جارى التحميل ..برجاء الانتظار 10/10
















ضباط الشرطة واللحية ووزير الداخلية وسنة التدافع
كتبه الشيخ/ محمد عبدالله الشيخ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ............. وبعد فإن في إقبال الكثير من الضباط على إطلاق لحاهم ، واقتدائهم بسنة نبيهم (صلى الله عليه وسلم) ، لهو أمر عظيم ، وحدث جسيم ، يحتاج منا إلى وقفةٍ بل إلى وقفات ، نستخلص فيها العبر والعظات ، مستعينين برب الأرض والسموات، أن يوفقنا للخيرات ، ويقيل عنا العثرات . إنه خير مأمول ، والموفق للوصول ، فنتوكل عليه ونقول :
1- العودة للفطرة : هؤلاء الضباط من الشباب ، الذين تربوا في بيوت أهل الحجاب ، فالوالد يعظم الدين ، والأم تتسنن بسنة سيد المرسلين ، فلا غرو أن يحذوا حذوهم أبناؤهم الملتزمين ، فلقد تربوا على حب الدين ، وحب إظهار شعائر الدين ، فلما سنحت لهم الفرصة ، عادوا إلى الفطرة .
{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } (الروم/30) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :{ عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ قَالَ زَكَرِيَّاءُ قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَة} (مسلم/384) انتبهوا أيها السادة ، انتبهوا ... اللحية من الفطرة ، والفطرة هي الإسلام ، بنص الرسول (عليه الصلاة والسلام) : {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ} (البخاري/1296) فكل إنسان يولد على الأصل ، وهو الإسلام ، ثم أبواه يغيران هذا الأصل ويحولانه إلى اليهودية أو النصرانية أو المجوسية ، أما من التزم الفطرة التي فطر الله الناس عليها فهو المسلم حقاً ، والمؤمن صدقاً .
2- رجال الداخلية: وهم يتمثلون في وزير الداخلية وكبار المسؤولين فيها ، وكلهم بلا استثناء (إلا ما رحم ربي) قد تربوا على مائدة أبي علاء ، صاحب المكر والدهاء ، والأفعال الشنعاء ، حيث أقصى شرع رب الأرض والسماء ، ورباهم على ذلك فاتبعوه بكل غباء ، فمازال هذا الهراء ، يسيطر على عقولهم البلهاء ، {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ } (الزخرف/54) ، حتى بعد ثورة 25 يناير السلمية البيضاء . ورفضوا تطبيق شرع الله في مناحي الحياة ، فكانوا على عباد الله جُناة ، ورفضوا اللحية لأنها من أعمال المؤمنين التقاة ، وحاربوا النقاب لينشروا العري بين الفتيات والشباب ، فخالفوا بذلك كتاب رب الأرباب ، وسنة الحبيب بل أحب الأحباب (صلى الله عليه وسلم).
ونحن نخبرهم ونعلمهم : أن الإسلام ليس مجرد ادعاء باللسان ، بل هو اعتقاد القلب وقول اللسان، وعمل الجوارح والأركان ، كالصلاة والزكاة والصيام ، حيث أنها في القرآن ، وفي القرآن أيضاً الأمر بالحجاب ، و الأمر باللحية والنهي عن الربا والنهي عن العري والنهي عن الفحشاء والمنكر . فلا يكفي الإنسان أن يقول أنا مسلم ، بدون أن يطبق تفاصيل معاني الإسلام 3- أمر المسلمين بالدخول في الإسلام : كيف ذلك ؟ كيف يُؤمر المسلم بالدخول في الإسلام وهو مسلم؟!! . نقول في الجواب على ذلك : قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } (البقرة/208)
على من ينادي هنا ربنا في هذه الآية الكريمة ، لا شك ينادي على المؤمنين الذين هم أعلى في الوصف من المسلمين ، وماذا طلب منهم بعد النداء بصفة الإيمان ؟! طلب منهم :
1- أن يدخلوا في جميع شرائع الإسلام
2 - وأن يعملوا بجميع أحكامه.
3 – وأن لا يتركوا منها شيئًا.
4 – وأن لا يتبعوا طرق الشيطان فيما يدعوهم إليه من المعاصي.
ومما لاشك فيه أن اللحية من الإسلام ، كما أن الصلاة من الإسلام ، والنقاب من الإسلام كما أن الصيام والحج من الإسلام .وكذلك كل الأحكام ، ومن أجل ذلك قال لنا الملك العلام { ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً }
فهلا أطعنا الله فيما أمرنا في كتابه ، فنحن جميعاً مسلمون ، معتزون بإسلامنا ، فيجب علينا أن نطبق تفاصيل الإسلام ، على أهل الإسلام.
