- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: عن ال (وهابيون) نتحدث...

  1. #1
    الصورة الرمزية ام سلمان
    تاريخ التسجيل : Apr 2009
    رقم العضوية : 55967
    الاقامة : tunis
    المشاركات : 1,718
    هواياتى : الطبخ البرامج الوثائقية..كل ما يخص الاهرامات
    My SMS : "وأذكروا الله ذكرا كثيرا"
    MMS :
    إم إم إس
    mms-22
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 630
    Array

    عن ال (وهابيون) نتحدث...




    بسم الله

    والصلاة و السلام على رسول الله و على آله

    و أصحابه و كل من والاه..


    أما بعد


    أردت أن أطرح هذا الموضوع عن (الوهابيون) و لفظ الوهابيه، الذي لطالما سمعناه

    ...

    تطلق كلمة وهابيه نسبةً إلى الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-

    هذا الإمام المجدد الذي حفظ الله به الإسلام و نصره نصرًا مبينا ..،


    جاء الرجل موحِّدا هاديًا إلى سبيل الله في وسط سبل الشرك و البدع و الضلال .


    \\ يكفي أن طلبة العلم على جميع المستويات في مشارق الأرض و مغاربها لا يزالون يدرسون كتبه و علمه إلى الآن..،

    فنحسبه أخلص و صدق و لا نزكيه على الله.

    :.:.:.:.:.:.:.:

    أما عن سيرة ذلك العبقري.. فننقل بعض النبذات التي كتبت عنه رحمه الله..،





    د.عبدالله الفقيه


    السؤال : محمدبن عبدالوهاب هل هو من أهل الضلال كما يقول البعض، وجزاكم الله خيرا؟
    الفتوى : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
    فالشيخ محمد بن عبد الوهاب: أحد العلماء المجددين، والقادة المصلحين، شهد له العلماء المنصفون بالعلم والديانة والاستقامة، بل عده كثير منهم مجدد القرن الثاني عشر الهجري. وفي ذلك يقول الشيخ محمد رشيد رضا (كان الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى مجدداً للإسلام في بلاد نجد، بإرجاع أهله عن الشرك والبدع التي فشت فيهم إلى التوحيد والسنة).
    وقال (ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه، وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وترك البدع والمعاصي، وإقامة شعائر الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة).
    ومن عرف حال نجد والجزيرة، قبل انتشار دعوة الشيخ من انتشار البدع والخرافات، وأنواع الجهالات، أدرك ما لهذه الدعوة من الآثار الحميدة، والخصال الفاضلة، والدور العظيم في إحياء السنة، وإماتة البدعة.
    ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة ألف ومائة وخمس عشرة (1115هـ) من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، في بلدة العيينة، في أسرة معروفة بالعلم والصلاح، وتعلم القرآن وحفظه قبل بلوغه عشر سنين، وكان حاد الفهم وقاد الذهن سريع الحفظ، قرأ على أبيه الفقه ورحل إلى ما يليه من الأقطار، فأتى البصرة والإحساء والحجاز وغيرها.
    وللشيخ ـ رحمه الله ـ مؤلفات نافعة منها: كتاب التوحيد، ومختصر السيرة، وغيرهما من المؤلفات النافعة التي تدل على علمه وفضله، على عكس ما يدعيه خصومه ومناوئوا دعوته.


    ولنذكر هنا طرفا من ثناء العلماء عليه رحمه الله:
    قال علامة الشام الشيخ محمد بهجة البيطار في كتابه: حياة شيخ الإسلام ابن تيمية ص 200 (ليس للوهابية ولا للإمام محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص، ولكنه رحمه الله كان مجدداً لدعوة الإسلام، ومتبعاً لمذهب أحمد بن محمد بن حنبل).
    وممن أثنى عليه ثناء عاطرا الإمامان الصنعاني والشوكاني من أهل اليمن، ومما قال الصنعاني بين يدي قصيدة يمدح بها الشيخ (لما طارت الأخبار بظهور عالم في نجد يقال له: محمد بن عبد الوهاب ووصل إلينا بعض تلاميذه وأخبرنا عن حقائق أحواله وتشميره في التقوى، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اشتاقت النفس إلى مكاتبته بهذه الأبيات سنة 1163هـ.
    وأرسلناها من طريق مكة المشرفة.. وجاء في قصيدته:


    محمد الهادي لسنة أحمد فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهديومنها:
    وقد جاءت الأخبار عنه بأنه يعيد لنا الشرع الشريف بما يبديوينشر جهراً ما طوى كل جاهل ومبتدع منه فوافق ما عنديويعمر أركان الشريعة هادما مشاهد ضل الناس فيها عن الرشدومما قال الشوكاني رحمه الله في كتابه: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 2/7.
    (وفي سنة 1215هـ وصل من صاحب نجد المذكور مجلدان لطيفان أرسل بهما إليّ حضرة مولانا الإمام حفظه الله، أحدهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبد الوهاب كلها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد، والتنفير من الشرك الذي يفعله المعتقدون في القبور، وهي رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة… إلخ).
    وللشوكاني قصيدة بليغة مؤثرة، في رثاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أكثر من مائة بيت ومنها :


    إمام الورى علامة العصر قدوتي وشيخ الشيوخ الحبر فرد الفضائل
    (محمد) ذو المجد الذي عز دركه وجل مقاماً عن لحوقه المطاولإلى (عبد الوهاب) يعزى وإنه سلالة أنجاب زكي الخصائلومنها: لقد أشرقت نجد بنور خبائه وقام مقامات الهدى بالدلائلوممن أثنى عليه علامة الهند المحدث محمد بشير السهواني، في كتابه: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، وفيه (والشيخ رحمه الله لا يعرف له قول انفرد به عن سائر الأمة، ولا عن أهل السنة والجماعة منهم، وجميع أقواله في هذا الباب، أعني ما دعا إليه من توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد العمل والعبادات مجمع عليه عند المسلمين، لا يخالف فيه إلا من خرج عن سبيلهم وعدل عن مناهجهم، كالجهمية والمعتزلة، وغلاة عباد القبور، بل قوله مما اجتمعت عليه الرسل، واتفقت عليه الكتب، كما يعلم ذلك بالضرورة من عرف ما جاء به وتصوره.. ألخ).
    وممن أثنى على أحفاد الشيخ وأتباعه الجبرتي المؤرخ المصري المشهور في كتابه: عجائب الآثار، وكذلك العلامة نعمان خير الدين الأموي، والعلامة محمود شكري الألوسي، والأمير شكيب أرسلان، وغيرهم من أهل الإنصاف الذين طالعوا كتب الشيخ، وكتب أبنائه وأحفاده.
    والله أعلم.


    المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه






    وهذه نبذه عن كتابه ( الإمام محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة النجدية وموقفهم من آل البيت عليهم السلام)

    إن الناظر إلى الفِرقِ المختلفة وموقفهم من آل البيت ليجد أنهم طرفان، فمنهم من جفاهم ولم يعرف قدرهم، ومنهم من غلا في محبتهم فأنزلهم فوق منزلتهم، وإن من نعم الله تعالى أن جعل أهل السنة والجماعة وسطاً بين تلك الفِرق ، فلا إفراط ولا تفريط، وإن من أعلام أهل السنة الشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب ويأبى أهل البدع إلا أن يصموا الشيخ وأئمة الدعوة النجدية زورا وبهتانا بالعداوة لآل البيت وهم من ذلك برآء، لذا قام الشيخ خالد بن أحمد الزهراني بتجلية موقف الشيخ وأئمة الدعوة النجدية، موثقا ما يقول من كتب ورسائل أئمة الدعوة النجدية وعلى رأسهم الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ، فقام المؤلف بنقل أقوال وتقريرات الإمام محمد بن عبدالوهاب في فضائل آل البيت عليهم السلام، ليبيّن موقف هذا الإمام المصلح وأبنائه وأحفاده وأتباعه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم ما خرجوا عن منهج أهل السنة الذي من دعائمه وأسسه تولي آل البيت ومحبتهم ومعرفة قدرهم وفضلهم.
    والمتأمل لهذه الرسالة يجد أن المؤلف قسمها قسمين أفرد الأول للإمام محمد بن عبد الوهاب مبتدئا بترجمة موجزة له ثم استعرض لنقولات من كتب الشيخ تبين عقيدته تجاه أهل البيت كنقله لأحاديث الوصية بآل البيت في كتبه ووجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته في كل صلاة، وتلقيبه عليا بالمرتضى إلى غير ذلك بل ذكر المؤلف أن الإمام سمى أبناءه بعلي وحسن وحسين بأسماء آل البيت.
    وأما القسم الثاني فكان عن أئمة الدعوة فذكر أيضا من كتبهم ما يبين عقيدتهم في آل البيت ومنهم عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الذي بين وجوب محبة آل البيت ومودتهم ومنهم سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الذي ذكر أن محبة علي علامة الإيمان وبغضه علامة النفاق وكذلك جاء المؤلف بنقولات عن عبد الرحمن بن حسن وهو من أحفاد الإمام ونقولات عن غيرة تؤكد كذب هذه الدعاوى التي ألصقت بهذه الدعوة المباركة وتبين سلامة معتقد أصحابها تجاه آل البيت.
    فجزى الله المؤلف خيرا على هذا الجهد الطيب ونفع به.

    الافتراء على الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهالله من قبل المبتدعة

    إن الذي يؤمن بالكتاب والسنة والرسل في قريتنا أو مدينتنا ولا يعتقد في الأسياد الذين يضربون أنفسهم في الحديد وغيره كما ذكرت في السؤال السابق، يقولون عنه: أنت وهابي، ويزعمون أن هذا المذهب لا يعترف حتى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.

    هؤلاء مثل ما تقدم جهال، أو متعصبون ملبسون على الناس مخادعون، فهم بين جهل وضلال، وبين خداع وتلبيس، فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر ويعلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ينكر عملهم هذا السيئ، فينكر طعنهم أنفسهم بالسلاح، أو إدخال أنفسهم في النار، أو تقربهم إلى أسيادهم بالذبائح والنذور، فكل هذا ينكره أهل العلم بالله، وينكره أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما أنكره الرسول عليه الصلاة والسلام وحذر منه؛ لأنه قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، وليس هذا العمل من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا من أمر الصحابة، ولا من دين الله الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، فهو باطل.
    أما الوهابية فهم أتباع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله، فهو إمام مشهور دعا إلى الله عز وجل في نجد في القرن الثاني عشر. دعا إلى الله، وإلى التمسك بالإسلام، وإلى تحكيم الشريعة المطهرة، وحذر الناس من الغلو في الأنبياء والصالحين، وعبادة القبور، وعبادة الأشجار والأحجار.
    ودعا الولاة في زمانه والأمراء والعامة إلى توحيد الله والإخلاص له، واتباع الشريعة وتعظيمها، وإقامة الصلوات في المساجد، والمحافظة على شعائر الله، فيسر الله له الأنصار والأعوان من آل سعود، وقام دين الله بأسباب دعوته في الجزيرة العربية، وظهر الحق، وانتصر الحق، وخذل الله الباطل، وحكمت الشريعة الإسلامية في هذه الجزيرة بأسباب دعوته، ولم تزل بحمد لله في آثارها وفي بقاعها. نسأل الله أن يثبتنا ويميتنا على الحق والهدى، فالشيخ محمد رحمه الله وأتباعه هم من أنصار الحق، ومن دعاة الهدى، وهم الذين نصروا دين الله في وقت الغربة في القرن الثاني عشر، وأعلوا كلمة الله، وجاهدوا عليها، وحكموا شرع الله في هذه الجزيرة.
    وهو يدعو إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى تعظيم شريعته واتباع ما جاء به، والناس يكذبون عليه وعلى أتباعه، ويقولون: إنه لا يصلي على النبي، ويقولون: إنه يقول: عصاي أحسن من النبي، وكل هذا من الباطل ومن أكاذيب أعداء الله؛ فهو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الله، وأنه أفضل الخلق، وأفضل عباد الله، وهو سيد ولد آدم، وهو إنما قام يدعو إلى شريعته وإلى اتباع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وهو ممن يعظم أمر الله ونهيه، وينادي في بلاده أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
    ويرى - رحمه الله - أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التحيات في آخر الصلاة ركن من أركان الصلاة، فكيف يقال إنه لا يصلي عليه إذا كان يرى أن الصلاة عليه ركن من أركان الصلاة في آخر التحيات في آخر الصلاة؟! ولكن أعداء الله عندهم الكذب، وعندهم التلبيس، وعندهم البهتان، وعدم المبالاة بأمر الله ورسوله، ولا حول ولا قوة إلا بالله

    بحث حول الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحركته المجدده

    أبو أيوب

    المقدمة
    الحمدلله الذي نصر عبده واعز جنده وهزم الأحزاب وحده وصلى الله على محمد وأله وصحبه, أما بعد
    فإن الحديث عن المصلحين وأئمة الدين لا يبلى مهما تعدد , ولا يمل مهما تردد , لأن الحديث عنهم معين ثري , يستطيبه الكاتب والمتحدث , كما يولع به المتقى والسامع .
    وإمامنا محمد بن عبدالوهاب اجزل الله له الثواب تعددت الكتابات عنه ولكنها سير في أثر , والتجدد فيها فكر ولفظا لم يتح , ولهذا بقيت الأجيال محتاجة , إلى تجديد وتقريب وتواقة .
    ودعوة الإمام ( التى هي دعوة الإسلام , دعوة السلف الصالح )
    يمكن أن يتحدث عنها المؤرخ فيسهب , والأديب فيطنب , والعالم فيؤسس , والمربي فيقرب , وغيرهم
    صالح بن عبدالعزيز بن محمد أل الشيخ
    الرياض 26/10/1419

    وهناك عدت أسماء لقبت بها دعوة الشيخ من قبل خصومه ومن أمثلتها ( الوهابية أو الموحدون) وغيرهم الكثير

    حالة العالم الإسلامي الدينية بشكل عام ونجد بشكل خاص

    عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

    ساد في العالم الاسلامي قبيل ظهور حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنواع وبدع و شركيات كثيرة وانحرف الناس عن كثير من أصول الدين والعقيدة وسنذكر بعضها :
    مجال العقيدة :
    نشأ الشرك وغلب على الناس تصورات كثيرة أبرزها الدعاء و طلب الحاجات من غير الله ومنها عبادة الأضرحة والقباب والتوسل بالمشايخ والصالحين أحياء وأموات , وانتشرت البدع و العادات والتقاليد التى حرمها الإسلام وغلبت الطرق الصوفية التي أصبحت المرجع الأساسي عن هؤلاء الناس في أمور الدين .
    يصور الشيخ سليمان بن سحمان هذه الحالة في نجد بقوله (قد خلع الناس ربقة التوحيد والدين , وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله تعالى من الأولياء والصالحين والأصنام والأوثان والشياطين))
    و((كثير منهم يعتقد النفع في الأحجار والجمادات , ويتبركون بالأشجار , ويرجون منها القبول في جميع الأوقات(1) .
    ففي مصر: بلد الأزهر رفع الناس لواء العبادات الوثنية والدعاوى الفرعونية وقامت دولة الأدعياء الدراويش .(2)


    وفي الحجاز : أصبح الدعاء عند القبور من الأمور المألوفة عند الكثير من الناس. فيما يفعل عند قبر خديجة في المعلاة وعند قبة أبي طالب ومن استغاثة وطلب شفاعة شيء تهول له النفوس , وفي اليمن يوجد قبور يتبرك بها العوام وفي الحديدة وحضر موت ويافع.. وفي الشام توجد قبور في دمشق وحلب وأقصى الشام يتبرك بها.وفي العراق قبر أبي حنيفة , ومعروف الكرخي, وكذلك ما يفعله الناس عند مشهد قبر على ابن أبي طالب رضى الله عنه وفي النجف ومشهد قبر الحسين والكاضم في كربلاء. وهذه القبور وغيرها يأتيها الناس فيستغيثون بها ويسألونها قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم . (3)
    ويصور الحالة التي وصل لها المسلمين إبان ظهور دعوة الشيخ الكاتب الأمريكي (لوتروب ستودارد ) بقوله : (( في القرن الثامن عشر كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ , ومن التدني والانحطاط أعمق درك , فأربد جوه وطبعت الظلمة كل صقع من أصقاعه ورجا من أرجائه وانتشر فيه فساد الأخلاق والآداب , وتلاشى ما كان باقيا من أثار التهذيب العربي واستغرقت الأمم الإسلامية في اتباع الأهواء والشهوات وماتت الفضيلة في الناس , وساد الجهل , وانقلبت الحكومات الإسلامية إلى مطايا استبداد وفوضى واغتيال)) (4)
    (( وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء , فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة الناس سجفا من الخرافات وقشور الصوفية , دخلت المساجد من أرباب الصلوات وكثر عدد الأدعياء والجهلاء وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمام والتعاويذ والسبحات , ويهمون الناس بالباطل والشبهات ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء , ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور , وغابت عن الناس فضائل القرآن – فصار شرب الخمر والأفيون في كل مكان وانتشرت الرذائل وهتكت ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء , ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من سائر مدن الإسلام , وعلى الجملة بدل المسلمون غير المسلمين وهبطوا مهبطا بعيد القرار فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى ما كان يدعى الإسلام لغضب))(5)
    ويصور لنا ابن غنام الحالة التي وصلت إليها نجد قبل دعوة الشيخ محمد بقولة : ((فقد كان في بلدان نجد من ذلك أمر عظيم وهول مقيم , كان الناس يقصدون قبر زيد بن الخطاب في الجبيلة ويدعونه لتفريج الكرب , وكشف النوب , وقضاء الحاجان , وكانوا يزعمون أن في قرية في الدرعية قبور بعضالصحابة فعكقوا على عبادتها وصار أهلها أعظم في صدورهم من الله خوفا , ورهبةفتقربوا إليهم , وهم يعنون أنهم أسرع إلى تلبية حوائجهم من الله ......) . وكانوايأتون إلى شعيب غبيرا من المنكر ما لا يعهد مثله يزعمون أن فيه قبر ضرار بن الأزور . وفي بلدة ( العفرا ) ذكر النخل المعروف ( بالفحال) يهذب إليه الرجال والنساءويفعلون عنده المنكرات ما ينكره الدين , فالرجل الفقير يذهب إلى الفحال ليوسع لهرزقه , والمريض يذهب إليه ليشفيه من المرض .
    والمرأة التي لم يتقدم لها خاطبتتوسل إليه في خضوع وتقول له : يا فحل الفحول ارزقني زوجا قبل الحول .

    وكان هناك شجر تدعى شجرة الذئب يأمها النساء آلاتي يرزقن بمواليد ذكور ويعلقن عليها الخرق البالية لعل أولادهن يسلمون من الموت والحسد .
    وكان في الخرج رجل يدعى ( تاج ) نهج الناس فيه سبيل الطواغيت فانهالت عليه النذر واعتقدوا فيه النفع والضرر وكانوا يذهرون للحج إليه أفواجا وينسجون حوله كثيرا من الأساطير والخرافات....)) (6)
    ويلخص لنا الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن حال العصرالذي ظهر فيه الشيخ محمد بقوله : (( كان اهل عصره ومصره في تلك الأزمان قد اشتدت غربة الإسلام بينهم وعفت آثار الدين لديهم , وانهدمت قواعد الملة الحنيفية , وغلب على الأكثرين ما كان عليه آهل الجاهلية وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان , وغلب الجهل والتقليد والإعراض عن السنة و القرآن وشبه الصغير لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه آهل تلك البلدان , وهرم الكبير على ما تلقاه من الأباء والأجداد , و أعلام الشريعة مطموسة , ونصوص التنزيل وأصول السنة فيما بينهم مدروسة , وطريق الأباء و الأسلاف مرفوعة الأعلام وأحاديث الكهان والطواغيت مقبول غير مردود ولا مدفوعة قد خلوا ربقة التوحيد والدين ودوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله من الأولياء والصالحين والأوثان والأصنام والشياطين , وعلمائهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وببحر الأجاج شاربون به قد أغشتهم العوائد والمألوفات وحبستهم الشهوات والإيرادات عن الارتفاع إلى قلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات)) (7)

    هذه نبذة موجزة عن الحالة الدينية في العالم الإسلامي بشكل عام ونجد بشكل خاص عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أوردتها كمدخل للحديث عن حياة الشيخ ودعوته التي سنتناولها بإذن الله تعالى .

    نشأة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

    نسبه :
    ولد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن على بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف التميمي سنة 1115 هجري (1703م )
    فأصله ينحدر إلى قبيلة تميم تلك القبيلة التى حافظت على موطنها في إقليم نجد واستقرت واستوطنت وتركت حياة البدو واشتغلت بأوجه النشاط الأخرى من زراعة وتجارة .
    تعلمه :
    ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية .
    وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه ، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو مترا تقريبا ، أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب . ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة . وقرأ القرآن مبكرا .
    واجتهد في الدراسة ، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان - وكان فقيها كبيرا وعالما قديرا ، وكان قاضيا في بلدة العيينة - ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف .
    ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فاجتمع بعلمائها ، وأقام فيها مدة ، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت ، وهما : الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ، أصله من المجمعة ، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض ، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة . هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة . ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف .
    ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها ، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم ، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة ، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وناقش وذاكر في ذلك ، وناظر هنالك من العلماء ، واشتهر من مشايخه ، هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى ، فخرج من أجل ذلك وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية ، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الإحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين ثم توجه إلى بلاد حريملاء وذلك ( والله أعلم ) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر لأن أباه كان قاضيا في العيينة وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية ، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها ، واستقر هناك ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه ، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به . وقيل : إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا

    استقراره في العيينة
    بعد هذه الحادثة خرج الشيخ للعيينة واستقر بها ، وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء ، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم : العبيد هناك ، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم ، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم ، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به ، فصانه الله وحماه ، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير ، وقال : قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير ، والمحبة والموافقة على ما هو عليه ، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل ، وتوجيه الناس إلى الخير ، والمحبة في الله ، رجالهم ونسائهم ، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة .
    وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان : دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى ، وأن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد ، وحصل بها الشرك فيجب هدمها ، فقال الأمير عثمان لا مانع من ذلك ، فقال الشيخ : إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة ، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر ، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة ، ومعهم الشيخ رحمة الله عليه فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها .
    فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك ، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه . فقال الشيخ للأمير عثمان بن معمر : لا بد من هدم هذه القبة على قبر زيد - وزيد بن الخطاب رضي الله عنه هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع ، وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية ، فكان ممن قتل هناك وبني على قبره قبة فيما يذكرون ، وقد يكون قبر غيره ، لكنه فيما يذكرون أنه قبره - فوافقه عثمان كما تقدم ، وهدمت القبة بحمد الله وزال أثرها إلى اليوم ولله الحمد والمنة ، أماتها جل وعلا لما هدمت عن نية صالحة ، وقصد مستقيم ونصر للحق ، وهناك قبور أخرى منها قبر يقال : إنه قبر ضرار بن الأوزر كانت عليه قبة هدمت أيضا ، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله عز وجل ، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله جل وعلا فأزيلت وقضى عليها وحذر الناس عنها . والمقصود أن الشيخ استمر رحمة الله عليه على الدعوة قولا وعملا كما تقدم ، ثم إن الشيخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة مرات ، وسأل عن عقلها فقيل : إنها عاقلة ولا بأس بها ، فلما صممت على الاعتراف ، ولم ترجع عن اعترافها ، ولم تدع إكراها ولا شبهة وكانت محصنة ، أمر الشيخ رحمة الله عليه بأن ترجم فرجمت بأمره حالة كونه قاضيا بالعيينة ، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة العظيمة إلى الله وهجرة المهاجرين إلى العيينة .

    طرد الشيخ بن عبدالوهاب من العيينة :
    وبلغ أمير الإحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي

    أمر الشيخ وأنه يدعو إلى الله وأنه يهدم القباب ، وأنه يقيم الحدود فعظم على هذا البدوي أمر الشيخ ، لأن من عادة البادية إلا من هدى الله ، الإقدام على الظلم ، وسفك الدماء ، ونهب الأموال ، وانتهاك الحرمات ، فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره ويزيل سلطان الأمير البدوي ، فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة ، وقال : إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا ، وكذا!! فإما أن تقتله ، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب ، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير ، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه ، فقال للشيخ : إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا ، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وأنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته ، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت ، فقال له الشيخ : إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله ، وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله ، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه ، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره ، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته ، فقال : أيها الشيخ أنا لا نستطيع محاربته ، ولا صبر لنا على مخالفته.

    دخول الشيخ محمد إلى الدرعية :
    فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية ، جاء إليها ماشيا فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار ، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشيا على الأقدام لم يرحله عثمان ، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له : محمد بن سويلم العريني فنزل عليه ، ويقال : إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت ، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له : أبشر بخير ، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله ، وسوف يظهره الله ، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد ، ويقال :
    أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين وقال لها : أخبري محمدا بهذا الرجل ، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة ، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له : أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك ، رجل داعية يدعو إلى دين الله ، ويدعو إلى كتاب الله ، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته ، ولا تقف في ذلك أبدا ، فقبل الأمير مشورتها ، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه ويقال : إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين وقالوا له : لا ينبغي أن تدعوه إليك ، بل ينبغي أن تقصده في منزله ، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير ، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه


    لقاء الشيخ بن عبدالوهاب ب(بن سعود) والعد بينهم :
    فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم ، وقصده وسلم عليه وتحدث معه ، وقال له يا شيخ محمد أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة ، فقال له الشيخ : وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة ، هذا دين الله من نصره نصره الله ، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعا ، فقال : يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله ، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على
    أعداء الإسلام ، أن تبتغي غير أرضنا ، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى فقال : لا أبايعك على هذا . . . أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبدا ، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده ، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله ، وتمت البيعة على ذلك .

    أعمال الشيخ بالدرعية :
    توافد الناس إلى الدرعية من كل مكان ، من العيينة ، وعرقة ، ومنفوحة ، والرياض وغير ذلك ، من البلدان المجاورة ، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان ، وتسامع الناس بأخبار الشيخ ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه ، فأتوا زرافات ووحدانا .
    فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا ورتب الدروس في الدرعية في العقائد ، وفي القرآن الكريم ، وفي التفسير ، وفي الفقه ، وأصوله ، والحديث ، ومصطلحة ، والعلوم العربية ، والتاريخية ، وغير ذلك من العلوم النافعة ، وتوافد الناس عليه من كل مكان ، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم ، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة ، والخاصة ، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة .
    بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم ، وبدأ بأهل نجد ، وكاتب أمراءها وعلماؤها . كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس ، كاتب علماء الخرج وأمراءها ، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم ، وسدير وغير ذلك ، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم .
    وهكذا علماء الإحساء وعلماء الحرمين الشريفين ، وهكذا علماء الخارج في مصر ، والشام ، والعراق ، والهند ، واليمن ، وغير ذلك ، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع ، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين بل هناك أنصار والله جل وعلا قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة .
    ولكن الحديث الآن عن نجد ، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل . مع أن فيها علماء فيهم خير ، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي ، وهناك أيضا في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات ، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد لأسباب كثيرة ،
    منها : عدم تيسر الناصر المساعد لهم .
    ومنها : عدم الصبر لكثير من الدعاة وتحمل الأذى في سبيل الله ،
    ومنها : قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة ، والعبارات اللائقة ، والحكمة والموعظة الحسنة .
    ومنها : أسباب أخرى غير هذه الأسباب ، وبسبب هذه المكاتبات الكثيرة والرسائل والجهاد اشتهر أمر الشيخ ، وظهر أمر الدعوة ، واتصلت رسائله بالعلماء في داخل الجزيرة ، وفي خارجها . وتأثر بدعوته جمع غفير من الناس في الهند وفي أندونيسيا ، وفي أفغانستان ، وفي أفريقيا وفي المغرب ، وهكذا في مصر ، والشام ، والعراق ، وكان هناك دعاة كثيرون عندهم معرفة بالحق والدعوة إليه فلما بلغتهم دعوة الشيخ زاد نشاطهم ، وزادت قوتهم واشتهروا بالدعوة ولم تزل دعوة الشيخ تشتهر وتظهر بين العالم الإسلامي وغيره ، ثم في هذا العصر الأخير طبعت كتبه ، ورسائله ، وكتب أبنائه ، وأحفاده ، وأنصاره ، وأعوانه من علماء المسلمين في الجزيرة وخارجها ، وكذلك طبعت الكتب في دعوته ، وترجمته ، وأحواله ، وأحوال أنصاره ، حتى اشتهرت بين الناس في غالب الأقطار والأمصار ، ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا وأن لكل داعي أعداء كثيرين قال الله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ

    فلما اشتهر الشيخ بالدعوة وكتب الكتابات الكثيرة ، وألف المؤلفات القيمة ، ونشرها في الناس ، وكاتبه العلماء ، ظهر جماعة كثيرون من حساده ، ومن مخالفيه ، وظهر أيضا أعداء آخرون ، وصار أعداؤه وخصومه قسمين :
    قسم عادوه باسم العلم والدين ، وقسم : عادوه باسم السياسة ولكن تستروا بالعلم ، وتستروا باسم الدين ، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء الذين أظهروا عداوته وقالوا : إنه على غير الحق ، وإنه كيت وكيت .
    والشيخ رحمة الله عليه مستمر في الدعوة يزيل الشبه ، ويوضح الدليل ، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي علي من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطورا . يقولون : إنه من الخوارج ، وتارة يقولون : يخرق الإجماع ، ويدعي الاجتهاد المطلق ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منه وطائفة أخرى قلدت غيرها واعتمدت عليها ، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة وتستتر باسم الإسلام والدين واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين .
    والخصوم في الحقيقة ثلاثة أقسام :
    علماء مخرفون يرون الحق باطلا والباطل حقا ، ويعتقدون أن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ،ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دين وهدى ، ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين ، وأبغض الأولياء ، وهو عدو يجب جهاده .
    وقسم آخر : من المنسوبين للعلم جهلوا حقيقة هذا الرجل ، ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه بل قلدوا غيرهم وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين ، وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بغض الأولياء والأنبياء ، ومن معاداتهم ، وإنكار كراماتهم ، فذموا الشيخ ، وعابوا ونفروا عنه .
    وقسم آخر : خافوا على المناصب والمراتب فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم فتنزلهم عن مراكزهم ، وتستولي على بلادهم ، واستمرت الحرب الكلامية . والمجادلات والمساجلات بين الشيخ وخصومه ، يكاتبهم ويكاتبونه ، ويجادلهم ويرد عليهم ، ويردون عليه ، وهكذا جرى بين أبنائه وأحفاده وأنصاره وبين خصوم الدعوة . حتى اجتمع من ذلك رسائل كثيرة ، وردود جمة ، وقد جمعت هذه الرسائل والفتاوى والردود فبلغت مجلدات ، وقد طبع أكثرها والحمد لله ، واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية ، وجد الأسرة السعودية على ذلك ، ورفعت راية الجهاد وبدأ الجهاد من عام 1158 هـ .




    والله وبالله وتالله .. لو تحول رعاع أهل الأرض مع حثالة الدنمارك إلى زبالين ليغبروا على السماء, لبقيت السماء صافية متلئلئة, ثم لم يرجع الغبار إلا على رؤوس من أثاروه .. ~
    بداية الجهاد بالسيف :
    بدأ الجهاد بالسيف ، وبالكلام والبيان ، والحجة ، والبرهان ، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف ، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته ، ثم يقل أنصاره .
    ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة ، وقمع المعارضين ونصر الحق ، وقمع الباطل ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات ، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق ، ويدفع بها الباطل ، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان ، والهدى والإيضاح ، وأنزل معهم الميزان ، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم ، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق ، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة ، فهو الملزم بالحق ، وهو القامع للباطل ، ولقد أحسن من قال في مثل هذا :
    وما هو إلا الوحي أوحد مرهف *** تزيل ظباه اخدعي كل مائل
    فهذا دواء الداء من كل جاهل ** وهذا دواء الداء من كل عادل
    فالعاقل ذو الفطرة السليمة ، ينتفع بالبينة ، ويقبل الحق بدليله ، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف ، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد ، وساعده أنصاره من آل سعود ، طيب الله ثراهم على ذلك ، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريبا من خمسين عاما . جهاد ، ودعوة ، ونضال ، وجدال في الحق ، وإيضاح لما قاله الله ورسوله ، ودعوة إلى دين الله ، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام .
    حتى التزم الناس بالطاعة ، ودخلوا في دين الله ، وهدموا ما عندهم من القباب ، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور ، وحكموا الشريعة ، ودانوا بها ، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد ، وقوانينهم ، ورجعوا إلى الحق .
    وعمرت المساجد بالصلوات

    ، وحلقات العلم ، وأديت الزكوات ، وصام الناس رمضان ، كما شرع الله عز وجل ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وساد الأمن في الأمصار ، والقرى ، والطرق ، والبوادي ، ووقف البادية عند حدهم ، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق ، ونشر الشيخ فيهم الدعوة .
    وأرسل الشيخ إليهم المرشدين ، والدعاة في الصحراء والبوادي ، كما أرسل المعلمين ، والمرشدين ، والقضاة إلى البلدان والقرى ، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها وانتشر فيها الحق ، وظهر فيها دين الله عز وجل .

    عمل أبناء الشيخ بعده :
    ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه استمر أبناؤه ، وأحفاده ، وتلاميذه ، وأنصاره في الدعوة والجهاد ، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد ، والشيخ حسين بن محمد ، والشيخ علي بن محمد ، والشيخ إبراهيم بن محمد ، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ، والشيخ علي بن حسين ، والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد وجماعة آخرون ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر ، وجمع غفير من علماء الدرعية ، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشر دين الله تعالى وكتابة الرسائل وتأليفات المؤلفات ، وجهاد أعداء الدين ، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل ، والاستقامة على ذلك ، وهدم المساجد والقباب التي على القبور ، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها ودعوا إلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود الشرعية . هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس .
    والخلاصة : أنهم أرشدوا الناس إلى توحيد الله ، وأمروهم بذلك وحذروا الناس من الشرك بالله ومن وسائله وذرائعه ، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية ، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان ، والإيضاح والحجة ، جاهدوه في الله عز وجل وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق ، وينيب إليه ويلزموه به بالقوة والسيف ، حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك .
    وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات ، التي ما أنزل الله بها من سلطان ، كالبناء على القبور ، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت ، وسؤال السحرة والكهنة ، وتصديقهم وغير ذلك ، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعا . وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة ، والتاريخ الإسلامي ، والعلوم العربية النافعة ، وصار الناس في مذاكرة ، وعلم ، وهدى ، ودعوة ، وإرشاد ، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك ، علم وعمل ، ودعوة وإرشاد ، ودنيا ودين ، فهو يتعلم ويذاكر ، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي ، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك . فتارة لدينه ، وتارة لدنياه دعاة إلى الله وموجهون
    إلى سبيله ، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم ، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم ، وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين ، وجنوب الجزيرة.

    دخول الحرمين :
    كاتبوا علماء الحرمين سابقا ، ولاحقا فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب ، واتخاذها على القبور ، ووجود الشرك عندها ، والسؤال لأربابها ، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة توجه إلى الحجاز ، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي ، ونازلهم بقوة أرسلها إليها الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم ، ساعدوه حتى استولى على الطائف ، وأخرج منها أمراء الشريف ، وأظهر فيه الدعوة إلى الله ، وأرشد إلى الحق ، ونهى فيها عن الشرك ، وعبادة ابن عباس ، وغيره مما كان يعبده هناك الجهال ، والسفهاء من أهل الطائف ، ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز ، وجمعت الجيوش حول مكة .
    فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة . ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال واستولوا على مكة في فجر 1 من شهر محرم من عام 1218هـ وأظهروا فيها الدعوة إلى دين الله ، وهدموا ما فيها
    من القباب التي بنيت علي قبر خديجة وغيره ، فأزالوا القباب كلها ، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل ، وعينوا فيها العلماء والمدرسين ، والموجهين والمرشدين ، والقضاة الحاكمين بالشريعةثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة ، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220هـ بعد مكة بنحو سنتين ، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود ، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين ، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة ، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقرائهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال ، وواسوهم ، وعلموهم كتاب الله ، وأرشدوهم إلى الخير ، وعظموا العلماء ، وشجعوهم على التعليم ، والإرشاد ولم ينزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226هـ ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز لقتال آل سعود وإخراجهم من الحرمين ، لأسباب كثيرة تقدم بعضها ، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم ، وحسادهم ، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة ، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم ، وأن تقضي على أطماعهم ، كذبوا على الشيخ ، وأتباعه ، وأنصاره ، وقالوا إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم يبغضون الأولياء ، وينكرون كراماتهم ، وقالواإنهم أيضا يقولون كيت وكيت مما يزعمون أنهم ينتقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وصدق هذا بعض الجهال ، وبعض المغرضين ، وجعلوه سلما للنيل منهم والقتال لهم ، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم ، فجرى ما جرى من الفتن والقتال - وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم وبين آل سعود في نجد ، والحجاز ، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل .
    والخلاصة : أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه إنما قام لإظهار دين الله ، وإرشاد الناس إلى توحيد الله ، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات ، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق ، وزجرهم عن الباطل ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر .
    هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه ، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه ، وصفاته ، ويؤمن بملائكته ، ورسله وكتبه ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله ، وإخلاص العبادة له جل وعلا . وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه ، لا يعطل صفات الله ، ولا يشبه الله بخلقه . وفي الإيمان بالبعث ، والنشور ، والجزاء والحساب ، والجنة والنار ، وغير ذلك .



    والله وبالله وتالله .. لو تحول رعاع أهل الأرض مع حثالة الدنمارك إلى زبالين ليغبروا على السماء, لبقيت السماء صافية متلئلئة, ثم لم يرجع الغبار إلا على رؤوس من أثاروه

    خلاصة فكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب :


    يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص . يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، كل هذا من عقيدته رحمه الله ، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا ، لم يخرج عن طريقتهم البتة ، وليس له في ذلك مذهب خاص ، ولا طريقة خاصة ، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان . رضي الله عن الجميع . وإنما أظهر ذلك في نجد ، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من أباه ، وعانده ، وقاتلهم ، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق ، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله ، وإنكار الباطل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ، ويلزمونهم به ، وينهونهم عن الباطل ، وينكرونه عليهم ، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه .
    وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته . فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة ، والنزل بينه وبين الناس . وهي :
    أولا : إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص .
    ثانيا : إنكار البدع ، والخرافات ، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة .
    ثالثا : أنه يأمر الناس بالمعروف ، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه ، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات ، ويزجرهم عنها ، ويقيم حدودها ، ويلزم الناس الحق ، ويزجرهم عن الباطل ، وبذلك ظهر الحق ، وانتشر ، وكبت الباطل ، وانقمع ، وسار الناس في سيرة حسنة ، ومنهج قويم في أسواقهم ، وفي مساجدهم ، وفي سائر أحوالهم .
    لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك ، ولا تظهر المنكرات بينهم . بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وزمن أصحابه ، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم .
    فالقوم ساروا سيرتهم ، ونهجوا منهجهم ، وصبروا على ذلك ، وجدوا فيه ، وجاهدوا عليه ، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية ، والدولة المصرية ، مصداق قوله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
    نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب ، رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم

    انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب

    انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب خارج نجد عندما استولت الدولة السعودية على مكة المكرمة سنة 1219 هجري واصبح حجاج البلاد المسلمة يفدون إلى مكة المكرمة ويشاهدون علماء هذه الدعوة الحقا , ويسمعون خطبهم وإرشاداتهم , كما شاهدوا سيرة الدولة إن ذاك , وما هي علية من الاعتصام بكتاب الله والسنة , فتأثر بعض الحجاج بالدعوة وأخذوا ينشرون مبادئ الدعوة ويحاربون الخرافات والبدع في بلادهم .

    وكان لانتشار الدعوة في العالم الاسلامي عدة آثار من أهمها :
    1- قيام يقظة فكرية إسلامية كان العالم الاسلامي والمسلمين في اشد الحاجة لها .
    2-كانت الدعوة عاملا مهما من عوامل نمو الوعي الوطني في كثير من البلاد الإسلامية التى ابتليت بالاستعمار .
    3- كان من أثر الدعوة السلفية في كثير من الدول الإسلامية تجميد وإضعاف كل الأفكار المعادية لهذه الدعوة المباركة .
    4- تأييد شامل لهذه الدعوة الإصلاحية من العلماء المسلمين الغيورين على دينهم وعقيدتهم في البلاد الاسلامية , والمنبع الذي اعتمد عليه كثير من رجال الإصلاح المسلمين .

    تعليقات بعض الكتاب والمؤرخين على انتشار دعوة الشيخ
    محمد بن عبدالوهاب ببعض البلدان

    العقاد :
    يقول العقاد (( ولم تذهب صيحة ابن عبدالوهاب عبثا في الجزيرة العربية ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقة إلى مغربه , فقد تبعه كثير من الحجاج وزوار الحجاز , وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية ,و أدرك المسلمين أن علة الهزائم التى تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه . وأنهم خلفاء أن يستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع , والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه )) (8)

    ويقول العقاد أيضا :
    (( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبدالوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال سنة 1804 م واتبعها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية , فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة , ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب , وأوجب على اتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخين وتقدمهم في القتال حتى الموت .)) (9)

    ______________________________ ___
    أرنولد :
    يقول في كتابه ( الدعوة إلى الإسلام)
    (( وفي القرن العشرين نشطت حركة الدعوة إلى الإسلام في البنغال نشاطا ملحوظا , و أرسلت طوائف

    كثيرة ينتمي أهلها إلى تأثير الحركة الوهابية الإصلاحية , دعاتهم يتنقلون في هذه المناطق , ويطهرون البلاد من بقايا العقائد الهندوكية بين الكفار (10)

    في اليمن :
    ظهر في اليمن الشيخ على الشوكاني المتوفي سنة 1250 هجري , ودعا بما يشب دعوة الشيخ بن الوهاب وتقلد ببن تيمية وألف كتاب (نبيل الأوطان ) لشرح كتاب شيخ الإسلام ( منتقى الأخبار )(11)
    في العراق :
    نجد أسرة (الألوسي ) التي بذلت حياتهم لتعميق التربية الإسلامية في العراق وقد كتبوا عن الشيخ ودعوته ونافحوا عنها .(12)
    في الجزائر :
    إن من أول من حمل راية الدعوة السلفية هو المؤرخ الجزائري
    ( أبو رواس الناصري ) الذي قدر له أن يجتمع بتلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الحج . و ذاكرهم في أمور إلى أن انتهى به الأمر بالاقتناع , وكان ذلك بحضور وفد حجيج كان يرأسه ولي عهد المغرب آنذاك .(13)
    كذلك تأسست ( جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ) الوجه السلفي بزعامة عبدالحميد بن باديس (1305-1359) الذي أطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما ذهب للحج في مكة المكرمة . و دعا إلى إصلاح عقائد الجزائريين من البدع والخرافات , ودعا إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى والجمود الفكري وذلك بالتعمق بدراسة القرآن الكريم والسنة النبوية .(14)
    السودان :
    يقول السير أرنولد : (( وحول نهاية القرن الثامن عشر ظهر من بين جماعة الفلبي رجل معروف يدعى الشيخ عثمان دانفودو , عرف انه مصلح ديني وداع ومحارب , وقد ذهب من السودان إلى مكة لأداء فريضة الحج , فعاد من هناك مليئا بالحماس والغيرة من أجل الإصلاح والدعوة للإسلام,
    وتأثر بالوهابية الذين كانت قوتهم أخذة في النماء , فأنكر الصلاة على روح الميت , تعظيم من مات من الأولياء , وأستنكر من بالغ في تمجيد محمد نفسه , وهاجم شرب الخمر وفساد الأخلاق اللتين كانتا منتشرتين ))(15)
    مصر :
    نجد الشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا تبنيا مبادئ دعوة محمد بن عبدالوهاب , ودافعا عنها في مؤلفاتهم , وكذلك عبدالرحمن الجبرتي مؤرخ مصر , وهو من اشد المتأثرين بدعوة بن عبدالوهاب , وكان يرى أن الأتراك قد ارتكبوا خطأ كبير عندما حاربوا دعوة الشيخ و أنصارها مما دفع محمد علي باشا لقتله .(16)
    المغرب :
    تأثر بها (سيدي محمد بن عبدالله ) الذي حارب الصوفية متأثر بكتب وأراء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكذلك (مولاي سليمان ) الذي قام ضد الزوايا ودعا إلى التوحيد .(17)
    ومما سبق نلاحظ أن انتشار الدعوة السلفية الإصلاحية المباركة في العالم الإسلامي تنتشر بشدة وتقوم بالمجتمعات التى تصلها حركات إصلاحية هدفها نشر الإسلام وتطهيره من البدع والشوائب والخرافات
    وتصحيح أوضاع الحياة الفاسدة , ثم محاولة تأسيس دولة إسلامية وتكوين حكومة إسلامية صالحة . (18)

    أقوال بعض المنصفين عن دعوة الشيخ
    محمد بن عبدالوهاب

    أحمد القطان :
    (( استطاعت حركة الموحدين نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب المختلفة , واستطاعت تكوين طبقة ممتازة من علماء الدين ورجال المعرفة فنشرت الحركة في الناس علوم الشريعة المطهرة وألاتها , من التفسير والحديث , والتوحيد والفقه , والسيرة والتاريخ , وغير ذلك وأصبحت الدرعية قبلة العلوم والمعارف يفد إليها الطلاب من سائر النواحي والأرجاء , و انتشر العلم في جميع الطبقات. ))(19)
    محمد كرد:
    كتب علامة الشام محمد كرد علي بحثا بعنوان ( اصل الوهابية )
    اختتمه بقوله (( وما ابن عبدالوهاب إلا داعية هداهم من الضلال وساقهم إلى الدين السمح , وإذا بدت من بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية , وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...إلخ ))(20)
    طه حسين:
    قال يصف دعوة محمد بن عبدالوهاب (( قلت أن هذا مذهب جديد قديم معا , والواقع أنه ليس بجديد بالنسبة للمعاصرين , ولكنه قديم في حقيقة الامر , لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من شوائب الشرك والوثنية , وهو دعوة إلى الإسلام كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم خالصا له , ملغيا كل واسطة بين الله وبين الناس ))(21)حافظ وهبة
    قال في كتابه (جزيرة العرب ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( مصلح مجدد , داع إلى الرجوع إلى الدين الحق , فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة , ولا أراء خاصة , وكل ما يطبق في نجد , هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله وأما في العقائد , فهم يتبعون السلف الصالح , ويخالفون من عداهم ))
    الزركلي :
    قال في كتابه ( الأعلام الجزء السابع ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته , الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العلم الإسلامي كله , تأثر بها رجال الإصلاح , في الهند ومصر , والعراق , والشام وغيرها ))
    محمد رشيد رضى :
    قال السيد محمد رشيد رضا عن محمد بن عبدالوهاب (( قام يدعو إلى تجريد التوحيد , وإخلاص العبادة لله وحده , بما شرع الله في كتابه , وعلى لسان رسوله خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام , وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة ))
    رأي العقاد :
    تناول الأستاذ عباس العقاد في كتابه (( الإسلام في القرن العشرين ))
    دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فقال (( ظاهر من سيرة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب الوهابية أنه لقي في رسالته عنتا , فاشتد كما يشتد من يدعو غير سميع ومن العنت أطباق الناس على الجهل والتوسل بما لا يضر ولا ينفع والتماس المصالح بغير أسبابها وآتيان الممالك من غير أبوابها وقد غبر البادية زمان كانوا يتكلمون فيه على التعاويذ والتمائم وأضاليل المشعوذين والمنجمين ويدعون السعي من وجوهه توسلا بأباطيل السحرة والدجالين حتى الاستشفاء ودفع الوباء فكان حقا على الدعاة أن يصرفهم عن هذه الجهالة وكان من أثر هذه الدعوة أنها صرفتهم عن ألوان البدع والخرافات ))

    وكما تناول الدعوة مفكرين عرب تناولها بعض المستشرقين
    لوثروب ستودارد :
    يقول في كتابه (حاضر العالم الإسلامي ) (بلغ العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري , أعظم مبلغ من التضعضع و الانحطاط , فأربد جوه ,وطبقت الظلمة كل صعق من أصقاعه , ..... وبينما العالم الإسلامي مستغرق في هجعته , ومترنح في ظلمته , إذا بصوت يدوي في قلب الصحراء في شبه الجزيرة العربية , مهد الإسلام , فيوقظ المؤمنين ويدعوهم إلى الإصلاح والرجوع إلى سواء السبيل , والصراط المستقيم , فكان الصراخ بهذا الصوت إنما هو المصلح المشهور محمد بن عبدالوهاب الذي أشعل نار الوهابية واتقدت ثم أخذت هذا الداعي يحض المسلمين على إصلاح النفوس واستعادة المجد الإسلامي القديم ))(22)
    المستشرق بروكلمان :
    (( فلما أب محمد بن عبدالوهاب إلى بلده الأول سعى إلى أن يعيد العقيدة والحياة الإسلامية صفاءها الأصلي ))(23)
    ويلفرد كانتول :
    (( سمعت – من أساتذة جامعة مكييل بكندا ))
    كان محمد بن عبدالوهاب يقول قبل كل شيء , يحب أن تعيشوا حسب الشرع الإسلامي وهذا معنى أن تكونوا مسلمين , لا ذاك الرغاء العاطفي النقي الحرارة التى يقدمها الصوفيون , فأساس الإسلام هو الشرع . وإذا كنتم تريدون أن تكونوا مسلمين فيجب أن تعيشوا حسب أوامر الشرع .(24)
    برنارد لويس :
    (( وباسم الإسلام الخالي من الشوائب الذي ساد في القرن الأول نادى محمد بن عبدالوهاب بالابتعاد عن جميع ما أضيف للعقيدة والعبادات
    من زيادات باعتبارها بدعا خرافية غريبة عن الإسلام )) (25)

    والله وبالله وتالله .. لو تحول رعاع أهل الأرض مع حثالة الدنمارك إلى زبالين ليغبروا على السماء, لبقيت السماء صافية متلئلئة, ثم لم يرجع الغبار إلا على رؤوس من أثاروه .. ~


    هل سمعت عن الوهابيين؟

    إنه مصطلح لا وجود له في كتبالأئمة الربانيين أصحاب أمهات الكتب.

    ولبحث هذا المصطلح لابد أنترقَى ثلاث درجات بالإجابة عن ثلاث أسئلة رئيسة:

    منالذين أحدثوا هذا الاصطلاح؟

    ومن يقصدونبه؟

    وماذا قصدوا منإشاعته؟

    ابحث عن الكلمة، ثم تأمل في كتب من ستجدها؟، وعلى لسان منتسمعها؟

    إنها تجري على ألسنة (الصوفية) الذين يسألون المدد من غير الله تعالى، إنها مسطورة في كتب قوم ستشهد عليهمأيديهم (إن لم يتوبوا) أنهم استلموا بها الأنصاب، ومسحوا بها الأعتاب،وملؤوا بها صناديق النذور..

    إنهم جهَّال المسلمين الذين وقعوا في الشرك الأكبر أدام الله علينا العافيةمنه، ورزقنا وإياهم قبل الموت توبة.

    وكذا تجد الكلمة (كلمةالوهابيين) على ألسنة (الشيعة) الروافض الذين يعبدون بعض آل البيت ويلعنون بعض آل البيت (رضي الله عن جميع آل البيت).. فيتوسلون بالحسنين وفاطمة رضي الله عنهم، ويلعنون عائشة وحفصةرضي الله عنهما !

    وتجد الكلمة في شبهات (الأشاعرة والماتريدية)، المؤولة المعطلة الذين تاهوا في الإيمان بصفات اللهجل جلاله، ولم ينضبطوا في فهم القرآن والسنة بفهم الصحابة والتابعين لهمبإحسان.

    حسناً.. قد عرفنا من همالذين أحدثوا اصطلاح (الوهابية)

    فمنقصدوا به؟

    إنهم يقصدون بهذه الكلمة كل من وحَّد الله تعالى في القصد والطلب !

    جرب أن تنهى أحدهم عن التوسل بغير الله تعالى، أو تنهى أحدهم عن الصلاة فيمسجد به قبر، أو تنهى حالفاً عن الحلف بغير الله تعالى، أو تنهى متبركاً بغير ماشرَّع الله..

    فإنه إن كان من جهلة المسلمين (ذوي الجهل البسيط الذين لم يتعلموا التوحيد بحق) ،فإنه سيستغرب كلامك، وإما أن يشرح الله صدره، وإما أن يحتاجلمزيد وعظ وبيان..

    أما إن كان جهله مركباً لا بسيطاً، فإنه سيجادلك بشبهات واهية، وينطق بأدلةجلّها غير ثابت، حتى الثابت منها تجده قد اعتمد في الاستدلال به على فهمٍ غير معصوم، وسيقول لك بين شبهاته:

    أنتوهابي.. ياوهابي.. ،أويخاطبك أنت وحدك بصيغة الجمع: ياوهابيين.. أنتموهابيون.. إلخ !!

    سبحان الله ! إلى منيَنسبون الموحّد الذي ينهاهم عن الشرك الأكبر؟

    ماذا تعني كلمة (وهابي)؟

    والجواب: أنهم ينسبونه إلى الشيخ الإمام المجددمحمد بن عبد الوهابرحمه الله تعالى !

    فمعنى كلمة (وهابي) عندهم: أنك من أتباع الإماممحمد بن عبدالوهاب.

    وهنا يجدر السؤال: هلنقول: لا .. إننا لسناوهابيين؟! أم نقول نعم إنناوهابيون؟!

    والجوابأنهم

    إن قصدواالتوحيد

    فكل المسلمينوهابيون

    إن كان كل من يعبد الله ولايشرك به شيئاً يُنسب لهذا الإمام ،الذي أطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجالأنصاب من المساجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألاوإنمنكانقبلكمكانوايتخذونقب ورأنبيائهموصالحيهممساجد. ألافلاتتخذواالقبورمساجد،إنيأنه اكمعنذلك . [مسلم]، فأقامأمة على التوحيد، فمَن مِن المسلمين لا يتمنى شرف هذهالنسبة؟

    وإن كان كل من يتأدب مع صفاتالله، فلم يُعطل قولاً قاله الله جل جلاله، ولم يُحرِّف نصاً ولا فهماً من شرعالله: فيؤمن أن الله مستوٍ علىعرشه لأنه قال: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5]،ويؤمن بيد الله لأنه قال: { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح: 10]، وأنهسبحانه فوق خلقه في السماء كما قال عن نفسه: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ } [تبارك: 16]، ولقوله تعالى عن الملائكة: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْفَوْقِهِمْ } [النحل: 50].. إلى آخر الاعتقادالسلفي الصحيح ،ويلتزم مع كل هذا بألا يُكيِّف ولا يُشبِّه ولا يُمثِّل، بل يثبت ماأثبت الله لنفسه، وما أثبته له رسوله غير مشبه ولا ممثل ولا مكيف، فيعتقد في كل ذلكأن الله لا يشبه ولا يماثل شيئا من خلقه، وأنه لا يعلم أحدٌ كيفية صفاته تباركوتعالى، فاستواؤه استواءٌ حقيقي يليق بكماله وجلاله ليس كاستواء أحد، ويده يدٌحقيقية تليق بكماله وجلاله ليست كيد أحد، وهكذا كل أوصافه التي قالها هوسبحانه عننفسه أو أنطق بها رسوله صلى الله عليه وسلم: أوصافٌ على نحوٍ يليق بكماله وجلاله لا كأوصاف أحد من خلقه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }. [الشورى: 11]

    وكثيرا ما قلنا:

    إنسألني الله تعالى:يا عبدي لماذا قلت إنني أنزل كل ليلة،ولم تقلإنرحمتي هي التي تنزل؟

    فقلت:يا رب رسولك قالهذا. هل يُحتمل هنا أن آثم بهذا بين يديالله تعالى؟!

    بالطبع لا ؛ قال سبحانه: { وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُفَانْتَهُوا}

    أما إن سألني سبحانه:يا عبدي لِمَ قلت إني لاأنزل كما قال رسولي عني، وإنما تنزلالرحمة؟

    فقلت مثلاً:يا رب أردت تنزيهك.. فماذا أقوللو سألني:

    أتنزهني عن أوصاف وصفت بها نفسي ووصفني بها رسولي؟ أأنت أعلم بي مني ومنرسولي؟؟

    بالله عليك؛ مَن ها هناأفوَز؟

    قال الله جل جلاله: { قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ } [البقرة: 140]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن أتقاكم وأعلمكم بالله: أنا" [البخاري]


    فإن كان كل من يتأدب بهذا الأدب معأوصاف الله تعالى، ولا ينضبط في فهم نصوص الشرع كلها من كلام الله ورسوله صلى اللهعليه وسلم.. يسمىوهابياً، فأي شرفأسمى من هذا؟


    إن كانتابع أحمد متوهبا

    فأنا المقر بأننى وهابى

    أنفي الشريك عن الإله فليسلي

    رب سوى المتفرد الوهاب

    لاقبة ترجى ولا وثن ولا

    قبر له سبب من الأسباب

    كلا ولا حجر، لا شجر،ولا

    عين، ولا نصب من الأنصاب

    أيضا ولست معلقالتميمة

    أو حلقة، أو "ودعة" أوناب

    لرجاءنفع، أو لدفع بلية

    الله ينفعني ويدفع مابي

    والابتداع وكل أمر محدث

    فى الدين ينكره أولوالألباب

    أرجو بأني لا أقاربه ولا

    أرضاه ديناً، وهو غيرصواب

    وأعوذ من جهيمة عنها عـنت

    بخلاف كل مؤولمرتاب

    والاستواء فإن حسبيقدرة

    فيه مقال السادةالأنجاب

    الشافعي ومالك وأبيحنيفة

    وابن حنبل التقىالأواب

    وبعصرنا من جاء معتقدابه

    صاحوا عليه مجسم وهابي

    جاء الحديث بغربةالإسلام

    فلبيك المحب لغربةالأحباب

    فالله يحمينا، ويحفظديننا

    من شر كل معاندسباب

    ويؤيد الدين الحنيفبعصبة

    متمسكين بسنةوكتاب

    لا يأخذون برأيهموقياسهم

    ولهم إلى الوحيين خيرمآب

    قد أخبر المختار عنهمأنهم

    غرباء بين الأهلوالأصحاب

    سلكوا طريق السالكين إلىالهدى

    ومشوا على منهاجهمبصواب

    من أجل ذا أهل الغلوتنافروا

    عنهم فقلنا ليس ذابعجاب

    نفر الذين دعاهم خيرالورى

    إذ لقبوه بساحركذاب

    مع علمهم بأمانة وديانةفيه

    ومكرمة وصدقجواب

    صلى عليه الله ما هبالصبا

    وعلى جميع الآلوالأصحاب




    وإن قصدوا الشطط في الغلوأوالجفاء

    فإن الإماممحمدا بن عبد الوهابنفسه

    ليس وهابياً !!

    إن كانوا يقصدون أن أهل السنة والجماعة يقلدون الإمام محمدا بن عبد الوهابرحمه الله تقليداً أعمى معتقدين فيه العصمة، فيلقبونهمبالوهابيينلأنهميفعلون ما يفعل، ويعتقدون ما يعتقد من غير نظر فيالأدلة


    فإنه اتهامباطللا ينطبق على الإماممحمد بن عبد الوهابنفسه؛ وأهل السنة والجماعة أبعد الناس عن منهج التقليد الأعمى الفاسد وهم أكثر منيذم التقليد، يقول علماؤهم: "كلٌ يؤخذمنه ويُرَد إلا النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم"، ويقولون: "إذا صح الحديثفهو مذهبي"، ويقولون: "إذا جاءكم من كلامي ما يخالف الكتاب أوالسنة فاضربوابه عرض الحائط"، وليس عندهم مذهب اسمه (الوهابية)،بل ها هو الإماممحمد بن عبدالوهابيقول رحمه الله [في الرسائل الشخصية، الرسالة السابعة والثلاثين (1/252)]: "ولست ولله الحمد أدعو إلىمذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبيوابن كثير وغيرهم.. بل أدعو إلى الله وحدهلا شريك له، وأدعو إلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمتهوآخرهم، وأرجو أني لا أردُّ الحق إذا أتاني، بل أُشهد الله وملائكته وجميع خلقه إنأتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفهامن أقوال أئمتي، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقول إلاالحق" اهـ.

    فإنقصدوابالوهابيةتقليد إمام واحد، فإن الإمام محمدا بن عبدالوهابنفسه ليسوهابياً

    وإن كانوايقصدون أنهم قوم متشددون لا يعذرون بالجهل، ويتسرعون في تكفير جُهَّال المسلمين، أوتكفير من لا يواليهمفهذا منأبطل الباطل، فإن دعاتهم دعاة لا قضاة، يُعلمونالناس ما هي شروط التوحيد، ويحذرونهم مزالق الشرك، أما من مكَّنه الله من الحكم أوالقضاء فإنه يلتزم في الحكم بالتكفير بثبوت شروط وانتفاء موانع، ومنضوابطهم:

    العذر بالجهلالمعتبر

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [في كتاب الاستغاثة 629/2]:

    "بعد معرفة ما جاء به الرسول، نعلم بالضرورةأنه صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات لا الأنبياء ولاالصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها،كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن كلهذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله،لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثيرمن المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهمماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالفه"

    ويقول الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله [الرسائل الشخصية 3/25]:

    "وأما ما ذكر الأعداء عني أني أُكفر بالظنوبالموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم يريدون بهتنفير الناس عن الله ورسوله"

    وقال الشيخ عبد اللهبنالإمام محمد بن عبد الوهاب [الدرر السنية 10/274]

    "إن سؤال الميت والاستغاثة به في قضاءالحاجات وتفريج الكربات من الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله ، واتفقت الكتبالإلهية والدعوات النبوية على تحريمه وتكفير فاعله والبراءَة منه ومعاداته،ولكن في أزمنة الفترات وغلبة الجهل لايكفر الشخص المعين بذلك حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ويبين له،ويعرفأن هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه اللهورسوله . فإذا بلغته الحجة وتليت عليهالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ثم أصر على شركه فهو كافر،بخلاف من فعل ذلك جهالة منه ولم ينبه على ذلك،فالجاهل فعله كفر، ولكن لا يحكم بكفره إلا بعد بلوغهالحجة"

    فإن قصدوابالوهابيةالمجازفة في تكفير المسلمين، فإن الإمام محمدا بن عبد الوهابنفسهليسوهابياً

    وإن قصدوا أنهمقوم يناصبون أهل البيت رضي الله عنهم العداء، ويهضمونهم حقهم، ولا يوالونهم، لاسيماعليا رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها والحسنين رضي اللهعنهما..

    فهذا بهتان عظيم، وزور لا ينطبق على الإماممحمد بن عبد الوهابنفسه، فهم أهلالوسط في حب آل البيت الأطهار رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لا إفراط ولاتفريط:

    يقولالإمام محمد بن عبد الوهاب [فيكتابه (مسائل لخصها)]: "لآله صلى الله عليه وسلم على الأمة حق لايشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبةوالموالاة.."

    ويقول رحمه الله [في الرسائل الشخصية الرسالة الأولى 1/10]: " وأومن بأن نبينامحمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمنبرسالته ويشهد بنبوته؛ وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق؛ ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذوالنورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة.."

    وقال رحمه الله [في كتابه التوحيد (1/21)] عند ذكر فوائد حديث " لأُعْطِيَنَّ الرايةغداً..":

    "الحادية والعشرون: فضيلة عليّ رضي الله عنه".

    وفي نفس الكتاب (1/47) يقول: "الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: "لا أُغني عنك من اللهشيئاً" حتى قال: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنكِ منالله شيئاً" فإذا صرح وهوسيد المرسلين بأنه لا يغني شيئاً عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان أنه صلى اللهعليه وسلم لا يقول إلا الحق، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس اليوم، تبين لهالتوحيد وغربة الدين".

    ومنإنصافه لعلي رضي الله عنه يقول [ في مختصرالسيرة (1/321)]: في السنة الثامنة والثلاثين: "وأن عليا بن أبي طالب وأصحابه: أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه. وأن الفريقين كلهم لم يخرجوا من الإيمان".

    وتأمل رقة شيخ الإسلامابن تيمية رحمه الله في نصحه لمن يجد الحزن في يوم عاشوراء:

    "اعلم وفقني الله وإياك أن ما أصيب به الحسين رضي الله عنه من الشهادة في يومعاشوراء، إنما كان كرامة من الله عز وجل أكرمه بها، ومزيد حظوة ورفع درجة عند ربهوإلحاقاً له بدرجات أهل بيته الطاهرين، وليهينن من ظلمه واعتدى عليه، وقد قال النبيصلى الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثمالصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد فيبلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرضوليس عليه خطيئة" [أحمد وصححهالألباني]. فالمؤمن إذا حضر يومعاشوراء ،وذكر ما أصيب به الحسين ،يشتغل بالاسترجاع ليس إلا، كما أمره المولى عزوجل عند المصيبة ليحوز الأجر الموعود في قوله: {أُولَئِكَعَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُالْمُهْتَدُونَ}،ويلاحظ ثمرة البلوى وما أعده الله للصابرين حيثقال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْبِغَيْرِ حِسَابٍ}،ويشهد أن ذلك البلاء من المبلي فيغيب برؤية وجدانمرارة البلاء وصعوبته. قالتعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَبِأَعْيُنِنَا}.. [رسالة الردعلى الرافضة (1/ 48)].

    باللهِ هل بعد هذا أدب وحب لآل البيت في حال إنكار بدع الغالينفيهم؟

    هل تعرف أسماء أبناء الإماممحمد بن عبد الوهاب؟

    ابن الإمام الأكبراسمه علي، وله ولدان اسمهما حسن وحسين، وله ابنة اسمها فاطمة [الدرر السنية (12/19)] ، سبحان الله، فماذا تقول فيمن يقول: الوهابيةأعداء أهل البيت؟!

    فإن قصدوابالوهابيةعداوة أهل البيت وهضم حقهم، فإن الإمام محمدا بن عبدالوهابنفسه ليسوهابياً

    وإن قصدوا أنهمالذين يشقون عصا الحاكم المسلم ويخرجون عليه، وأنهم سبب سقوط الخلافة العثمانية،فهذا كذب وزيغلا يصدق على الإمام محمد بن عبد الوهاب ولا علىأتباعه:

    يقولالشيخ الإمام في رسالته لأهل القصيم [مجموعة مؤلفاته ( 5 / 11 )]: "وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروابمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صارخليفة، وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه" ، ويقول [مجموعة مؤلفات الشيخ ( 1 / 394 )]: "من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا ولو كان عبداًحبشيّاً.."

    أما أكذوبة أنالإنجليز أعانواالوهابيينفكانوا سبب سقوطالخلافة العثمانية، فإنها كلمة بلهاء تفنى، ويذهب ضجيجها ببساطة إذا علمت أن قيامهذه الحركة وظهورها كان في سنة 1811 م ، بينما سقطت الدولة العثمانية سنة 1922 ! وكان قيام دعوة الإمام في نجد التي لم تشهد نفوذا للدولة العثمانية، ولميمتد إليها سلطانها، ولم يكن بها ولاة عثمانيون.

    فإن قصدوابالوهابيةشق العصاوالخروج على الحاكم، فإن الإمام محمدا بن عبد الوهابنفسه ليس وهابياً

    إخوتاه

    إن أفواه الشر لن تسكت، وأقلام السوء لن تكف..

    فليكن واضحاً لكل منا، {وَلَايَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}:

    (3) ماذاقصدوا من إشاعته؟

    إناختيار القوم اسم إمام من أئمة الدعوة ليكون لقباً لأصحاب المنهج الحق فيه إشارةخبيثة ومحاولة حاقدة لكي يظن الناس أنها دعوة جديدة مبتدعة، يوم مولدها هو يومظهوره، لذا فمن أماراتهم أنهم كثيراً ما يقولون: "أول من نهى عن التوسل بغير الله هو فلان"، و"أول مننهى زيارة المشاهد والأنصاب هو فلان"..

    وهنا نقوللا..

    إنها دعوةٌ أصيلة: ليستأقدم من الإمام محمد بن عبد الوهاب (المتوفى 1206 هـ)، ولا أقدم من شيخ الإسلام ابن تيمية (المتوفى 728 هـ)، ولا من الإمام البربهاري (المتوفى 329 هـ)..

    إنها رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، بلإنها أقدم من بعثته صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال الله جل جلاله: {وَمَا أَرْسَلْنَامِنْ قَبْلِكَمِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَاإِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وقالسبحانه: {وَلَقَدْأُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَمِنْ قَبْلِكَلَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَالْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، فكل النبيين جاؤواقومهم بهذه الكلمة: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍغَيْرُهُ}

    [الأعراف: 59، 65، 73، 85،هود: 50، 61، 84،المؤمنون: 23]

    إنهم يريدون تقليل حجم دعوة التوحيد بحصرها في إنسان؛ ليظن الناس أنهم مجردطائفة وفرقة.

    وهنا نقول لا..

    إننا نحن الأصل؛ نحنالأمة الأم؛ لسنا طائفة من الطوائف، ولا جماعة من الجماعات؛ نحن سائرون كما أمر صلىالله عليه وسلم: " ما أنا عليه وأصحابي" [الترمذي وحسنه الألباني]

    فالمستمسكون بالقرآن والسنة بفهم سلف الأمة (الصحابةوالتابعين وأتباع التابعين) هُم الأمة وإنكانوا قلة، هم الأصل وإن خالفهم الأكثرية؛ { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَبِمُؤْمِنِينَ } ، { وَلَكِنَّأَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }.

    اللهم أرناالحق حقاً ، وارزقنا اتباعه.. وأرنا الباطل باطلاً ، وارزقنا اجتنابه.. ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله والحمد لله ربالعالمين
    ((كتبه فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب بارك الله فيه و حفظه.))


    رب ثبت فؤادي وامح عني الخطايا

    اللهم احفظ لي ابني مصعب و ابنتي مروى من كل سوء واجعلهما من حفظة كتابك ومن علماء امتك
    قولوا امين]

  2. #2
    الصورة الرمزية ابوفهد
    تاريخ التسجيل : Feb 2002
    رقم العضوية : 3
    الاقامة : قلب من أحب
    المشاركات : 22,917
    هواياتى : الأنترنت
    MMS :
    إم إم إس
    mms-85
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 1462
    Array



    [align=center]

    الغالية أم سلمان
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكِ الله كل خير على هذا النقل المفيد والمهم
    وجعله الله في موازين حسناتك

    لكن هنا لي وجهة نظر موجهة لكِ وللجميع بارك الله فيك
    الموضوع جد طويل وأنا على يقين أنه لن يقرأه أحد إلا من هو متخصص في هذا المجال
    علما أن المتخصص سوف يذهب لمواقع متخصصه
    فهل تصدقين أن الموضوع يقع في ( 37 ) صفحة مقاس A4 !!!!!
    فهذا كتاب وليس حتى كتيب فمن لديه الوقت لقرأته ؟
    والله لم أقرأه وأنا متأكد بأن لا أحد قرأة

    يا غاليتي بارك الله فيك
    نحن ندخل النت والمنتديات نبحث عن سلة فواكة وليس عن كبسة رز
    فمن المستحسن نقل مواضيع قصيرة وقوية ومفيدة ومقبولة
    وإذا كان لا بد من النقل لمثل هذه المواضيع الطويلة فلا بد من :
    أن يكون الموضوع نادر وجودة على الشبكة
    أن يكون صعب الحصول على هذا الكتاب
    أن يتم طرحه بشكل منسق ومرتب على حلقات قصيرة

    أتمنى أن تكون وجهة نظري هذه مفيدة للجميع
    وأعتذر عن طرحها هنا بالعلن لأنها عامة وليست خاصة
    وفق الله الجميع لكل خير
    دمتِ بخير
    [/align]







    اللهم إن لنا أخوان وأخوات في هذا المنتدى
    منهم من غاب عنا لأي سبب
    ومنهم من هو غائب حاضر
    ومنهم من هو مستمر حتى الآن
    شاركونا بعلمهم .. وخبراتهم .. وتجاربهم
    ناقشونا ونصحونا وعاتبونا
    واسونا في أحزاننا وشاركونا أفراحنا
    نتمنى لهم الخير والسعادة أينما كانوا
    وندعو لهم بظهر الغيب أينما حلوا
    اللهم احفظهم وأغفر لهم وأنزل عليهم رحماتك أحياءً وأمواتاً










  3. #3
    الصورة الرمزية ام سلمان
    تاريخ التسجيل : Apr 2009
    رقم العضوية : 55967
    الاقامة : tunis
    المشاركات : 1,718
    هواياتى : الطبخ البرامج الوثائقية..كل ما يخص الاهرامات
    My SMS : "وأذكروا الله ذكرا كثيرا"
    MMS :
    إم إم إس
    mms-22
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 630
    Array



    اخي ابو فهد بارك الله فيك
    والله اعلم ان المقال طويل ولكن الفائدة منه كبيرة لذلك لم اتردد في طرحه
    صحيح ان الفاكهة خفيفة ومفيدة ولكن احيانا نحن الى الاطباق الدسمة
    دمت في رعاية المولى

  4. #4
    الصورة الرمزية ألنشمي
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    رقم العضوية : 5557
    الاقامة : جـــ في احضان ــدة
    المشاركات : 16,959
    هواياتى : السفر 000 والسياحة
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 523
    Array



    [align=center]000
    00
    0
    مشكورة يالغالية

    عالموضوع

    ورحم الله شيخنا الجليل وكل علماء المسلمين

    وجزاهم الله خير الجزاء لما بذلوه للمسلمين عامة


    حفظك الرحمن
    [/align]
    [align=center]

    لزيارة موقعي اضغط على الصورة

    اللهم من أرادني بسوء فأشغله في نفسه، اللهم إني ادرأ بك في نحره واعوذ بك من شره ،
    اللهم إنك تعلم سرى وعلانيتى فأقبل معذرتي وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي،
    اللهم إنى أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني
    إلا ما كتبت لي وإن ما أصابني لم يكن ليخطئني وما أخطأني لم يكن ليصيبني 0 [/align]

  5. #5
    الصورة الرمزية أمير الصحراء
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    رقم العضوية : 22742
    الاقامة : الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات : 113
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 22
    Array



    جزاك الله خيرا ً

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. [نصائح] حملة قررت أغير حياتي... (2) على فين يا شباب؟؟
    بواسطة Abu.ja3far في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16-01-2009, 01:55 AM
  2. أشكال حلويات مغربيه بالصور
    بواسطة الجوري في المنتدى درة حــــــواء والطفل
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 20-01-2008, 05:12 AM
  3. ** مفتاح حل مشاكلك مع الحياة
    بواسطة AZ-AZ في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 30-01-2007, 10:18 PM
  4. ~®§§][][ أكبر موسوعة لعلاج الأمراض][][§§®~
    بواسطة أبو سمر في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 30-12-2006, 03:46 PM
  5. ** نظرية الصداقة في النت و خيوط العنكبوت **
    بواسطة BackShadow في المنتدى اســتراحـة الــدرر
    مشاركات: 52
    آخر مشاركة: 20-04-2005, 11:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط