هذا ما يحدث عندما لا تكتب. الصداع النصفي,
واعتوار ينتاب مشيك..الرغبة بالصراخ ,
الرغبة بالصمت , الرغبةبالحياة,
الرغبة بالموت..والأهم ,وعلى رأس القائمة,
شهوة الغياب في بطن لحظة النص وعدم العودة من هناك أبدآ !
وعندما لاتكتب لوقت طويل ....
هذه جملة مغلوطة! فقد يمضي بك وقت طويل
حتى تعاودك الرغبة بالكتابة , أو تعاود الكتابة الرغبة فيك,
وفي كلا الحالين,الجملة مغلوطة ومضللة فعلآ ,
لنقل : عندما لاتكتب حين ينبغي أن تكتب,فهذا ما
يحدث : الاعتوار,الصدأ,العرج..بصراحة لا أعرف
أي هذه الأعراض حقيقي وأيها مختلق,أو أيها حدث
مصادفة , ولكنها كلها ,تتكدس في ,عندما لا أكتب ..
حيث ينبغي أن أكتب ! تبعث بي نحو أقصى نقطة في
الكتابة , ونحو آخر مكان للتماس معها , آملة بطبيعة الحال .
أن أعود من هناك أكثر أتزانا ووضوحا و..
حضورا في الواقع , أعول على الكتابة لكي تصحح أخطائي,
رغم أني لا أكتب لكي أصحح أخطائي ,
ومايحدث لي بالتبعية , بعدها , هو أمر آخر تماما!
تفسيري الشخصي حول مايعتري الكاتب , عندما
لا يكتب حيث ينبغي أن يكتب , هو أن لحظة النص
تصبح ملازمة له, ويبدو ..فيما يبدو للعالم..كمن
((رأسه في طريق وقدمه في طريق)).على حد تعبير
الشاعر ...أو إن شئنا الدقة ,
كمن شقه في الأرض وشقه الأخر في الفضاء ,
ورأسه المعلق بين الاثنين , مثل فانوس معطوب ,
هو عقوبته, عقوبة التردد , والتمدد , عقوبة التأرجح, عقوبة اللامكان,
واللا زمن , واللا فعل , عقوبة اللا جرم ...
تصبح إثر ذلك . أنفاسنا أضيق , وأخلاقنا أضيق ,
وربما ... أحذيتنا أضيق , نمارس اختناقاتنا الموجعة
في كل يوم على أمل أن تمضي لحظة النص ونفيق
من تلك الحالة , دونما حاجة إلى اجتراح النص,
ولكنها لاتذهب ,ولا تأتي كاملة , تبدو وكأنها تعض رأسك وتسحبك
إلى مكان لن تدركه ابدا ,مبارك لنا جميعا.. تمزقاتنا النبيلة !
وفوق ذلك , كيف يحق لنا أن نزعم بأن الكتابة هي فعل إبداع ,
طالما أنها تأتي مصحوبة بموكب من الشجن والوجع والتشنج والقسر ,
وطالما أننا لا نملك خيارا آخر على مايبدو ؟ .. فإما أن نكتب ,ونتخفف
منا لبعض الوقت , وإما أن نتجاهل ما نعرف أنه حتمي , أنه آت إلينا .. النص في جبروته , ونعاني الاعتوار والعرج والصدأ والموت و .. ماأحاول قوله :
هو أننا نخدم أنفسنا حقيقة عندما نكتب , بقدر ما يبدو الأمر بالمقلوب في هذا العالم ,
عندما يقابل النص , أي نص , بصفته ذلك الجميل الذي أداه كاتبه للوجود لكي .. يجمله !
بكل التفاني والحب !
أي دجل ؟!
أيها الشاعر ! يا أخي ! ماذا لو فضحت حقيقتك قليلا , وتواضعت قليلا , واعترفت , لهذا العالم ,
بأنك لاتكتب لكي تنقذ الوجود من العدم , أو لكي تصحح أخطاءه ,أو لتعالج تردي عافيته ,
وقلة عقله , ورداءة قراراته , بقدر ماتكتب لكي تكتب , تكتب لأنك لاتملك خيارا آخر !
تكتب لأنك تكتب ,وأنت أعجز الناس عن تبرير ذلك بشكل مقنع ..ف..مرحى لك!
تخبطك فيك , حيرتك فيك , ضياعك فيك , مرحى
لكل هذا الصدق ؛لأنك عندما تكتب ,فأنت تكتب لذاتك بالدرجة الأولى , وتحب ذاتك بالدرجة الأولى ,
ورغم كل ما في الكتابة من بهاء يغمر الملتقى ويضئ عقله ,فهي في أطوارها البدائية ,
فعل أناني جدا ,تفرزه رغبتك الخاصة .. بإعادتك إليك , ذاتك التي (( ابتلعها )) النص
الذي لم تكتب حتى الآن .. أيها الشاعر !
منقوووووووووووووول