- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الكأس الأخير

  1. #1
    تاريخ التسجيل : May 2010
    رقم العضوية : 70158

    :007: الكأس الأخير




    http://www.youtube.com/watch?v=sh0H7CMpKlg


    مدخل ....

    خوتزباه ..يا أبي...!!!

    عربٌ وعجم يا أبي ...
    يمارسون البغاء !!!
    في الطرقات ...
    وخلف أبواب السيارات ...
    بين الأشجار ...
    تحت المطر ...
    بلا غطاء او سقيفة !!!!

    عربٌ وعجم يا أبي ...
    بإسم الهوى بإسم العشق
    حتى بإسم الحب !!!!
    يمارسون الرذيلة !!!

    عربٌ وعجمٌ ياأبي
    تغاروا بناتهم
    ممن سبقنَ إلى العراء !!!
    قسماً ياأبي إنها الحقيقة !!!

    خوتزباه ... وسلبتني الحياء !!!


    [ 1 ]
    ثمة شئ تنظر إليه ، تنظر إلى البعيد ، ليس هنا على أية حال ، إنها وحيدة تماماً ، وجهها كما هو يلوح بالسمرة ،لم تلونه بمساحيق التزييف ، شعرها كان هو الآخر فرحاً رغم الظلام ، فقد أٌطلقَ سراحه بعد طول مكوث في مقبض ، وكشفت عن ساقيها ليس لأحد ، بل للبرد .
    حينما أكملت عداً سبعة عشر عاماً ، قررت أن تصبح حرة ، أن تلبي نداء الحياة ، أن لاتدع الأوهام تدفنها في بلدها العربي الذي يكبت النساء ، قررت غير الأخريات ، أن لاتدع الأيام تفوت سارقةً منها المتعة التي تجول في العالم ، هي لاتريد أن تكون مثل أمها التي قتلو شبابها ، التي ظلت خادمة تحت رجل أبيها وإخوتها ، ولاتجد الآن من يقول لها شكراً لأنك عشتِ فقط من أجلنا .
    همست لأمها أن قد عزمت رغم البكور في الرحيل ، الرحيل إلى حيث أشعر بأني أنثى ، أنثى حقيقة ، لاتخبئ جمالها ، ولا تكترثُ لإزعاج جيران حارتها ، أنثى تفوح عطراً كما هي بلا تجميل ، وبلا قلق ، قالت لأمها ، سأرحل حيث لا ألتفتُ رعباً من عيون الآخرين ، سأذهب يأأمّاه ليس كرهاً في البقاء معكِ ، لكنني أستمع لنداء الحياة ، أريد أن ارقص في كل مكان دون أن تطالني ألسنه العامّة باللغو ، هي تتذكر كيف أن أمها ناولتها حقائبها دون علم أبيها وإخوتها ، وقالت لها إرحلي حيث الجمال الذي تزخم به روايات الغرام .
    فتحت عينيها جيداً ، ألقت نظراتها البائسة على مدّ بصرها ، تفتش عن رجل يحبها ، ليس لقوامها المنحوت ، ولا لياقوت ثغرها ، بل تفتش عن رجل يبعثرها ، يضمها بحنان قبل أن يفكر كالحيوان ، تريد أن تشعر أنها كانت صائبة بقرارها ، القت بشباكها الأنثوية وتخلت ، منتظرةً أحدهم لينتشلها ....

    [ 2 ]
    حينما إستدارت وجدت نفسها وحيدة أيضاً في إحدى المطاعم المتوسطة الدفع ، وهي تغرق في تفكيرها ، وتقلب اللقيمات بلسان " الشوكة " لا بلسان فمها ، وتتفقد بلا أهتمام المتواجدين بالطاولات المجاوره ، كان قبالتها طاولتين على اليمين وعلى الشمال ، احداها يجلس فيها شاب يبدو أنه يأكل بالشوكة والسكين بصعوبة ، و شابان على الثانية ، يبدو أنهما مهتمان بهيئتهم أكثر من الأول ، كان الشاب في الطاولة الأولى يرتبك من مراقبة الآخرين له ، خصوصاً أنه يعتقد أنهم يعرفون بعدم إتقانه الأكل بالشوكة والسكين ، فزاد ارتباكه وسقطت منه الشوكة ، فنظر حوله وألتقطها ، سرعان ما أثار فضولها ، وبلا مقدمات اخذت صحنها وبادرتُه بالسؤال : هل تمانع من مشاركتي إياك الطاولة ، قال لها فوراً : لا بالطبع ، لم يقتصر الأمر على اشتراك الطاولة فهي بدأت تقول له ، أنا عربية ، فرد عليها الشاب : يبدو من هيئتك ذلك ، وبدأت الفتاة بكسر كل الحدود وخاضت في نقاشات طويلة واستفسارات عديدة ، كما لو أنها مقدمه على إقتحام حياة هذا الشاب ، لم يمانع هو الآخر من الحديث ، وأفصحت عن قصص كثيره ، مما جعل الشاب يدرك بأنها تعاني من كبت كبير ، ونقص عاطفي ملحوظ ، كانت تسرد تفاصيل خاصة ، بينما هو يكتفي ببضع كلمات ، ويفكر في نفسه ، لماذا تحكي كل ذلك لي ؟!!! ، انتهى الأكل لكنها لم تنتهي من الحديث والإستلطاف والإستظراف ، رغم كل شئ الاّ أنها جميله و بسيطة ، صحيح ربما أن اقتحامها بهذه السرعة لم يكن منطقياً بالنسبة له ، إلاّ أنه من خلال حديثها ، استخلص نبذة عن شخصيتها ، في الأخير قالت له بكل صراحه : أريد أن نصبح اصدقاء فأنا أعاني من الوحدة الشديدة ، وطلبت رقم هاتفه الخاص ، فناولها ذلك ، ثم غادرت من باب المطعم والشاب مازال يبحلق في المخرج متعقباً إثرها ، لتكشف له غموض هذه الفتاة التي بدت له بسيطة وغامضة في نفس الوقت !!!
    النادل / عفواً سوف نقفل المحل بعد قليل !!!
    الشاب / نعم نعم ....

    [ 3 ]
    ولمّا كان الليل باسط ٌ ذراعيه ، غادر الشاب المطعم وصورة الفتاة والحديث الذي دار بينهما نصب عينيه ، ممّا بدّد عليه عتمه الليل ، وفكّر كثيراً بهيئته البسيطة التي بلا شك كانت سبباً في طمأنينة الفتاة وخوضها في حديثٍ مطوّل ، وطرح أسئلة كثيرة ، وأجاب قدر إستطاعته على بعضها ، وما إن وصل حجرته التي كانت أدفأ بكثير من معطفه ، حتى أمسك بعض الأوراق ، وراح يخط عليها الكلمات التالية :ـ
    إمرأة + 2 = حصن ، وفي السطر الثاني إمرأة + 2 = كارثة ثم خط دائرة حول السطرين ومد سهم من الدائرة نحو أسفل الورقة وبإتجاه السهم كتب إمرأة ثم نقاط ثم علامة إستفهام كبيرة ؟
    وألقى بجثته الهامده على فراشه المثقل بالأفكار ، وأستمر ينظر الى الورقة التي خط عليها ، وفجأة رن الهاتف ...
    الشاب / نعم من المتحدث
    الفتاة / هذا أنا
    الشاب / ماذا هناك هل نسيتي شئياً
    الفتاة / لا فقط أردتُ أن أقارن صوتك في الحقيقه عنه في الهاتف
    الشاب / لا بأس ، هل وصلتي الى المنزل ؟
    الفتاة / أي منزل ؟!!
    الشاب / منزلك طبعاً
    الفتاة / اها ... نعم ...نعم ، لا أعلم كيف تستطيع النوم وأنت تعيش وحدك .
    الشاب / لستُ الوحيد في هذا العالم ، أمثالي كثير .
    الفتاة / الا تشعر بالملل ؟
    الشاب / سؤال جيد ، هل تعلمين أنني أشعر بالوحدة منذ طفولتي ، وأشعر بالغربة منذ أن كنتُ في وطني ، حتى عندما كنتُ بين أصدقائي رغم أنهم قلّة ، كنت بينهم وأشرد كثيراً ، وعندما أتحدّث يلومونني ، أتعلمين لما ؟
    الفتاة / لما ؟!!!
    الشاب / لأني كنتُ أتحدث في موضوع قد أتمّوه وخاضوا في حديثٍ غيره ..
    الفتاة / " تضحك " دمُكَ خفيف للغاية .
    الشاب / لكني لا أمزح ، أنني أعني ما أقول تماماً ، إن الشخص الوحيد الذي لا أستطيع قول الحقيقة أمامه هو : أبي .
    الفتاة / لديك قدرة عجيبة لتوجيه المستمع إلى حيثُ تريد .
    الشاب / لم أفهم
    الفتاة / أعني أنه كان بإمكانك أن تقول لي أني اتحدّث بجديه وكفى .
    الشاب / هذا صحيح ، غالبية الناس الذين كتب لي القدر اللقاء بهم ، للأسف لا يعرفون ذلك ، ومنهم من فارقتهم وهم مازالوا لم يدركوا ذلك .
    الفتاة / لم أخطئ أبداً في تقديري ، فمنذ أن رأيتُك ، عرفت أنك شاب يفوق عمره ، هدوءك وعدم رفع صوتك على نادل المطعم ، وعدم رغبتك في تطلّع الآخرين إليك ، كلها توحي بأنك شاب ملئ بالحكايات ، التي تغنيك من العيش كأي شاب في سنك .
    الشاب / " يضحك " كل هذا من خلال ساعة واحده قضينا نصفها في الأكل ؟!!!
    الفتاة / صدقني أنك تترك أثراً في النفس بعد مغادرتك ، رغم اني التقيتُ بكثير من الناس ، ورأيتُ الكثير منذ أن جئتُ الى هذه البلاد ، فشاب بعمرك ، إما ان يتحدث بصوتٍ عالي ، او يستمع للموسيقى ، أو بصحبة رفقة ، او فتاة ...
    الشاب / حسبك .. حسبك .. انتِ فقط من تعيشين في مستوى إجتماعي غير الذي أعيشه أنا ، وتظني بأن عالمُكِ هو العالم بأسره ، تذكرينّنَي بشئ إسمه " الأدب الوجودي " .
    الفتاة / وماهو الأدب الوجودي هذا ؟!!
    الشاب / الأدب الوجودي جزء من " الأدب الفرنسي " له كتّاب أسسوه ، ثم تبعهم كتّاب من الجنسين في بداية بزوغه فأصبحو من روّاده الأوائل ، ويحاول بعض كتّاب اليوم الكتابة بذات الإتجاه ، وبسبب الإنتشار الواسع وتداخل الثقافات وترجمة الأعمال الأدبية وثورة المعلومات التي تعطي فرصاً للمهتمين بجانب معيّن الإضطلاع على أكبر قدر ممكن من المعلومات ، أصبح الكثير حول العالم من مختلف الجنسيات يكتبون بذاتية الأدب الوجودي ، وربما البعض يكتب دون أن يعرف ماهيّة الأدب الوجودي ، وحتى لا أظلم الجميع ، ربما البعض يكتب بذات الأسلوب من تلقائية نفسه ، فالنفس البشرية في النواحي الأدبية تتشابه إنتماءاتها النفسية وميولها دون عمد في التقليد .
    الفتاة / الا تلاحظ أنك إلى الآن لم تخبرني بصريح العبارة ماهو الأدب الوجودي ؟!!! لستُ مهتمة بالأدب لا من قريب ولا من بعيد ، لكني أريد أن انظر وجه الشبه الذي ذكرت .
    الشاب / حسناً الأدب الوجودي ، بإختصار ـ حتى لا أفرض عليك الإستماع إلى ما لا تطيقين ـ هو الأدب الذي يستخدم فيه الكاتب أسلوب التعبير عن العالم من وجه نظره التي تنظر من خلال منظاره فقط ، فاليوم يبدأ ـ ليس حين تشرق الشمس ـ بل حين يفتح عينيه !!! ، واليوم لا ينتهي بغروب الشمس ، بل يتوقف دوران الكرة الأرضية تماماً حين ينام ، ومن هذا المنطلق يبدأ بالتعبير عما يدور في حياته كما لو أنه يعيش في الكوكب وحيداً وعندما يستيقظ يؤتى بالعالم ليعيش من أجله !!!!! ، وهنا وجه الشبه الذي قصدته ، فأنتي تفسرين تحليلك الذي قد يكون صحيحاً ، أو به نسبة كبيرة من الحقيقه ، من خلال مستواك الاجتماعي الذي تعيشينه ، والطبقة التي تتنقلين بينهم ، بينما بالنسبة لكثير من أمثالي ، شاب يستمع الموسيقى الصاخبه ... والخ هو شاذ بيننا ، وغريب وعجيب .
    الفتاة / وميزة أخرى أكتشفتها فيك .
    الشاب / " يضحك " أنني مجنون مثلاً ...
    الفتاة / بل مقنع حيث لا يريد الآخرون الإقتناع .
    الشاب / قلتي ماهو سبب إتصالك ؟!!!
    الفتاة / " تضحك " تعني أنك تريد إغلاق السماعة مثلاً ؟!!!
    الشاب / ربما أتى السؤال بتلقائية لأن الجواب الأول لم يكن مقنع ، لكن لا بأس أن نغلق سماعة الهاتف سوية ، فأنا مرتبط بدوام منذ الصباح الباكر .
    الفتاة / يعني بهذا انت ترفض دعوتي لك مقدماً بأن نشرب كوب من القهوة معاً ؟
    الشاب / أخبريني متى تريدين ان نلتقي مثلاً ، على أن يكون كوب شاي ليس قهوة ، فأنا أحب الشاي الثقيل اكثر من القهوة ، عملي يستمر حتى الخامسة مساء .
    الفتاة / اذاً مارأيك ان نلتقي في منزلي على السادسة مساء ؟!!!
    الشاب / لا بأس سأحضر قداحة الشاي المتنقله ـ الخاصة بي ـ معي .
    الفتاة / يوجد لدينا شاي .
    الشاب / لابأس أنا أحب الخصوصية .
    الفتاة / لا باس اتفقنا اذاً . سأرسل لك العنوان على رسالة بعد أن نغلق سماعة الهاتف ، تصبح على خير .
    الشاب / وانتِ كذلك .

    يتبع ,,,

    [ 4 ]
    في تمام السادسة من اليوم التالي ، كان الشاب يطرق باب المنزل ، وسمع من الداخل بلغة ألمانية إحداهن تقول : من الطارق ؟ ، وبسرعة نظر إلى رقم المنزل ليتأكد بأن العنوان ذاته المكتوب في الرسالة ، ففُتح الباب قبل أن يجيب ، فكانت الفتاة نفسها " تضحك " وابتدرت قائلة : لما أنت صامت .
    الشاب / حسبتُ أني أخطأت العنوان مثلاً ، صوتك مختلف تماما بالألمانية .
    الفتاة / " تضحك مجدداً " هل سنتحدث هنا على عتبة الباب ؟!!! تفضل بالدخول رجاء ...
    الشاب / حسناً .... بأي اتجاه ...
    الفتاة / " غرفة الجلوس أمامك ...
    الشاب / هل تعيشين هنا وحدك ؟
    الفتاة / لا بالطبع ، أعيش مع طفلي هنا ، رغم صغرهما في السن الاّ أنهما يثيران ضجة كفيلة بأن تحيّ المنزل ، وبين فترة وأخرى يحضرن صديقات لي من بلدي ينمنَ عندي ، واحياناً اترك لهن الأطفال واغادر دون إكتراث .
    الشاب / جميل ... أحضري لك كوباً اذا أردتي ذلك ...
    الفتاة / ماهذا !! ، حسبتُك تمزح البارحة .
    الشاب / قلتُ لك مراراً إنني أعني ما أقول .
    الفتاة / سأحضر كوباً لي ... لأرى كيف تصنع الشاي ، وسأحضر لك الطفلان لتتعرف عليهما ، إنهما كل حياتي ، ستحبهما بالتأكيد .
    الشاب / تفضلي ... بانتظارك ....
    كان الشاب يلقي نظرة حول جدران المنزل فوجد صوراً كثيره لممثلين عالميين وممثلات أيضاً ، ملصقة على الجدران دون ترتيب معين ، فأستنتج الهوس الذي في عقل الفتاة بالعالم الزائف هذا ، وابتسم في نفسه ، وراح يحدّث نفسه :ـ
    هذه أولى النقاط تنزاح عن الورقة ....
    الفتاة / أنظر كم هما جميلان ....
    الشاب / أنهما جميلان فعلاً ، هما توأم صحيح ؟!!!
    الفتاة / نعم توأمان .
    الشاب / ياالله إنهما متطابقين تماماً ، كم هي أعمارهم ؟
    الفتاة / عامين ينقص شهراً تقريباً .
    الشاب / " يضحك " كيف تستطيعين التمييز بينهم ، يخيّل لي أنني لن أستطيع حتى أن أصدق بأنهما طفلين لا طفل واحد.
    الفتاة / " تضحك " أنني أمهما ، ويجب علي ان افرّق بينهما ، ثم انني أفرق بينهما من خلال أصواتهم ، ومن رائحتهما أيضاً ، ومن أطباعهما المختلفة .
    الشاب / بالمناسبة رأيتُ برنامجاً وثائقياً ذات مره عن التوأئم ، وكان من ضمن حديث البرنامج ، بأن على أهل التوأم ، أن يراعوا هذه الجوانب منذ الصغر ، بمعنى أنه يجب على الأم ان لا تلبسهما نفس اللباس مثلاً ، أو أنها تحاول أن تطعمهما بشكل رسمي مع بعضهما ، او ينامو في نفس الأوقات عمداً ، والسبب في ذلك هو عدم طمس شخصية أحدهم بالآخر ، فقد أكتشف العلماء بأن أسلوب التطابق الجيني وتشابه العظام ايضاً ، ليس هو السبب في كون التوأمان يعيشان أحياناً بشخصية واحده ، تغلب إحداها على الأخرى ، فيكون الأول قائداً ، والآخر متبوعاً ، بل السبب هو تعويد الأهل والأم خصوصاً التوأمان على نمط حياة مشترك ، في اللباس والمأكل والمشرب ، وهذا خطأ كبير وفادح .

    الفتاة / هذا عجيب ، إنني أستمع لهذه المعلومات لأول مره ، وعلى الرغم من هذا فأنا لا ألبسهما نفس اللباس ، ولا أعاملهما نفس المعاملة ، فأنا من تلقائية نفسي لا أريد أن يكونوا شخصية واحده ، وهذه هي الحقيقه ، فقد خلقوا شخصين ، واشعر بهذا الشئ وافهمه ..
    الشاب / جميل فقط أحببتُ أن أعطي ما عندي ....
    الفتاة / بالعكس انا سعيده لأني استمع الى هذا الكلام ، لاني ربما أزدتُ قناعة بعدم معاملتهما وخلط خصوصياتهما .
    الشاب / جميل ... ماذا عن أبيهما ؟ الا يشتاق لزيارتهما ؟!!!
    الفتاة / إنه لا يهتم حتى بالسؤال عنهما ، ثم أنه لا يعرف عنواننا الجديد الذي انتقلنا اليه .
    الشاب / من حقه أن يعرف ، هل يعقل أن تتركينه يبحث عنكم ؟!!!!!!!
    الفتاة / أخبرتك بأنه لا يهتم ، فمنذ ولادتهما وهو لم يرآني ، ولا يريد ذلك ، عمل المستحيل لإقناعي بعدم الإنجاب ، ولم يعطي لي تفسيراً منطقياً ، ممّا اضطرني الى طلب الطلاق منه واللجوء الى صديقات من بلدي تعرفت عليهن من خلال اقامتي هنا ، لقد تغيّر تماماً منذ أن هربتُ معه الى هذه البلاد ، اختلفت طريقة معاملته لي شئياً فشيئاً وكنتُ أكذّب احساسي ، حتى لا أصاب بالصدمه ، كان يستغلني جسدياً بشكل شره وشرس ومقزز ، وهذا ما لا يصنعه محب لحبيبته ، أن يهين كرامتها لأستغلالها فقط جنسياً ، دون أن يتحكم بشهوته ، او يراعي عواطف محبوبته ، لكن حين وصل الأمر الى الاختلاف الكبير في كثير من النقاط التي لم تكن واضحه بعمد منه ايام تعارفنا عندما كنتُ مازلتُ مراهقه في منزل والدي ، بدأت افهم انني تورطتُ بالسفر والهروب مع شخص كهذا ، ورفضتُ أن أجري عملية لإنزال الجنين في بداية النمو ، وذلك لأني مازلت صغيره ، وربما سببت لي العملية متاعب جمّه ، فتطلقتُ منه بأمر من المحكمه ، ولذتُ بالفرار من وحشيه تعامله ، وبقيت ايام ولادتي لطفلي ، عند صديقه هو يعرفها ، ويعرف عنوانها ، واظنها هاتفته كثيراً ، لكنه لم يكترث ولا يريد أن يتحمل المسئولية .

    الشاب / معنى ذلك أنك تعترفين انك أخطأتِ بالإختيار ..
    الفتاة / لابد أنه هو من كان سئ ، لكن قراري بحد ذاته لم يكن خطأ ، ولا يبرر سوء اختياري بأن الحياة في بلدي كانت مريحه أو اني اتمنى الرجوع اليها ، لكني دفعت الثمن غالي جداً .
    الشاب / لا داعي للحديث عن الأخطاء ، ولستي مجبره على تحديد من هو المخطئ ، إكتشفتُ أخيراً أنه يجب علينا تحديد المخطئ منذ البدء وعدم التعامل معه من الأساس ، التعامل معه الى حد نتعمد فيه كشفه امامنا بالخبرة التي تعلمناها ، اما بعد فوات الآوان يجب ان نأخذ الدرس دون أن نصر أن نعرف لما أخطأنا ، لأننا سنقضي حياتنا في ندم وحيرة وصدمة ربما لن نفيق منها ...
    الفتاة / كلامك مريح جداً ...
    الشاب / أتعلمين ، أنا أكثر الأشخاص في هذا العالم يحاولون إيجاد تفسير لأي حدث ، ليس فقط أحداث شخصية تهمني انا ، وإنما أحياناً ، لأشخاص لا أعرف حتى أسماءهم ، لمجرد رؤيتي لشئ ما يثيرني أجعل منه قضية ، وأبدأ بالبحث عن الغموض التي يلفّها ، و عن الأسباب ، واحياناً طرق بحثي لا تكن منطقية ، لكني اذا ما شعرتُ بقضية ما من حولي لا بد أن ابدأ بالبحث عن تفسير لما حدث فيها ....
    ورغم ذلك لا أفتأ تعلمي دروس من الحياة إلا وسارعتُ تدوينها ، وتبقى دائماً في حياتي وفي عالمي الكثير من القضايا الإنسانية التي ربما ابتكرتها في مخيلتي ، بحاجة الى تفسير لي انا ...
    الفتاة ... فقط مشدوهه تماماً ....
    الشاب / وأنا أريد بإختصار أن أخبرك بأنه لا يجب علينا أن نبحث عن تفسير منطقي لما يحدث لنا نحن ، ولكن أنا شخصياً سأظل أبحث عن تفسير لقضايا أخرى موجوده أصلاً في الكون حتى وإن كانت من صنع خيالي واحساسي ، واذا لم تفهمي شئياً فأنا لا ألومك ، بل ألوم الشـــــــــــــــــاي ....

    الفتاة / " تضحك كثيراً " ... وبعد قليل ... في الوقت الذي تصل فيه فلسفتك الى الذروه ، تتواضع وكأنك نسيت أن تصنع ذلك ، وتذكرت فجأة بأنه يجب عليك أن تتواضع ، فتسارع بإلقاء جمله كفيله بصنع ذلك ... صراحة انا سعيدة جداً أن التقيتُ شخصاً مثلك ...
    الشاب / شكراً لك على مجاملتك ، المهم انا أرى انك مازلتي صغيره على تحمل مسئولية الطفلين ، وانتي مازلتِ في سن الثانية والعشرين ، لكن لا أدعوك التخلي عن مسئولياتك ، بل لابد أن تتحملي تبعات قرارك ، وكما اتفقنا بغض النظر عن من هو المخطئ ؟
    الفتاة / طبعاً انا اصلاً مهتمه بهما ، وهما الان حياتي كلها ، ولكني سأنطلق للحياة من جديد وسأتعلم الألمانيه اكثر من قبل ، وسأخوض في المجتمع خصوصاً بعد حصولي على الاقامة الدائمة بصعوبة ، فأنا اتحدث الالمانية ليس بالقواعد ، بل اتحدثها مما تعلمتها من الصديقات والجيران ، ولا استطع اجتياز اختبار يؤهلني للعمل ، وأنوي بإكمال دراستي ، هذا فقط سيشعرني بقيمتي ، لقد فكرتُ كثيرا بهذا لكن ليس بجديه ، أرى الآن بأن التقائي بأناس مثلك يؤثر على شخصيتي كثيراً ويدفعني الى هذا ....
    الشاب / انا الآخر اتحدث بالقواعد لكنني لا افقه الكثير ، بسبب ان فهم القواعد الالمانيه وحدها لا يكفي ، لكنه فعلاً يساعد الشخص على التحدث بشكل لا يثير غضب الألمان ، او حنقهم ، لستُ أقصد بأنني مهتم لغضبهم ،لكني كنتُ اشعر بالإحراج الشديد ، عندما أرى امتعاض احدهم ، واشعر بأني صغير جداً ، في بداية قدومي ، الآن رغم اني لا يمكن أن اخوض في حديث مطول مع الالمان ، الا اني حينما أتحدث اتحدث بالطريقة الصحيحه وعلى ثقه ، وما إن اجد كلمات جديده حتى استطيع ان اركبها في جملاً صحيحه وعلى الزمن المناسب ، وهذا يعني بأننا بحاجة الى الدراسة والإختلاط الحقيقي مع المجتمع الالماني ، لا أن نندمج مع الجاليات العربية هنا وكفى .
    والحمد لله أنا في وقت الاجازة استطعت أن أخذ الكثير من المعرفة سواء بالبلد ومناطقها او بمعرفة الكثير عن العامية وطرق اختلافها ، ولم أكن اتوقع ذلك أبداً ، فقط كنت ابحث عن سد فجوة مالية مزمنه .
    الفتاة / جميل جداً ، ان تكتشف فوائد أخرى بنفسك و الاجمل ان تحصل عليها فعلاً .
    الشاب / انا مقتنع تماماً بما حصلتُ عليه رغم اعتراضي على اشياء اخرى كثيره صادفتني ، لكنني لا استطيع ان احكم القدر ، ولا استطيع أن أحصل على ما أريد كما اشاء ، بل كما يشاء الله ، واذا حسبتُ نفسي بأنني انسان ذكي سأحصل على ماأريد متى ماأريد ، حينها سأكون أغبى رجل على وجه الأرض ...
    الفتاة ... سأحضر وجبة العشاء ...
    الشاب / لا لا ... لم نتفق على هذا ....
    الفتاة / لقد أعديتُ اصلا ...
    الشاب / لا تكملي رجاء ، اتفقنا على كوب واحد فقط .... ثم أني بانتظار احدهم يأتي المساء من مدينة أخرى ....
    واتمنى أن تكون المرة الأخيرة التي أخبرك فيها ... إنني أعني ما أقول تماماً ....


    [ 5 ]

    الشاب / أخيراً أنت هنا أيها النذل ، كيف حالك ؟
    الصديق / أحسن منك بكثير
    الشاب / أعلم لأن الأوغاد هم فقط من يعيشون بهناء ـ أمثالك طبعاً ـ .
    الصديق / " يضحك " أين تقيم ؟!
    الشاب / ليس بعيداً من هنا ، فهو مؤقت كما تعلم ، ستقطن الليلة فقط عندي ، وغداً ، تبحث لك عن سكن ، فالحجرة ليس بها إلا سرير واحد ، وفراش إحتياطي لأمثال هذه الليلة .
    الصديق / لقد أخبرتني هذا بالهاتف لا داعي للتكرار ، يبدو أن المدينة مليئة بالحسناوات والشقراوات !!!
    الشاب / هييي أنت لا تثيرني أكثر مما أنا مثار، إسمع العمل فقط أسبوع لك بدلاً عن شخص أخذ إجازة ، أنا أيضاً مثلك ، لكني سأمكثُ أسبوعاً آخر بعدك ، لا أعلم لو انهم لم يأخذو إجازة كيف سنعيش ؟!!! ، إن الله كريم يدبر الأمر وله الأمر كله .
    الصديق / إيـه صدقت ، متى أتزوج بألمانية ، وأحصل على الجواز ، وأعيش على نفقة الألمان ؟!!! وتنتهي متاعبي ..
    الشاب / مراراً قلتُ لك بأنك مادمتَ راغباً في ذلك ، لن يحدث أبداً !! .
    الصديق / إصمت .. إصمت ... سترى أنني مع الأيام سأستغل وسامتي ، لقد شوقتني للبحر كثيراً من خلال غلوّك في الوصف ، يجب عليك الليلة أن تعرفني على معالم المدينه الساحرة " هامبورج " على حد تعبيرك !!! .
    الشاب / كنت أكذب عليك فقط ، مادام الأمر سيكلفني المتاعب والمصاريف .
    الصديق / " يضحك " ، حسناً أصبحت بخيلاً على غير عادتك !!
    الشاب / أنتم من علمني البخل ، والبلاد هذه لا ترحم ، علمتني الوقاحة اللامتناهية !!!
    الصديق / أخشى إن قدر لك أن تصبح كائن يعيش فعلاً في أوروبا ، كالأوروبيّن ذاتهم ، أن تتحول إلى إنسان مادي بحت .
    الشاب / لقد وصلنا علينا النزول عند هذه المحطة ...
    الصديق / أتعلم ، أمهلني فقط للغد ، وسآوي لدى إحداهن ، دون أن أضطر لدفع أجرة الحجرة ،
    الشاب / لا أستبعد ذلك أبداً ، فالصرصور لا يحب أن ينام إلاّ في البالوعات ..
    الصديق / اللعنة !!! من أين تأتي بهذا الكلام يامعقّد ، إنتظرني [ ويقذف بحقيبته ] على كتف الشاب .
    الشاب / لا استطيع الركض أكثر ، توقف ، لقد أثرنا ضجيج بما فيه الكفاية .... دعني أرى مدخل السكن من أي إتجاه ...




    الصديق / ماهذه الحجرة الضيّقة !!! ..
    الشاب / هييي أنت إن لم يعجبك ، فنم على محطة القطار ، وفي الصباح الباكر سوف أحضر إليك ، ستجد هناك أشخاص يشبهونك من الداخل كثيرا ، لكن هيهات فأنتَ تتقدمهم في الوسامة ... " يضحك "

    الصديق " يفتح البراد ويأخذ أكلاً منوعاً بعشوائية "
    وبينما كان يحضر طعامه ....

    أشعل الشاب سيجارة وابتدر بالقول : إسمع ، لقد تعرفتُ في الآونه الأخيرة على فتاة من بلدكم .
    الصديق ينظر بإستهجان ويضحك كثيراً : لا أصدق ما أسمع ، أعد ما قلت مره أخرى !!!
    الشاب / ما بالك !! ، ليست الطريقة التي تستخدمها أنت ، لتمارس الفاحشه كل يوم عند فتاة ، وتقيم حفل ماجنة !!!!
    الأمر ، حدث ، بمحض الصدفة ، وبشكل محترم
    الصديق / " يضحك مرة أخرى بعنف هذه المرة " ، : صدقني كلنا في بداياتنا كنا نبرر لأنفسنا ، حتى تبددت فينا القذارة ، أنا سعيد أن آراك مثلنا ... " ويضحك مجدداً "
    الشاب / أيها التافه ، لن تفهمني أبداً ، غبي أنا حين أفاتح شخصاً مثلك بالموضوع ....

    الصديق يقترب الى السرير حيث يجلس الشاب ولم تزل اللقمة في فمه ومع ذلك يتحدث بصوتٍ مكظوم : لا عليك فقط أمزح معك ، يبدو أنك تحمل الأمر محمل الجدية ...
    الشاب / .. إبتعد عني أكمل أكلك وسنتحدث ....



    الصديق بعد ما ألتهم نصف مافي البراد : أعطني "سيجارة " ...
    الشاب / هذه الماكينه ، وهذا " التبغ " ، وهذا " ورق التبغ " ، إصنع لك بنفسك ....
    الصديق / أوه رهيبة جداً ، واقتصادية ، أليس كذلك ؟!!
    الشاب / كثيراً، علبة التبغ هذه ، تكفيني أكثر من أسبوع ، بسعر ، " باكتين " من الجاهز ، أضف إلى ذلك أنها " تبغ " بمعنى الكلمة ..
    الصديق ، ها .. حدثني ... ، واعدك أني سأستمع لك بإنتباه .....[ وتعدّل في جلسته ] ...



    قص عليه الشاب ـ إختصاراً ـ ماحدث دون الخوض في التفاصيل الدقيقة والخصوصيات ، و أطلق لنفسه العنان في وصف الفتاة و تفاصيل جمالها ....

    وبعد ذلك رى اللعاب يسيل من هذا الذئب الذي بدت حقيقته ماثلة !!!


    يتبع ’’’

    [ 6 ]

    ... في صباح اليوم التالي ..
    أحضر الشاب صديقه وعرّفه على مدير مصنع الكتب حيث يعمل [ مؤقتاً ] بأجور أسبوعية ، كعادة جميع الطلبة العاملين ، ثم إتجه كل واحد منهم إلى قسمه ، وبعد ساعات من العمل ، إلتقى الصديقان وقت الإستراحة كما اتفقا مسبقاً ...

    الشاب / ها .. هل أعجبك العمل ...
    الصديق / مرهق جداً عليك رفع رزمة المطبوعات كل مرة بعد " ماكينة المصنع " مباشرة ، ولا تستطيع حتى النظر لزميلاتك بوضوح !! ، هل تصدق كنتُ أتحدث مع إحداهنّ و أمزح معها ، وقبل قليل فقط اكتشفتُ بشاعتها !!!
    الشاب / " يضحك " لن تتغير أبداً !! ، حتى وأنت في العمل تفكر بالجنس ، يارجل إرحم نفسك !!
    المهم ، أين قررت أن تسكن ، إبحث عن حجرة فارغة في ذات السكن الخاص بعمّال المصنع ، أعتقد توجد حجرات فارغة ، للذين تغيّبوا فهم لا يأخذون المفاتيح معهم ، لقد حصلتُ انا على إحداها بذات الطريقة ،بإمكانك التحدث مع المدير ...
    الصديق / سأفعل في نهاية الدوام .
    الشاب / المدير لا ينتظر إلى نهاية الدوام !! ، يجب عليك التحدث معه فوراً ، إنه هناك على تلك الطاولة ، اذهب له فوراً ...
    الصديق / حسناً سأفعل ، سأقتحم عليهم الونس وسأعود فوراً ....
    وهمَ الصديق بخفة الى الطاولة التي يجلس عليها مدير المصنع مع حفنة من اصدقائه .....
    ثم عاد ليقول / هل رأيت الفتاة التي تجلس معهم ؟! ، إنها في غاية الجمال !!!
    الشاب / قل لي أولاً حصلت على الحجرة ؟! ،
    الصديق / نعم .. ذكرته أيضاً باننا أصدقاء فوهب لي حجرة في نفس الممر ، لكن ليس بجوارك تماماً ، وأخبرني بأنه سيضع المفتاح عند " موظف الإستقبال " لآخذه عند الإنصراف ...
    الشاب / رائع ، إسرع اذاً الآن وتناول كوب القهوة ، إنه مجاني !! ، للموظفين ، وماعدا ذلك فبنقود ، اسرع قبل أن ينتهي وقت الإستراحة .
    الصديق حقاً سأذهب ....


    ورن هاتف الشاب في هذه اللحظات حيث صديقه يقف في طابور الانتظار ....


    الفتاة / هذا أنا
    الشاب / كيف حالك ؟
    الفتاة / بخير ، وكأنك مهتم ، لم تهاتفني ابداً ...
    الشاب / لأكن واضحاً معك ، من الإستحالة الإتصال بكِ إلاّ بعد الثامنة مساءً ، ببساطة لأن الإتصال في هذا الوقت مجاني ، من هاتفي الى هاتفك ، فهل يعقل أن أكد في العمل لأدفع أجر العمل في " فواتير الإتصال " إالا يكفيني الكم الهائل من الفواتير الملزم دفعها ؟!!!!
    الفتاة / هييي .. حسبك ، أنا من سأتصل بك لا عليك ...
    الشاب / هذا جيد ...
    الفتاة / إسمع ، لقد فكرت بما أنه غداً إجازة نهاية الأسبوع ، أن نذهب في جولة معاً ، مارايك ؟!!!
    الشاب / فليكن ، شريطة أن يكون للبحر فأنا أشتاقه كثيرا ...هل يوجد يخوت جماعية ... لنذهب في جولة !!!
    الفتاة / نعم .. فكرة رائعة ... يوجد يخوت كبيره ... تقضي الساعة في جولة حول أطراف المدينه ... او سنأخذ تذكرة اليخت الذي يصل بنا الى " بحر الشمال " لأن المدينه لا تقع على البحر تماماً ، لكنه متصل بنهر الإيلبه المتصل بدوره بالبحر ....
    الشاب / كم أشتاق صوت البحر ، جداً مشتاق ... اذاً اتفقنا نلتقي غداً عند السابعة مساءً مارايك ؟
    الفتاة / وهو كذلك ...
    الشاب / سأضطر لأنهي المحادثه الآن إنني في العمل ...
    الفتاة / حسناً .. ربما أتصل بك لاحقاً .. الى اللقاء ...


    في هذه الأثناء قدم صديقه : بدأت تخفي الكثير يا هذا .... مع من كنت تتحدث !! " ويضحك " ؟
    الشاب / ليس من شأنك ...
    الصديق / بالكاد أستطعت الحصول على كوب القهوة هذا ، إنهم يقفون طابوراً للحصول عليه ، ..
    الشاب / طبعاً .. اليس مجاني ؟!!!
    الصديق / لا تصدق هؤلا ، أنهم يعملون حساباً لكل شئ ، ستجدهم خصموا تكلفته من أتعابنا ، وأدّعوا أنه مجاني !!!
    هؤلاء الألمان يحسبون لكل شئ ...
    الشاب / " يضحك " كنت سأقول لك ذلك .. لقد أخذت الحديث من فم الأسد ....
    الصديق / ماهذا " الجــــــرس " !!!!!!
    الشاب / إنهض .. أنهض ... وقت الإستراحة إنتهى ونحن نتجادل !!
    الصديق / لكن كوب القهوه !!!
    الشاب / هيّا أسرع لم تدفع به سنتاً واحداً ....


    [ 7 ]

    إنقضى ذلك اليوم في العمل وعودة الشاب وصديقه إلى السكن وكانت الأحداث إعتياديه روتينيه ليس بجديد ، وفي اليوم التالي كانت عطلة نهاية الأسبوع ، وقد قضى الشاب وصديقه كلاً في حجرته نوماً عميقاً وفي المساء ,,,

    الصديق / ما هذا يا صاح ؟!! إلى أين أنت ذاهب بكل هذه الأناقة ؟!!
    الشاب / إسمع هل لديك نقود ؟!!!
    الصديق / سلفة مثلاً ؟!!
    الشاب / لا ، بل نقود من أجلك ، فإذا أردتَ المجئ معي في جولة لن تنساها ماحييت ، من نهر الإيلبه إلى بحر الشمال والعودة على متن يخت سياحي جماعي ، فجهّز نقودك وتهيأ ....
    الصديق .. يقبل بخفه الى الشاب ويقبله ويصرخ بكلمات بهلجته المحلية معبراً عن طربه .....
    الشاب / إسرع موعدنا في السابعة تماماً سأنتظرك في الحجرة حينما تكمل فوراً تأتي إليّ لا نريد التأخر ..

    بعد ذلك يفتش الشاب بين الأرقام المخزنه في الهاتف عن رقم الفتاة وبينما هو كذلك رنّ الهاتف فجأة ، ولأن الهاتف كان بين يديه ، فقد أجاب بسرعة ، قائلاً : قبل ثواني فقط كنت أبحث عن رقمك لأهاتفك !!!!
    الفتاة / هذا ما يسمى " القلوب عند بعضها " في الأدب النسائي !!! " تضحك " ...
    الشاب / " يضحك كثيراً " .. تسخرين مني اذاّ !! ، المهم أنا سآتي في الموعد ، دعيني أحدد المكان من الآن حتى لا نقضي الوقت في البحث عن بعضنا ، ما رأيك أن نلتقي مباشرة عند المحطة التي بجوار النهر تماماً ؟!
    الفتاة / وهو كذلك سأنتظرك تماماً عن المحطة قبل الخروج منها ، امممممم ... سأٌجل كل الحديث حين نلتقي أفضل ..
    الشاب / امممممممم .... ذلك أفضل " إن الحروف تموتُ حين تقال ُ " [ قالها بهدوء واسترسال ومباشرة أغلق الهاتف] .

    وبعد ذلك بدقائق أتى الصديق وقد إزدادت وسامته و ابتدره الشاب بقوله :
    لم نتفق على أن تفوقني يارفيق !!! ستغدو الفتيات يلاحقنَك بينما أرثي لحالي ....
    الصديق / يضحك .... هل لديك " عطراً " ...
    الشاب / لكنه رخيص جداً ، اذا اردتَ أن تستخدمه فهاك خذه ...
    ينظر الصديق في المرآه ويتحدث / أي اتجاه سنسلك ؟!
    الشاب / دعني أنظر الى خريطة القطارات ... نعم ... لحظه ... علينا أن نعدو بالأقدام إلى محطة الحافلة أولاً حتى يوصلنا الى اقرب محطة قطار ، ثم نتجه بقطار مباشرة بعد كذا توقف دون أن نغير القطار ...
    الصديق / كم الساعة لديك ؟!!
    الشاب / السادسة والربع .. نتحرك الآن ...


    .. لنسأل هذا العجوز ... اذا سمحت ... إنه لا يسمع ... عفواً ... هلّ دللتنا إلى محطة الحافلة ؟!!
    يتأفف العجوز قائلا .. لا أعرف .. لا أدري بشئ .... ويمضي دون أن يلتفت ...
    وبالجوار "أحدهم " إبتدر بالقول : ماذا تريد مرة أخرى ؟
    نريد أن نعرف محطة الحافلة القريبة من هنا في أي اتجاه ؟!!
    وبعد أن دلّهما شكراه بعبارة ساذجة كالعادة وترجلوا نحو محطة الحافلة ، وحينما وصلا إلى هناك انتقلا الى محطة القطار ، وصعدا فعلاً في القطار ..



    وحينها ابتدر الشاب قائلاً لرفيقه : ستكون الجوله ليلاً على اضواء المدينه الساحرة رائعاً اليس كذلك ؟!!!
    الصديق / بلا ..
    الشاب / لم أخبرك إلى الآن من سيأتي معنا .
    الصديق / لا تقل لي مدير المصنع !!!
    الشاب / هل تتغابى ؟!!! ، سيتأتي الفتاة التي حدثتك عنها ، فهي ستتولى القيادة في مديتنتها ، لكننا اتفقنا مسبقاً اننا سنقضي الثلاث ساعات على متن اليخت ولهذا لا تتفاجئ اذا وجدت تذكرة الدخول باهضة بعض الشئ ، سنتناول العشاء هناك ،لكن اجمل مافيه على حسب وصفها ، أنه مطعم مفتوح تأكل ماتشاء بنفس التذكرة ، دعنا نخفف من أعبائنا ، ولو يوماً في الشهر ، او الشهرين حتى ، المهم أنك تشعر بأنك تعيش فعلاً .
    الصديق / رائع جداً ، كنتُ أحسبك نكدياً وحسب .... الآن اثبت لي انك لست كذلك ...
    الشاب / إسمع .. نحن نكد ونتعب ، وتأتي علينا أوقاتاً صعبة للغاية ، واذا أتت نعمة فعلينا أن نحدّث بها ، لا بأس بالتنفيس على النفس ، ما مر عليّ انا شخصياً في هذه البلاد لن تمحيه الأيام ولا السنوات ، سيظل في ذاكرتي دروساً تعلمتها ، تعلمتُ أني حين أصرف على ذاتي في الوقت المناسب وفي المكان المناسب ، فأنا أكافئ نفسي عن أوقات صعيبة أجبرتُها على تحمّل مالا تطيقه .
    الصديق / منطق سليم ، لاحظ الألمان مايصنعنون ، في ايام الأسبوع يعملون ولا تجد أحداً يتأخر عن دوامه ، وتلاحظ البعض يركن سيارته ، ويتواصل بالقطارات ، ليصل في موعده ، وتراهم ، في عطلة نهاية الأسبوع ، كبارهم يتصرفون كصغارهم ، لأن الإنسان بحاجة الى ترفيه حتى يخفف عليه عبء الحياة ، مالم سيجد نفسه لا يستطيع تحمل العمل طيلة الأسبوع بكل رتابته .
    الشاب / انت تتحدث عن الألمان ، وانا أتحدث عننا نحن .
    الصديق / السنا مثلهم من بني الإنسان ؟!!!!
    الشاب / ليس هذا ماقصدته ، بل اقصد هل تقارن شعب غني فرداً فرداً ، بنحن الذين شهرياً نعمل ونكد ولا نوفي الاّ القليل من مطالب الحياة ، أقسم لك بأني سنه كاملة وانا لا أعرف الا العمل ، والمكوث في الحجرة ، ولا استطيع حتى أن اتحرك ـ ليس لأني لا أعرف البلاد ـ بل السبب الحقيقي بأنني كنتُ في عز الحاجة الى النقود حقاً السنه الثانيه قد أتى فيها خيراً كبيراً ، مع استمرار العمل . هنا وهناك بالطبع ...

    الصديق / دعنا من هذا الحديث واخبرني لما لم تأتي وحدك لتقابل الفتاة ؟!! أيعقل أن تكون لديك فرصه كهذه وتأخذني معك !!! غريب انت !!
    الشاب / ليس بيني وبينها شئ ، ثم أنها صديقه تماماً مثلما انت صديق ، لم أتعرف عليها الا قبل أيام ، صحيح انا معجب بها فقط ، ثم لا تنسى أنها عربية مهما حاولت التصنع ، أنا أريد أن اتعرف عليها جيداً ، وربما أفكر بالإرتباط بها " بالزواج " ، انظر انا كنتُ أقول بأنني لن أتزوج إلى بعد أن أستقر تماماً ، حتى بعد سنوات مثلاً ، لكن هذه البلاد ستدفعني الى الحرام ، إن استمريتُ أكابر ، فأنا في الأخير لستُ ملاكاً ، ويكفيني ذنوبي ، تعلم ان الشاب في سني لم يعد صغيراً بل أعتقد انه في سن خطير جداً ، وعلى مرآك ومسمعك ترى كل ما يحصل امامك ، ولابد أن تتأثر ، وبالتالي قررت أن اتزوج لكن حينما أجد إمرأة مناسبة ، إلى متى سأظل أكابر وأتعذب بما أشاهده ، لقد حُلل الزواج لصيانة النفس ، ادري ان الكلام هذا لا يدخل في قاموسك ، لكن دعني أكمل حديثي ، ما هو الضرر في تحصين النفس في حالة أنك توشك أن تقع في الحرام !!!!
    الصديق يسرح كثيراً وكأنه ليس هنا ... وبالرغم من ذلك سارع بالقول وقتما سكت الشاب : قل لي هل تؤمن بالحب حقاً ؟!!
    الشاب / إنظر .. الإنسان يحب مراراً وليس مرة واحدة ، لكننا نتأثر بقصص الحب المنقولة إلينا وكأنها خالدة لا تتغير كالأيام والسنوات والظروف !!!
    الصديق / ماذا تعني أنه يحب أكثر من مرة ؟!! ، هل جننت ؟!! ، إنني لا أؤمن اصلا بوجود الحب !
    الشاب / لا .. لا .. إنظر ألستَ تحب أخاك وتحب أيضاً أخاً آخر لك في نفس الوقت ... الخ !!!
    أعلم حب عن حب يختلف ، وحب الشاب للفتاة ممزوج بعدة عوامل ، الرغبة ، والقبول ، والمظهر ، والحالة الإجتماعية ، كنتُ في زمن ماضٍ أؤمن بوجود الحب فقط كما نراه بسذاجة على " المسلسلات " وهذا ليس صحيح ...
    هناك حب .. لكنه مربوط بعوامل عدة ... كما ذكرتُ لك سلفاً ...
    الصديق .. يلوح بوجهه ...


    الشاب / لستَ مقتنع ، لم يعجبك الكلام ، انظر ، سأعيد لك الكلام بصيغة أوضح ، ولن انتظر الإجابة منك أجب فقط في نفسك ، اذا آمنت بوجود أكثر من حب في قلبك ـ حبك لله ـ حبك للوطن ـ حبك للطبيعة ـ حبك لأسرتك ، اذا آمنت أن كل ذلك موجود في ذات النفس والوقت بإختلاف الكيفية والقدر ، فيجيب عليك أن تؤمن بأن الرجل يحب أكثر من مرة ، بإختلاف عقليته ونظرته للحياة وتجاربه من ناحية ، وبإختلاف النساء من ناحية أخرى ، فهو يعجب بالمرأة لذكائها و لجمالها ولقوة شخصيتها ، ولحنانها ، ولمالها ايضاً ، ويبدأ هذا الإعجاب بالبحث عن فرص للقاء ، واذا أتيح اللقاء المتكرر ، يتدرج الأعجاب الى مرحلة الإفتقاد ، ونتيجة الى هذا الإفتقاد تنتج الغيرة وحب التملك ، وينتهي إلى الشوق والذي لا يكون أبداً إلا لشئ تحبّه ....
    الصديق / ياالله .. يارفيق ... صدقني لو تخصصت فلسفة ستكون شئياً ما ...
    الشاب / يضحك ... اتمنى أني استطعت أن أحول فكرة الجنس لديك الى فكرة أخرى ، فلا تحسبني أني لا اشتاق للنساء ، أو أني أدعي اني انسان قوي ، لا تصدق ، نحن شباب وفي بلد مفتوح على مصراعيه ، وفي الأخير نتأثر ، وانا شخصياً أعاني جداً من موضوع التفكير بالجنس ، وليس هذا عيب ، انها حقيقه وطبيعة خُلقنا بها ، لكنني أعالج نفسي بهذه الفلسفة التي تولد داخلي نتيجة تضارب بين الشهوة و العقل ، ولا أدري هل ستحسبني مجنوناً حقا ًحينما أقول لك أن نتيجة تلك الفلسفة هي حوار صارخ في داخلي حتى أهدئ من روعي واندفاعي الى شئ أكرهه لأنني بطبيعتي أكره الشئ الخطأ ، نتيجة لعادات وتقاليد وتربية غرست منذ الصغر في داخلي .
    الصديق / نفترض جدلاً بأن كلامك صحيح ، بوجود أكثر من حب في قلب الرجل ، اليس هو ذاته حب الاتصال الجنسي بالنساء ؟!!!
    الشاب / لا .... انا قلت لك بأن الإعجاب وارد على ما تقع العين وغالباً ما يغزي الشاب الأعزب هواجس جنسية ، لن أنكر ذلك ، لكن حينما يكون هناك لقاء متكرر مع الشخص المعجب به ، بالطريقة التي حللتها لك سابقاً ، وأن يكون الطرفين اصلاً لديهم الإعجاب ذاته ، ربما يتحول الى حب ، لكن ليس كل من ترآها وتعجب بها فأنت تحبها هذا هراء !!!
    الصديق / ولو تزوجتَ ما يضمن لك أنك لا تتجه إلى إمرأة أخرى لتلتقي بها بعد أعجاب مثلاً ؟!!
    الشاب / اذا تزوجت بالطريقة ذاتها ، فمعنى ذلك أني انا من أخترت ويجب عليّ ان لا أكون ساذجاً ، بمعنى آخر اني أعجب بالفتاة واحاول التواصل معها حينما أجد نقاط كثيره من عقلها وفكرها وحياتها واخلاقها تعجبني فعلاً ، ليس فقط بالمظهر الخارجي ، واذا احسنت الزوجه معامله زوجها ومنحته الحنان والهدوء والمتعة الحلال ، وعلمت متى تسكت ومتى تدلل زوجها ، ومتى تصبر على الأيام ، حينها تصبح علاقة الحب ، علاقة مودة وهي أعلى رتبة من رواتب الحب ، وهذه المودة لا تأتي الى بالعشرة الحسنه ، ليست العشرة وكفى ، والعشرة الحسنه تعطي التراحم ايضاً ، وهذا استخلاصا من قوله تعالى " وجعلنا بينهم مودة ورحمة " صدق الله العظيم ...
    ففي المودة والرحمة تصبح الزوجة سكناً لك قلباً وقالباً ـ كما يقال ـ لا جسداً خوار ...
    الصديق / أين تعيش أنت ... لقد خرجت خارج نطاق التغطية !!! [ قالها باستهزاء متعمد ] ...
    الشاب يصمت قليلا ً ....ثم ينظر من خلال النافذة وكأنه يرى شئياً لا يدركه رفيقه ...

    ثم يقول : قد يكون الكلام مبهماً أو خارج نطاق الأرض !!!


    يتبع ,,,
    [ 8 ]
    كانت الفتاة هناك مستعدة للترف تماماً بلبسها المثير ، وحال وصول الشاب وصديقه ، ذهبا إليها ليرى بعض العبوس الذي اصرت الفتاة أن تخفيه بأسلوب بارع ، لكن الشاب عرف تماماً ذلك العبوس ، وقد كانت عيناها تصرخ " لماذا لم تأتِ وحدك ، وفي الوقت نفسه كان الشاب أيضاً يقول في نفسه لما أصريتُ أن أنفذ ما في رأسي ، ستدفع الثمن لما يدور في رأسك ، هكذا كان يحدث نفسه بعد المصافحة ، وتبادل التعارف والحديث ، حتى وصلوا جميعاً الى اليخت ، تقودهم الفتاة بما أنها تقطن في المدينه ذاتها ، وليست غريبة ، كالشاب وصديقه ، وكانت البداية برقص على أغاني أجنبية من بعض الحضور ، والبعض يصفق ويشاهد على الطاولة فقط كما كانوا الثلاثة في تلك الأثناء ، وعندما أصر أحدهم ليدفع الغرباء للرقص ، وجد نفسه الشاب يقول فوراً بلا مقدمات " ich möchte arabisch musick " ظن بذلك أنه يتهرب ، لكن تفاجئ بأن وضعت هذه الأغنية ، لتضطر الفتاة الرقص بما أنها العربية الوحيده وبما ان الشاب قد تورط بالكلام .....

    http://moroccan.salmiya.net/songs/taha/ram/rasheed1.ram

    كانت الفتاة ترقص بينما توقفن الحاضرات عن الرقص ، وجلس الجميع يراقب " الرقص العربي " ، كانت الفتاة تتمايل يمنة ويسرة ، لقد انفعلت كثيراً ، كثيراً ، كما لو أنها تخرج قهرها من أحدهم ، ظلت ترقص بكل جرأة ، وتزحف قليلا قليلا حتى وصلت الى المنتصف ، بينما كان الشاب مذهولاً لما حدث فجأة وبلا مقدمات ، وكان الصديق ينظر الى الفتاة حتى ظن الشاب أنه يريد أن يرقص معها لكنه لم يجرؤ ، لقد أحس الشاب بأن كلمات هذه الأغنية ، موجه له هو بالتحديد ، ظلت ترقص ثم توقفت مع توقف الاغنية وصفق الجميع ، الجميع بلا استثناء .

    وبعد ذلك كانت ملامح الفتاة كالتي تشطت غيظاً لكنها تحاول أن تكون عادية ، بينما تغابى الشاب تماماً وكأنه لم يصنع شئياً ، بعد متابعة بعض الرقصات وتبادل الحديث ، استأذن الشاب للصعود الى الأعلى حيث احتج بأنه يريد أن يرى المدينه من الأعلى لبعض الوقت وليدخن وسيعود ، فهي جزء من أحلامه السخيفه كما يقول ، ثم تركهم بين الحضور ، وصعد فعلاً الى الأعلى رغم ان الصديق بادره بالقول بأن الجو بارد بالأعلى وانه بأمكانه الإكتفاء بالمشاهده من نوافذ اليخت التي كانت دائرية يستيطع المرء النظر بوضوح من خلالها .


    بعد ذلك .. اخذ الشاب يستمتع بما أراد يوماً ولم يستطع ، شئ بسيط عادي قد يبدو في نظر الكثيرين ، لكن النظر من على اليخت في الليل لمدينه هامبورج الساحره ، كان يعني له الكثير ، ليس لأنها فقط هامبورج ، بل أكثر من ذلك ، واشعل "ورقة التبغ " وبدأ بالحديث تحت الرياح البارده ، والصقيع ، رغم انه وحيداً على سطح اليخت المكشوف :
    لم اعد مفلساً يا نهر المــــــــــــاين ، ويضحك بهدوء ، ويردد ، لم أعد مفلساً يا نهر المــــــاين .... أخبره ذلك ...


    وظل يستمتع أكثر من عشرين دقيقة بأجواء المكان ....وعاد الى الأسفل ، ثم راح يقول بعض الكلام عن الأعلى ، أنه رغم البرد لكن أشبع رغبته تماماً ، بعد أكثر من ساعتين ، وصلت رائحة الأكل الى انوف الجميع ، وقيل أن وجبة العشاء جاهزة ، وكانت الوجبات متنوعة ، بين الأكل الساخن ، والبارد ، لن أقول انها كانت مائده خيالية ، بل كانت جيدة جداً ، وبادرنا بتناول العشاء كل شخص على حسب رغبته .... وقضينا تلك الاثناء بالضحك ، وتذكر بعض المواقف وتبادل النكات ....

    انتهت الرحلة التي كانت جميله بالنسبة لأشخاص قضو اياماً تعيسه مثل الشاب وصديقه ولم يشاهدوا شئياً كهذا من قبل بينما كانت الفتاة معتادة بعض الشئ ، وغادروا بعد تبادل عبارات الثناء الزائفه والمغلفة بالكثير من الغموض الذي لمحه في عين الفتاة التي بدت مرتبكه ....


    يتبع ,,,

    [ 9 ] ... والأخيرة ...
    بعد مرور اسبوع ... في الليلة التي سيغادر فيها الصديق حيث أتم فترة العمل الأسبوعية المؤقته له ....
    كان الصديق مصراً على الشرب وكما يقول دائما لرفيقه بأن شرابه ليست فيه الكثير من الكحول المسكر ، لكنه رغم ذلك يوصل الى حد من السكر الغير مخيف ، فسمح له الشاب الشرب في حجرته على أن يكون وداعه ، والكأس بعد الكأس دون أن يتكلم ، وما إن وصل إلى الكأس الأخير بدأ بالهذيان



    ........
    يا رامي ... أنا لستُ سيئاً للغاية ، انا ايضاً مثلك أحبُ الله ، أحبُ الوطن ، أحب اسرتي ، أريد أن انجح فقط من أجلهم ، تعلم ، ليس من أجلي ، اقسم لك اني اريد أن أنجح فقط لأجلهم ، لا تحسب نفسك أنك شريف وعفيف أكثر مني ، انا أيضاً انتمي الى أسرة محترمه ، يوجد بي بعض العيوب ، أعلم ، لكني أنظف بكثير من الكثير ، [ يضحك ثم يحاول أن يصب مافي القاروره لكنه وجدها فارغة تماماً وبدأ ينظر من عنق الزجاجه ، فرماها الى القمامة قائلاً ] ، " رامي طز " ، لا ، لا ليس " طز " بكَ انتَ ، انت صديقي الذي أهدتني إياه فرانكفورت ، حقاً لم تجمعنا الاّ الظروف السيئه ، لكن " طز " بها هي ، ارجوك لا توقفني دعني أخرج مافي قلبي ...
    رامي انتَ إنسان طيب تحاول أن تكون غير ذلك لكنك لا تفلح ، تحاول أن تعامل الناس بقسوة لكنك تنسى أن القسوة النظيفه تماماً كالطيبة ، لابد أن تعامل الناس بقسوة وبخبث ، لا يمكن أن تستطيع أن تجمع بين القسوة والأخلاق العالية ، " لا لا لا ... " لا تجتمع الخصال وأضدادها ، " يضحك كمستهزئ " ، أرأيت انا ايضاً اصلح أن أكون صاحب فلسفة علمتني هي قارعة الطريق ، هي من سمح لي ، ليس أنا صدقني ، أنا لا يمكن أن أتعدى على خصوصياتك حتى لو كنتُ قذراً في نظرك ، لكنك قلت لي أنك ليس بعد ، وصدقني ، هي من سمح لي ، هي من أراد المتعة ، رغم علمها أني لن أعطيها الا متعة ليلة واحده ، هي وانا أردنا ذلك ، تريد أن تبحث عن رجل مغفل مثلك يا رامي لتتزوجه ، لاتحنق من كلامي ، ولا تنظر إليّ هكذا ، هي تريد أن تبحث عن رجل مغفل مثلك للتتزوجه ليصنع لها قيمه هي تفتقدها اصلاً ، وفي نفس الوقت تريد أن تتمتع بلحظات محرمه ، هي تشبهك فقط في هذه ، ويضحك ، انت جمعتَ القسوة والأخلاق العالية ، وهي جمعت المتعة المحرمة مع الحياة النظيفه ، لن تحصل على مبتغاها وهي تعرف ذلك ، لأنها تطلب الأولى أكثر ، فالغراب لا يستطيع أن يعدو كالطاووس ، واذا صنع ذلك ، يفقد ايضاً خصوصيته ولا يستطيع أن يعود غراباً ، يضحك ، الم يسمعوك في بلدك وانت صغير ، مثل هذا ..
    لا يهم ... ربما تكرهني .. وربما تقطع علاقتك بي ، وربما لا تفعل .. لا يهمني ... لكني حقاً ... آسف ..
    فقط لن اذل نفسي اكثر من احساسي الذي يقتلني ... لن اجعلك تذلني ابداً بنظراتك هذه .... فقط آسف و " طز "



    ....
    الشاب / اليوم ، واليوم فقط عرفت الحكمة من معرفتي بأمثالك !!!
    لقد تعمدتُ أن أحضرك معي ليس لأنني غبي كما تظن !!!
    فأنا أعرفك تماماً ، لكنني كنتُ مستعداً ، أن اتنازل عن اشياء كثيره مقابل أن أحصن نفسي ، والغيت كل الفوارق المتباينه ، ولم أدقق بأشياء أنا شخصياً كنتُ أرفضها منذ عامين ، وحدثتُ نفسي ، بأن لا أحد خلق أعوج ، ولابد بأن هناك سبب ، و أننا لسنا ملائكه ، ونظرتُ إلى نفسي فوجدتُها ملئت ذنوباً عظيمه ، فأغدقت بالتساهل ، مقابل أن أتزوج وأن نصلح بعضنا البعض لما رأيته أخطاءً ربما تزول ، فبالحب سنصنع كل شئ وبالتفاهم سنصل الى رؤية وسطية لتفاصيل هي ربما في بلدي ليست قابله للنقاش ، ولمّا أحضرتك معي ، كان غرضي أن ارى كيف ستتصرف ، كنتُ منتظراً أن تقول لي بأنك في خلال غيابي حاولتَ معها بكلام او باشارة او بصريح العبارة ، لأنني متأكد بأنك لم تسألني عن علاقتي بها الا لترضي ضميرك الذي انا متأكد انه فيك ، فعندما سألتني عن علاقتي بها كنت اصلا تؤكد لي رؤيتي البعيده التي كانت غائبة عنك ، فقط كنتُ منتظراً انها تخبرني في اليوم التالي ، لكنها لم تفعل ، وظل الأمر هذا طيلة الاسبوع هذا سبباً في تعكير مزاجي ، لأن النتيجة على حسب الاختبار الذي وضعته انا ، كانت سلبية ، سلبية للغاية ، فلأنها لم تخبرني ، ايقنتُ بأنها على أقل الأحوال إنسانه غير صريحه ، وهذا يجعلني أن اباعد بيني وبينها لسنوات ، لكن آخر شئ كنتُ أتوقعه فعلاً أن تحكي لي انت شخصياً ذلك ، بل وتخبرني بما أعتبره أقسى شئ حصلت عليه في هذه البلاد .....

    ثم غادر الصديق يترنح الى حجرته ولم يره الشاب بعد ذلك .....




    ليست المشكله في أن الصديق فعل مافعل ، ولا لأنها اختارت الوسيم فيهم ، ولا لأنها عاشت كما تريد ، لكن المشكله الكبرى ، كانت طيله ذلك الأسبوع ، تكذب كثيراً على الشاب ، بكل وقاحة ، ، قالت له أنا من سيتقدم الخطوة التي لم تجرؤ على فعلها ، سنتزوج متى ماتريد ، وبالطريقة التي تريدها ، وسأكون لك وحدك !!! ، وحاولت بكل ماتحمله الأنثى من قدرة على سلب إهتمام الشاب ، في كلامها و حضورها المتكرر الى مقر العمل ، وقد كان الشاب فعلاً يوشك أن يقع لولا الكأس الأخير !!!!!


    لقد تصرفت كأنها لم تصنع شئياً ؟!!!!!

    فعلاً " خوتزباه " كما في العبرية مايفوق الوقاحة !!!

    انتهى







    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
    * الكأس الأخير [ لم يكن هذا العنوان مقتبساً من أحد لكنني عرفتُ فيما بعد بأن الكاتبة الإنجليزية الشهيرة الروائية / أجاثا كريستي ، لديها رواية بهذا الأسم ، ورغم أنني قرأتُ لها الكثير من الروايات التي تعجبني فيها التعمق في اكتشاف الشخصيات و التحليل فضلاً عن النهايات الغير متوقعة للقارئ ، إلاّ ان هذه الرواية لم تمر علي ابداً ، و لا حتى على سبيل المعرفة بعنوانها ، لكن صادف أنني أخترتُ لها هذا العنوان ، وعندما قمت بالبحث عن العنوان في معرف " جوجل " الشهير ، علمتُ بأن هناك الكثير ، استخدموا هذا العنوان ، لكنني أعتقد بأن استخدامي لهذا العنوان فيه خصوصية تامة .... أو هكذا أظن .....

    * خوتزباه " كلمة عبرية " ـ إسرائيلية ـ تعني ما يفوق الوقاحة كما يصنعون هم الآن بأبناء فلسطين ويتحدثون بما يفوق الوقاحه ، من أحد أهم الأسباب التي جعلتني استخدمها هي أنه لفظ يشفي الغليل ويوصل الحقيقة الكاملة دون نقصان ، إذ انه لا يوجد مرادف عربي ، يعني تماماً " ما يفوق الوقاحه " بكلمه واحده !! رغم جزالة اللغة العربية وبلاغتها وفصاحتها ، وقيل بأن " البجاحه " هي لفظ عامي وليس من الفصحى على حسب مؤلف كتاب " مايفوق الوقاحه " الذي لا يحضرني اسمه الآن وقد كنتُ قرأتُ هذا الكتاب فيما مضى ، وقد أخبر المؤلف نبذه عن التسميه في مقدمه كتابه ,
    والجدير بالذكر بأن هذا الكتاب الذي هو عباره عن مجلد كتاب سياسي بحت يرد على كتاب " إسرائيلي آخر " والمؤلف احد الأدباء الكبار والكتاب كتب باللغتين " الانجليزية " والعربية " وربما ترجم للغات أخرى لأهميته والحقائق التي بحث عن إثباتها الكاتب ....
    وفي الأخير .. ليس بالضروره أن تكون " الكأس الأخير " هذه التي كتبتها حدثت لي شخصياً ، والمهم أن هنا إنسان ـ شاب ـ يعيش بعيداً عن عالم يعرفه تماماً .....


    سامي عبدالباري ....
    التعديل الأخير تم بواسطة سامي عبدالباري ; 05-06-2010 الساعة 02:19 PM

  2. #2
    الصورة الرمزية ابن حنبل
    تاريخ التسجيل : May 2010
    رقم العضوية : 70281



    [justify]الأخ سامي ..

    أسعد كلما ارى اسمك يختال فوق عمل من أعمالك المميزة ..

    فقط اسمح لي أن اسجل حضوري السريع .. ونظراً لطول النص قليلاً فقد سمحت لنفسي أن أحتفظ بنسخة من النص ربما قرأته على مهلٍ في المساء كعادتي .. ثم أحاول أن أدخل قليلاً إلى الحضور الروحي للنص بمتعتي المعهودة حين أطالع نصوصك الواعية ..

    دمت بخير ..
    دمت مبدعاً ..

    ــ تحـــــــيتي ــ[/justify]
    الموت .. نهايتنا نحن الشعراء
    إن نصمت تقتلنا الغصة والأحزان
    إن نتكلم يدهمنا سيف السلطــــان

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. المدير السيئ ... يحطم قدرات الموظفين !
    بواسطة ابوفهد في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 12-06-2010, 12:41 PM
  2. [للنقاش] اذا عرض عليك الكأس ..هل تفضل ان تكون مجنونا مع الناس !او تكون عاقلا وحدك !
    بواسطة همس الورد في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 03-04-2009, 12:01 PM
  3. الفرق بين المدير الغربي والمدير العربي
    بواسطة mouffaq في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 25-03-2008, 06:04 AM
  4. فن الحوار
    بواسطة جمانه في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23-05-2004, 08:03 AM
  5. نقل حي ومباشر لما يدور في درة المشرفيين
    بواسطة الأخيــــــــر في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 22-09-2002, 04:18 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط