احتقان الوريد الودجي الداخلي هو إحدى العلامات المهمة لفشل القلب


كان شابا في اوائل الثلاثين من عمره في زيارة لأحد اقاربه في المستشفى وعند توسطه من صالة المستشفى الرئيسية متوجها لبوابة الخروج.. فجأة سقط مغمى عليه ومن دون اي مقدمات، قام من حوله بمحاولة انعاشه وقام موظفو المستشفى الموجودون في الصالة بالاتصال بفريق الانعاش القلبي الرئوي المناوب (code blue) وعندما تجمع الفريق الطبي وجدوا ان لديه تسارعا قلبيا بطينيا VT بسرع 250 نبضة في الدقيقة مع انخفاض في الضغط وأعطي عدة صدمات كهربائيه أشدها 360 جول ورجعت نبضات قلبه طبيعية بعدها، ورجع الى وعيه ولم تتجاوز مدة الاغماء والانعاش الدقائق العشر، أدخل هذا الزائر الذي اصبح مريضا ب Sudden cardiac death الى قسم العناية القلبية المركزة، وبدأ الطبيب يسأله عن تاريخه المرضى وعند سؤاله عن عوامل الخطورة ذكر انه لم يكن مدخنا وليس لديه ارتفاع مزمن في الضغط او الكلسترول او مرض السكري، اما عند سؤاله: هل لديك افراد من العائلة مصابون بأمراض في القلب؟ فكان الجواب بوضوح: لا.... وخلال استطراده عن الامراض السارية في عائلته ذكر ان اخاه الكبير توفي فجأة في ساحة منزله عند خروجه للعمل صباحا من دون اي مقدمات ومن دون اي سبب واضح وكان عمره في بداية الاربعينات، اما اخته الأكبر منه بسنتين توفيت وهي تلاعب احدى بناتها في حضنها وهي جالسة في صالة المنزل ومن دون مقدمات او سبب واضح وكان الفاصل الزمني بين وفاة أخويه في حدود الثلاث سنوات.
وعند فحصه بالاشعة الصوتية للقلب تبين ان لديه ضعف شديد في عضلة القلب وعند اجراء فحص الاشعة المقطعية لشرايين القلب اوضحت انه لم يكن لديه سدد في الشرايين يسبب ذلك الضعف في العضلة، وفي تسجيل نبضات القلب لمدة اربع وعشرين ساعة تبين ان لديه اضطرابا بطينيا وتسارعا متكررا في نبضات القلب NSVT.. وبعد فحوصات أخرى مهمة في مثل حالته تم اعطاؤه العلاج اللازم لفترة معينة من الزمن وبعد قياس اداء عضلة القلب على الادوية كان التحسن ملحوظا ولكنه لم يكن كافيا ليقفز حاجز 30% (والطبيعي فوق ال 55%) ولذلك تم تركيب صاعق كهربائي للمريض وقد تعامل هذا الجهاز مرتين في اوقات مختلفه عندما اختل انتظام نبضات قلبه اثناء نومه، وقد تم تتبع افراد العائلة ووجد ان لدى المريض اخوين اخرين لديهما ضعف في عضلة القلب ووجد ان بعض افراد العائلة في اجيال مختلفة كان لديهم اعراض مختلفة من ضيقة تنفس واغماء متكرر وبعضهم توفي فجأة سواء في بيته او في مزرعته او في المسجد.

قصور عضلة القلب
هناك خمسة انواع لقصور عضلة القلب ولكل نوع منها اسباب معينة، وأهم اسباب قصور عضلة القلب التمددي dilated cardiomyopathy هي امراض شرايين القلب، ارتفاع الضغط المزمن، امراض صمامات القلب، الامراض الوراثية لعضلة القلب وهي الى حد ما وراثية وتمشي في عوائل معينة، وكذلك التهابات عضلة القلب في مثل بعض الالتهابات الفيروسية او تأثير الادوية مثل بعض ادوية الاورام مثل مجموعة الانثراسايكلين.



أحد الاجهزة المساعدة لعضلة القلب


ومن الممكن ان يكون لدى الانسان ضعف شديد في عضلة القلب ولا يشعر به (بمعنى انه ليس لديه أعراض فشل في القلب heart failure) لان الاعراض التي قد يشتكي منها من المريض وبالذات ضيقة التنفس وانقطاع النوم الليلي وتنفخ الارجل تعتمد على متغيرات منها ازدياد LVEDP وهو يرمز الى ضغط الدم في البطين الايسر في نهاية فترة الانبساط وهذا يسبب ارتفاع الضغط الوريدي في الرئة وبالتالي تجمع السوائل فيها وحدوث ضيق التنفس، وقد يصل في بعض مرضى القلب الى اربعة اضعاف القيمة الطبيعية ولذلك فإن توسع عضلة القلب هو مجرد محاولة لتفادي ارتفاع هذا الضغط البطيني الذي يؤثر سلبا في وظيفة الرئة وبالتالي يسبب ضيقة التنفس.

ما القيم الطبيعية لقوة ضخ القلب؟
يقاس ذلك بكمية الدم التي تدفع الى الاررطي في كل انقباضهejection fraction ويقصد بذلك تبسيطا ان مجموع ما يضخه البطين الايسر الطبيعي خلال الانقابض لباقي اجزاء الجسم حوالي ثلثي ما يستقبله من الرئه خلال الانبساط وفي الانسان الطبيعي تصل تلك القيمة الى حوالي 55الى 60% من حجم الدم الذي استقبله البطين الايسر من الرئة، وهو في الانسان الطبيعي لا يتعدى 110 مل من الدم المؤكسد (وفي بعض حالات فشل القلب من الممكن ان يرتفع الى 300 مل وقد رأيت بعض الحالات المتأخرة يصل فيها الى 500 مل!!) ويضخ منه الى باقي اجزاء الجسم 70 مل في كل انقباضه) STROKE VOLUME وهو ما يشكل حوالي 60% من 110 مل) وما تبقى حوالي 30 الى 40 مل من الدم المؤكسد داخل البطين الايسر في نهاية فترة الانقباض لأنه من المستحيل ان تصل تلك القيمة الى صفر وبالتالي يحدث انقطاع لحظي في الدورة الدموية وبالتالي يتوقف القلب وهذا تحديدا ما يحدث في الجلطة الهوائية القلبية air embolism وهو دخول كمية كبيرة من الهواء داخل البطين الايسر كما يحصل في حوادث السيارات او بعض الجرائم الجنائية ومن النادر جدا ان تحدث خلال القسطرة كما حدث في احدى حالات القسطرة في ميلانو ايطاليا قبل عدة سنوات.

ما الخطورة في ضعف عضلة القلب
والخطورة في ضعف عضلة القلب يكمن في الموت المفاجئ ومن دون مقدمات خصوصا في من لديهم ضعف عضلة القلب اقل من 30% وهي تقل كثيرا بعد استخدام الادوية الحديثة او تحسين تروية القلب في من لديهم انسداد في الشرايين اما بالدعامات او بعملية القلب المفتوح.. وبالتطور الحديث للعلم من الممكن زراعة جهاز كهربائي ICD يتحكم بأي خلل في نبضات القلب.

مفهوم هام
من المهم معرفة انه ليس كل موت مفاجئ سببه ضعف عضلة القلب كما انه ليس كل ضعف في عضلة القلب يؤدي حتما الى موت الفجأة وكذلك لا يعني هذا ان الجهاز الكهربائي ICD يجب ان يكون في كل مريض لديه ضعف في عضلة القلب حتى وان كان الضعف شديدا فله دواعي طبية معينة وله مضاعفات على المدى البعيد والقصير ولذلك لابد من وزن المنافع والمضار في كل حاله من قبل الطبيب المختص قبل تركيب الجهاز.
وأخيرا فإنه اذا جاءت المنية وانشبت اظفارها لا ينفع جهاز صاعق ولا مساعد لعضلة القلب LVAD او جهاز قلب صناعي artificial heart فالمحيي والمميت هو الله سبحانه وحده (فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين) لكن هذا بالتأكيد لا يمنع ان يأخذ الانسان بالاسباب ويطلب العلاج فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء).



التصوير النووي لوظيفة القلب هو ادق الوسائل لقياس كفاءة العضلة




توقف نبض القلب




احد انواع الاختلال الكهربائي لعضلة القلب والذي يؤدي للإغماء

المصدر جريدة الرياض


دمتم بصحة وسلامة