يا شذا المجدِ في تُخُوم العراقِ
يا بواكيرَ ذكريــــــاتِ التَّلاقي

يا نخيلاً مــــا زال يُنْتِجُ تَمْــــراً
ويُرينا بَشـــــاشةَ الإِعــــــذاقِ

يا خَيولاً يحـــدِّث الرَّكْضُ عنها
بسبــــاقٍ يَزُفُّ بُشْرَى سبــــاقِ

يا فُراتـــاً، به تُرَوَّى المعـــالي
ويُغنِّي بمــــــائه كُلُّ ســــاقي

يا تَراتيلَ دِجْـــــــلَةِ الخير ، لمَّا
سمـع النَّهرُ هَمْهماتِ السَّواقي

يا غصوناً،لمَّا انجلى الليلُ عنها
علَّمتْ مَنْ يُحـــــبُّ معنىَ العناق

جادها الغيثُ ، فاستجاب ثَراها
وتَغنَّــــــى بخُضْــــرةِ الأَوراقِ

يا شذا المجد،أنتَ ما زلتَ تَسري
في شرايين مُدْنَــــفٍ مُشتــــاقِ

تُنعش القلــــبَ في مساءٍ حزينٍ
يلبس البدرُ فيه ثَوْبَ المُحــــاَقِ

تُنعش القلبَ في مســاءٍ حزينٍ
يلبس البــــدرُ فيه ثَوْبَ المُحاَقِ

يا شُموخَ ابنِ حنْبلٍ،حين أعطى
مثلاً للوفــــاءِ بالميثـــــــــــاقِ

يا ابتسامَ الرَّشيد ، حين رآهــا
وهي تَنْأى شـــــــديدةَ الإبراقِ

أمطري يا سحــابةَ الخير أَنَّى
شئتِ ، جُودي بغيثكِ الدَّفَّــــاق

فسيأتي إليَ منـــــــــكِ خَراجٌ
من عطـــاءاتِ ربِّنـــا الرَّزَّاقِ

يا شذا المجد ، أينَ بغـــدادُ عنَّا
ما لها استسلمتْ لطول الفراقِ؟

ما لها ســــافرتْ وراءِ سـرابٍ
ما سقاها إلا سمومَ النِّفاـــقِ؟

أين بغدادُنــــاَ ، لمـــــاذا تلظَّى
بين أحشــائها لهيبُ الشِّقاقِ؟

ولمـــــاذا أضلَّها الوَهْـــمُ حتى
أسلمتْهـــــا يداه للإِخفـــــاقِ؟

يا بقلبي تلكَ المَغــاني ، أَراها
تتلوَّى من قَسْــــــــوةِ الإحراقِ

يا بقلبي وجهَ المروءاتِ أمسى
كالحاً مــــن تسلُّـــــطِ الفُسَّاقِ

يا بقلبي صـــــوتَ الحقيقةِ لمَّا
ضـــــاع منَّا في ضَجَّة الأبواقِ

يا شذا المجد،عين بغدادَ تبكي
يا بقلبــــــــــي مدامعَ الأحداقِ

آه يـا دارة الرشيــــــد ، رأينـا
كيف تسطو قبيحــــــةُ الأشداق

ورأينـــــا الصِّراعَ ، بين طُغاةٍ
فيكِ ، لا يُؤمــــــنون بالإشفاقِ

كَبُرَ الجرحُ يا حبيبـــــــةُ حتىَ
أصبح الدمعُ حائراً في المآقي

ما استطعْنـا سيراً ، لأنَّا حُـفاَة
ولأنَّ الرؤوسَ في إطـــــراقِ

ولأنَّ الإعصــــارَ هَبَّ علينا
وبقاياَ الخيـــــــــام دُوْنَ رِواَقِ

ولأنَّا عن نَبْعِنـــــــــا قد شُغِلنا
بسراب المَجــــــــاهلِ الرَّقْراقِ

يا شــذا المجدِ،عينُ بغداد تبكي
وتعـــــــاني من شدَّةِ الإرهاقِ

أين رايــــــاتُ خالدٍ ، والمثنَّى
أينَ إشراقةُ الصَّباحِ العراقي؟

أين فَتْحُ الفــتوحِ يومَ رســــمنا
لخيول الإيمـــانِ دَرْبَ انطلاقِ؟

حين سُقْنــا قوافلَ الخير، سُقْنا
للبرايا مكــــــارمَ الأخــــــلاقِ

ومددْنـــــا لهم جسورَ التَّآخي
وفتحنـــــا منــــــــافذَ الآفاقِ

هكذا يا عـــراقُ ، واراكَ عنَّا
في وحولِ الرَّدَى جُنونُ الرِّفاقِ

فتحوا البـــاب للجراثيم حتَّى
صِرْتَ تَشكو من"حَصْبَة ٍ"وحُمَاَقٍ

قدَّسواالوهم،وامتطواكلَّ ظهر
غير ظهـــــر الخشـــــوعِ للخلاَّق

لكأني أرَى " حلَبْجــة" تسقي
عطش الظُّلْمِ بالدَّمِ المُهْــــــــــراقِ

هكذَا يا عـــــراقُ صِرْتَ حبيباً
بينَ بــــــاغٍ ومُلْحدٍ أَفَّــــــــــاقِ

في خِضمِّ القـصفِ العنيف،رأينا
كيف تبدو حضـــــــارةُ الأَطباقِ

ورأينـــــــا حضارةَ القومِ عُنْفاً
تتلقَّى الأَرواحَ بالإِزْهــــــــــاقِ

تَهْدم الدارَ ، تقتلُ الطـفلَ ، ترمي
بشظايا أحقادها مَـــــنْ تُلاقي

لمَّعَتْ وجهَها الدَّعــاوىَ ، ولكنْ
مالها عند ربِّنــــا مِنْ خَـــــــلاَقِ

يا شذا المجد في عراقِ الأَماني
والمنايـــــــــا ، والوَرْدِ والحُرَّاق

يا شذا المجد في عـراق التَّجلِّي
والتَّخلّيِ ، والخِصْــــبِ والإملاقِ

طوَّقَتْ أمتي الحـوادثُ ، حتّى
أصبحتْ تشتكــــي من الأطواقِ

ما يَئِسْنــــــاَ-واللهِ-إنـــاَّ لنرجو
فَـــــــرَجَ اللهِ ، بعدَ هذا الخِنَاقِ

ما يئسْنــــاَ ، فإِنَّ طَعْم المآسي
في سبيل الرحمنِ ،حَلْوُ المـذاقِ

سوف تفنى حجَافلُ الظُّلمِ مهما
أحكمتْ غُلَّهــــــا على الأَعناقِ

يدّعي المُدَّعونَ،والحــقُّ شَمْسٌ
تُلْجِمُ المُدَّعــــــــينَ بالإشْــــراقِ