4- اللحية من شرع الله: قد ذكر لنا ربنا الكريم أن اللحية من شرعه ، وهي من سمت أنبيائه ورسله ، فهذا هارون يقول لأخيه موسى (عليهما السلام) : { يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي } (طه/94) والله تعالى يقول في القرآن ، للرسول (عليه الصلاة والسلام) بعدما ذكر الأنبياء في سورة الأنعام , ومنهم موسى وهارون: { أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } (الأنعام/90) وهذه أقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
1- عَنْ ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنه) عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ (البخاري/ 5442)
2- عَنْ ابْنِ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى .(البخاري/ 5443)
3- عَنْ ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنه) عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى .(مسلم/ 380) (النسائي/ 15)
4- عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَوْفُوا اللِّحَى .(مسلم/ 382)
5- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا الْمَجُوسَ .(مسلم/ 383)
6- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهما) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى . (أبوداود/ 3667)
5- وقفة مع ألفاظ الأحاديث : ورد في الأحاديث السابقة أقوال من الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بإطالة اللحية كلها بصيغة الأمر وهي : 1- وَفِّرُوا اللِّحَى 2- وَأَعْفُوا اللِّحَى 3- وَأَوْفُوا اللِّحَى 4- وَأَرْخُوا اللِّحَى وكل هذه الألفاظ وغيرها تدل دلالة واضحة على وجوب إطالة اللحية وعدم حلقها أو حتى تقصيرها . لأنها بصيغة الأمر والأمر يقتضي الوجوب.
6- سنة التدافع : قال الله تعالى : {.... وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } (البقرة/251) هذه الآية وما قبلها أنزلها ربنا الكريم ليبين لنا : أن الطائفة المؤمنة ولو كانت قليلة ، سوف تنتصر بإذن الله بشرط تصفية الصف من الضعاف والمتخاذلين، ولولا أن يدفع الله ببعض الناس -وهم أهل الطاعة له والإيمان به- بعضًا, وهم أهل المعصية لله والشرك به, لفسدت الأرض بغلبة الكفر, وتمكُّن الطغيان, وأهل المعاصي, ولكن الله ذو فضل على المخلوقين جميعًا. فهؤلاء الضباط المحترمون من الشرطة المصرية ، الذين أرادوا أن يعيشوا حياتهم الدينية ، ببساطة إيمانية ، بأن يتبعوا سنة خير البرية ، فيما شرعه من السنن النبوية، والتي تدل على نقاء الفترة السوية ، ولكن الذين تربوا على موائد اللئام ، يحاربون تفاصيل شرائع الإسلام ، وهم في نفس الوقت يدّعون أنهم حمائم السلام.
وحسنًا فعلوا لعدة أمور: 1- أنهم صدقوا مع (أنفسهم بعد الثورة) ، فأنفسهم تربت على مخالفة الشرع أيام حكم المخلوع ، فرفضوا الشرع المتبوع (وهذا صدقٌ مع النفس وإن كان مذمومًا ، وصاحبه ملومًا).
2- هذه سنة الله تعالى مع كل من يطبق شرائع الإسلام ، في إيام اللئام ، والعتاة الطغام ، أنهم مناوؤه ومحاربوه ومعرقلوه وموقفوه ومتهموه ومهددوه، بالإيقاف عن العمل ، وهم في وظائف مرموقة ، النفوس إليها مشوقة.
3- لنفرض أنهم وافقوا على إطلاق اللحية لهؤلاء الضباط وكرموهم على ذلك ، لوجدنا كل ضعيفي الإيمان سارعوا إلى إطلاق اللحية أيضاً ، بل أظهروا العبادة والنسك ، وهم غير صادقين في ذلك. لذلك قدر الله تعالى ذلك – الصد والرفض – عن اللحية حتى يثبت أهل الإيمان الصادق ويتميزوا ، ويتوقف أهل النفاق ويتأخروا. فالحمد لله على قضائه وقدره وحلمه بعد علمه وواسع رحمته. قال تعالى : {لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } (الأنفال/37) وقال تعالى :{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } (الحج/40) اللهم وفق ضباط الشرطه ، على ما بدأوه من إعفاء اللحية ، وأخرجهم من هذه الورطة ، وهم أشد إيمانًا ، وأثبيت جنانًا ، وأحسن إسلامًا.
وسائر المسلمين ، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى اللهم علي النبي محمد