أحمد عبد السلام المحلاوي

(ولد 1 يوليو 1925 في محافظة كفر الشيخ - )
داعية مصري بارز في الإسكندرية.

تخرج من قسم القضاء الشرعي بكلية الشريعة جامعة الازهر عام 1957 وعمل الشيخ إماما وخطيباً بوزارة الأوقاف المصرية.
انتقل إلى الإسكندرية
وعمل إماماً وخطيباً لمسجد سيدي جابر
، ومن ثم لجامع القائد ابراهيم بمحطة الرمل بمدينة الاسكندرية قبل توقفه عن ذلك عام 1996.
تولى رئاسة لجنة سميت "لجنة الدفاع عن المقدسات الإسلامية" التي تأسست عقب تدنيس المصحف علي يد المحققين في
جوانتانامو


في السطور التالية سأذكر نقاطًا تمثل محطات رئيسة في حياة الشيخ أطال الله في عمره وبارك فيها :

- اشتهر الشيخ المحلاوي في السبعينيات من القرن العشرين بصفته إمام وخطيبمسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية الذي يتناول قضايا الساعة السياسية والاقتصادية في خطبة الجمعة وفي دروسه بالمسجد، وكان يصدع بالحق ويعلنمعارضة سياسات السادات السياسية والاقتصادية، وكان ينتقد السلوك الاجتماعي والاقتصادي لأسرة السادات وخاصة زوجته السيدة جيهان، وكان يستند في ذلك على المعلومات التي كانت تنشرها الصحافة المصرية المعارضة والمستقلة والإسلامية، وكذلك الصحافة الأجنبية، وقد ضاق السادات بمعارضته له ذرعًا، وكان يهاجمه في خطبه.

- عندما قرر السادات البطش بكبار رموز المعارضة من الإسلاميين واليساريين والليبراليين و"المسيحيين" أصدر قرارًا في 5 سبتمبر 1981م باسم قرارات التحفظ شملت 1500 شخص، وقال السادات وقتها: إن هذه دفعة أولى ولو المعارضة لم ترتدع، فسوف يصدر قرارًا يشمل اعتقال 1500 آخرين.. وكان من بين المعتقلين حسنين هيكل وفؤاد سراج الدين وقيادات الأحزاب خاصة الوفد والتجمع وغيرهم وقيادات وأعضاء من الإخوان المسلمين والقطبيين والجماعة الإسلامية والجهاد ومستقلين.. وكان من بين من تم اعتقاله الشيخ أحمد المحلاوي.

- كان اعتقال المحلاوي حينئذ له ظروف مختلفة عن بقية المعتقلين لعدة أسباب:

فأولًا - كان كل أهل الإسكندرية يحبونه لمعارضته القوية والعلنية للسادات وأيضًا لأنه كان يقوم بأعمال مجتمعية وخيرية واسعة بمساعدة الفقراء والأرامل واليتامى سواء في مجال المعيشة أو العلاج، كما كان ينسق دروسًا خاصة لطلبة كليات الطب والعلوم والهندسة الفقراء بالمسجد، كما كان يساعدهم في الحصول على الأدوات والكتب المطلوبة لدراساتهم ولمعاملهم، وكل ذلك عبر جمعه الأموال من المتصدقين وتخصيصها وتوزيعها في هذه الأغراض.. ومن هنا فقد خرج نحو مليون متظاهر بالإسكندرية صبيحة اعتقاله، ما أجبر مباحث أمن الدولة على إطلاقه من الاعتقال لتهدئة الناس.. وبعد أن هدأ الناس بعدة أيام أعيد اعتقال الشيخ أحمد المحلاوي مرة أخرى.

وثانيًا - كان الشيخ أحمد المحلاوي أبرز معارض لنظام الحكم حينئذٍ من حيث كراهية السادات الشديدة له وبالتالي فإن السادات أوصى أنه ينكل به في السجن أكثر من بقية الـ 1500 معتقل الآخرين ولذلك فكلهم تم وضعهم في سجن استقبال طرة والذي كان أحدث سجون مصر حينئذ وأكثرها آدمية (كانوا هم أول من يدخل هذا السجن فور الانتهاء من تشييده وكان يطلق عليه داخل السجون الأخرى اسم الفندق) بينما تم وضع الشيخ أحمد المحلاوي في أسوأ مكان بسجن ليمان طرة وهو عنبر التأديب حيث لم يكن يوضع في هذا المكان حينئذ سوى الخطرين جدًّا من المجرمين وتجار المخدرات.

وخطب السادات بعد ذلك وذكر في خطابه فضيلة الشيخ أحمد المحلاوي باسمه، ثم قال قولته البذيئة المشهورة: "أهو مرمي في السجن زي الكلب".

وبعد ذلك بنحو شهر واحد وفي 6 أكتوبر 1981م اغتال الملازم أول مدفعية خالد الإسلامبولي ورفاقه الرئيس محمد أنور السادات وذكروا في تحقيقات النيابة معهم أن قتلهم للسادات جاء لعدة أسباب ومنها أنه تطاول على علماء الإسلام فقال عن الشيخ حافظ سلامة: "المجنون بتاع السويس" وقال عن الشيخ المحلاوي: "أهو مرمي في السجن زي الكلب".

بعدما قتل السادات أفرج مبارك عن الـ 1500 معتقل الذين كان السادات قد اعتقلهم ولكن لم يسمح للمشايخ الأزهريين من العودة للخطابة والتدريس في مساجدهم ومن هؤلاء المشايخ الذي خرجوا من المعتقلات ومنعوا من الخطابة وتدريسالعلم فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك ود. عبد الرشيد صقر والشيخ أحمدالمحلاوي وآخرون.. إلا أن الشيخ المحلاوي استمر في الطواف في محافظات مصرالمختلفة يلقي الخطب والدروس الدينية والسياسية المعارضة للرئيس المخلوع حسني مبارك مما دعا مباحث أمن الدولة للقلق من انتشار أفكاره في كافة محافظات مصر فطلبوا من وزارة الأوقاف إعادته لمسجده بالإسكندرية (القائد إبراهيم) لإشغاله به عن الطواف بالمحافظات المختلفة, ولما لم تفلح هذهالحيلة في وقف نشاط المحلاوي بالمحافظات (وكان وقتها في الخمسينيات من عمرهعلى ما أذكر) فإن مباحث أمن الدولة استخدمت القمع عبر منعه من مغادرةالإسكندرية بالقوة عبر قوات الشرطة.

وظل المحلاوي مجاهدًا ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك بخطبة الجمعة والدروس في مسجده بالإسكندرية لدرجة أنه في مرحلة ما ألقى سلسلة من الخطب والدروس يدلل فيها على كفر وظلم وطغيان حسني مبارك، وتم تسجيلها (كما حدث لجميع خطبه ودروسه) على شرائط الكاسيت وانتشرت في كل أنحاء مصر ولم يخش من مباحث أمن الدولة ولا من مبارك... وظل الشيخ مناضلاً إلى أن وهنت صحته وأحالته الأوقاف إلى المعاش فلزم بيته بسبب ضعف صحته، ولكن عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011م فإن اغتباطه وفرحه بهذه الثورة التي أطاحت بالطاغية الذي فنيت صحة الشيخ في النضال ضده، هذا الفرح رفع روحه المعنوية مما انعكس على حالته العامة فانطلق يشارك في فاعليات ثورية بالإسكندرية منذئذ، كما عاد للخطابة بمسجده السابق "مسجد القائد إبراهيم" إلى أن حاصره اليوم مجموعة من المراهقين سياسيًّا وحتى الآن في هذا المسجد الذي شهد نضال الشيخ ضد طاغيتين من طغاة مصر (السادات ومبارك) قبل أن يولد هؤلاء المراهقون سياسيًّا المضللون فكريًّا.

ولابد أن أذكر في النهاية شهادتي عن زهد فضيلة الشيخ المحلاوي، فهو رغم أنملايين الجنيهات مرت عبر يده ووزعها على الفقراء ورغم أنه كان يمكنهالسفر للعمل بالخليج ولكنه فضل الجهاد السياسي في مصر.

هذهكلها نقاط مختصرة من حياة الشيخ المحلاوي ونضاله، ولا توفي الشيخ حقه منالترجمة والتأريخ، لكن دفعني لها أنني صدمت بأجيال حالية مراهقة سياسيًّا ومضللة فكريًّا تحاول أن تسيطر بالبلطجة على المشهد والشارع السياسي المصريدون أن يدركوا لا حقائق الفكر ولا التاريخ ولا السياسة؛ لأن من يحرضونهم ويضللونهم ويستفيدون من حركتهم لن يمكنهم ذلك سوى بتزييف الحقائق لتتم عملية تضليلهم بنجاح.