّة؟ فَهَلْ قِيمَتُهَا جَاءَتْ اِلَيْكَ مِنْ كَوْنِهَا مُجَرَّدَ وَرَقَةٍ لَاتُقَدِّمُ وَلَاتُؤَخّرُ مِثْلَ شِيكْ عَلَى بَيَاض اَوْ شِيكْ بِدُونْ رَصِيد؟ اَمْ هِيَ رَصِيد مُغَطّاة بِرَصِيد وَهَذَا الرَّصِيدُ مُقَدَّرٌ بِالذَّهَب؟ نعم هِيَ رَصِيدٌ لَاقِيمَةَ لَهُ اِلَّا بِمَا يُسَاوِيهِ وَيُعَادِلُهُ مِنْ رَصِيدِ الذَّهَب؟ وَلِذَلِكَ اَخِي حِينَمَا تُطْبَعُ الْاَمْوَالُ الْمُزَوَّرَةُ بِدُونِ رَصِيد وَتُلْقَى فِي الْاَسْوَاق؟ فَاِذَا لَمْ تَسْتَطِعِ الدَّوْلَةُ جَمْعَ هَذِهِ الْاَمْوَالَ وَاِزَالَتَهَا مِنَ الْاَسْوَاقِ وَاِتْلَافَهَا وَحَرْقَهَا وَالْقَبْضَ عَلَى الْمُزَوِّرِينَ وَاِيدَاعَهُمْ فِي السُّجُونِ وَتَغْرِيمَهُمْ بِقِيمَتِهَا؟ فَهَذَا يُؤَدِّي اِلَى التَّضَخُّمِ الْمَالِي فِي الْاَمْوَالِ الْمُزَوَّرَة؟ مِمَّا يُؤَدِّي اِلَى ضَعْفِ الرَّصِيدِ الذَّهَبِيِّ الْكَافِي لِتَغْطِيَتِهَا؟ مِمَّا يُشَكِّلُ عِبْئاً كَبِيراً عَلَى الدَّوْلَةِ فِي تَاْمِينِ رَصِيدٍ مِنَ الذَّهَبِ مِنْ دِمَاءِ الشَّعْبِ لِتَغْطِيَةِ هَذِهِ الْاَمْوَالِ الْمُزَوَّرَةِ الْمَطْبُوعَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ فِي الْاَسْوَاق؟ وَفِي هَذَا ضَرَرٌ كَبِيرٌ جِدّاً عَلَى الدَّوْلَةِ وَالْمُجْتَمَع؟ وَلِذَلِكَ كَانَ تَزْوِيرُ الْعُمْلَةِ مِنَ الْجَرَائِمِ الْكُبْرَى؟ لِاَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي اِلَى انْهِيَارِ الْمُجْتَمَعِ الِاقْتِصَادِيِّ وَدَمَارِهِ وَتَخْرِيبِ اقْتِصَادِه؟؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ النَّصَارَى يَقُولُ فِيه؟ كَيْفَ تُرِيدِينَ مِنِّي اَنْ اُؤْمِنَ بِاِلَهٍ يَرْضَى لِنَفْسِهِ اَنْ يَكُونَ خَالِقَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي كَيْفَ لَاتَرْضَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَ لِخَالِقِكَ اَنْ يَسْتَحْوِذَ عَلَيْهِ اَوْ يَمْلِكَهُ؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَرْضَى لِنَفْسِكَ اَنْ تَسْتَحْوِذَ عَلَى سِلَاحٍ ذُو حَدَّيْنِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرّ وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي قَالَ اللهُ عَنْهُ اَنَّه خَيْر بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ الْخَيْرِ الْمُقَيَّدِ الَّذِي اَحْبَبْتَهُ اِلَى دَرَجَةٍ اَعْمَتْكَ عَنْ حُبِّ الْخَيْرِ الْمُطْلَقِ؟ حَتَّى اَنَّكَ جَعَلْتَ الْخَيْرَ الْمُقَيَّدَ الْمَحْدُودَ وَالنَّابِعَ مِنْ خَيْرِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ الَّتِي لَاحُدُودَ لَهَا وَهُوَ عِيسَى؟ اِلَهاً مِنْ دُونِ الْخَيْرِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ اللهُ؟ كَمَا فَعَلَ الشِّيعَةُ اَيْضاً مَعَ عَلِيّ وَالْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْاَئِمَّة؟ نَعَمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْر لَشَدِيد{اِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّة( فَاِذَا كَانَ الْخَيْرُ الْبَشَرِيُّ الْمَحْدُود وَهُوَ عِيسَى؟ اَعْمَاكَ عَنِ الْخَيْرِ الْاِلَهِيِّ الْمُطْلَقِ بِلَا حُدُود وَهُوَ الله؟ وَاِذَا كَانَ الْخَيْرُ اَعْمَاكَ عَنِ الْخَيْرِ فَاَصْبَحْتَ لَاخَيْرَ فِيك؟ فَكَيْفَ لَايُعْمِيكَ الشَّرُّ عَنِ الْخَيْر؟ وَكَيْفَ رَضِيتَ لِنَفْسِكَ اَنْ تَسْتَعْمِلَ الْخَيْرَ وَهُوَ هَذَا الْمَالَ فِي الشَّرِّ وَاَنْ تَكْسَبَهُ مِنَ الْحَرَام وَهُوَ الشَّرُّ اَيْضاً؟ وَكَيْفَ رَضِيتَ لِنَفْسِكَ اَنْ يُعْمِيَكَ الْخَيْرُ عَنْ فِعْلِ الْخَيْرِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْاِحْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي قَالَ اللهُ عَنْهُ اِنَّهُ الْخَيْر وَمَا اَكْثَرَ وُجُوهَ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوف؟ نَعَمْ اَنَا اَتَّفِقُ مَعَكَ فِي اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّه؟ وَلَكِنْ هَلْ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مِنَ الشَّرِّ غَايَتَهُ الْكُبْرَى فِي هَذَا الْكَوْنِ كَمَا جَعَلْتَهُ اَنْت؟ هَلْ اَعْمَاهُ هَذَا الشَّرُّ عَنْ حُبِّ الْخَيْر؟كَيْفَ يَكُونَ ذَلِكَ وَهُوَ الْخَيْرُ الْمُطْلَقُ سَبْحَانَه؟ وَكَيْفَ يَعْمَى الْخَيْرُ الْمُطْلَقُ سُبْحَانَهُ عَنِ الْخَيْرِ الْمُقَيَّدِ الْمَحْدُودِ وَيَعْجَزُ عَنْهُ وَهُوَ خَالِقُهُ سُبْحَانَه؟وَكَيْفَ يَعْمَى الْخَيْرُ الْمُطْلَقُ سُبْحَانَهُ عَنِ الشَّرِّ الْمَحْدُودِ اَيْضاً وَهُوَ خَالِقُه{وَلَاتَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون{اَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير{اَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ سُبْحَانَهُ كَيْفَ يَتَعَامَلُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ اللَّطِيفُ بِخَيْرِهِ وَالْخَبِيرُ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الشَّرِّ وَلَااَحَدَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ يَتَفَوَّقُ عَلَيْهِ اَبَداً فِي خِبْرَتِهِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ هَذَا الشَّرّ وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء(فَهَلْ يَسْتَطِيعُ الشَّرُّ مَهْمَا عَظُمَ شَاْنُهُ اَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَقَدْ غَطَّى بِرَحْمَتِهِ وَنَعْمَائِهِ عَلَى جَمِيعِ اَنْوَاعِ الشُّرُور؟ بَلْ اِنَّهُ يَتَحَدَّاكُمْ اَيُّهَا الصَّفَوِيُّونَ الْمَجُوسُ الْخَنَازِيرُ بِقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى اَنْ يَخْلُقَ مِنْ شُرُورِكُمْ خَيْراً كَثِيراً لِاَهْلِ السُّنَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْاِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَاتَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ( نَعَمْ اَخِي كَيْفَ يَكُونُ مَا ذَكَرْتَهُ صَحِيحاً وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ(فِي خَيْرِهِ عَلَيْكُمْ وَفَضْلِهِ وَاِحْسَانِهِ{لَاتُحْصُوهَا(فَ هَلْ هُوَ اِلَهٌ شِرِّيرٌ فِي نَظَرِكَ اَخِي؟ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَه؟ هَلْ هُوَ اِلَهٌ دَمَوِيٌّ يُحِبُّ سَفْكَ الدِّمَاءِ وَاِرَاقَتَهَا بِنَظَرِكَ اَخِي؟ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا(وَهُوَ شَيْءٌ حَسَنٌ عِنْدَ الله؟ اِنَّهُ قِصَاصٌ حَسَن؟ فَكَيْفَ يَكُونُ اِلَهاً دَمَوِيّاً وَهُوَ يَقُولُ سَبْحَانَهُ{وَاتَّبِعُوا اَحْسَنَ مَااُنْزِلَ اِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ(وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَمَنْ عَفَا وَاَصْلَحَ فَاَجْرُهُ عَلَى الله(وَهُوَ شَيْءٌ اَحْسَنُ عِنْدَ اللهِ؟ اِنَّهُ الْعَفْوُ الْاَحْسَن؟ وَلَكِنْ اَلَا تَتَّفِقُ مَعِي اَخِي اَنَّ الْقِصَاصَ اَحْيَاناً يَكُونَ اَحْسَنَ مِنَ الْعَفْوِ عِنْدَ اللهِ مَعَ الَّذِينَ{يَظْلِمُونَ النَّاس(وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَاُولَئِكَ مَاعَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل؟اِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْاَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ(وَلِذَلِكَ اَخِي كَمَا جَعَلْتَ مِنْ هَذَا الْمَالِ سِلَاحاً ذُو حَدَّيْنِ فِي خَيْرِكَ وَفِي شَرِّكَ وَقَدْ خَلَقَهُ اللهُ شَرْعاً مِنْ اَجْلِ الْخَيْرِ فَقَطْ؟ كَذَلِكَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ اَيْضاً وَعَدْلاً وَاِحْسَاناً اَنْ يَجْعَلَ مِنْ قَدَرِهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ سِلَاحاً ذًو حَدَّيْنِ عَلَيْكَ اَيْضاً؟ فَاِذَا اخْتَرْتَ اَخِي حَدَّ الشَّرِّ وَتَفَاعَلْتَ مَعَهُ؟ فَاِنَّهُ سَيَتَفَاعَلُ مَعَكَ اَيْضاً بِحَدِّ الْقَدَرِ مِنْ شَرِّ قَوْلِهِ تَعَالَى وَاَشْبَاهِهِ مِنَ الْآيَات{وَلَاتُعْجِبْكَ اَمْوَالُهُمْ وَلَااَوْلَادُهُمْ اِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ اَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون{اِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ اَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ؟ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُون وَالَّذِينَ كَفَرُوا اِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُون( وَاَمَّا اِذَا اخْتَرْتَ اَخِي حَدّ الْخَيْرِ وَتَفَاعَلْتَ مَعَهُ؟ فَاِنَّهُ سَيَتَفَاعَلُ مَعَكَ اَيْضاً بِحَدِّ الْقَدَرِ الْآخَرِ مِنْ خَيْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَاَشْبَاهِهِ مِنَ الْآيَات{هَلْ اَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ اَلِيم؟ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِاَمْوَالِكُمْ وَاَنْفُسِكُمْ{خُذْ مِنْ اَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ اَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ اَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِل} مَتَى سَتَفْهَمُونَ يَامَنْ تَعْتَرِضُونَ عَلَى قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ بِقَوْلِكُمْ لِمَاذَا يَفْعَلُ اللهُ بِنَا هَكَذَا؟ لِمَاذَا لَايَنْصُرُنَا عَلَى الْقَوْمِ الظَّالِمِين؟ لِمَاذَا؟ لِمَاذَا؟ لِمَاذَا؟ مَتَى سَتَفْهَمُونَ اَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقِ الشَّرَّ لِاَنَّهُ حَاشَاهُ شِرِّير؟ مَتَى سَتَفْهَمُونَ اَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقِ الشَّرَّ لِاَنَّهُ يُحِبُّ الشَّرّ؟ بَلْ خَلَقَ الشَّرَّ مِنْ اَجْلِ خِدْمَةِ الْخَيْرِ وَتَحْقِيقِ الْعَدَالَة؟ فَحِينَمَا خَلَقَ اللهُ الشَّرَّ لَمْ يَخْلُقْهُ مِنْ اَجْلِ الْعُدْوَانِ اَوِ الْعَمَلِ السَّيِّءِ اَوِ الْمَكْرِ السَّيِّء؟ وَاِنَّمَا خَلَقَ الشَّرَّ مِنَ الْعُدْوَانِ الشِّرِّيرِ مَثَلاً مِنْ اَجْلِ اَنْ تَاْخُذَ الْعَدَالَةُ مَجْرَاهَا الْخَيِّرِ بِالِاعْتِدَاءِ الْمِثْلِيِّ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَعْتَدُونَ عَلَى الْاَبْرِيَاء بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ( وَاِنَّمَا خَلَقَ الشَّرَّ مِنَ الْعَمَلِ السَّيِّءِ لِنَفْسِ السَّبَبِ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها(وَاِنَّمَا خَلَقَ الشَّرَّ مِنَ الْمَكْرِ السَّيِّءِ مِنْ اَجْلِ تَحْقِيقِ خير الْعَدَالَةِ اَيْضاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّءُ اِلَّا بِاَهْلِهِ(وَاِنَّمَا خَلَقَ الشَّرَّ مِنَ الْحَسَدِ مِنْ اَجْلِ تَحْقِيقِ خَيْرِ الْعَدَالَةِ اَيْضاً فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ لِلهِ دَرُّ الْحَسَدِ مَااَعْدَلَهُ بَدَاَ بِصَاحِبِهِ فَقَتَلَه؟ وَاِنَّمَا خَلَقَ الشَّرَّ اَيْضاً بَلْ جَمَعَ الشَّرَّ كُلَّهُ فِي فِرْعَوْنَ ذَبْحاً وَاِذْلَالاً لِبَنِي اِسْرَائِيلَ؟ وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ تَحَدَّاهُ وَتَحَدَّى شُرُورَهُ وَسَخَّرَهَا مِنْ اَجْلِ خِدْمَةِ الْخَيْرِ الْاَعْظَمِ عَلَى بَنِي اِسْرَائِيلَ وَهُوَ مُوسَى الَّذِي تَرَبَّى فِي قَصْرِهِ لِيُخَلّصَهُمْ لَاحِقاً مِنْ اَعْظَمِ طَاغِيَةٍ عَرَفَهُ التَّارِيخ وَهُوَ هَذَا الَّذِي رَبَّاه؟؟ بَعْدَ ذَلِكَ فقَدْ سَاَلَنِي بَعْضُ الْاِخْوَة؟ لِمَاذَا لَايُعَاجِلُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالِانْتِقَامِ مِمَّنْ يَدُوسُونَ عَلَى مُقَدَّسَاتِهِ؟ بَلْ يَبُولُونَ عَلَيْهَا وَيَنْتَهِكُونَ حُرُمَاتِهِ؟ وَيَعْتَدُونَ عَلَى الْاَبْرِيَاءِ وَالضُّعَفَاءِ بِوَحْشِيَّةٍ لَامَثِيلَ لَهَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ اُوبَامَا فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَة؟ كَانَ يَعْتَذِرُ اِلَى الْاَفَغَانِيِّينَ لِمَاذَا؟ قَالَ لِاَنَّ مَجْمُوعَةً مِنْ جُنْدِ صُلْبَانِهِ الْخَنَازِير فِي قَاعِدَة اَمْرِيكِيَّة حَرْبِيَّة فِي اَفْغَانِسْتَان؟ اَحْرَقَتْ بَعْضَ الْمَصَاحِفِ الشَّرِيفَة؟ وَنَقُولُ لِاُوبَامَا؟ هَلْ يَكْفِي الِاعْتِذَار؟ فَاِنْ كُنْتَ صَادِقاً؟ فَعَلَيْكَ اَنْ تُحَاسِبَهُمْ؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُعَاقِبَهُمْ بِمَا يَسْتَحِقّونَ اِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِعْلاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ مَااَقَلَّ عُقُولَ هَؤُلَاءِ؟ وَمَااَتْفَهَهَا؟ وَلَوْ حَرَقُوا كُلَّ الْمَصَاحِفِ؟ وَلَوْ دَاسُوا عَلَيْهَا كُلَّهَا بِاَقْدَامِهِمْ وَبَالُوا عَلَيْهَا؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ اللهَ يَتَحَدَّاهُمْ بِقَوْلِهِ{اِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَاِنَّا لَهُ لَحَافِظُون(فَهَلْ تُمَزِّقُ الْمُصْحَف؟ هَلْ تُحْرِقُهُ؟ هَلْ تَطَؤُهُ بِقَدَمَيْك؟ هَلْ تَبُولُ عَلَيْهِ وَتُنَجِّسُه؟ هَلْ تَعْتَقِدُ بِذَلِكَ اَنَّكَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تَتَحَدَّى اللهَ بِجُنُودِكَ يَااُوبَامَا؟ وَكَانَ الْاَمْرِيكِيُّونَ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ بَالُوا عَلَى بَعْضِ الْقَتْلَى؟ فَاَيْنَ حُقُوقُ الْاِنْسَانِ حَيّاً وَمَيِّتاً؟ اَللهَ اللهَ اللهَ يَااِسْلَام؟ اَللهَ يَادِينَ الْاِسْلَامِ مَااَعْظَمَك؟ اُنْظُرْ اَخِي مَاذَا يَقُولُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[كَسْرُعَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيّاً(فَحِينَمَا يَكْسِرُ اِنْسَانُ مَا عَظْمَ مَيِّتٍ مَا؟ فَاِنَّ ذَنْبَهُ عِنْدَ اللهِ كَذَنْبِ مَنْ كَسَرَ عَظْمَ اِنْسَانٍ مَا حَيّ؟ فَاَيْنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَكْسِرُونَ الْعِظَامَ؟ وَيُحَطّمُونَ الرُّؤُوسَ؟ وَيَبُولُونَ عَلَى النَّاسِ اَحْيَاءً وَاَمْوَاتاً؟ وَيَبُولُونَ عَلَى الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ؟ وَيُحْرِقُونَهَا؟ وَيُحْرِقُونَ النَّاس؟ اَيْنَ هُمْ مِنَ الله؟ اَيْنَ سَيَهْرُبُونَ مِنْ جَهَنَّم{وَاِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ(مُنْذُ اَنْ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْض{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْاِنْسِ اِنِ اسْتَطَعْتُمْ اَنْ تَنْفُذُوا مِنْ اَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضِ فَانْفُذُوا؟ لَاتَنْفُذُونَ اِلَّا بِسُلْطَان(اَللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَنْصَحُكُمْ بِالْهَرَبِ اِنِ اسْتَطَعْتُمْ اِلَيْهِ سَبِيلاً؟ لِاَنَّ عَذَابَ جَهَنَّمَ بِانْتِظَارِكُمْ؟ وَفِيهِ مِنْ اَشْكَالِ الْعَذَابِ السَّادِيِّ مَالَمْ يَخْطُرْ لَكُمْ عَلَى بَال؟ لِاَنَّ جَهَنَّمَ مُنْذُ اَنْ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضَ؟ وَهِيَ تُعَانِي مِنَ الْكَبْتِ وَالشَّبَقِ وَالتَّحْرِيضِ الْجِنْسِيّ مَالَايَعْلَمُ مَدَاهُ اِلَّا الله{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ(وَهِيَ تَرْتَجِفُ مِنْ رَعْشَةِ الْغَيْظِ الْجِنْسِيَّةِ السَّادِيَّةِ الْهَائِلَة؟ فَتُقَدِّمُ لَكُمْ اَوّلاً طَعَاماً مِنْ مَازَا اِكِسْتْرَا عَالِيَةِ الْجَوْدَة مِنْ{شَجَرَةِ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْاَثِيمِ؟ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيم؟ خُذُوهُ فَاعْتِلُوه اِلَى سَوَاءِ الْجَحِيم؟ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَاْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيم؟ ذُقْ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم(ثُمَّ تُقَدِّمُ لَكُمْ كَاْساً مِنْ وِيسْكِي الْحَمِيم؟ وَعَرَقِ الْغَسَّاقِ؟ وَشَمْبَانْيَا الْغِسْلِين؟ وَمِنَ الْمَشْرُوبَاتِ الرُّوحِيَّةِ الَّتِي تُنْعِشُ اَرْوَاحَكُمْ{وُسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ اَمْعَاءَهُمْ(ثُمَّ تَشْتَهِي بَعْدَ ذَلِكَ اَنْ تُمَارِسَ الْجِنْسَ السَّادِيَّ مَعَكُمْ؟ بِاَعْضَاءٍ تَنَاسُلِيَّةٍ بِسَلَاسِلَ مُحَمَّاةٍ فِيهَا طُولُهَا سَبْعُونَ ذَرِاعاً؟ تَنْتَصِبُ كَمَا يَنْتَصِبُ الْقَضِيبُ الذَّكَرِيُّ؟ فَتَدْخُلُ مِنْ اَفْوَاهِكُمْ؟ وَتَخْرُجُ مِنْ اَدْبَارِكُمْ بَعْدَ اَنْ تُخْرِجَ مَابَقِيَ مِنْ اَمْعَائِكُمْ فَتُصْبِحُ بُطُونُكُمْ حُبْلَى؟ بَلْ جَمِيعُ مَسَاحَةِ اَجْسَامِكُمْ بِمَا فِيهَا مِنْ جُلُودِكُمْ حُبَالَى بِجُلُودٍ اُخْرَى جَدِيدَةٍ مِنْ قُوَّةِ الشَّهْوَةِ الْجِنْسِيَّةِ السَّادِيَّةِ الْجَهَنَّمِيَّةِ بَعْدَ اَنْ تَنْسَلِخَ عَنْهَا الْجُلُودُ الْمَحْرُوقَةُ كَمَا تَنْسَلِخُ الْحَشَرَاتُ عَنْ اَجْسَامِهَا فِي اَطْوَارِ نُمُوِّهَا؟ فَتَنْمُو اَجْسَادُكُمْ شَيْئاً فَشَيْئاً حَتَّى تُصْبِحُونَ عَمَالِقَةً مِنْ اَجْلِ اَنْ تَزْدَادَ مَسَاحَاتُ الْحُرُوقِ وَالْاَلَمِ وَالتَّعْذِيبِ مِنْ جَدِيد{اِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارَا؟ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَاب(نَعَمْ اَخِي اِنَّهُ الْجِنْسُ السَّادِيّ؟ اِنَّهُ اَجْمَلُ مَا يَعْشَقُهُ خَنَازِيرُ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ حَتَّى الْمَوْت؟ اِنَّهُ اَحَبُّ شَيْءٍ سِكْسِيٍّ اِلَى قُلُوبِهِمْ؟ لِمَا فِيهِ مِنْ اَرْوَعِ الْمُمَارَسَاتِ الْجِنْسِيَّةِ السَّادِيَّةِ الشَّاذَّةِ الْمُنْكَرَةِ الَّتِي تَعْشَقُهَا جَهَنَّمُ بِمَا فِيهَا مِنْ اَنْكَالِهَا وَجَحِيمِهَا وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابِهَا الْاَلِيمِ نِكَاحاً لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعاً وَلَاتَشْبَعُ مِنْهُمْ اَبَداً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَاْتِ{بالنشوة واللذة الجنسية من خنازير الصلبان{وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيد}وَاَقُولُ لَكَ اَخِي بِاللهِ عَلَيْك؟ كُلُّنَا الْآنَ مَوْجُودُونَ فِي الْمَسْجِد نَسْتَمِعُ اِلَى خُطْبَةِ الْجُمُعَة؟ وَلَااُرِيدُ مِنْكَ اَنْ تَنْفُخَ فِي الشَّمْس؟ بَلْ اُرِيدُ مِنْ كُلِّ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَسْجِدِ مَهْمَا كَانَ عَدَدُهُمْ اَنْ يَنْفُخُوا عَلَى لُمْبَةِ نْيُون كَهْرَبَاء وَاحِدَة فَقَطْ؟ فَهَلْ يَسْتَطِيعُونَ جَمِيعاً اِطْفَاءَهَا مَهْمَا نَفَخُوا فِيهَا؟ فَاِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْكَهْرَبَاءُ بِمَا ِفيهَا مِنْ هَذَا النُّورِ الْمُصْطَنَعِ مِنِ اكْتِشَافِ الْبَشَرِ وَلَايَسْتَطِيعُونَ جَمِيعاً بَلْ لَايَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ كُلُّهُ بِاِنْسِهِ وَجِنِّهِ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ اَنْ يُطْفِئُوهُ بِاَفْوَاهِهِمْ مَهْمَا نَفَخُوا فِيهِ وَهُوَ لَمْبَة صَغِيرَة؟ فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ اَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ؟ بَلْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ اَنْ يُطْفِئُوا نُوراً صَغِيراً جِدّاً مِنْ نُورِ اللهِ وَهُوَ هَذِهِ الشَّمْسُ مِنْ بَيْنِ مَلَايِينِ الشُّمُوسِ وَالنُّجُومِ الْمَوْجُودَةِ جَمِيعاً في مَجَرَّةٍ صَغِيرَةٍ جِدّاً مِنْ بَيْنِ مَلَايِينِ الْمَجَرَّاتِ الْهَائِلَة؟ وَكَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ عَنْ خَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ وَاِخْوَانِهِمْ مِنَ الْقُرُودِ الْيَهُودِ وَعُمَلَائِهِمْ مِنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالشُّيُوعِيَّةِ وَالْعَلْمَانِيَّةِ وَاللّيبْرَالِيَّة{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِاَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمٌّ نُورَهُ{مُتِمُّ نُورِهِ{ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون{وَيَاْبَى اللهُ اِلَّا اَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون(نَعَمْ اَخِي عَلَيْهِمْ اَنْ يُطْفِئُوا اَوّلاً مَلَايِينَ الْمَجَرَّاتِ الْهَائِلَةِ بِمَا فِيهَا مِنْ مَلَايِينِ النُّجُومِ وَالشُّمُوسِ وَالْاَقْمَارِ وَالْبُرُوجِ وَالشُّهُبِ وَالنَّيَازِكِ وَالْغُبَارِ قَبْلَ اَنْ يُطْفِئُوا نُورَ الله؟ نَعَمْ اِنَّ اللهَ لَابُدَّ اَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَهُوَ دِينُهُ الْاِسْلَامِي رَغْماً عَنْكُمْ رَضِيتُمْ اَوْ لَمْ تَرْضَوْا؟ فَيَااَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ الصَّفَوِيُّونَ الْمَجُوسِيُّونَ الْمُنْدَسُّونَ الْمُسَلَّحُون؟ اِنَّ الْمُسْتَقْبَلَ لِلْاِسْلَامِ وَحْدَه؟ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا اَنْ تُطْفِئُوا نُورَ اللهِ مَهْمَا دَخَلْتُمْ عَلَى اَوْطَانِنَا؟ وَمَهْمَا هَدَّمْتُمْ مِنَ الْبُيُوتِ عَلَى اَهَالِيهَا؟ وَمَهْمَا فَضَحْتُمْ مِنَ الْاَعْرَاضِ؟ وَمَهْمَا قَتَلْتُمْ مِنَ النَّاسِ زُرَافَاتٍ وَوِحْدَاناً؟ وَمَهْمَا اَعْدَمْتُمْ؟ وَمَهْمَا عُدِمْتُمْ مِنْ كُلِّ مَعَانِي الْاِنْسَانِيَّة؟ فَيَااَيُّهَا الْاِرْهَابِيُّون؟ وَيَااَيُّهَا الْخَائِنُون؟ اَللَّهُمَّ بَدِّدْهُمْ بِدَدَا؟ وَاَحْصِهِمْ عَدَدَا؟ وَاَهْلِكْهُمْ وَلَاتُبْقِ مِنْهُمْ اَحَدَا؟ وَاجْعَلْ مِنْ اَرْضِنَا مَقْبَرَةً لَهُمْ جَمِيعاً؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ اِنِّي دَاعِيَةٌ فَاَمِّنُوا؟ يَااَلله يَااَلله يَااَلله؟ مَنِ الرَّازِقُ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ مَنِ الْمُحْيِي؟ مَنِ الْمُمِيت؟ مَنِ الْمُغِيث؟ مَنِ الْمُجِيب؟ فَيَا مُغِيثُ اَغِثْنَا؟ وَيَامُجِيبُ اسْتَجِبْ دُعَاءَنَا؟ وَيَارَبّ عَلَيْكَ بِالظَّالِمِين؟ عَلَيْكَ بِالْعُتَاةِ الْمُعْتَدِين؟ عَلَيْكَ بِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ بِلَادَنَا وَاُمَّتَنَا وَدِينَنَا بِسُوء؟ خُذْهُ يَارَبُّ اَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِر؟ فَنَحْنُ عِبَادُكَ الضّعَفَاءُ الْمَسَاكِينُ يَااَلله؟ وَاَبْنَاءُ عِبَادِك؟ وَاَبْنَاءُ اِمَائِك؟ كُنْ مَعَنَا يَااَلله؟ كُنْ مَعَ الْحَقّ وَاَهْلِهِ؟ وَكُنْ ضِدَّ الْبَاطِلِ وَجُنْدِه؟ اَللَّهُمَّ انْصُرِ الْحَقَّ وَاَهْلَه؟ وَاهْزُمِ الْبَاطِلَ وَجُنْدَه؟ وَطَهِّرِ الْاَرْضَ مِنَ الطّغَاةِ وَالظَّالِمِينَ وَالْبُغَاةِ وَالْعُتَاةِ يَاقَوِيُّ يَامَتِينُ يَارَبَّ الْعَالَمِين؟ رَبَّنا اغْفِرْ لَنَا وَلِاِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْاِيمَانِ؟ وَلَاتَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا؟ رَبَّنَا اِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم؟ عِبَادَ الله؟ مَااَعْظَمَ هَذَا الدِّين{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ(بِاَيِّ شَيْء{يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى؟ وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ(وَهُوَ الظّلْم{يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون(فَبِاللهِ عَلَيْكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ مَنْ يَكْرَهُ هَذِهِ الْوَصَايَا اِلَّا اِنْسَانٌ حَقُودٌ شَرِّيرٌ يَحْمِلُ فِي نَفْسِهِ مَالَاتَحْمِلُهُ الْخَنَازِير{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطّعُوا اَرْحَامَكُمْ؟ اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ(اَللَّهُمْ اقْطَعْ مَنْ قَطَعَ الْاَرْحَامَ الْاِنْسَانِيَّةَ الْمُسْلِمَة وَغَيْرَ الْمُسْلِمَة الْقَرِيبَة وَالْبَعِيدَةَ؟ وَصِلْ مَنْ وَصَلَهَا يَارَبَّ الْعَالَمِين؟ وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين