صباح الخير
عشت أو تعيش مراهقتك والآن شبابك .. وقريبا ستعود لتعيش مراهقتك مرة أخرى .. ومهما يهيأ لنا طول أمد هذه الدوره الواحده في الحياة فإنها قصيرة جدا .. صدقني.
المراهقه المتأخره ليست مصطلح يتداوله الناس والخبراء بل هي واقع وحقيقه مبنية على أسس علميه ثابته .. وصل بسببها من مساوئ الحال عند البعض ممن عاشوها بعجرفه نسبيه حتى أصبحت شتيمه لا يتحملون قذفهم بها لأنهم مقتنعون أنها من طبيعة البشر أن يمروا بمرحلة كهذه .. وكونهم لم يتعاملوا معها بالنضج الفكري الذي هم به لا يعطي الحق للآخرين أن يجردوهم من إنسانيتهم وطبيعتهم البشريه .. لأنهم يعلمون ويدركون جيدا أن هذه الثوره العاطفيه والجنسيه المتأخره حتما ستتبعها ثورة أخرى تروضها وتهدأ من زوبعتها .. ليتم الإستقرار.
أو هكذا نتوقع ونتمنى أن يحدث.
أليس كذلك؟
الحياة قصيرة جدا وإن طالت بنا الأعمار حتى أنها تشعر الكهل فينا أنه وبالرغم من هذه السنين التي مر بها يشعر أنه لم "يشبع" منها بعد .. ويتمنى لو يعود به الزمان كي يعمل كذا وكذا و "كذاك" .. هذا "الكذاك" والشعور بعدم الإكتفاء منه هو ما يتعب من وصل به العمر أرذله .. ألم يقل الشاعر "ألا ليت الشباب يعود يوما لأخبره بما فعل المشيب"؟
أعلم أن البيت لا يتوافق مع ما سبق من الكلام .. لذلك سوف نغير في هذا البيت ليكون :
"ألا ليت الشباب يعود يوما لأخبره أن لا يشيب".
أن ايش يا شباب؟ أي نعم .. أن لا يشيب .. أن لااااااا يشيــــب.
لا أعلم لماذا اخترت أن أكتب ال "كذاك" باللون الأحمر .. ولماذا الأحمر بالتحديد؟
مسكين هذا الإنسان .. مساكين نحن حقا.
ونحن صغار نتمنى أن نكبر بسرعه حتى نصبح شبابا وبعدها نتمنى أن يسرع بنا الزمن لنصبح رجالا ويكون لدينا أسر وأطفال .. وتهرول السنين ليتفاجأ هذا الذي كان يوما طفلا صغيرا يجد نفسه كالذي يعيش حلما يرى فيه "كليب" قصير يشاهد فيه محطات حياته إلى أن أصبح مسنا ينفذ المثل الدارج "رجل في الدنيا ورجل في القبر".
ونعود لل "كذاك" ونسأل هذا الكهل عن ماذا يعني بالتحديد وما هو هذا ال "كذاك" الذي يتمنى أن يعود به الشباب من أجله .. ولو أتيحت لك فرصة عزيزي القارئ أن تحادث كهلا في هذا الموضوع ستسمع منه أولا "آااااااااه" طويلة تخرج من فاه بعد أن التهم هواء الحارة كلها في شهيقه .. وخرجت مكربنة في زفيره .. وهذه الآه كما تعلمون ليست ككل الآهات .. آه يقال عنها في عرفنا .. والأهم في عرفه هو تنهيدة ندم.
تنهيدة ايش يا شباب .. تنهيدة ندم .. تنهيــــدة ندم.
وإذا كنت ممن له مكانة في قلب هذا المسن فسوف يفتح لك قلبه ويعبر لك عن آهاته وحسراته وعن شبابه الذي لم يعشه كما يجب .. وسوف يختم حديثه مؤكدا لك بقوله " الحياة قصيرة جدا يا بني فاغتنم كل دقيقة فيها ولا تضيعها في اللاشيئ".
ال "كذاك" بالنسبة لبعض المسنين من الرجال الآملين في رحمته تعالى هي عدم الإسراف في المعاصي والذنوب بينما هي غير ذلك للبعض الآخر ويقصد منها ما كان يود أن يعمله في سن المراهقة والشباب حيث شعوره بالندم بأنه لم يأخذ نصيبه في الحب والرومانسيه والإستمتاع بالشباب الذي مرت سنينه كلمح البصر .. والتمني بعودة الشباب لفعل ال "كذاك" سببه المباشر المراقبه المصحوبه بالتحسر ومن ثم المقارنه بين ما هو متوفر لشباب هذا اليوم وبين جيله .. والتمني ليس فقط بالعوده لسن الشباب بل هو ذلك بشرط أن يعيش أجواء هذا الجيل في عصر الفضائيات والسفرات والموسيقى والعربده الرومانسيه .. والحب الذي لم يعشه.
ألم أقل لكم نحن مساكين؟
وحتى هذا الجيل من الشباب وهم يعيشون حلمهم القصير الآن وإن بدت لهم السنون طويلة لا تقصر وشبابهم باق مدى الدهر فسيأتي يومهم بسرعة أكبر مما يتصورون .. ذلك اليوم الذي يكونون فيه أيضا "رجل في الدنيا وأخرى في القبر" وتمنياتهم بعيش شبابهم في جيل آنذاك .. جيل السفر للفضاء والمبيت في القمر .. ربما عصر الأمركه والقيم الغربيه .. عصر الروك آند رول العربيه .. وربما عصر البوي فرند والجيرل فرند على الطريقه الهوليوديه.
لكني متفائل جدا وأظنكم كذلك بأن قسما آخرا من ذلك الجيل الكهل ستكون أمنيته أن يلقى الله تعالى في أقرب فرصة يكون فيها الملك عزرائيل (عليه السلام) منفذا لأوامر ربه في قبض أرواحهم لأنهم من النوع الذي نسميهم "المطمئنة قلوبهم".
[ALIGN=CENTER]يا مثبت القلوب اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك. [/align]
ونعود للمراهقه المتأخره لأخبركم عنها قليلا .. أو ندع صاحب لي يروي لنا خلاصة تجربته معها إذ يحدثني وفي عينيه ابتسامة رضا وعتاب وندم في آن واحد .. يقول أنه قد عاش جزءا من هذه "المتعوسه اللي متتسماش" لسنوات ثلاث ورفض أن يسميها بالمراهقه المتأخره وفضل أن يعطيها إسما من عنده .. يسميها الحب الناضج.
وماذا يعني هذا الحب الناضج؟ هل هو مثل الموز والبطيخ الناضج؟
يكون مريحا ومسعدا للقلب كالموز والبطيخ الناضج يكون لذيذا وخفيفا على المعده مثلا!!!
يقول صاحبي: هو الحب الذي يكون القلب فيه غير ذلك الذي احتوى حبا وهو في سن المراهقه الشبابيه .. القلب يعطى ويعطى بلا حدود .. ويخلص ويفي بالوعود .. ويجعل من هذا المشاعر "الضخمه" جدا حبا باق في الخلود.
حبي أنا حبا خالدا لا يموت.
المراهقه المتأخره ليست بالضروره العودهلطيشانالمراهقهالأولى .. هذا ما فهمته منه باختصار.
-----------------------
سامي