تتميز ألوان أجنحة الفراشات عن ألوان أجسام بقية أنواع الكائنات الحية نباتاتها وحيواناتها بعدة ميزات أولها العدد الهائل للألوان المختلفة التي تظهر على أجنحة مختلف أنواع الفراشات بحيث يعجز البشر على إطلاق أسماء على هذه الألوان.
أما ثانيها فهي وجود عدد كبير من الألوان المختلفة على جناح الفراشة الواحدة وهي مرسومة على شكل لوحات فنية عجيبة يعجز أعظم رسامي البشر من تقليدها خاصة أنها مرسومة على لوحات بالغة الصغر إذا ما قورنت بلوحات الرسامين.
أما ثالثها فهي أن ألوان أجنحة معظم أنواع الفراشات تتغير مع تغير زاوية نظر مشاهدها وأن لها بريق لا يوجد في ألوان الأشياء الأخرى.
أما الميزة الأخيرة وهي المسئولة عن الميزات السابقة فهي أن الطريقة التي تتولد من خلالها ألوان الفراشات تختلف تماما عن تلك المستخدمة في بقية أنواع الكائنات الحية وكذلك الجمادات. ففي هذه الطريقة يتم استخدام تقنيات بالغة التعقيد تعتمد على ظواهر فيزيائية متعددة للحصول على هذا التنوع الهائل في ألوان أجنحة الفراشات.
إن هذه التقنيات تحتاج إلى تصاميم بالغة الدقة لبنى هندسية تقاس أبعادها بوحدات النانومتر (النانومتر جزء من بليون جزء من المتر) أو ما يسميه العلماء اليوم بتقنية النانو (Nanotechnology).
صورة مكبرة لجناح الفراشة تظهر الحراشف الصغيرة على اليسار
يتكون جناح الفراشة من مادة جلاتينية شفافة تستخدم كقاعدة لوضع البنى الهندسية وهي عبارة عن حراشف شفافة يبلغ طول الواحدة منها 200 ميكرومتر وعرضها 70 ميكرومتر.
ويتم تحديد اللون أو الألوان التي تعكسها هذه الحراشف من خلال التحكم بسمكها وأبعاد الحزوز الموجودة عليها. وقد قام العلماء باستخدام الميكروسكوبات الإلكترونية من دراسة تركيب أجنحة الفراشات وأظهرت لهم الصور هذه البنى الهندسية الدقيقة الموجودة على حراشفها وقاموا بقياس أبعاد هذه البنى وقد بينت حساباتهم أن لون الضوء المنعكس عنها يتطابق تماما مع لون الضوء الفعلي.
إن تحديد أبعاد البنى الموجودة على أجنحة الفراشات يحتاج لصانع لا حدود لعلمه وقدرته فمعظم أنواع الفراشات تحتوي أجنحتها على عدد كبير من الألوان ولذا يلزم تغيير الأبعاد عند كل مكان يتغير فيه اللون.
إن الأشكال الموجودة على أجنحة الفراشات ليست مرسومة بطريقة عشوائية بل لتؤدي أغراض محددة كالتخفي عن الأعداء أو تخويفهم من خلال أشكال العيون الموجودة عليها أو لأغراض جلب شركائها للتزاوج.
وعليه فإن تصميم أبعاد البنى الهندسية الموجودة على الأجنحة عملية في غاية الصعوبة أعتقد جازما أن البشر سيقفون عاجزين عن تقليدها مهما بلغ التطور في تقنيات تصنيع الإلكترونيات وتقنيات النانو.
إن عملية تصنيع أجنحة الفراشات وما عليها من بنى هندسية تتم تحت سيطرة شيفرات الحامض النووي الموجود في خلايا الفراشة فكل حرشفة من هذه الحراشف هي عبارة عن خلية حية واحدة يتم فردها على سطح الجناح وتتشكل هذه الخلية لتنتج أشكال البنى المطلوبة. وفي السنوات الأخيرة بدأ العلماء العمل على الاستفادة من التقنيات الضوئية المستخدمة في الفراشات في تطبيقات لا حصر لها كالحصول على ألوان للسيارات بدون استخدام الطلاء وكاستخدامها في مكونات الاتصالات الضوئية.
مختصر