( قدر حبه ولا مفر .. )

للشاعر الجزائري محمد جربوعة



نشرت هذه القصيدة في ديوان " لماذا نحبه؟" ، وهو مبادرة أدبية فنية أطلقتها قناة المستقلة في ربيع 2008،

وطلبت فيها من الشعراء العرب إجابة فنية شعرية على سؤال الحب، حب الأجيال المتعاقبة من المسلمين لخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.


وفي أبريل 2010 ألقى الدكتور محمد نجيب المراد هذه القصيدة الجميلة بصوته، فأبدع في أدائها، وبدت منه موهبة قليل نظيرها في الإلقاء.


وبذلك اجتمع الجمال الإستثنائي في أبيات القصيدة وصورها، والجمال الإسثنائي في العرض والإلقاء.


للإستماع إلى القصيدة إضغط على الرابط في الأسفل






طبشورةٌ صغيرةٌ

ينفخها غلامْ

يكتب في سبورةٍ:

"الله والرسول والإسلامْ"



يحبه الغلاْم

وتهمس الشفاه في حرارةٍ

تحرقها الدموع في تشهّد السلامْ



تحبه الصفوف في صلاتها

يحبه المؤتم في ماليزيا

وفي جوار البيت في مكّتهِ

يحبه الإمامْ



تحبه صبيةٌ

تنضّد العقيق في أفريقيا

يحبه مزارع يحفر في نخلته (محمدٌ)

في شاطئ الفرات في ابتسامْ



تحبه فلاحة ملامح الصعيد في سحنتها

تَذْكره وهي تذرّ قمحها

لتطعم الحمامْ



يحبه مولّهٌ

على جبال الألب والأنديزفي زقْروسَ

في جليد القطبِ في تجمّد العظامْ

يذكره مستقبِلا

تخرج من شفافه الحروف في بخارها

تختال في تكبيرة الإحرامْ



تحبه صغيرة من القوقازِ

في عيونها الزرقاء مثل بركةٍ

يسرح في ضفافها اليمامْ



يحبه مشرّد مُسترجعٌ

ينظر من خيمتهِ

لبائس الخيامْ



تحبه أرملة تبلل الرغيف من دموعها

في ليلة الصيامْ



تحبه تلميذة (شطّورةٌ) في (عين أزال) عندنا

تكتب في دفترها:

"إلا الرسول أحمدا

وصحبه الكرامْ"

وتسأل الدمية في أحضانها:

تهوينهُ ؟

تهزها من رأسها لكي تقول:إي نعمْ

وبعدها تنامْ



يحبه الحمام في قبابهِ

يطير في ارتفاعة الأذان في أسرابهِ

ليدهش الأنظارْ



تحبه منابر حطّمها الغزاة في آهاتها

في بصرة العراقِ

أو في غروزَني

أو غزةِ الحصارْ



يحبّهُ من عبَدَ الأحجارَ في ضلالهِ

وبعدها كسّرها وعلق الفؤوس في رقابهاَ

وخلفه استدارْ

لعالم الأنوارْ

يحبه لأنّه أخرجه من معبد الأحجارْ

لمسجد القهارْ



يحبّه من يكثر الأسفارْ

يراه في تكسر الأهوار والأمواج في البحار

يراه في أجوائه مهيمنا

فيرسل العيون في اندهاشها

ويرسل الشفاه في همساتها:

"الله يا قهار!"



وشاعر يحبّهُ

يعصره في ليله الإلهامُ في رهبتهِ

فتشرق العيون والشفاه بالأنوارْ

فتولد الأشعارْ

ضوئيةَ العيون في مديحهِ

من عسجدٍ حروفها

ونقط الحروف في جمالها

كأنها أقمارْ



يحبه في غربة الأوطان في ضياعها الثوارْ

يستخرجون سيفهُ من غمدهِ

لينصروا الضعيفَ في ارتجافهِ

ويقطعوا الأسلاك في دوائر الحصارْ



تحبه صبية تذهب في صويحباتها

لتملأ الجرارْ

تقول في حيائها

"أنقذنا من وأدنا"

وتمسح الدموع بالخمارْ



تحبه نفسٌ هنا منفوسةٌ

تحفر في زنزانةٍ

بحرقة الأظفارْ:

"محمدٌ لم يأتِ بالسجون للأحرارْ.."

تنكسر الأظفار في نقوشها

ويخجل الجدارْ



تحبه قبائلٌ

كانت هنا ظلالها

تدور حول النارْ

ترقص في طبولها وبينها

كؤوسها برغوة تدارْ

قلائد العظام في رقابها

والمعبد الصخريُّ في بخورهِ

همهمة الأحبارْ

تحبه لأنهُ

أخرجها من ليلها

لروعة النهارْ



تحبه الصحراء في رمالها

ما كانت الصحراءُ في مضارب الأعرابِ في سباسب القفارْ ؟

ما كانت الصحراء في أولها ؟

هل غير لاتٍ وهوى

والغدرِ بالجوارْ ؟

هل غير سيفٍ جائرٍ

وغارةٍ وثارْ ؟



تحبه القلوبُ في نبضاتها

ما كانت القلوب في أهوائها من قبلهِ ؟

ليلى وهندا والتي (.....)

مهتوكة الأستارْ

وقربة الخمور في تمايلِ الخمّارْ ؟!



تحبه الزهور والنجوم والأفعال والأسماء والإعرابُ

والسطور والأقلام والأفكارْ

يحبه الجوريّ والنسرين والنوارْ

يحبه النخيل والصفصاف والعرعارْ

يحبهُ الهواء والخريف والرماد والتراب والغبارْ

تحبه البهائم العجماء في رحمتهِ

يحبه الكفارْ

لكنهم يكابرون حبهُ

ويدفنون الحب في جوانح الأسرارْ



تحبهُ

يحبه

نحبه

لأننا نستنشق الهواء من أنفاسهِ

ودورة الدماء في عروقنا

من قلبه الكبير في عروقنا تُدارْ

نحبهُ

لأنه الهواء والأنفاس والنبضات والعيون والأرواح والأعمارْ

نحبه لأنه بجملة بسيطة:

من أروع الأقدار في حياتنا

من أروع الأقدارْ

ونحن في إسلامنا عقيدة

نسلّم القلوب للأقدارْ



.

.



زاد ( ... )