الجمعية الأمريكية لأمراض القلب تحذر من استخدام عشبة (الزعرور البري) في علاج مرضى القلب






الطب البديل مكمل للطب الحديث والمحك هو على مايثبت علمياً بالدليل القاطع


د.خـالد عبد الله النمر
( أم عبدالعزيز ) امرأة في الخمسين من عمرها لديها جلطة سابقة في القلب وضغط وكلسترول وهي منتظمة في أخذ ادويتها ومتابعتها في عيادة القلب وحالتها الطبية عموما مستقرة .... وخلال الشهر الماضي وفي احدى الليالي وخلال تناول العشاء مع عائلتها .... فجأة اتاها خفقان شديد في القلب وضيق في النفس وأغمي عليها ....وعندما وصلت الى المستشفى أدخلت مباشرة الى العناية القلبية وكان لديها تسارع شديد في نبضات القلب وانخفاض في الضغط وتجمع للسوائل في الرئتين "فشل القلب الحاد" ... وبعد اعطاء العلاج اللازم ظلت على جهاز التنفس الصناعي لمدة ثلاثة ايام ....ولاحظنا ان لديها ارتفاعا حادا في انزيمات الكبد وانخفاض شديدا في املاح البوتاسيوم وعند سؤال عائلتها هل استخدمت دواء جديدا او اعشابا ؟ فكان الجواب بالنفي القاطع ......وعند تحسن المريضة وخروجها من العناية المركزة اعدنا عليها نفس السؤال ، فقالت (زارتني احدى جاراتي واشتكيت لها كثرة ادوية القلب فنصحتني باستخدام " بذر الكتان والبردقوش" حيث سيغنيني هذا المخلوط عن جميع ادوية القلب التي استخدمها فاستخدمته لمدة يومين فقط واحسست بدوخة وغثيان ثم اتاني خفقان شديد واغمي علي) .....

- حالة ام عبدالعزيز شفاها الله هي حالة واحدة فقط من عدة حالات رأيناها لتأثير بعض الاعشاب على امراض القلب وعلاجاته ولذلك لابد من توضيح مفاهيم هامة عن علاقة امراض القلب بالاعشاب .




قد يسبب ذلك العشب تفاعلاً ضاراً


الطب البديل
عندما يقال (الطب البديل) فلا يقصد به طب الاعشاب فقط وانما يشمل: اليوغا، الابر الصينية، المساج ، الاسترخاء، العلاج بالحمية او بالفيتامينات ،العلاج بالغذاء على حسب نوعية الاجسام "الايروفيدي"،العلاج عن طريق العمود الفقري والاعصاب وعلاقتها بالجسم "الكايروبراكتر"،التخلص من السموم بطرق معينة،العلاج بالروائح والزهور،...الخ.

ولقد كان للطب البديل دور مهم في تطور الطب الحديث فأغلب الادوية الحديثة في مجال الطب تعتبر الابن الشرعي لطب الاعشاب القديم حيث كان مصدرها تجارب الانسان القديمة بين الخطأ والصواب حيث لم يكن لديه التقنية التي تمكنه من معرفة المركبات الكيميائية للعشبة واضرارها ومنافعها على المدى القصير والبعيد ولم توجد كذلك الخيارات البديلة لتلك الاعشاب ....... والطب البديل مكمل للطب الحديث ويهدفان الى خدمة المريض وعلاجه والمحك الحقيقي مايثبت علميا بالدليل القاطع ان فائدته اكبر من ضرره من مصادر معتمدة وموثوقة عالميا ووثقت فعاليتها على الاف الاشخاص..... وذلك لأن امراض القلب هي من أخطر امراض الجسم وتتعلق بالحياة والموت - بإذن الله – اضف على ذلك انه تم مراقبة حدوث الاثار الجانبية للدواء النادرة وغير النادرة على مدار عشرات السنين ومدى حدوث اي تفاعل مع الأدوية الاخرى التي يأخذها المريض لأمراض اخرى ......... وبلاشك ان هناك تسويقا –في جميع وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية -على درجة عالية للأعشاب في جميع دول العالم بدون استثناء ومما ساهم في ذلك عدم فاعلية المراقبة الطبية للمرضى بعد اخذ هذه الادوية post marketing surveillance فالمريض يأخذ العشبة من اي محل اعشاب في السوق على مسؤوليته ولايتم مراقبة مضاعفات تلك العشبة لدى جميع المرضى ولا تبلغ الى مركز مسؤول ومتخصص يجمع تلك المضاعفات عن تلك العشبة حيث يوضح للعامة المضاعفات والمحاذير او يبين صلاحيتها.

