- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

صفحة 1 من 17 1234567891011 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 245

الموضوع: وقفات مع كتاب الله

  1. #1
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array

    وقفات مع كتاب الله




    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم،
    "الحمد لله الذي أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء، وهدى للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه التابعين، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
    ايها الاحبه الكرام
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قد كلفني أستاذنا المفضال ابو فهد على ان اقوم بهذا العمل المبارك ، وهذا تكليف غال عندي
    ، بمعية إخ مجتهد محتسب وهو الاخ
    عاشق البيت
    أن شاء الله سيكون لنا لقاء كل يوم مع اية من كتاب الله وحديث من احاديث النبي عليه الصلاه والسلام

    فتابعونا ، وانصحونا ، وادعوا لنا . وبالله التوفيق


    --------------------------------------------------------------------------------
    الحلقة الاولي فضل القرآن الكريم

    قال الله تعالى : { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ، ومن يضلل الله فما له من هاد } [الزمر 23] .

    2) قال الله تعالى : { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم } [ الأنفال 2-3] .

    3) { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين } [يونس57] .

    4) { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } [الإسراء 82] .

    5) { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا . وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما } [الإسراء9-10] .

    6) { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب } [ص29] .

    7) { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }[القمر 17]

    8) { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } [الحشر21] .

    9) { وإذا قرىءالقرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } [ الأعراف

    فضل القرآن من السنه



    عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القران أهل الله وخاصته). (صحيح الجامع2165)
    حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه). (صحيح مسلم)
    صاحب القرآن يرتقى في درجات الجنة بقدر ما معه من القرآن

    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القران اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها). (صحيح الجامع8122)
    القرآن يقدم صاحبه عند الدفن

    حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد. (صحيح البخاري)
    نزول الملائكة والسكينة والرحمة للقرآن وأهله

    حديث أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). (صحيح مسلم)
    مضاعفة ثواب قراءة الحرف الواحد من القرآن أضعافاً كثيرة

    حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن : ألف حرف ولام حرف ، وميم حرف). (صحيح الجامع 6469)

    انتظرونا غدا ان شاء الله مع تفسير ايه من كتاب الله وحديث من احاديث رسول الله صلي وعليه وسلم
    [/align]



  2. #2
    الصورة الرمزية عاشق البيت
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    رقم العضوية : 33919
    الاقامة : مصر
    المشاركات : 1,965
    هواياتى : الشعر والرسم والرحلات
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 464
    Array



    http://www.tvquran.com
    تلاوات مباركات على مدار 24 ساعة يوميا
    ----------
    جزاك الله خيرا ابا فهد على التوجيه والثقة الغالية وياليتنا اهلا لها
    وانا سعيد برفقة ابى مصعب لانى احبه فى الله

  3. #3
    الصورة الرمزية عاشق البيت
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    رقم العضوية : 33919
    الاقامة : مصر
    المشاركات : 1,965
    هواياتى : الشعر والرسم والرحلات
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 464
    Array



    [align=center]
    الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات كما ينبغى لجلال وجهه وعظيم سلطانه

    والصلاة والسلام على محمد خير خلقه اجمعين
    وبعد
    نبدأ بتوفيق الله اولى وقفاتنا مع كتابه الحكيم

    --------------

    قال تعالى:
    (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

    يَأْمُر الله تَعَالَى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْبِر الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ غَيْر اللَّه وَيَذْبَحُونَ لِغَيْرِ اِسْمه أَنَّهُ مُخَالِف لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ صَلَاته لِلَّهِ وَنُسُكه عَلَى اِسْمه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " فَصَلِّ لِرَبِّك وَانْحَرْ " أَيْ أَخْلِصْ لَهُ صَلَاتك وَذَبْحك

    وكل الاعمال الصالحات يلزمها الاخلاص لوجه الله الكريم والا كانت هباء منثورا و ربما
    كانت نتيجتها سوء العاقبة اذا اشرك العبد مع الله غيره من الخلق
    ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )

    ويقول بن القيم رحمه الله:إذا أصبح العبد و أمسى و ليس همه إلا الله وحده ، تحمل الله عنه سبحانه حوائجه كلها ، و حمل عنه كل ما أهمه ، و فرغ قلبه لمحبته ، و لسانه لذكره ،و جوارحه لطاعته، و إن أصبح و أمسى و الدنيا همه ، حمله الله همومها و غمومها و أنكادها ووكله الى نفسه فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ،و لسانه عن ذكره بذكرهم و جوارحه عن طاعته بخدمتهم و أشغالهم


    { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }

    { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ . . }

    ============================== =======

    حديث اليوم

    عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ

    وكل عمل لا تسبقه النية الخالصة لله لا وزن له ولا فائدة منه

    قال تعالى ـ في الحديث القدسي ـ: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)

    ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )

    عن ابى هريرة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها, قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت, قال: كذبت, ولكنك قاتلت لأن يقال جريء, فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار, ورجل تعلم العلم, وعلمه, وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها, قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته, وقرأت فيك القرآن, قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم, وقرأت القرآن ليقال هو قارئ, فقد قيل, ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار, ورجل وسع الله عليه, وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها, قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك, قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار ).



    فما اشد حاجتنا فى زماننا هذا لسلاح الإخلاص، وصدق النية والوفاء،

    يقول ابن القيم: "الإخلاص والتوحيد شجرة في القلب؛ فروعها الأعمال، وثمرها طِـيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك.

    والشرك والكذب والرياء شجرة في القلب؛ ثمرها في الدنيا الخوف والهم والغم وضيق الصدر وظلمة القلب، وثمرها في الآخرة الزقوم والعذاب المقيم، وقد ذكر الله هاتين الشجرتين في سورة إبراهيم".

    اعاذنا الله واياكم من عذابه
    وجمعنا فى مستقر رحمته

    ابو مصعب السكندرى
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة عاشق البيت ; 08-07-2009 الساعة 12:14 PM

  4. #4
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=center][size=4]
    الحلقة الثالثة



    قال تعالي





    (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)

    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه } الَّذِي كَتَبَ فِيهِ كُلّ مَا هُوَ كَائِن فِي قَضَائِهِ الَّذِي قَضَى , { يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم } يَقُول : هَذِهِ الشُّهُور الِاثْنَا عَشَرَ , مِنْهَا أَرْبَعَة أَشْهُر حُرُم كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تُعَظِّمهُنَّ وَتُحَرِّمهُنَّ وَتُحَرِّم الْقِتَال فِيهِنَّ , حَتَّى لَوْ لَقِيَ الرَّجُل مِنْهُمْ فِيهِنَّ قَاتِل أَبِيهِ لَمْ يُهِجْهُ . وَهُنَّ : رَجَب مُضَر وَثَلَاثَة مُتَوَالِيَات : ذُو الْقَعْدَة , وَذُو الْحِجَّة , وَالْمُحَرَّم . وَبِذَلِكَ تَظَاهَرَتْ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 12961 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد بْن الْحُبَاب , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُبَيْدَة الرَّبَذِيّ قَالَ : ثني صَدَقَة بْن يَسَار , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : خَطَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّة الْوَدَاع بِمِنًى فِي أَوْسَط أَيَّام التَّشْرِيق , فَقَالَ : " يَا أَيّهَا النَّاس , إِنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَإِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم , أَوَّلهنَّ رَجَب مُضَر بَيْن جُمَادَى وَشَعْبَان وَذُو الْقَعْدَة وَذُو الْحِجَّة وَالْمُحَرَّم , و عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَإِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم , ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات وَرَجَب مُضَر بَيْن جُمَادَى وَشَعْبَان " . , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ أَبِي بَكْرَة : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّة الْوَدَاع , فَقَالَ : " أَلَا إِنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض , السَّنَة اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم , ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات : ذُو الْقَعْدَة , وَذُو الْحِجَّة , وَالْمُحَرَّم , وَرَجَب مُضَر الَّذِي بَيْن جُمَادَى وَشَعْبَان " . و أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَته فِي حَجَّة الْوَدَاع : " أَلَا إِنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَإِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات : ذُو الْقَعْدَة , وَذُو الْحِجَّة , وَالْمُحَرَّم , وَرَجَب الَّذِي بَيْن جُمَادَى وَشَعْبَان " . , , قَوْله : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم } إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات : ذُو الْقَعْدَة , وَذُو الْحِجَّة , وَالْمُحَرَّم , وَرَجَب الَّذِي بَيْن جُمَادَى وَشَعْبَان " . 12966 - حَدَّثَنَا بِشْر قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذَكَرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَته يَوْم مِنًى : " أَلَا إِنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَإِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم , ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات ذُو الْقَعْدَة , وَذُو الْحِجَّة , وَالْمُحَرَّم , وَرَجَب مُضَر الَّذِي بَيْن جُمَادَى وَشَعْبَان " . وَهُوَ قَوْل عَامَّة أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 12967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم } أَمَّا أَرْبَعَة حُرُم : فَذُو الْقَعْدَة , وَذُو الْحِجَّة , وَالْمُحَرَّم , وَرَجَب . وَأَمَّا كِتَاب اللَّه : فَاَلَّذِي عِنْده . 12968 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا } قَالَ : يُعْرَف بِهَا شَأْن النَّسِيء مَا نَقَصَ مِنْ السَّنَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه } قَالَ : يَذْكُر بِهَا شَأْن النَّسِيء .

    ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ

    وَأَمَّا قَوْله : { ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : هَذَا الَّذِي أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ , مِنْ أَنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه , وَأَنَّ مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُمًا : هُوَ الدِّين الْمُسْتَقِيم , كَمَا : 12969 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } يَقُول : الْمُسْتَقِيم . 12970 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم } قَالَ : الْأَمْر الْقَيِّم يَقُول : قَالَ تَعَالَى : وَاعْلَمُوا أَيّهَا النَّاس أَنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه الَّذِي كَتَبَ فِيهِ كُلّ مَا هُوَ كَائِن , وَأَنَّ مِنْ هَذِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا أَرْبَعَة أَشْهُر حُرُمًا ذَلِكَ دِين اللَّه الْمُسْتَقِيم , لَا مَا يَفْعَلهُ النَّسِيء مِنْ تَحْلِيله مَا يُحَلِّل مِنْ شُهُور السَّنَة وَتَحْرِيمه مَا يُحَرِّمهُ مِنْهَا .

    (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)

    وَأَمَّا قَوْله : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : فَلَا تَعْصُوا اللَّه فِيهَا , وَلَا تُحِلُّوا فِيهِنَّ مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَتُكْسِبُوا أَنْفُسكُمْ مَا لَا قِبَل لَهَا بِهِ مِنْ سَخَط اللَّه وَعِقَابه . كَمَا : 12971 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } قَالَ : الظُّلْم : الْعَمَل بِمَعَاصِي اللَّه وَالتَّرْك لِطَاعَتِهِ. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي عَادَتْ عَلَيْهِ الْهَاء وَالنُّون فِي قَوْله : { فِيهِنَّ } , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَادَ ذَلِكَ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا , وَقَالَ : مَعْنَاهُ : فَلَا تَظْلِمُوا فِي الْأَشْهُر كُلّهَا أَنْفُسكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 12972 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } فِي كُلّهنَّ. ثُمَّ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَة أَشْهُر فَجَعَلَهُنَّ حُرُمًا وَعِظَم حِرْمَاتهنَّ وَجَعَلَ الذَّنْب فِيهِنَّ أَعْظَم وَالْعَمَل الصَّالِح وَالْأَجْر أَعْظَم . 12973 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن عَمْرو , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف بْن مِهْرَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } قَالَ : فِي الشُّهُور كُلّهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَظْلِمُوا فِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر الْحُرُم أَنْفُسكُمْ , وَالْهَاء وَالنُّون عَائِدَة عَلَى الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 12974 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , أَمَّا قَوْله : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } فَإِنَّ الظُّلْم فِي الْأَشْهُر الْحُرُم أَعْظَم خَطِيئَة وَوِزْرًا مِنْ الظُّلْم فِيمَا سِوَاهَا , وَإِنْ كَانَ الظُّلْم عَلَى كُلّ حَال عَظِيمًا ; وَلَكِنَّ اللَّه يُعَظِّم مِنْ أَمْره مَا شَاءَ وَقَالَ : إِنَّ اللَّه اِصْطَفَى صَفَايَا مِنْ خَلْقه اِصْطَفَى مِنْ الْمَلَائِكَة رُسُلًا وَمِنْ النَّاس رُسُلًا , وَاصْطَفَى مِنْ الْكَلَام ذِكْره , وَاصْطَفَى مِنْ الْأَرْض الْمَسَاجِد , وَاصْطَفَى مِنْ الشُّهُور رَمَضَان وَالْأَشْهُر الْحُرُم , وَاصْطَفَى مِنْ الْأَيَّام يَوْم الْجُمْعَة , وَاصْطَفَى مِنْ اللَّيَالِي لَيْلَة الْقَدْر , فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّه , فَإِنَّمَا تُعَظَّم الْأُمُور بِمَا عَظَّمَهَا اللَّه عِنْد أَهْل الْفَهْم وَأَهْل الْعَقْل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَظْلِمُوا فِي تَصْيِيركُمْ حَرَام الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة حَلَالًا وَحَلَالهَا حَرَامًا أَنْفُسكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 12975 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { إِنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا } إِلَى قَوْله : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } : أَيْ لَا تَجْعَلُوا حَرَامهَا حَلَالًا , وَلَا حَلَالهَا حَرَامًا , كَمَا فَعَلَ أَهْل الشِّرْك ; فَإِنَّمَا النَّسِيء الَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ { زِيَادَة فِي الْكُفْر يُضَلّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا } الْآيَة . 12976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ الْحَسَن : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } قَالَ : ظُلْم أَنْفُسكُمْ : أَنْ لَا تُحَرِّمُوهُنَّ كَحُرْمَتِهِنَّ . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز . قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } قَالَ : ظُلْم أَنْفُسكُمْ أَنْ لَا تُحَرِّمُوهُنَّ كَحُرْمَتِهِنَّ . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , بِنَحْوِهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : فَلَا تَظْلِمُوا فِي الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة أَنْفُسكُمْ بِاسْتِحْلَالِ حَرَامهَا , فَإِنَّ اللَّه عَظَّمَهَا وَعَظَّمَ حُرْمَتهَا . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيله لِقَوْلِهِ : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ } فَأَخْرَجَ الْكِنَايَة عَنْهُ مَخْرَج الْكِنَايَة عَنْ جَمْع مَا بَيْن الثَّلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول فِيمَا بَيْن الثَّلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة إِذَا كُنْت عَنْهُ : فَعَلْنَا ذَلِكَ لِثَلَاثِ لَيَالٍ خَلَوْنَ , وَلِأَرْبَعَةِ أَيَّام بَقِينَ , وَإِذَا أَخْبَرْت عَمَّا فَوْق الْعَشَرَة إِلَى الْعِشْرِينَ , قَالَتْ : فَعَلْنَا ذَلِكَ لِثَلَاث عَشْرَة خَلَتْ , وَلِأَرْبَع عَشْرَة مَضَتْ . فَكَانَ فِي قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } وَإِخْرَاجه كِنَايَة عَدَد الشُّهُور الَّتِي نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ظُلْم أَنْفُسهمْ فِيهِنَّ مَخْرَج عَدَد الْجَمْع الْقَلِيل مِنْ الثَّلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّ الْهَاء وَالنُّون مِنْ ذِكْر الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة دُون الِاثْنَيْ الْعَشَر ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كِنَايَة عَنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لَكَانَ : فَلَا تَظْلِمُوا فِيهَا أَنْفُسكُمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُون ذَلِكَ كِنَايَة عَنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ , وَإِنْ كَانَ الَّذِي ذَكَرْت هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب , فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَامهَا إِخْرَاج كِنَايَة مَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى الْعَشْر بِالْهَاءِ دُون النُّون , وَقَدْ قَالَ الشَّاعِر : أَصْبَحْنَ فِي قُرْح وَفِي دَارَاتهَا سَبْع لَيَالٍ غَيْر مَعْلُوفَاتهَا وَلَمْ يَقُلْ : مَعْلُوفَاتهنَّ , وَذَلِكَ كِنَايَة عَنْ السَّبْع ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَلَيْسَ الْأَصَحّ الْأَعْرَف فِي كَلَامهَا , وَتَوْجِيه كَلَام اللَّه إِلَى الْأَفْصَح الْأَعْرَف أَوْلَى مِنْ تَوْجِيهه إِلَى الْأَنْكَر . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت , فَقَدْ يَجِب أَنْ يَكُون مُبَاحًا لَنَا ظُلْم أَنْفُسنَا فِي غَيْرهنَّ مِنْ سَائِر شُهُور السَّنَة ؟ قِيلَ : لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , بَلْ ذَلِكَ حَرَام عَلَيْنَا فِي كُلّ وَقْت وَزَمَان , وَلَكِنَّ اللَّه عَظَّمَ حُرْمَة هَؤُلَاءِ الْأَشْهُر وَشَرَّفَهُنَّ عَلَى سَائِر شُهُور السَّنَة , فَخَصَّ الذَّنْب فِيهِنَّ بِالتَّعْظِيمِ كَمَا خَصَّهُنَّ بِالتَّشْرِيفِ , وَذَلِكَ نَظِير قَوْله : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّه قَدْ أَمَرَنَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَات كُلّهَا بِقَوْلِهِ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات } وَلَمْ يُبِحْ تَرْك الْمُحَافَظَة عَلَيْهِنَّ بِأَمْرِهِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاة الْوُسْطَى , وَلَكِنَّهُ تَعَالَى ذِكْره زَادَهَا تَعْظِيمًا وَعَلَى الْمُحَافَظَة عَلَيْهَا تَوْكِيدًا وَفِي تَضْيِيعهَا تَشْدِيدًا , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْله : { مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُمْ } .

    وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً

    وَأَمَّا قَوْله : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } فَإِنَّهُ يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا غَيْر مُخْتَلِفِينَ , مُؤْتَلِفِينَ غَيْر مُفْتَرِقِينَ , كَمَا يُقَاتِلكُمْ الْمُشْرِكُونَ جَمِيعًا مُجْتَمِعِينَ غَيْر مُتَفَرِّقِينَ . كَمَا : 12977 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } أَمَّا كَافَّة فَجَمِيع وَأَمْركُمْ مُجْتَمِع. 12978 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة } يَقُول : جَمِيعًا . 12979 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة } : أَيْ جَمِيعًا . وَالْكَافَّة فِي كُلّ حَال عَلَى صُورَة وَاحِدَة لَا تُذَكَّر وَلَا تُجْمَع , لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِلَفْظِ فَاعِلَة فَإِنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَصْدَر كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَة , وَلَا تُدْخِل الْعَرَب فِيهَا الْأَلِف وَاللَّام لِكَوْنِهَا آخِر الْكَلَام مَعَ الَّذِي فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمَصْدَر , كَمَا لَمْ يُدْخِلُوهَا إِذَا قَالُوا : قَامُوا مَعًا وَقَامُوا جَمِيعًا.

    وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ

    وَأَمَّا قَوْله : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَاعْلَمُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ أَنَّكُمْ إِنْ قَاتَلْتُمْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّة , وَاتَّقَيْتُمْ اللَّه فَأَطَعْتُمُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ وَلَمْ تُخَالِفُوا أَمْره فَتَعْصُوهُ , كَانَ اللَّه مَعَكُمْ عَلَى عَدُوّكُمْ وَعَدُوّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ; وَمَنْ كَانَ اللَّه مَعَهُ لَمْ يَغْلِبهُ شَيْء , لِأَنَّ اللَّه مَعَ مَنْ اِتَّقَاهُ فَخَافَهُ وَأَطَاعَهُ فِيمَا كَلَّفَهُ مِنْ أَمْره وَنَهْيه.
    [bdr][/bdr] --------------------------------------------------
    الحديث الثاني


    ------------------------

    ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏

    يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏ ‏يُؤْذِينِي ابْنُ ‏ ‏آدَمَ ‏ ‏يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ابْنُ السَّرْحِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ الْمُسَيِّبِ ‏ ‏مَكَانَ ‏ ‏سَعِيدٍ ‏ ‏وَاللَّهُ أَعْلَمُ

    سنن أبي داود



    ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي أَحْمَدَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُفْيَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي الزِّنَادِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْرَجِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ ‏
    ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أُرَاهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏ ‏يَشْتِمُنِي ابْنُ ‏ ‏آدَمَ ‏ ‏وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِي وَيُكَذِّبُنِي وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ إِنَّ لِي وَلَدًا وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ لَيْسَ يُعِيدُنِي كَمَا بَدَأَنِي

    صحيح البخاري
    قال النووي :

    قالوا: هو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم

    أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون " يا خيبة الدهر " ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا

    تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " أي : لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه

    هو فاعلها ومنزلها ، وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى .


    ومعنى " فإن الله هو الدهر " أي : فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات
    والله أعلم
    .
    [/align][/size]

  5. #5
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=center][align=center] الحلقة الرابعة

    إن ) الحمد لله ( نحمده و ) نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ( ومن سيئات أعمالنا ) . من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ( وحده لاشريك له ) . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

    قال تعالي
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ)

    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه وَذَرُوا الْبَيْع ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ عِبَاده : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } وَذَلِكَ هُوَ النِّدَاء , يُنَادِي بِالدُّعَاءِ إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة عِنْد قُعُود الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر لِلْخُطْبَةِ ; وَمَعْنَى الْكَلَام : إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } يَقُول : فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه , وَاعْمَلُوا لَهُ ; وَأَصْل السَّعْي فِي هَذَا الْمَوْضِع الْعَمَل , . - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , عَنْ شُرَحْبِيل بْن مُسْلِم الْخَوْلَانِيّ , فِي قَوْل اللَّه : { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } قَالَ : فَاسْعَوْا فِي الْعَمَل , وَلَيْسَ السَّعْي فِي الْمَشْي . 26427 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } وَالسَّعْي يَا اِبْن آدَم أَنْ تَسْعَى بِقَلْبِك وَعَمَلك , وَهُوَ الْمُضِيّ إِلَيْهَا . 26428 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنَّ أُبَيًّا يَقْرَؤُهَا : { فَاسْعَوْا } قَالَ : أَمَا إِنَّهُ أَقْرَؤُنَا وَأَعْلَمنَا بِالْمَنْسُوخِ وَإِنَّمَا هِيَ " فَامْضُوا " . 26429 - حَدَّثَنَا عُبَيْد الْحَمِيد بْن بَيَان السُّكَّرِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَالِم , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : مَا سَمِعْت عُمَر يَقْرَؤُهَا قَطُّ إِلَّا فَامْضُوا . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , قَالَ : ثنا حَنْظَلَة , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : كَانَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقْرَؤُهَا : " فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه " . * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَنْظَلَة , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب قَرَأَهَا : فَامْضُوا. * حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا حَنْظَلَة بْن أَبِي سُفْيَان الْجُمَحِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ سَالِم بْن عَبْد اللَّه يُحَدِّث عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ سَمِعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقْرَأ : " إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه " . * قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر , أَنَّ عَبْد اللَّه قَالَ : لَقَدْ تَوَفَّى اللَّه عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَمَا يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي ذَكَرَ اللَّه فِيهَا الْجُمُعَة : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } إِلَّا " فَامْضُوا " إِلَى ذِكْر اللَّه . حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } قَالَ : إِذَا سَمِعْتُمْ الدَّاعِيَ الْأَوَّل , فَأَجِيبُوا إِلَى ذَلِكَ وَأَسْرِعُوا وَلَا تُبْطِئُوا . قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَان إِلَّا أَذَانَانِ : أَذَان حِين يَجْلِس عَلَى الْمِنْبَر , وَأَذَان حِين تُقَام الصَّلَاة ; قَالَ : وَهَذَا الْآخَر شَيْء أَحْدَثَهُ النَّاس بَعْد ; قَالَ : لَا يَحِلّ لَهُ الْبَيْع إِذَا سَمِعَ النِّدَاء الَّذِي يَكُون بَيْن يَدَيْ الْإِمَام إِذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَر وَقَرَأَ { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه وَذَرُوا الْبَيْع } قَالَ : وَلَمْ يَأْمُرهُمْ يَذَرُونَ شَيْئًا غَيْره , حَرَّمَ الْبَيْع ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِيهِ إِذَا فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاة , قَالَ : وَالسَّعْي أَنْ يُسْرِع إِلَيْهَا , أَنْ يُقْبِل إِلَيْهَا . 26438 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : إِنَّ فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود " إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه ". 26439 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } السَّعْي : هُوَ الْعَمَل , قَالَ اللَّه : { إِنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى } وَقَوْله : { وَذَرُوا الْبَيْع } يَقُول : وَدَعُوا الْبَيْع وَالشِّرَاء إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ عِنْد الْخُطْبَة . وَكَانَ الضَّحَّاك يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 26440 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : إِذَا زَالَتْ الشَّمْس حَرُمَ الْبَيْع وَالشِّرَاء . * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } قَالَ : إِذَا زَالَتْ الشَّمْس حَرُمَ الْبَيْع وَالشِّرَاء. 26441 - حَدَّثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : كَانَ قَوْم يَجْلِسُونَ فِي بَقِيع الزُّبَيْر , فَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ يَوْم الْجُمُعَة , وَلَا يَقُومُونَ , فَنَزَلَتْ : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } وَأَمَّا الذِّكْر الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالسَّعْيِ إِلَيْهِ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّهُ مَوْعِظَة الْإِمَام فِي خُطْبَته فِيمَا قِيلَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26442 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة } قَالَ : الْعَزْمَة عِنْد الذِّكْر عِنْد الْخُطْبَة . 26443 -حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْحَنَفِيّ , قَالَ : ثنا عَبْدَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور رَجُل مِنْ أَهْل الْكُوفَة , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي كَثِير , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يَقُول : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه } قَالَ : فَهِيَ مَوْعِظَة الْإِمَام فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة بَعْد . وَقَوْله : { ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } يَقُول : سَعْيكُمْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة إِلَى ذِكْر اللَّه , وَتَرْك الْبَيْع خَيْر لَكُمْ مِنْ الْبَيْع وَالشِّرَاء فِي ذَلِكَ الْوَقْت , إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَصَالِح أَنْفُسكُمْ وَمَضَارّهَا.

    ---------------------------------------------------------------------------------
    ---------------------------------------------------------------------------
    الحديث الثالث
    أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها))[ رواه مسلم].


    أن الجمعه لها أهمية عظيمة في ديننا ففيها عيد الأسبوع وكذلك فيها :
    ومن الأوقات الفاضلة التي فرط فيها بعض شبابنا، يوم الجمعة، الذي هدى الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم إليه، وأضل الأمم الماضية عنه، هذا اليوم الذي فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة (( وما من ملك مقرب، ولا سماء، ولا أرض، ولا رياح، ولا جبال، ولا بحر، إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة))[رواه أحمد وحسنه الألباني]، وقد ذكر كعب الأحبار أنه: (( ما طلعت الشمس من يوم الجمعة إلا فزع لمطلعها البر والبحر والحجارة، وما خلق الله من شيء إلا الثقلين))[رواه عبدالرزاق في مصنفه 3/552]، ومع ذلك نرى التفريط والإضاعة في ساعاته، لذا لزاماً علينا أن ندرك بعض حقائق هذا اليوم حتى نعرف قدره، ونقدر أمره فمن ذلك:

    أولاً: عظم هذا اليوم :ـ
    قد جاءت النصوص الشرعية في بيان عظم هذا اليوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها))[ رواه مسلم]. وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال قـال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة)) الحديث[رواه أبو داود].

    ثانيا: فضل الجمعة والتبكير إليها:
    لأن من أدرك فضل هذا اليوم سيدفعه ذلك إلى الاهتمام به، والحرص على انتهاز هذه الفرصة العظيمة، واستغلالها بكل ما أوتي من فعل الخيرات وترك المنكرات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن)) [رواه مسلم]. وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قـال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب لـه ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى)) [رواه البخاري].


    [/align]
    مع تحيات اخوكم عاشق البيت
    [/align]

  6. #6
    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    رقم العضوية : 60051



    مشكووووووووووووووووووووووووررر رررر

  7. #7
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=center][align=center] الحلقة الخامسه
    قال تعالي

    (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
    يُخْبِر تَعَالَى إِخْبَارًا عَامًّا يَعُمّ جَمِيع الْخَلِيقَة بِأَنَّ كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت كَقَوْلِهِ تَعَالَى " كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام " فَهُوَ تَعَالَى وَحْده الَّذِي لَا يَمُوت وَالْجِنَّ وَالْإِنْس يَمُوتُونَ وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَة وَحَمَلَة الْعَرْش وَيَنْفَرِد الْوَاحِد الْأَحَد الْقَهَّار بِالدَّيْمُومَةِ وَالْبَقَاء فَيَكُون آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَهَذِهِ الْآيَة فِيهَا تَعْزِيَة لِجَمِيعِ النَّاس فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَد عَلَى وَجْه الْأَرْض حَتَّى يَمُوت فَإِذَا اِنْقَضَتْ الْعِدَّة وَفَرَغَتْ النُّطْفَة الَّتِي قَدَّرَ اللَّه وُجُودهَا مِنْ صُلْب آدَم وَانْتَهَتْ الْبَرِيَّة أَقَامَ اللَّه الْقِيَامَة وَجَازَى الْخَلَائِق بِأَعْمَالِهَا جَلِيلهَا وَحَقِيرهَا قَلِيلهَا وَكَثِيرهَا كَبِيرهَا وَصَغِيرهَا فَلَا يَظْلِم أَحَدًا مِثْقَال ذَرَّة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُوركُمْ يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز الْأُوَيْسِيّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ الْهَاشِمِيّ عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ بْن أَبَى طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَتْ التَّعْزِيَة جَاءَهُمْ آتٍ يَسْمَعُونَ حِسّه وَلَا يَرَوْنَ شَخْصه فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ أَهْل الْبَيْت وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته " كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُوركُمْ يَوْم الْقِيَامَة " إِنَّ فِي اللَّه عَزَاء مِنْ كُلّ مُصِيبَة وَخَلَفًا مِنْ كُلّ هَالِك وَدَرَكًا مِنْ كُلّ فَائِت فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَاب مَنْ حُرِمَ الثَّوَاب وَالسَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته قَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد فَأَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ : أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا ؟ هَذَا الْخَضِر عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَوْله " فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّار وَأُدْخِلَ الْجَنَّة فَقَدْ فَازَ " أَيْ مَنْ جُنِّبَ النَّار وَنَجَا مِنْهَا وَأُدْخِلَ الْجَنَّة فَقَدْ فَازَ كُلّ الْفَوْز قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَوْضِع سَوْط فِي الْجَنَّة خَيْر مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا اِقْرَءُوا إِنْ شُئِمَ " فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّار وَأُدْخِلَ الْجَنَّة فَقَدْ فَازَ " هَذَا حَدِيث ثَابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْر هَذَا الْوَجْه بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة . وَقَدْ رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَة أَبُو حَاتِم وَابْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو . هَذَا وَرَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيه مِنْ وَجْه آخَر فَقَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى أَنْبَأَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة أَنْبَأَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ سَهْل بْن سَعْد قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَوْضِع سَوْط أَحَدكُمْ فِي الْجَنَّة خَيْر مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة " فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّار وَأُدْخِلَ الْجَنَّة فَقَدْ فَازَ " وَتَقَدَّمَ عِنْد قَوْله تَعَالَى " وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " مَا رَوَاهُ وَكِيع بْن الْجَرَّاح فِي تَفْسِيره عَنْ الْأَعْمَش عَنْ زَيْد بْن وَهْب عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد رَبّ الْكَعْبَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَح عَنْ النَّار وَيُدْخَل الْجَنَّة فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّته وَهُوَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاس مَا يُحِبّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ " . وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده عَنْ وَكِيع بِهِ وَقَوْله تَعَالَى " وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغُرُور " تَصْغِير لِشَأْنِ الدُّنْيَا وَتَحْقِير لِأَمْرِهَا وَأَنَّهَا دَنِيئَة فَانِيَة قَلِيلَة زَائِلَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى " وَقَالَ " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا وَمَا عِنْد اللَّه خَيْر وَأَبْقَى " . وَفِي الْحَدِيث " وَاَللَّه مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا كَمَا يَغْمِس أَحَدكُمْ أُصْبُعه فِي الْيَمّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِع إِلَيْهِ " وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْله تَعَالَى " وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغُرُور " قَالَ : هِيَ مَتَاع مَتْرُوكَة أَوْشَكَتْ وَاَللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَنْ تَضْمَحِلّ عَنْ أَهْلهَا فَخُذُوا مِنْ هَذَا الْمَتَاع طَاعَة اللَّه إِنْ اِسْتَطَعْتُمْ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ .
    [p5s][/p5s]
    الحديث الثالث


    قال صلى الله عليه وسلم ((أكثروا من ذكر هادم اللذات))
    فأكثروا من ذكر هادم اللذات فأن لتذكر الموت أثر كبير في إصلاح النفوس وتهذيبها حيث قال الدقاق:من أكثر من ذكر الموت أُكرم بثلاثة أشياء(تعجيل التوبة وقناعة القلب ونشاط العبادة) ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء(تسويف التوبة وترك الرضي بالكفاف والتكاسل في العبادة)
    فتفكر يا مغرور في الموت وسكراته وصعوبة كأسه ومرارته فيا من وعد ما أصدقه ومن حاكم ما أعدله وكفي بالموت مقرحاً ومبكياً للعيون ومفرقاً للجماعات وهادماً للذات وقاطعاً للأمنيات فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك وانتقالك من موضعك وإذا نُقلت من سعة إلي ضيق وخانك الصاحب والرفيق وهجرك الأخ والصديق وأُخذت من فراشك وعطائك إلي عرر وغطوك من بعد لين لحافك بتراب ومدر فيا جامع المال والمجتهد في البنيان ليس لك والله من مالك إلا الأكفان بل هي والله للخراب والذهاب وجسمك للتراب والمآب فأين الذي جمعته من المال؟ فهل أنقذك من الأهوال؟ كلا بل تركته إلي من لا يحمدك وقدمت بأوزارك علي من لا يعذرك ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تغالي ((وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ))أي:اطلب (التذكرة:1/50)
    فاعلم أخي الحبيب أنه لا يكره الموت إلا أحد الرجلين :
    (الأول) من لا يؤمن بالآخرة وعنده أن لاحياة ولا نعيم إلا في الدنيا كمن وصفهم الله تعالى بقوله ((ولتجدنهم أحرص الناس على حياةٍ ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يُعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يُعمر))(البقرة :96)
    (الثاني)يُؤمن بالله ولكنه يخاف ذنبه
    فأما من لم يكن كذلك فأنه يحبه ويحب لقاء ربه كما أحبه الصالحون وأحبوا لقاء الله
    قال صلى الله عليه وسلم((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه))(متفق عليه)
    الموت مصيبة والغفلة عنه من أعظم المصائب فالموت هائل وخطره عظيم والناس في غفلة عنه لقلة فكرهم فيه وذكرهم له


    [/align]
    [/align]

  8. #8
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=center][align=center]
    الحلقة السادسة

    قال تعالي
    ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)


    قَالَ الطَّبَرَانِيّ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق التُّسْتَرِيّ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيّ حَدَّثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي الْمُغِيرَة عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أَتَتْ قُرَيْش الْيَهُود فَقَالُوا : بِمَ جَاءَكُمْ مُوسَى ؟ قَالُوا عَصَاهُ وَيَده بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ. وَأَتَوْا النَّصَارَى فَقَالُوا كَيْفَ كَانَ عِيسَى ؟ قَالُوا : كَانَ يُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَيُحْيِي الْمَوْتَى : فَأَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : اُدْعُ اللَّه أَنْ يَجْعَل لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا فَدَعَا رَبّه فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " إِنَّ فِي خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَاب " فَلْيَتَفَكَّرُوا فِيهَا . وَهَذَا مُشْكِل فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَة مَدَنِيَّة وَسُؤَالهمْ أَنْ يَكُون الصَّفَّا ذَهَبًا كَانَ بِمَكَّةَ وَاَللَّه أَعْلَم . وَمَعْنَى الْآيَة أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول " إِنَّ فِي خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض " أَيْ هَذِهِ فِي اِرْتِفَاعهَا وَاتِّسَاعهَا وَهَذِهِ فِي اِنْخِفَاضهَا وَكَثَافَتهَا وَاتِّضَاعهَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ الْآيَات الْمُشَاهَدَة الْعَظِيمَة مِنْ كَوَاكِب سَيَّارَات وَثَوَابِت وَبِحَار وَجِبَال وَقِفَار وَأَشْجَار وَنَبَات وَزُرُوع وَثِمَار وَحَيَوَان وَمَعَادِن وَمَنَافِع مُخْتَلِفَة الْأَلْوَان وَالطُّعُوم وَالرَّوَائِح وَالْخَوَاصّ " وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار " أَيْ تَعَاقُبهمَا وَتَقَارُضهُمَا الطُّول وَالْقِصَر . فَتَارَة يَطُول هَذَا وَيَقْصُر هَذَا ثُمَّ يَعْتَدِلَانِ ثُمَّ يَأْخُذ هَذَا مِنْ هَذَا فَيَطُول الَّذِي كَانَ قَصِيرًا وَيَقْصُر الَّذِي كَانَ طَوِيلًا وَكُلّ ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَاب " أَيْ الْعُقُول التَّامَّة الزَّكِيَّة الَّتِي تُدْرِكُ الْأَشْيَاء بِحَقَائِقِهَا عَلَى جَلِيَّاتهَا . وَلَيْسُوا كَالصُّمِّ الْبُكْم الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّه فِيهِمْ " وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاَللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ .

    قَالَ الْعُلَمَاء : يُسْتَحَبّ لِمَنْ اِنْتَبَهَ مِنْ نَوْمه أَنْ يَمْسَح عَلَى وَجْهه , وَيَسْتَفْتِح قِيَامه بِقِرَاءَةِ هَذِهِ الْعَشْر الْآيَات اِقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا وَسَيَأْتِي ; ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ , فَيَجْمَع بَيْنَ التَّفَكُّر وَالْعَمَل , وَهُوَ أَفْضَل الْعَمَل وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأ عَشْر آيَات مِنْ آخِر سُورَة " آل عِمْرَان " كُلّ لَيْلَة , خَرَّجَهُ أَبُو نَصْر الْوَائِلِيّ السِّجِسْتَانِيّ الْحَافِظ فِي كِتَاب " الْإِبَانَة " مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنْ مُظَاهِر بْن أَسْلَمَ الْمَخْزُومِيّ عَنْ الْمَقْبُرِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة . وَقَدْ جاء في التفسيرعَنْ عُثْمَان قَالَ : مَنْ قَرَأَ آخِر آل عِمْرَان فِي لَيْلَة كُتِبَ لَهُ قِيَام لَيْلَة .




    وإلى اللقاء في ظلال أية أخرى وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه






    --------------------------------------------------------------------
    -------------------------------------------------------------------
    --------------------------------------------------------------------




    الحديث الرابع
    -----------------------

    .

    روي أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها سئلت عن أعجب ما رأته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكت ثم قالت: كان كل أمره عجباً، أتاني في ليلتي التي يكون فيها عندي، فاضطجع بجنبي حتى مس جلدي جلده، ثم قال: ياعائشة ألا تأذنين لي أن أتعبد ربي عز وجل؟ فقلت: يارسول الله: والله إني لأحب قربك وأحب هواك- أي أحب ألاّ تفارقني وأحب مايسرك مما تهواه- قالت: فقام إلى قربة من ماء في البيت فتوضأ ولم يكثر صب الماء، ثم قام يصلي ويتهجد فبكى في صلاته حتى بل لحيته، ثم سجد فبكى حتى بلّ الأرض، ثم اضطجع على جنبه فبكى، حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الفجر، رآه يبكي فقال يارسول الله: مايبكيك وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وماتأخر؟ فقال له: ويحك يابلال، ومايمنعني أن أبكي وقد أنزل الله عليّ في هذه الليلة هذه الآيات : (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ....) فقرأها إلى آخر السورة ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها.
    هذه الآيات التي أبكت نبينا صلى الله عليه وسلم أيها الأحبة وأقضت مضجعه ولم تجعله يهنأ بالنوم في ليلته تلك فكان يقرأها في صلاته ويبكى قائماً وساجداً وبكى وهو مضطجعاً، نعم إنها لآيات عظيمة تقشعر منها الأبدان وتهتز لها القلوب ، قلوب أولى الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض وليست كل القلوب كذلك ! فهلا تفكرنا في ملكوت الله ؟ وهلا أكثرنا من ذكر الله ؟ واستشعرنا عظمته سبحانه وتعالى ؟ لو فعلنا ذلك لبكينا من خشية الله عند سماع أو قراءة هذه الآيات ولكن لله المشتكى من قسوة في قلوبنا وغفلة في أذهاننا. اللهم أنر قلوبنا بنور القرآن ، اللهم إنا نسألك قلباً خاشعا ولساناً ذاكرا وقلباً خاشعاً وعلماً نافعاً وعملاً صالحاً.
    [/align][/align]

  9. #9
    الصورة الرمزية ابن الاسلام
    تاريخ التسجيل : May 2007
    رقم العضوية : 24623



    عمل رائع ومبارك جزاكم الله كل خير اخواني الكرام ابو مصعب ، عاشق البيت وطبعا الشكر موصول لعمدتنا الغالي ابو فهد على جهودكم الرائعة

    نسال الله لكم الاجر والثواب

    نسال الله لكم التوفيق

    دمتم بحفظ الله

  10. #10
    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    رقم العضوية : 60295



    ألف شكر لك بالفعل موضوع رائع وقيم جداً

  11. #11
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=justify][align=center]

    الحلقة الثامنة

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله و صحبه ومن والاه .
    أما بعد قال تعالي
    { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }

    قد اشتملت الآية الأولى على معجزة, وتسلية, وتطمين قلوب المؤمنين, واعتراض وجوابه, من ثلاثة أوجه, وصفة المعترض, وصفة المسلم لحكم الله دينه.

    فأخبر تعالى أنه سيعترض السفهاء من الناس, وهم الذين لا يعرفون مصالح أنفسهم, بل يضيعونها ويبيعونها بأبخس ثمن, وهم اليهود والنصارى, ومن أشبههم من المعترضين على أحكام الله وشرائعه، وذلك أن المسلمين كانوا مأمورين باستقبال بيت المقدس, مدة مقامهم بمكة، ثم بعد الهجرة إلى المدينة, نحو سنة ونصف - لما لله تعالى في ذلك من الحكم التي سيشير إلى بعضها, وكانت حكمته تقتضي أمرهم باستقبال الكعبة، فأخبرهم أنه لا بد أن يقول السفهاء من الناس: { مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } وهي استقبال بيت المقدس، أي: أيُّ شيء صرفهم عنه؟ وفي ذلك الاعتراض على حكم الله وشرعه, وفضله وإحسانه، فسلاهم, وأخبر بوقوعه, وأنه إنما يقع ممن اتصف بالسفه, قليل العقل, والحلم, والديانة، فلا تبالوا بهم, إذ قد علم مصدر هذا الكلام، فالعاقل لا يبالي باعتراض السفيه, ولا يلقي له ذهنه. ودلت الآية على أنه لا يعترض على أحكام الله, إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل, فيتلقى أحكام ربه بالقبول, والانقياد, والتسليم كما قال تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } الآية، { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } وقد كان في قوله { السفهاء } ما يغني عن رد قولهم, وعدم المبالاة به.

    ولكنه تعالى مع هذا لم يترك هذه الشبهة, حتى أزالها وكشفها مما سيعرض لبعض القلوب من الاعتراض, فقال تعالى: { قُلْ } لهم مجيبا: { لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أي: فإذا كان المشرق والمغرب ملكا لله, ليس جهة من الجهات خارجة عن ملكه, ومع هذا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم, ومنه هدايتكم إلى هذه القبلة التي هي من ملة أبيكم إبراهيم، فلأي شيء يعترض المعترض بتوليتكم قبلة داخلة تحت ملك الله, لم تستقبلوا جهة ليست ملكا له؟ فهذا يوجب التسليم لأمره, بمجرد ذلك، فكيف وهو من فضل الله عليكم, وهدايته وإحسانه, أن هداكم لذلك فالمعترض عليكم, معترض على فضل الله, حسدا لكم وبغيا.

    ولما كان قوله: { يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } والمطلق يحمل على المقيد, فإن الهداية والضلال, لهما أسباب أوجبتها حكمة الله وعدله, وقد أخبر في غير موضع من كتابه بأسباب الهداية, التي إذا أتى بها العبد حصل له الهدى كما قال تعالى: { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } ذكر في هذه الآية السبب الموجب لهداية هذه الأمة مطلقا بجميع أنواع الهداية, ومنة الله عليها فقال:

    { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي: عدلا خيارا، وما عدا الوسط, فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة, وسطا في كل أمور الدين، وسطا في الأنبياء, بين من غلا فيهم, كالنصارى, وبين من جفاهم, كاليهود, بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك، ووسطا في الشريعة, لا تشديدات اليهود وآصارهم, ولا تهاون النصارى.

    وفي باب الطهارة والمطاعم, لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بيعهم وكنائسهم, ولا يطهرهم الماء من النجاسات, وقد حرمت عليهم الطيبات, عقوبة لهم، ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا, ولا يحرمون شيئا, بل أباحوا ما دب ودرج.

    بل طهارتهم أكمل طهارة وأتمها، وأباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح, وحرم عليهم الخبائث من ذلك، فلهذه الأمة من الدين أكمله, ومن الأخلاق أجلها, ومن الأعمال أفضلها.

    ووهبهم الله من العلم والحلم, والعدل والإحسان, ما لم يهبه لأمة سواهم، فلذلك كانوا { أُمَّةً وَسَطًا } [كاملين] ليكونوا { شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط, يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان, ولا يحكم عليهم غيرهم، فما شهدت له هذه الأمة بالقبول, فهو مقبول, وما شهدت له بالرد, فهو مردود. فإن قيل: كيف يقبل حكمهم على غيرهم, والحال أن كل مختصمين غير مقبول قول بعضهم على بعض؟ قيل: إنما لم يقبل قول أحد المتخاصمين, لوجود التهمة فأما إذا انتفت التهمة, وحصلت العدالة التامة, كما في هذه الأمة, فإنما المقصود, الحكم بالعدل والحق، وشرط ذلك, العلم والعدل, وهما موجودان في هذه الأمة, فقبل قولها.

    فإن شك شاك في فضلها, وطلب مزكيا لها, فهو أكمل الخلق, نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلهذا قال تعالى: { وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }


    ومن شهادة هذه الأمة على غيرهم, أنه إذا كان يوم القيامة, وسأل الله المرسلين عن تبليغهم, والأمم المكذبة عن ذلك, وأنكروا أن الأنبياء بلغتهم، استشهدت الأنبياء بهذه الأمة, وزكاها نبيها.

    وفي الآية دليل على أن إجماع هذه الأمة, حجة قاطعة, وأنهم معصومون عن الخطأ, لإطلاق قوله: { وَسَطًا } فلو قدر اتفاقهم على الخطأ, لم يكونوا وسطا, إلا في بعض الأمور, ولقوله: { ولتكونوا شهداء على الناس } يقتضي أنهم إذا شهدوا على حكم أن الله أحله أو حرمه أو أوجبه، فإنها معصومة في ذلك. وفيها اشتراط العدالة في الحكم, والشهادة, والفتيا, ونحو ذلك.

    يقول تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا } وهي استقبال بيت المقدس أولا { إِلَّا لِنَعْلَمَ } أي: علما يتعلق به الثواب والعقاب, وإلا فهو تعالى عالم بكل الأمور قبل وجودها.

    ولكن هذا العلم, لا يعلق عليه ثوابا ولا عقابا, لتمام عدله, وإقامة الحجة على عباده، بل إذا وجدت أعمالهم, ترتب عليها الثواب والعقاب، أي: شرعنا تلك القبلة لنعلم ونمتحن { مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ } ويؤمن به, فيتبعه على كل حال, لأنه عبد مأمور مدبر، ولأنه قد أخبرت الكتب المتقدمة, أنه يستقبل الكعبة، فالمنصف الذي مقصوده الحق, مما يزيده ذلك إيمانا, وطاعة للرسول.

    وأما من انقلب على عقبيه, وأعرض عن الحق, واتبع هواه, فإنه يزداد كفرا إلى كفره, وحيرة إلى حيرته, ويدلي بالحجة الباطلة, المبنية على شبهة لا حقيقة لها.
    { لَكَبِيرَةٌ }
    { وَإِنْ كَانَتْ } أي: صرفك عنها أي: شاقة { إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } فعرفوا بذلك نعمة الله عليهم, وشكروا, وأقروا له بالإحسان, حيث وجههم إلى هذا البيت العظيم, الذي فضله على سائر بقاع الأرض، وجعل قصده, ركنا من أركان الإسلام, وهادما للذنوب والآثام, فلهذا خف عليهم ذلك, وشق على من سواهم.

    ثم قال تعالى: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } أي: ما ينبغي له ولا يليق به تعالى, بل هي من الممتنعات عليه، فأخبر أنه ممتنع عليه, ومستحيل, أن يضيع إيمانكم، وفي هذا بشارة عظيمة لمن مَنَّ الله عليهم بالإسلام والإيمان, بأن الله سيحفظ عليهم إيمانهم, فلا يضيعه, وحفظه نوعان:

    حفظ عن الضياع والبطلان, بعصمته لهم عن كل مفسد ومزيل له ومنقص من المحن المقلقة, والأهواء الصادة، وحفظ له بتنميته لهم, وتوفيقهم لما يزداد به إيمانهم, ويتم به إيقانهم، فكما ابتدأكم, بأن هداكم للإيمان, فسيحفظه لكم, ويتم نعمته بتنميته وتنمية أجره, وثوابه, وحفظه من كل مكدر، بل إذا وجدت المحن المقصود منها, تبيين المؤمن الصادق من الكاذب، فإنها تمحص المؤمنين, وتظهر صدقهم، وكأن في هذا احترازا عما قد يقال إن قوله: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } قد يكون سببا لترك بعض المؤمنين إيمانهم, فدفع هذا الوهم بقوله: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } بتقديره لهذه المحنة أو غيرها.

    ودخل في ذلك من مات من المؤمنين قبل تحويل الكعبة, فإن الله لا يضيع إيمانهم, لكونهم امتثلوا أمر الله وطاعة رسوله في وقتها، وطاعة الله, امتثال أمره في كل وقت, بحسب ذلك، وفي هذه الآية, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, أن الإيمان تدخل فيه أعمال الجوارح.

    وقوله: { إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } أي: شديد الرحمة بهم عظيمها، فمن رأفته ورحمته بهم, أن يتم عليهم نعمته التي ابتدأهم بها، وأن ميَّزَ عنهم من دخل في الإيمان بلسانه دون قلبه، وأن امتحنهم امتحانا, زاد به إيمانهم, وارتفعت به درجتهم، وأن وجههم إلى أشرف البيوت, وأجلها.


    { 144 } { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }
    يقول الله لنبيه: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ } أي: كثرة تردده في جميع جهاته, شوقا وانتظارا لنزول الوحي باستقبال الكعبة، وقال: { وَجْهِكَ } ولم يقل: " بصرك " لزيادة اهتمامه, ولأن تقليب الوجه مستلزم لتقليب البصر.

    { فَلَنُوَلِّيَنَّكَ } أي: نوجهك لولايتنا إياك، { قِبْلَةً تَرْضَاهَا } أي: تحبها, وهي الكعبة، وفي هذا بيان لفضله وشرفه صلى الله عليه وسلم, حيث إن الله تعالى يسارع في رضاه, ثم صرح له باستقبالها فقال: { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } والوجه: ما أقبل من بدن الإنسان، { وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ } أي: من بر وبحر, وشرق وغرب, جنوب وشمال. { فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } أي: جهته.

    ففيها اشتراط استقبال الكعبة, للصلوات كلها, فرضها, ونفلها, وأنه إن أمكن استقبال عينها, وإلا فيكفي شطرها وجهتها، وأن الالتفات بالبدن, مبطل للصلاة, لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، ولما ذكر تعالى فيما تقدم, المعترضين على ذلك من أهل الكتاب وغيرهم، وذكر جوابهم, ذكر هنا, أن أهل الكتاب والعلم منهم, يعلمون أنك في ذلك على حق وأمر، لما يجدونه في كتبهم, فيعترضون عنادا وبغيا، فإذا كانوا يعلمون بخطئهم فلا تبالوا بذلك، فإن الإنسان إنما يغمه اعتراض من اعترض عليه, إذا كان الأمر مشتبها, وكان ممكنا أن يكون معه صواب.


    فأما إذا تيقن أن الصواب والحق مع المعترض عليه, وأن المعترض معاند, عارف ببطلان قوله, فإنه لا محل للمبالاة, بل ينتظر بالمعترض العقوبة الدنيوية والأخروية, فلهذا قال تعالى: { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } بل يحفظ عليهم أعمالهم, ويجازيهم عليها، وفيها وعيد للمعترضين, وتسلية للمؤمنين.


    -----------------------------------------------------------------------
    -----------------------------------------------------------
    ---------------------------------------------
    الحديث الخامس


    , قالت عائشة – رضى الله عنها – " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان , وما رأيته فى شهر أكثر منه صياماً فى شعبان " رواه البخارى و مسلم . وعن أسامة بن زيد – رضى الله عنهما – قال : قلت يا رسول الله – لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه , بين رجب ورمضان , وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين , فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم " رواه أبو داود و النسائى وصححه ابن خزيمة .


    ذكر بعض العلماء

    وشعبان هو شهر السقيا , ورمضان هو شهر الحصاد , أن رجب هو شهر الزرع


    كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم أكثر شعبان

    عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال : ((ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) [رواه النسائي].

    فبين صلوات ربي وسلامه عليه سبب إكثاره من الصيام في هذا الشهر المبارك.

    قال ابن رجب في بيان وجه الصيام في شعبان: "وفيه معانٍ، وقد ذكر منها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان: الشهر الحرام وشهر الصيام، اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظنُّ أن صيام رجب أفضل من صيامه لأنه شهر حرام، وليس كذلك"

    قال: "وفي قوله: ((يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان)) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقاً، أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوِّتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم"


    والمعنى الثاني المذكور في الحديث هو أن شهر شعبان ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فكان صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يُرفع عمله وهو صائم.

    وذكروا لذلك معنى آخر وهو التمرين لصيام رمضان، قال ابن رجب: "وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط".
    [/align][/align]

  12. #12
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=center] الحلقة التاسعة
    قال تعالي { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } هذه الآية الكريمة أعظم آيات القرآن وأفضلها وأجلها، وذلك لما اشتملت عليه من الأمور العظيمة والصفات الكريمة، فلهذا كثرت الأحاديث في الترغيب في قراءتها وجعلها وردا للإنسان في أوقاته صباحا ومساء وعند نومه وأدبار الصلوات المكتوبات، فأخبر تعالى عن نفسه الكريمة بأن { لا إله إلا هو } أي: لا معبود بحق سواه، فهو الإله الحق الذي تتعين أن تكون جميع أنواع العبادة والطاعة والتأله له تعالى، لكماله وكمال صفاته وعظيم نعمه، ولكون العبد مستحقا أن يكون عبدا لربه، ممتثلا أوامره مجتنبا نواهيه، وكل ما سوى الله تعالى باطل، فعبادة ما سواه باطلة، لكون ما سوى الله مخلوقا ناقصا مدبرا فقيرا من جميع الوجوه، فلم يستحق شيئا من أنواع العبادة، وقوله: { الحي القيوم } هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري، ولهذا قال بعض المحققين: إنهما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى، ومن تمام حياته وقيوميته أن { لا تأخذه سنة ولا نوم } والسنة النعاس { له ما في السماوات وما في الأرض } أي: هو المالك وما سواه مملوك وهو الخالق الرازق المدبر وغيره مخلوق مرزوق مدبر لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض فلهذا قال: { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } أي: لا أحد يشفع عنده بدون إذنه، فالشفاعة كلها لله تعالى، ولكنه تعالى إذا أراد أن يرحم من يشاء من عباده أذن لمن أراد أن يكرمه من عباده أن يشفع فيه، لا يبتدئ الشافع قبل الإذن، ثم قال { يعلم ما بين أيديهم } أي: ما مضى من جميع الأمور { وما خلفهم } أي: ما يستقبل منها، فعلمه تعالى محيط بتفاصيل الأمور، متقدمها ومتأخرها، بالظواهر والبواطن، بالغيب والشهادة، والعباد ليس لهم من الأمر شيء ولا من العلم مثقال ذرة إلا ما علمهم تعالى، ولهذا قال: { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض } وهذا يدل على كمال عظمته وسعة سلطانه، إذا كان هذه حالة الكرسي أنه يسع السماوات والأرض على عظمتهما وعظمة من فيهما، والكرسي ليس أكبر مخلوقات الله تعالى، بل هنا ما هو أعظم منه وهو العرش، وما لا يعلمه إلا هو، وفي عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار، وتقلقل الجبال وتكع عنها فحول الرجال، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها، والذي أودع فيها من الحكم والأسرار ما أودع، والذي قد أمسك السماوات والأرض أن تزولا من غير تعب ولا نصب، فلهذا قال: { ولا يؤوده } أي: يثقله { حفظهما وهو العلي } بذاته فوق عرشه، العلي بقهره لجميع المخلوقات، العلي بقدره لكمال صفاته { العظيم } الذي تتضائل عند عظمته جبروت الجبابرة، وتصغر في جانب جلاله أنوف الملوك القاهرة، فسبحان من له العظمة العظيمة والكبرياء الجسيمة والقهر والغلبة لكل شيء، فقد اشتملت هذه الآية على توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وعلى إحاطة ملكه وإحاطة علمه وسعة سلطانه وجلاله ومجده، وعظمته وكبريائه وعلوه على جميع مخلوقاته، فهذه الآية بمفردها عقيدة في أسماء الله وصفاته، متضمنة لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلا، ثم قال تعالى:


    { 256 - 257 } { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *

    اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

    يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة للنفوس، وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي، فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره، وأما من كان سيئ القصد فاسد الإرادة، خبيث النفس يرى الحق فيختار عليه الباطل، ويبصر الحسن فيميل إلى القبيح، فهذا ليس لله حاجة في إكراهه على الدين، لعدم النتيجة والفائدة فيه، والمكره ليس إيمانه صحيحا، ولا تدل الآية الكريمة على ترك قتال الكفار المحاربين، وإنما فيها أن حقيقة الدين من حيث هو موجب لقبوله لكل منصف قصده اتباع الحق، وأما القتال وعدمه فلم تتعرض له، وإنما يؤخذ فرض القتال من نصوص أخر، ولكن يستدل في الآية الكريمة على قبول الجزية من غير أهل الكتاب، كما هو قول كثير من العلماء، فمن يكفر بالطاغوت فيترك عبادة ما سوى الله وطاعة الشيطان، ويؤمن بالله إيمانا تاما أوجب له عبادة ربه وطاعته { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي: بالدين القويم الذي ثبتت قواعده ورسخت أركانه، وكان المتمسك به على ثقة من أمره، لكونه استمسك بالعروة الوثقى التي { لا انفصام لها } وأما من عكس القضية فكفر بالله وآمن بالطاغوت، فقد أطلق هذه العروة الوثقى التي بها العصمة والنجاة، واستمسك بكل باطل مآله إلى الجحيم { والله سميع عليم } فيجازي كلا منهما بحسب ما علمه منهم من الخير والشر، وهذا هو الغاية لمن استمسك بالعروة الوثقى ولمن لم يستمسك بها.

    ثم ذكر السبب الذي أوصلهم إلى ذلك فقال: { الله ولي الذين آمنوا } وهذا يشمل ولايتهم لربهم، بأن تولوه فلا يبغون عنه بدلا ولا يشركون به أحدا، قد اتخذوه حبيبا ووليا، ووالوا أولياءه وعادوا أعداءه، فتولاهم بلطفه ومنَّ عليهم بإحسانه، فأخرجهم من ظلمات الكفر والمعاصي والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم، وكان جزاؤهم على هذا أن سلمهم من ظلمات القبر والحشر والقيامة إلى النعيم المقيم والراحة والفسحة والسرور { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت } فتولوا الشيطان وحزبه، واتخذوه من دون الله وليا ووالوه وتركوا ولاية ربهم وسيدهم، فسلطهم عليهم عقوبة لهم فكانوا يؤزونهم إلى المعاصي أزا، ويزعجونهم إلى الشر إزعاجا، فيخرجونهم من نور الإيمان والعلم والطاعة إلى ظلمة الكفر والجهل والمعاصي، فكان جزاؤهم على ذلك أن حرموا الخيرات، وفاتهم النعيم والبهجة والمسرات، وكانوا من حزب الشيطان وأولياءه في دار الحسرة، فلهذا قال تعالى: { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }

    { 258 } { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }

    يقول تعالى: { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه } أي: إلى جرائته وتجاهله وعناده ومحاجته فيما لا يقبل التشكيك، وما حمله على ذلك إلا { أن آتاه الله الملك } فطغى وبغى ورأى نفسه مترئسا على رعيته، فحمله ذلك على أن حاج إبراهيم في ربوبية الله فزعم أنه يفعل كما يفعل الله، فقال إبراهيم { ربي الذي يحيي ويميت } أي: هو المنفرد بأنواع التصرف، وخص منه الإحياء والإماتة لكونهما أعظم أنواع التدابير، ولأن الإحياء مبدأ الحياة الدنيا والإماتة مبدأ ما يكون في الآخرة، فقال ذلك المحاج: { أنا أحيي وأميت } ولم يقل أنا الذي أحيي وأميت، لأنه لم يدع الاستقلال بالتصرف، وإنما زعم أنه يفعل كفعل الله ويصنع صنعه، فزعم أنه يقتل شخصا فيكون قد أماته، ويستبقي شخصا فيكون قد أحياه، فلما رآه إبراهيم يغالط في مجادلته ويتكلم بشيء لا يصلح أن يكون شبهة فضلا عن كونه حجة، اطرد معه في الدليل فقال إبراهيم: { فإن الله يأتي بالشمس من المشرق } أي: عيانا يقر به كل أحد حتى ذلك الكافر { فأت بها من المغرب } وهذا إلزام له بطرد دليله إن كان صادقا في دعواه، فلما قال له أمرا لا قوة له في شبهة تشوش دليله، ولا قادحا يقدح في سبيله { بهت الذي كفر } أي: تحير فلم يرجع إليه جوابا وانقطعت حجته وسقطت شبهته، وهذه حالة المبطل المعاند الذي يريد أن يقاوم الحق ويغالبه، فإنه مغلوب مقهور، فلذلك قال تعالى: { والله لا يهدي القوم الظالمين } بل يبقيهم على كفرهم وضلالهم، وهم الذين اختاروا لأنفسهم ذلك، وإلا فلو كان قصدهم الحق والهداية لهداهم إليه ويسر لهم أسباب الوصول إليه، ففي هذه الآية برهان قاطع على تفرد الرب بالخلق والتدبير، ويلزم من ذلك أن يفرد بالعبادة والإنابة والتوكل عليه في جميع الأحوال، قال ابن القيم رحمه الله: وفي هذه المناظرة نكتة لطيفة جدا، وهي أن شرك العالم إنما هو مستند إلى عبادة الكواكب والقبور، ثم صورت الأصنام على صورها، فتضمن الدليلان اللذان استدل بهما إبراهيم إبطال إلهية تلك جملة بأن الله وحده هو الذي يحيي ويميت، ولا يصلح الحي الذي يموت للإلهية لا في حال حياته ولا بعد موته، فإن له ربا قادرا قاهرا متصرفا فيه إحياء وإماتة، ومن كان كذلك فكيف يكون إلها حتى يتخذ الصنم على صورته، ويعبد من دونه، وكذلك الكواكب أظهرها وأكبرها للحس هذه الشمس وهي مربوبة مدبرة مسخرة، لا تصرف لها بنفسها بوجه ما، بل ربها وخالقها سبحانه يأتي بها من مشرقها فتنقاد لأمره ومشيئته، فهي مربوبة مسخرة مدبرة، لا إله يعبد من دون الله. " من مفتاح دار السعادة "
    ----- ------------------------------------------------------------------
    الحديث السادس
    عن أبي هريرة .. قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته وخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته وخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله بها وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت وما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال: ما هي؟ قال: قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وقال لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شيء على الخير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أما إنه صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب من ثلات ليال يا أبا هريرة قلت لا قال: ذاك شيطان
    [/align]

  13. #13
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=center][align=center]

    الحلقة التاسعه
    قال تعالي


    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)

    يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) عن قوم ( فَتَبَيَّنُوا ).

    واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( فَتَبَيَّنُوا ) فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة ( فَتَثَبَّتُوا ) بالثاء, وذُكر أنها في مصحف عبد الله منقوطة بالثاء. وقرأ ذلك بعض القرّاء فتبيَّنوا بالباء, بمعنى: أمهلوا حتى تعرفوا صحته, لا تعجلوا بقبوله, وكذلك معنى ( فَتَثَبَّتُوا ).

    والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

    وذُكر أن هذه الآية نـزلت في الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط.

    * ذكر السبب الذي من أجله قيل ذلك:

    حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا جعفر بن عون, عن موسى بن عبيدة, عن ثابت موْلى أمّ سلمة, عن أمّ سلمة, قالت: " بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقعة, فسمع بذلك القوم, فتلقوه يعظمون أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, قال: فحدّثه الشيطان أنهم يريدون قتله, قالت: فرجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم, فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمون قال: فبلغ القوم رجوعه قال: فأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فصفوا < 22-287 > له حين صلى الظهر فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله بعثت إلينا رجلا مصدّقا, فسررنا بذلك, وقرّت به أعيننا, ثم إنه رجع من بعض الطريق, فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ومن رسوله, فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال, وأذّن بصلاة العصر; قال: ونـزلت ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ).

    حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ). . . الآية, قال: كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط, ثم أحد بني عمرو بن أمية, ثم أحد بني أبي معيط إلى بني المصطلق, ليأخذ منهم الصدقات, وإنه لما أتاهم الخبر فرحوا, وخرجوا ليَتَلَقَّوْا رسول رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وإنه لما حدّث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه, رجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: يا رسول الله إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة, فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم غضبا شديدا, فبينما هو يحدّث نفسه أن يغزوهم, إذ أتاه الوفد, فقالوا: يا رسول الله, إنا حدّثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق, وإنا خشينا أن يكون إنما ردّه كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا, وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله, فأنـزل الله عذرهم في الكتاب, فقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ).

    حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد " في قوله ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) قال: الوليد بن عقبة بن أبي معيط, بعثه نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى بني المصطلق, ليصدّقهم, فتلقوه بالهدية فرجع إلى محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: إن بني المصطلق جمعت < 22-288 > لتقاتلك ".

    حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ )... حتى بلغ ( بِجَهَالَةٍ ) وهو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة, بعثه نبيّ لله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مصدّقا إلى بني المصطلق, فلما أبصروه أقبلوا نحوه, فهابهم, فرجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأخبره أنهم قد ارتدّوا عن الإسلام, فبعث نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالد بن الوليد, وأمره أن يتثبَّت ولا يعجل, فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه; فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم مستمسكون بالإسلام, وسمعوا أذانهم وصلاتهم, فلما أصبحوا أتاهم خالد, فرأى الذي يعجبه, فرجع إلى نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأخبره الخبر, فأنـزل الله عزّ وجلّ ما تسمعون, فكان نبيّ الله يقول: التَّبَيُّنُ مِنَ اللّهِ, والعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطان ".

    حدثنا بن عبد الأعلى, قال: ثنا أبن ثور, عن معمر, عن قتادة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) فذكر نحوه.
    حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن هلال الوزّان, عن ابن أبي ليلى, في قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) قال: نـزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

    حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن حُمَيد, عن هلال الأنصاري, عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) قال: نـزلت في الوليد بن عقبة حين أُرسل إلى بني المصطلق.

    قال: ثنا سلمة, قال: ثنا محمد بن إسحاق, عن يزيد بن رومان, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم, الوليد بن أبي معيط; فلما سمعوا به ركبوا إليه; فلما سمع بهم خافهم فرجع إلى رسول الله صلى الله, فأخبره أن القوم قد هَموا بقتله, ومنعوا ما قِبَلهم من صدقاتهم, فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتى همّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بأن يغزوهم, فبينما هم في ذلك قَدِم وفدهم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ < 22-289 > وَسَلَّم, فقالوا: يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته إلينا, فخرجنا إليه لنكرمه, ولنؤدّي إليه ما قبلنا من الصدقة, فاستمرّ راجعا, فبلغنا أنه يزعم لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنا خرجنا إليه لنقاتله, ووالله ما خرجنا لذلك; فأنـزل الله في الوليد بن عقبة وفيهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ )... الآية.

    قال: بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا من أصحابه إلى قوم يصدقهم, فأتاهم الرجل, وكان بينه وبينهم إحنة في الجاهلية; فلما أتاهم رحبوا به, وأقرّوا بالزكاة, وأعطوا ما عليهم من الحقّ, فرجع الرجل إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: يا رسول الله, منع بنو فلان الصدقة, ورَجعوا عن الإسلام, فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وبعث إليهم فأتوْه فقال: أمَنَعْتُمُ الزَّكاةَ, وَطَرَدْتُمْ رَسُولي؟ " فقالوا: والله ما فعلنا, وإنا لنعلم أنك رسول الله, ولا بدّ لنا, ولا منعنا حقّ الله في أموالنا, فلم يصدقهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأنـزل الله هذه الآية, فعذرهم.

    وقوله ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ) يقول تعالى ذكره: فتبيَّنوا لئلا تصيبوا قوما برآء مما قذفوا به بجناية بجهالة منكم ( فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) يقول: فتندموا على إصابتكم إياهم بالجناية التي تصيبونهم بها.
    [/align]

    ----------------------------------------------------------------------------------------------

    [color=FF0000]عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:

    "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا"
    رواه الإمام مالك والبخاري ومسلم واللفظ لمسلم.

    كم من مشكلة وقعت بين الناس بسبب سوء الظن المبني على خطأ المعلومات المنقولة وعدم التحقق
    والتبين منها. فمن صفات المؤمن التحقق والتبين.

    ::

    سوء الظن هو :

    اعتقاد جانب الشر وترجيحه على جانب الخير فيما يحتمِلُ الأمرين معاً .

    حكم سوء الظن :

    عد الإمام ابن حجر سوء الظن بالمسلم من الكبائر الباطنة

    وقال : وهذه الكبائر مما يجب على المكلف معرفتها ليعالج زوالها

    لأن من كان في قلبه مرض منها لم يلق الله _ والعياذ بالله _

    بقلب سليم , وهذه الكبائر يذم العبد عليها أعظم مما يذم على الزنا

    والسرقة وشرب الخمر ونحوها من كبائر البدن وذلك لعظم مفسدتها ,

    وسوء أثرها ودوامه إذ إن آثار هذه الكبائر ونحوها تدوم بحيث تصير

    حالاً وهيئة راسخة في القلب , بخلاف آثار معاصي الجوارح

    فإنها سريعة الزوال , تزول بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية .

    /

    أقسام سوء الظن :

    وقد قسم سوء الظن إلى قسمين وهما من الكبائر :

    الأول .. سوء الظن بالله :

    ( وهو أبلغ في الذنب من اليأس والقنوط )

    الثاني .. سوء الظن بالمسلمين :

    هو أيضاً من كبائر الذنوب وذلك أن من حكم بِشرّ على غيره

    بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره وعدم القيام بحقوقه والتواني

    في إكرامه وإطالة اللسان في عرضه وكل هذه مهلكات ..

    وكل من رأيته سيء الظن بالناس طالباً لإظهار معايبهم

    فاعلم أن ذلك لخبث باطنه وسوء طويته ,

    فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه , والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه .

    قال ابن قدامه المقدسي رحمه الله تعالى : فليس لك أن تظن بالمسلم شراً ,

    إلا إذا انكشف أمراً لا يحتمل التأويل , فإن أخبرك بذلك عدل .

    فمال قلبك إلى تصديقه , كنت معذوراً ,

    لأنك لو كذبته كنت قد أسأت الظن بالمخبر فلا ينبغي أن تحسن الظن

    بواحد وتسيئه بآخر , بل ينبغي أن تبحث هل بينهم عداوة أو حسد ,

    فتتطرق التهمة حينئذ بسبب ذلك .

    /


    علاجه :

    ابن قدامه المقدسي رحمه الله تعالى : متى خطر لك خاطر سوء على مسلم ,

    فينبغي أن تزيد في مراعاته وتدعو له بالخير ,

    فإن ذلك يغيض الشيطان ويدفعه عنك .

    وإذا تحققت هفوة مسلم , فانصحه في السر .

    واعلم أن من ثمرات سوء الظن التجسس( وهذا يوصل إلى هتك ستر المسلم )

    الأسباب المُعينه على حسن الظن :

    1– الدعاء .

    2– إنزال النفس منزلة الخير .

    3– حمل الكلام على أحسن المحامل.

    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً

    4–. التماس الأعذار للآخرين

    5– تجنب الحكم على النيات

    (وهذه مهمة جداً لأن النيات محلها القلب ولا يعلمها إلا الله عز وجل)

    6– استحضار آفات سوء الظن وعدم تزكية النفس .

    /[/color]
    [/align]

  14. #14
    الصورة الرمزية أبو الخنساء
    تاريخ التسجيل : Sep 2003
    رقم العضوية : 1803



    [align=center][grade="00008b 00bfff 008000 4b0082 00bfff"]هنا اناس كالغيث اينما حلو نفعو

    اسأل الله يجعلك منهم

    بحق طرح رائع وموضع متجدد

    موضوع يشرق بالخير

    موضوع ينهل من كتاب الله وسنة نبية محمد صلى الله عليه وسلم

    بهذا الطرح نكسب الدرر بحق

    بهذا الطرح نرقى بالدرر

    اخي ابا مصعب مهما كتبت فلن اوفيك حقك بجهد وطرحك

    لكن يجزيك ربك

    اسأل الله ان يكتب لك بكل حرف حسنة الحسنة بعشر امثالها

    لست ابالغ بما اقول فالطرح هنا يكتب بمداد من ذهب

    شكر الله لك طرحك وكتب لك الاجر والمثوبة وجعلك مباركا اين ما كنت [/grade]
    [/align]








  15. #15
    الصورة الرمزية أبو مصعب السكندرى
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22864
    الاقامة : أرض الله
    المشاركات : 3,739
    هواياتى : قراءة القرآن والخطب والدروس
    My SMS : ذا جلست للناس فكن واعظاَ لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله تعالى يراقب
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 209
    Array



    [align=justify][align=center]
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الخنساء مشاهدة المشاركة
    [align=center][grade="00008b 00bfff 008000 4b0082 00bfff"]هنا اناس كالغيث اينما حلو نفعو

    اسأل الله يجعلك منهم

    بحق طرح رائع وموضع متجدد

    موضوع يشرق بالخير

    موضوع ينهل من كتاب الله وسنة نبية محمد صلى الله عليه وسلم

    بهذا الطرح نكسب الدرر بحق

    بهذا الطرح نرقى بالدرر

    اخي ابا مصعب مهما كتبت فلن اوفيك حقك بجهد وطرحك

    لكن يجزيك ربك

    اسأل الله ان يكتب لك بكل حرف حسنة الحسنة بعشر امثالها

    لست ابالغ بما اقول فالطرح هنا يكتب بمداد من ذهب

    شكر الله لك طرحك وكتب لك الاجر والمثوبة وجعلك مباركا اين ما كنت [/grade]
    [/align]
    جزاك الله خيراً ................ أخي الحبيب الغالي
    ابو الخنساء .... وفقك الله لكل خير
    جزاك الله خيراً على مرورك وتعقيبك واستجاب دعاءك

    ..... اسأل الله ان يعطيك ولا يحرمك من الخيرات ما تشتهي وتتمناه وان يقر عينك بصلاح الاهل
    والاحباب والاصحاب والذرية وان يحفظك حاضر وغائب وفي حلك وترحالك .

    اللهم آآآآآآآآآآآآآآآمين
    [/align][/align]

صفحة 1 من 17 1234567891011 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ---((( تفريغ محاضرة الشيخ ممدوح الحربي - موسوعة فرق الشيعة )))---
    بواسطة أبو غيث في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 331
    آخر مشاركة: 03-05-2007, 03:28 AM
  2. أيها المبتلى.. لست وحدك على الدرب!!.
    بواسطة ابوالخير في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 31-10-2006, 07:18 PM
  3. ~بأبي أنت وأمي يا رسول الله (24) ~
    بواسطة الأصيـــــــــل في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-11-2004, 04:48 PM
  4. الرسول صلى الله عليه وسلم يشرف منتديات الدرر
    بواسطة محمد المحيا في المنتدى درة المشاركات المتميزة
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 28-03-2004, 06:55 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط