[frame="6 80"]


السلام عليكم ـ أيها الناس ـ ورحمة الله وبركاته …

ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

أعود إليكم شهرا كاملا بعد غيابي .

قلت : رمضان حياك الإله كم أوحشتنا , ولكم دعونا الله إلا زرتنا.

رمضان: والله إني لأحب المؤمنين , وأحمل بين طياتي لهم حنين , وقد أحضرت لهم معي هدايا , تجوب البقاع والحنايا,
أولها العتق من النيران , وأعلاها مرضاة الرحمن , وينادي من السماء قائل: هذا للخير فاعل , أقبل تنزل منازل , ولا ترد سائل,
ويا باغي الشر قف , وتذكر الموقف, بين يدي جبار , والكل يرتجف



ـ ومن أنت أيها السيد الوقور ؟

أنا ضيفكم الراحل ، وزائركم المؤقت ، وناصحكم الأمين ، أنا ركن من أركان

الإسلام ، وقبس من نور الإيمان .


ـ من أين أتيت ؟

أتيت من عند الرحمن ، الذي خلق الإنسان ، وعلمه البيان .



ـ أين تسكن؟ يا حضرة الفاضل المحترم ؟

اسكن في قلوب المؤمنين ، وفي ديار المتقين ، وبجوار المحسنين .



ـ هل تعاني من أزمة السكن كما نعاني منها نحن هذه الأيام ؟

نعم ، لقد مررت بكل بيت وحللت في كل منزل ، ودفعت أغلى الأثمان ، فكان أن طردني

البخلاء الأشقياء ، وتجاهلني الأغنياء الأذلاء ، وعبس في وجهي التعساء الجهلاء

، ولكني لم أيئس ، فقد بحثت عمن يحبونني من المؤمنين المحسنين ، والأتقياء

الصالحين ، فوجدتهم ينتظرون لقائي ، ويستعدون لاستقبالي .



ـ وكم تقيم عندنا ؟

أيام معدودات … تسع وعشرون أو ثلاثون .



ـ ما هي مهنتك التي تمارسها في ديار الإسلام ؟

مهنتي هي الزراعة والصناعة والطب والتعليم …

أما الزراعة : فإنني أغرس الإيمان في القلوب ، وأزرع المحبة في النفوس ، وابذر

الأخلاق في الطباع ، واسقيها بماء الطهر والإخلاص ، وأغذيها بشهد الفضيلة

والإحسان ، فتنبت كل معاني الخير والاطمئنان ، ونجني ثمار الفلاح والنجاح ، كما

أنني أنزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور ، وأقلع جذور الفساد والغش والحسد

من النفوس فتنتج المحبة والمودة والإخاء .



ـ ما أجمل هذه الزراعة وما أبركها … وما هي صناعتك التي تمارسها ؟

إنني أصنع الأجسام القوية ، والنفوس الأبية ، والأرواح الزكية ، وأصل ما تقطع

بين الناس من أوصال ، وأجمع ما تفرق من أشتات ، وأصهر الجميع في بوتقة العدل

والمساواة ، فأنتج الأبطال الأقوياء، والرجال الأشداء على الأعداء الرحماء فيما بينهم .



ـ يا لها من صناعة تدفع الأمة إلى الجهاد الذي به تقود العالم إلى الخير … وما

هي تجارتك ؟

تجارتي لن تبور ، فأنا أعطي الحسنات وأمحو السيئات ، فمن تعامل معي .. ربح

الجنة وفاز بالحياة ، ومن تنكر لي وغش .. خسر البركة والخيرات .. وحبطت أعماله

، وكان من أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.



ـ وما هو طبك ؟

إنني أداوي الأجسام السقيمة ، والنفوس المريضة ، والعقول التائهة .. فأبعد عنها

كل ضعف وشح وشرك .. وأطهرها من أدران المادة ومن جراثيم الفساد والضلال .



ـ وماذا عن أدويتك وعلاجك ؟

أدويتي هي الصيام والقيام وذكر الديان والعمل على طاعة الرحمن .



ـ وماذا تعلم الناس ؟

أعلمهم أن يسلكوا طريق الرشاد ، وأعودهم الجود والإحسان والرحمة والتسامح

والأمانة والوفاء والصدق والصبر والتعاون والإخلاص .



ـ لقد عرفنا الكثير من مزاياك وازداد شوقنا إلى حديثك المفيد ، وكلامك الرشيد ،

فهل لنا أن تزيدنا من علمك وتعرفنا على مزيد من فوائدك ؟

نعم ، أنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، أنا شهر التوبة والغفران ، أنا في ليلة القدر التي هي خير

من ألف شهر .. من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم خيرها إلا محروم … أنا

الذي رافقت آباءكم المسلمين في معارك بدر واليرموك وحطين .. فأعطيتهم القوة

والعزيمة وعلمتهم الصبر والثبات فكان النصر حليفهم والخذلان حليف عدوهم



قلت : فحدثنا عن أول لياليك.

• قال: إذا أقبلت فاحتسب , وعليك بالإيمان تنل الغفران , أما المعاصي فاجتنب.
قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم « من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » البخارى

• وعليك بالقيام من أول الليالي , تنل الغفران , وتفوز بالمعالي .
قال صلى الله عليه وسلم « من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » البخارى

• ولا تنس السحور , بالخير والحبور , فتنزل البركات , وتكثر الخيرات , وما أحلى الوصال , في أواخر الأسحار , فعساها دمعة حارة , تورث البلاد السارة ,
بلاد الأفراح , ومواطن الفلاح , لطيب الأرواح .

• ثم صلاة الفجر , مع رجال الخير , في مسجد الجماعة , فما أحلى البضاعة , وإياك والمزجاة , فأحسن الصلاة , وحلها بالخشوع ,
في القيام والركوع .

• وأذكار الصباح , تورث الانشراح { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } .

• ووردك للقرآن , لترتق الجنان , هيا اقرأ ورتل , وعلى المصحف أقبل .

قلت : فبماذا تنصح الشباب , ومن يسلي صومه بالرق والرباب.؟؟

قال: ألا اتق الإله , فرب صائم لاه , قد نال من صيامه , الجوع في عظامه , وضاعت الأجور , في اللهو والسفور .
قال صلى الله عليه وسلم « من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه » البخارى
إياك والدشوش , فكأنها الوحوش , تلتهم الصيام , وتحيد عن القيام , وهذه الأفلام صناعة اللئام , تكسر الصيام , أخي فاتق , إله لا ينام .

قلت : ونصيحة للأمة ؟؟

قال: الأمة تحتاج إلى رجال , كل منهم كألف , بالمصحف والسيف , يدعو إلى الفلاح , ويرفع الأتراح , ويمسح الدموع ويحقن الدماء , ويوصل الأنام بمنهج السماء ., وهذا الخير آتي ,فاغتنم ساعاتي , وقم بحق الدعوة , فالمؤمنون إخوة , وكن أنت الرجل كألف من رجال ,
فما عند الإله من شيء محال.

قلت : ونصيحتك للنساء؟

قال: لا يستشرفنكم الشيطان , لتفسد الأديان , ويقل الإيمان , فعليكن بالحجاب , فالستر في الجلباب , وليكن النقاب , لكن خير باب .
ولتكن الأمهات القدوة للبنات , والزمن الطيبات فهن الخيرات , لتكثر الحسنات في ظل الأخوات.

قلت : وأخيراً ؟؟

قال: وفي العشر الأواخر , تدخر الجوائز , ليفوز كل فائز , فالعتق من جهنم , وبعدها لا تندم , وفيها ليلة القدر , خير من ألف شهر ,
فعليك بعلو الهمة , ولا تكن في تخمة , لتفوز بالجنان والطيب والريحان , فهذه السلعة قد عرضت في السوق , وهي عند الله غالية , وصاحبها معتوق.

الآن وقد عرفناك جيدا وتذكرنا فضلك منذ القديم ، أنت الذي تزورنا في كل عام

وتأتينا بالخير والبركات من خزائن الأرض والسماوات فأهلا بك وبمعانيك الخيرة

ونفحاتك العطرة .. ليتك تقيم عندنا الحياة كلها .. تسكن في قلوبنا وتعيش مع

أرواحنا .. فيا أيها السيد الكريم هل لك من شيء تقوله أخيرا ؟

نعم ، إنني أقول لمن صام رمضان إيمانا واحتسابا بارك الله صيامكم وغفر ما تقدم

من ذنوبكم .. ورزقكم من الطيبات لتزدادوا خيرا على خير وبركة على بركة ، أما

أنتم أيها البخلاء الطامعون ، والأغنياء اللاهون ، والتجار المحتكرون ،

والمفطرون العابثون ، فقد مررت بدياركم فوجدت أبوابكم مؤصدة وبيوتكم مقفلة

وقلوبكم خاوية إلا من الطمع وحب المال والفساد والضلال ، فلا خير فيما تجمعون

.. ولابركة فيما تكدسون ..
انتهى الحوار .

اللهم اثلج صدورنا بنصر المؤمنين , كما نسألك أن تثلجها بنصرنا على أنفسنا وهوانا وشياطين الإنس والجن يارب العالمين ,
اللهم انصر الأمة , وأمط عنها الأذى والردى , وامسح عنا الغمة , لا إله إلا انت سبحانك إنا كنا ظالمين, وآخر دعوانا أن الحمد لله
رب العالمين.
[/frame]