مفهوم خاطئ
هناك كثير من الناس الذين يعتنقدون ان الأعشاب كلها غير ضارة لأنها طبيعية والحقيقة ان ذلك مفهوم خاطئ لان بعض الادوية والاعشاب سموم..... فهي تؤخذ على قدر الحاجة التي تقدر بقدرها .

"الزعرور البري" واستخدامه في مرضى القلب
فمثلا (الزعرور البري ( hawthorn يصفه كثير من مختصي الاعشاب في علاج امراض شرايين القلب وضعف عضلة القلب وجلطات الدماغ ، وقد وجد انه يشابه كثيرا خصائص الدواء الطبي digoxin الذي يستخدم في علاج بعض حالات ضعف عضلة القلب ولكن حذرت الجمعية الامريكية لامراض القلب حديثا
J Am Coll Cardiol 2010;55:515)) من استخدامه في مرضى القلب الذين يستخدمون ادوية القلب الاخرى وذلك لأنه ليس لدينا دراسات علمية موثقة ومنشورة عالميا في المجلات العلمية المحكمة على مجموعة معينة من المرضى تم متابعتهم بدقة وثبتت فاعلية الدواء فيهم وعدم تفاعله مع ادوية القلب الاخرى وعدم وجود تأثير ضار على اعضاء الجسم الاخرى، اضف على ذلك انه وجد ان هذه العشبة تزيد من سيولة الدم في المرضى الذين يأخذون الاسبرين او البلافكس او الورفرين وهم الغالبية العظمى من مرضى القلب وذلك لأن هذه العشبة تقلل من تصنيع thromboxane A2 وبالتالي تزيد من سيولة الدم ، وكذلك انه يزيد من احتمالية تسمم الجسم بدواء DIGOXIN وذلك عند تفاعله مع هذه العشبة تزداد معدلاته في الدم بصورة عالية مما يسبب هبوط الدورة الدموية وتباطؤ نبضات القلب.

تناول الأدوية الحديثة مع الأعشاب
وبعض الأطباء يحاول الجمع بين الطرفين فينصح المريض بعدم ترك الدواء واذا اراد المريض استخدام الاعشاب فيمكن الجمع بين الاثنين ، وهذا الرأي ليس صحيحا على اطلاقه حيث قد يسبب ذلك العشب تفاعلا ضارا مع الأدوية التي يأخذها المريض drug – drug interactions .

الاعشاب التي يمنع تناولها في مرضى القلب
وهناك مجموعة من الاعشاب حذرت الجمعية الامريكية مرضى القلب في العالم من تناولها لمضاعفاتها الجانبية مثل : الصبر ( Aloe vera ) حيث يؤدي الى انخفاض املاح البوتاسيوم والخفقان ، وبعض منشطات الاعشاب الجنسية yohimbine من الممكن ان يسبب ارتفاعا شديدا في الضغط ونبضات القلب ويتفاعل مع ادوية القلب الاخرى وهناك مجموعة من الاعشاب يمنع تناولها في مرضى القلب المستخدمين لمسيل الدم (الورفرين) مثل الثوم والزنجبيل وزهرة الجنكة . والجدول المنشور يضرب بعض الامثلة التي تهم مرضى القلب .

وأخيرا فإننا ننصح مرضى القلب بعدم تناول اي نوع من الاعشاب الا بعد أخذ رأي الطبيب المختص ومناقشة المنافع والمضاعفات الجانبية المحتملة من اخذ تلك العشبة وماهي احتمالية تفاعل المواد الكيميائية في تلك العشبة مع الادوية الاخرى التي يأخذها المريض واذا لم يكن الطبيب والمريض ملما بالاجابة في كل ماسبق ذكره فننصحه بالقاعدة الذهبية التي تقول (دع مايريبك إلى مالا يريبك) وبالذات في علاج امراض القلب وذلك لأن اسوأ الاحتمالات قد يؤدي بالمريض الى وفاته ، وكذلك ندعو الى زيادة الوعي الطبي لدي خريجي كليات الطب عن المفاهيم العامة والمحاذير الخاصة بهذا الطب في مرضى الطب الحديث لأن طب الاعشاب واقع لامناص من التعامل معه سواء للطبيب أو المريض في جميع دول العالم .ولزملائي الاطباء فمن الافضل روتينيا ان نسأل عن ادوية المريض المعتادة بالاضافة الى الاعشاب التي يتناولها ومناقشة تفاصيل ذلك مع المريض ما امكن.


جدول يوضح بعض المعلومات عن تأثير بعض الأعشاب على مرضى القلب




المصدر جريدة الرياض