تعتبر دعوة منظمة اليونسكو لكافة المؤسسات الإعلامية أن تبادر إلى تنصيب النساء رئيسات للتحرير طيلة اليوم الثامن من مارس، والتي من المرجح أن تتكرر في نفس اليوم من كل عام كرمز للاحتفال باليوم العالمي للمرأة.
نظريا دلالات هذا النداء تبدو جلية إذا ما استحضرنا أهمية الإعلام في تحريك ملفات المظلومين والمستضعفين وإقرار حقوقهم، ودوره في ترسيخ القناعات واستنهاض الهمم الإنسانية، غير أن تلك المعاني الراقية سرعان ما تتلاشى أمام أضواء الإعلام الكاشفة وصوره الناطقة، وللمرأة بالضبط مع الإعلام قصة... وكان الأولى لها أن تخلد يومها العالمي بالانقلاب عليه وإعادة صياغة اتجاهاته المتحكمة في تعامله معها، والثورة ضد نظرته لدور المرأة داخل كواليسه ودهاليزه الطافحة بكل أشكال التمييز الجنسي. فإما ذاك وإما أن تقدم استقالتها منه وتحاكمه من أجل رد الاعتبار لتتبث أن حواء قادرة على خوض معركة الكرامة حتى النصر.

استخدام المرأة للإثارة
بدأت القصة عندما اهتدت الرأسمالية الجشعة المسكونة بهاجس الربح إلى سياسة الضغط بقوة على أزرار الإثارة الجنسية من أجل التسويق،
فكان الجسد النسائي العاري هو ذلك الزر السحري، وانبعثت من جديد عقيدة الجسد الفرويدية من حضارة الطين والإباحية والوثنية الرابضة في معابد أثينا، حيث الآلهة المتصارعة الغارقة في الحب الشهواني.
ودخل الإعلام في حلف مع الشيطان، ومن شروطه أن الرجل هو البطل السيد والمرأة هي الجارية، والمطلوب أن تكون في خدمة كل الرجال والشياطين والبضائع لتنشيط الاقتصاد واستدرار العملة الصعبة وأهداف أخرى..!

العنف ضد المرأة
وهكذا دخل جسد المرأة السوق بامتياز لتتم سمسرته في المزاد العلني، ويتحدثون زيغا وتضليلا عن "مناهضة العنف ضد المرأة" فأي عنف أقسى من عنف السوق لو كانوا صادقين؟ إنه العنف المسكوت عنه في مؤتمرات الأمم المتحدة وذيولها المتباكية على حقوق النساء العفيفات الرافضات للاستسلام للعقيدة الفرويدية من أجل استدراجهن نحو خيوط العنكبوت الواهية.

وقنواتنا الفضائية بدورها أصابها مس من ثقافة العري الزاحفة من الضفة الأخرى، وعلى نسائنا المشتغلات في الإعلام أن يتساءلن: لماذا يقف الإعلامي الرجل بلباسه السابغ الساتر بينما تقف نظيرته المرأة إلى جانبه كغانية، وعليهن أن يتساءلن أيضا عن فرص التألق الإعلامي بالنسبة لها، هل تتحقق بالكفاءة المهنية وحدها أم تضاف إليها مقاييس أخرى، تجعل كل من لا يستجيب لها عرضة للتهميش والإقصاء؟ أو في أحسن الأحوال تتحول إلى صوت خلف الكاميرا.
المرأة المسلمة تملك رصيدا من القيم المضادة للإباحية، و"تحسين صورة المرأة في الإعلام" هدف جدير بأن تناضل من أجله للتأكيد على أن الدور الحضاري لبنات حواء أعمق من دورهن الاستعراضي المثير للغرائز التي تصر حضارة العم سام على تصديره إلينا باسم الحداثة ومسميات أخرى.copyright creadited to bab.com