اختلف أهل العلم هل يجوز تعزية الكافر في ميته الكافر على أقوال :
الأول : الجواز . وهو قول بعض الحنفية، وبعض المالكية، ومذهب الشافعية، ورواية للحنابلة ، واستدلوا :
1. عموم الأدلة التي تدل على استحباب التعزية، وما فيها من حكم كثيرة من تسلية المصاب وتهوين المصيبة عليه ونحوها من الحكم، وهذا شامل للكافر والمسلم.
2. ما رواه أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي – صلى الله عليه وسلم – فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: "أسلم"، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار"
ووجه الدلالة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عاد يهوديا وهو كافر، والعيادة بمعنى التعزية، فدل على جواز تعزية الكافر.
والمجوزين اشترطوا شروطًا :
1. ألا يترحم عليه أو يدعو له.
2. ألا تكون على سبيل الإكرام ، وإنما يذكره بالله وتوحيده ويدعوه للتوب قبل الموت .
3. ألا تكون على سبيل التودد والموالاة .
4. واشترط بعضهم أن يكون ذميًا - وهو منصوص عليه في كتب الشافعية -
قال الشربيني الخطيب : (ويعزى الكافر المحترم جوازا إلا إن رجي إسلامه فندبا ... أما الكافر غير المحترم من حربي أو مرتد كما بحثه الأذرعي فلا يعزى، وهل هو حرام أو مكروه؟ ... هذا إن لم يرج إسلامه، فإن رجي إسلامه استحب)
فهذا نقل عنه يبين أن حتى غير الذمي فيه خلاف : هل هو محرم أو مكروه ، وليس أن هناك إجماع على عدم جواز تعزية غير الذمي كما يدعيه البعض
الثاني : عدم الجواز .وهو قول بعض الحنفية، وقول للمالكية، ومذهب الحنابلة المشهور عنهم ، واستدلوا لقولهم بدليلين:
1 - عموم قوله تعالى: "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم ... الآية"
وتعزية الكافر نوع من الموادة فتكون محرمة .
2 - أنه قد وردت النصوص بالنهي عن عيادة الكفار أو أن نبدأهم بالسلام ، والتعزية في معنى السلام والعيادة، فلذلك لا تجوز تعزيتهم.
[ وإن كان من قياس للتعزية ، فالأقيس أن تقاس على عيادة المريض لا على المبادأة بالسلام ، إذ السلام إكرام من كل وجه ، والتعزية واعيادة المريض فيها احتمال ..]
وذهب بعض من منع التعزية للكافر إلى جوازها في حال دعوته إلى الإسلام ، بل ذكرها بعضهم إجماعا على جواز التعزية لو كان فيها دعوة للإسلام وتأليف للقلب .
القول الثالث : التوقف في المسألة ، وهو مروي عن الإمام أحمد من عدة طرق ، وجزم به ابن قدامة أنه لا يؤثر عن الإمام أحمد شيء في تعزية الكافر
أما عن صيغة التعزية :
1. في الفتاوى الهندية : ولا يقال: أعظم الله أجرك، وفي تعزية الكافر بالكافر: بل أخلف الله عليك ولا نقص عددك .
2. قول سحنون: (يعزى الذمي في وليه بقوله: أخلف الله لك المصيبة، وجزاك أفضل ما جزى به أحد من أهل دينك)
3. قال الشيرازي، وإن عزى كافر بكافر قال: أخلف الله عليك ولا نقص عددك
[ والدعاء بعدم نقص العدد للكافر من أجل الجزية المأخوذة منهم. وهذا اعتبره النووي مشكلا لأنه دعاء ببقاء الكافر، ودوام كفره، ولذلك اختار تركه.]
وقال بعضهم : بل يشرع الدعاء بزيادة العدد لتزداد الجزية


بصراحة الواحد عرف قيمة العلماء القدامى على انهم ما تركوا شاردة ولا غيرها الا ولهم كلام فيها وان لم يختص بديننا مباشرة ..فرحمهم الله سبحانه وتعالى